نبارك لأئمة الهدى ولفاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ذكرى ميلاد رسول الله ص ، ونبارك لمراجع الدين وعموم المؤمنين ، ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يكرمنا من هذا الميلاد بالحشر مع سيد الخلق نبينا محمد المصطفى ص ، انه على كل شيء قدير.
يتمّ الحديث عادةً في قضية رسول الله ص في ثلاثة اتجاهات ، وثلاثة جوانب.
والانسان المؤمن هو من يستطيع ان يستفيد من الجوانب الثلاثة في كل مناسبة ، لاسيّما مناسبة المولد العظيم لهذا النبي الكريم ص.
(الدقيقة 7:58) الاتجاه الاول: الاتجاه العاطفي والولائي وهو اظهار الانسان لِما يعتمل في قلبه من مناحي الحب في صورة مودةٍ وفي صورة محبة يستكشفها الناس. المودة هي ممارسات معينة تشير الى هذا الحب الداخلي ، وغالباً تكون من علاماته : الترحيب والاحترام لمن نحبه. وايضاً تقبيل الابناء والانفاق عليهم والاهتمام بهم ...الخ ، هي تعابير عن الحب .
(الدقيقة 10) يقول الله تعالى ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) ، فعلى المؤمن أن يُعرب عن محبته لرسول الله ص ولأهل بيته ع ، ولهذا اختصّ الله سبحانه وتعالى -بحمد الله- هذه الطائفة بأنها تمارس المودة للنبي وآله ، فالشيعة كما في الرواية ( شيعتنا منّا ، خُلقوا من فاضل طينتنا، يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا ) .
وقد امرنا الله بإظهار مودتنا للنبي وأله ، ومن هذه المظاهر امرنا الله بالصلاة على نبيه فقال عز وجل : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) هذه الاية المباركة تختلف عن سائر الايات ، ففي هذه الاية ابتدأت بفعل من افعال الله ( وهي الصلاة على نبيه ص) ثم أوجبت هذا الفعل على الناس . اما في الايات الاخرى لم تشير الى ان الله يزكي ثم توجب الزكاة ، وهكذا مع سائر الواجبات.
و الفعل ( يصلّون ) يدل على حالة الاستمرار على الدوام في الصلاة على النبي ص.
(الدقيقة 18:15) ومن مظاهر المودة لرسول الله ولآله ، هي الزيارة ، ويشترك مع الشيعة بعض المذاهب الاسلامية الاخرى في استحباب زيارة "قبر" رسول الله ص . ولقد ورد في الاستحباب للذهاب الى الحج إما أن يبدأ بزيارة رسول الله ، او ان يختم به ، وإلا كان حَجُه ناقصاً ، وعُدّ ذلك من الجفاء لرسول الله ص.
ثم أكدّ سماحة الشيح فوزي السيف على ان زيارة " قبر" رسول الله ص ، تختلف عن زيارة مسجده .فالمسجد له فضله ، وزيارة "قبر" النبي ص لها فضيلة كبرى وعظمى .
ثم حثّ -فضيلته- المسلمين وخاصة ابناء هذا البلد على الزيارة مع اي فرصة سانحة ، وان يستشفعوا به ، ويتوسلون به ، ويسألوا الله قضاء الحوائج بجاهه وبحقه ص.
(الدقيقة 24) الاتجاه الثاني: الاتجاه المعرفي والعلمي نحن نعتقد ان من اعظم المنازل التي يرتقيها الانسان المؤمن : أن يكون عارفاً . ولذلك أوصى اهل البيت ع في زمن الغيبة بملازمة قراءة دعاء ( اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك ، اللهم عرفني نبيك فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني). فأول قضية هي قضية المعرفة ، وكما ورد في حديث لأمير المؤمنين علي ع ( أول الدين معرفته " أي معرفة الله"). لذلك أعليت منزلة المعرفة الدينية .
(الدقيقة 26:45) فالانسان الذي لايوجد لديه معرفة دينية ، قد لا تنفعه عبادته النفع الكامل ، بل ان الثواب ايضاً يرتبط ربالمعرفة ، فنلاحظ -مثلاً- في بعض الروايات ان من زار الحسين كان له كذا حسنة ، وفي روايات اخرى تقول ان من زار الحسين له اكثر من ذلك. فكيف يجمع العلماء بين هده الروايات ؟ واحد من انحاء الجمع بين هذه الروايات : الفرق في المعرفة ، فهذا عارفاً بحقه ، والاخر اقل معرفة.
(الدقيقة 27:45) ان اكثرنا يستمع الى المحاضرات ، فيوجد لدينا معرفة اجمالية حول النبي ص ، لكنها -في تقدير فضيلة الشيخ - تحتاج الى تطوير وتوسعة اكثر ، فالشباب(ذكور واناث ) مُطالبون بأن يقرأوا ويتعرفوا على سيرة رسول الله ص ، فهو نبينا ورسولنا وهو إمامنا الى الجنة ، وهو الذي يعرفنا على الدين ، وبيده نجاتنا . وعلينا ان نسعى الى تعريف هذا العالم برسول الله ص ، فيوجد فئات من الناس عندهم صورة مشوهة عن النبي ص ، فينبغي للمسلم ان يساهم في تعريف العالم برسول الله ص. فمثلا : قبل فترة تم نشر رسومات مسيئة لرسول الله ص ، فعلى كل شخص ان يعمل -بإستمرار- وبقدر مايستطيع على التعريف برسول الله ص ، والدفاع عنه.
العمل على التعريف برسول الله ص الى العالم والدفاع عنه ليس فقط محصورا بالخطباء والعلماء ، فالنبي نبينا جميعاً والمسؤولية علينا جميعاً. فالنبي ص بذل كل مابإستطاعته من اجلنا ، حتى امره الله بالتخفيف على نفسه (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ) ، وقال تعالى ( طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ) ، فلم يرد في القرآن الكريم أن نبياً خوطب بالتخفيف على نفسه إلا للنبي محمد ص. فهل نحن المسلمون أدّينا حق النبي ص ؟
(الدقيقة 36) ضرورة التعريف بالنبي ص والدفاع عنه في زمننا هذا اكثر ضرورة من اي وقت آخر ، وخصوصاً مع وجود جهات متخصصة في تشويه صورة النبي ص.
(الدقيقة 37:30) إن من يتعرّف على سيرة النبي لاريب أن يُعجَب به ، وهناك الكثير من الامثلة على ذلك ، ومنها ان احد الامريكيين وهو مايكل هارت ، وهو مسيحي ولازال على مسيحيته ، ألّف كتاب ( الأوائل) كتب فيه عن أول 100 شخصية في تاريخ البشرية ، فأول شخصية وضعها في كتابه كانت شخصية نبينا محمد ص ، وعلل ذلك بتفصيل في شخصية النبي ص .
(الدقيقة 39:30) الاتجاه الثالث: اتجاه الاقتداء العملي ان الدين الذي جاء به النبي من عندالله ، متقناً في احكامه ، عقلائياً في تشريعاته ، متكاملاً في واجباته ونواهيه . بالاضافة الى ذلك قدّم النبي ص من نفسه النموذج الأسمى والأرقى في اخلاقه وفي حياته الشخصية ، وفي حياته الاجتماعية والاسرية ، وفي ادارته للدولة ، وفي حروبه وغزواته . وقد قالت عنه احدى نساءه : ( كان خلقه القرآن )
وكمثال : القرآن كشف لنا بعض الجوانب لحياة النبي الأسرية ، فقال تعالى ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ، فلقد ضحى براحته وسعادته من اجل استقامة حياته الاسرية ، في حين ان الله فرض الطاعة على ازواج النبي للنبي ص ، ومع ذلك آثر براحته من اجلهن وحرّم على نفسه بعض ما أحلّه الله له .
بعد ذلك حثّ فضيلة الشيخ على الاقتداء برسول الله ص ، وحث المتخاصمين على التسامح واهداء عملهم هذا الى رسول الله ص ، و دَعَى المتحاملين على بعضهم بالحقد ان يتنازلوا عن حقوقهم قربة لله تعالى وكرامة لرسول الله ص ... وهكذا.
وفي الختام نسأل الله ان يرزقنا زيارة النبي ص ، ففي رواية عن الامام الحسين ع انه قال لجده رسول الله ص : (يا أبة ما لمن زارك بعد موتك ؟ . فقال : حق عليّ ان ازوره يوم القيامة في الجنة )