نساء خالدات في الأديان السماوية
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 11/9/1437 هـ
تعريف:

11- نساء خالدات في الأديان السماوية


تفريغ نصي الفاضل علي جعفر الجمريّ


روي عن سيدنا ومولانا رسول الله ص أنه قال :
"سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ)، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَآسِيَةُ".
حديثنا بإذن الله تعالى يتناول شيئاً عن حياة نساء خالدات تنتمي أو ينتمين إلى الأديان السماوية الثلاث "اليهودية والمسيحية والإسلام" ، هذا منعدمة الحديث أن سيدات نساء الجنة أربع ورد في مصادر مدرسة الخلفاء في "مسند أحمد وفي مستدرك الحاكم وفي سنن الترمذي وفي غيرها من المصادر" وأما في مصادر الإمامية فقل أن يخلو كتاب في فضائل فاطمة أو خديجة من هذا الحديث وأمثاله ، مما يجعل الحاجة إلى الكلام في سنده منعدمةً بل ورد في عبارات أُخَر أيضاً تنتهي إلى قضية التفضيل والتمييز لهذه النسوة الأربع مثل "كمل من الرجال كثير وكمل من النساء أربع" وعد هذه النساء من جملة الكاملات أو في تعبير ثالث "حسبك من نساء العالمين أربع" وجاء بهذه الأسماء المباركة وفي نص رابع "أفضل النساء أربع" وجاء بهذا النص بهذه الأسماء .
 في ما بين هذه النساء لا ريب أن هناك تفاضلا أيضا هن أفضل النساء هن سيدات النساء ولكن في ما بينهن أيضا يوجد تفاضل عندنا الإمامية وعند كثير من المسلمين أن أفضل هذه النساء الأربع هي "فاطمة بنت رسول الله ص" حيث أنها سيدة نساء العالمين ولا يعبأ بما قام به بعضهم من تشغيب وتوقف في الأمر بدوافع غير علمية في ما نحسبها عندما بدأ يقارن بين فاطمة وبين مريم بنت عمران وقال : "أن القرآن الكريم قد فضل مريم على نساء العالمين فيقتضي أن تكون هي أفضل الأربع" هذا الكلام غير صحيح .
أولا : لما قاله أئمتنا عليهم السلام في أحاديث عزوا بعضها إلى رسول الله ص من أن مريم كانت سيدة نساء عالمها وربما ما قبله ، وأما فاطمة فهي سيدة نساء العالمين على الإطلاق ويستفاد أيضا لو أريد المناقشة من آيات القرآن الكريم هذا المعني بأن التفضيل الوارد لمريم إنما كان بالقياس إلى عالمها لا لكل العوالم ، من أين نستفيد ذلك ؟ نستفيده من أن القرآن الكريم أيضا فضل بني إسرائيل على العالمين " اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ" بنفس التعبير ، فإذا كان في حق مريم التفضيل تفضيلا على العالمين من متقدمين ومتأخرين فيقتضي أن يكون التفضيل لبني إسرائيل كذلك والحال أنهم قطعا ليسوا أفضل من هذه الأمة المرحومة ، أمة بني إسرائيل لا تفضل على أمة رسول الله ص وهذا باتفاق المسلمين جميعاً مع أن النفس نفس النص كما هناك قال بالنسبة إلى مريم "وفضلك على نساء العالمين" هناك أيضا "وأني فضلتكم على العالمين" فإما أن يكون التفضيل على كل العالمين ومعنى ذلك أن بني إسرائيل أفضل من هذه الأمة ولا أحد يلتزم بذلك أو أن يكون وهو الصحيح التفضيل قياساً إلى ذلك العالم أو ما سبقه دون من بعده ، فلا ينافي تفضيل مريم على نساء عالمها بل على من سبقها لا ينافي أن تكون أقل فضلا بالقياس إلى فاطمة التي هي مفضلة على نساء العالمين جميعا وأن النبي الذي قال هذا الكلام هو آخر الأنبياء فهو ناظر إلى كل العوالم ، تكون فاطمة أفضل من الجميع فتكون فاطمة أفضل من جميع نساء العالمين ، وهذا كأنه متسالم عليه بين أكثر المسلمين لو لم يكن هناك بعض المشغبين من أتباع الخط الأموي الذين لا يروق لهم أن يكون لأهل البيت بل لخديجة كما سيأتي الحديث فضل إضافي يحسب في حسابهم ، وإنما يريدون تسوية هؤلاء بغيرهم من البشر .
ثانيا : هذه الأحاديث تشير أيضا إلى أن في كل دين من الأديان السماوية كما يوجد قدوات في القمة من الرجال يوجد كذلك مثل عليا من النساء وأن المرأة في كل زمان عاشت فيه لا ينبغي أن تكتفي بالدون من المراتب ، وإنما ينبغي أن تتطلع إلى هذه المثل العليا والنماذج المتقدمة مع ملاحظة التشابه بينها وبينهم ، يعني لو جعلت مثلا رجل قدوة لمرأة لربما البعض من النساء تقول : "الرجال يختلفون قدراتهم الجسدية مختلفة قدراتهم العقلية مختلفة الضغوطات التي تواجه النساء عن الضغوطات التي تواجه الرجال فلا يمكن لي أن أقتدي بالرجل في كل أموره" ، الدين يأتي ويقول "هذه امرأة مثلها مثلك تواجه نفس الضغوط لها مثل البدن والطاقات ومع ذلك وصلت إلى أن تكون سيدة نساء الجنة وصلت إلى مستوى الكمال وصلت إلى مستوى الأفضل والفضلى" وآنئذ الإحتجاج يكون أبلغ ، ينبغي أن نشير إلى نقطة وأنه يفترض أن يكون جامع بين هذه الأسماء لا تجتمع الأسماء في حكم واحد إلا بأن يكون بينها جامع متصور ، ولذلك يقولون مثلا عندما تقول إلى شخص أنه أي الفواكه أحسن البرتقال أو الموز أو التفاح ؟ يقول لك هذا سؤال محير ! في ماذا أحسن في جمال اللون ؟ فإذاً الجامع اللون ، أو في الطعم أو في الإشباع أو في العناصر الغذائية لا بد أن تعين جهة يشترك فيها هذه العناصر.

ما هي الجهة التي تشترك فيها هذه الأسماء المباركة مع ملاحظة البعد الزماني البعيد بينهن ؟
بين مثلا آسيا بن مزاحم التي ربما تكون عاشت في سنة ألف وثلاثمئة قبل الميلاد ، يعني حوالي ثلاثة آلاف ثلاثمئة سنة من زماننا تقريباً وبين مريم بنت عمران التي عاشت بحدود سنة عشرين أو خمسة عشر قبل الميلاد يعني بيننا وبينها حوالي ألفين وثلاثين سنة وتبعد عن آسيا بمقدار كبير وبين فاطمة وخديجة اللاتي كن في حوالي سنة ستمئة للميلاد يعني بيننا وبينهم مثلا حدود ألف وثلاثمئة وأربعين أو خمسين سنة هذه الفترات الزمنية لا تكون جامعة ، أن يكن على علاقة نسبية أو سببية بنبي من الأنبياء هذا محتمل ؛ ولكن آسيا لم تكن على علاقة بهذا المعنى ، صحيح خديجة زوجة ، فاطمة بنت ، مريم أم لنبي من الأنبياء ؛ لكن آسيا هكذا من الناحية النسبية ولا من الناحية السببية الزوجية لذلك قال بعض العلماء أن الجامع المشترك بين هذه الأسماء هو موضوع "الدفاع عن حجة الله في ذلك الزمان دفاعا منقطع النظير" ، كل واحد إذا يلحظ حياة هذه النسوة يجد فيها عنصر الدفاع القوي عن حجة الله نبيا أو وصيا في ذلك الزمان بحيث شكلت كل واحد منهن السبب المادي المباشر لبقائه ونجاته واستمراره ، لا نتحدث عن العامل الغيبي وهو الله سبحانه وتعالى وتدبيره هذا العامل الأساسي ، وإنما نتكلم عن العامل المادي المباشر لو فرضنا أن آسية مثلا لم تكن في تلك اللحظة التي التقط فيها موسى بن عمران ولم تصر على فرعون بأن "يتخذاه ولدا "ولم تدافع عنه في صباه من طيش فرعون وعزمه المتكرر على قتله ربما كانت الأمور لا تجري بالنحو الذي جرت عليه ، وهكذا بالنسبة إلى مريم التي تحملت أعظم ما تتحمله إمراة عفيفة شريفة وهو الإتهام لها بالزنا والسفاح ولكن تتحمل هذا من أجل أن يبقى نبي الله وأن تحافظ عليه طلة هذه الحياة ، وهكذا الحال بالنسبة إلى خديجة بالنسبة إلى رسول الله محمد ص وأما فاطمة ع فيكفيها أن كما قلنا "سيدة نساء العالمين" وأن الله سبحانها وتعالى جعل ذرية النبي ص منحصرة في طريق فاطمة ع من خديجة ع ، ولولا فاطمة لتحققت نبؤة الكافرين من أن هذا النبي سيكون "أبتر" والعياذ بالله وهذه الخيرات والبركات التي نجدها في الأمة الإسلامية من مراجع دينيين وعلماء وباحثين ورجال خدمة للدين والمجتمع قسم كبير من هؤلاء هو من ذرية هذا الكوثر النبوي فاطمة ع ،"الحديث إذا أريد التفصيل يتحدث فيه عادة في أيام الفاطمية ولدينا عدد من المحاضرات في هذا الجانب" فاطمة أعظم شأنا من أن يحيط بها محاضرة أو ساعة أو يوم .

"نبدأ بآسيا بنت مزاحم"
 آسيا الملكة الشهيدة أول نموذج في ما نعلم في تاريخ الأديان ملكة من الملكات شهيدة الديانة والإيمان ، أصلها كما يقول باحثون تاريخيون كانت من بني إسرائيل ولم تكن من الأقباط ولكنها كان على درجة كبيرة من الجمال فرغب فيها فرعون وبالرغم من تردد والدها في ذلك إلا أنه اضطر للرضوخ لإرادة هذا الملك الذي لم يكن يعرف شيئا اسمه الرفض ، لابد أن تقبل فكان أن تزوجها فرعون وواحد من جهات تفسير "يَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ" في هذه الإتجاهات كان فرعون يذبح أبنائهم ولكن يستحيي نسائهم الجميلات منهن في هذا السبيل بالتالي كن يذهبن في قضية الزواج وما يشبهه ، تزوجها فرعون وكانت هذه المرأة في ما نقلوا من أسباط بني إسرائيل بعضهم نسبها أيضا إلى لاوي الذي ذكرنا أن هذا السبط منه كان فيه الأنبياء وكان فيه الأوصياء وكان فيه المرجعية الدينية وكان فيه أيضا الصالحون الذين يخدمون المعبد ، ومثل الكلام أيضا في والدة مريم بنت عمران مثل الكلام هناك أيضا جاري في النسب ، من الطبيعي أن تكون متأثرة بطريقة آبائها وديانتهم في معرفة الله عز وجل وفي الإيمان ، لما فرعون أعلن أنه ربهم الأعلى كما زعم طبيعي هي لم تكن تصدق هذا ولم تقبله وكانت أعرف بنقاط عجزه ، واحد إذا داخل البيت مع إنسان يعرفه معرفة تامة والذي خارج القصر من الإعلام وبالكذب يزور عليهم قدرات فرعون وأنه ربكم الأعلى وله ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحته ، لكن هي تعلم أن هذا الرجل وهو فرعون عاجز عما يقدر عليه أضعف الناس وهو الإنجاب ، فرعون لم يكن ينجب هذا الأمر الذي الفقير يقدر عليه والغني يقدر عليه وكبير السن يقدر عليه والشاب كذلك وعامة الناس يستطيعون هذا الأمر في الحالة العادية ، هذا الذي يزعم أنه ربكم الأعلى لا يقدر حتى ينجب طفل ؟! يستطيع غيره من العباد في زعمه أن يفعل ذلك ، هذا كيف رب عاجز عما يقدر عليه عبيده وعباده ! فكان محل هزء وسخرية أن يكون دعواه "أنا ربكم الأعلى" فلم تكن تصدق هذا الأمر ولم تكن تقبله وهو أيضا كان يعرف أنها لا تؤمن بهذا المعنى بالنسبة إليه ، لكن لما قتلت الماشطة في قصر فرعون كما تقول الروايات التاريخية أن إحدى البنات في القصر الفرعوني كانت تمشطها ماشطة وكانت إسرائيلية وهؤلاء خدم بالتالي فسقط منها المشط فقالت الماشطة : "بسم الله" قالت تعنين فرعون ؟ قالت : لا أعني رب فرعون ، فأخذت على أثر هذا الكلام وعذبت وقتلت ! مما زاد من بغض آسيا لفرعون وهي ترى بالتالي هذا الوضع الذي تحدثنا عن عندما تحدثنا عن مقدمات مجيء موسى بن عمران إلى قومه كانت ترى مثل هذه الأوضاع موجودة وإلى ذلك الوقت لم يكن قد نشأ موسى ، فصارت شيئاً ما تتظاهر بقضية الإيمان بالله عز وجل وفرعون لم يكن لأسباب مختلفة يريد التخلص من زوجته إلى أن صار ولد موسى ألقي في النهر جائت إلى النهر وجاء هذا المولود إلى ذلك الصندوق, المهد إلى حيث كانت هي على الضفة أو تسبح فأخذته وقالت "قرت عين لي ولك" فقال لها فرعون أما لك فنعم وأما لي فلا ليس قرة عين لي ، لأن هذا يبين من شكله واحد إسرائيلي وليس شخصا من نسل الفراعنة وهناك خشية حقيقية منه ولا بد أن يقتل فتدخلت بكل ما استطاعت من قوة إلى أن ثنته عن قراره ذلك وبقي في كنفها يتربى موسى ، في هذه الأثناء رضيع يحتاج إلى إرضاع أخت موسى كلثم التي ورد في رواياتنا وقد صحح مثل هذا الخبر من طريق أهل البيت ع أن كلثم أخت موسى من جملة زوجات النبي محمد يوم القيامة ، "فرددناه إلى أمه" على أثر ذلك كانت أمه تأتي إليه صباحا وترضعه وتأتي إليه ليلاً وترضعه وسائرالوقت هو مع آسيا بنت مزاحم فنشأ في كنفها وقد حصلت منه كما ينقل في الروايات في حالات متعددة من الإعتداء على فرعون قالوا أكثر من مرة نبش لحيته وقطع منها بعض الجواهر وربما قطع منها بعض الشعر وكان هذا يستثير فرعون لقتله لكنها تتدخل لحمايته ، فهكذا إلى أن في الأخير أظهرت إيمانها وأعلت ذلك فهددها فرعون إن لم تتراجع بأن تقتل فقالت لا علي من ذلك وقالت في المقابل "رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ." لاحظ الطموح عند هذه المرأة ملكة تحت يدها كل شيء لكن لا تنظر إلى هذا الشيء إليه قيمة وإنما تنتظر بيتا في الجنة و"بيتا عندك في الجنة" ، يأتي أحد إلى المسجد وأنت في مثل المكان معه لكن لمزيد من الإعتزاز تقول له تفضل عندي علامة على شدة القرب وهذه تريد عند ربها بيتا في الجنة ولذلك وتدت بالأوتاد وقتلت إلى رحمة الله عز وجل فذهبت شهيدة ملكة في الدارين إلى ربها وهذا نموذج يقدمه الدين لأتباع الديانة اليهودية ولغيرها .

النموذج الثاني "مريم بنت عمران"
أن حنت والدتها كانت قد لم ترزق الولد هي ووالدها والد مريم وامتد بهما الزمان فنذرت هذه المرأة آي حنة إن رزقها الله مولودا لتهبنه للمعبد يكون خادم فيه أربع وعشرين ساعة كأنما وقف على المعبد والمسجد ، وعلى أثر ذلك النذر وإرادة الله تحرك الجنين في بطنها فاستبشرت الآن أمامها معضلتان :
"المعضلة الأولى" أن هذه فتاة والفتاة معنى ذلك عند بلوغها تطرقها الدورة الشهرية وعند اليهود أمر الحيض أمر شديد جدا في عقائدهم وذلك الوقت فترة الديانة اليهودية والذين يتعبدون كانوا يتعبدون بالديانة اليهودية إلى ذلك الوقت ، فكانوا إلى درجة أنهم يرون أن المرآة الحائض امرأة نجسة ما لازم تنام إلى جانبها ما لازم تأكل معها لقذارتها ونجاستها عند اليهود ، فإذا كانت بهالمرتبة المرآة التي تطرقها الدورة الشهرية كيف تجلس في المعبد وتخدم في المعبد وماذا تعمل في مثل هذا الوقت هذي نقطة
"المعضلة الثانية" : قضية الإختلاط ، المعبد كهنة قساوسة رجال شباب هذي لازم تضيء السرج لازم تأتي بالماء لازم تنظف الفرش تهيأ الأمور كلها كيف كل هذا يحصل ؟!
أول شيء الله جعلها بتولاً بتول مريم البتول تلك المرأة التي لا تحيض ، في الحديث كما ينقل في من لا يحضره الفقيه عند الشيخ الصدوق عن رسول الله ص أنهم قالوا : "يا رسول الله نسمعك تقول مريم البتول وفاطمة البتول فما البتول ؟ قال : المرأة التي لا ترى الحيض" ، هذي كرامة لها حتى تبقى خادمة في بيت ربها وما تطلع على أثر ذلك وقضية الإختلاط فيما بعد منه يتكفلها "كفلها زكريا" في قضية مفصلة قضية القرعة صارت لما بلغت مبلغ النساء ولازم يصبح عمرها اثنا عشر سنة بلوغ المرأة عند اليهود 12 سنة وبلوغ الرجل أو الغلام عنده بـ ثلاثة عشر سنة ، فلما بلغت هذا المبلغ لازم يتكفلها أحد يدير باله عليها يرعاها ، والدها قد توفي قبل أن توضع يعني في أثناء حمل أمها بها والدها قد توفي فكفلها زكريا يقول القرآن الكريم :" وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ" لأن كل الذين كانوا هناك يقول أنا أكفل مريم لدوافع مختلفة فصارت قرعة كل واحد يلقي القلم تبعه فإن رسب القلم ونزل إلى الأعماق هو يكون الكفيل ، بعض هؤلاء ذهبوا ووضعوا بعض الحديد في أقلامهم حتى يثقله وينزل وإذا بكل الأقلام حتى تلك التي بها الحديد تطفو على الأرض على سطح الماء بينما قلم زكريا العادي يرسب إلى أعماق الماء ، قالوا لعلها بالصدفة ودعونا نعمل قرعة ثانية بأن نجعلها في ماء جار فإذا واحد من الأقلام عكس اتجاه الماء هو يكون يكفلها وإذا الماء في مكان آخر نعيد قرعة ثالثة ولكن مع ذلك إذا الله أراد الله شيئا فعله ، ألقوا أقلامهم فإذا بها تتجه في اتجاه جريان الماء إلا قلم زكريا اتجه عكس الماء تماما فقالوا أنت المحق في الحالتين فكفلها زكريا ، ذلك الوقت "كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا" دافعت عن هذا المولود بعد مدة من الزمان لما صار عمرها 15 سنة أو 17 سنة كما سيأتي الحديث إن شاء الله كلمها جبرئيل قال " إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا" وبالفعل مع استغرابها وعدم تصديقها في بداية الأمر ولكن إذا قضى الله شيئا أن يقول الله كن فيكون ، هنا لما صار الحمل حقيقي ذلك الوقت قالت : "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا" امرأة عفيفة من ذرية طاهرة أهل مسجد أهل خدمة عبادة غير متزوجة تحملين بولد من أين لكِ هذا ؟! أشرنا إلى بهت اليهود لها في ليلة مضت ولكن تحملت أقسى ما تتحمله المرأة هو أن تطعن في شرفها وأن يكون الدليل الحاضر علامة على هذا الإتهام مع هذا هي تحملت من أجل هذا النبي وأن يبقى ورعته تلك الرعاية حتى أذن الله في أن يبعث بالنبوة وقلت سنتحدث عن هذه المرحلة في وقتٍ آخر .

وأما "خديجة بنت خويلد"
فهي بعد فاطمة هي تاج هؤلاء كيف لا وقد اختصها الله بخصائص كثيرة من هذه الخصائص أن نبينا المصطفى محمد ص ظل معها خمسا وعشرين سنة من الزمان لم يتزوج امرأة غيرها خمس وعشرين سنة ، ولما تزوج غيرها تسع نساءٍ منهن الباكر ومنهن النصف أم 30 سنة كأم سلمة ومنهن من هو أكبر من ذلك وفيهن الجميلات وفيهن الودودات وفيهن الحنونات وفيهن المنجبات كأم سلمة أنجبت من زوجها السابق وفيهن الثيبات وفيهن الأبكار كل هؤلاء النبي يقول : "ما أبدلني الله خيرا منها" تسع لا يساوي واحدة في معادلة النبي عندنا نحن تسعة أكبر من واحد بينما في هذي المعادلة تسعى أصغر من واحد وخديجة واحدة وهناك تسعة وكلهن مجتمعات في كفة واحدة لا يساوين خديجة بنت خويلد ، كلهن باستثناء ماريا لبعض الوقت لم يرزقن الولد ورزق الولد من خديجة ذكورا وأناثا ، الأمتداد لرسول الله ما كان ليحصل إلا من خديجة ولو فرضنا فرضا أن خديجة لم تنجب لكان رسول الله والعياذ بالله ليس له نسل وتحققت نبؤة الكفار ، هذه خديجة التي أعطت أموالها بكاملها وكانت أثرى ثريات وأثرياء قريش هذه خديجة جدة الأئمة المعصومين ع جدة إمامنا المهدي عج جدة إمامنا الصادق ع جدة إمامنا الحسين ع جدة إمامنا الحسن ع جدة زين العابدين ع ، هذه الأئمة يحتاج لهم رحم من الأرحام المطهرة كرحم خديجة مو آي رحم يحمل طاووس الجنة المهدي المنتظر عج لابد أن تنتمي إلى هذه الجدة ع وشكر الله مساعيها وعملها ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلي منزلتها وأن يعظم شأنها وأن يتقبل فينا شفاعتها أنه على كل شيء قدير وينبغي أن تذكر خديجة دائما بالحُسنى ، ( في إحدى السنوات أنا ذكرت أنه من المؤسف أنه لا توجد كتب مفصلة عن خديجة بنت خويلد وإنما هي كراسات وكتب ، فيما بعد في السنوات الأخيرة سمعت أنه كتبت عدة كتب من مجلدات أحد الكتب أربع مجلدات عن السيدة خديجة وأخبرتني بعض النساء المؤمنات من طالبات الحوزة العلمية أن هناك لجنة من النساء يعملن عملا لموسوعة مشتركة عن السيدة خديجة ونعمة العمل جزى الله العاملات والعاملين في هذا الصدد خير الجزاء) تدفع وتعطي و تعطي بلا حساب بينما هي أيام قريش قبل البعثة قبل الزواج تلبس الحرير وتجلس على الاستبرق ولكن بعد بعثة رسول الله ص بل بعد زواجها برسول الله ص رأت أن هذه الدنيا لا تبقى لأحد إلا إذا أنفق فيها ما امتلك منها في رضوان الله عز وجل ، فأعطت كل شيء حتى لم تبقي لنفسها ثوبا واحدا ! تصور هذه المرأة التي تجهز في يوم من الأيام 10 في المئة من ثروة قريش لا تملك ثواب واحدا إضافيا لها ! ( هل أحد من الحاضرين أو المستمعين أو يستطيع أن يقول أنا لا أملك ثوبا إضافيا ؟! ) لا يوجد ولله الحمد ، ولكن هذي المرأة أعطت أعطت أعطت حتى إذا حضرتها الوفاة في شعب أبي طالب "منطقة أشبه بالصحراء جرداء لم يكن فيها مقومات الحياة الناعمة والهانئة بضع شجيرات" وها هي الآن خديجة التي كانت تملك ما تملك قد حضرتها الوفاة وهي على حصير خلق مترب ، هذه امرأة كانت ملكة الثرى الآن لكثرة ما أعطت ما استبقت لنفسها شيئا تحضرها الوفاة فتقول لبنتها فاطمة وكانت صغيرة السن في ذلك الوقت ع ربما عمرها بين 6 إلى 7 "بنيا فاطمة اذهبي إلى أبيك وأبلغيه عني السلام وقولي له إن أمي لما بها راحلة تريد أن تراك وتسألك ردائك يكون كفنا لها" هذا الرداء من جهة يغطي عليها ومن جهة هو مصدر من مصادر البركة ، خديجة لم تطلب من رسول الله ص آي شيء ماليا خلال هذه السنوات الـ 25 التي عاشت معه لكن الآن تطلب هذه العباءة التي يصليها فيها رسول الله ص لتكون كفنا له ، فجاءت فاطمة مسرعة وهي تبكي رسول الله ص يتفقد أحوال المسلمين وينظر إليهم فرأى فاطمة تجري وتعدو قام إليها "يا فاطمة ما جاء بك ولم تبكين ؟ قالت له : إن أمي تبلغك السلام وهي تقول هي لما بها راحلة" يعني انقضت أيامها وتريد أن تنظر إليك تودعك نظرة وداع وتريد ردائك يكون كفنا له ، فجاء رسول الله ص يهم في مشيه وعيناه تتحلقان بالدمع السخين على خديجة حتى إذا وصل إليها رأها على ذلك الحصير الخلق ، صعب على الإنسان أن يرى زوجته بهذه الحالة كيف إذا كانت هي في غاية الثرى وقد أنفقت أموالها والآن على قطعة حصير خلقة لا يوجد أحد بجانبها ، هذه تحتاج إلى رعاية أكثر فقال لها :"يا خديجة بالكره مني ما أرى يا خديجة وقد يصنع بالكره خير كثير" لعل يصير في ما يكره الإنسان خير كثير ، فقالت له :"يا رسول الله أريد ردائك يكون كفنا لي" أراد أن يمده إليها في روايتنا نزل الأمين جبرائيل من السماء "يا رسول الله إن العلي يقرأ على خديجة السلام ويقول "كفن خديجة منا هي أعطت كل شيء الآن تطلب كفن هذا كفن من الجنة لخديجة" هدية الله إليها هدية من الجنة من عند الله ، ووضع النبي ص ردائه أيضا للبركة عليه كفنين إلى خديجة تستاهل خديجة .

 

مرات العرض: 3424
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2562) حجم الملف: 54713.04 KB
تشغيل:

الحاجة إلى الدين في عصر العلم
دين الاسلام : رؤية من الداخل