بوذا هل هو نبي ؟
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 27/9/1437 هـ
تعريف:

بوذا .. هل هو نبي ؟

 

تفريغ نصي الفاضل : سعيد المرزوق 
تصحيح الأخت الفاضلة أم رضا

مقدمة :

" وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۗ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا "    تشير الآية المباركة  إلى حاجة الإنسان إلى الدين ، وأنه  يسعى لتحصيل دين يجيب عن أسئلته المختلفة  , و يعطي فلسفة لحياته ، و مع الإقرار بهذا تحدد الآية المباركة  الدين الأحسن ، الدين الأفضل الذي يلبي الحاجة الفطرية الموجودة في نفس البشر .
    و تُعَّرِفْ هذا الدين بـ "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله" من يعترف بوجود الله و تكون علاقته بالله عز و جل علاقة إسلام و تسليم و خضوع و قبول .و الإسلام أو التسليم هو أرقى درجات الخضوع و القبول ، مع اقتران هذا الإسلام بالإحسان ، أي فيه عمل حسن ، فيه عمل صالح ، فلا يكفي الاعتقاد فقط ، وإنما لابد أن يرافقه عملٌ و هو الإحسان  , وأيضًا لابد أن يكون على منهاج النبوات " واتبع ملة ابراهيم حنيفًا " .                    
     فالدين الأحسن عبارة عن :
# الإعتقاد بالله عز وجل والتسليم له .
# عمل يطابق هذه العقيدة .
# وإحسانٌ من قبل الإنسان .
# و أن يكون ذلك بنفس الطريقة التي جاءت بها النبوات و في طليعتهم أبو الأنبياء و واضع أسس التوحيد إبراهيم عليه السلام.

افتتحنا الحديث بهذه الآية المباركة  كي نشير إلى أن قسمًا من الناس في ضمن سعيهم لتلبية الحاجة إلى التدين ، سلكوا طرقاً خاطئةً أو ناقصةً ، و ما ذلك إلا لأنهم  يريدون أن يشبعوا هذه الحاجة ، غير أنهم لم يهتدوا إلى الدين الأحسن و الصراط الأقوم  و الذي نعتقد أنه ديانة السماء و ما جاء به الأنبياء و في هذا الزمان دين سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

الديانة البوذية :
من ضمن الديانات الموجودة في عالم اليوم و التي هي ليست ذات كتاب سماوي و لا نبي مرسل : الديانة البوذية.البوذية نسبة إلى بوذا , و يعني المستنير أو المتنور أو المتفتح ، هؤلاء يقدّر عددهم اليوم - وهو عدد كبير- بما يقارب  400 مليون بوذي في العالم ، في الهند -عدد هائل - , في الصين ، في الكوريتين  وفي اليابان توجد  نسبة ، و في الدول الغربية أيضًا هناك أتباع لهذه الطريقة .    
 لو أردنا أن نتحدث عن مؤسسها ، نقول في البداية أن (بوذا) ليس نبيًا على التحقيق , و إن كان بعض الكتّاب المسلمين المعاصرين قد ذكروا عنه أنه نبي الهند و أنه بُعث من قبل السماء إلا أن هذه الكتابات لم تقم أي دليل يثبت اتصاله بالسماء، و مجرد كونه قد جاء بتعاليم أخلاقية تشابه التعاليم الموجودة في سائر الديانات من الإبراهيمية و اليهودية ، لا يدل على أن (بوذا)  نبي من الأنبياء  متأخرًا عنهم  وجاء مبشَّرًا بها  , وجاء بها متأخرًا عنهم . 
     فإن هذه التعاليم الأخلاقية هي مما تدعوا إليه الفطرة السليمة و العقول السليمة ، فلا يلزم أن من يقول بقبح الكذب أن يكون نبيًا  ، ولا يلزم أن من يحكم بقبح القتل من غير استيجاب أن يحكم به الأنبياء فقط  ، فالكذب قبيح , وقتل الآخرين عمدًا من غير نفس أو فساد في الأرض ، أيضًا  من الأمور القبيحة . فضلًا عن أن (بوذا ) سبقه عدد من الأنبياء مثل النبي موسى بن عمران  عليه السلام .

من هو (بوذا) :
 المعروف بين أصحاب هذه الديانة – البوذية -  أن بوذا ظهر في الهند ،  قبل ألف سنة  من ميلاد النبي عيسى بن مريم عليهما السلام ، أي أنه يفصلنا عنه حوالي 3 آلاف سنة .
   و كان في أول أمره رجلًا غنيًا ثريًا متزوجًا وعنده طفل أيضًا , و يعيش عيشة مرفهة إلى أن بلغ الثلاثين من عمره ، غيّر نمط حياته فترك أسرته و ما يملكه من مال ورفاه ,  و خرج عنها مترهبًا  في أسمال بالية يخلو بنفسه باتجاه الغابات و الصحراء .
       دعا جماعة للالتحاق به فلم يقبلوا  , وواصل طريقته خمس أو سبع سنوا- على بعض الأقوال-  و في هذه الفترة مارس رياضات مختلفة وأعمال شاقة جدًا مثل  أن يطوي جائعًا أكثر من يوم بدون أن يأكل , أو أن ينام في البرد القارس من دون غطاء أو ما  شابه  ذلك .
 وأمثال هذه الأمور التي توجد إلى الآن عند كثير من المرتاضين -أصحاب الرياضات- الذين يعتقدون أنه عندما يتم إتعاب البدن تشرق الروح و تصفو النفس ، بل لقد تسلل هذا المنهج إلى بعض المسلمين أيضاً فسموه تسميات مختلفة .

الطريقة البوذية من وجهة النظر الإسلامية :
     هذا المنهج المتسلل من الرياضات الهندية هو مذموم عندنا غالبًا وغير مرحب به من علمائنا و لسان حالهم  "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن" ، الإسلام فيه الأحسن و الأفضل وأنت تستورد أمورًا ليست حسنةً من مناهج أخرى.إن أردت رياضات شرعية فالصوم مشروع طوال العام – سواء واجب او مستحب -، وإن أردت إتعاب بدنك ؛ أتعبه في عبادة الله عز و جل ،  كقيام الليل , و إن أردت الصلة بالله فلديك المناجاة و الدعاء فعندك مثلًا كتاب مفاتيح الجنان الذي هو من الكتب الموثوقة و مؤلفه محدث ثقة .
 و لو كان خيرًا، ما سبقونا إليه، لو كانت هذه الطريقة طريقة حسنة لسبقهم إليها أهل البيت سلام الله عليهم غير أننا لا نجد أحدًا من أهل البيت عليهم السلام  سلك هذا الطريق و لا استحسن سلوكه من أحد من أصحابه ، و عندما كانوا يسمعون عن بعض الصوفية هذه الأمور كانوا يذمونهم و يشنعون عليهم ، ليس لعداء شخصي و إنما لأجلِ ألاَّ ينحرف المسار على أي حال.

 النتائج التي توصل إليها بوذا :
 كان بوذا يمارس هذه الرياضات المختلفة و يتعب نفسه و يجهد بدنه   وقام بأمور مختلفة  القصد منها قهر البدن و تحطيم شهواته ورغباته - لتقوى الروح و تصفو النفس كما يزعمون - و بعد سبع سنوات من هذه الممارسات , فكّر: ما هو سر السعادة في الحياة ؟ وقال أنه لابد أن نعرف سر الشقاء ، ما هو سر الشقاء؟ فإذا عرف أحدهم هذا السر و اجتنبه فسيصبح لديه سر السعادة.  توصل (بوذا)  إلى أن سر الشقاء هو الجري وراء اللذة و الشهوة , إذا جرى الانسان وراء الملذات يشقى و يتعب ، بقدر ما يعمل و بقدر ما يستدين حتى يتنعم بسيارة حديثة، و لكنه بعد ذلك يشقى بالديون التي تلاحقه إلى آخر حياته , سر الشقاء هنا هو حرصه على لذة تلك السيارة، و يشقى أيضًا عندما يحرص على جمع الملابس وغير ذلك , ثم يتورط في تسديد أقساطها أو يتعب نفسه في العمل حتى يتمكن من جني المال لها ، ففي الواقع أن لذة اللباس نهار واحد قد تكلف الانسان شقاء شهرٍ كاملٍ من العمل و التعب . 
            إذن فسّر الشقاء بأنه : إتباع الملذات والشهوات ، فإذا كسر الإنسان هذه الشهوة انتهى إلى السعادة , هذا الكلام معقول ، و لكنه موجود بنحو أجمل و أفضل و أكثر تفصيلًا و أكثر استدلالا في القرآن الكريم وفي روايات أهل البيت عليهم السلام ؛ عندما يتحول الإنسان إلى عبدِ لهواه " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه "  ، فيتبع (هواه) حتى يصل إلى درجة عبادة المال، عبادة الشهوة، عبادة النساء ، عبادة السيارة، إلى غير ذلك، فيكون ذلك هو القائد له فتتحول حياته إلى جحيم .     بعضهم  يصل مدخوله إلى عشرين ألفًا , وزوجته تقبض نصف هذا المبلغ , و مع ذلك تتراكم عليهم القروض و الديون، و بعض آخر قد يكون راتبه خمسة آلاف ؛ ومع ذلك عنده يقول الحمد لله رب العالمين أمورنا مرتبة .  فالإنسان إذا ذهب وراء شهواته هذه الشهوة لن تنتهي وسف يطلب المزيد ، فهذه السيارة التي كلفت مائة ألف في الشهر الأول متعة ، و لكن بعد شهرين لا تكون متعة، فتفكر بسيارة أخرى تكلف مائة و خمسين ألفًا ، وهكذا، (...و لا يملأ ابن آدم إلا التراب)  .

 فهذه الأفكار موجودة في الديانات وموجودة بالنحو الأفضل والأحسن في الإسلام  "ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله" ، لكن (بوذا) أتى  ,واكتشف هذا السر- حسب ما يقولون- ، وعاد و معه قائمة بالوصايا الأخلاقية.

لا توحيد ولا معاد في ديانة (بوذا ) !! 
يلاحظ أن (بوذا) لا شأن له بأمرين، لا شأن له بالمبدأ، أي أن الكون من أي جاء؟ أو من الذي جاء به؟  ، ولا بالمعاد أي  أين يذهب الإنسان بعد مماته؟ 
   فلا تجد عند (بوذا) إجابه ، حتى قيل أن بعض تلامذته سأله أنه بعد أن يموت الإنسان و يرحل من هذه الدنيا ، ماذا يحدث و ما هو مصيره؟  الجواب  : يجب عليك أن تعمل على تحسين أخلاقك و أوضاعك في هذه الدنيا ، فلا شأن لك في ما بعد هذا.                            
    وأما قضية الجنة والنار و المصير الأخروي ، فهذا غير موجود أصلًا في موضوع الفلسفة البوذية ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الخالق و أنه من خلق هذا الكون؟ هل هو إله واحد كما عليه الديانات السماوية؟ أو هما خالقان كما عليه الثانوية؟ أو هم ثلاثة كما عليه عقيدة التثليث؟ أو هم أرباب متفرقون كما عليه عبدة الأصنام؟ كل هذه التساؤلات لا تجد عند (بوذا ) جواب عليها كان توجهه فقط  - كما يذكر الدارسين - في ما يرتبط بالتنظيم الأخلاقي لحياة البشر في هذه الدنيا ، و هذا من الأمور التي تؤكد عدم نبوته ، لماذا؟ لأن أول و أهم قضية  عند الأنبياء هي المبدأ والمعاد و من ثَمَّ ما بينهما. المبدأ ما هو؟ من الخالق؟  كيف نعبده ؟ وعن يوم القيامة  , هذان و ما يترتب عليهما، ما دام الله خلقك و سوف تحاسب بعد الموت في يوم الحشر ؛ يلزمك أن تعمل حُسنًا وتتزود من هذه الدنيا. بوذا لا يملك جواباً لا عن المبدأ و لا عن الختام و هذا مما يؤكد عدم كونه نبيًا.

 وصايا ( بوذا ) العشر :
عاد (بوذا) وأتى بعشر وصايا مشهورةٌ عنده، خمس وصايا لعامة الناس، و خمس وصايا خاصة للكهنة ورجال الدين الذين من المفترض أنهم من أتباعه.  الوصايا الخمس العامة  كلها وزيادة عليها عشر آيات موجودة في سورة الإسراء، " و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق"   و لك أن تبدأ من هناك.  يقول(بوذا) في هذه الوصايا : لا تقتل ، لا تسرق ، لا تزني ، لا تكذب ، لا تتناول المخدر و السم .المخدر في ذلك الوقت ، هو نفسه ذلك النبات المعروف - إلى الآن تستخرج المخدرات من النباتات و تجري عليها عمليات  ليتم تناولها وبيعها – والمخدرات محرمة في الإسلام و يعاقب عليها شاريها و مسوقها , ومن أصابه الضرر منها ؛ يعاقب من قبل الله  لأنه أضر بنفسه فيما لم يكن مأذوناً فيه ، و أما المروِّج والتاجر فعقابه عقاب من يدمر المجتمع.                                            
    هذه خمس وصايا تقبلها بلا ريب أي فطرة إنسانية ، و هذه الوصايا موجودة في الديانات الأخرى  , و لذلك يحتمل  احتمالًا قويًا ؛ أن يكون (بوذا) قد اطلع عليها في سائر الديانات و لا سيما في الديانة اليهودية التي سبقت مجيئه - لانهم يقولون أنه ظهرقبل ألف سنة قبل الميلاد و بعضهم يقول سبعمائة سنة قبل الميلاد-  فإما أن يكون قد اطلع على اليهودية  ,و عادةً من يكون لديه توجهات من هذا النوع يطلع على هذه الكتب ، أو أنه وصل إليها بفطرته , و أي انسان عاقل حكيم يتوصل إلى أن القتل أمر قبيح و مذموم ، و السرقة  والكذب كذلك  ، و لكن هذه الوصايا الخمس لا يمكن أن تشكل ديانةً , و لهذا نتعجب كيف يتخذها قسمٌ من الناس ديانةً مع وجود الديانات السماوية التي فيها أمور تفصيلية أكثر , و بشكل أوضح.                                        
       خمس وصايا أخرى هي للكهنة ورجال الدين عندهم ، فالكاهن البوذي له خمس وصايا خاصة منها :
كل باعتدال و لا تأكل بعد منتصف النهار  , كل في الصباح و قبل منتصف النهار و لكن باعتدال ، أما من منتصف النهار فصاعدًا فلا تأكل حتى اليوم الذي يليه .
 ولا تحضر حفلات الرقص و الغناء  ، أيضا كان عندهم في بعض المجتمعات غناءٌ و رقص و ما شابه ذلك، فرجال الدين لا ينبغي أن يحضروا هذه الحفلات.  و لا تستعمل الزينة و العطور , فالزينة و العطور هي للنساء ، أو للرجال العاديين أما رجل الدين البوذي فلا يستعمل زينة و لا عطور، عندما نلاحظ صورهم غالبًا يلبسون مثل الإحرام أو الرداء و يظهرون قسمًا من أبدانهم وعادةً يكون اللون برتقاليًا، و لا يستخدمون بناءً على ذلك العطور. و لا تستخدم الأسرة المرتفعة , أنت أيها الكاهن البوذي لابد أن تنام على الأرض.
 و لا تَقبَل الذهب و الفضة ، و بالتالي لا يمكن أن تستخدم النقود , وإنما عليك أن تستبدل هذا بأمر آخر كالمقايضة مثلا .
     هذه العقائد و التوصيات الأخلاقية التي جاء بها  دعا إليها جماعة فاستجاب  له عشرة تلاميذ اقتنعوا بأفكاره  , و بدأوا يبثونها بين الناس ، ثم بقي إلى أن مات في الثمانين من عمره.
 وقد انتشرت هذه الحالة أو الديانة البوذية بين الهنود باعتبارها تعاليم أخلاقية  .

انتشار الديانة البوذية في العالم :
 استمر هذا الأمر في مسار طبيعي حدود أربعمائة سنة قبل الميلاد ، إلى أن  تبنى أحد الملوك في الامبراطورية الهندية  الديانة البوذية بشكل كبير جدًا , وأصبح يجبر الناس على الإيمان بها , فلابد للكل أن يؤمن بها  , ولا يوجد إلا توصيات (بوذا) , و بدأ يبشر بها و يرسل إلى سائر الأماكن المجاورة  فانتشرت البوذية في الصين ، والكوريتين ، واليابان في فترة من الزمان إلى أن جاءت أديان أخرى ، و لكن انتشرت البوذية بينهم بمقدار معين.
 وهكذا انتشرت في العصور الحديثة في أوروبا و العالم الجديد ، يصل عددهم كما يقدرون بأربعمائة مليون ولا يمكن التوثق من هذه الإحصائيات بطبيعة الحال. بعد الفترة التي تبنى فيها هذا الامبراطور الديانة البوذية أُضيفت إلى هذه الديانة إضافات زائدة بعدما أن كانت مجموعة وصايا أخلاقية و أن (بوذا) كان رجلًا عاديًا متزوجًا و منجبًا وأنه كان يعيش حياة مرفهة ثم ترك كل ذلك ....... تغيرت المسألة ليُصبَغَ صبغةً إلهية ، فقالوا أن هذا ليس شخصًا عاديًا، و إنما هو شخص فيه نفحةٌ من السماء، نفحة إلهية.    يقول بعض الباحثين  أن هذا الامر استعارةٌ من المسيحية ، عندما رأوا  المسيحيين يتحدثون عن عيسى بن مريم و يقولون أنه نصف إله أو ثلث إله من السماء و بعضهم قال هو الله ، فهؤلاء البوذيين استوردوا نفس الفكرة إلى (بوذا) ، و تُفسر بعض الصور الموجودة في الهند و أماكن أخرى بأن (بوذا) قد كان في السماء قبل أن يولد و كان على صورة فيل أبيض صغير ,ورب السماء أنزله إلى رحم أمه , و من هناك خرج بهذه الصورة الجديدة ، و لعلك إذا ذهبت إلى الهند و بعض الأماكن البوذية ترى عادةً صورة فيل أبيض، فهذا فيه رمزية إلى هذه الأسطورة أو القضية، فأصبح لديه جانب إلهي تطور أكثر فأكثر إلى أن اعتقد بعضهم أنه هو الله  , و ما دام هو الله و هو ليس موجودٌ بيننا فلنصنع له تمثالًا حتى نقدسه و نكرمه و نعبده ، و من هنا جاءت فكرة التماثيل لبوذا في كل مكان . هذه فكرة عامة عن هذا المنهج أو هذه الديانة. 

النظرة الإسلامية للديانة البوذية وأتباعها :
يكاد يكون إجماع علماء المسلمين من أتباع مدرسة الخلفاء ,وأتباع مدرسة أهل البيت (ع) على اعتبار أن البوذية ليست ديانة سماوية  ,و أن (بوذا) ليس نبيًا .
    إلا ما قاله بعض المثقفين كما ذكرنا ، وهؤلاء لم يستدلوا في كتابتهم أو دراستهم بأي إشارة أو قرينة تدعم هذا الادعاء إلا أن (بوذا) جاء بنصائح وحكم , و دعا الناس إلى الالتزام بها , وهذا كما نوهنا سابقًا  ليس دليلًا على أن الديانة البوذية هي ديانة سماوية و لا أن (بوذا)  نبي سماوي .

هل البوذي نجس:                                                                                                         
   فلذلك  الرأي القوي عند غير أتباع مدرسة أهل البيت (ع) وغير أتباع مدرسة الخلفاء، عمومًا أن الكافر نجاسته نجاسة معنوية , وليس نجاسة خارجية ، أي نوع من القذارة مثل الجنابة .
 فالإنسان عندما يكون جُنُبًا هو ليس طاهر ، فإذا لمس الجُنُب بيده شخصاً آخر ويده فيها أثر السائل المنوي  يتنجس الشخص الآخر . كذلك المرأة الحائض ليست في حالة طهارة، لا تستطيع أن تصلي أو تصوم، و لكن لو لامست زوجها بيدها و فيها رطوبة أو ابنها برطوبة فلا يتنجس .
 أتباع مدرسة الخلفاء يقولون أن نجاسة الكافر هي من هذا النوع، هي عبارة عن قذارة داخلية ناتجة عن الكفر بالله , وعن جحوده و عدم الإيمان به لكنها لا تنتقل إلى الآخرين مثل حالة الجُنُب و الحائض و النفساء، و هؤلاء و إن كانوا طاهرين بهذا المعنى إلا أنهم ليسوا نجسين نجاسة تنتقل إلى الآخرين لا تنتقل النجاسة إلى غيرهم، هكذا  حكم الكافر عندهم.

    أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام يقولون أن الكافر غير أهل الكتاب  و منهم البوذيون، هؤلاء ليسوا طاهرين و إنما هم نجسون و حكمهم حكم سائر النجاسات.
مثلا ( البول) سائل يخرج من الانسان حكمه شرعًا ( نجس ) ، فإذا لمسه الإنسان بيده مثلا تتنجس يده , و لابد من تطهيرها ، وهكذا أيضا بالنسبة إلى سائر النجاسات .
( الدم ) أيضًا  و إن كان يجري في عروق الإنسان إلا أنه إذا خرج إلى الخارج و تمت ملامسته أصبح الملامس له نجسًا , ووجب تطهير الجزء الذي لامسه .
( الكافر) هو من هذا القبيل، نجاسته نجاسة يمكن أن تنتقل إذا صارت الملامسة برطوبة - هذا في غير أهل الكتاب , في غير المسيحي أو اليهودي أو الصابئي كما ذكرنا -  ، فيعاملون البوذيين معاملة الكافر باعتبار أنهم ليسوا طاهرين و لا يجوز النكاح منهم  , و لا يسمح لهم في الدولة الإسلامية بإظهار عقائدهم  , و دينهم هو عين الكفر بالله و الشرك به و هذه من أحكام الكفار . وعند مدرسة الخلفاء أيضًا تنطبق هذه الأحكام عليهم باستثناء قضية الطهارة فهم يقولون هي نجاسة داخلية وليست خارجية .

معاملة البوذيين للمسلمين  :
 يفترض أن البوذية ديانة و إن كانت غير سماوية إلا أنها ديانة توجيهاتها توجيهات أخلاقية، كما ذكرنا أنها تمنع الاعتداء على الطبيعة وتمنع الاعتداء على الآخرين و حتى الإعتداء على الحيوان ، و لكن ما رأيناه و سمعناه و جاءت به الأخبار من ممارسات البوذيين بل كهنة البوذيين أمر مخالف لهذا تمامًا , فيما يجري في بورما مع المسلمين - مسلمين الروهينجا -
       يقول البعض : وصل الإسلام إلى بورما منذ زمن المأمون العباسي و هو زمان الإمام الرضا عليه سلام يعني سنة مئتين و ثلاثة ، قبل ألف و مئتين سنة تقريبًا  , والبعض الآخر يقول أن الاسلام وصل إلى بورما قبل سبعمائة سنة ، و سواءً هذا القول صحيح  أم ذاك  فالمسلمون  عددهم كبير في هذا البلد ؛ وجودهم يمتد على الأقل إلى سبعمائة سنة، أرضهم، بلدهم ، أجدادهم ,على الأقل تسعة أو عشرة أجيال عاشت في هذه المنطقة .
الأكثرية الموجودة في هذه المنطقة أكثرية بوذية  , مثل منطقة بورما و النيبال و تلك الأماكن مثل التبت و الصين و تايلاند كلها فيها أكثريات بوذية ، مارسوا مع المسلمين ممارسات لا تنتمي أبداً إلى أي مبدأ أخلاقي، من السبعينات الميلادية إلى الآن , أي قبل  خمسين سنة تقريبًا أو أقل من الزمان ، مارس البوذيون مع المسلمين أفعالًا في غاية الشناعة ، فبدأوا أولًا بالتميز الديني، فأجبروا المسلمين على أكل لحم الخنزير، واعترضوا على اللحم الحلال فهم يأنفون من ذبح البقر و يذبحون البشر!!!   هل هذا مبدأ أخلاقي؟! هل الدفاع عن حيوان أذن الله في أكله ليقتات به الإنسان دفاعًا يتطلب أن يُقتل إنسان لأجله ؟!!   بدأ الأمر هكذا، فدسوا إليهم مرشدين و كهنة بوذيين يعلمون أبنائهم و يحاولون معهم .
هذا الذي عنده الإسلام و عنده نور محمد-ص-، هل يعقل أن يترك هذه العقيدة و يذهب إلى عقيدة بها أن يكون في السماء فيلٌ أبيض أُنزل إلى رحم امرأة و خرج منه و أتى بعشر وصايا أخلاقية و الآن يطبقون عكسها؟ أين هذا و أين (جئتكم بالحنيفية السمحة السهلة )  و "و من أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله و هو محسن و اتبع ملة ابراهيم حنفيا"  ، لم يقبل المسلمون هذه (البوذية) و عندما لم يقبلوا مورس تجاههم قضية التهجير، في تلك الفترات هُجّر من بورما إلى خارجها أكثر من مائة و أربعين ألف مسلم، بعضهم عندنا هنا في البلاد الذين يسمونهم البرماويين فهم من بورما، فهناك من غرق في البحر و هناك من وجد منفذًا أو شبرًا في أرض الله أو الذين ماتوا على الحدود , أوعاشوا في مخيمات اللاجئين الضخمة الموجودة على الحدود التايلندية أو البورمية أو النيبالية , وهؤلاء ليس لهم مكان في هذه البلاد ، أنت لست مواطنًا في هذه البلاد ، و هذه هي مشكلة سحب الجنسية و معنى ذلك أن الإنسان تُسلب منه حقوقه ، اذهب و ابحث عن أي دولة أخرى تتصدق عليك بورقة الجنسية , حتى تستطيع العيش فيها ، فهذا هو حقد الإنسان على الإنسان و ظلم الإنسان للإنسان و قسوته إلى أين تصل ؟!!  من أتباع ديانة  يفترض أن جوهرها دعوة أخلاقية.
في سنة سبعة و تسعين ميلادية تسربت شائعة ؛ أن مسلمًا اغتصب فتاة بوذية بورمية ، فانطلقت هذه الغرائز الحيوانية البغيضة , واغتصبت النساء المسلمات و قتل الأطفال و ذبح الشيوخ و حصلت مجارز، و تبين فيما بعد أنها كذبة ليس لها  أساس ، و لكن بعد ماذا؟ بعد أن أخذت السيوف مأخذها و الانتهاكات الجنسية مأخذها , و الهروب و التهجير مأخذه، و هذه من الصفحات السوداء في تاريخ البشر و إلى الآن لا تزال حالة المسلمين في أسوأ الحالات هناك و لا نملك إلا أن نقول اللهم عجل في فرج وليّك و أزل الظلم , فنحن نعيش ما بين أمة و جماعات من ذاك الطرف حاقدة  , و أمة متخاذلة أو مشغولة بنفسها ، فأي جرح تداوي و أي مكان تطبب، كل مكان من هذا الجسم الإنساني هو ينزف، ينزف من الغريب و أحيانًا أكثر من القريب ، فكم سكين لابد أن تنزع؟
 لا يملك الإنسان إلا أن يتوجه إلى الله عز وجل فهو من يدبر الأمر ، هو من يغير الظلم و هو من يمنع الفساد و هو على كل شيء قدير. هذا الإنسان العادي عاجز و غير قادر و الأمور ليست بيده " ألا إلى الله تصير الأمور"  فنسأل الله سبحانه و تعالى أن يتفضل على هؤلاء المسلمين و على غيرهم من مسلمي العالم بالفرج، بتعجيل فرج آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين .

 

مرات العرض: 3730
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2560) حجم الملف: 55613.46 KB
تشغيل:

المجوس هل هم أهل كتاب سماوي ؟
الهندوسية : التناسخ ووحدة الوجود والتثليث