شرح دعاء الافتتاح 5
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 27/10/1435 هـ
تعريف:

شرح دعاء الافتتاح (5) 

الحمد والثناء للباري  أساس المعرفة

تحرير الفاضل أحمد الحسين

ورد في الدعاء المعروف بدعاء الافتتاح  "اللّهُمَّ إِنِّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ، وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فِي مَوْضِعِ العَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَشَدُّ المُعاقِبِينَ فِي مَوْضِعِ النِّكالِ وَالنَّقِمَةِ، وَأَعْظَمُ المُتَجَبِّرِينَ فِي مَوْضِعِ الكِبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ.

اللّهُمَّ أَذِنْتَ لِي فِي دُعائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ، فأَسْمَعْ ياسَمِيعُ مِدْحَتِي، وَأَجِبْ يارَحِيمُ دَعْوَتِي وَأَقِلْ ياغَفُورُ عَثْرَتِي، فَكَمْ ياإِلهِي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ فَرَّجْتَها، وَهُمُومٍ قَدْ كَشَفْتَها، وَعَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَها، وَرَحْمَةٍ قَدْ نَشَرْتَها، وَحَلْقَةِ بَلاٍ قَدْ فَكَكْتَها"

وهذا الدعاء الذي يروى عن محمد بن عثمان بن سعيد العمري سفير الامام الحجة عج وهو بطبيعة الحال لايُنشئ شيء من عنده ولايتخطى ما اُمر به من قبل المعصومين، بل ولا يستطيع ان يُنشئ مثل هذا الانشاء ولا مثل هذه المعاني حتى لو اراد ذلك. هذا الدعاء الشريف يحتوي على مضامين كثيرة نعرض عليها على سبيل الفهرسة اولا والعناوين الاجمالية، ثم نتحدث بقدر مايتسع المجال عن بعض فقرات هذا الدعاء.

في فهرسة اجمالية لهذا الدعاء نحن نجد ان الداعي يبتدأ في هذا الدعاء ويفتتح هذا الدعاء بالحمد والثناء على الله مع ذكر صفات الله سبحانه وتعالى واسمائه الحسنى ويمدح الله بما هو اهله مما يعبئ في هذه الالفاظ عددا من الصفات الالهية التي تنزه الله وتسبحه وتقدسه وترفعه عن أن يكون له شريك او نظير او مثيل.

 يبدأ في ذكر صفات الجلال (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) صفات الله الجلالية التي ينزه الله فيها عن النقص والحاجة والشريك وماشابه ذلك

 "الحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌ مِنَ الذُّلِ". ثم بعد ذلك يحمده بجميع محامده على جميع نعمه كلها ثم يبدا بعد ذلك مرة اخرى بتنزيهه " الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا شَرِيكَ لَهُ فِي خَلْقِهِ وَلاشَبِيهَ لَهُ فِي عَظَمَتِهِ" ثم يعطف على صفات الجمال الصفات الايجابية " الحَمْدُ للهِ الفاشِي فِي الخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ، الظاهِرِ بالكَرَمِ مَجْدُهُ، الباسِطِ بالجُودِ يَدَهُ، الَّذِي لاتَنْقُصُ خَزائِنُهُ" 

وهكذا يطوي الداعي المرحلة الاولى من الدعاء بالحديث عن مدحة الله وثناء الداعي على الله وذكر اوصافه واسمائه الحسنى جلالية وجمالية ثم بعد ذلك يتحدث الداعي في حالة من الضراعة والعبودية وفي حالة من الاحتياج والفقر المطلق الى الله لكي يمهد للطلب، أنت يارب بتلك الصفات وبذلك الكرم والمجد والعطاء، وأنا في هذا الموقع بهذه الحاجة وهذا الفقر وهذا النقص وهذا الذنب والخطيئة التي تحدق بي " اللّهُمَّ إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبِي، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطِيئَتِي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمِي، وَستْرَكَ عَلَى قَبِيحِ عَمَلِي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثِيرِ جُرْمِي عِنْدَما كانَ مِنْ خَطَأي وَعَمْدِي، أَطْمَعَنِي فِي أَنْ أَسْأَلَكَ ما لا اسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ"

 أنت يارب في منتهى التفضل وفي منتهى الرحمة والاحسان ، وانا في منهى في الحاجة  "اللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلِيلاً مِنْ كَثِيرٍ، مَعَ حَاجَةٍ بِي إِلَيْهِ عَظِيمَةٍ وِغِناكَ عَنْهُ قَدْيمٌ، وَهُوَ عِنْدِي كَثِيرٌ وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسِيرٌ" بينما هو عندي عسير بالنسبة اليك سهل يسير بنما هو حاجتي العظمى هو مطلبي الاكبر وهو عندي خطير وعظيم، ولكن بالنسبة الى قدرتك والى جودك ورحمتك لا يساوي شيءً. 

ثم يكرس الداعي ادانة نفسه وعتابه لها في موقفها تجاه نعم الله تعالى هذا الموقف الذي يوقف الانسان على خشبة الاعتراف بين يدي الله سبحانه وتعالى ، يقول " فَلَمْ أَرَ مَوْلىً كَرِيماً أَصْبَرَ عَلى عبْدٍ لَئِيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يارَبِّ، إنَّكَ تَدْعُونِي فَأُوَلِّي عَنْكَ، وَتَتَحَبَّبُ إِلَيَّ فَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ، وَتَتَوَدَّدُ إِلَيَّ فَلا أَقْبَلُ مِنْكَ، كَأَنَ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ"

الله هو الذي يدعو، الله هو الذي يتوب، الله هو الذي يبادر بالانعام، بينما انا العبد العاصي الذي لا اقبل دعوة الله، ولا اقبل تقرب الله، ولا استقبل نعمة الله كأن لي انا التفضل، بينما الله ذو الفضل والاحسان والامتنان.

بعد ذلك في المرحلة الثالثة يعود مرة اخرى الى الحمد والثناء على الله ذاكرا صفات العطاء من قبل الله سبحانه وتعالى للعبد وللخلق " الحَمْدُ للهِ الَّذِي يُجِيبُنِي حِينَ أُنادِيهِ، وَيَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَوْرَةٍ وأَنا أَعْصِيهِ، وَيُعَظِّمُ النِّعْمَةَ عَلَيَّ فَلا اُجازِيهِ، فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَةٍ هَنِيئَةٍ قَدْ أَعْطانِي، وَعَظِيمَةٍ مَخُوفَة قَدْ كَفانِي، وَبَهْجَةٍ مونِقَةٍ قَدْ أَرانِي، فأُثْنِي عَلَيْهِ حامِداً وَأَذْكُرُهُ مُسَبِّحاً. الحَمْدُ للهِ الَّذِي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ، وَلا يُغْلَقُ بابُهُ، وَلا يُرَدُّ سائِلُهُ "

ثم بعدها يتحدث الداعي ولانزال في فهرسة اجمالية عن مواضيع هذا الدعاء واغراض هذا الدعاء وقضاياه بعد ذلك يتعرض الداعي من خلال الدعاء الى آيات الله في الطبيعة والمجتمع " الحَمْدُ للهِ الَّذِي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماء وَسُكَّانُها، وَتَرْجُفُ الأَرْضُ وَعُمَّارُها، وَتَمُوجُ البِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ فِي غَمَراتِها"

 وايضا اياته في المجتمع " الحَمْدُ للهِ الَّذِي يُؤْمِنُ الخائِفِينَ، وَيُنَجِّي الصَّالِحِينَ، وَيَرْفَعُ المُسْتَضْعَفِينَ، وَيَضَعُ المُسْتَكْبِرِينَ، وَيُهْلِكُ مُلُوكا وَيَسْتَخْلِفُ آخَرِينَ" 

كأن الدعاء يقول للداعي ايها الانسان : الامور بيد الله، لاتتصور ان القوى الكبرى هي التي تتصرف في المقادير وهي التي تنصب او تعزل، او هي التي تنفع او تضر، كلا! 

الذي يرفع والذي يضع، والذي يبدل والذي يؤمن الخائفين والذي ينجي الصالحين والذي يصنع المستقبل للمؤمنين انما هو الله سبحانه وتعالى فعليك ان تلجأ اليه، لاتنظر الى القوى الكبرى ولا الطواغيت على انهم يمتلكون القضايا، هم لايملكون شيءً. المالك النافع الضار الذي يرفع ويخفض ويقمع المستكبرين ويضعهم هو الله سبحانه وتعالى .. فتوجه اليه ولاتخف من احد غيره ولا تلجأ الا اليه .

ثم بعد ذلك في المرحلة الرابعة عن المعرفة بقادة الانسان المؤمن من خلال صلاة مفصلة على رسول الله محمد "اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَمِينِكَ وَصَفِيِّكَ، وَحَبِيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكِ، أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ وَأَكْمَلَ وَأَزْكى وَأَنْمى وَأَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَسْنى وَأَكْثَرَ ماصَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَصَفْوَتِكَ وَأَهْلِ الكَرامَةِ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِكَ".



مرات العرض: 3473
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2579) حجم الملف: 14250.78 KB
تشغيل:

شرح دعاء الافتتاح 3
شرح دعاء الافتتاح 6