شرح دعاء الافتتاح 10
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 29/10/1435 هـ
تعريف:

شرح دعاء الافتتاح حلقة 10

كتابة الفاضلة فاطمة 

تدقيق الفاضل عبد العزيز العباد

نستكمل بمشيئة الله تعالى شرحنا لبعض فقرات دعاء الافتتاح فقد جاء فيه:

  ( اَللّـهُمَّ إن عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبي، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطيـئَتي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمي وَسِتْرَكَ عَنْ قَبيحِ عَمَلي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثيرِ جُرْمي، عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطئي وَعَمْدي، أطمعني في إن أسألك ما لا اَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، الَّذي  رَزَقْتَني مِنْ رَحْمَتِكَ، وَاَرَيْتَني مَنْ قُدْرَتِكَ، وَعَرَّفْتَني مِنْ إجابتك، فَصِرْتُ اَدْعُوكَ آمِناً، وَاَسْاَلُكَ مُسْتَأنِساً، لا خائِفاً وَلا وَجِلاً، مُدِلاًّ عَلَيْكَ فيـما قَصَدْتُ فيهِ إليك، فَاِنْ أبطأ عَنّي عَتَبْتُ بِجَهْلي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ الَّذي أبطأ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الأمور)

هذه الفقرات والكلمات الرائعة التي تصور حالة التوبة من الله على العبد وقبول الله لتوبة العبد، تلامس شغاف القلب وتستثير في الإنسان كوامن الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى.

( يا رب )

     إقبالك علي وأنا غير مستحق، تجاوزك عني وأنا المسيء المذنب، عفوك عني وأنا المخطئ،كل ذلك شوقني وأطمعني إلى أن أطلب منك وأنا غير مستحقاً لذلك الطلب، أطمعني في أن أسألك مالا أستوجبه منك - ليس لي في ذلك حقاً ولا يجب عليك يا ربي تجاهي أي شيء - لكن إقبالك عليّ، تجاوزك عن ذنبي بل توفيقك إياي إلى التوبة، جعلني أتحرك وأطمح بل أطمع في أن أسألك خير الآخرة وأن أطلب منك الجنة وأن أسألك أيضاً خير الدنيا مع أنني لا أستحق أيّ  منهما بحسب الموقف الذي أقف فيه.

باب مفتوح وهو توفيق 

    التوبة لا تتيسر للكثير إلا بلطف من الله سبحانه وتعالى الذي يقول ( ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ)  هي توفيق من الله  هي هداية من الله هي أخذ هذا القلب العاصي من محطة عصيانه إلى سمو إنابته إلى ربه.

    والتوبة  - أيها الإخوة  أيتها الأخوات - لا تختص بموسم دون موسم وإن كان موسم شهر رمضان المبارك هو أفضل المواسم لما يحتويه من إمكانيات هائلة في تأثر هذا الإنسان بهذه الأجواء وبتنعمه بما يحتويه شهر رمضان من فرصة طيبة للإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، لكن التوبة ليست محصورة به – أي بشهر رمضان - فإن التوبة والإنابة ليس لها وقت معين  كل الأوقات قابلة للتوبة - أنا وأنتَ أيها الأخ المؤمن وأنتِ أيتها الأخت المؤمنة - في لحظتنا هذه ينبغي أن نستذكر شريط ذنوبنا وأن نمرره بين أعيننا وأن نفكر في مواقفنا تجاه ربنا حتى نخاطبه بقلوبنا ( أستغفر الله ربي وأتوب إليه ) و ( أستغفر الله من كل ذنب وأتوب إليه) الآن في هذه اللحظة - أنا وأنتَ أيها الأخ المؤمن وأنتِ أيتها الأخت المؤمنة - لنجدد توبتنا لتكون توبة نصوحة إلى الله سبحانه وتعالى.

    فإن من فضل الله وكرمه سبحانه وتعالى أنه يستقبل توبة الإنسان متى ما حدثت لا يوجد وقت محدد ورسمي يقبل فيه الطلب في ذلك الوقت ويرفض في سائر الأوقات، ولا يوجد مكاناً معيناً ومعبداً خاصاً لكي يقدم فيه الإنسان توبته وأوبته.

    في كل مكان يستطيع الإنسان أن يقدم توبته وإنابته وأوبته إلى الله تعالى، ولا يشترط حالاً من الأحوال ولا تحتاج الطهارة بمعنى أنك أيها الإنسان التائب لا تحتاج إلى أن تكون على وضوء ولا على غسل لكي تتوب التوبة، بل تستطيعها وأستطيعها في كل وقت وضمن أي ظرف وفي كل مكان.

    وردفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ( من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه ثم قال: إنّ السنة  لكثيرة – أي الذي يتوب قبل  سنة من وفاته يتوب الله عليه - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّ السنة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه، ثم قال: إنّ الشهر لكثير، ثم قال: من تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه وإنّ اليوم لكثير، ثم قال: من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه وإنّ الساعة لكثير، ثم قال: من تاب وقد صعدت هذه -وأشار إلى  نفسه وحلقه- تاب الله عليه).

سارعوا إلى مغفرة من ربكم.. قبل حلول آجالكم  

     المشكلة أنّ قسماً من الناس يؤجلون فيقولون بعد سنة أو يقولون بعد يوم أتوب إلى ربي، فما يدريك أيها الإنسان أنك سوف تبقى إلى ذلك اليوم أو إلى تلك الفترة لعل الموت قد سبقك من دون أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى، فتُب من الآن وعقيب كل تقصير قل من داخل قلبك ودع جوارحك تتحدث ( أستغفر الله ربي وأتوب إليه ) هذا إذا تاب الإنسان توبة نصوحة. 

    ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : ( إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه )

هل تريد أن تكون محبوب الله؟ وحبيب الله؟ فتب توبة نصوحة ولنتب إلى الله لنكن أحباء الله وأوداءه.

   إذا تاب العبد إلى ربه توبة نصوحة أحبه الله فستر عليه، قيل يا أبا عبد الله وكيف يستر الله عليه؟ - لأنه المشكلة أنّ الإنسان لو عصى ربه ووقف موقفاً على رؤوس الإشهاد يوم القيامة ورأى وجه رسول الله منيراً ورأى وجهه متكدراً بظلمات الذنوب كيف يستطيع أن ينظر في وجه رسول الله وفي وجه المعصومين عليهم السلام وفي وجه الأولياء والصالحين والعلماء والشهداء فهو يحتاج إلى ستر- لذلك سألوا الإمام كيف يستر الله عليه؟ انظروا إلى رحمة الله تعالى انظروا إلى عفو الله انظروا إلى تجاوز الله، قال: ينسي ملكيهما ما كان يكتب عليه - فالملكان المقربان ينسيان - ثم يوحي إلى جوارحه التي هي أيضاً من الشهود على الإنسان ثم يوحي إلى بقاع الأرض وهي أيضاً من الشهود على الإنسان يوم القيامة أن اكتمي عليه ذنوبه فتكتم الجوارح وبقاع الأرض فيلقى الله حين يلقاه وليس عليه شيء يشهد عليه بذنوبه هذا إذا تاب الإنسان إلى الله تعالى توبة نصوحا.

اللهم أن عفوك عن ذنبي وتجاوزك عن خطيئتي، توبتك علي يا رب إلى هذا المقدار الذي تنسي فيه الملكين اللذان يحصيان علي عملي، وتنسي فيه جوارحي التي  يفترض أنها ستشهد علي، وتنسي فيه المكان والزمان الذي كان سيشهد علي، هذا لطفاً عظيماً منك يا رب، هذه نعمة كبيرة منك، أطمأننتي ورغبتني في أن أسألك مالا أستوجبه منك اللهم أنك رحيم وغفور وتواب أعطيتني فوق ما أستحق فتمم علي وعلى المؤمنين نعمائك يا رب العالمين وصل الله على محمد وآله.


مرات العرض: 3406
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2588) حجم الملف: 14815.53 KB
تشغيل:

شرح دعاء الافتتاح 7
شرح دعاء الافتتاح 11