التواصل الاجتماعي ضرورته واشكالاته
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
المكان: مسجد الرسول صفوى
التاريخ: 11/1/1435 هـ
تعريف:

بسم الله الرحمن الرحيم
التواصل الاجتماعي ضرورته وإشكالاته


قال سيدنا ومولانا أمير المؤمنين سلام الله عليه:( شيعتنا المتباذلون في ولايتنا المتحابون في مودتنا المتزاورون لإحياء أمرنا الذين إذا غضِبوا لم يظلموا وإذا رضوا لم يُسرفوا بركةٌ على من خالطوا وسلمٌ لمن جاوروا )
ينقُل هذا الحديث الشريف شيخنا الصدوق أعلى الله مقامه محمد بن علي بن الحسين بن بابويه  المتوفى سنة 381هـ وهو صاحب أحد الكتب الأربعة المعتمد عليها كمصدر من مصادر الفقه في مدرسة أهل البيت عليهم السلام كتابه (من لا يحضره الفقيه ) وله بعض الكتب الأخرى منها كتاب ( صفات الشيعة ) وقد ورد هذا الحديث في ذلك الكتاب..
الحديث ينقله الشيخ الصدوق بسنده عن الإمام الباقر عليه السلام والإمام الباقر ينقله عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.
وفي هذا الحديث جهتان تستوقفان النظر.
الجهة الأولى... أن الإمام الباقر في نقله للحديث عن الإمام علي عليه السلام في حين إننا نعتقد أن أحاديث الباقر, والعسكري, والكاظم مساوية في الحجية لحديث الإمام علي عليهم السلام
وبناءً على ذلك فلا يحتاج الإمام أن يقول أنا أنقل هذا عن الإمام علي عليه السلام. حيث أن كلامه في الحجية والقيمة التشريعية ككلام أمير المؤمنين عليه السلام فهذه تستوقف النظر لماذا..؟
قال الباقر عليه السلام إن هذا الحديث عن أمير المؤمنين عليه السلام. هذه جهة
الجهة الأخرى...  إن الحديث عن صفات الشيعة ككيان إجتماعي لم يبدأ في الغالب إلا من زمان الإمام الباقر عليه السلام فقد كان في زمان الرسول صلى الله عليه وآله والإمام علي عليه السلام حديثاً عن الشيعة مثل: ( علي وشيعته الفائزون ) ولكن تفاصيل الكيان الإجتماعي لم يبدأ الحديث عنها في الغالب إلا في زمن الإمام الباقر عليه السلام وفي المقابل الحديث يشير إلى أن هذا الكلام كلامُ علي بن أبي طالب  عليه السلام وهذه أيضاً تستوقف النظر..
بالنسبة للجهة الأولى هناك أكثر من جهة تبرر وتوجه هذه الفكرة لماذا ينقل الإمام عن إمام ؟
لماذا توجد بعض الروايات بل الكثير منها هكذا، سواء في الفقه أو العقائد أو الأخلاقيات ؟
هناك عدة توجيهات المهم منها في حديثنا هو أننا نعتقد أن قسماً من المضامين التي أكد عليها أكثر من إمام من الأئمة لأهميتها ولزوم التوجيه لها.. فالإمام في زمانه ينظر للموضوع بأنه ذا أهمية فيتحدث عنه ليأتي إمام آخر فيتحدث عنه لأهميته أيضاً من غير حاجة لأن يُنشأ كلاماً جديداً فينقُل ما قاله الإمام السابق تأكيداً منه على هذا المضمون وهذا المعنى من المضامين المهمة التي تحدث فيها أكثر من إمام في أكثر من فترة زمنية..
في هذا الحديث يبدأ (شيعتنا المتباذلون في ولايتنا, المتحابون في مودتنا, المتزاورون لإحياء أمرنا...) وكأن هذا الحديث إطاره العام هو إطار التواصل الإجتماعي مع الغير بل خارج إطار من هم في ولايتنا ومن هم ضمن خط الولاية والإمامة بمجاورتهم لأناس آخرين فهم بركةً عليهم ومسالمون بالنسبة لهم ( بركةً على من جاوروا وسلمٌ لمن خالطوا )
أصل موضوع التواصل الإجتماعي بين الناس و الحديث عنه كان قبل التوجيهات الدينية بمعنى أن الإنسان يرى أنه لا يستطيع أن يقضي حاجاته بنفسه دون الحاجة الى الغير.
نظراً لحاجة الإنسان إلى بنّاء, إلى طبيب, إلى نجار, خباز إلى غير ذلك لقضاء احتياجاته وكذلك حاجة الناس له في قضاء حوائجهم فلا بد من بناء علاقة تبادلية وتواصلية بين الناس فلا تكون علاقة عداء أو محاربه ومواجهة وإنما ستكون علاقة انسجام, تبادل, وتواصل حتى يتسنى لكل فرد أن يقضي حاجاته الشخصية فيُنظم حياته وهذا أمر مربوط بمدنية الإنسان واجتماعيته ووجوده بغض النظر عن التوجيهات الدينية.
جاءت الأديان فأعطت لهذا التواصل بين الناس أبعاداً جديدةً ومهمة ولاسيما في دين الإسلام إذ نُلاحظ أنه جاء وصنع دوائر, كل دائرة لها أهمية وأحكام خاصة.. فبدأ بـ دائرة الأرحام فهي أقرب الناس إلى الإنسان من حيث القرابة فقال أن لهذه الدائرة حقوق أخلاقية منها الصلة, الرعاية, الاهتمام, المساعدة, بل لها أيضاً حقوق مالية واجبة كقضايا النفقات مثلاً؛ يجب على الولد أن يُنفق على أبيه الفقير شرعاً كما يجب على الوالد أن يُنفق على ولده الفقير بإلزام شرعي...
وفي حالة الوفاة نجد نظرية ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )
كيف نُقسم الميراث ؟
بعض الشرائع تُقسم الميراث على الرجال الكبار الأشداء الذين يملكون المقدرة على القتال فالنساء والأطفال لا نصيب لهم وفي بعض الدساتير الحديثة يقولون أن نصف الثروة للدولة بإعتبار أن الدولة ساهمت في تكوين هذه الثروة لدى الإنسان.. أما الإسلام قال: لا ، العلاقة الرابطة بين هذا الإنسان وأرحامه هي التي تحدد توزيع المال.
فلذلك أعطى دائرة الرحم أهمية وقال صلة الأرحام لازمة الاهتمام ، بل أكثر من ذلك فهناك الواجبات المالية كالنفقة في حال الحياة, وكالميراث بعد الممات,, فتقسم الأرحام طبقةً بعد طبقة على حسب البعد والقرب..
ثم نأتي لدائرة أخرى وهي الدائرة الجغرافية أي القرب الجغرافي لا القرب النَّسَبي والرحمي ، تلك المتمثلة في ( دائرة الجار ) ومن كان قريباً منا من الناحية الجغرافية يُطلق عليه جاراً.. سواء كان تحديد عرفياً كما عليه قسم من العلماء فعندما يُقال هذا جار يترتب عليه ما يترتب من حقوق الجار أو ما ورد في بعض الأقوال أنه إلى أربعين بيت يعتبر جار وهذا ما يرتبط بأمر الجغرافيا والدائرة الجغرافية في القرب والبعد لذلك أعطاها الدين أحكاماً في أمر التواصل ( الجار من كان قريباً منك وإن لم يكن بينكما نسباً أو قرابة فلا بد من التواصل معه واحترامه وتأدية حقوقه )
بعد ذلك عمّم الدائرة فأشار إلى دائرة الشركاء في المذهب أهل ولايتك "المتباذلون في ولايتنا  المتحابون في مودتنا.." هؤلاء وإن لم يكونوا من الأرحام أو الجار إلا أن الارتباط الديني والمذهبي يحمّل كل فرد المسئولية في التواصل معه والفرح لفرحهِ والحزن لحُزنه والتعاطف معه في مشاكله والإهتمام بقضاياه إلى غير ذلك...
وبعد ذلك وسع الدائرة إلى دائرة الاشتراك في الدين - دين الإسلام-  فالمسلم أخو المسلم فلا يظلمه ولا يغتابه ولا ينم عليه و.. و.. وإلى غير ذلك...
فقد رتب عنوان الإسلام وجعله الدائرة الأكبر من الأرحام و الجار والمذهب.. وجعل فيها حقوق منها مسألة التواصل والتزاور والإحساس والقيام بما يجب على هذا الإنسان..
وبعد ذلك تأتي الدائرة الأكبر والأعظم وهي دائرة البشرية. والحديث فيها طويل ...
هذه الدوائر نحن نتحمل المسئولية تجاهها بمعنى الحقوق, أي أن  للمؤمن على المؤمن, وللجار على الجار, وللرحم على الرحم, وللمسلم على المسلم, حقوق في أمر الصلة و الاحترام وأن نستشعر أحزان بعضنا وأن نعيش كل القضايا ونهتم لكل الأمور ولهذا وُجِد في مجتمعاتنا الإسلامية ولله الحمد وبالأخص مجتمعنا الذي نعيش فيه أناس لهم إهتمام كبير بهذا الجانب فمثلاً إذا أصبحت لدى إنسان منهم مناسبة سواء كانت فرح أو حزن كوفاة أحد من أقربائه مثلاً نرى الجار والأرحام  ومن يشتركون معه في المذهب يقفون بجانبه ويقومون بتعزيته ويشاركونه إحساسه ويرفعون معنوياته بوجودهم معه وهذه الظاهرة ملحوظة ، وكذلك إذا هم أحدهم بتزويج ابنه نلاحظ هذه الجهة بشكل واضح  في مشاركة الجميع وهي جهة ممدوحة ويُثنى عليها ...
هذه الجهة الإيجابية وهذه الصفة الطيبة من الممكن أن تستتبع بعض الإشكالات و أن يكون خلفها بعض المشاكل فلذلك لابد من التنبيه عليها حتى تكون هذه الصفة مع بقائها في المجتمع وقيامه عليها من دون آثار جانبية سلبية.
هناك بعض الآثار الجانبية وبعض السلبيات التي تترافق مع مثل هذه الصفة وهي صفة التواصل الاجتماعي.
من الإشكالات وربما الأضرار عندما يستهلك عمر الإنسان في هذا الشأن فهنا تتحول من صفة إيجابية إلى صفة تحمل ضرراً.. فهذا الإنسان يكون شغله الشاغل التنقل من مجالس الفرح (الأعراس مثلاً) إلى مجالس العزاء مشاركاً للناس في مناسباتهم غير أنه متناسٍ لشؤونه الخاصة فأين مسئولياته تجاه أعماله الخاصة وأين مسؤولياته تجاه أسرته وأهله ؟!
يكون مثل هذا التواصل سبباً في استهلاك عمر الإنسان في مثل هذه القضايا فيتحول إلى شيء غير نافع لاسيما بالنسبة إلى فئة من الناس التي رأس مالها الوقت..
يُنقل عن علاّمة الهند المير حامد حسين النقوي الهندي الذي هو معجزة في علمائنا مع أنه مجهول للأسف وليس معروفاً بمقدار ما يكفي ألّف كتاباً أسمه (عبقات الأنوار في الاستدلال على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ) ولم يُطبع الكتاب بأكمله بل طُبع مختصراً في ثمانية عشر مجلد ولو طُبع بأكمله لوصل إلى ستين مجلداً. يقول أحد علمائنا في الكتاب وهو (آغا بزرك الطهراني) وهذا الرجل من المعروف بأنه باحث منقطع النظير ، يقول "نظرت إلى كل الكتب وأعرف ما كان غير مطبوع منها ، والكتب الموجودة قد راجعتها ،وقد سافرت إلى أكثر مكتبات الدنيا التي فيها كتب الشيعة التي عرفت عنها فلو قلت أنه لم يؤلف منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا كتاب ككتاب العلامة النقوي في بحث خلاف العقائد لرجوت أن أكون صادقاً" يعني بذلك الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه وما ألفه  والشريف المرتضى وما كتب والعلامة الحلي وما صنف والعلامة المجلسي وما جمع و و .. هؤلاء كل كتبهم وعشرات الآلاف من الكتب إلى جانبهم لم يكن فيها واحداً مثل هذا الكتاب الذي ألفه علامة الهند المير حامد حسين النقوي الذي توفى في سن مبكرة في السادس والخمسين من عمره رحمة الله عليه..
أول ما بدأ  في التصنيف قال أنا بين أحد الأمرين إما أن أصرف وقتي في هذا التصنيف والتأليف لمثل هكذا الكتاب وأما أن أتفرغ للقضايا الاجتماعية  وأن أشارك كل من حولي في مناسباتهم فالجمع بين الأمرين يستلزم مشقة لا تحتمل فإما أن أختار هذا أو ذاك وبحسب مسؤوليتي سأختار الأمر الأول وهو الذهاب للتحقيق والتأليف والكتابة والتصنيف, وبالنسبة لقضايا الناس وما يكون لهم سينالهم مني الدعاء في السر وليس الحضور فإذا تزوج أحدهم سأدعو له بحياةٍ ملؤها الألفة والسعادة وإذا توفى أحدهم سأقرأ له الفاتحة وأدعو له بالمغفرة والرحمة, فالمهمة التي بيدي لا يجتمع معها أمرٌ آخر. وبالفعل أنهى عمره الشريف وكان يُراوده أنه من القصار أعمارهم, وما إن وصل عمره  55/56 سنة حتى وافته المنية رحمة الله عليه.
مثل هذه الشخصية وأمثالها فإن التواصل الاجتماعي مع أهميته وفضيلته وجودته بالنسبة له يكون التواصل الاجتماعي استهلاكاً لعمره
ومثله ايضاً العلامة المحدث النوري رحمة الله عليه صاحب كتاب ( مستدرك الوسائل ) تحدثنا عنه كثيراً, في فضل كتابه وعلمه في السنة المنصرمة وقد عُمر طويلاً ولكن كان مشروع هذا الكتاب في اواخر ثمان سنوات من عمره طلب من الناس المعذرة في مشاركتهم مناسباتهم وقضاياهم الاجتماعية وأنه سيكون معهم بقلبه بالدعاء لهم وذلك لإنجاز هذا الكتاب الذي هو أحاديث أهل البيت عليهم السلام التي لم ينقلها ناقل قبله أي لم يتمكن سائر العلماء أن يوفروا هذه الأحاديث في الكتب بينما هو استطاع ذلك..
التواصل الاجتماعي جيد ولكن بالنسبة إلى قسم من الناس مثل هؤلاء يعد استهلاكا لأعمارهم وأوقاتهم الثمينة.
الأمر الثاني... إذا كان التواصل الإجتماعي من أجل دفع شر الكلام ..هناك قسم من الناس يقول لا بد من الذهاب لمناسبات الغير وإلا تحدث مشكله في عدم الذهاب, فأذهب ولو لوقت قصير فإذا كان الذهاب خوفاً من وقوع المشكلة فهذا ليس الغرض المطلوب من التواصل الاجتماعي, فالغرض من التواصل هو إبراز المودة والمحبة وأن يكون فرح الإنسان فرح لأخيه الإنسان الآخر وكذلك الحزن وأن يتكاتف البعض في إسناد بعضهم للآخر, فإذا وقع أحدهم في مصيبة فهناك من يأتي له يهدئ من روعه ووقع المصيبة عليه ويعزيه فيها ويسلّيه عنها ليس لأنه إذا لم يأتي تحدث مشكلة له ولأسرته , أو أنه إذا شارك أحدهم في مناسبة له يكون ملزما لمبادلته بالمثل كأن يشاركه في مناسباته جزاء معاملة بالمِثل , فهذا ليس الغرض من التواصل الإجتماعي الذي قال عنه الإمام شيعتنا المتباذلون في ولايتنا المتحابون في مودتنا المتزاورون لإحياء أمرنا... أصبح المتزاورون لكفاية شر ذلك الشخص وكلامه... فهكذا لا يتحقق الغرض من التواصل الإجتماعي..
الأمر الثالث... إذا أصبحت هذه المواضع من مواضع العتاب والتقريع وتسجيل الأهداف.. فإذا لم يذهب شخص لمناسبة أحدهم فيقول لمرض أو تعب فيقول له الآخر قد رأيناك في السوق مثلاً أو يقول كنت في سفر فيرد عليه قد رآك ولدي
فهل من الواجب أن يذهب لهذه المناسبة ؟ هل هي كفريضة الصبح لابد أن يذهب لها ؟
فإذا أتاك مهنئاً فهو متفضل عليك وجزاه الله خيراً وعليك أن تشكره وإن لم يأتي عليك أن تحسن الظن به وتلتمس له عذراً.. ففي الحديث إن لم يجد له عذراً فاصطنع له عذراً وهذا هو الحري في التعامل به بين المؤمنين .. فلا بد أن يقول الإنسان في نفسه لو أن هذا الشخص كان عنده علم ووقت مناسب وليس تعباً ولم ينسى الأمر فمن المؤكد أن يحضر.. وإذا لم يحضر فليس هناك داعي للتحقيق معه لماذا ولماذا وبعض الأحيان قد يكون ذلك أمام الناس ( أنت لا تريد الحضور , أنت متعمداً , كنت تستطيع المجيء , ماذا تريد أن تثبت ؟ إنك لا تستحق أن يأتي لك أحد ؟ أو تريد أن تثبت أنه عدو لك بعدم حضوره؟ كلا الأمرين غير صحيح . على الإنسان أن يُقدم حسن الظن بالآخرين ) فالرجل لو كان بالفعل في حالة مناسبة للمجيء لجاء, وإن لم يأتي لسبب من الأسباب فهو لم تفوته صلاة الفجر أو طلعت عليه الشمس.. حق من الحقوق مستحب وقد قصر في أدائه فالمستحب ليس كالواجب لابد أن يفعله,, فهو إن جاء لك تفضل عليك ولابد من تقديم الشكر له وإذا لم يأتي فليس عليك أن تفتح تحقيقاً ومحضراً معه ..لماذا لم تأتي ؟ وما هي الأسباب ؟ أو بما إنك لم تأتي لنا نحن كذلك لن نأتي لكم
هذه ليست أخلاق الدين ولا هذا هو المبدأ ولا لأجل هذا الغرض....
الغرض منه متباذلون في ولايتنا متحابون في مودتنا متزاورون لإحياء أمرنا  وليس لتسجيل أهداف على الناس.. هذه الحالة اذا أصبحت عند أحدٍ , عندها فقد التواصل الاجتماعي أغراضه وأهدافه .فلا بد من قبول العذر بل احياناً لا يحتاج الطرف الآخر أن يبدي لك عذراً . فلان مريض لو تراه أمامك تتلعثم ,  ما تحتاج أنت إلى هذا وأكيد لو تسمع عنه دعوت الله له بالشفاء فهذا دُعاءك المخلص له من الله بالشفاء أفضل من أن تقول أنا ذهبت له غصباً عني أو إذا لم أذهب تكون مشكله بيني وبينه, فالدعاء بظهر الغيب أفضل بكثير...
المطلوب ان نعيش روح الغدير من المستحبات المطلوبة في يوم الغدير التهنئة بالغدير وعقد المؤاخاة بأن تقول ( آخيتك في الله , واثقتك في الله , صافيتك في الله ) مصافاة ومؤاخاة.. مسح هذه الحالات النفسية بل أكثر من هذا الخطوة (وعاهدت الله وملائكته وأنبياءه ورسله أني إن كنت من أهل الجنة والشفاعة لا أدخلها إلا وأنت معي..!
أنا الآن ألم أقل لكم إني أُعاهد الله عز وجل وملائكته وأنبياءه ورسله أني إن كنت من أهل الجنة والشفاعة لا أدخلها إلا وأنتم معي تقبلون ذلك ؟ أقبل منكم أيضاً هذا الأمر ... عاهدت الله هكذا وأنت تتعاهد مع أخيك في هذا الأمر ثم تقول ماذا ؟
هنا مهمة جداً..( وأسقطت عنك جميع الحقوق ما عدى الشفاعة والزيارة )
كان من حقي أن تقوم بزيارتي في حال المرض قد سقط ,, كان من حقي أن تقدم لي التهاني بزواج ابني ولكن لم أطلبه منك , كان من حقي أن تعزيني بوفاة أبي ولكن لم أطلبه منك , فلا تحتاج إلى عذر تقدمه لي...
فلو كنا في مجتمعنا نعيش التواصل الإجتماعي بهذا المستوى..
عندما أحدهم لا يأتي لمناسبة الآخر وعندما يراه يفكر ما يقول له وبما يتعذر وماذا أفعل فلا يحتاج لهذا الأمر وكذلك صاحب المناسبة ليس عليه أن يراقب من حضر ومن لم يحضر ومن حضر لوقتٍ قصير أو من حضر لوقتٍ طويل ... لا تحتاج إلى هذا الأمر وليس صحيحاً لابد أن نُقدم حسن الظن على كل شيء لاسيما مع الظروف الموجودة الآن في المجتمعات والحياة  فبعض الناس لا يتمكن من الجلوس مع أهله ساعةً من الزمان يخرج باكراً من الفجر في كسب معاشه إلى المغرب فيقوم ببعض شؤون منزله والقضايا الواجبة عليه..
فأنت يا صاحب المناسبة تُقدم أولاً أن حقك ساقط...
فهذه روح الغدير....وأسقطت جميع الحقوق خلا الشفاعة والزيارة ..
ليس عليك يا صاحب المناسبة مطالبة أخيك  وأن تلجأ للعذر واصطناعه له, وحسن الظن به, فلو كان يستطيع المجيء لأتى إليك وشاركك في مناسبتك, عليك أن تفهم ظروف الآخرين ( إذا كنت معروفاً في أكثر من بلد وكانت هناك أكثر من مناسبة هنا وهناك فهل ستدور من مكان إلى مكان ومن مناسبة إلى مناسبة ؟ ) سترى عندئذٍ أن الظروف محرجة وتضغط عليك وكذلك ظروف الآخرين أيضاً ولهذا لابد من حسن الظن بهم وتقديم العذر بين أيديهم ليكون مجتمعنا في حال تواصله يُجسد المودة والمحبة والسلام...
فنحن نُشير إلى هذا الجانب من أجل التنبيه لبعض الحالات السلبية وإلا المؤمنون بحمد الله أكثرهم من هذا النوع يقدمون العذر لإخوانهم فلا يكونون بهذه الصورة ولكن لو حصل هذا الأمر لابد أن يكون بهذا الإتجاة..
نسأل الله الموفقية  لنا ولكم والتواصل مع إخواننا وأصدقائنا وأرحامنا وأبناء مذهبنا وديننا بالنحو الأعلى الذي يُجسد المحبة والمودة ببركة الصلاة على محمد وآل محمد.....

مرات العرض: 3387
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2560) حجم الملف: 50245.37 KB
تشغيل:

ثقافة السؤال
أمر أهل البيت والزمن الصعب