تحقيق السيرة الحسينة : الخدمة الكبرى ( المقتل)
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 10/1/1436 هـ
تعريف:

تحقيق السيرة الحسينية: الخدمة الكبرى (المقتل)


كتابة الفاضلة أمجاد عبد العال
سيكون حول موضوع: التحقيق في سيرة الإمام الحسين (ع)، ولزوم الاهتمام بهذا الجانب، والإنفاق عليه، والتوجه إليه. والنصف الآخر سيكون - بإذن الله - في ذكر وصف مقتل الإمام صلوات الله وسلامه عليه.
تتعدد مظاهر الخدمة الحسينية وتتمدد على مساحة كبيرة في المجتمعات الشيعية، بحيث لو أن إنسانا أراد أن يحصي هذه الخدمات والفعاليات وأنماط التعبير عن الولاء والانتماء للحسين، لكان من الأمور الصعبة عليه أن يحصي مثل هذا الأمر.
فمن أنحاء الخدمة مثلا: إقامة المجالس الحسينية والمآتم على اختلاف أشكالها ومستوياتها وأصنافها العمرية، وتنويعاتها الجنسية أيضا من رجال ونساء. أيضا في هذا الإطار: مواكب العزاء واللطم بمختلف أصنافها، وأشكالها، ودرجاتها. في هذا الإطار يأتي أيضا: قضايا الإطعام بأشكاله المتنوعة والإسهام بطرقه المختلفة في خدمة الناس. ويأتي أيضا: الحديث عن قضايا بصرية: كالتمثيل والتشبيه والمسرحيات وإقامة صور مصغرة للواقعة. وبالتالي هناك زيارات أيضا أنحاء التعبير عن الاهتمام بالموضوع الحسيني وإعلان الولاء له، شيء كثير جدا.
من تلك القضايا التي لا تأتي إلى النظر بشكل واضح مع أهميتها الكبيرة، هي: قضية التحقيق في السيرة الحسينية، وتوثيق هذه السيرة العطرة. وهو عمل من الأعمال الكبيرة والمهمة التي ينبغي أن يتوجه المجتمع إليها. فمن عنده قدرة علمية عليها، من المناسب أن يدخل فيها، ومن عنده قدرة مالية في هذا الاتجاه، فمن المناسب أن يدعمها، وهكذا.
فأصل موضوع التحقيق، أن يكون المجتمع المسلم متوجها إلى التحقيق في المقولات. وهذه مرتبة من المراتب العالية التي لو صعد إليها مجتمعنا المسلم لحُلَّت الكثير من المشاكل الموجودة فيه.
إذ أن قسما من المشاكل راجعة إلى شيوع أوهام، وعدم وجود جهة تحقق في هذه الأوهام المنتشرة. مثال على ذلك: الانفصال الاجتماعي الحاصل الآن بين أتابع مدرسة اهل البيت (ع) وبين أتباع مدرسة الخلافة. فهذا انفصال واضح. نعم، فيه درجات مختلفة، لكن في الإجمال لا يوجد ذلك التمازج، والتواصل، والاعتراف، والتبادل. وواحد من الأسباب التي خلقت هذا الواقع السيء، هو: انتشار عدد من المقولات الباطلة التي أثرت في أبناء الطائفة الأخرى، ففصلتهم نفسيا عن طائفة أهل البيت.
فعندما يشاع وهم: أن لدى أتباع أهل البيت قرآن آخر، شيء ثان، غير المصحف الذي عندنا؛ لأنهم يؤمنون - كما يزعم هؤلاء - بتحريف القرآن. أو أنهم حتى في بعض المراتب والمستويات، وفي قسم من المجتمعات، اعتقاد أن حتى خلقتهم مختلفة عن خلقتنا، ففيهم بعض الزيادات وبعض الأشياء. أو أنهم - على سبيل المثال - في المناسبات الدينية، لا سيما في مناسبة الإمام الحسين (ع)، ترتفع الحواجز الأخلاقية والدينية بين النساء والرجال. فهذه الأوهام لو كانت تبث في مجتمع يعتمد التحقيق في أموره، هل كان ممكن أن تبقى؟ فلا توجد فاصلة بين أتباع مذهب أهل البيت في هذه المنطقة أو تلك، فالمسافة أحيانا بكيلومترات على أصابع اليد الواحدة، لكن المجتمع لم يعتاد أن يحقق في هذه المقولة مع قرب المكان، ومع إمكانية التواصل. ففلان قال، إذن هو كما قال. تحقق من هذا! هل فعلا هناك اختلاف في الخلقة بينهم؟ أين دراستك أنت للعلوم؟ أين دراستك إلى بدن الإنسان؟ أين دراستك إلى كذا؟
فإذن، واحد من المشاكل التي تترسخ في بعض المجتمعات، أن هذا المجتمع غير متعود على التحقيق. وأحيانا حتى في المجتمع التابع لمدرسة أهل البيت، في بعض القضايا، قالوا: عن الجماعة الفلانية كذا وكذا. اذهب حقق، اذهب دقق، اذهب تأمل؛ حتى تصل إلى نتيجة علمية.
فوجود التحقيق في المجتمعات المسلمة له أهمية كبرى، وقد نرفع بسبب التحقيق نرفع جانبا من المشاكل الموجودة في هذه المجتمعات؛ لأن الحقيقة تنكشف، والحقيقة إذا انكشفت، فلا مشكلة. وهذا يجعلنا نؤمن أن التحقيق بشكل عام مطلوب. فليست كل مقولة منقولة ينبغي أن تتعقل وأن تصدق، إذ تحتاج أن تظهر عليها علامات الصحة وقرائن القبول. أو أنا أذهب أحقق فيها، أتأمل. وهذا لا بد أن يكون منهج عند الإنسان، فعندما يسمع كلام، يقرأ كلاما، يلاحظ ملاحظة، يتوجه إلى تحقيق ذلك، وإلا أصبح فكره فكرا خرافيا غير علمي.
فعندما تأتي إلى باب العقائد، فالأمر أيضا نفسه. في باب العقائد، في باب الأفكار، الأمر أيضا مهم. فإذا كان هناك تحقيق في المسألة، آنئذ، عندما يأتي شخص، ويقول لي مثلا: أن يزيد بن معاوية بيعته شرعية؛ لأنها جاءت من قبل أبيه، وأبوه رجل صحابي، ويزيد في أيضا. وذلك في فترة التي كانت الأمة خلالها بخير. أذهب أحقق: هل فعلا كانت الأمة بخير؟ أو هي ثلاث سنوات، وفي الأولى: وقعت مذبحة كربلاء، وفي الثانية: صار فيها رمي الكعبة، في قضية عبدالله بن الزبير، في الثالثة: كانت إباحة المدينة، في قضية ثورة المدينة، واقعة الحرى. فكيف يكون هذا إذن خليفة وبيعته شرعية ووضع المسلمين كان فيه بخير؟! فهذا يحتاج - على هذا المستوى في الأفكار - أن يراجع الإنسان هذه القضايا.
ففيما يرتبط بمجتمعنا الإمامي، قضية التحقيق في سيرة المعصومين (ع) تعتبر من أهم القضايا، وفي خصوص قضية كربلاء التي حديثنا عنها الآن والمناسبة تقتضيها. ففي خصوص قضية كربلاء، لا بد من السعي الكافي في تحقيق هذه السيرة، وتجلية ما هو واقع قدر الإمكان. لماذا؟
أولا: لأن هذه سيرة إمام معصوم على مدى خمسة شهور. وهذه الفترة إذا نقلت روايتها بهذه الطريقة تعطي حكما، وإن نقلت بطريقة أخرى، تعطي حكما آخر. فالحادثة بهذا الأسلوب، نقلت، مما فيه، مثلا: بعض القضايا فيها إشعار بالتمثيل، تمثيل بالأعداء، فإذا نقلت هكذا، فكيف يكون تمثيل بالأعداء؟ بينما إذا تنقل بطريقة أخرى خالية من هذا الأمر، ترتفع الكثير من الأسئلة. فأولا: لأنها سيرة إمام معصوم، وهي من أدلة الأحكام الشرعية، فينبغي محاولة التعرف على هذه القضية والحدث كما وقع. لأنه بالتالي دليل. فإذا نقلناه بطريقة يعطي نتيجة، وبطريقة أخرى، يعطي نتيجة أخرى. هذا واحد.
الأمر الثاني: أن الشخصية الحقيقية للإمام (ع) الناصعة لا تتبين إلا من خلال النقل السليم للأحداث. وأن التشويه الذي يحصل إنما يكون على أثر عدم التحقيق في قضايا هذه السيرة. فالقضية المعروفة أن بني أمية لما استشهد الإمام الحسين (ع)، أرادوا أن يقدموا صورة، ليست صورة البطل الشهيد للناس، وإنما صورة شخصية تورطت وحوصرت ثم ظلت تفتش عن مخرج، فلم تحصل عليه. وبدأوا ينشرون هذا: أن الحسين كتب إلى يزيد أنه يسلم يده بيده حتى يرسله إلى أي مكان شاء، حتى لو كان في بعض ثغور الروم. أي اذهب به إلى الحدود مع الدولة الرومانية واجعله مرابطا هناك يدافع عن دولة يزيد! فقد نشروا هذه الفكرة!
وهذه الصورة إذا نقلت ونشرت، بالتالي ذاك الألق الحقيقي للإمام الحسين (ع) ينتهي. فيأتي هنا مولى الرباب زوجة الحسين (ع)، شاهد عيان، فيقول: كنت مع الحسين من ساعة خروجه من المدينة إلى حين شهادته فلا والله ما سمعته يقول ما يقوله هؤلاء الناس من أنه يضع يده في يد يزيد حتى يسيره في ثغر من الثغور. فهذا الكلام كلام كذب. ما له حقيقة. فأنا كنت مرافقا للحسين ساعة بساعة.
وهذا أكثر أهمية – مثلا - من حبيب بن مظاهر. فحبيب التقى بالكوفة، فيقال له: ما كنت معه. لكن هذا يقول: أنا من الساعة التي خرج فيها الحسين من المدينة، إلى حين شهادته، وأنا معه. لم أسمعه يقول ما يقوله الناس. وإنما قال: "هَيْهَات مِنَّا الذِّلَة يَأْبَى اللهُ ذَلِكَ لَنَا". فنقل الصورة الحقيقية خاضع وناتج من نتائج التحقيق والتدقيق في هذه السيرة.
ولذلك قام عدد من العلماء والفقهاء بأعمال من هذا النوع. ولهذا ينبغي أن يفكر المؤمنون في دعم هذا التوجه. يعني: أولا: إذا طلع محقق من المحققين، واستخدم أدوات التحقيق العادية، وخرج بنتيجة غير الموجودة عندي وغير الموجودة عند الخطيب، ما لا بد أن لا أقوم بهرج عليه، لماذا؟ لأنه ذهب وجهد محققا وتتبع الروايات. أما إذا كان أريده أن يخرج بنفس النتائج التي أنا سمعتها من قبل 50 سنة! فلم نفعل شيئا. فلا بد أن نوفر بيئة تستقبل نتائج أفكار المحققين، إذا قاموا بتحقيق له أدوات علمية، وكانوا أيضا على مستوى أهلية في هذا الأمر. هذا واحد: أن نوجد بيئة تتقبل نتائج التحقيق، والثاني: أن ندعم حتى بالمال.
فإلى الآن، مع الأسف، لا نجد في أذهاننا أن هذا من القربات. فأنا الآن إذا يخيرونني – مثلا - أنا الإنسان العادي، فيقولون لي: تبني حسينية؟ أو تدعم دائرة معارف؟ تدعم كتاب تحقيق عن الحسين (ع)؟ أول ما يرد على ذهني موضوع: الحسينية، أول ما يرد على ذهني: الإطعام لأجل الحسين، نعم هذه قربات طيبة وجيدة، لكن ينبغي أن يرتقي المجتمع - لا سيما الطبقة المثقفة والواعية - إلى أن يدعموا هذه التوجهات.
فمثلك أنت الإنسان الواعي، أنت الإنسان المثقف، إذا فكرت في عمل حسيني: أن تجعل ثلث أموالك، فتوصي بها من بعد وفاتك - بعد عمر طويل إن شاء الله - ففكر أن تجعلها لدعم مشاريع التحقيق والتأليف العلمي في سيرة أهل البيت (ع). فلو خيرت – مثلا - بين هذا وبين حسينية، فالحسينية خير وبركة. ولكن عندنا منها المئات في البلد. لكن مليس عندنا من يدعم التوجهات التحقيقية في كتابة السير لأئمة أهل البيت (ع)،
وأنا أدعو من هذا المكان أن نتوجه جميعا إلى هذا. فإذا أحد عنده خير، فليتحرك في هذا الاتجاه. أستعرض بعض الأسماء كأمثلة، فعندنا عدد من الكتب ذات توجه تحقيقي، ونشيد بهذه الأعمال، ونكبرها.
واحد من الكتب التحقيقية التي كتبت هذه الفترة: كتاب الصحيح من مقتل الحسين وأصحابه، من مقتل سيد الشهداء وأصحابه، مؤلفه: الشيح محمدي ري شهري، أصله باللغة الفارسية، المترجم منه باللغة العربية مجلد ضخم، 1440 صفحة، فيها تحقيقات جيدة وقابلة للتوجه.
عندنا كتاب من جملة ما كتبه المحقق المرحوم الشيخ باقر شريف القرشي، صاحب كتاب: سيرة أهل البيت، وهي موسوعة عنده، من 40 مجلد، من سيرة النبي المصطفى محمد (ص) إلى الإمام المهدي (عج)، وأضاف عليها أيضا أبو الفضل العباس وزيد بن علي بن الحسين. وهؤلاء وإن كانوا غير معصومين، ولكن لهم أدوار. ورأى المرحوم أن يضيفهم إلى موسوعته. وفي هذه الموسوعة ثلاثة أجزاء حول الإمام الحسين (ع)، حول حياة الإمام الحسين، وكتابتها كتابة رشيقة، معاصرة، وفيها تحقيقات جيدة. أنصح من يحب المطالعة بمطالعة هذا النوع من الكتب.
عندنا أيضا، عدة مجلدات قام الإخوة الطبسيون، بتأليفها. وهم إخوة من عائلة الطبسي، مشايخ، بعضهم مجتهدون، ومن أبنائهم أيضا. وهؤلاء كتبوا كتابا جميلا، الموجود عندي منه 5 مجلدات: الركب الحسيني من المدينة إلى مكة، فخلال هذه الفترة: من المدينة إلى مكة، ماذا حدث من أحداث. ويناقش فيها المؤلف هذه الروايات ويتعرض لها. ثم في مكة، الركب الحسيني في مكة، ماذا فعل. ثم الركب الحسيني من مكة إلى كربلاء، الركب الحسيني في كربلاء، ثم من كربلاء إلى دمشق، ثم من دمشق إلى المدينة، كتاب جميل ومحقق أيضا.
وعندنا كتاب ألفه المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي، حفظه الله. وله عدد من الكتب الضخمة والمفيدة: الصحيح من سيرة النبي الأعظم. الآن مطبوع في 35 مجلد. الصحيح من سيرة الإمام علي. الآن مطبوع فيما يقارب 20 مجلد. وعنده سيرة الحسين في الأدب والتاريخ، 10 مجلدات أيضا، يسعى أن يناقش فيها الروايات التي تخالف الصورة الناصعة للإمام الحسين والتي تبث هكذا من غير دليل. هذا أيضا من الكتب النافعة.
لكن العرب عندهم مثال يقول: كل الصيد في جوف الفرى. كل الصيد في جوف الفرى، هذا الكتاب الخامس الذي أتحدث عنه: دائرة المعارف الحسينية، للمحقق الشيخ صادق الكرباسي حفظه الله. وهذا من الأعمال التي هي على مستوى التاريخ.
 كتاب بدأ فيه من 25 سنة. وخطته أن يكون من 900 مجلد. 900 يعني 1000 مجلد إلا 100. وحسب معلوماتي أنا: لا أعلم عن كتاب، لا عند السنة ولا عند الشيعة، يبلغ هذا المبلغ ولا نصفه. وهو في موضوع يرتبط بالحسين (ع). والمطبوع منه إلى الآن 90 مجلد بطباعة فاخرة.
وهذا العمل الكبير – في الحقيقة - الذي يبين أولا: سعت أفق علمائنا. فهناك قسم من الناس، يأتي ويتحدث: أن العلماء ماذا صنعوا، الفقهاء ماذا فعلوا، الكذا. تفضل، هذا نموذج.
أنا أذكر أنه كان عندي كلمة في موضوع الحسين، وكنت أبحث عن مصدر لها. فبحثت في الانترنت، في الكتب التي عندي، في مكتبة أهل البيت، في غيرها. آلاف الكتب، بهذا الترتيب، ولم أجد مصدرا لها. وكان الأمر في ذهني، ولمدة ستة أشهر تقريبا، إلى أن: العام الماضي، العشرة الثانية، ذهبت إلى لندن، وهناك كانت الموسوعة وصاحبها، فهو مقيم هناك طوال هذه المدة؛ نظرا لأن هذه بلاد المسلمين هي تلفظ الطيب إلى أماكن أخرى.
فسألته هذا السؤال: أنه هل مرت عليكم شيخنا هذه الكلمة في مكان من الأماكن؟ فقال لي: نعم، موجودة في كتابنا الجزء الفلاني، وموجودة مصادرها أيضا. وأمر واحد من الجماعة العاملين هناك، فجاء بها، فرأيته ذكر لها خمسة مصادر. يعني: كتابة سطر من هذا النوع، يحتاج الرجوع إلى خمسة مصادر! فكيف إذا كان يريد أن يكتب 900 مجلد، وهو وحده!
فهذا ليس مثل الموسوعات الموجودة الآن. فالموسوعات الموجودة الآن، طريقتها: أن الحكومات عادة تجلب  60 باحثا، 70 باحثا، وتعطيهم مبالغ طائلة، وتجعل تحت أيديهم مكتبة ضخمة، وتقول لهم: اعملوا.
أما هذا الرجل فهو يعمل وحده، ويكتب وحده كل هذه الكتابات. والنتيجة إلى الآن: 90 مجلد، والخطة: 900 مجلد. وفقط حول كربلاء: تاريخها، بدايتها، من قبل التاريخ، قبل الإسلام، إلى أيامنا هذه، وهذا في خطته، أن يكتب عن هذه المنطقة في 45 مجلد! عمن كانوا في كربلاء، القتلى من هم؟ صفاتهم، شخصياتهم، أدوارهم. الشهداء من هم؟ الشعر، فقد جمع فيه ما كتب عن الحسين (ع) شعرا باللغة العربية، والفارسية، والأردية، والتركية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والبشتونية، وغيرها. 120 ديوان بمختلف اللغات ضمنه في هذه الموسوعة.
فإذا الله وفق، ونسأل الله أن يطيل في عمره حتى ينجز هذا العمل الجبار، سيكون هذا الأمر عديم النظير في موضوع واحد. فالموسوعات التي نراها هي ذات 40 و50 و100 مجلد، فيها 50 موضوعا، 60 موضوعا. لكن هذا حول موضوع واحد: وهو الحسين سلام الله عليه وما يرتبط بقضية الحسين.
ففي التشريع، كم من الأحكام استنبطت من خلال كلمات الحسين وسيرته؟ القرآن والحسين، الأحاديث والحسين، الأصول والحسين، والفقه والحسين، وعلى هذا المعدل.
فمثل هذه الأعمال أعمال جبارة كبيرة تستحق الثناء، تستحق التشجيع. وحبذا لو أن مؤمنا، سعى في الدعم المالي لمثل هذه الأمور. حتى لو على مستوى أن يتبنى كتابا واحد منها. فالسيرة الحسينية فيها تفاصيل، وعنده هو – أي المحقق في موسوعته - حتى يوميات. من اليوم، باليوم، من الصباح، ماذا فعل الحسين؟ وهذا رأيته عينا، ففي الصباح ماذا فعل الحسين؟ وأول الفجر ماذا؟ وبعده بساعة، وبعده بساعة ونصف، وبعده بساعتين، وهكذا لأربعة وعشرين ساعة، فأنا تعجبت من أين يأتي بهذه المعلومات.
بالأيام! نحن عندنا - مثلا - بعد قضية كربلاء، من خروجهم من الكوفة إلى دمشق، الحلقة عندنا غالبا ضائعة، فأي طريقة سلكوا؟ وأين ذهبوا؟ في أي درب؟ هل هذه المدن والأماكن صحيحة أم لا؟ فرأيت في هذه الموسوعة، أنه بالأيام: فاليوم الفلاني وصلوا إلى المكان المعين، ويأتي باسم المكان التاريخي، ثم يقول: الآن موقعه الجغرافي في هذا الزمان، في فلان مكان. وفعلوا كذا، عملوا كذا، والتقوا بفلان، وتحدثوا معه هذا الحديث.
حتى قلت له: على الأقل ما يرتبط بالسيرة الحسينية، اليوميات، لو أن الخطباء، المثقفون، أهل القراءة يطلعون عليه. إذ  ينبغي لهذا أن يوزع توزيعا عاما؛ حتى يعرف الناس، ويعرف الخطباء، ويعرف العلماء، تفاصيل ما حدث مع الإمام الحسين (ع).
ولو أحد خليجي من المؤمنين يريد خيرا، فيقول: أنا أتبنى مجلدا من المجلدات. 10 آلاف نسخة على حسابي، على سبيل لمثال. فيدخر ذلك قربة بينه وبين أبي عبدالله (ع).
فقضية التحقيق في السيرة الحسينية من الأمور المهمة جدا. وهناك حديث مفصل لا أستطيع أن أذهب وراءه الآن، فالوقت يضيق بنا. ولكن المختصر: أنه على المجتمع أن يتحرك باتجاهها أولا، ويهيئ بيئة تقبل نتائج هذه التحقيقات. ثانيا: يقدر العاملين عليها، فشتان بين خطيب بسيط من أمثالي وبين محقق كبير من أمثال هؤلاء. لا تجعلهما في ميزان واحد. فيُقدر هذا العمل، وفوق ذلك يُدعم من الناحية المالية.
حتى لو أن واحد، افترض، يستجيز العلماء، يستجيز المراجع، في أنه: أنا عندي هذا المقدار من المال كحقوق شرعية، وأريد أن أجعله فيه هذا الاتجاه، فمن الممكن جدا أن يكون هناك قبول بهذا الأمر.

مرات العرض: 3398
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2555) حجم الملف: 62547.34 KB
تشغيل:

نافع بن هلال وجرحى كربلاء 33
عابس الشا?ري وشوذب