أبو أيوب الأنصاري مضيّف الرسول
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 1/10/1435 هـ
تعريف:

 

أبو أيوب الأنصاري( خالد بن زيد ) مضيف الرسول صلى الله عليّه وآله.

 

تفريغْ نصّي الفَاضلة فاطمَة الرّمضانْ.

تصحيح الأخت الفاضلة سلمى ال حمود

رُوي عَنْ رَسُول الله صَلى الله عليّه وآله أنه قالْ " أنا سَيّد الأنبياء وعَليّ سيّد الأوصيَاء وسبطايْ سيّدا الأسباط ومنّا الأئمة المَعْصومونْ ومنا مهْديّ هذه الأمّة" صَدق سيّدنا ومولانا رسُول الله صَلى الله عليّه وآله. 
يتناولْ حَديثنا بإذنْ الله تعَالى شخْصيّة راوي هذا الحَديثْ الذي أوردهُ الخزاز القمّي في ( كتابه كفايَة الأثرْ في النصْ على الأئمَة الاثني عَشر) حيثُ أورد هذا العالمْ الجَليل هذه الروايّة منْ أحد عُلماءْ القرن الثالث الهجريْ ناسباً إياها الى أبي ايوب الأنصَاري وهو خَالدْ بن زيد رُضوان الله عليه مُضيف رسُول الله في مَنزله في فتره من الزمنْ إلى أن بُني بيتْ النبيّ صَلى الله عليّه وآله. وهوه المُتوفى شهيدا في غزوة الرّوم في سنة ٥٢ هـ.

 

 كنية أبو أيوبْ الأنصاريْ ونبذة عن حياته.


 أبو أيوبَ الأنصَاري وهُو خالدْ بن زيدْ الذيْ اشتهر بكُنيته كمَا ذكرناه آنفاً حيثُ كانْ يشتهر بَعض الناسْ بالكُنية اكثر من شُهرتهم بأسمائهم وهذا الرّجل هو واحد منْ هؤلاء وكانْ منْ الخزرجْ من بني النّجار أيّ أنه خزرجيْ أنصاري مدني وشهدَ مَع النبيّ صَلى الله عليه وآله وسَلم بَعد أن أسلم جَميع مشاهده بدءاً من بدرْ فما بعدها كمَا شهد أيضاً معَ أميرْ المؤمنين عليّه السّلام جميعْ مشاهده كالجملْ وصفينْ والنهروانْ. كما أنه كان من السّابقين المُبادرينْ إلى ولاية أميرْ المؤمنين عليه السلام والراجعين إليه والمنتقدين لتوجُه الخُلفاء حيثُ جاءوا في مَوقع لمْ يكن معدْ لهم.

 

 ولاءْ أبو أيوب الأنصاريْ لأهل البيت عليّم السلامْ.  


ويتبينْ لنا وَلاءهُ لأهل البيْت عليّهم السّلام منْ خلالْ أحَاديثه. كمَا يتضحْ لنا فيْ الرُواية التي يَنقلهَا صَاحبْ كفاية الأثر علامَة واضحة وبناءً على ذلك فإن النبيّ صَلى الله عليّه وآله  يقول " أنا سيّد الأنبياء وعَليّ سيّد الأوصيَاء وسبطايْ (أيّ الحسن والحُسين عليهما السلام) سيّدا الأسباط ومنا الأئمة المَعصومونْ ومنا مهْديّ هذه الأمة" فهذا الحَديث يَحتويْ على إجمالْ عَقائدي من شيعة أهل البيتْ عليّهم السّلام وهو تفضيل النبيّ صَلى الله عليّه وآله علىَ غيره من الأنبياءْ وفي تفضيل عليّ على سَائر الأوصياء وفي أنّ الأئمة المَعْصومين من ذرية النبيّ صَلى الله عليّه وآله وأن المَهدي عَجل الله فرَجه الشريفْ أيضاً من هذه الأسرة.

 

 أبو أيّوبْ الأنصاريْ ونزولْ النبيّ صَلى الله عليّه وآله في بيته.

 قدْ لا نجدْ كثيراً منْ الأحَاديثْ عَن أدواره فيْ المعَارك ولكنْ أوضحَ وأظهرَ حَادثة نقلها مُترجمْ وهيَ أنّ النبيّ المُصطفى صلى الله عليه وآله عندمَا قدمَا مُهاجرْان ً من مكة المُكرمة إلى المَدينة المُنورة بقيا أيام عَلى أطراف المَدينة ينتظران قدوم أميرْ المؤمنينْ عليه السّلام برحلْ النبي صَلى الله عليّه وآله وأهله. بعدَ وصُول الإمام عليّه السلام، قدم الجَميع إلى وسَط المَدينة وجاء النبيّ صَلى الله عليّه وآله ومَعه أسرته فاحتاجُوا إلى مكان فكان جميع أهل المدينة ولا سيما القادرين من الناحية المالية يحبون ويرغبون بنزولْ  النبي صَلى الله عليّه وآله عندهم فمر ببني سُليم واصروا عليه أنْ يكون عندهم حيثْ أن بَعضهم أخذ بخطام ناقته (أيّ الحَبل) ومرّ ببني بياضَه أيضاّ ففعلوا الشيء نفسه  ثم مر بسَعد ابن عباده وهو من الخزرجْ و منْ شخصياتْ  المدينة ثم بسَعد بن الرّبيع وهو أيضاً زعيم آخر معروفْ وسعدْ بن أبي مُعاذ كذلك. فكان كل منهم يُحاول ويسعى لإبقاء النبي صَلى الله عليّه وآله   في مكانه وحيّهِ ومنزله، فكان النبيّ يقول لهمْ وقد أخذوا بخطام الناقة " دَعوها فإنها مَأمورة" وهذا في الوَاقع هو نوع منْ الحل الإلهي رُبما في أن لا يفضل النبي صَلى الله عليّه وآله  جماعة على أخرى  ولا قوم على قوم فوصل إلى أنْ وصَلت الناقة إلى مربدْ مثل الساحة المفتوحة الكبيرة و كان خلفها بيت أبي أيوب الانصاريْ خالد بن زيد، وهو لم يكن من البيوت الكبيرة أو بُيوت الزُعماء وأصحابْ الأموال، ففي هذا أيضا إشارة أخرى وهي أنّ الميزان والمقياسْ ليسَ بمقدارْ ما يملك الإنسَانْ من المَال كالذي مر عليهم رسُول الله فقد كانوا من الزعماءْ إضافة إلى أنهم كانوا مُؤمنين. فسَعد بن الرّبيع لهُ مَواقف مشرفة وكذلك سَعد بن مُعاذ وسعد بن عباده وهكذا.. وكل هؤلاء كانت لديّهم حَالة اجتماعية متقدمة أيّ شخصياتْ اجتماعية و بُيوت مُرفهة إلا أنّ هذه الناقة وقفت أمامْ بيت أبي أيوبْ الأنصاريْ وهُو بيتْ عاديْ ومُتواضع و يفتقرْ إلى وجود مَظاهر الأبهة والفخامَة. فلمّا ألقت بجرانها وبركتْ هذه الناقة، قدْ أمر النبي صَلى الله عليّه وآله أن ينقل رحله إلى بيت أبي أيوب الأنصاريْ الذي لم تسعه الدنيا من الفرحْ بجوار النبي صلى الله عليه وآله،  فاختيار منزله كانْ بطريقة استثنائية لكي ينزل فيه رسول الله صلى الله عليه واله فكان ذلك أمراً عظيماً بالنسبة له وفي والواقع هو كان محلاً لهذا الاختيار. 


 🔻 فيَقول أبو أيّوب: أنه لما دَخلَ رَسُول الله صَلى الله عليّه وآله بيتنا نحن، كانْ عندنا مَكانان في الأسفلْ ومكانٌ في الأعلى أيّ (بمثل طابقْ ثان وطابقْ أوْل) ولكن في تلك الأزمنة لم تكن بهذه الحالات الموجودة الآن، يقول فقلت لرسول الله يا رسول الله البيت كله لك أيّ إن أحببت الجلوسْ في الطابق السفلي فهو لك وإن أردتْ الطابق العُلويّ فهو لك أيضاً، ونخرجْ نحنْ ويصير لك بأكمله ولا نمانع فيْ ذلك. قال صَلى الله عليّه وآله لا اصعد أنت فوْق وأنا أكون في الأسفل بهذا الطابقْ وذلك باعتبار أنّ المُسلمونْ سيأتون للزيارة والطابق الأرضيْ هو الأفضلْ بالنسبة له في هذه الحَالة. فيقول أبو أيّوبْ: نحن كما اختار النبيّ و صَعدنا إلى الأعلى، وفي الليلة ذاتها انسكب مَاء منْ الطابق العلويّ إلى الأسفل (فرُبما كان لديهّم غسل ما) فأخذ المَاء يسيل حيث كان بيتهم في ذلك الوَقتْ كانوا مبنيّ من موادْ كالخشبْ وسَعْف النّخل أيّ بما يُشبه بَعضْ البُيوت القديمَة في عَهد ليْس ببعيد (سفه حَسب التعبير وشندل أو أعْمده وتكونْ في الوَاقعْ بلا عوازلْ ولا يوجدْ فيها ما يمنع تخلل المَاء إليها. يقول: فسال المَاء فضللنا أنا وأم أيوب نتتبع المَاء بالمَناشفْ والقُماشْ لكي لا يقعْ الماء على النبيّ صَلى الله عليّه وآله ويتسبب بإحراجهم أمامه صلى الله عليه وآله فكان أبو أيّوب شديدْ الحرصْ على توفيرْ الرّاحة لرسول الله صلى الله عليه وآله.

 

 🔻 زوجته وهي أم أيّوبْ كانتْ تطبخْ  الطعَام و توصلْه إلى النبي صَلى الله عليّه وآله ومَن مَعه فقضَى رَسُول الله في هذا البيت مدة بناء المَسجدْ وبيته.  فالنبيّ صَلى الله عليّه وآله من اليوم الثانيْ منذ حلوله في المدينة أمرَ بأن يُبنى المسْجد في هذا المربدْ، وهي أرضْ مُنبسطة واسعَة وكان فيها جَماعَة يَحبسونْ فيهَا غنمهم آنذاك فقالوا نتبرع بهَا لكم فقال رسول الله لا بل نشتريهَا ونجَعلها مَسْجد حتى يكونْ المَسجدْ من خالصْ أموال رسول الله صَلى الله عليه وآله. فيبنى به مَسجد وإلى جانبه بُني بيتْ رَسُول الله صَلى الله عليه وآله. وفي كل هذه الفترة كان النبيّ صَلى الله عليه وآله ضَيفا أثيراً ومُكرماً معززاً عند خالد بن زيدْ أبي أيوبْ الأنصاريْ، ولا ريب أنّ وجود شخصْ لمدة معينة في بيتْ شخص آخر تكثرْ الأحاديثْ بينه وبينه. فلو تصورنا وجودْ ضيف عندنا لمُدة سته أشهر مثلا،  فسيكون تبادل الأحاديثْ بيننا وبينه بشكل أكبرْ وهذا ما نعتقده  بالنسْبة إلى أبي أبوبْ الأنصَاري ولكن مع الأسفْ فقد لا نجدْ روايات أبي أيوب الأنصاري عن رسول الله صَلى الله عليه وآله  في مَصادرْ بعضْ المسلمينْ ومنها مدرسة الخلفاء ما هو منقول في تضاعيف هذه الكتبْ وغيرها.


 🔻 مثلا الرواية التي يَستدل بهَا شيخْ الطائفة الطُوسي رُضوان الله عليه (على عَدم جَواز استقبال القبلة  أو استدبارها حين التخلي) أيّ لا يجوزْ عليه مسلك الإمامية وهُو الرّأي المشهور بين الإمامية أنه لا يجوز حين قضاءْ الحاَجة استقبال المسلم القبلة كما لا يجوز أن يستدبرها إيّ إما أن يشرق أو يغربْ وهذه أحدْ رُوايات أبي أيوبْ الأنصاريْ عن رسول الله صلى الله عليه وآله .


🔻 في هذا الجانبْ اختلفت الآراء فيْ مَدرسَة الخُلفاء فبعْضُهم قال لا يجوز استقبال القبلة او استدبارها إذا في الصّحراء وأمّا إذا كَانَ فيْ البُنيان فلا يوجد إشكال عندهمْ بأن تُستقبل أو تُستدبَر. لكنْ الرّأي المَشهور عند الإمامية والذي يَلتزم به علماؤهم وأتباعْ هذه المَدرسَة هو أنهُ لا يَجوز حينَ العلمْ بالقبلة استقبالها ولا يجوزْ استدبارها وإنما يُشرق عنها أو يُغربْ عنها وهذا كمَا بيّنا هو نصْ رُواية أبي أيوبْ الأنصَاري رُضوان الله عليه هذا .

 رُواياتْ أبو أيوبْ الأنصَاريْ المشهُورة.

🔻 منْ رُواياته  المَعْروفة والمَشهُورة أيضاً هيَ مَا جاءتْ في قضيّة الجَمع بينْ الصّلاتين وأنّ النبيّ صَلى الله عليه وآله قد جَمع بينْ المَغرب والعشاءْ والظهر والعَصرْ في غيرْ سَفر ولا مَطرٍ ولا عُذر. فهذه إحْدى الرّواياتْ الموجودة  في مَدرسَة الخلفاء ومَجاميعُهم الحديثية وأحد رُواتها هو أبو أيوبْ الأنصاريْ رُضوان الله عليّه في مدرسة أهل البيتْ وفي مَجاميعُهم الحَديثية توجد له رواياتْ أيضاً و ترتبط بمَناقب وفَضَائل أهلْ البيتْ صَلواتُ الله عليهم كالرواية التيْ قدّمناها عنْ كتابْ كفاية الأثرْ " أنا سيّد الأنبياء وعَليّ سيّد الأوصيَاء وسبطايْ سيّدا الأسباط ومنا الأئمة المَعصومونْ ومنا مهْديّ هذه الأمة" فهذا أيضاً ينقله أبو أيوبْ الأنصَاريْ وهو من الرواة أيضاً عن أبي بنْ كعْب الأنصاريْ الذي تحدثنا عنه وقلنا أن لدى أُبيّ الكثير منْ الرّوايات في مناقبْ أهل البيت عليهمْ السلامْ وفي إثباتْ إمامتهم وهذا واحدْ منْ الرّواة عنه ومن الرواة عن أبي أيوبْ جَابر بن عبدالله الأنصَاريْ معنى أنهُ  يروي عنْ أُبيّ بن كعبْ باعتباره  أكبر سناً منه ورُبما كانْ أكثرْ حَديثا منهُ وينقلْ عنه جَابر ابن عَبدالله الأنصاريْ نظراً لأن جَابر يُعد من صغارْ أصحابْ رَسُول الله صَلى الله عليّه وآله وأنّ الفترة عَاشها مَعَه كانت فترة ليستْ بالكثيرة وهو أيضاً لم يكن معمراً.

 🔻 لكنْ جَابر الأنصَاريْ ينقلْ عنْ أبي أيوبْ الأنصاريْ رُوايات مثلْ كنا مَعْشر الأنصَار نعْرض أبنائنا عَلى حُب علي بن أبي طَالب فمنْ وجَدناه مُنحرفاً عنه نظرنا في شأنه فإنا قد رَوينا عنْ رُسول الله صلى الله عليه وآله "يا علي حبك إيمان وبغضك نفاق". ففي مَصادر المَدرسَة الإماميّة يُوجد رُوايات مُتعددة في هذا الجَانب مثلاً ينقل هذه القضيّة المَعروفة أنّ رَسُولْ الله صلى الله عليه وآله دَخل على فاطمة الزّهراء صَلوات الله وسَلامه عليها فوجدتْ النبيّ مُتعبا وأشارتْ إليه أنّ بعضْ نسَاء قريش يلومُونها فيْ مَا يَرتبط فيْ زواجهَا منْ عَلي بن أبي طالب (فقطْ نقل هذا الخبرْ) فقال لهَا رسُول الله صلى الله عليه واله يا فاطمة إنّ الله اطلعَ إلى الأرضْ اطلعتا فاختارَ منهَا أباك محمداً وجَعله سيّد الأنبياء (اللهم صل على محمد وال محمد) ثم اطلع اطلاعه أخرى فاختار عليْ وجَعله سيّد الأوصيَاءْ وإني قدْ زوّجتكِ أقدمْ القوْم إسلاماً وأعظمهمْ علماً وأكثرهمْ حلمَاً يقصدْ أميرْ المُؤمنينْ صَلوات الله عليّه.

🔻 أبو أيوب الأنصاريْ أيضاً من رُواة حَديث الغديرْ ومنْ الّذين أجَابوا عليّ عليّه السّلام عندمَا ناشد ناس في الرّحبة وهي سَاحة فيْ وسَط الكُوفة عندَ المَسْجد قدْ ناشد النّاس أنّ من سَمع أحاديثْ من رَسُول الله صلى الله عليه وآله والمقصود بالطبعْ المُناشدة  فحدثتْ أكثر من مرة واحدة، فكتمَ جمَاعة وصَرّح جَماعة من اللذين صرّحوا بروايات والأحَاديثْ التيْ سَمعُوها منْ رسُول الله صلى الله عليه وآله في حقْ أميرْ المُؤمنين كان أبا أيوبْ الأنصاري رُضوان الله عليه فإذا هذا الرّجل في هَذا الجَانبْ قدْ أخذَ منْ رسُول الله صَلى الله عليّه وآله مَا يرتبط بقضيّة تفضيلْ عليّ عليّه السّلام وتقديمهُ والإيمانْ به كخليفة للنبي وَوصيْ لهُ ونحنُ نعْتقد أنّ قسماً كبيراً من الرّواياتْ التي منْ المُفترضْ أنّ أبيْ أيوبْ الأنصاريْ قد سَمعَها منْ رَسُول الله صَلى الله عليّه وآله حينْ ضيافته إياه في منزله يَعني الحد الأدنى لهَا أربعْ أشهُر وقيل أكثر من ذلك، إلى أنْ تم بناءْ المَسْجد وتم بناء بيتْ رَسُول الله صَلى الله عليه وآله. في هذه الفترة كان صلى الله عليّه وآله عند أبي أيوبْ الأنصاريْ وهذه مُدة كافيَة له لأنها عبارة عنْ معاشرة ومقابلة يومية بمعنى أنه لو اكتفى فقط بوقتْ النزول إليه بالطعام ثم أخذه مرة أخرى وبالجلوس معه بالوقت القليل فهذه بحَد ذاتها فرصة مناسبة للاستماع من رَسُول الله صَلى الله عليه وآله من قبله .

🔻 ومع الأسفْ لا يُنقلْ من أحَاديثه إلا الشيء القليلْ فيْ الفقه مثلاً فإننا نجدْ  له مَذكور في مُستحباتْ أكلْ النثارْ وكما ذكرنا آنفاً في قضية استقبال القبلة واستدبارها والجمع بين الصلاتين. وفيمَا يخصْ قضيّة أكل ْالنثار أيّ ( الطعام الذي يتبقى علىَ السفرة) نجدْ كثيراً من الإسرافْ كم هو غيرْ مُحبذ ما يفعلهُ البَعضْ  في التخلصْ من المُتبقي من الطعام برميه فيْ النفاياتْ بدلاً من تخزينهْ ليوم آخر أو حفْظه لاحتياجْ الحيوانات مثلاً بوضعه فيْ أماكنْ مخصصة. كما أنهُ أمراً لا يخلوا من إشكال أيها الأحبة الآن خُصوصا مع وجُودْ وسائل خاصّة فيْ الاحتفاظ بالأطعمة في وقتنا الحاضرْ كالثلاجاتْ وغيرُ ذلك. كما يوجَدْ إمكانية للاستفادة منها لنفسْ الإنسان أو لمَن هم تحتْ كفالتكْ ومسؤوليتك كالسائقْ مثلاً أو الخادمة وغيرُ ذلك بالنسبة لك أيّ أنْ يَكونْ هَذا الطعاَم مَحْفوظاً بشكلْ مُعينْ فذلك شيء طَيبْ بل نجدْ أيضاً أنها تشكلتْ عدة لجانْ في بعضْ الأماكنْ  يجْمعونْ مَا تبقى منْ مَوائدْ ويرتبونها ترتيباً جيداً ويقومونْ بتغليفها تغليفاً مناسباً ويُعيدون توزيعها فوجدوا كمية هائلة على مستوى هذه المناطق. فلو أن بعضْ المُؤمنين في كل منطقة ينبعثون في حفظْ نعْمة الله عز وجل بهذه الطريقة لما وجدتْ نعمة الله سبحانه وتعالى تلقى أحياناً في المَزابلْ والعياذْ بالله أو تذهبْ في المَوَاسير وتجتمع في المجاريْ معَ النجاساتْ وغيرُ ذلك ويُضاف إليها فيها مشاكلْ شرعية وهذا غير المعاني الأخلاقية التي ينبغي أنْ يلتفتْ إليها الإنسَانْ.

 أخَلاقْ أبو أيّوبْ الأنصَاريْ.

 كانْ أبو أيّوبْ يأكلْ معَ رسُول الله صَلى الله عليّه وآله وفيْ نفسْ الفترة التي اسْتضافه فيهَا كان يأكل الطعام الذي يقع على السفرة كالرز مثلاً أو كسراتْ الخُبز أو ما شابه ذلك وفي تلك اللحَظاتْ قال له رسُول الله صَلى الله عليّه وآله " أنتَ تفعَل هكذا بارك الله لكْ وباركْ الله عليكْ وباركَ الله فيكْ" فهذه البَرَكة تحيطْ بالإنسان منْ كلْ زوَاياه ومن كل جوانبه، وتكونْ البَركة عليه وفيه وله في أمْوَاله وفي نفسه وفي بدنه فقال: يا رسول الله أهذا لي أو عامٌ لغيري؟ (يعني هل تلك البَرَكة حصلتْ بسبب مُجالستي إياك وخاصَة بنا) فقال صَلى الله عليّه وآله بل هولك ولغيركْ ممَن يصنع صنيعكْ أيّ بمَعنى أنه إذا عقد شخصْ مائدة فيُحتفظ بالبقايا بدل ما يلقي هذه الفضلاتْ الصالحة  للأكل والنعمة بالتالي على الرغم من أن هذا الطعامْ المتبقي في الإناء لا يغير من كونه نعمة الله سُبحَانه وتعالى فقال له بارك الله فيكْ ولكْ وعليكْ قال لي خاصة؟! قال بلْ هوَ لكَ ولغيركَ ممنْ يصنع صَنيعك فمنْ أرادَ أنْ يُباركْ الله له وعليه وفيه فليَحترمْ ويوقرْ نعْمة الله سُبحانهُ وتعالى.

 أبو أيوبْ الأنصاريْ بعد وفاة رسول الله صَلى الله عليّه وآله.

🔻 هذا أبو أيوبْ خلالْ هَذه الفترة كانْ معَ رسُول الله صَلى الله عليّه وآله شهدَ الحادثة كُلها بَعد النبيّ صَلى الله عليّه وآله أيّ أنهُ أحدْ الاثني عشر الذين ذكرنا قضيتهمْ عدة مراتْ والذين كانوا من المُهاجرين والأنصَار، فاحتجوا واعترضوا على تولي الخليفة الأول مقام الخلافةَ واعلنوا ذلكْ فيْ المَسجدْ أيضاً. كان أبو أيوبْ الأنصاريْ واحداً من هؤلاء بعدَ وفاة الرسول صَلى الله عليّه وآله إذ لمْ تنقطع عَلاقته برَسول الله بلْ كانْ يُعظم ترابْ قبره ويأتي إلى القبرْ وهذه سيرَة المُسلمينْ. ونرى سيّدتنَا ومولاتنَا فاطمَة الزهراءْ عليها السلام تأتيْ إلى قبر أبيهَا رَسُول الله فتأخذ قبضة منْ التُرابْ وتشُمُها وتقول: "ماذا على المشتم تربة احمد .." وهذا النصْ مَوجودْ عند أحمد بنْ حَنبل وفاطمة الزّهراء حتى و إنْ لم تكنْ غير معصومة عندهمْ إلا أنها صحَابية والصَحابيْ عندَهمْ فعْله وقوْله وتقريره يُعتبرْ أحد الحُجج .

🔻 فأبو أيوبْ الأنصاريْ كانَ يعْمل ما عملته فاطمة الزّهراء في قبر رسول الله صلواتْ الله عليهما بَعد وَفاته، فكان يذهبْ لزيارة قبرْ النبيّ ويُقبل ترابْ القبرْ فرآه ذات مَرّة مروانْ ابن الحَكم مروان وكان أبو أيوبْ ساجدً ويقبلْ ترابْ قبرْ رَسُول الله صَلى الله عليّه وآله فأخذه منْ قفاه يُريدُ أنْ يرفَعه منْ ظهره وقالَ له هذا أمرٌ غيرُ جائز! هذا شرك لأنه عبادة لغير الله! و يتبينْ لنا من هذا المَوقفْ أنْ أصُول الاتهام بالشرك مَوجودة هناك من عندْ مَروان ابن الحكم !! فالتفت إليه وقال له يا مَروان دعْ عنك هذه الأمورْ فإنك لا تحسنُها ولا تتقنها إنمَا بسُيوفنا اهتديتم إلى الإسلام ! والآنْ تقوم بتعليمنَا أين العبادة وأينْ الشركْ وأينَ التوحيدْ! وأنت ووالدك وهذه الشجرة إنما أسلمتم بسيوفنا وبجُهودنا فمنذُ مَتى صرْت مُعلماً للدين؟ انشغلْ أنتْ بأخذْ أموالْ المُسلمينْ فهذا يكفيك وأما هذه الأمُور فهي ليستْ من شأنك أبداً. فرفضَ أنْ يَستجيب لهُ وكان كثير الإنكارْ على مَروان في أيام ولايته على المَدينة لأن مروان ولاسيما أيام مُعاوية كان كثير الولاية فيقومون بولايته ثم يُعزلْ وهَكذا على عدة فتراتْ. ولعلنا نجد تتابعْ الأمر تتبعت في حين وجُود قريبْ ويُعزل لستة مرات ثمّ يُولى نفس المَنصبْ هذا في المدينة المنورة وعلى فترات قصيرة جداً فالشاهدْ هنا هو أن أبا أيوب كان بهذه الدرجة من العلاقة  بعد النبي صَلى الله عليّه وآله  وكان في جملة المنكرين على الخليفة الأول ْكما ذكرنا وهذه من العلامات التي جعلها الإمامْ الرضا عليه السلام كوسيله على التعرف على أولئك الذين لمْ يغيروا ولم يبدلوا وبقوا ثابتينْ عَلى منهَاج نبيّهم كمَا وردَ في حَديث عنه صَلوات الله وسلامه عليّه كانْ معَ الإمامْ أميرْ المُؤمنين كما ذكرنا فيْ كل حُروبه في الجَمل وفي صفين وفي النّهروان .

فسأله أحدْ الرجالْ: يا أبا أيوبْ عَهدنا بك تقاتل الكفارْ مع النبيّ فصُرتَ تقاتل المُسلمين. وهذه القضيّة تظهَر إما بعد حَرب الجَمل مُباشرة أو بعد حَربْ صفين بناءً على الرواية الأخرى، فقال وها أنت تقاتلْ المُسلمينْ فأجابه أبو أيوب قال: أمَرنيْ رَسُولْ الله صَلى الله عليّه وآله أن أُقاتلْ الناكثينْ والقاسطينْ وبقيت بقيت مارقاً لا ادريْ نقاتلها بالنهروان أولا (أيّ بمعني لا أعلمْ هل أبقى إلى ذلكَ الوَقتْ أمْ لا) فيتضحْ لنا من هذا أنّ الحَدث إما أنّه كان بعدَ حربْ الجَمل، فإن لمْ يكنْ قبل ذلك فإننا ذكرنا خصْلتين أمَا إذا كانَ بَعد حَرب الجَمل وصفّين إذ كان ذكرَ الناكثين والقاسطين معا فكانْ معَ الإمَام صَلواتُ الله وسَلامه عليّه .

🔻 فيْ النهروانْ أيضاً شاركَ وأعطاه أميرْ المُؤمنين عليّه السّلام  رَاية أمَان بعدَ أنْ بدأ يَعظهُم وأرسَل إليهّم ابن عَباس وقال لا تُجَادلهم بالقرآنْ فإنّ القرآن جَمال ذو وجوهْ ولكن جَادلهم بحَديث رسول الله صَلى الله عليّه وآله (فهذا مُباشرْ وصَريح ولا يَحتملْ أكثرْ من وَجه) فنصَب أميرْ المُؤمنين عليّه السّلام راياتْ أمانْ فكانتْ إحدى الرايات بيَد أبي أيوبْ الأنصاريْ نظراً لأن أبا أيوبْ فيْ ذهنيّة المُسْلمينْ عَظيم المَنزلة منْ ناحية اختيار الله منزله لضيافَة رَسُولْ الله صَلى الله عليّه وآله.

🔻 انتفع الإمام أميرْ المُؤمنين بهَذا المَعنى لكيْ يُسحب منْ كانَ مُضلاً وخاطئاً منْ جُموعْ الخَوارجْ لكي ينساقوا إلى هذه الراية وبالفعل اجتمع تحتَ راية أبي أيوبْ الأنصاريْ عَدد غير قليلْ من الذين تركوا مَنهج الخَوارج وجاوؤا إلى طريقة أميرْ المؤمنين صَلوات الله وسَلامه عليّه بَعد شهادَة أميرْ المؤمنينْ سَلام الله عليّه والتصق والتحقَ بالإمامْ الحَسن المُجتبى(من هنا تتضح لنا مسألة وهي أنّ أبا أيوبْ الأنصاريْ شارَك فيْ الجَيش الذاهبْ لقتال الرّوم ويسمُونها الصَائفة وذلكَ عندمَا جهّز معاوية ابن أبي سفيان جيشاً لقتالْ الرّوم حوى جمعاً كبيراً من المُسلمين وكانَ من بينهُم أبو أيوبْ الأنصاريْ الذي أدركتهُ المنيّة ضمْن هَذا الجيش هَناك على أسوار القسطنطينيّة) والآنْ يوجدْ قبرُه في اسطنبول ولعلّ الذين ذَهبوا إلى اسطنبول يَعرفونَ هذا القبرْ وأنا ذهبتْ لزيارَته وهو عند الأتراك بمَنزلة عَظيمة منْ القدَاسة والتقديرْ والاحترام لاسيما أصحاب التوجّه الصُوفيْ وغيرهم عند الأتراكْ، فنجدْ لديّهم حالة التّعبُد والتبرّك تماماً كما هو الحالْ في المشاهدْ المقدسة عندنا الإمامية من تعبُد وتوَجّه وتوَسُل إلى الله بحَق هذا المدْفون فيه. كذلك نجد الأزواجْ في اسطنبول يذهبونْ إلى ذلك المكانْ  لطلبْ البَرَكة حتى نقل لي أحد المُترْجمين هناك من الأتراكْ، فقالْ هُنا رَسم العَوائل المتدينة التي تسكنْ في هذه المنطقة. و في مُحيطْ اسطنبول يَعتبرون أنّ من لا يأتي إلى زيارة أبي أيوبْ حينْ الزّواج، وكأنه ختم عَلى نفسه بعَدم السّعادَة على زواجه حتى إنّ غيرَ المُتدينين يأتونْ لطلبْ البرَكةَ ولطلب السعادة بحق هذا الرجلْ. 
ونحن نعتقد أيضاً أنّ هذا النوع من الصّحابة الذين كانو علَى منْهاج نبيهّم لم يُغيروا ولم يُبدلوا وسارواْ عَلى طريقة أهلْ البيتْ عليهّم السّلام واحسنوا الصُحبة. كما يقول سيدنا ومولانا زينْ العابدينْ في دعائه المَعْروف "الذين أحسَنوا الصُحبة وكانفوه وساعدوه وهجروا الأولاد والأموال وبذلواْ الأنفس فيْ سَبيل رسُول الله صَلى الله عليّه وآله" ونحن نعتقد أنّهم مَواضعْ تقرّب إلى الله سبحانه وتعَالى لكنْ يبقَى هَذا السؤال الذي أثيرْ من القدمْ وهو كيْفَ لأبو أيوبْ الأنصاريْ وهوَ المُفترض أنّه على ولاءْ أهلْ البيْت عليّهم السّلام أنْ يذهبْ في جيشْ يجيشه معاوية؟

🔻 نجدْ أنّ الفضلْ ابن شاذانْ وهو أحدْ الرّواة العُلماء عندنا يجيبنا بذلكْ فيقول: والرواة على قسمين : راوي عادي وراو فقيه والعَالمْ الفضل ابن شاذان أيضاً يُعتبر أحْد الرّواة العُلماء الفقهاء حَتى نقلَ عنْ بعضهمْ " إنني أغبطْ أهل خراسان بمَكانَة الفضلْ ابن شاذانْ لأنه يَحتويْ عَلى مَعارفْ أهلْ البيْت عليّهم السّلام" فالفضلْ ابنْ شاذان أجابْ عنْ هَذا ويَظهَر جوابْ السُؤال فيقول: غلبَ على ظنّه أنّه يَستطيعْ أنْ يَخدم الإسْلام وأنْ يوهنْ الكفر ولمْ يكنْ لهُ دخلْ ولا شأن بمُعاوية. فحَاصلْ جَوَابه هذا إنمَا ذهبَ إلى أنّ أبو أيوبْ الأنصاريْ في قتالْ الرّوم كانَ  في جيشْ مُعاوية فمَدَ نظر أبي أيوبْ الأنصاريْ إلى أنّ ذهابه في ضمنْ هذا الجيش إنما هُو فيْ خدمة الإسْلام ولمَحق الكُفرو يوصل الدين إلى القسطنطينية إلى حُدود ترْكيا. نلاحظ هنا وبالنسبة إلى مُعاوية أنّ الصُورة الظاهرية له أنه خليفة المُسلمين ولم يكن هذا اعترافاً بإمامته وولايته ولمْ يكنْ لذَهابه دَخلْ في معاوية ابن أبي سفيان، فهذا كانْ جوابْ الفضلْ ابن شاذان .

🔻 أحدْ عُلمائنا وهُو (سيّد بَحر العُلوم الطبطبائي) سيّد محمد مَهّدي بَحر العُلوم الطبطبائي رضوانُ الله تعَالى عليّه وهو أحدْ أكابرْ عُلمَائنا الأبرارْ يُعلق على هذا الجَواب فيقول: (وهو كمَا ترى) بمَعْنى أنّ هذا الجَوابْ ليْس جَواباً تاماً لأنه مرتكز في ذهنْ السيّد بَحر العُلوم وأمثاله من الفقهاء أّنّ القتال والفتح لابدْ أنْ يكونْ تحت رَاية مَعصومة أو راية إمام عَادل والحَال أنّ مُعاوية لم يكنْ هكذا فهَذا الجوابْ الذي قدمَه الفضلْ ابن شاذان ليس جوابا متيناً في نظرْ السيّد بَحرْ العُلُوم رُضوانْ الله تعالى عليه.

 🔻 بَعضْ الباحثينْ فيْ هَذا المَوْضوعْ رأوا بأنّ القضيّة لا تَرتبط فقطْ بأبي أيوبْ الأنصَاريْ وإنمَا ترتبطْ حَتى بمَن شاركوا في جُيوش الخليفة الأول مثل عمّارْ ابن ياسرْ شارك وحُذيفة ابن اليمانْ شارَك أيضاً و كذلك سَلمان الفارسيْ. و أمثالْ هَؤلاء كانوا في زمانْ الخليفة الأول و زمَان الخليفة الثاني وزمان الخليفة الثالث، لكن هَذا لا يرتبطْ فقط بمعاوية وبأبي أيوبْ الأنصَاريْ! فالمسْألة كمَا هي مَوْجودة هنا فهي مَوجودة أيضاً في منْ سَبقَ خالد ابن أبيْ سَعيد ابن العَاص الذي هُو نجيبْ بني أميه وتحدثنا عنهُ في شدة ولائه  لأميرْ المُؤمنينْ عليّه السّلام وهو الشهيد فيْ مَعْركه مَرج الصفرْ وهيَ إما في أواخر عهد الخليفة الأولْ أوفي أوائل عهد الخليفة الثاني. إذنْ نجد الكلام ذاته  وهذا رَاجعْ إلى تقدير أنّه فيْ زَمان مثل معاوية أو عُموماً عندما لا يكون إمامْ العدْل موجوداً، فهل يصح لإنسانْ موال لأهلْ البيْت عليّهم السّلام بحسَبْ تقديره أنْ يَخدم الإسْلام ولْو كانَ ضمْن جيش هؤلاء! يقاوم مسيلمة الكذّاب ولكن الراية يجيشها الخليفة الأول، و يقاوم مثلاً الفُرس كما كان بالنسبة إلى حُذيفة ابن اليمانْ ولكنْ الرّاية التي يرْفعها هي راية الخليفة الثاني. فنجدْ لدينا الكلام ذاته هُنا و هُناك: هل أنه يلزم ألا يشارك حذيفة ابن اليمان ولا عمار ابن ياسر ولا خالد ابن سعيد ابن العاص ولا سلمان الفارسي ولا و لا .... مادام أنّ الخليفة لم يكنْ إماماً معصوماً أولا يمكن لإنسانْ بحسبْ تقديره أنْ يُقدم خدمَة للدينْ حَتى ولو كانتْ الرّاية  بيد معاوية ابن أبي سفيان .وبالتالي يَقول هَؤلاء أنّ جَواب الفضْل ابن شاذان رُبما يمكن تقويته بهَذا المَعنى .

 مرْقدْ أبي أيوبْ الأنصاريْ.

🔻 على أيّ حَال فإنّ نهَاية هذا الرّجل الصّالح هذا الصّحابيْ المُواليْ لآل رَسُول الله صَلى الله عليّه وآله والمُوالي لأميرْ المؤمنينْ صَلواتُ الله عليّه مُضيف رَسُول الله صَلى عليّه وآله، كانتْ نهَايته أنْ يُدفنْ فيْ هَذه المنطقة في ترْكيا وإنّي أوْصي منْ يذهبْ إلى ذلك المَكان بزيارة هذا الرجل الصّحابي العّظيم المُتمسك بولاء العترة النبويّة والمُضيف  لرَسول الله صَلى الله عليّه وآله وأن يُتوسل بأمثال هؤلاءْ في مراقدهمْ وأمَاكنهم.

🔻فذلك الجيشْ الذي أرسَله معاوية أيضاً له قضية ذات طرافة فهيَ تبين الفرْق بيْن قادة المُسلمينْ الطاهرينْ فيْ ذلك الوقتْ وبين أمثالْ هؤلاء، و هذا ينقله ابن عَسَاكر فيْ تاريخْ دمشقْ وأنا أنقلْ عنه باعتباره أنه غير مُتهم في هذا الجانبْ لأنه تابع لمَذهبْ مدرَسة الخُلفاء وإلى غيرُه أيضاً ينقل هذا و يقول:  لما بدأ معاوية بالتفكيرْ في ترشيحْ ابنه يزيد لوَلاية العهدْ، فإنهُ أرسلَ يستشير مُستشاريه وكان ممن أرسل إليهم هو زياد ابن أبيه الذي ولاه على الكوفة و ولاه على البصرة فأرسلَ إليه وطلبَ منه بأنْ يُفكرْ في طَريقة لأخذْ البيعة منْ المُسلمينْ إلى يزيد بن معاوية كولي للعهد، فأرسَلَ إليه أنه يزيد معروف في الحضور الذهني الإسْلامي أنّه رجل مُعازف و راقص! فكيف تطلبْ قبول الناسْ بذلك وعندَهم مثلْ الحُسينْ ابن عَلي ابن أبي طَالبْ وعندَهم مثل عَبد الله ابن الزبير حَسبْ كلام زياد ابن أبيه وكذلك عندَهم مثل عَبد الرّحمن ابن أبي بكر وعندهم مثل عَبدالله ابن عمر؟ فهؤلاء بأجمعهم هم أبناء الصَحابة المباشرينْ وسيرتهم العامة بمَراحل أفضلْ منْ سيرَة يزيدْ.

🔻ولكنْ الرأي هو أنّ تدبير مؤامرة بجَعلْ يزيدْ يتخلقْ بأخلاق هَؤلاء لمَدة سَنتين أو أكثرْ حَتى تستقبلْ الناسْ منا هذا الكلامْ .. لكنْ ( أبو طبيع  ما يترك طبعه) حسب التعبير العاميْ، فأخبره بذلك وقال له بأنه مُقدم على غزو الصائفة و أرسل جيش إلى الرّوم و أنتْ كنْ مَعهم حَتى تظهرْ لنا جماعَة في آخرْ الزّماَن ليقولوا بأننا أولْ جَيش يَغزو القسطنطينية مغفور لهم و يزيدين وكان معاوية أيضاً واحداً منهمْ أذن مَغفور له. 

 🔻فخطة زيادْ بأنْ يوْصي مُعاوية ابنه بأنْ يكونْ حذراً آنذاك ويجعلْ الشربْ مقتصراً لوقتْ الليل فقطْ، وأمّا في فترة النّهار فيجبْ أنْ يكون مُنتبهاً وواعياً وأمّا مُعاوية فسيقومْ يغزو الصائفة في ذاتْ الوقتْ فجهزَ جيشاً في وقتْ الصّيف على الرّغمْ من أنّ شمَال سُوريا وجَنوب ترْكيا هي مناطق بَاردة فسُميَ بإغراء الصَائفة وقتْ الصّيف. فجَهزْ جيشاً وجعلَ مَعه يزيد ابن معاوية فتحرك الجيشْ ولكنْ يزيد تأخر عنهمْ وكان في مَنطقة مَوجودة وهي مَنطقة باردة وجَميلة الهَواء وعذبة المياه والفواكه وهي كانت قديماً بهذا الوَصف ولازالت حتى وقتنا الحاضرْ فهي مُرتفعة أساساً وتُسمى(حلبْ) وهي مَنطقة  مُرتفعة وهذه منطقة مرتفعة فوق الإرتفاعْ فمكان بارد جداً. لما وَصَل إلى المَكانْ، جلسَ فيه وتَرَك الجيشْ يجولْ على بنفْسه، ثم مرت ثلاثة إلى أربعة أيام حتى جاء إليه الرّسُول منْ الجيش يمشي على هون فقال أنّ الجَيش الآنْ أصبحَ في حَالة سيئة فصار عندهم حُمى شديدة والكثير من أفراد الجيشْ وقعوا مرّضى إلى أنْ مات بعْضهم وهجم البعُوضْ الشديدْ الشراسة على البَعضْ الآخرْ حتى لمْ يتبقَ من جلدهم أية بقعة سالمة ثمّ دبّر لهم مخرجْ فأنشدَ: 

 وما أبالي بما لاقت جموعهم 
بالفرق دونة من حمى ومن موم 
إذ اتكأت على الانماط مصطحباً
بدير سمعان عندي أم كلثوم 

يقصدْ زوْجَته هند بنتْ عَبدالله ابن عَامر ابن كريزْ المَعروفة و لها ذكرٌ فيْ قصّة المَقتلْ الحُسيّنيْ.

مرات العرض: 3449
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2553) حجم الملف: 62677.91 KB
تشغيل:

المهاجر بن خالد بن الوليد شهيد صفين
شرح دعاء الافتتاح 13