كيف نستثمر ميلاد فاطمة الزهراء عليها السلام
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 20/6/1439 هـ
تعريف:


كيف نستثمر ميلاد فاطمة الزهراء عليها السلام

كتابة الاخت الفاضلة إيمان / البحرين

ورد عن (صلى الله عليه وآله): (فاطمة بهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نورُ بصري، والأئمة من ولدها أُمناء ربّي وحبله الممدود بينه وبين خلقه، من اعتصم به نجا، ومن تخلّف عنه هوى).

وقيل أيضاً أنه أشار لفاطمة في منزلها: (من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمّد، وهي بضعة منّي، وهي قلبي، وهي روحي التي بين جنبيّ، من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله).

يصادف هذا اليوم ذكرى ميلاد سيدة النساء، فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، ونحن إذ نهنئ المسلمين عموماً، ومراجع الدين بالخصوص بهذه المناسبة العطرة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعرفنا مقامات أوليائه، وأن يعيننا على الاقتداء بهم، ويكرمنا بشفاعتهم والكون معهم يوم القيامة_إنه على كل شيء قدير_.

عادةً مايتم الحديث في مثل هذه المناسبات بنحوين:
1.أن يتم الحديث عن صفات صاحب أو صاحبة الذكرى المحتفى بها، فعادة مايكون له ولها خصائص فيتم الحديث ضمن هذا الإطار، وهذا النحو من الأحاديث لا ريب من فائدته من الناحية العلمية والنظرية، فإذا عرف المؤمن مقامات رسول الله وصفاته وخصائصه، فإنه يزداد إكباراً واحتراماً للنبي والمعرفة، والمعرفة ترتبط بالأصول العقائدية وبها يرتقي المؤمن حتى بالعبادات، وهكذا الحال لو تعرف الإنسان على شخصية الزهراء عليها السلام مما يزداد إعظاماً لهذه المرأة العظيمةè جانب نظري علمي معرفي.
2.هناك حديث آخر قد يكون أقرب للمنحى الاجتماعي والتطبيق العملي، يستهدف الاقتداء والتأسي بصاحب المناسبة، ولكل من المنهجين منافعه وفوائده.

في هذه المناسبة سيتم النظر للمنهج الثاني، والتحدث عن ماذا ينبغي لنا أن نعمل في مثل هذه المناسبات، بناءً على الجانب الاجتماعي أو العملي.

هناك أمور ينبغي أن يستذكرها الإنسان عندما يكون هناك مناسبة من مناسبات شخصيات الإسلام الكبرى:
1.الأمر الأول: الحديث عن زيادة التعرف على هذه الشخصية، فنحن الآن في مناسبة ميلاد سيدة النساء بنت المصطفى، حليلة المرتضى، أم الأئمة النجباء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. في المعرفة هناك درجات، فقد يعرف الإنسان اسمها فقط، وقد يعرف عصمتها، وقد يعرف شيء من دورها الديني وعلمها وسيرة حياتها، وكل ما زادت درجات المعرفة، زاد أجر هذا الإنسان، وأمكن له أن يقتدي بمساحةٍ واسعة، وللأسف فإن قسم من أبناء المسلمين لا يزالون بحاجة لمعرفة شخصيات الإسلام، بل هناك بعض الأساسيات لا يعرفها قسم من المسلمين، وهذا يبين مسؤولية الإنسان في المعرفة وفي تبليغ المعرفة التي سوف يتم الحديث عنها لاحقاً.

ففي البداية أن تعرف رسول الله بسيرته وخصائصه وحياته، وينبغي أن يتذكر الأخوة والأخوات، ولا سيما من هم في غير البيئة الإسلامة كالمبتعثين للخارج، إن هناك أسئلة تُثار في هذه المناطق مالم يتعلم الإنسان مثلاً على سيرة رسول الله بشكل صحيح، فإن تلك الأسئلة من الممكن أن تشكك في إيمانه برسول الله، لذلك مسؤوليته في التعرف على النبي مسؤولية كبيرة، وكذلك في التعرف على أمير المؤمنين والزهراء مسؤولية كبيرة.

فأولاً ينبغي التفكير في المعرفة، ليكن للإنسان هذا البرنامج البسيط، ففي مناسبة كل شخصية حاول أن تقرأ عن تلك الشخصية، فنحن الآن في مناسبة فاطِمة الزهراء عليها السلام، اقرأ كتاباً عن السيدة الزهراء، وهناك ماشاء الله من الخيرات، من كتاب صغير مثل:
1.كتاب فاطِمة قدوة وأسوة للسيد المدرسي: كتاب صغير موجه لفئة الشباب.
2.الموسوعة الكبرى لفاطِمة الزهراء للشيخ الزنجاني: 24 مجلد وينفع الباحثين لأنه مفصّل.
3.وبينهما كتب مثل كتاب المرحوم الشيخ باقر شريف القرشي، كتاب مجلد باسم فاطِمة الزهراء أحد مجلدات موسوعته المعروفة، موسوعة سيرة أهل البيت حوالي 350 صفحة.
4.كتاب في سلسلة أعلام الهداية بحدود ال200 صفحة

لو وضعت المرأة المؤمنة لنفسها برنامجاً عندما تمر عليها مناسبة من المناسبات تقرأ كتاباً بهذه المناسبات بحسب استطاعتها واستيعابها، وكذلك الشاب المؤمن، فأول أمر ومسؤولية ينبغي الالتفات إليه قضية المعرفة لهذه الشخصيات العظيمة.
1.الأمر الثاني: تبليغ المعرفة ونشر الحقائق للعالم، فأنت أيها المؤمن وأنتِ أيتها المؤمنة بمثابة شخص لديه ماء زلال بارد، وهناك مجاميع كبيرة من البشر عطشى تحتاج لهذا الماء، فمسؤوليتك تقتضي أن توصل لهم ما يروي عطشهم، في الجانب المادي كالماء مثلا، وفي الجانب العملي من خلال نشر هذه المبادئ الإسلامية والسِير العطرة، ولا تظنن بأن القضية في خارج بلاد المسلمين.

في مقابلة بالتلفاز سأل أحدهم في بلد عربي أسئلة ومن يجيب إجابة صحيحة يتم إعطاءه مكافأة مالية، فيسأل إحداهن عن هذا الدين الذي أنتن عليه ما هو؟ فتقول دين الرب، فتسأل من نبيه؟ ما النبي الذي جاء به؟ من ثلاث نساء=> اثنتان لم تعرفا الإجابة، والثالثة أجابت بأن هذا النبي هو موسى!! ربما يكون في المقابلة الأصلية أن هناك نساء أجبن إجابات صحيحة، ولكن وجود امرأة في بلاد المسلمين والعرب لا تعرف اسم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ألا يشكل هذا سؤالاً للحكومات وللشعب: أين أنتم عن نساء لا تعرفن اسم نبيهن؟؟

:. من مسؤوليتنا نشر هذه المبادئ بالمقدار الذي نستطيع، واليوم تسهلت إمكانيات النشر عن طريق وسائل التواصل، ففي السابق يحتاج المرء لكتاب ينشره في بلد، سيصرف المال الكثير والوقت الطويل، ولكن اليوم لو أراد نشر كتاباً، قد لا يكلفه الكتاب حتى 50 ريالاً، عندما يتفق مع الفيس بوك بنشر الكتاب لبلد معين وهو جالس في مكانه، وأمثال ذلك من الأمور، فنحن مسؤولون عن تبليغ هذا الأمر، وهي مناسبة الزهراء عليها السلام ينبغي أن يفكر المؤمنون في نشر سيرتها وتعريف العالم بابنة رسول الله وبهجة قلبه، وروحه التي بين جنبيه.
1.الأمر الثالث: ما يرتبط بالإنسان نفسه في حياته الشخصية، أن يصمم في مثل هذا اليوم على الاقتداء بها في خصلة، وأن يصمم على ترك فعل. خصلة من الخصال الطيبة التي رويت عن سيدة النساء عندما قالت السيدة للإمام علي: "ما عهدتني كاذبة ولا خائنة، فقال لها معاذ الله، أنتِ أبر وأتقى لله من أن أوبخك بمخالفتي=> أنت أسمى من أن تعاتبين، ولا تأتين بشيء يوجب عتابك.

* فهذه خصلة سواءً اقتدى بها الرجل أو المرأة، ولا يتأثر هذا الاقتداء بالذكورة والأنوثة، فالكذب والخيانة اللذين يعتبران من مهدّمات العلاقة الزوجية، تلك المرأة البعيدة_لاقدّر الله_ المرأة المتزوجة وتخون زوجها عبر علاقات غير مشروعة، كيف لهذه المرأة أن تقتدي بالزهراء وهي خائنة وكاذبة على زوجها؟؟ وعكس ذلك عندما يكون هذا الزوج مع كونه متزوجاً ويستطيع أن يأتي رغبته محللة طيبة، مع ذلك يترك هذا الأمر فيذهب للخيانة وإلى العلاقات غير المشروعة!!

كانت فاطمة عليها السلام تزهر لزوجها أمير المؤمنين كما تزهر الشمس، أي كان لديها القدرة التي تحيل ظلام المشكلات لضياء وإنارة، فكانت تزهر إذا قامت وهذا أحد أسباب تسميتها بالزهراء إذ كانت تزهر لأهل السماء إذا قامت في محرابها لعبادتها، كما تزهر الكواكب لأهل الأرض. بيتها كان بيت تتجلى فيه العبادة. هل تتحول بيوتنا لنقطة الإضاءة هذه؟ أم أن بيت هذا الإنسان ليس فيه نور القرآن، نور الصلاة، نور التهجد والتوسل؟! لو أن الإنسان في هذه المناسبة حاول أن يكتسب خصلة من هذه المناسبة، ويترك ذنبا من هذه الذنوب التي تعترض الإنسان، من الممكن أن يُعجب بصفات فاطمة، والأهم من ذلك أن تؤثر تلك الصفات في نفسه، فذاك الإنسان_لاسمح الله_ رجل أو امرأة، إذا كان يمارس الحرام كالعادة السرية والأمور الإباحية، وبعض العلاقات غير المشروعة، لو صمم في هذا اليوم وقال أنا كرامةً لله عزوجل وابتغاء رضاه، واحتراماً لمقام الزهراء، في هذا اليوم أقرر الإقلاع عن الذنب الفلاني، عن العادة السرية مثلا، أو الإدمان على الأمور الإباحية، فيتخذ من هذه المناسبة وهذا اليوم بعد رضا الله وابتغاء ماعنده من الثواب، يجعل التوقيت في مناسبة الزهراء مرة، وذنبا آخر في مناسبة رسول الله، وهكذا ستمر هذه المناسبات وتصنع أثراً في حياتنا.

نحن في مثل هذا اليوم الشريف وذكرى سيدة نساء العالمين بنت رسول الله صلى الله عليه وآله نجدد حبّنا لهذه السيدة العظيمة؛ لإن حبها من حب رسول الله صلى الله عليه وآله، فالروايات تقول من أحب فاطمة فقد أحبني، ومن أحب رسول الله فمن الطبيعي أنه محب لله وينال ماينال من رضا الله سبحانه وتعالى، ونحن نجدد هذه العلاقة ونسأل الله الذي أكرمنا بمعرفتها ومحبتها ومحبة أبنائها الطاهرين أن يرزقنا شفاعتها وشفاعتهم، وأن يكرمنا بالكون معهم وفي رفقتهم، وينبغي أن نتخذ من هذا اليوم مناسبةً لزيادة التعرف عليها بقراءة كتاب أو كتاب، والاستماع لأحاديث في شأنهم، وأن نقرر في هذا اليوم اكتساب خصلة من خصالها_ولو بالنسبة_ والابتعاد عن ذنب من الذنوب أو التقصيرات التي ربما تكون عندنا.

وأسأل الله تعالى أن يوفقنا للإقلاع عن الخصال السيئة بمناسبة هذه الذكرى العطرة، إنه على كل شيء قدير وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

 

 

مرات العرض: 3436
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2576) حجم الملف: 30323.39 KB
تشغيل:

من علم فاطمة الزهراء عليها السلام
الاماام جعفر الصادق والقيادة الاجتماعية للمذهب