تاريخ تشريع الوضوء وفلسفته 5
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 5/9/1439 هـ
تعريف:

تاريخ تشريع  الوضوء  وفلسفته

 

تفريغ الفاضلة فاطمة الخويلدي

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ )

 حديثنا بإذن الله تعالى يتناول موضوع تاريخ تشريع الوضوء وفلسفته بعتبار أن الوضوء  والغسل والتيمم  من العبادات في ذاتها ومن المقدمات  وشرائط الصلاة حيث أنها تحقق الطهارة   اللازمة  للبدئ في الصلاة لذلك  سنتناول بإذن الله هذا الموضوع وحديثنا الليلة في خصوص موضوع الوضوء وتاريخه  ربما أول إشارة نجدها في كتب الأحاديث والتراث في إشارة  واضحة إلى وجود الوضوء في حياة الأنبياء السابقين   هو ما ذكر في قصة نبي الله إبراهيم على نبينا وآله  وعليه أفضل الصلاة والسلام  فإنه قد جاء في صحيح البخاري من مدرسة الخلفاء  أن  نبي الله إبراهيم هاجر مع زوجته سارة من بلاد الشام وفلسطين بإتجاه مصر  على أثر قحطٍ حصل في بلاد الشام فسافر مع زوجته إلى بلاد مصر  ويظهر  من الحالة التاريخية أن بلاد مصر كانت أكثر خصوبة لوجود  الماء فيها ووفرته  وهذا نراه أيضاً في قضية نبي الله يعقوب وأبنائه  وفي أكثر من دور تاريخي نبي الله إبراهيم في زمانه حصل قحطٌ في بلاد كنعان أو فلسطين  أو عموم بلاد الشام فأخذ زوجته سارة وذهب إلى مصر بحسب هذه الرواية  الموجودة في هذا الكتاب في الطريق عرض لهما حاكمٌ ظالمٌ  ولما علم بوجود إمرأة مع إبراهيم ولم  يكن يعرف إنه نبيٌ أمره بإحضارها وكان نبي الله إبراهيم كما هو المعروف عنه شديد المحافظة على أهله وعلى زوجته فلم يجد بداً من أن يدعوها حتى يرى  وفي نفس الوقت يدعُ ربه أن ينجيهما من هذا الظالم هنا حسب   الرواية قبل أن تدخل سارة في مجلس ذلك الجبار  توضأت قامت وتوضأت ودعت ربها فلما دخلت قام وأراد أن يمد يده  إليها  تيبست يده  لم تطاوعه فعلم أن هذا بسبب دعائها   أو دعاء إبراهيم  يعني قضية غيبية فأخبرهم إنه لم ينالها بسوء إلى آخر القضية  في هذه القصة نحن نلتقي مع هذا التعبير أن سارة قامت وتوضأت  ودعت ربها بالرغم من أن كلمة توضأ في أصل اللغة تعني غسل لكن هنا  ببعض   القرائن ولا سيما مع جهة الدعاء لا معنى أن تغسل يدها وتدع  ُ وإنما  المراد هو الوضوء المعهود  الذي يتطلبه الدعاء عادة فهذه أول إشارة نحن نلاحظها ترتبط بالديانة الإبراهيمية  باقي الإشارات هي عبارة عن أمور عامة من أن الأصول العامة في العبادات هي مشتركة بين النبوات لكن بخصوص موضوع الوضوء نحن نجد هذا التعبير  في هذا الكتاب الحديثي لما نأتي بعد مرحلة نبي الله إبراهيم  عليه السلام نجد في الديانة اليهودية إلى الآن يوجد عندهم قبل العبادة شيئٌ قريبٌ من الوضوء الموجود لدى المسلمين فإنهم يذكرون من أنهم قبل ممارسة العبادة  وللعلم عندهم خمسة أوقات  أيضاً هي قريبة من أوقات صلوات المسلمين سوف نتحدث عنهم عند الحديث عن الصلاة وتاريخها  عندما يريدون أن يقوموا للصلاة فإنهم يقومون بغسل أيديهم وغسل أفواههم  ووجوههم ثم تنشيف الوجه ثم غسل الأرجل  هذا مذكور حتى في الكتب المتأخرة عن إستعداد اليهود للممارسةعباداتهم وعندهم أيضاً إشتراطات في الماء بعضها أكثر تعقيداً وتشدداً من المسلمين  فمثلاً عندهم الماء الذي يتوضأ   منه لابد أن يكون   قابلاً للشرب لازم يكون طاهر ونظيف وأيضاً لازم يكون   عذب ماء البحر مثلاً لا يصح لأنه غير عذب غير صالح للشرب  منه  وربما والله العالم لهذه الجهة كان حديث رسول الله محمد  صلى الله عليه وآله   عندما سأل عن البحر قال( هو الطهور ماؤه الحل ميتته) يعني ماء البحر وإن كان مالحاً إلا إنه ماءٌ طهور يعني  طاهر في نفسه ومطهر لغيره على المشهور  من تفسير الطهور بذلك  وأما كونه مالحاً هذه الملوحة  البحرية لا تمنع من كونه مطهراً للنجاسة ولا من كونه يجوز الوضوء به  خلافاً لما ذكر عن اليهود من أنه  لابد أن يكون  ماء التجهز للعبادة قابل للشرب  فهذا النمط من الإستعداد للعبادة يشابه في أصل إستعمال الماء وفي كيفيته  ماهو موجودٌ لدى المسلمين نعم متأخر بعض الخاخامات بعض رجال اليهود قالوا  لا داعي لغسل الرجلين  نحن عندنا مثلاً للإستعداد للصلاة هذه الأمور  بالإضافة إلى غسل الرجلين لا يوجد لها داعي لماذا؟ قال لأن الناس في السابق  غالباً يعيشون في أماكن متسخة وربما بعضهم كان يحتفي ولا يلبس الحذاء  فتتسخ أرجلهم لذلك كانوا  مأمورين بغسل  الأرجل الآن الأكثر ليسوا كذلك الأكثر أرجلهم نظيفة نمط الحياة العام يقتضي نظافة الأرجل فإذن لا يوجد داعي  لغسل الأرجل وهذا إن صح فإنه من الإجتهاد مقابل النص إذا فرضنا  أن كيفية الإستعداد للصلاة عندهم فيها غسل الأيدين والوجه  والأنف  وما شابه ذلك   وغسل  الرجلين لو فرضنا أن هذا من لم يطرأ عليه التحريف نحن تحدثنا في سنة من السنوات  عن قضية اليهودية  والتحريف الذي طرأ على التوراة السنة ما قبل الماضية إذا كان هذا من الأمور التي لم يطرأ عليها التحريف فلا يصح أن يأتي شخص من العلماء عندهم ويلغي مثلاً جزءاً مما نسميه نحن الوضوء لإجتهادٍ في نظره   يمكن أن واحد يقول طيب ليس فقط الرجل لو فرضنا أن واحد دخل للحمام غسل نفسه  بالصابون بالشامبو وما شابه ذلك لا يحتاج بعد أن  يقوم بهذه  الممارسات والحال أنه حتى لو غسل نفسه بذلك الغسل هناك عبادة الليلة الماضية ذكرنا بشكلٍ واضح  العبادة برنامجٌ عبادي توقيفي ليس فيه مجال  للإقتراح والتغير أنا أقول مثلاً أنا نظيف من الصباح إلى المساء أشتغل مثلاً  في مكان جداً معقم ليس فقط رجلي لا تتسخ  سائر الأماكن أيضاً لا تتسخ فإذن لا أحتاج إلى أن أغسل سائر  الأمور ليس صحيحاً فهذا بالنسبة لليهودية بالنسبة للمسيحية ذكرنا في  تلك السنة أيضاً  أن المسيحية لم تكن مأمورة بتشريعات تفصيلية بل كان يجب أن يتبعوا ما كان عليه  موسى إبن عمران سلام الله عليه هناك إضافات  هناك توجيهات هناك  أخلاقيات هناك أمور من هذا النوع في المسيحية لكن الأصل   في التشريعات هو ما كان موجوداً لدى  اليهود فيما يسمونه بالعهد القديم أو التوراة    لكن لما نأتي للصابئة الذين هما على الأكثر  كما يراهم علماؤهم فئة من المسيحيون ونبيهم الأكبر عندهم الأعلى  منزلة هو يحي إبن زكريا النبي الشهيد يحي إبن زكريا أيضاً تحدثنا عنهم في تلك السنة هؤلاء أيضاً عندهم شيئٌ شبيهٌ   بما يمارسه المسلمون  عند الإستعداد لعباداتهم مالموجود  أيضاً عند المسلمين  من  غسل اليدين  والوجه والرجلين  والتطهير بهذا النحو  هذا بالنسبة إلى الديانات السابقة هناك ملاحظ لابد وأن أشير إليها وهي  ملاحظة معاصرة  ومهمة  يوجد بعض المبشرين المتعنتين  من المسيحين بدرجة أولى ومن اليهود بدرجة ثانية سواء لديهم برامج  على بعض البدقنوات الفضائية الموجه ضد الإسلام أو على بعض قنوات اليوتيوب  يركزون على نقطة هي أنه لو تتبعنا لوجدنا أن كثيراً  من الممارسات  العبادية بل من العقائد الدينية الموجودة في الديانات السابقة موجود عند  المسلمين في الديانة الإبراهيمية يوجد هناك  ممارسات وعقائد موجودة أيضاً  عند المسلمين في الديانة اليهودية كذلك في الديانة  المسيحية كذلك عند  المجوس الزرادشتين أيضاً  كذلك   يقولون طيب على ماذا يدل هذا

  قال لك هذا معناه  أن الإسلام ليس ديناً حقيقياً وإنما هو تجميعٌ من ديانات  أخرى  مثل واحد يأتي يستمع لهذا الكلام وإلى ذاك الكلام  والكلام الثالث والرابع  يجمعها ويعمل  منه كتاب هؤلاء يقولون  محمد  أي النبي محمد صلى الله عليه وآله   وهم لا يقولون النبي طبعاً مثل هؤلاء لا يقولون النبي يقولون محمد  رجل ذكي فاهم ذهب رأى  أساتذة رأى سلمان  الفارسي  فأخذ عنه تراث المجوس الزرادشتين   لما أتى سلمان حسب تعبيرهم علم محمد هذه الأفكار ذهب رأى ورقة إبن نوفل علمه  الأفكار المسيحية  ذهب رأى حاخامات يهود علموه الأفكار اليهودية  جمعها وقال هذا هو الإسلام لماذا؟  يقولون  لك  لأن فيه مشابهة  بين هذه الديانات  وبين الإسلام وهم قبله  فإذن هو ماخذ منهم  وإذا ماخذ منهم فمعنى ذلك إنه ليس بنبي   وإذا ليس بنبي يتعلم  من هؤلاء  هذا الكلام

 كلام زائف لأسباب كثيرة الآن أنا أشير إلى واحد فقط وهو  أن نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وآله هو نفسه يقول  لا تفكر حالك أنت آت لتعمل إكتشاف  في هذا الزمان النبي يقو ل كما ورد في بعض كتب الأحاديث  أنا والأنبياء من قبلي أخوة لأمهاتٍ علات  وأشبههم بي عيسى إبن مريم

  أخوة دينهم واحد  وأمهاتهم  متفرقة معنى أمهات لعلات يعني ماذا؟  أخوة لعلات  معناه أن هؤلاء أخوة ولكن غير أشقاء الآن أخوة غير الأشقاء أبوهم واحد ولكن أمهاتهم مختلفة  لكن الجينات  الأصلية  وهي جينات الوالد متفقة فيهم النبي  يقول لك ترى لا تعمل حالك مكتشف شيئ  جديد

نحن أصولنا العبادية مشتركة أنا وإبراهيم  ونوح  وعيسى وموسى  وسائر الأنبياء اصولنا العبادية مشتركة وهذا هو  الأمر الطبيعي  نحن قلنا في ليلة مضت أنه ما دام الديانات مصدرها واحد    وغايتها  واحدة وهي تكامل الإنسان فلابد أن يكون برنامجها برنامج متفق  في  الأصل وإن اختلف في التفاصيل الآن إذا خمسة أشخاص في مكان يريدون  الذهاب إلى الأحساء لا يمكن أن واحد منهم  يتجه إلى الغرب   إلى الأخير  والثاني يتجه إلى الشمال إلى الأخير   لأن الظرف أن  هذا المكان المقصود   هو  الجزء الجنوبي وحتى لو خرج للغرب لابد أن يأخذ الطريق السريع لكن بعدين يرجع إلى جهة الجنوب لا يمكن أن يذهب هذا إلى الشمال لأن الشمال لا يؤدي إلى هذه النقطة  الأنبياء نقطتهم واحدة وهي تكامل الإنسان عبر عبادة الله عزوحل (إلاليعبدون) فلابد أن تكون البرامج برامج متفقة نعم ممكن من جهة أن هذه الأمة تعيش في هالظرف الخاص يصير فيه شيئ من التغير البسيط  تلك الأمة لا تعيش نفس ذلك الظرف لا تحتاج إلى تغير فإذا تشابهت هو الأصل  التشابه هو الطبيعي التشابه  لازم يكون تشابه لان البرنامج   إلهي  واحد وهذا  الذي يقوله   النبي دينهم دين الأنبياء ماهو ؟

  واحد نعم تفاصيل  بعض البرامج قد تختلف  أمهاتهم متفرقة ظروفهم مختلفة لكن الأصل واحد  فليس من  غير الطبيعي أن  يكون عندهم صلاة لازم يكون عندهم صلاة  لازم يكون عندهم زكاة  لازم يكون عندهم صوم لازم يكون عندهم وضوء  وتجهز للعبادة  غاية الأمر قد يختلف  إختلافاً جزئياً  هذا ما قبل  الإسلام وما قبل نبينا محمد صلى الله غليه وآله   نأتي للمرحلة الإسلامية  في الإسلام الثابت أن أول تشريعٌ للوضوء كان مع أول تشريع الصلاة للنبي  تشريع الصلاة للنبي كان في اليوم الثاني للبعثة بعث اليوم  غداً  بدأت الصلاة بالنسبة  للنبي صلى الله عليه وآله

 غد ذلك اليوم  بدأ الوضوء وهذا على خلاف  ما ذهب إليه بعض علماء المسلمين من مدرسة الخلفاء وهو أمرٌ غريب  ٌ في الواقع كما  نقل عن إبن حزم الأندلسي الظاهري  إبن حزم واحد من علماء الكبار في مدرسة  الخلفاء  مذهبه ظاهريٌ تكلمنا فيه السنة  التي تحدثنا فيها عن تاريخ الفرق  والمذاهب عن المذهب الظاهري أيضاً هذا الرجل يقول أن الوضوء شرع   بآية الوضوء التي أتت في سورة المائدة  (إذا قمتم إلى الصلاة فأغسلوا  وحوهكم   وأيديكم إلى المرافق

وأمسحوا رؤوسكم  وأرجلكم إلى الكعبين)  وهذا الكلام المنسوب له في غاية الغرابة لماذا؟  لأن هذه الآية بالإتفاق آية مدنية وأنها نزلت  وتوليت   في سنة ستة للهجرة معنى ذلك إذا أضفنا سنوات البعثة ثلاثة عشر سنة زائد ست سنوات هي سنوات الهجرة يعني تسعة عشر   سنة لا يوجد وضوء بناءاً على كلام  إبن حزم فإما أن نقول ما كان لا وضوء ولا صلاة  أو نقول ما كان وضوء لكن صلاة موجودة كلى الأمرين  ما ممكن  ما كان لا وضوء   ولا صلاة هذا خلاف الوجدان  والإجماع ولا يقول به أحد لأن الصلاة  واضح إنها كانت موجودة في مكة المكرمة فضلاً عن المدينة المنورة  كان المسلمون يصلون  تقول  لا كان هناك صلاة لكن بدون وضوء هذا معنى كلام النبي المعروف ( لا صلاة إلا بطهور) الصلاة الفاقدة للطهور للوضوء هذه ليست صلاة

 فكيف يصليها النبي طول هالمدة ينتظر سنة ستة هجرية حتى  تنزل الآية المباركة (إذا قمتم للصلاة فأغسلوا)  فهذا الرأي غريب جداً وبعيدٌ جداً عن الصواب  الصحيح هو ما ورد والتزم به أيضاً علماء من  مدرسة الخلفاء  والإمامية قاطبة من أن الوضوء كان في اليوم الثاني للبعثة  عندما بدأ النبي بالصلاة  أنقل لكم رواية من مصادر المدرسة الأخرى ورواية من مدرسة أهل البيت عليهم السلام   الرواية التي هي من مدرسة الخلفاء ما جاء في سيرة بني إسحاق   وأيضاً نفسها أوردها صاحب تاريخ الطبري  في كتابه التاريخ قال في سيرة  إبن إسحاق أنه ( إن جبرائيل أتى  رسول الله حين أفترضت عليه الصلاة فهمز له  بعقبه في ناحية الوادي

بالكعب تبعه  جبرائيل أتى تمثل للنبي   في منطقة  ودق برجله على القاع فأنفجرت منه عين ماء  فتوضأ جبرائيل  ومحمد ينظر إليه فوضأ وجهه بعد أن تمضمض  وإستنشق  ومسح رأسه ورجليه إلى الكعبين هنا يوجد في السيرة  إلى الأذنين وطبعاً نحن لا نلتزم به   ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام بأن الأذن لا شأن لها  ثم قام جبرائيل  فصلى ركعتين وسجد أربع سجدات صلاة  الركعتين  المعروفة فيها أربع سجدات  ثم رجع النبي صلى الله عليه وآله قد أقر الله عينه  وطابت نفسه  وجائه  ما يحبه من الله

الصلاة بالنسبة له  قرة عيني  فأخذ بيد خديجة  حتى أتى بها العين فتوضأ كما يتوضأ جبرائيل ثم ركع  ركعتين وأربع سجدات  هو وخديجة ) هذا أصل الرواية في سيرة  إبن إسحاق أصل القضية طبعاً نحن  نتحدث عنها فيها مناقشة  أو مناقشات لكن هذا هو أصل الكلام أما في مصادرنا  ما جاء في كتاب وسائل الشيعة  للحر العاملي عن علي إبن  الأربلي  ناقلاً عن علي إبن إبراهيم إبن هاشم القمي صاحب التفسير  وكان من أجلة  الرواة قال عن النبي( وذكر حديثاً في ابتداء النبوة مختصر فنزل عليه جبرائيل  وأنزل عليه ماءاً  من السماء ثم قال يا محمد قم وتوضأ للصلاة فعلمه جبرائيل الوضوء على الوجه  واليدين من المرفق ومسح الرأس والرجلين  إلى الكعبين ) هذا أصل التشريع وتوقيته بالنسبة إلى الوضوء  وهو في اليوم الثاني لبعثة رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الصلوات كيف فرضت الصلوات  إن شاء الله نتحدث عنها في تاريخ الصلاة  لها تاريخ مفصل نتحدث عنه  إن شاء الله في عدة ليال  هذه المرحلة الأولى

 المرحلة الثانية هي  بعد ما نزلت الآية المباركة  التي توجنا بها الحديث( ياأيها  الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فأغسلوا وجوهكم  و  أيديكم إلى المرافق

وامسحوا برؤوسكم  وأرجلكم إلى الكعبين ) هذه الآية المباركة نزلت في المدينة ونزلت في سنة ستة هجرية لعلى سائل يسأل  إذا كان طول هذه المدة الناس والنبي والوصي وخديجة  وخلص المؤمنين  بل المسلمون عموماً يتوضأون  فما الداعي لهذه الآية حتى تأتي سنة ستة هجرية إما كان لازم تأتي أول شيئ أو ما له داعي تأتي بعد

  جواب على ذلك  لعله لتكون مما فرضه الله في القرآن   يوجد عند الفقهاء كلام هو تخصصي طويل لكن أنا أعطيك عصارته جداً  يقولون عندنا في العبادات قسمان من الأجزاء والشرائط  بعضها ثبت في الكتاب ويسمى فرض الله  بعضه ثبت بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وقد يعبر عنه أحياناً بالسنة  إذا تذكروا في حديثنا في قضية تشريع النبي  في ليالٍ مضت قلنا الصلاة  الركعتان  الأوليان هي مما فرضه الله عزوجل   والركعتان الأخيرياتان هي  مما شرعه رسول الله  الأثر من هذا ماهو ؟  أثر ذلك أن الركعتين الأوليتين لانها فرض الله عزوجل لا مجال فيها  للخلل وللسهو وللشك إذا شكيت  في الأولى والثانية  اترك صلاتك وعيد ليس فيها حول لكن لو شكيت  في الثالثة والرابعة الركعتين الأخيريتين   التي ثبتت بسنة النبي هذه فيها مجال تحاول تعالج تأي بوظيفتك  في الشك وتتصلح الصلاة   الوضوء والطهارة الحدثية هي مما فرضه الله عزوجل ولذلك ليس فيها حول  يأتي يقول لك والله أنا صار لي مدة  أتوضأ ولا أبالغ  في الأستقصاء  وهي  أن  يغسل ما فوق المرفق بقليل حتى يحرز   غسل المرفق جيداً لان توجد منطقة حرجة فيه  وهي  المفصل من الإمام   لابد من التأكد من غسلها جيداً    لان قد يغفل عنها ولو بمقدار سنتمر واحد  هنا  مثلاً يقول انا ستة اشهر لا أبالغ  في هذا هنا نقول له اعد كل صلواتك   سنة كاملة أنا أغتسل غسل غير صحيح   ايضاً يقال له عدل غسلك وعيد كل صلواتك  لسنة كاملة  لماذا؟ لأن  هذه مما فرضه الله في الكتاب  لو كان مفروضة بالسنة ربما فيها علاج اما ما فرضه الله في الكتاب ليس فيها علاج الوضوء  الغسل لابد يكون صحيحاً أنزل فيه القرآن ليكون مما فرضه الله عزوجل  وأنه لابد من الأحتياط فيه وأي خلل فيه تقع العبادة باطلة  وللتأكيد   نحن قلنا إن قسم من الناس أحياناً إذا رأوا أن النبي أتى بهذا الحكم قد لا يطيعوه  فجاء الله بهذه الأحكام في كتابه ليقطع حجة المتحجج  فإذن أبيح هكذا فرض لهذا النحو  بقي كما فهمه المسلمون من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن الكتاب واضح (أغسلوا وجوهكم وأيديكم )هذا غسل واضح  مقدار الوضوء الواجب (أغسلوا وجوهكم وأيديكم)  بعدين ماذا(وأمسحوا برؤوسكم وأرجلكم) فغسل  لشيئين ومسح لشيئين  وإلى هذا يشير مرجع الطائفه في زمانه المرحوم السيد  بحر العلوم  في  أرجوزته المشهورة  إن الوضوء غسلتان  عندنا  ومسحتان والكتاب معنا  غسلتان غسلة للوجه وغسلة لليدين  ومسحتان مسحة للرأس ومسحة  للرجلين  هذا عندنا  إجماع الطائفة عليه والكتاب  معنا لانه يقول( أغسلوا وجوهكم  وأيديكم  وأمسحوا برؤوسكم وأرجلكم)   فظل الناس على هذا   هم الرسول على هذه السورة وهم الكتاب واضح فيه  إلى ان توفي رسول الله صلى الله عليه وآله زمان الخليفة الأول أيضاً بقي  هذا سارياً  إلى أيضاً زمان الخليفة الثاني  فالأول لم يكن هناك إختلاف في كيفية الوضوء  إلا في مسألة واحدة في الأواخر حصلت  وهي قضية المسح على الخلف في أصل كيفية الوضوء لم يكن هناك إختلاف  لم ينقل خلافٌ أبداً إلا في مسألة  واحدة في زمان الخليفة الثاني وهي قضية  إذا واحد عليه حذاء  يستطيع  ان يمسح على الحذاء ام لا

لازم ينزع الحذاء والجوراب ويمسح  وهل في كل الأحوال أم في حال السفر هل إذا  كان برد وشدة  أم لا حصل خلاف ونقاش في هذا أمير المؤمنين وأصحابه وأتباعه قالوا   لهم ترى سورة المائدة خصمت كل شيئ  قالت (أمسحوا برؤوسكم  وأرجلكم) لم تقل  امسحوا على الخف

 المسح على الجوتي ليس مسحاً على الرجل مثل ما ان المسح على العمامة ليس مسحاً على الرأس   وغسل الثوب إلى  الكم ليس غسلاً  لليد لازم تكون هناك مباشرة بين الغسل والمسح  لا سيما في المسح  وإلى هذا الزمان لم يكن هناك كلام

 هناك بدأ الحديث عن ان هناك وضوءاً آخر وإلى هذا أشار أيضاً   من علماء مدرسة  الخلفاء المتقي الهندي في كتابه كنز العمال واحد من محدثيهم الكبار  المتقي الهندي  وكتابه من الكتب المهمة يقول  في زمان خلافته يعني الخليفة الثالث  حدث أمر الإختلاف في الوضوء وقبل هذه الفترة لم يوجد الخليفة الثالث  لأي سبب من  الأسباب هل كان يرى نفسه مجتهداً يستطيع ان يشرع وان يصنع هذا النحو من الوضوء أم لا فبدأ  في كل مكان يقول ألا أحكي لكم وضوء رسول الله كما رأيته    الآن طول هذه المدة الصحابة موجودين  المسلمون يتوضأون  لا يحتاجون إلى عرض  جديد أو اسلوب جديد   والذين قاموا على هذا ايضاً بعض الرواة قسمٌ منهم ممن  كان يعرفة من سبي عين التمر سبايا  عين التمر مجموعة من الفقهاء  والمتعلمين  يوجد هناك تسائلات حولهم إذا اتيحت لي الفرصة سوف نتحدث عنهم   وعن دورهم في التاريخ وأنه إلى أي مقدار  كان منهجهم هل كان  منهج أصيل ومستقيم أم لا هذا نتحدث عنه إذا أتيحت فرصة مناسبة فبدأ يقول الخليفة الثالث  وضوء النبي هكذا فيه غسل وليس فيه مسح  لازم يصير غسل للرجل لازم يصير هناك للأذن مثلاً يعم الرأس والأذن لازم يكون ثلاث مرات وعرف بالوضوء الغسلي الثلاثي بينما بقي سائر المسلمين إلى ذلك الوقت  على الوضوء المسحي الثنائي  يعني يمسح الرأس ويمسح الرجلين  ويتوضأ يغسل إما واحدة أو ثنتين ومرويٌ عن رسول الله صلى الله عليه وآله أيضاً حصل هناك إعتراضات  الذي جاهر بشكل صريح وواضح للمعارضة كما ذكر العلامة المحقق السيد علي الشهرستاني معاصر موجود محققٌ بارع أنا انصح الأخوة الشباب والأخوات المؤمنات  بقراءة كتبه كتب متقنة محققة قوية تعالج زوايا غالباً  مهمة ولم يسلط عليها الضوء كثيراً السيد علي  الشهرستاني موجودة كتبه على الأنترنت  إذا تبحث تجد مؤلفاته  من جملتها كتاب وضوء  النبي فقط في وضوء النبي ثلاث مجلدات ضخمة  ماذا سيقول  في وضوء النبي    ويذكر هناك أسماء الصحابة الذين تجاهروا بالإنكار  على فكرة اوضوء الجديد  منهم أمير المؤمنين عليه السلام ومنهم   حتى مثل طلحة إبن الزبير  ومنهم عبدالله إبن عمر  ومنهم عبدالله إبن عباس هؤلاء بالتالي  كانوا في محيط النبي صلى الله عليه وآله مقربين  واضحين وأما غير المتجاهرين  فكثير يذكر أسماؤهم  بالتالي دولة وسلطة وليس وقوة كل الناس حاضر ان يتجاهروا به لعله الخليفة الثالث  رأى  إن بإمكانه وهو قد إجتهد في بعض الأمور  مثلاً قضية الإتمام والقصر في عرفات  كان الجاري إنهم كانوا يقصرون الصلاة لوجود مسافة من مكة إلى عرفات في زمانه

 لا قال لازم نتم الصلاة وامثال ذلك من الأمور  الذي يريد تفاصيل كتاب النص والإجتهاد للمرحوم  السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي رضوان الله تعالى عليه متتبع هذه القضاية  فإلى ذاك الوقت تغير الإتجاه اصبحت الدولة اصبح النظام الرسمي يتبى طريقة جديدة في قضية الوضوء أمير المؤمنين عليٌ عليه السلام كما قلنا كان مخالفاً  استمر على مخالفته أصحابه كذلك  أهل البيت كان معروف عندهم هذا حتى خارج دائرة أهل البيت  من الصحابة لما أتى العهد الأموي تبنى هذا التوجه  الجديد في الوضوء بعتباره هو الوضوء الرسمي للدولة المساجد أئمة الجماعات  العلماء لازم تلتزم بهذا لا يوجد غيره  فأصبح هو الإتجاه الرسمي للوضوء عند المسلمين وأتوا العباسين أيضاً ساروا على نفس  المنوال  في مقابل هذا بقي أهل البيت عليهم السلام والطريف أن الإمام الباقر عليه السلام  مع بدايات الدولة الأموية  مع إنه كان فيه خطورة إلا إن الإمام الباقر عليه السلام تصدأ لبيان وضوء رسول الله كان بمناسبة وغير مناسبة كان  يقول هلموا لاحكي لكم وضوء جدي رسول الله صلى الله عليه وآله فيتوضأ أمامهم بالوضوء المسحي الثنائي   وعندنا روايات كثيرة  عن الإمام الباقر عليه السلام في هذا غير الشيعة أيضاً كانوا ينظرون إلى الإمام الباقر  ماخذ    في رأيهم من جابر إبن عبدالله الأنصاري  فهو إذن ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله لكن هذا بقي في الظل وبقي الإتجاه الرسمي هو ذلك  الإتجاه إلى ان وصلنا إلى زماننا هذا والذي هو بين المسلمين  يوجد إتجاهان في كيفية الوضوء لكن كما يقول السيد بحر العلوم ( والكتاب معنا إن الوضوء غسلتان  عندنا ومسحتان  والكتاب معنا أي القرآن الكريم) هذا  بالنسبة إلى عرض تاريخي بالنسبة للوضوء وهو ليس فقط شكلاً وإنما بالإضافة إلى ذلك مضمون ومعنى  وفلسفة  لذلك ينبغي أن يتوجه الإنسان إلى معناه  وحقيقته وفلسفته  وإلا لا يوجد

هذا الأمر  مشدد الإستحباب فيه  إن أستطعت ان تبقى على وضوء دائماً ففعل تذهب إلى بيت الخلاء عند الإنسان عادة حاجة  بعد ما تخلص هي كلها   غسلة إذا تريد ان تقتصر على الواجب  المضمضة والإستنشاق  مستحب وليس واجب  الغسلة الثانية غير واجبة مستحبة  فغسلة    للوجه وغسلة لليد اليمنى وغسلة لليد اليسرى  ومسحة للرأس ومسحة للرجل اليمنى ومسحة للرجل اليسرى كم دقيقة تحتاج ؟

دقيقة إلى  ثلاث دقائق  لكن ماذا تعطيك  تعطيك (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين  ايديهم  وعن أيمانهم وعن شمائلهم بشراكم اليوم) أنت  تخزن انوار في داخل بدنك الآن أنت لا تراها أهل السماء يرونها  يوم القيامة عامة البشر يرونها هذا من اين آتٍ ماهذه الأنوار الساطعة عنده   ذلك المكان المظلم المخيف هذا آتٍ  مسرور مشرق الوجه  منير البدن لماذا؟ لأنه كان يدأب  نفسه على الوضوء  وكان يستمر في ذلك ليل مع نهار في هذه القضية  قضية معاني الوضوء فلسفة الوضوء فوائد الوضوء كثيرة جداً  أولاً هذه النورانية الداخلية التي تحصل للإنسان   وهذا في يوم القيامة تتبين آثارها لهذا الإنسان وأيضاً غير ذلك  ما ورد في المروي من أخبار أهل البيت عليهم السلام من (أن معنى ان تغسل وجهك  يعني إنك آتٍ لتقابل ربك هذا الوجه قد يكون ملوثاً بالذنوب  العين لها ذنوب الفم له ذنوب الأنف الشم تشمم روائح غير محللة   أيضاً قد تكون ذنوباً فأنت لما تأتي و تغسل وجهك فذلك  يكون تعبير عن إنك تطهر وجهك  من الذنوب التي علقت عليه هذا واحد تمسح رأسك  قال كأنك تريد أن تقول بأنك تطهر دماغك   وعقلك من الشك من الأفكار الباطلة من الوسوسة من عدم الإعتقاد   بهذه الحركة ورجلاك  حيث أنك ربما سعيت لغير ما لا يرضي الله فأنت هنا بمسحك عليها  لهذا الأمر العبادي تطهرها من هذه الذنوب )

إذا يتوجه  الإنسان إلى هذا المعنى فيه عندنا إشارة إلى قضية آدم إنه لما  آدم تناول ذلك الطعام سواء كان حنطة أو تفاحة أو غير ذلك بناءاً على التفاسير  المشهورة بالتالي أخذها بيده وأكلها بفمه  واختلطت ببدنه وسعى إليها برجله  فجعل الوضوء لتطهير كل هذه المواضع والأماكن  التي حصل فيها من قبل آدم عليه السلام مخالفة  للأولى لهذا الأمر الأرشادي  العبادي كأنما ذريته في هذا الباب يقومون بتطهير هذه المواضع  فينبغي للإنسان أن يحرص كثيراً    على الإستمرار في الوضوء الحمدلله  جميع الخاضرون والمؤمنون  لا يتركون هذه المستحبات أعرف كثيرٌ من الناس  لا ينامون ليلاً إلا بعد أن يتوضأون قبل النوم لأن من توضأ  ثم نام بات وفراشه كمسجده  تصبح عادة عنده بعد كل ليلة

 إذا لم   يذهب ليتوضأ  كأنما امضيع  شيئ  تصبح عادة عنده إنه كلما ذهب ليغسل يديه أو يتخلى أو غير ذلك  يعقبه بالوضوء فيصبح برنامج حياة عنده  هذا يحوله إلى إنسان من هؤلاء الناس أصحاب النور القلبي والبدني.

مرات العرض: 3463
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2548) حجم الملف: 60632.77 KB
تشغيل:

أهداف العبادات ومقاصدها 4
الطهارة والاغسال في الأديان السماوية 6