سيرة عبد الله بن جعفر الطيار ومواقفه
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 25/9/1436 هـ
تعريف:

🌱  عبدالله بن جعفر الطيار 🌱
كتابة الأخت الفاضلة علياء الفلفل
روي عن رسول الله ( ص ) أنه قال: «اللهم أخلف جعفرًا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه» صدق رسول الله
حديثنا يتناول شيئا مختصراً عن سيرة عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم .وهو فرع من فروع  هذه الأسرة الهاشمية التي ترتبط برسول الله ( ص) هذا الدعاء ينقل إن النبي دعى به  لأبناء جعفر الطيار عندما استشهد في مؤته سنة 8 هـ
وشمل هذا الدعاء عبد الله في الفقرة الأولى في العموم عندما قال (ص)( اللهم اخلف جعفرا في أهله ) وفي الفقرة الثانية بالخصوص عندما قال(ص) (وبارك لعبد الله في صفقة يمينه ) 
عبد الله بن جعفر يأتي ذكر اسمه كثيراً في مواضع مختلفة منها في هذا المورد عندما جاء خبر جعفر وشهادته ، وفي مورد آخر يذكر عندما التحق ببيت أمير المؤمنين( ع) وأصبح ضمن هذا التركيب الثلاثي ( الحسن والحسين عليهم السلام وعبد الله بن جعفر ) في كثير من القصص والروايات والقضايا للثلاثة .
كما أيضا نجد له ذكر عند الحوار بل الحورات المختلفة مع معاوية بن أبي سفيان في أحقية أهل البيت وأبناء أمير المؤمنين وفي تقدمهم وعلو شرفهم  بالقياس مع غيرهم،
وأيضا له ذكر في قضية كربلاء وبعض القضايا  الأخر نتعرض إليها بمقدار مختصرا  إن شاء الله.
🌱ولادته 🌱

قبيل هجرة النبي ( ص) وكانت في الحبشة  ، حيث أن جعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بنت عميس كانا في الحبشة ضمن المهاجرين الذين هاجروا إليها وولد عبدالله في الحبشة قريبا من هجرة النبي (ص) ولذلك عندما جاء والده إلى المدينة في أوائل السنة السابعة للهجرة كان عمره بين السابعة والثامنة من حيث السن ولم يلبث 14 شهرا حتى استشهد والده جعفر في غزوة مؤته سنة 8 هـ  شهر ربيع  وأ صبح هذا الغلام بين 8و 9 سناً يتيم الأب ،وإلى ذلك الوقت لم تكن قد تأسست حياة جعفر بن أبي طالب وحياة عياله حيث أنه جاء في السنة السابعة وفي أوئل السنة الثامنة استشهد فلم تكن لهم حالة استقرار من الناحية المادية
عندما جاء الخبر إلى رسول الله ( ص ) عن طريق الوحي عن شهادة جعفر وشهادة من معه وأخبر المؤمنين بذلك  فقد كانت تدمع عيناه حزنا فلقد كان يحب جعفرا حبا كبيرا  عندما جاء رسول الله (ص ) إلى بيت جعفر دخل وواضح عليه التأثر والحزن ودعا بأبناء جعفر الذكور وأخذهم إليه ووضعهم في حجره وأخذ يمسح على رؤوسهم.
 طبيعي أن أسماء بنت عميس إمرأة ناضجة تعرف هذه الإشارات قالت يا رسول الله أأصيب جعفرا ؟؟ قال: بلى عظم الله لك الأجر فيه احتسبي الأجر عند الله لذلك طبيعي إمرأة فقدت زوجها لابد أن تبكي وتتألم وتحزن وبدأت بالبكاء ،نبي الله بدأ يصبرها وكانت تشير إلى أن هؤلاء الأولاد أخاف عليهم العَيلة فقراء لأن وضعهم غير مستقر وجعفر لحد الآن لم تتأسس حياته فلم يكن له فرصة ليفتح تجارة أو زراعة أو غير ذلك في هذه الفترة القصيرة ولا يزالون الأولاد صغار أعمارهم بين 8 و9 وربما أكبر فقالت إني أخاف عليهم العَيلة، وقد رفع يده بالدعاء ( اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه ) الخليفة على هؤلاء ليس أنا وليس أحد آخر إنما هو الله ومن سيكون الخليفة على أهله وولده الله عز وجل فلا خوف عليه .
وبارك لعبد الله في صفقة يمينه لا تخافي عليهم فأنا وليهم في الدنيا والآخرة، وهذه قوة أعطاها لقلب أسماءبنت عميس قوة ما بعدها من قوة قلب  وكان رسول الله ينظر بعين الله  إن هؤلاء الأولاد سيكونون في طريقٍ يتشرف به هذا الإنسان.
وبعدها بفترة قصيرة تزوج أسماء أبو بكر الخليفة ثم مات عنها أبو بكر بعد سنتين فتزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع) فانضمت أسماء مع أبناءها إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام وأحاط الإمام الأبناء بكثير من العناية  والرعاية .
أولا: لأنهم أبناء شقيقه جعفر بن أبي طالب فجعفر وعلي شقيقان وأمهم فاطمة بنت أسد وهذا مدعاة للرعاية الإضافية ،كذلك أسماء أصبحت زوجة لأمير المؤمنين فمن الطبيعي أن يكونوا تحت رعايته وعنايته ،فنرى عبد الله ضمن هذه المجموع ( الحسن والحسين عليهما السلام ) ومن كان في بيت أمير المؤمنين مما يقارب هذا السن فهو يكبر الإمامين بما يقرب الأربع أو الخمس سنوات  لكن ضمن هذا الاطار تربى معهم واختصه الامام ( ع) بالتربية والتعليم والتوجيه وأصبح ثالث هؤلاء الثلاثة لذلك كثير من الروايات أن الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن حعفر خرجوا في طريق الحج فاستضافتهم عجوز وأنهم قابلوا معاوية وقالوا كذا وكذا ..هذه الرفقة والتواصل بينهم تشير إلى شدة العلاقة
لما صارت الخلافة عند أمير المؤمنين (ع) شارك عبد الله بن جعفر وكان في ذلك الوقت هو في عز شبابه عمره ما بين 35 و36 سنة شارك في حروب مختلفة مع الإمام علي عليه السلام كالجمل وصفين والنهروان وقيل إن الإمام علي (ع) كان أحيانا يمنع عبد الله من الهجوم المتحمس بزيادة حسب التعبير لأن أصحاب الهجمات يقذف بنفسه في لهوات الحرب من دون أن يلاحظ سبب للمحافظة على نفسه وبقائه وسلامته  فمن المكن هذا السبب جعل الإمام يمنع عبد الله أن يحمل هذا النوع من الحملات لأن مما كان يشهد له بالجرأة .
وخارج اطار الحروب يقول أحدهم أن عبد الله كان كاتبا لأمير المؤمنين ضمن ديوانه في الحالة المدنية ضمن الدولة ، كان عبد الله مع الأمير يكتب له في عمله وقائم على هذا الجانب .
إذن هو كان لصيقا وتلميذ له ورفيقا مزاملا للحسنين عليهما السلام
حتى إذا صار زمن الإمامين هنا نلاخظ إن مجموع ما ينقل من الروايات التاريخية تشير معاني منها اعتراف عبد الله للإمامين بالإمامة ومنها اعترافه  مع الآخرين وأمام الناس أنه لا يقاس بهما فهما أفضل وأشرف منه بل أن أمور بناته وأهله مفوضة لهما الولايه عليهم حتى الأمور الشخصية كتزويج بنت بن بناته وما شابه.
نورد بعض الأمثلة في كتاب سليم بن قيس الهلالي المعروف يوجد نقاش كثير حوله لكنه كتاب معروف ومشهور  هل كله صحيح  أو قسم صحيح وقسم لا ؟المهم ليس هنا بحثه ولكن يعتبر من الكتب المشهورة في المكتبة الشيعية وارد فيه إن رسول الله أنني سمعت رسول الله يخاطب علي فيقول له يا علي أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم أنت أولى منهم بأنفسهم ثم الحسن ثم الحسنين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي وهكذا يعدد الأئمة إلى أن يصل لقائم آل محمد .
وفي هذا الإشارة لنا على صحةهذا النقل هنا تعرض  هذا المعنى من أيام الرسول (ص) فضلا عن أيام أمير المؤمنين في المعنى الآخر نلاحظ مثلا أن معاوية بن سفيان كان يحاول أن يقدم عبد الله بن جعفر على الحسنين وهذه كانت طريقة عنده يحاول أن يظهر أشخاص آخرين من أجل أن لا تتركز القوة والشخصية في الحسنين فبرأيه هو عنده لو تتركز الزعامة في أربعة من بني هاشم أفضل من زعيم واحد حتى يقدر يلعب عل المفارقات على الأربعة لأن واحد لا يقتدر .
 فكان يسعى لإخراج بعض الشخصيات والبعض يظهرهم، فصارت له محاولة مع عبد الله بن جعفر يراه مع الاماميين يقوم بقيامهم يجلس بجلوسهم يأتمر بأوامرهم فقال له ذات مرة يا أبا جعفر ما أشد اعظامك للحسن والحسين وماهما بخير منك ولا أبوهما خير من أبيك ولولا أن فاطمة بنت رسول الله لقلت ما أمهما خير من أمك.
فقال له عبد الله إنك لا تعرف الحسن والحسين ولم تعرف أباهما ولم تعرف أمهما ولو عرفت ذلك لما قلت لي هذا الكلام هما خير مني وأبوها خير من أبي وأمهما خير من أمي وأنا لهما مطيع وأنت لا تعرف قدر علي ولا الحسن ولا الحسين لكن أنا أعرف قدرهما (جيدا )لذلك أنا لهما مطيع
بل كان يفوض لهما القضايا الشخصية إلا عادةً الإنسان يتولاها بنفسه إلى الأمام الحسين عليه السلام في زمان استشهاد الإمام الحسن (ع)
مثال :. إن قضية الزواج قضية شخصية فأنت لو خطب أحد ابنتك نرى الموضوع مرتبط بك شخصيا وليس مربوط بشخص آخر ولكن عبد الله كان من اعظامه للإمام الحسين أن فوض أمر بناته للحسين(ع ) لا سيما أنه تزوج ابنة أمير المؤمنين (ع ) وهذا أيضا إشارة إلى شدة اختصاص أمير المؤمنين لعبد الله أنه زوجه ابنته زينب الكبرى سلام الله عليها في الوقت الذي كان يرغب بها غيره لكنه لم يعطها إلا لعبد الله بن جعفر
ومعاوية ذات مرة أراد يبني علاقة مصاهرة بين بني أمية وبني هاشم وبزعمه ينهي المشكلة  فإذا صار زواج انتهت المشاكل
وأنا ألفت لك قضية هي مفتاح لبوابة كبيرة  أن التاريخ الرسمي لمدرسة الخلفاء وهذا من القديم عندهم ثلاث نقاط أساسية
1- التزويج أن بنو هاشم تزوجوا من الخلفاء وتزوجوا من بني أمية وزوجهم إذن لا يوجد مشكلة بينهم إذن هم متفقون وعلى خير إذن ما يقوله المتطرفون من الشيعة من وجود خلافات غير صحيح
2- التسمية إن هؤلاء سموا بأسماء الخلفاء وأسماء بني أمية مثلا عبد الله بن جعفر عنده من الأولاد ما اسمه معاوية وأمير المؤمنين عنده من الأبناء عمر أو عثمان وهكذا إذن لا يوجد مشاكل
3- الخلط بتصوير أن ماهو موجود عند بني أمية موجود عند بني هاشم من التساهل في القضايا الدينية  نحن بني أمية مثلكم إذا نحن نشرب بعض من النبيد مثلا فأنتم تسمعون الأغاني مثل ما ذكروا عن عبد الله بن جعفر
هذه النقاط الثلاث لو تتابعونها لوجدتموها في التاريخ الرسمي للخلفاء  بل ويؤكدون عليها  ويفتعلون حوادث وقصص من أجل هذا الأمر
وأنت تعلم أن هذه القضايا لا تعبر عن ما يريدونه فلو شخص سمى معاوية هل أن معاوية عنده صك لهذا الأسم فلا يسمي باسمه الا منسجم معه أو مأخذ إذن منه
أيضا الإمام علي سمى عمر  فهل يعني إن الخليفة عمر أخذ صك هلى هذا الاسم لازم يكون يمون علي ومنسجم معي ونفس الكلام في اسم عثمان وهكذا
هذا في الحقيقة تسطيح للفكر والعقل والذهنية الإسلامية وقد أغنانا عن البحث في هذا الأمر بشكل مفصل المحقق السيد علي الشهرستاني عنده كتاب التسميات بين التوظيف الأموي والتسامح العلوي كتاب مهم جدا  مكتوب في أكثر من  450صفحة .
نفس الكلام  في قضية الزواج حتى على فرض حصوله لا يعطي معنا أنا متفق معك في عقائدي وأفكاري هذا تسطيح للأمور فالزواج له ميزان معين يجري هنا ويجري هناك ويعبر عن ذاك الميزان ليس أكثر
ضمن هذا الاطار جاء معاوية ليزوج ابنه يزيد من ابنة عبد الله بن جعفر اي ابنة زينب عليها السلام أم كلثوم أرسل معاوية رسالة إلى والي المدينة مروان بن الحكم اذهب لعبد الله واخطب ابنته أم كلثوم لإبني يزيد والمهر بلغ ما بلغ على صلح هذين الحيين صلح بني هاشم وبني هاشم فهنا يصطلح الحيان وتصطلح القبيلتان وينتهي ما بينهم .
ايضا هذا من التسطيح وجماعة يمارسونه  أنظر لا يوجد خلاف ولا مشاكل فقد اصطلح الحيان والقبيلتان بسبب الزواج فهم على قلوب بعض فجاء مروان بن الحكم إلى عبد الله بن جعفر وقال له لقد جاءتني رسالة من خليفة المسلمين معاوية وكان هذا في زمن الإمام الحسين عليه السلام وزمن استشهاد الامام الحسن عليه السلام يخطب فيها ابنه يزيد لابنتك أم كلثوم والمهر بلغ ما بلغ تقضون به دينكم وتصلحون به أموركم حتى يصطلح الحيان بنو هاشم وبنو أمية
فقال له أمر بناتي بيد الإمام الحسين عليه السلام  الجزء الثاني من محاضرة عبد الله بن جعفر
فقال مروان : بناتك ماهو ربطهم بالحسين ؟ ذاك خالهم وأنت أباهم خبرها أنت وإذا وافقت ينتهي الموضوع .
فقال عبد الله  :نحن لا نمضي أمرا دون الحسين عليه السلام
فقال مروان :الحسين حسب علمي غير موجود أنه في ينبع (وهذه فرصة استغلها مروان )ربما أن الإمام خرج إلى بعض البساتين التي خلفها أبوه صدقة ،فهو حتى يرجع يحتاج إلى أيام 
فقال عبد الله :ومع ذلك حتى يرجع .
لم يرتاح مروان لكنه لم يستطع اجباره فقال ننتظر حتى يرجع .
عندما رجع الإمام سلام الله عليه  كلمه عبد الله وقال له أن القضية كذا وكذا 
فقال سلام الله عليه: أوكل أمر ابنتك إليَّ  بمعنى خلها القضية هكلها من ناحيتي
فقال عبد الله :هو لك نحن لم ننتظرك إلا لهذا الغرض .
فدخل الحسين إلى البنت لأنه يعرف أنا لها نصيب في أمرها ( ليس كبعض الأباء كما يفعلون اليوم  أصلا ما يخبر بناته وهذا غير جائز شرعا .
أحدى الفتيات تقول بعد فترة علمت إن تقدم لي أربعة أشخاص وأنا لا أعلم ولم يعلمني أحد بذلك
ولكن الأخير منهم بطريقة ما قال لها إني أريد أن أتقدم لك بالطريقة الشرعية وعلى سنة الله ورسوله لكن أبوك وأخوانك لا يعطياني مجال لذلك ،فأوصلت الأمر لهم  فتبين أن قبله ثلاثة تقدموا لخطبتي وأنا لا أعلم رفضوهم ولم يعلموني والبعض الأخ يرفض وهو ليس له ولاية شرعية بذلك  يقول الأمر منتهي،  أنت ما شأنك لا شرعا يجوز لك أن تمنع ولا عرفا أحد خولك، والأب إذنه مطلوب  لكن لمصلحة البنت أما  إذا كان رفضه وتأجيله وعدم قبوله  لا يوجد  مبرر من الناحية الشرعية   والأخلاقية  لا يوجد في الرجل عيب فهذا يعتبر نوع من أنواع العضل وبعض الحالات إذا استمر العضل يستطيع الحاكم الشرعي سلب الولاية  من الأب وتستطيع البنت تزويج نفسها  بدون إذن أبوها الله قد أعطاك هذا الحق حتى لا تقع في مصيبة وتتصرف البنت من نفسها وأيضا حفاظا للنظام الأسري وليس لتكون عقبة  في وجه سعادتها لذلك لابد من أن اخبرها وتستشيرها حتى لو كنت غير موافقك توضح الأسباب كذا وكذا وليس أن لا تبلغها حتى تبلغ من السن 23 او 33 أو 35 )
الإمام الحسين ( ع ) هل يوجد أكمل من عقله ورأيه فهو أكمل الناس عقلا ورأيا ومع ذلك جاء لها وقال إن مروان جاء برسالة من معاوية ليخطبك لإبنه يزيد  ونحن هذا الرجل لا نرتضي دينه  ولا أخلاقه والمرأة لابد لها من زواج ومن الممكن أنك ترغبين في مال أيضا وأنا أريد أن أزوجك بابن عمك القاسم بن محمد بن جعفر  والمهر هو المهر المتعارف وإذا رغبتِ في المال أنا عند ( البغيبغة ) التي عرضها في مورد آخر هم مجموعة بساتين يملكها الإمام الحسين عليه السلام  عرضها عليها فهي تغطي 20 ألف دينار في السنة وتجلب عدد كبير من الجمال ،  أنا أعطيك إياها حتى لا ترغبي في مال غيره فقبلت  وقالت الأمر لك  فجاء إلى القاسم وقال نريد أن نزوجك إياها والمهر علينا وعطينا المرأة بستان فعليك فقط أنت  ( فقط تعال بغترة وعقال بحسب تعبيرنا ) فقبل الأمر فقال الحسين إلى عبد الله أنا  استشرت أم كلثوت فصار كذا وكذا والأمر مشي على ما يرام وقضية يزيد لا نريدها 
فقال عبد الله :لكن هذا مروان والي المدينة في يوم الجمعة سوف يعلن خطبة يزيد على ابنتنا فقال له الحسين أنا أتدبر الأمر أنت لا تجيبه وفعلا في يوم الجمعة قام خطيبا وقال تعلمون يزيد بن الخليفة له من المناقب والفضائل وأخذ يعدد وقد خطب ابنة عبد الله والمهر في مالنا بالغ ما بلغ يقضون به دينهم ( وفي هذه الجملة منّة  نحن عندنا أموال كثيرة ) نعطيكم من مالنا وتسددون  ديونكم وعلى هذا يصطلح الحيان هاشم وأمية 
فقال الحسين عليه السلام  لا شرف أعظم من شرف رسول الله ( ص ) ونحن عترته وذريته ( هذا الشرف انتقل إلينا )  أما ما ذكره مروان من زواج يزيد بأم كلثوم فاشهدوا يا من حضر أني زوجت أم كلثوم بنت عبد الله لأبن عمها القاسم بن محمد بن جعفر على مهر وقدره كذا ووهبتها (البغيبغة) من حر مالي فاشهدوا على ذلك والسلام
عندها صار وجه مروان مكفهرا مربد بشكل غير طبيعي فقال أغدرا يابنو هاشم ؟
قال له الحسين ( ع)  بهدوء  أما ماقلت أن المهر من مالكم  ما شئنا لنسدد به ديوننا  فمتى كانت نساءنا تسدد ديوننا  ؟! هذا إهانة لنا
وأما صلح الحيين هاشم ومعاوية فما فرقنا إلا الدين وما يجمعنا إلا الدين فالمشكلة ليست مشكلة عادية وإنما المشكلة في الدين فأنتم تخالفون أوامر الدين إذا نحن نخالفكم الذي فرقنا هو الذي يجمعنا فإذا التزمتوا بأوامر الدين تنتهي المشكلة
فالمشكلة لا تنتهي أن تتزوج من عندي وأتزوج من عندك المشكلة خطان مختلفان هذا خط غير ملتزم بالدين ونحن خط ملتزم بالدين
يعطينا هذا المعنى أن هؤلاء السطحيين يأتون فيقولون أنظروا قد تزوجوا منهم .
 القضية إما خلاف ديني فما يحله إ لا الدين وإما خلاف غير ديني فما يحتاج أيضا للزواح حتى يُحَل كل الناس يختلفون حتى داخل الأسرة الواحدة لكن هذا من التستطيح الذي يمارس سابقا ويمارس لاحقا لاثبات ان بين أهل البيت وبنو أمية أو غيرهم شي بسيط وعادي والكل بخير ولكن يوجد شوية ملاحظات يحلوها بالزواج أو أموال بينهم هعذا يسمي ولده باسمه وهكذا
ونفس الكلام في الموضوع الثالث وهو نسبة التساهل في الأشياء الدينية في الأسرة الهاشمية وإلى أهل البيت ( ع) ضمن هذا الأ طار اشتغلوا كتاب التاريخ الرسمي على أن أطراف الأسرة الهاشمية يصورنوهم ضمن أناس عابثين لعابين حالهم مثل حال الخلفاء من رجالهم ونساءهم فمثلا سكينة بنت الإمام الحسين تجالس الشعراء والرجال وتسهر معهم في حلقات إلى نصف الليل وهذا الأمور لا يمكن للمرأة المؤمنة العادية أن تفعلها فكيف ببنت الحسين الذي قال عنها الإمام الحسين في حقها أما سكينة فإن الاستغراق في أمر الله غالب فيها وهي غير انها خاضت في كربلاء وفي كنف اخيها زين العابدين هذا ما نعرف عنها وليس كما قيل ان مقدار من يديها يظهر وهناك تسريحة تسمى الجمة السكينية تسريحة معينة يشوفوها الرجال هذا تمييع للفساد ليوضحوا أن ليس بني أمية فقط هكذا
وكذا الحال مع عبد الله بن جعفر صاحب المواقف العقائدية مع بني أمية ومعاوية
في كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني  مؤلفه أموي نراه هنا ضيع البوصله على الرغم أن عنده كتاب أحسن كتابته وهو مقاتل الطالبين
وكذلك كتاب لابن عبد ربه الأندلسي ( العقد الفريد) نرى أن عبد الله لا شغله عنده سوى السهرات والمغنيات والجواري قائم من سهرة وذاهب لأخرى والمغنيات واحده داخله والثانية خارجة بل هو يُعلِّم العزف ومتخصص في هذا الفن يعرف الأوتار  لدرجة أن معاوية وعمر بن العاص جاءوا لينصحوه أن يخفف من الغناء فينقلون عندما شاع أمره في الغناء في الوقت الذي عنده زينب في بيته  وجنبه الحسن والحسين ضمن اطاره وهو مدافع عن أهل البيت  قد ذهبوا إليه  إلى بيته لينصحوه فرأوا عنده بعض الجواري يعزفون فلما رأوا معاوية وعمر خجلوا  ( لأنهم رجال متعبدين ) فقال لهم عبد الله عندما توقفوا استمروا ليس هناك مشكلة  فبدأوا يعزفون فمعاوية انطرب فحرك رجله فعندما انطوب زيادة فصار يضرب بالرجلين  فقال له عبد الله أنت اللي شوي شوي
أصل هذه القصة فضلا عن تفاصيلها لا يمكن أن تحدث وغيرها من القصص التي يصور لنا فيها أن معاوية وعمر بن العاص جيران لعبد الله في المدينة وكل يوم  ذاهبين له  
اذا راجعتوا كتب التاريخ  معاوية حسب التاريخ المحقق جاء إلى المدينة ثلاث مرات
مرة جاء بعام الجماعة حين المهادنة مع الإمام الحسن عليه السلام ومرة عام 50 الهجرة حتى يقنع الناس بقضية تولية يزيد والمرة الأخيرة قبل وفاته بأربعة سنوات  اي سنة 56 أو 57 للهجرة وغير ذلك لم يأتي للمدينة كما يقول المؤرخون
وغير أن هذه الثلاث مرات الأجواء مشحونة جدا بينه وبين بني هاشم
السفرة الأولى كانت المشكلة بينه وبين الامام الحسن وعلى أنقاض حرب بينهما
السفرة الثانية سنة خمسين واجهه الإمام الحسين بعد شهادة الإمام الحسن وواجه فيها عبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس
والأخيرة عام 56 أو 57 هـ جاءه مهددا وقال للحسين وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير أنه يريد الحكم لولده يزيد ولو واحدمنكم تكلم خيرا أو شرا فقد أمرت السيافين على رأسه
فمن أين هذا الكلام الذي تزعمون أنه صار وان معاوية كل يوم وذهب لعبد الله بن جعفر وعزف وقيان وجواري فهذا لا يتسق مع الناحية التاريخية فضلا عن أمر عبد الله بن جعفر كما يقول الخوئي أعلى الله مقامه في كتابة معجم الرجال
أن جلالة أمر عبد الله وعظمة شأنه تمنعنا عن النظر إلى تلك الروايات والرد عليها
هذا مثل لو أحد جاء ونقل فعل عن الإمام الحسن أو الحسين عليهما السلام فنحن لا نحتاج أن نبحث عن هذه الروايات صحيحة أو لا فهي ساقطة من رأس لإمامتهما وعظمتهما وعبد الله إن لم يكن معصوما لكن جلالة أمره وعظمة شأنه أيضا تمنعنا عن النظر لهذه الروايات
هذه الجهة في تقديرنا ضمن ذلك المثلث خط التاريخ الرسمي الذي يريد تمييع الخلاف بين بني أمية وهاشم وجعلها في قضية أسماء وزيجات وإن ماهما عندهم فساد ديني هذا من هذه الجهة وذاك من جهة أخرى  فلا فرق بينهم وهذا أمر غير صحيح
يبقى موضوع عدم مشاركة عبد الله في قضية كربلاء ؟ يتساءل كثير من الناس لماذا لم يشارك في الخروج مع الإمام الحسين ( ع)  ؟
قدمت عدد من الأجوبة من باحثين بين قوسين ( إن البحث في القضايا التاريخية يختلف عن البحث في القضايا العقائدية
مثال لو توصل أحد من الناحية  التاريخية وتوصل لحقيقة   أنه أخطأ في هذا فما يخرج من التشيع
ولو أحد آخر توصل إلى أنه أصيب في موقفه وأنه ساهم ليس هذا معناه أنه متدينا
ليست هذه قضايا عقائدية إنما هي قضايا تاريخية ومن الخطأ الخلط بين هاتين القضيتين فمن الممكن أثنين في التشيع على درجة واحدة ومرتبة واحدة ، واحد يتوصل إلى أن عبد الله معذورا وهو شيعيا ومؤمن والآخر يتوصل أنه غير معذور وأيضا هو شيعيا ومؤمن ، ليس من العقائد أننا نلتزم بقول أن عبد الله معذور في ذلك أو نلتزم أنه غير معذور 
هذا البحث التاريخي مجاله واسع ، قدمت عدة إجابات
بعض : قال أنه كفيف البصر فهذا يمنعه من الخوض في الحرب  لكن هذا الأمر لا يسانده البحث التاريخي لأن عبد الله الذي توفي عام 80 للهجرة وكان عمره عندما حدثت واقعة كربلاء 61 و62 لم يتأكد اصابته بكفاف البصر خلافا لأبن عباس الذي مُحقق أنه بعد شهادة الإمام الحسن كُف بصره المؤرخين اتفقوا على ذلك  عكس الأمر في عبد الله  غير متفقين فيصبح في دائرة الاحتمال
وأخرون - إن الحسين عليه السلام أبقاه في المدينة لكي يخبره عما يحدث هناك مثل ما صنع مع محمد بن الحنفية وقد أجيب على ذلك أن محمد توجد قرائن وهي وصية الإمام إليه ( هذا ما وصى فيه الحسين بن علي إلى أخيه محمد بن الحنفية ولا نجد مثل هذا بالنسبة لعبد الله ولا توجد قرائن كثيرة حتى ممكن يكون تبرير واضح لذلك

وبعض ثالث - باحثون معاصرون ذكروا هذه الفكرة  وهي أن عبد الله في نفس الوقت الذي كان قويا جدا ومبدئيا في الموضوع العقائدي لحد المواجهة والمصارعة والكلام الصريح مع معاوية وغيره كان ينحى منحى الواقعية في القضية السياسية  في قضية الثورة والانقلاب
ما معنى ذلك ؟ نشير إشارة سريعة مختصرة إن عبد الله يرى إن بني هاشم ومنهم الحسين ليس قادر على إزالة الحكم الأموي الآن وإن أهل الكوفة  غير صادقين في دعوة الإمام عليه السلام فالأفضل والأنسب أن يبقى الإمام الحسين في المدينة أو مكة وأن لا يذهب حتى يبقى الإمام ولا يقتل وينتفع به المسلمون أما لو ذهب سيقتل فبتالي سيخسر بني هاشم والمدينة والمؤمنون هذا القائد العظيم
وإذا كان الأمر يحتاج للتدخل لتخفيف التشنج فيأدخل في الأمر .
وينقل أنه ذهب إلى عمر بن سعيد الأشدق والي المدينة بعد الوليد بن عتبه ليؤمن الحسين ولا يصير له شي إذا رجع  وأرسل للإمام الحسين بهذا المضمون لكن الإمام كتب له رسالة  إني رأيت جدي يأمرني في المسير وأن القضية منتهية
نعم ابن جعفر يلحظ أنه لم يمنع زينب من الخروج مع أخيها ولم يمنع اثنين من أبناءه كذلك عون ومحمد من الإلتحاق والاستشهاد بين يدي الإمام وفي ركابه
بل عندما عاد الركب أعرب عن موقفه المؤيد لنهضة الإمام الحسين عندما قامت النائحة في بيت عبد الله على أثر شهادة ابنيه صار لطم وبكاء فأحد الغلمان العبيد أبو اللسلاس  قال هذا ما لقينا من الحسين فرفع حذاءه وضربه على رأسه وقال له قبحك الله فأني لو وددت إني آسيتُ بنفسي بين يدي الحسين وإني وأن لم أكن أفعل ذلك بيدي فلقد واسيتُ بأبنائي فقد مضيا معه واستشهدَ بين يديه 
فيذكرون هذه المواقف  البعض يقول لزينب استشهد عون ومحمد والبعض يقول فقط عون والثاني ولد إمرأة أخرى  وقد سلم عليه الإمام المهدي في زيارة الشهداء السلام على عون بن عبد الله، ابن جعفر الطيار في الجنان، منازل الأقران ومصارع الشجعان لعنة الله على قاتله النبهان 

مرات العرض: 3458
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2579) حجم الملف: 30204.75 KB
تشغيل:

الامام علي وابن عباس وأموال البصرة
زينب بنت جحش وزيد بن حارثة