10 هكذا نواجه الابتزاز الجنسي
المؤلف: Shaikh Fawzi Alsaif
التاريخ: 21/9/1437 هـ
تعريف:

هكذا نواجه الابتزاز الجنسي

كتابة الاخت الفاضلة أمجاد عبد العال

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين

السلام عليكم أيها المؤمنون ورحمة الله وبركاته

حديثنا في هذا اليوم، يتناول إحدى المشاكل التي سببت - ولا تزال تسبب - آثارا سيئة في حياة المجتمع، وهذه المشكلة هي: مشكلة الابتزاز الجنسي. الابتزاز: تعبير يطلق على حالة يقوم فيها طرف بالضغط على طرف آخر لاستحصال شيء من عنده. قد يكون ابتزازا ماليا، وقد يكون ابتزازا جنسيا، بل ربما أيضا قد يكون ابتزازا سياسيا، بمعنى: أنه يمتلك عليه بعض الأمور، بعض القضايا، بعض الشواهد، بعض الكلمات، فيضطره إلى أن يقول كلاما أو يتخذ موقفا أو يغطي مالا أو يستجيب له في عمل جنسي. وهذا من الممكن أن يحصل من رجل لرجل، أو من رجل لامرأة، أو من امرأة لرجل.

طرف عنده قوة ضغط على طرف آخر، يهدده بها، إن لم يستجب له في الجهة الفلانية، فإنه سيفعل كذا، يفضحه بين الناس، يخبر عنه، وما شابه. هذا أصل هذه المسألة والمشكلة. حديثنا هذا اليوم يتناول حالة من هذه الحالات وهي ابتزاز بعض الرجال بعض النساء في الجانب الجنسي على وجه الخصوص.

أقدم لكم بعض الحالات الواقعية التي حدثت، وقد تتكرر.

من النساء، بعدما عقدت وأرادت أن تحتفل مع زوجها بعد هذا العقد، وإذا بها تجد في جوالها رسالة من شخص أن ترد عليه. وإلا فإنه سيرسل إلى زوجها الذي عقد عليها بعض الأشياء التي لا تسرها. فاضطرت إلى الرد. عندما ردت عليه، تذكرت أنه كان بينها وبينه بعض المكالمات وربما بعض الصور، وأنه يهدد الآن بإرسالها إن لم تستجب له فيما يريد. ماذا تريد؟ أن قابليني غدا في الموعد الفلاني في المكان الفلاني. وطبعا بعد هذا المعلوم الذي سيجري في مثل هذا اللقاء. هذه قضية واقعية.

وأسوأ منها: امرأة كانت قد عثرت وزلت وبالتالي لعبت في بدايات أمرها. فظلت أسيرة هذا الشيء. كلما أرادت أن تتزوج، هناك ثلاثة أشخاص يقولون لها: أن إذا تزوجت معنى ذلك أن تنقطع عنا هذه العلاقة وهذه الفائدة. فإذا ذهبت للزواج سنرسل إلى زوجك هذه الصور أو هذه المكالمات. ولا ريب أن هذا الزوج لن يتحمل. وبقيت كما نقل الناقل ثمانية عشر سنة على هذا المعدل. وأمثال ذلك من القضايا قد يكونون كثيرا.

قضية الابتزاز بهذا المعنى من المشاكل التي تتفاقم مع تسهيل وسائل التواصل والتصوير والتخاطب والمكالمات والتسجيل، وتزداد سهولة، إذا قامت هذه الفتاة بالغفلة عن نفسها، ووجد هناك ذئب مترصد.

في هذا الموضوع لدينا ثلاث أو أربع كلمات ورسائل.

الكلمة والرسالة الأولى هي للفتاة نفسها. نقول لهذه الفتاة: أيا كانت، حذاري حذار من الخطوة الأولى فهي الخطوة المهلكة. قسم من الفتيات، وحديثنا كما ذكرت حول هذا الموضوع. قد يكون لنا حديث في بقية الفروع، الآن حديثنا: ابتزاز بعض الخاطئين لبعض الغافلات من الفتيات.

نقول أولا: حذار من الخطوة الأولى. تتصور بعض الفتيات أنهن مختلفات، وأن هذا مختلف، وهذا خطأ فادح. لا أنت مختلفة ولا هو مختلف. أنت بالإمكان أن تقعي في الخطأ، أن تستدرجي إلى مقدمات الرذيلة، حتى إذا لم نقل إلى الرذيلة. هو أيضا، ككثير من الرجال، عينه على أن يقبض شهوته بأي طريقة كانت، بمعسول الكلام، وبإنفاق المال، وبإراءة نفسه بعنوان المدافع عنك، عن مشاكلك مع أهلك، وأمثال ذلك. هناك صادقون بلا ريب. ولكن الصادق يعرف الطريق الطبيعي: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا). أنا أحب الفتاة الفلانية، ليس في هذا بأس أبدا. هي تحبني أيضا، ليس في هذا بأس. بعض الناس يتعجبون كيف أن فتاة تحب رجلا! عادي هذا. لقد أحبت خديجة بنت خويلد سلام الله عليها نبينا المصطفى محمدا (ص). أحبته حبا ملك عليها كل جوارحها. ولكن الطريق الطبيعي كان قد انتهى إلى الزواج والمجيء ضمن إطار المشروع والمعروف. ليس أمرا محرما أن تحب امرأة رجلا. ليس أمرا خاطئا أن يحب رجل امرأة، وأن يهتم بها، وأن يحاول التخفيف عنها، وأن يحاول حل مشاكلها. هذا أمر طبيعي. إذا كانت الخطوة التي تليه: أن يأتي ضمن الأطر الشرعية والعرفية الاجتماعية.

أما إذا كان خارج هذا الإطار، فهنا مكمن الخطر. إذا صار ابتداء مكالمات ثم مواعدات ثم أحاديث ثم غير ذلك، هنا الشيطان يكون في النصف خاطبا بين الاثنين، وينتهي الأمر إلى شيء سيء. السيد حسين الشامي - رحمه الله – أتى هنا، قرأ مدة من الزمان القديم، كان معروفا، كان يردد هذا البيت ويقول: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء، ثم هو يكملها، يقول: فصخام. يعني تتصخم وجوههم بعد هذا اللقاء. طيب.

تتصور الفتاة أنه عادي. أن هذا الأمر بالنسبة لي عادي وما شابه ذلك، لا ليس الأمر كذلك. كتبت إحدى التربويات مقالا جميلا بعنوان: كيف يحدث الاغتصاب بموعد مسبق. كيف؟! اغتصاب وبموعد مسبق! الاغتصاب معروف: افترض أحدهم معتد يأتي ويمسك بامرأة ويغتصبها بقوته. أما اغتصاب بموعد، فكيف؟ تقول: هو هذا. عندما تستجيب المرأة إلى شاب وتعين له موعدا معينا للقاء. هذا بالتدريج يجر إلى تلك النتيجة. ولقد حدث هذا أيضا. فالخطيئة الأولى: هي أن تستجيب هذه الفتاة إلى شيء من هذا القبيل، وتعتبر نفسها مختلفة، وهذا شخص آخر مختلف، هذا رجل غير طبيعي. لا يا فلانة، فلست ملتفتة بما يكفي إلى هذه الأمور. اسألي من هو أكثر تجربة. من يريد النتيجة الحسنة يأتي بمقدمات حسنة. ومن يريد النتيجة على أي حال كانت، لا تهمه نوعية تلك المقدمات. هذا أول أمر.

البعض منهن تقول: أنا ليس عندي معه شيء، مجرد مكالمات وتساب أو مكالمات تلفونية، لن أذهب إليه. هذا يشبه ماذا؟ هذا يشبه أن تسلم إليه عنقها، وتقول له: اخنقني لكن بهدوء، قليلا قليلا، بلطف. بينما الخنق واحد، سواء كان بعنف أو بلطف، النتيجة: خنق.

الوتساب ممكن أن يتحول إلى مادة ابتزاز. المكالمة التلفونية يمكن أن تسجل وتحول إلى مادة ابتزاز. فعندما تسلم الفتاة رقبتها بهذا النحو - ولو هو نحو خفيف - إلا أنه سينتهي إلى أن تكون رقبتها بيد ذلك الطرف، ويكون هو المتحكم فيها. تقول: أنا أسلمه – لنفترض – صورة من الصور المحجبة، أو صورة عادية أو مكالمات كذائية. هذه هي البداية غير الحسنة التي ينبغي أن تجتنبها.

النقطة الثالثة في هذا الباب: على فرض أن هذا حصل. تم تبادل كلام، سلام، غير ذلك من هذه الأمور، وكان فيها شيء يمكن أن يستفيد منه ذلك الطرف. نقول لهذه الفتاة: لا تكوني وحدك، لا تنفردي، فإن القاصية من الغنم، لمن؟ للذئب. أخبري أحدا، تكلمي مع أحد، مع أخت، مع أم، مع امرأة حكيمة، مع أخ، مع أب - إذا كان بالإمكان أن يتم الانفتاح على الوالد. ونحن هنا ندعو الآباء - كما سيأتي بعد قليل في حديثنا مع الآباء - إلى الانفتاح الواسع في هذا الجانب. فإذن هذه نقاط ثلاث عبارة عن رسالة إلى الفتاة التي يمكن أن تتورط بموضوع الابتزاز.

عندنا أيضا رسالة ونقاط للوالدين. أول نقطة في هذه الرسالة: احتضنوا الخاطئة وأسعفوها.

قسم من الآباء بمجرد أن يسمع أن ابنته مثلا تبادلت الكلام مع شباب، صار عندها علاقة مع شاب، أول ما يأتي في ذهنه: تشوهت سمعتي، فإذن لا بد أن أعاقبها. هذا في الواقع، كأنما القضية ليست قضية أن الفتاة عثرت وتحتاج من ينتشلها، الفتاة تمرضت وتحتاج من يشافيها، وإنما أنا أتضرر الآن فلا بد أن أجلدها، أضربها، أعاقبها، وهذه أنانية ما بعدها أنانية.

هذا مثل ماذا؟ مثل أحد من أبنائك، يصبح عنده - ذاك البعيد - وجع في الصدر، مرض في القلب، هذا الآن يحتاج منك إلى رعاية إضافية وعناية أكثر أن تحفه بها، لا أنت تقول له: أنت الآن تسبب لي مشاكل، وتلطمه على وجهه، أنت الآن تكلفني عناء الذهاب والإياب بين المستشفيات، فتجلده، أنت الآن تخسرني الكثير من الأموال، هذه أنانية؛ لأنك ناظر في كل هذه الحالات إلى أن مرض هذا الابن سيرهق جيبك ويخسرك الأموال، ويكلفك الجهد، أنت لا تنظر إلى أن هذا مريض ويحتاج إلى رعاية أكثر. نفس الكلام بالنسبة إلى الفتاة. هذه الفتاة الآن علقت في شبكة، تورطت في مشكلة، مثل إذا ما انكسرت رجلها كيف تعاملها! كذلك إذا ارتبطت في علاقة خاطئة. ذاك مرض وهذا مرض. لا أن تأتي وتنتقم في هذه الحالة لنفسك! وهذه ستشوه سمعتنا وتفرغ فيها جام غضبك. لا، هذه تحتاج إلى عناية أكثر، إلى علاج، إلى دواء، إلى احتضان. احتضن أيها الأب، احتضني أيتها الأم، هذه الفتاة. أشعراها بالأمان، دافعا عنها، أشعراها بالقوة، أنه: نحن معك، لا أحد يقدر على المساس بك، نحن نقف معك، جنبك، وسنعالج هذه المشكلة بالنحو المناسب الذي لا يضرك ولا يضرنا. هذا هو الموقف الصحيح. مثلما نقف مع هذه البنت إذا أصبح عندها مرض قلبي أو فشل كلوي، أيضا نقف معها إذا أصبحت عندها مثل هذه المشكلة، لا أن ننتقم منها. بل ينبغي أن نفكر بإنجائها، بتخليصها من هذه الشبكة. هذه الخطوة الأولى.

الخطوة الثانية: الدخول على الخط، ينبغي للفتاة - كما قلنا - أن تنفتح على أهلها، على أختها، على أمها، على أبيها، وهذا يحتاج لأن يكون الأب متفهم. إذا كان الحوار مقطوع بين الأب وبين أبنائه وبناته، لا يمكن لفتاة لا تقدر مناقشة أبيها في أبسط القضايا، أن تناقشه في مثل هذا الموضوع وتنفتح عليه. لا بد أن يكون حال الأسرة على نحو فيه مقدار من الانفتاح، يعين الفتاة أن تنفتح على أمها أو على أبيها أو على أختها. وعندما يحدث ذلك، نذهب وراء إنجائها وتخليصها، فندخل على الخط.

الدخول على الخط مختلف. في بعض الحالات، قد يكون لا بد للأب أن يعرف من هو هذا الطرف، يرفع التلفون، السلام عليكم، فلان؟ أنا والد فلانة. أنت ماذا تريد بالضبط؟ تريد قضية زواج، تقدم كما يتقدم سائر الناس ونحن ننظر في الأمر. تريد عبث، سوف نقدم على ما يناسب العابثين.

وبالفعل، إذا رأى الإنسان أن هذا الشخص - لنفترض - لديه قابلية للزواج، لديه مؤهلات، فلا يصنع كما صنع بعضهم، أنه ما دام أقام علاقة معها من قبل ولم يأتي من الباب، لو يصعد إلى السماء لا نعطيه إياها، هذا موقف متعنت غير صحيح. نعم هو أخطأ الطريق المناسب، لكن الرجل - لنفترض - على خلق، جاد، قادر على تكوين أسرة، تواصل معها - مثلا - عبر الفيسبوك، عبر الوتساب، عبر التلفون، ولم تكن نيته نية منحرفة، إنما أخطأ الطريق، أخطأ السبيل، بهذا المقدار، فيمكن تصحيح الأمر وتداركه.

فلو أن هذا الشخص لم يصنع هذا، وتقدم إلي، كنت أزوجه أم لا؟ من خلال أخلاقه العامة، قدرته على تكوين أسرة، إذا كان كذلك أهلا وسهلا. يخطئ في الأسلوب، أنا أيضا الأب أخطئ في الأسلوب، أنت أيضا تخطئ في الأسلوب أحيانا، إذا كانت النية صالحة، والجدية كافية، والمؤهلات موجودة، فنعما هي. فإذن لا بد من الدخول على خط التواصل.

أحيانا يكون الأمر غير هذا، فيبدأ الشاب بالتهديد. في التهديد، مسار آخر، إحداهن كتبت لي رسالة: أن شخصا ما، اتصل تلفونيا، تقول: وأنا لا أدري هكذا أجبت عليه، أهلا وسهلا، قال لها: ما اسمك؟ قالت له أنا: ما لك واسمي؟ لا أعرفك ولا تعرفني. وأغلقت الخط. فحاول مرة أخرى ولم تجب عليه، ثم تبعها إلى الوتساب، وهي لديها وتساب، فبدأ يكتب لها رسائل، أنه مثلا: أنا أريدك وأحبك ومن هذا القبيل، ولما ترد عليه، حتى أخيرا كتب - حسب رسالتها ذاك اليوم - قالت: اليوم كتب لي أنه إذا لم آتي الساعة الثامنة في المكان الفلاني، سأنشر هذه المحادثات. وكان يظهر منها الفزع، فقلت لها: إذا أنت لم تقولي له شيء، دعيه ينشر ما يريد أن ينشره، لا مشكلة. إذا أنت لم تعطه شيئا، لم تبادليه كلاما ولا أرسلت له صورة، فليذهب ينشر ما يريد أن ينشره، لا مشكلة. وهذه عادة هؤلاء يهددون بأي شيء، أنه أنا حصلت على صورتها من كذا. فلا يهم هذا، لا يخيف أبدا. بل أحيانا حتى إذا حصل على صورتها، فقسم يتخوفون، يتصورون لما يقول لها مثلا أنه أنا لدي صورتك، فصورتها ستنتشر في CNN ولن يبق موقع إلكتروني إلا وسينقلها. ليس الأمر هكذا، هو هذا العالم لا يهتم بأكبر الأخبار في الدنيا، انظروا مثلا لو ذيع خبر اليوم، لو حدث اليوم انفجار وأهلك 1000 شخص، لا سمح الله ولا قدر، فبعد يومين لا ترى أحدا ينقله أصلا. فكيف بمسألة: أنا عثرت على صورة فلانة، ولدي مكالمات معها، وسأنشرها في كل وسائل التواصل الاجتماعي، فالمثل المعروف: ... بسوق الصفافير. فلا أحد يهتم، ولا أحد يعتني. فقط هو يخوف. الفتاة تتصور أنه كل الناس في البلد سيدرون ويعلمون. لا تدري أن الناس في كل بلد مشغولون بهمومهم الذاتية، أحيانا حتى عن دينهم مشغولون. فضلا عن صورة فلانة واسم فلتانة.

على فرض أنه أراد التهديد، هنا أنا أدعو وأؤكد على هذا: أدعو كل أب وكل أسرة إلى الاتصال بالجهات الرسمية القانونية لإيقاع العقوبة بالمبتز. أدعو - أعيد الكلام - أدعو العوائل، الآباء، الأمهات، الفتيات، بالنسبة إلى حالات الابتزاز، إلى الاتصال بالجهات القانونية. يوجد على النت، أي أحد يدخل على محركات البحث ويكتب رقم مقاومة الابتزاز، أو الحماية من الابتزاز، أي شيء فيه ابتزاز سيظهر لك الرقم، وهو يعمل على مدار الساعة، 24 ساعة، أنه أنا فلانة، أو أنا والد فلانة، وهناك شخص هذا رقمه أو هذا موقعه الإلكتروني أو هذه صفحته على الفيسبوك، وهو يهدد ويبتز. عندا سيحضرونه ويؤدبونه. من لم يؤدبه الأبوان أدبه السلطان.

ولا تأخذ الإنسان في هذا هوادة. قد - في بعض الجهات مثلا - أنت تقول أنا لدي تحفظ في هذه الجهة أو تلك الجهة عليها، ولكن في أمر الابتزاز، لا يوجد هناك إلا الاتفاق على حماية الأعراض. فينبغي القيام بهذا، ولو عرف ذلك الطرف، لو أن الفتاة قالت لذاك: أنه إذا تبعث لي رسالة أخرى، رقمك ورسائلك هذه ستكون موجودة خلال نصف ساعة عند هذه الجهة الرسمية، سيطمر رأسه في الرمال كما يفعل الفئران. لأن هؤلاء عادة جبناء. يدري أنه هو على باطل، وأنه مسير من وراء الشهوة، فإذا رأى القضية فيها قانون ومحكمة وشرطة وقبض، سيترك هذا الأمر ويهرب.

لذلك الخطوة المناسبة التي ينبغي أن يقوم بها الأب أو الأسرة أو أحيانا حتى الفتاة نفسها، أن تتواصل مع هذه الجهات الرسمية، وهي موجودة كما قلت، أي بحث، أسرع بحث ممكن، بعنوان: الحماية من الابتزاز أو الوقاية من الابتزاز أو رقم مقاومة الابتزاز، في النت، سيظهر لك الرقم، و24 ساعة موجود من يرد على هذا الإنسان، ولأنه جهة رسمية، أيضا يمكن الاطمئنان إليها. هذه رسالة إلى الوالدين.

الرسالة الأخيرة وننهي بها حديثنا. رسالة إلى نفس المبتز. هذا الشاب الذي يقوم بهذا العمل. أيضا عندنا كلام معه، إذا كان سيصل إليه. النقطة الأولى: أنك ستلقى جزاء عملك في هذه الدنيا قبل الآخرة. هذا قانون. فالله سبحانه وتعالى عندما رتب الحياة رتب فيها قوانين. من جملة القوانين: من زنا زُني به ولو في عقبه. من أفسد على أحد حياته، تفسد عليه حياته، أو تفسد حياة أهله. هذه عندنا روايات، وتفسيرها بنحويين. أما الروايات: ففي الحديث عن أبي جعفر، أي الباقر (ع)، كان، يقول: "كَانَ فِيمَا أَوْحَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى – على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام – يَا مُوسَى بْنُ عُمْرَان مَنْ زَنَا زُنِيَ بِهِ وَلَوْ فِي الْعَقِبِ مِنْ بَعْدِهِ، يَا مُوْسَى عُفَّ يَعُفُّ أَهْلُكَ". وعن النبي المصطفى محمد (ص): "مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَزْنُوْا فَتَزْنِي نِسَاؤُكُم، كَمَا تُدِينُ تُدَانُ". بناء على الرواية، - الكلمة المشهورة، "كَمَا تُدِينُ تُدَانُ"، جزء من رواية وهي أيضا مكتوبة في التوراة - هذه تفسر بتفسيرين. التفسير الأول: تفسير غيبي. أن الله سبحانه وتعالى جعل العقوبة هكذا، فإذا فعلت هذا العمل، أي ابتززت أخريات، سيكون هناك من يبتز في أسرتك، في بناتك، في حفيداتك. ثم أنت تكبر وتصبح آدميا ولكن هذا القانون يظل يجري عليك؛ وهذا حتى يتحذر الإنسان أن يفعل هذا الفعل. لعل أحدهم يقول: خوب وما ذنب هؤلاء، أولئك من أذنبوا؟ ليست قضية ذنب. الآن هذا التوجيه الثاني الطبيعي والاجتماعي: إذا على سبيل المثال أنا رميت الزبالة على باب داري، وأنت رميت الزبالة على باب دارك، وثالث رمى الزبالة على باب داره. هل فقط نحن من سنتضرر؟ أنا من رميت الزبالة، أنا فقط الذي ستأتي لي الميكروبات؟ وإلا لا، ستأتي أيضا إلى ابن عمي وأخي وذاك الذي ما رمى زبالة أصلا.

المجتمع عندما يصاب بهذا الوباء، لا يوفر أنا المعتدي أو غيري. ستكون الحالة حالة رذيلة. ذاك الوقت ابن جيراننا هو أيضا سيفعل مع ابنتي نفس الأمر. أما إذا أشعنا الفضيلة، جعلنا الفضيلة هي الشائعة، بمعنى أنه أنا لا أنظر إلى حرمات الغير، وصار هذا هو الشائع، جاري أيضا لا يفعل مع أهلي نفس الأمر، إذا أشعنا المرض سنتضرر به، إذا أتينا بالميكروبات، هذه الميكروبات سترجع علينا، وإذا أتينا بالأخلاق والالتزام والتقوى، أيضا سترجع إلينا وترجع إلى غيرنا. "كَمَا تُدِينُ تُدَانُ". هذا أمر. وأمر آخر أخروي، أنه يا أيها الشاب، أنت صنعت كما ذاك نقل أنه 18 سنة هذه الفتاة لا تستطيع أن تتزوج، هو ربما ذهب وتزوج، وانتهت القضية. فهل هذا يليق بعدل الله سبحانه وتعالى؟ ذهبت أنت أيها المبتز وتزوجت وارتحت وأنجبت، فهل انتهى الموضوع؟ كلا. كل يوم يمر على هذه المرأة التي أنت دمرت حياتها، بل كل ساعة ألم تتألم هي فيها، فأنت محاسب عليها ويسجل لك سيئة وعذاب في يوم القيامة. بكل لحظة من لحظات الألم، هذه 18 سنة، إذا تقسم إلى ساعات، فكل ساعة ألم تتألم هي فيها، مثلا: تريد إلى نفسها طفلا ولا تجد، لماذا؟ لأن فلان يبتزها ويهددها. تريد زوجا وسقفا وأسرة، لا تستطيع بسببك أنت. تتصور القضية انتهت عند الله سبحانه وتعالى؟ (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ)، الظالمون ليسوا هم فقط من يقتلون! لا، حتى هذا أيضا ظلم، (إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ. مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) فأنت في هذه الدنيا أيها المبتز مهدد في أختك - فلست تتطلع على كل شيء - مهدد بعد ذلك في ابنتك، مهدد في حفيدتك. هذا في الدنيا. " كَمَا تُدِينُ تُدَانُ". وفي الآخرة: لا تحسبن أن الله غافل عنك، كما سيأتي بك في ذلك اليوم بهذا المنظر (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) وكلمة أخيرة للمجتمع: أن نحاصر من يقوم بالابتزاز. فلا نقبل منه كلاما أبدا. فالزوج ينبغي عندما يأتي إليه شخص ويقول له: لدي صور عن خطيبتك، عليه أن يرد عليه بقوله: أنت فاسق كذاب (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)، إذا تقول: أنت فعلت معها هذه الأمور فأنت فاسق. والفاسق لا كلام له، ولا حجية لقوله، ولا يسمع منه. خصوصا مع إمكانية – يقسم مثلا: أنه أعطاه صورا – في هذه الأزمنة قضية الصور أصلا لا قيمة لها. سبحان الله، من معجزات الإسلام، أنه ما يسمى الآن بالأشياء العلمية ليست – في الجملة - من مثبتات الحكم الشرعي. مثلا يقول لك: أنا لدي صورة أن فلان على بطن فلانة. صورة أيضا. وصورة فيديو، يقول لك: لا نرتب عليها حكما شرعيا بالزنا أبدا. وفي وقتها، أول الأيام، كان الواحد منا يتعجب: كيف؟ ولماذا؟ إلى أن تأتي لك أخبار أخيرة، يتقول لك: الآن أصبح بإمكان بعض المخرجين التلفزيونيين عبر بعض البرامج، أن يصنعوا لك فيلما من دون حضور أحد. يعني بلا حاجة لبطل يأتون به ويحركونه. وإنما مثل ما يُصنع في أفلام الكرتون، يُصنع في الأفلام الحقيقة، ويختصرون التكاليف إلى أدنى مقدار من المقادير. وبدل أن ترى هذه السيارات تصطدم وترتطم وإذا بها سيارات صغيرة، تحرك بأشكال معينة، ثم توضع عليها بعض البرامج لتحولها إلى صورة كبيرة. إمكانات الفوتوشوب والإخراج وتركيب الصور وتغييرها، تركيب صورة على صورة، ونزع ملابس صورة، هذه كلها موجودة. إذن لم يعد لهذا أي جهة يمكن تصديقها.

الآن بالإمكان واحد يكتب 20 كلمة من كلماتك ويخلي أيضا اسمك موجود فوقها. بينما أنت لم تتصل بهذا الإنسان. فلا ينبغي أبدا للمجتمع أن يصدقوا هذه الأشياء التي يأتي بها هؤلاء المبتزون.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لصيانة أنفسنا وصيانة عوائلنا وصيانة مجتمعنا عن الانحراف والرذيلة إنه على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

 

مرات العرض: 3390
المدة: 00:42:45
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2555) حجم الملف: 34.2 MB
تشغيل:

من يعيش الأمان في الحاضر والمستقبل
(14)هل هناك طلاق جيد ؟