عقائد الأحلام والمنام
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 8/1/1437 هـ
تعريف:

عقائد الاحلام والمنام

 

كتابة الأخت الفاضلة تراتيل

قال تعالى ﴿ لقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ ﴾‏ سورة الفتح :27

هذه الآية المباركة من جملة آيات تحدثت عن قضية رؤيا الأنبياء عليهم السلام في القران الكريم لذلك افتتحنا بها وذلك للحديث عن الموقف الذي ينبغي ان يكون تجاه رؤيا الانسان, وربما كان هذا الموضوع في السابق موضوع جزئيا , ولكن في هذه الأزمنة المتأخرة اصبح من الضروري التعرض لهذا الموضوع لسببين على الأقل

السبب الأول : ان جزء من ثقافة المجتمع الشيعي بدأت تشكلها الرؤى والاحلام وهذا امر غير جيد فنجد الان بواسطة التتبع وليس ملقى على عواهنه بان مساحة من المفردات الثقافية المتصلة بقضايا بعضها عقائدية و بعضها قضايا الاخلاق كانت اعتمادها على أساس الرؤى والمنامات

هذا التضخم في إعطاء دور لمؤديات الرؤى ينذر بأخطار فكرية مستقبلية , فلو تم مواصلة المسير بهذا النحو – من قبل الخطباء والمؤلفون والعلماء – اصبح قضية الرؤيا الفلانية يشكل دليل و ثقافة وفكرة فانه بعد مدة من الزمان سوف نجد ان القاعدة الثقافية الرصينة- التي يعتمد عليها اتباع اهل البيت -سوف تختل , اذن هناك تجاوز و توسع في تأثير الرؤى والاحلام على المساحة الفكرية في العالم الشيعي, وهو موجود أيضا في بقية المذاهب لكن الان حديثنا في مذهبنا

السبب الثاني : هناك قسم من الفئات المنحرفة بدأت توظف الاحلام و الرؤى و المنامات في اصطناع عقائد خاطئة بالخصوص فيما يرتبط بقضية الامام المهدي عجل الله تعالى فرجة الشريف , فهم اصبحوا يستقطبوا الناس بهذه المنامات فمثلا يقولون لهم :" انتم سوف ترون هذه الليلة رجلا نورانيا يلبس عمامة خضراء ويشع من وجهه نور وسياتي لك في المنام وسيقول لك ان دعوتي هي حق " وهم بهذه الطريقة يرسمون صورة كاملة لما يريدون في داخل عقل هذا الفرد فاذا نام هذا الشخص وبشكل طبيعي يستدعي ويجلب عقله الأشياء المخزونة في اللاوعي الى الوعي سواء الصور او الكلمات والالفاظ و من جملة ذلك ما رسمة وصوره ذلك المنحرف في عقله

فاذا جاء الصباح فان هذا الشخص يصدقه بناء على الحلم فهو قد رأى في المنام نفس ما قاله له وسمع من الشخص النوراني تأكيد على ان دعوة ذلك الشخص هي حق وان المهدي هو من جماعتهم وانه ارسله كرسول منهم

هنا سقطت خطوط الدفاع عند هذا الشخص المسكين ولا سيما بالنسبة الى الأشخاص الذين ليس لهم قواعد عقليه او شرعية رصينة فهم يعتمدون بشكل كبير على تقنية الاحلام والرؤى هذا يؤكد الحاجة الى هذا الموضوع لان له ارتباط بأمر عقائدي مرتبط بإمام زمانك وحجة الله على الخلق في عصرك فاذا اخطأ الانسان في بوصلة الطريق الى امام زمانه او أي امر عقائدي اخر فهو امر خطير جدا لذلك سوف نتعرض بشيء من الحديث الى هذا الموضوع

معنى الرؤيا :

جاءت من كلمة رأى وهي لها ثلاثة معان بحسب القناة التي تستخدمها

رأي بالعين وقوة الابصار كقولك رأيت المسجد

اما اذا استخدم قناة القلب والتعقل أي مربوطة بالقلب والتعقل كقولك راى فلان رأيا والعالم الفلاني يرى ان الامامة بالنص من قبل الله أي ان عنده رأي فيها ( فهذا مربوط بالقلب والتعقل )

اذا استخدم قناة الروح فتصبح معنى الرؤية هي حركة الروح عند منام الانسان واشراف هذه الروح على بعض العوالم واتصالها واستقبالها –

الانسان عندما ينام تتعطل بعض الأمور بشكل كلي فمثلا ينقطع الاتصال والتواصل بعدم الكلام والفهم وبعض الأمور تتعطل بشكل جزئي كالسمع وبعضها الاخر لا يتعطل أصلا كالروح فالروح عند النوم تتحرر من علائق الجسد و انشغالاته فيصير عندها جولان واشراف واطلاع لذلك هذه الروح تستقبل أشياء جديده و مختلفة و هي بذلك مثل جهاز الاستقبال فتكون أحيانا الرؤيا واضحة واحيانا الرؤيا تكون بها تشويش و ضبابية اضغاث أحلام وامور متشابكه

هذه الرؤيا هي نشاط الروح ﴿ لقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ﴾‏ فالقران الكريم تحدث عن هذه الموضوع ونقل عدد من الرؤى لأنبياء وغير انبياء , فهناك سبعة مواضع ذكرت موضوع الرؤيا منها

1- قضية نبي الله إبراهيم مع ابنه إسماعيل , ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَلكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ الصافات 104 – 105

2-قضية يوسف و اخوته ﴿ انِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ يوسف اية 4

3- هناك ثلاث روئ نقلها القران عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله ﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ۗ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ الانفال اية 44 وهذه الآية في بدر عندما أرى الله رسوله عدد الكافرين قليلا ليقضى الله امرا كان مفعولا

4-وقد رأى صلى الله عليه وآله رؤية انه سيدخل مكة فاتحا ﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ

5-وقد رأي النبي رؤية غُمّ النبي منها لأنه رأي الشجرة الملعونة في القرآن فقد رأى مجموعة من القردة يتقافزون على منبره

وقد نقل القران رؤى بعد الناس العاديين منها رؤية عزيز مصر و رؤيا السجينين الذين كانا مع نبي الله يوسف عليه السلام

و في السيرة الحسينية نلتقي مع عدد من الرؤى منها:

1-عندما كان الحسين في المدينة وذهب الى قبر جده رسول الله فرى جده في المنام

2-في مكة رأى الحسين عليه السلام جده رسول الله في المنام واخبره لاخية محمد بن الحنفية فيحتمل انها هي نفسها تلك الرؤيا التي راها في المدينة ويحتمل ان الرؤيا تكررت معه في مكة

3- في الطريق الى كربلاء خفقت عين الامام الحسين سلام الله عليه فسمع هاتفا تقول ( القوم يسيرون والمنايا تسير بهم )

4- وكذلك الحسين عليه السلام راي كلابا تهاجمه اشدها عليه كلبا ابقع والذي فسّر بشمر بن ذي الجوشن

 الأصل العام فيما يرتبط بالرؤى في الثقافة الدينية – في العقائد في الاحكام -انه لا يعتمد عليها فان دين الله اعز واعظم واكرم واجل ّ من ان ينال ويَثْبت في النوم , لدينا حديث معتبر من حيث السند وواضح من حيث الدلالة عن الامام الصادق ع انه يسئل احد أصحابه : ماذا يقول هؤلاء أصحاب مدرسة الخلفاء في امر الاذان   ؟

حيث اتباع مدرسة الخلفاء يقولون ان النبي و اتباعه تحيروا كيف ينادون للصلاة ! هل يستخدمون ابواق كاليهود او يدقون أجراس كالمسيح او يشعلون النار كالمجوس فنام شخص اسمه عبدالله بن زيد فرأى شخص ولقنه الاذان فاعتمد الرسول ذلك

اما في مدرسة اهل البيت فاننا نرى ان دين الله اعز من ان ينال بالمنام , فقضية الاذان التي هي شعار المسلمين و نداء الاله اليهم فالجميع سوف يتعبدون بهذا الاذان فكيف يتعبد الناس برؤيا انسان عادي

نحن الامامية نرى انه لما عرج بالنبي محمد صلى الله عليه وآله الى السماء فانه اذن وصلى بالملائكة و الأنبياء ومن كان بالسموات . فالأذان كان في مكة اي قبل الهجرة الى المدينة بعكس ما يقوله اهل العامة فهم يتحدثون عنه بعد الهجرة

فبما ان المسالة الفقهية الجزئية الفرعية لم يقبلها الامام الصادق وقال ان الدين اعز الدين اعظم واجل من رؤيا, ا ترى يقبل الامام بالروئ في احد من المسائل المهدوية ؟! فالعقائد والأصول المذهبية أولى

عندما يأتي القران ويعدّد منافذ العلم ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) الاسراء 36 . هذه منافذ العلم والتحليل العقلي و النظريات وعمل القلب

لماذا لا يؤخذ بالروئ ولا حجية لها مع ان الأنبياء عملوا بها؟؟

إبراهيم عمل بالرؤيا و همّ بذبح ابنه , نبي الله يوسف فسّرت رؤيته على النحو الذي وقع فعلا وهو فسّر روى الاخرين , فلأنبياء تعاملوا مع الرؤى حتى في موضوع القتل ولذا نقلنا لكم في المحاضرة السابقة قصة المرأة التي اغويت وضللت وعندما قال لها والدها : لو طُلِب منك ان تقتليني هل تفعلين؟ , قالت :نعم افعل فنبي الله إبراهيم ذهب الى قتل ولده بعد ان رأى منام

لو كانت الرؤيا ليست حجة شرعية و محل اعتماد فكيف اهتم بها واعتمدها الأنبياء كنبي الله يوسف وإبراهيم ؟؟

الجواب على ذلك

انه علينا ان نفرق بين الأنبياء والاوصياء وبين غيرهم من عامة الناس لان الأنبياء والائمة الاوصياء ليس للشيطان عليهم أي سبيل لا في اليقظة ولا في المنام فالشيطان بنفسه يعترف انه لا يصل الى الأنبياء والاولياء الاوصياء ولا يستطيع ان يلقى في افكارهم وقلوبهم شيء ولا يتمكن من التشويش عليهم ﴿ الا عبادك منهم المخلصين في حين انه يستطيع عمل ذلك مع الانسان العادي

الأنبياء والائمة أرواح زاكية صافية مقدسة مرتبطة بالله عز وجل لا يصلهم الشيطان و لا يسيطر عليهم لذلك لا فرق بين ما يرونه في اليقظة والمنام , قال النبي صلى الله عليه واله ( انما تنام عيني ولا ينام قلبي ) أي ان الشيطان لا يستطيع ان يسيطر علي ّ

الامر الثاني : مع كل هذه الرؤى التي تحققت للأنبياء فالأصل هو ان الرؤيا لا حجية فيها ولا يجب متابعتها وليست دليل لا على فكرة ثقافية او مسالة فقهية او مسالة عقائديا ابدا الا ما خرج بالدليل

ففي قضية إبراهيم جاءنا دليل على ذلك وهذا خارج عن الأصل , وفي قضية يوسف هي تحققت وكان يجب متابعتها بالدليل

فالأصل الاولي هو ان دين الله عز وجل اعز من ان ينال في المنام وفي الاحلام . وهنا اجد المناسبة لا وجه الحديث الى نفسي ثم الى اخوتي المتحدثين ثم الى المستمعين وعامة الناس بانه لا ينبغي التضخيم في مؤديات الاحلام و المنامات , فعلى الخطيب ان لا يكون كلامة و دليله اوله واخره في مجال الاحلام والرؤى وكذلك عامة الناس لا ينبغي ان يكون اهتمامهم كبير بالأحلام

فالموقف العملي هو عدم الاكثار من الاهتمام بقضية المنامات والاحلام و البحث عن تفسير لها ,قد تجد اشخاص يحرصون على تفسير الاحلام اكثر من حرصهم على تعلّم المسائل الابتلائية وتصحيح الأخطاء التي يقعون بها , يفترض ان نعيش في الواقعية وضوء النهاء وليس في عالم الاحلام و الخيال والاوهام وعدم الاعتقاد بان هذه الاحلام هي حق وانها ستنطبق على واقعنا بحذافيرها قريبا

فالإكثار من الاهتمام بالأحلام غير صحيح ولا ينبغي أصلا . لو اخذنا موقف اهل البيت تجاهه الاحلام   لوجدنا ان رسول الله منذ ان كان عمره خمسة عشر سنه الى ان انتقل الى رحمة الله ورضوانه راضيا مرضيا وعمره ثلاثة وستين سنه أي انه قضى ما يقارب سبعة عشر الف ليلة فلو قلنا ان 10% منها مثلا رأى رؤى او 5% فنحن لا نجد انه اهتم اهتماما كثيرا

نعم لتلك الرؤى التي لها اتصال في الدعوة والدين كفتح مكة و كغزوة بدر لكي ينتهي الامر الى الفتح والنصر , و كنصر المسلمين التي هي رؤيا تنبئية صادقة اما غير ذلك لا نجد في سنة الرسول الكريم الصحيحة الا القليل . و لو كانت الرؤى لها هذا المقدار من الاهتمام لكنا نجد مجلدين او اكثر في حين اننا لا نجد ذلك

طريقة تعامل النبي مع الرؤيا

عندما يأتي النبي احد يتحدث عن الرؤيا فان النبي بكل هدوء يقول له :" اذا راى احدكم ما يكره فليستعد من الشيطان "وقال صلى الله عليه وآله :" اذا رأى احدكم ما يكره فليتحول من شماله الى يمينه " و هذا يدل على ان الاحلام تعطى فقط هذا المقدار و لا يعتنى بها .

يوجد في مصادر مدرسة الخلفاء – غير موجود في مصادرنا – ان الشخص اذا رأى ما يكره في المنام فليلتفت الى شماله وليتفل . عند الائمة سلام الله عليهم فإننا نجد عدم الاهتمام الكثير في الاحلام أيضا مع ان رؤاهم حق ولكنهم يريدون ان يعلمونا التالي :

اذا كان الحلم عن امر ديني فدين الله اعزمن ان يؤخذ من الرؤى

ان كان الحلم في امر دنيوي فهنا حاله من اثنتين فان كان الامر مبشر فتفاءل و اعمل على هذا التفاؤل وان شاء الله تتوفق و لكن اذا رأيت شيء يهمك ويغمك فاستعد بالله من الشيطان الرجيم وتصدّق واعمل في حياتك كما كنت تعمل في حياتك الاعتيادية فان حتى العلماء المتخصصين في مجال تفسير الاحلام كابن سرين فانه كان يُذكر له في اليوم مائة رؤيا فكان يقول:" اتق الله واحسن "

 وطالما اننا لا نهتم بهذه الاحلام والرؤى فإنها لا تصبح جزء من ثقافتنا وهي في الواقع ليست حجة و لن تصبح إداه في ايدي أصحاب الطرق المنحرفة لاستخدامها في تضليل ابناءنا وبناتنا في قضايا عقائدية مهمه كقضية امام زماننا عجل الله تعالى فرجه الشريف فمثلا اليهودي قد يرى موسى في المنام ويقول له بان الدين الموسوي هو الحق , والمسيحي قد يرى عيسى ويقول له بان دينه العيسوي هو الحق , و المسلم يرى النبي ويقول له ان دينه المحمدي هو الحق , و انت ترى الامام علي و هكذا , فهذا ليس فاصل فلا يفصل في العقائد بالأحلام و حتى ما دون ذلك . و الأشخاص الناجحون يهتمون بالواقع باليقظة وليس بالمنامات والاحلام

يقال ان شريك بن عبدالله كان في زمن المهدي العباسي وعلاقتهما غير جيده وكان أحيانا يتحرج من الصلاة خلفه ,وفي يوم من الأيام استدعى المهدي العباسي شريك بن عبدالله وقال له اني رأيت رؤيا انني اكلمك وانت تجيبني من دبرك وهذه عرضتها على بعض المفسرين فقالوا انك تطئ بساطي وتعمل الحيلة في قتلي . أي بالتالي يجب ان اقتلك فالتفت اليه شريك وقال: يا هذا انت لست إبراهيم الخليل حتى تصدق رؤياك و لا مفسرك يوسف ابن يعقوب , الله الله ان ترتكب مني ما حرمة الله عليك بسبب رؤيتك . فصرفه المهدي لان حجته قويه

وهكذا يجب ان لا نرتب اثر عملي على ما نراه في الاحلام فلو رأى في المنام ان الغسل في اول أيام محرم هو امر لازم فلا يطبق لأنه ليس واجب عليك بل اذا كان يتعلق بتشريع فانه غير جائز القيام به فهناك طرق لمعرفة الاحكام من واجبات ومستحبات ( فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون)

البعض يناقش في هذا الامر فيقول عندنا في الروايات ان الرؤيا على ثلاثة اقسام

  • رؤية صادقة                            2- تسويلات الشيطان                 3- اضغاث أحلام

 

وانا رأيت رؤيتي في الفجر اذن هي رؤيتي صادقة , نرد عليه ونقول وما الذي يجعلك متأكد من صدق رؤياك ربما هي اضغاث أحلام وتسويلات شيطان واماني وغير ذلك

اذن لا نريد ترتيب اثر عملي حتى لو اعتقد انه رأي احد من المعصومين فلا يرتب الأثر فلو مثلا تصور احدهم انه راي الامام المهدي فامره ان لا اقرأ مجلس حسيني

أيضا لو تصورت انك رأيت احد الأنبياء او الاوصياء كالإمام المهدي مثلا وانه علمك مساله فقهية في المنام وتريد ان تطبق هذه المسالة على الرغم من رفض العلماء من القيام بذلك – فلا تصر بحجة ان الامام المهدي تحت يده جميع العلماء - فهذا من تسويلات الشيطان . فلو رأيت الامام امامك واقفا عيانا هنا عليك ان تطيعه اما غير ذلك فلا يصح لاسيما فيما كان مخالفا للأصول .

مثال : المرأة التي تتوهم بان المهدي قد رأته يقول لها ان زوجك عليك حرام وعليك تركه فهذا مخالف للأصول ولا يطلبه معصوم في اليقظة فكيف في المنام !!

في جواب جميل للعلامة الحلي رضوان الله عليه للعالم الجليل القاضي المهنا بن سنان و هو من العلماء الكبار المزامنين للعلامة الحلي و هو من علماء المدينة المنورة في الأيام التي كانت المدينة المنورة خطابتها و امام الجماعة و سدانة الحرم النبوي في يد شيعة اهل البيت عليهم السلام , هذا العالم يتبين انه فقيه وعالم بحق حيث كتبت وطبعت مسائله باسم المسائل المهنائية واجوبة العلامة

فكان من ضمن اسئلته التالي : لو ان شخصا راي احد من المعصومين في المنام فأمره بأمر او نهاه عن امر فماذا يصنع ؟

فأجابه العالم الجليل : اما ما يخالف الظاهر فلا ينبغي المصير اليه -لان الامام لا يقول ذلك لأنه على خلاف القواعد الشرعية – واما ما يوافق الظاهر فالأولى المتابعة ولكن من غير وجوب لان رؤيته لا يوجب المتابعة - كان رأيت احد و توقعت انه الامام وهو يقول لك تصدق على العائلة الفلانية او اقم مجالس للعشرة الثانية الحسينية في دارك او اعمل الخير الفلاني فلك ان تعمل بها ولكن العمل بها ليس واجب عليك فلو شاهدته عيانا عليك المتابعة بناء على قوله تعالى ( ما اتاكم الرسول فخذوه ).

من عنده وعي وقواعد مؤصلة لا يتورط في هذا الامر صغيرا كان او كثيرا . هذا كما هو حال القاسم بن الامام الحسن عندما عرض عليه في كربلاء ان يضحي بنفسه وان كان ذلك مؤلما و مزعجا ويفقد الحياة لذا عندما قال له عمه الحسين ان يوم غد سيكون مصرعهم ولكن هناك اشخاص سيبقون على قيد الحياة , هنا سال القاسم : انا ممن يقتل او ممن يبقى ." فقال له :" بني كيف ترى الموت عندك؟ " قال القاسم : "فيك احلى من العسل "

 

 

مرات العرض: 3400
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2558) حجم الملف: 46255.55 KB
تشغيل:

المتلاعبون بالعقول
المجتمع المسلم والتنمية السياسية