الشيعة ونهاية الخلافة العباسية سقوط بغداد 14
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 16/9/1438 هـ
تعريف:

الشيعة ونهاية الخلافة العباسية – سقوط بغداد


تفريغ نصي الفاضلة أمجاد عبد العال

قال سيدنا ومولانا أمير المؤمنين، سلام الله عليه: "أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فاستراح"،
حديثنا بإذن الله تعالى، يتناول مرحلة من المراحل المهمة، في تاريخ شيعة أهل البيت، صلوات الله وسلامه عليهم، وسبق أن تحدثنا عن شيء من تاريخ التشيع والشيعة، إلى نهاية القرن الرابع الهجري، ويكون حديثنا هذه الليلة، بإذن الله، حول موضوع الشيعة، في زمان سقوط الخلافة العباسية، واحتلال بغداد، على يد المغول، هذا الموضوع، من المواضيع، التي يستثيرها عدد من الطائفين، في محاولاتهم للتأجيج المذهبي والطائفي، مستغلين عدم معرفة قسم من الناس، بالحوادث التي جرت، فينسبون إلى شيعة أهل البيت (ع)، أنهم تحالفوا مع المغول، وأسقطوا الخلافة العباسية، وأعملوا القتل في مخالفيهم، من أهل المذاهب الأخرى، ثم يفرعون على ذلك. أي هؤلاء الطائفيون، يفرعون على هذا، أن طبيعة الشيعة أنهم يتحالفون مع الأجانب، لقتل أتباع المذاهب الأخرى، في كل زمان ومكان.
لذلك أنت تجد هذي الكليشة والآرم، حسب التعبير، والختم، هؤلاء أحفاد ابن العلقمي وابن العلقمي خان الدولة، العباسية، وأنهم عادة يصنعون هكذا، نظرا لأن هذه القضية لا تزال تثير شيئا من الشحن المذهبي، وكما قلت، يستغل فيها الجهل، لإضافة التعصب إلى النفوس. لذلك سوف نتوقف قليلا عند هذه المسألة.
فكرة أولى قبل أن ندخل في تفاصيل الموضوع، أن هؤلاء الطائفيين، يقولون، هناك وزير للخليفة العباسي الأخير المستعصم العباسي، هذا الوزير، أقنع المغول، بأن يأتوا لاحتلال بغداد، وسرح الجيوش، وسهل للمغول دخول بغداد، قصدا منه في إسقاط الخلافة، بين قوسين: السنية، لكي أيضا ينتقم من أتباع المذهب الآخر. هذي أصل الفكرة، يفرعون عليها: أن كل شيعي هو هكذا، وقصده أن يفعل نفس الفعل.
لو توقفنا عند هذه قليلا، سوف نقول: أصل هذه الفكرة غلط، وغير صحيحة، كما سنأتي على إثباتها، ثانيا: لو فرضنا أن لها نسبة من الصحة، لو فرضنا، وهو غير صحيح قطعا، فإن كون شخص من مذهب معين، يخطئ خطأ في حق مذهب آخر، هذا لا ينبغي تعميمه، كموقف على باقي أبناء المذهب، ولا يعتبر قاعدة: أن كل أبناء المذهب هم هكذا. وإلا لو كان هكذا، لكنا نقول: يزيد بن معاوية ليس من مذهب الشيعة، وإنما من المذهب الآخر، وقد قتل الحسين، وهو مجرم، فإذن كل أبناء هذا المذهب الآخر، هم قتلة، وهم مجرمون، هل هذا يصح؟
سوف يأتي إلى الحديث مثلا أنه بعد عصر الاستعمار جاء حكومات خائنة، عميلة، باعت البلاد والعباد، عملت على وفق مصالحها، ولا يوجد أحد منهم ينتمي إلى الشيعة، وإنما ينتمون إلى مذاهب أخرى، فهل نستطيع أن نقول: أن فلان الذي كان مذهبه كذا وكذا، خائن وهذا دليل على أن أتباع المذهب الكذائي كلهم خونة، وكلهم عملاء للاستعمار، وكلهم باعوا فلسطين، وكلهم، وكلهم، باعتبار أنهم أتباع هذا المذهب، هل يصح هذا القياس؟ لا يصح هذا أبدا. على أن أصل الفكرة هي فكرة في غاية الخطأ، لا يخدمها القرائن التاريخية، ولا التحليل التاريخي، ولا الدراسات الرصينة. هناك كتاب أنصح الإخوة الذين يحبون أن يطلعوا على هذا الموضوع بشكل مفصل، كتبه البروفسور سعد الغامدي، سعد، ابن حذيفة الغامدي، أستاذ قسم التاريخ، في جامعة الملك سعود سابقا، وهذا الرجل ألف كتابا اسمه: سقوط الدولة العباسية، دور الشيعة بين الحقائق والأوهام، وهو كتاب قيم من الناحية العلمية، إذا واحد يريد يشتغل دكتوراه، يشتغل بهالطريقة، أكو عندنا في بعض البلاد، وين ما أكو كتاب طائفي، أجي أنا أسوي كم حاشية عليه، وكم تعليق وكم تخريج، وأقول هذا رسالة دكتوراه، لا فيه جهد علمي، لا فيه نظرية صحيحة، مجموعة، بدل ما ذاك الحديث ما ذكر مصدر أنا أذكر مصدره، بدل ما سوى إله تخريج، أنا أسوي، هذي دكتوراه هذي! أو أن واحد يجي يشتغل على كتاب كما مثل هذا الكتاب، خمس سنوات من العمل على هذا الكتاب، ذهب وتعلم اللغة الفارسية حتى يحيط بكل المصادر التي كتبت باللغة الفارسية، ذهب وتعلم عادات ووثائق المغول القديمة، طيب، ثقافتهم، أفكارهم، ديانتهم، طبيعة أعمالهم، مواثيقهم، نمط حياتهم، وبالإضافة إلى ذلك يقرأ الإنجليزية والعربية والفارسية، واعتمد على هذه المصادر، وشغل خمس سنوات، فجاء كتابا متقنا ووزينا، أنصح من يحب أن يطالع عن هذه الفترة التاريخية أن يرجع إليه وهو موجود على النت وموجود أيضا في بعض المكتبات، منع فترة من الزمان، بناء على توصية من جهة دينية، سحب من الأسواق، وأحرق، بعدين، بعد عشر سنوات، من المراجعة وكذا، تم فسحه وكذا، كما ينقل صاحب الكتاب.
سوف يكون لنا حديث مختصر لأن مقدار 40 دقيقة أو كذا، لا تتسع لمثل هذا البحث المفصل، ينتهي هو إلى أنه المغول لم يكونوا في حاجة لأن ينصحهم أحد أو أن يشير عليهم أحد في اجتياح العالم الإسلامي، هذا مخططهم، منذ مات الأب الأكبر لهم جنكيز خان، وجاء ابنه هولاكو. هاي قضية مو جديدة، يعني عمر هالقضية قريب من 25 سنة إلى أن تمت. واحد.
اثنين، يقول: لا الشيعة ولا السنة، كانوا قادرين أن ينفعوا المغول بشيء في أمر احتلال بغداد. هاي قوة عسكرية ضخمة وهائلة، ما كان يقف أمامها شيء، لم يكونوا ينتفعون لا من الشيعة ولا من السنة، ولذلك يقول من المستحيل إثبات دور استثنائي لأحد من الشيعة كالذي يزعمون. مثل ابن العلقمي في قضية سقوط بغداد.
ثالثا: أن الدولة هي وضعها الذي كان من الناحية، من ناحية الخلافة، من ناحية الإدارة، من ناحية الاقتصاد، من ناحية العسكرية، كلها كانت تنتهي إلى سقوطها بأي غزو خارجي، مو المغول اللي كانوا يدمرون ما أمامهم. كانت من الضعف، بحيث لا تحتاج إل قوة كبيرة، هي كانت واقفة حسب التعبير على بالكاد، بالكاد كانت واقفة. ويتوصل إلى أن ما ذكر من دور لابن العلقمي، إنما كان دافعه التعصب المذهبي، من قبل بعض المؤرخين، الذين لم يكونوا شهود عيان أصلا، مثل ابن كثير، الذي جاء بعد حوالي، 120، 130، سنة من سقوط بغداد، ومثل ابن، ومثل أبو شامة الدمشقي، ومثل، الذهبي، ومثل الجوزجاني اللي كان في وقت غزو بغداد في الهند، يقول: هذولي أجو ضمن خلفية مذهبية طائفية ووزعوا هذه التهمة وكل واحد كان يزيد في الطنبور نغمة كما يقولون.
خلينا نبدأ في القضية من البدايات، البدايات كان أن الدولة المغولية كان على رأسها حاكم عسكري معروف، اسمه جنكيز خان، في منطقة بلاد ما وراء النهر، اللي الآن أفغانستان ودول الاتحاد السوفيتي السابقة، إلى الجنوب قليلا، باكستان، الهند، الصين، هذه المنطقة كانت منطقتهم الأساسية، واستطاعوا كقبائل أن يسيطروا على هذه المنطقة الكبيرة جدا، وأن يأسسوا دولتهم، في زمان جنكيز خان، إلى جانبهم، كانت هناك نشأت دولة، اسمها الدولة الخوارزمشاهية، أو الخوارزمية، الجولة الخوارزمية، كانت تابعة اسميا إلى الدولة العباسية، ولكن فعليا كانت مستقلة، لأنه صار في زمان الدولة العباسية المتأخرة، كل جماعة سووا إليهم دولة، وما كانوا يعتنون من الدولة العباسية إلا الاسم، دولة الأغالبة، دولة الأدارسة، البويهية، السلاجقة، كل هذولا دول، بالنسبة إليهم الخليفة بس اسم وسيطرته في بغداد، وهم كانوا يتحكمون في الأرض الواقفين عليها.
الدولة الخوارزمية هالشكل كانت، شوية شوية، هالدولة الخوارزمية بدت تتقوى، صارت على احتكاك مع الدولة المغولية، هذا في حدود سنة 610، 615، هجرية، فلأجل أن يصير هناك نوع من التسالم بين الدولتين، صار عقد، معاهدة بين الدولتين: الخوارزمية والمغولية، أنه لا أحد يعتدي على الثاني، بالفعل مشت الأمور بشكل طبيعي، إلى ان صارت حادثة، أن عدد من التجار المغول، 40 واحد، كان بينهم تجارة، بينهم وبين الدولة الخوارزمية، هذولا يجون يشترون، وذولاك يجون يبيعون، فهذولا التجار المغول، 40 منهم، أخذوا شيئا كثير من الفراء والجلود، وذهبوا إلى الدولة الخوارزمية، يبيعوها، يتاجروا فيها، أمير إحدى الولايات الحدودية من قبل الخوارزميين المسلمين، كأنه طمع في أموال هؤلاء، فراء، وجلود، غالية الثمن، فاتهمهم بالتجسس، أن هذولا جايين يتجسسون، قبض عليهم، وأخذ كل الأموال اللي عندهم، وقتلهم عن بكرة أبيهم، وصل الخبر إلى جنكيز خان، قائد الدولة المغولية، أرسل إلى السلطان الخوارزمي، أنه أنا من رعيتي 40 تاجر قتلوا عندك، في داخل بلدك، وسلبت أموالهم، لأن بينا اتفاقية المطلوب أن ترجعوا كل الأموال هذه، أموالهم، وتعطونا القتلة، إذا واحد قتلهم، جيبوه، إذا 40، جيبوهم. نقتلهم بهم، وينتهي الأمر. السلطان الخوارزمي، الظاهر، ركب راسه، طيب، فلم يستجب، فالمغول جهزوا جيشا واجتاحوا الدولة الخوارزمية، واجتاحوها بشكل حسب ما يقولون أصبح عبرة لمن بعدهم، قتلوا كل من صادفوه من الرجال، اغتصبوا النساء، أحرقوا كل شيء على الأرض، من شجر، وبيت، وحجر، وغير ذلك، كلها أحرقوها، بحيث أن هذه الدولة اللي كانت دولة عمارة مدنية كذا، أصبحت قاعا صفصفا.
في هالأثناء، جنكيز خان، وهو راجع، من هذه الغزوة، توفي. مات جنكيز خان، ورثه أبناؤه، من جملة أبنائه، واحد يسمونه هولاكو، اللي هو راح يكون فاتح لبغداد، هذولا تقاسموا المملكة، صار نصيبه هو، من ذاك المكان، باتجاه الغرب، يعني راح يأخذ، قلاع الإسماعيلية في بلاد الديلم، راح يأخذ خراسان، راح يأخذ أرمينيا، راح يأخذ الشام، راح يأخذ بغداد، راح يأخذ الموصل، وكل من كان في هالطريق، حسب وصية هؤلاء، أنه احنا نتقاسمه، فلان له هالمنطقة الجنوبية، صوب الصين، باكستان، الهند، تلك المناطق، هذا هولاكو، إله المنطقة الغربية، من ذاك المكان، باتجاه العالم الإسلامي، كمل هولاكو، أول شيء، كمل خطة والد، بعدما قضى على الدولة الخوارزمية، كان هناك دولة تسمى قلاع الإسماعيلية، الإسماعيليون، كان عندهم قلاع شاهقة في الفضاء، يعني على الجبال، الكبيرة والمرتفعة، كانوا مسويين قلاع، ومتحصنين فيها، 109 قلاع، في تلك المنطقة، ومتجمعين، كل جماعة في قلعة. عندهم مؤونتهم، وعندهم قضاياهم ومحتمين في ذلك المكان، نظرا لأن الدولة العباسية تعاملهم باعتبارهم ملاحدة حسب تعبيرهم، وهم احتموا بذلك المكان، ومكان محصن، أنت تشوف إذا قلعة تبغى تصعد إليها، وناس فوق يقدروا يقتلوك من فوق، وأنت تحت، فالجيش صعب عليه. جنكيز خان، شاف هذولا أول حلقة قدامه، قال: لازم يقضي عليهم، عفوا هولاكو، شاف أول حلقة قدامه هذولا، قال: لازم يقضي عليهم، تحرك، أرسل إلى كل من كان في طريقه، أنه أنا طالع لقتال الإسماعيليين، وإذا أنتم معي، وتسلمون إلي، وتطيعوني، ما راح يلحقكم أي ضرر، تبقون على مناصبكم، ودولتكم أو بلادكم، ما راح يصير فيها خطر، وعلامة طاعتكم لي أن ترسلوا فرقة من جيشكم يساعدوني في هذه الجهة. وإذا ما قبلتوا هذا الأمر، المواجهة التالية، بعد الإسماعيلية، راح تصير وياكم. طاوعني، تقبل بولايتي، دليل ذلك هو أن ترسل جزء من جيشك، لمساعدتي، على الإسماعيليين، ما تقبل، ابشر فيما بعد بالقتال.
بعض رؤساء المناطق، مثل: حاكم الموصل، اسمه: بدر الدين لؤلؤ. هذا رأى أن المغول، قوة مدمرة وجبارة، وسمعوا ما وصل إليهم من عمل جنكيز خان، مع الدولة الخوارزمية، فأرسل جزء من جيشه مع بعض الأدوات الحربية إلى هولاكو، ولذلك سلمت، يعني هذي الموصول ما صار فيها تدمير، قالوا: أن حاكم دمشق أيضا، نفس الشيء، سوا. الباقي، إجينا على الخليفة العباسي، الخليفة العباسي، اسمه المستعصم بالله، آخر خلفاء بني العباس، هذا يحتاج أن نلقي نظرة، أولا على شخصيته، ثم على فعله. الذين يتحدثون عن تاريخ المستعصم العباسي، يقولون: كان رجلا، عابثا، مشغولا بالمغنيات والجواري. ولم يكن يهمه في أمر المملكة شيء أصلا. هو 15 سنة صار في الخلافة، بحيث أهمل مثلا، قضايا الصرف، تصريف المياه، بغداد، يجري فيها نهران، ومطر يجي فيها، تحتاج إلى مصارف، تكون مرتبة. أهملت هذه المصارف طيلة عهده، لم يحصل لها صيانة، طيب، بقيت حسب التعبير بس بكوس على الأرض.
فلما صار، زاد منسوب مياه دجلة، مطر يصير، فيزيد المنسوب، ارتفع المنسوب، فأغرق بغداد، غرقت بيوت، طاحت بيوت، تخربت شوارع، وصل، يسمونه: الغرق المستعصمي، وصل الغرق، ووصلت السيول إلى الحلة. وين بغداد، ووين الحلة. مما يبين إلك سوء إدارة تصريف المياه إلى أي مقدار. بل في داخل بغداد، لم يكن ممكن الوصول إلى قصر الخليفة إلا بزورق، ومع ذلك، بالنسبة إله الأمر لا يعني شيئا، كان مشغولا بالجواري والمغنيات. ومن طريف ما يذكر، اللي في نفس الوقت أرسل هولاكو إلى بدر الدين لؤلؤ، حاكم الموصل، أنه أرسل إلي جنود من عندك، طيب، نفس اليوم، وصل إله مرسول من الخليفة، العباسي، يقوله: ترا احنا ناقصنا جواري ومغنيات، فشقد ما عندك من الموصل، دزها إلينا، إلى بغداد. فهذا شاف، قال: سبحان الله، هذا طلب حاكم كافر: آلة الحرب وجنود، وهذا خليفة المسلمين: شقد ما عندك من رقاصات ومغنيات وجواري وكذا، رسلها إلي. وكأنما بغداد يعني ما مكفيتنه، طيب.
فكان الخليفة شخصا عابثا، لاهيا، كأنما مو هذه الدنيا، حسب التعبير، يجيبون شاهد آخر على ذلك، أنه لما وصلوا المغول إلى قرب بغداد، بدأوا يطلقون السهام على قصره، لأنه تسكرت الأبواب والأبراج، فظلوا يطلقون السهام بأدواتهم الحربية، فيطلقوا السهام شقد يعني، ربما 400 متر، 500 متر، أكثر أقل، يعني جدا قريب، وصلوا الديرة، هذا كان جالسا، وهذا يذكره ابن كثير، ابن كثير يعد من المتعصبين ضد الشيعة، ومن المبرئين لساحة الخليفة، يقول: وصل سهم إلى، وشك ستائر قصر الخليفة، بينما كانت جارية تغني عنده وترقص، اسمها: عرفة. طيب. الآن وصلت السهام، الخليفة، غير لازم يقوم يستعد، يجهز جيشه وكذا شيء، فأمر بعد ذلك، بزيادة الستائر، بدل ستارة خلو ستارتين، بدل ثنتين، خلو أربع مثلا. هذا مستوى خليفة اللي المغول على بعد مثلا، 500 متر، كيلو متر، حتى لو تقول كيلو متر ما فيه مشكلة، بس هذا واحد اللي يدير دولة المسلمين وبلاد المسلمين.
هذا من حيث الخليفة، اللي الآن يبكى عليه، ويلطم عليه، طيب. تعال شوف باقي الأمر، كيف كانت تدار الدولة، جانب الاقتصادي، تحدثنا، يعني أمر، غرق بغداد، وإساءة إدارة هذه البلد، هكذا. الجانب العسكري، جيش يفترض غير، كل دولة عندها جيش يحميها في الأزمات، ذكروا أن آخر إحصاء، كان في زمان والد المستعصم، وهو الناصر، الناصر العباسي، كان يستطيع أن يحشد سبعة آلاف جندي بس. سبعة آلاف جندي لخلافة إسلامية تمتد من الشرق، من إيران، إلى موريتانيا، شنو 5000، و7000! هذي أي دولة صغيرونة تقدر تحشد إلك 30 و40 ألف، أما المغول، فحشيهم كله بمئات الألوف، يجيك بنص مليون، ربع مليون جندي،ما يجيك بعد بهالآلاف الصغيرة.
في زمان والده كان يستطيع أن يحشد 7000، وهذا الجيش نفسه، بناء على ظروف معينة، وأهمها قطع الرواتب عليهم والأجور، بدأوا يتسللون ويتركون السلاح. بالتالي هذا إذا تأخر عليه راتبه، 3، 4، 6 أشهر، من أين يأكل؟! فيروح يدور له شغل. طيب. هذا الوضع العسكري، اللي راح يواجه فيه منو؟ الدولة المغولية.
تعال شوف الوضع الإداري، الوضع الإداري، خلنا نروح على الوضع الطائفي الشعبي. الوضع الشعبي في بغداد كان مقسما على أساس طائفي، يعني منطقة، يسمونها باب البصرة، هذولا من غير، من أهل السنة، من أتباع مدرسة الخلفاء، عندنا جهة الكرخ، والإمام الكاظم (ع)، هم من الشيعة، وكانت حسب ما يقول ابن الفوطي في كتاب: الحوادث الجامعة: كانت الاشتباكات بينهم طول السنة، مو مثلا يوم، ويومين، وشهر، وشهرين، وتهدأ. طول السنة هم في حالة اشتباكات، إذا واحد غلط على واحد ثاني، من هذا المذهب على ذاك المذهب، تتحول إلى حرب طائفية، وتعال، شوف قتلى وجرحى وسلب وإحراق محلات وإلى آخره.
إذا هذولا استقووا على ذولاك، صار هالكلام، إذا ذولاك استقووا على هذولا، صار هالكلام، والخلافة العباسية، مو بس لم تنهي هذا الوضع، وإنما بعض من كان فيها كان يذكي هذا الصراع، حتى يصير إله حظوة، ويصير هو صاحب قرار. هذا الوضع الشعبي، وضع متشنج، طائفي، عدم انسجام بين فئات الناس.
وأما عن الوضع الإداري والسياسي، الوضع الإداري والسياسي، كان هناك عند الخليفة المستعصم، شخصيتان: الشخصية الأولى: مؤيد الدين ابن العلقمي. مؤيد الدين، ابن العلقمي، أبوه العلقمي، كان من إنجازاته، وهو أيضا من ضمن من كان يعمل في الدولة العباسية، عند أباء المستعصم، من ضمن إنجازاته، أنه أعاد صيانة النهر المعروف، بالنهر العلقمي، اللي يغذي المنطقة الجنوبية كربلاء، وما ولاها. هو متفرع من النهر الرئيسي، من الفرات، وهذا بمرور الزمان والإهمال، فأعاد تأهيله وأعاد حفره، أعاد تنظيفه، وسقى هذه المنطقة، وأنعش الزراعة فيها، ولذلك لقب به، العلقمي هو اسم النهر، فذاك اللي أشرف عليه، اللي هو والد مؤيد الدين، سمي بالعلقمي، لأن هذا يعتبر إنجاز.
مؤيد الدين، ابنه، عمره في خدمة العباسيين، 30 سنة، رجل حسب كلام مصادر محايدة، عنده كفاءة، وعنده دراية بترتيب الأمور، هذا ابن أبي الحديد المعتزلي، المعاصر إله أيضا، شارح نهج البلاغة، وهو على غير مذهب الإمامية، عنده إله، لما شاف إنجازاته، قصائد كثيرة في مدحه، أكبر جامعة في بغداد، هي من بنائه وإشرافه، وهي الجامعة المستنصرية، هو أشرف عليها بشكل دقيق، ومع أنه شيعي المذهب إلا أنه لم يخالف إرادة الدولة في أن تكون المذاهب أربعة مذاهب. المدرسة المستنصرية، أو الجامعة المستنصرية، بقي فيها بناء على قرار العباسيين، أربعة مذاهب، واستثني منها المذهب الإمامي. هذا مؤيد الدين، خبرة 30 سنة في إدارة البلد، وتأسيس مثل هالمؤسسات، وهو ابن والده الذي كان في الفترة الماضية في خدمة الدولة، وله إنجازات، في هذا. عيبه الوحيد هذا أنه كان شيعي المذهب. هذا شيعي، زين.
إلى جانبه، أكو، الدوات دار الصغير، دوات دار معناها شنو؟ اللي عنده الدوات، الدوات المكان مال الحبر والأقلام حسب تعبيرنا اليوم: السكرتير، ذاك الزمان يسمونه: دوات دار. الآن يسمونه: سكرتير، هذا كان أحد المماليك الأتراك، ميزته الأساسية، كان عنده خط جيد، التحق بديوان الخلافة، باعتباره كاتب، شوية شوية بدأ يترقى، إلى أن صار إله وجاهة.
تحالف وهو شاب مع ابن الخليفة المستعصم، وعلاقته معاه كانت علاقة قوية جدا. وحذر ابن العلقمي الخليفة الوالد المستعصم، قال له: يحتاج أن تلاحظ هذه العلاقة، الموجودة بين الدوات دار وبين الابن. أحمد بن المستعصم، ترى يحتاج أن واحد يلتفت. لا يكون هذا دا يجهز شيء مو تمام، ويعمل انقلاب، وياخذ الخلافة منك، وكان المستعصم يثق في مؤيد الدين، ابن العلقمي، لذلك احتاط لنفسه، شلون بأي طريقة من الطرق، وصل، أنه ترى ابن العلقمي، حذر الخليفة منك يا أيتها الدوات دار، فخرجت فكرة اللي بعدين راح تصير قاعدة عند الجماعة، أنه ترى المتآمر الأكبر على الخلافة مع المغول، كان مؤيد الدين، وحدة بوحدة، أنت قاعد تريد تضرني في بجنب الخليفة. أنا ما أعرف شلون أشتغل إلك. وزاد قوة بعدما توفي من هو في حكم وزير الدفاع في ذلك الوقت، يسمى: موفق الدين الشرابي. وهو أيضا من المماليك، لأن العسكر كله أتراك. كانوا، وقادتهم أيضا هكذا. الآن صار هذا السكرتير صار مكانه مثل وزير الدفاع، لأن هذولا أتراك يعرف لغتهم، وطريقتهم، ويلجأون إليه. فصار زاد قوة عنده. طيب، هذا الوضع الإداري. هذا حنبلي المذهب، الدوات دار، وذاك شنو؟ إمامي المذهب، نار وزيت. طيب، من الناحية المذهبية. وأيضا، وهو الأهم، مصالح وتنافس بين طرفين، كل ما هذا يقترب من الخليفة، معنى ذاك يبتعد، وبالعكس. فصار الصراع إله أكثر من وجه ومن عنوان، هذا الوضع الإداري في داخل الدولة. طيب.
الآن هولاكو، كما أرسل إلى بقية الأماكن، أرسل إلى الخليفة المستعصم، أنه أنا في طريقي إلى قتال الإسماعيلية، أنت إذا تدخل في طاعتي، تسلم على نفسك، تبقى على منصبك، دولتك ما يصير فيها شيء. علامة ذلك: ترسل إلي قوة عسكرية تساعدني.  في غير هذه الصورة، ابشر بالخراب. وصل رسول هولاكو إلى المستعصم، الوزير الأول: مؤيد الدين العلقمي، قال للخليفة المستعصم، احنا لا طاقة لنا بمواجهة هؤلاء، ما عندنا جيش، ما عندنا قدرة، وهذولا، مثل العاصفة تكتسح، شفت شسووا في دولة خوارزم شاه، مو قضية كسر عسكري، لا، ييقتلون الرجال، يغتصبون النساء، يدمرون البلد، يحرقون كل ما هو قائم، واحنا ما عدنا قدرة، إما إذا إنسان عنده قدرة، يقوم، "أفلح من نهض بجناح"، كما يقول أمير المؤمنين (ع). عندك قدرة، عندك استعداد القضية، فيك تواجه، أعد للأمر عدته، وبسم. أو لا، "أو استسلم فاستراح"، يدري أنه هذا ليس بإمكاني، يستسلم ويصون بلده، ويصون نفس الناس ودماءهم وأعراض الناس وحريمه ويبقي هذه البلد سالمة. فأنا رأيي، أنا مؤيد الدين العلقمي، رأيي يا أيها الخليفة: احنا نستجيب لما أمر، ندز إله 500 جندي مثلا من جنودنا، يروحوا وياه ونسلم على أنفسنا وعلى أنفس الناس، وعلى أعراض النساء، وعلى كل شيء.
الخليفة العباسي، لأكثر من سبب كان هذا أيضا رأيه، أولا: هو نفسه ضعيف، وثانيا: مشغول بلذاته وشهواته، وثالثا: يدري أن ما تحت يده من قوة ومن قدرة، ما عنده شيء يواجه هؤلاء، فاستحسن رأي مؤيد الدين، أنه نعم، نرسل إله عدد من الجنود، مع هدايا كثيرة، ونكف شره عنا. الدوات دار، على طريقة مناكفة المتنافسين، قال: لا، ما نستسلم، لا نستسلم، مو بس هذا، نواجهه، إذا توجهوا إله قوة حتى تصيروا وياه، احنا نوقف قدامها، لا، لازم نقاتل، لازم نواجه، لازم نتحدى، وهذا مو شيء طيب. نكتب إله رسالة شديدة اللهجة، هاي على طريقة العنتريات، اللي بعض العرب يتقنوها، يتصور، أن بالرسالة رح تتغير الأمور، فكتب إله رسالة شديدة، لأن هو أيضا السكرتير، هو الكاتب من القديم، دوات دار، فكتب رسالة فيها: أنه أنت شمفكر بنفسك، تتحدانا، بس نتكلم كلمة، كل العالم الإسلامي يجي يدافع، وراح يسودون عليك النهار، حجي فاضي، أصلا الأيوبيون كان مسيطرين على مصر، ولا تحرك منهم شعرة واحدة، المماليك كانوا مسيطرين على الشام ولا كشوا ذبانة حسب التعبير، وبقي هذا الرجل لوحده، احنا رح نسوي فيك كذا، وأنت تعلم هذي بغداد، هذي بغداد، أي واحد اللي يقرب منها تنطبق عليه السماء، عدنا روايات في مأثورنا أنه: اللي يريد بيها شر، تنخسف بيه، كلام فاضي، وتصور أن هذا، هالحجي مال العجايز، طيب، رح يقنِّع قائد عسكري، تحت ايده ربع مليون، ونصف مليون، جندي ولا يعرف شيئا غير الحرب والقتل وإجراء الدماء عنده، مثل: إسالة كوب ماي على الطريق. هذا الحجي يخوف ناس اللي ما داخلين حرب ولا مجربينها. هذولا المغول ما عندهم شغل في الحياة غير الحرب. طيب. إذا أنت على الأقل عندك شغل ثاني، هذا ما عنده شغل آخر. إذا توقف عن الحرب، ويش يسوي في حياته. فقال له: أنه نكتب هذه الرسالة ونتحداه فيها وإلى آخره.
كتب الرسالة، ووصلت إلى هولاكو، هولاكو قال له: اللي تشوفه في الميدان، هو يصير، ابشر حسب التعبير. وفعلا تحرك هذا الجيش، وكل اللي في الطريق قدامه، بناء على ما كان قد صنعه هولاكو، خريطته كلها، رح يمر على كرمان، والي كرمان، لازم يقدم إله مؤونة الجيش طيلة فترة بقاءه، من أول كرمان، إلى آخرها، ماكل، شارب، نايم، حسب التعبير، هذا الجيش لازم على والي كرمان، أرمينا أيضا، نفس الشيء، فلان منطقة، هم نفس الشيء، وهكذا.
إلى أن وصلوا قريب بغداد، والخليفة لا يزال مع الجارية، عرف والدوات دار لا يزال ضمن عنترياته ويتصور أنه بالكلمات وكذا وبالرسائل رح تخوف المغول، ما رح يجون خلاص، بيولون، سيولون فرارا، وصلوا ولم يعترض طريقهم أحد أبدا. سايبة البلد أصلا، حتى نقل أن بعض من حذر الخليفة، ترى المغول وصلوا على حدود العراق، قال: ما يخالف أنت تكفيني بغداد، وما أظن أنهم يريدون مني بغداد، خل كل العراق غليهم، بس بغداد، بغداد، مو واجد عليهم لو عطوني وياها. وفيها بيتي وحرمي، هذا النص موجود، في التاريخ، قال: تكفيني بغداد، لا يبخلون بها عليه، وفيها بيتي وحرمي، أنا بيتي هني، شيفا يطلعوني منه، هاي عقلية خليفة، بالله عليك. عقلية قائد عسكري، أيضا يواجه جيش جرار، إجو ووصلوا إلى قرب هالمكان، بدأوا برشق السهام، طبعا الدوات دار أغلق الأبواب، كانت مسورة بأبواب، وخلى ناس على الأبراج، وهو طلع الدوات دار، مع فرقة، اللي قدر يجمعهم، بعضهم ذكر خمسة، بعضهم ذكر أكثر، 5000، بعضهم ذكر أكثر من 5000، 5000 آلافا ماذا تكون في مئات الألوف اللي جاي ذاك الصوب، ما يخالف، خل نشوف، فخرج إلى خارج أسوار بغداد، المغول، طبعا هذا رجل مدني، سكرتير، ما إله خبرة في الحرب، والعسكرية، العسكرية يحتاج إليها إما ممارسة وتجربة، وإما علم. هذا لا ما تعلم عسكرية، ولا ممارس، لأن شغلتها كاتب، الآن يجيبوا موظف كاتب في مثلا في دائرة من الدوائر، يعرف يكتب معاريض، تخليه، وزير الدفاع، وقائد جيش، ماذا يصنع؟ هذا هالشكل.
فطلع على رأس العدد الموجود، وجت فرقة من الجيش المغولي، ذولا عندهم طرق، عسكرية مختلفة، فرقة قليلة العدد، مالة أبو ألفين ونص وأكثر وأقل، قربت من عنده، هذولا هاجموه، دوات دار وجيشه، إجا عدد ألفين ونص، الحين ناكلهم أكل، فهاجموه، طبعا هم كانوا مسوين كمين، القسم الأصلي للجيش، كان من الخلف، وكانوا مرتبين بشكل يكونوا هم وراء النهر، وراء نهر دجلة والفرات، فإذا جاء أحد من المهاجمين المسلمين، يكسرون السدود، يغرقون هذولا اللي جايين بالماي، بعدين، يشتغلوا عليهم، هذولا إجا، دوات دار، هذولاك المغول يركضون قدامه، وهو هم يركض وراهم، إلى أن وصلوا شافوا هذول مسوين نصف دائرة ضخمة، ووقعوا في المصيدة، في هالأثناء، فتحوا السدود، كسروها المغول، جرى الماء، فلما جرى الماء، هذي الأرض الطينية، صارت وحل، اللي عنده فرس غاص بالفرس ماله، اللي راجل كان همه بس يطلع رجوله من هنا وهناك، نزلوا المغول إليهم وذبحوهم واحد، واحد، حسب التعبير. هذا يذكر بما قيل، أن: أسد قال إلى، من: شر البلية ما يضحك، قال الأسد إلى أبنائه، أشباله، واللبؤة: تريدوا الليلة العشا مالكم، تروحوا إله، لو توصيل يجيكم؟ قالوا توصيل شلون هذا، قال: أنا أعلمكم، راح إلى قرب النهر، شاف هناك مجموعة من الحمير، طيب، فسوا روحه خايف منهم، هذولا لحقوه، واحد من الحمير، أجرأهم كان، فقال: ما دام هذا هالأسد خواف، خليني أركض وراه لين أقتله، ظل يركض وراه، يركض وراه، إلى أن وصله إلى مكان، زوجته، اللبؤة، وأولاده، جودوه هناك، قال لهم: هذا، هذا العشا التوصيل هنا، ما يحتاج، تروح تركضوا وراه. هذه صارت نفس سالفة الدوات دار، ما يحتاج الجيش أنت تركض وراه، هم يجون إلك، وللأسف هذه العصبية من جهة، وقلة الحكمة والمعرفة من جهة، أنهت الأمر بهذا. طيب أنت أساسا لست عسكريا، طيب، ولست واردا في هذا الأمر، هذا التفرعن، والتعنت، الذي تريد بخمسة آلاف أو سبعة آلاف تواجه إلك جيش جرار، ماذا يعني؟ نفس الكلام تكرر، قبل مدة، لما صار، الاحتلال الأجنبي إلى العراق، ثارت ثائرة البعض، لماذا لا يصدر العلماء الشيعة فتاوى بالجهاد، والقتال ضد المحتل الأجنبي، خل يفتون، وخل تروح أرواح الناس، هذا بالنسبة إله عادي، على طريقة الدوات دار، تماما.
حكمة القائد الديني، حكمة المرجعية الدينية، جنبت هؤلاء الناس، مذابح، ومجازر، ولم يلقوا بهم في هذه المهلكة، "أفلح من نهض بجناح، أو استسلم فاستراح". والآن، يحمد الناس للمرجعية الدينية في العراق، هذا الأمر الذي صنعته بالنسبة إلى المحتلين. المحتل غير موجود، خرج يلملم أغراضه بأقل الخسائر.
هذا الأمر اللي صار، بعده طبعا، لما هذولا تقتلوا، بقى منهم الدوات دار نفسه، انهزم، شرد، وذهب فورا – كما نقلوا – إلى بيته، أخذ أهله، وأخذ ثروته، وركب في سفينة، حتى يقلع بعد، هالسا هذولا راحوا وماتوا، المستعصم، هم مأسور، بجهنم، حسب تعبيره، خل هو يأخذ أهله وأولاده وما أدري ثروته، ويشرد بيها، ركب في سفينة، حتى يهرب، لكن شاف أن هذولا المغولة، أحاطوا بالمدينة، برا ونهرا، فرجع من جديد، لكي يقع في المصيدة مرة أخرى.
وصارت هذه المذبحة، وقتل هؤلاء، وأغلقت الأبواب، صار حصار بغداد، بعضهم يقول: استمر 20 يوم، بعضهم يقول أقل، وبعضهم يقول أكثر، ثم كسرت بعض البوابات وطلب أن يخرج الخليفة العباسي المستعصم، وأولاده، جابوهم، خلوهم عندهم، قالوا له: وجه نداء، إلى كل أحد داخل، بعد لا يقاومنا. فهو وجه نداء أنه لا أحد يقاوم.
ثم قاله: أن توجه نداء أن يطلعوا الناس دفعات دفعات، مو مرة وحدة، فطلعوا هالشكل، ذولا يطلعون من هالصوب، يذبحونهم واحد واحد. حتى لا يصير زحمة، وتصير مشكلة. كل مية نفر يطلعون من بوابة، وهكذا اللي حصل. وصار مئات الألوف فيما ذكروا، من القتلى قتل في بغداد، ثم اقتحمت، وأحرقت فيها المدارس، وأحرقت فيها المساجد، وأحرقت فيها المشاهد، اغتصبت فيها النساء، طيب. لأن شخصا من الأشخاص، ضمن مناكفاته السياسية ومعانداته أراد أن يظهر فد شيء، ما لازم يصير هذا، حتى لو ذهبت كل هالأرواح، وكل هالدماء، وكل هالحضارة اللي دمرت. بس أنا لازم رأيي ما يسقط، رأيي ما يوقع تحت. طيب. وآخر الأمر جاء الدور على نفس المستعصم. أخذوه، هولاكو أخذه، وقاله: تدلينا على الثروة اللي عندك في القصر هنا، وأنت بخير. فراح ودور، أحواض، يقولون، أحواض مملوءة بالذهب مخفية، جنود تسرحوا وتسللوا لأن رواتبهم ما أعطيت، وأحواض من الذهب موجودة، إلمن كنت تدخرها هذي؟ إلمن كنت تبقيها؟ زين. بلدك غرقت بشبر ماء، وعندك هالأموال في قصرك؟ لمن كنت تدخرها، غير ساعتها، الآن يدافعون عنك على الأقل. سوي لك جند، أبو مية ألف، جندي، يدافع عنك، ما يدافع عن البلد. هذا أيضا ما كان يصنعه الخليفة العباسي. بعد ما كشف عن كل مواضع الذهب والأموال، قتل هو وأولاده أيضا. هذي كارثة بكل معاني الكلمة، كانت نتيجة لا لابن العلقمي، الذي كان رأيه من البداية رأيا سديدا، وكان يتأسف ويقول:
كيف يرجى الخلاص في أمر قوم
ضيعوا الحزم فيه أيا ضياع
فمطاع المقال غير سديد
وسديد المقال غير مطاع
الواحد اللي كلامه كلام غلط، تخطيطه تخطيط سيء، يسمع قوله، والشخص اللي كلامه صحيح وسليم، وينتهي إلى سلامة البلد وأهله لا يطاع، وهذا فعلا الذي حدث فيما بعد. للأسف أن هذه الكارثة، التي ارتكبها مثل الدوات دار، ومن كان حوله، يجي بعدين هؤلاء المؤرخون بنفس طائفي، ليبرئوا الخليفة العابث ويبرئوا الدوات دار، المتنافس الذي ضيع البلاد والعباد، لمنافسات مذهبية أو شخصية حتى يحولوها ضمن إطار، شيعي ويعبئون الجو أيضا، جو الأمة من جديد، في تشنج جديد. هذا مما يؤسف له.
وكانت هم قضية تاريخية وانتهت، ككثير من القضايا التاريخية يختلف الناس فيها. لكن خطأ ويبنى عليه تحريض وتعبئة أيضا مستمرة في الأمة، لزيادة الانشقاق بين أبنائها، هذا الذي يؤسف له.
هي الأيام دول والأحداث تذهب وتجيء، والخلافة هذه أو تلك، والحكومة هذه أو تلك، بمقدار ما تتبع سنن الله سبحانه وتعالى، تبقى، فمتى ما خالفت هذه السنن، فشلت، وبغداد تتدمر، ولا يصير أي شيء، قالوا إلى الخليفة العباسي: النجوم راح تتساقط، والسماء ما أدري رح تصير، ورجفة رح تصير، واللي يقتحمها راح يموت. كل شيء ما صار. أي شيء لم يحدث.

مرات العرض: 3442
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2553) حجم الملف: 62223.94 KB
تشغيل:

التشيع من التأسيس إلى نهاية القرن الرابع 13
المذاهب الاسلامية بين التواصل العلمي والقطيعة 17