ثقافة النجاح في الحياة
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 6/1/1435 هـ
تعريف:

                      بسم الله الرحمن الرحيم

                              ثقافة النجاح في الحياة          


قال تعالى ( أفمن يمشي مُكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم )
الآية المباركة  تُقسم الناس إلى قسمين وتطرح سؤالاً من الأهدى والأقوم طريقةً بين  هاذين الصنفين من الناس ؟
(أفمن يمشي مُكباً على وجهه) ..الشخص الغير سوي في سيره منقلب الاتجاه.. هل هو أهدى أو الشخص الذي (يمشي سوياً على صراط مستقيم ).. المنتصب القامة وخريطة سيره واضحة ؟
بلا شك أن الإجابة ستكون هي الثانية من غير حاجه إلى أن يؤكد القرآن الكريم هذا المعنى .
خطاب لما هو مرتكز في نفوس العقلاء وأذهانهم ..بالرغم أن قسماً من المفسرين وجه هذه الآية إلى ما يرتبط بالقضية الدينيه والأخروية بينما الظاهر من الأيه العموم وأنها تشمل النشأتين  والحياتين أي أنها تشمل الدنيا والآخرة
هل الذي يمشي متخبطاً منقلباً في هذه الدنيا أفضل و أكثر هدايةً أو ذلك الذي يمشي على صراط مستقيم بخطوات ثابتة ؟ 
هذه الآية  لتكن افتتاحيه الحديث في موضوع ( ثقافة النجاح في الحياة ) تلك الثقافة التي يُطالب بها الإنسان والمجتمع المؤمن.. فعندما يفتح الإنسان عينه على هذه الحياة التي يعاصرها أو حتى التاريخ سنجد صنفين من الناس.. نجد صنفاً عاش حياته ولم يحقق شيئاً مهماً وقد يُقال في النتيجة أنه عاش حياةً فاشلة , بينما ينظر إلى فئة أخرى وأفراد آخرين غيرهم قد حققوا انجازات وخدمات قدموا لأنفسهم ولمجتمعهم ولدنياهم وأخرتهم أشياءً كثيرة فوضعوا لهم علامة, دلالةً على نجاحهم في حياتهم..
ما هو الشيء الذي يجعل الإنسان يعيش في زمان إنسان آخر؟ فينجح هذا ويفشل ذلك! يتألق إحداهما عن الآخر! يخسر أحداهما بينما يرتاح الأخر عندما يرى إنتاجه ويرى المؤمنون عمله...
ما هي تلك الثقافة التي تصنع نجاح هذا الإنسان؟؟ وماهي تلك الثقافة التي تنتهي إلى فشل ذلك الإنسان الأخر؟
هذا مهم جداً نظراً لأن القضية لا مجال فيها للإستدراك هي تجربة حياة.. لا تتكرر ولا تتثنى فإما أن تختار من البداية طريقاً واضحاً وأن تكون فيه سوياً وعلى صراط مستقيم فتنتج نتائج طيبة.. وأما ذاك البعيد لا يختار الطريق الصحيح ويمشي مكباً على وجهه فتكون نهايته خسران الدنيا والظاهر أن الآخرة أيضاً ليست في يده,, فهل هناك مجال للإستدراك؟ كلا..
في كثير من الأحيان تجربة الحياة امتدادها يكون ضمن خريطة يضعها الإنسان نفسه..فيكون الدخول في طريق من الطرقات غير قابل للتدوير إلى أن تصل إلى هناك.. يوماً من الأيام نريد التدوير ولكن هيهات فملك الموت ينتظر ليقول.. انتهت حياتك, فرصتك, مدتك..
هنا تكمن حاجة الإنسان في أن يتسأل ويبحث عن ثقافة النجاح في الحياة وأن يستفيد منها بالتطبيق حتى لا يخسر حياته فيكون من المفلحين لا من المحرومين الفاشلين.
الحديث طويل ولكن سنقتصر على بعض الجهات..
الجهة الأولى.. التي تؤثر في نجاح الإنسان وفشله رؤيته الفلسفية للحياة.. لماذا جاء إلى هذا المكان؟ لماذا وجِد في هذه الدنيا؟ إلى أين مسيره؟ كيف ينبغي أن يسير؟
الإجابة على هذه الأسئلة تُشكل للإنسان رؤية فلسفية لوجوده, وطريقه, ومصيره, والنتائج التي قد يحققها..
مرةً قد يقول:( وماهي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر)
ومرةً أخرى يقول: نحن جئنا من أجل هدف ولغاية ولأمور مهمة لابد أن نلتفت إليها.. فذاك يمشي بطريق الذي يقول: نموت ونحيا ونأكل ونشرب..
بينما الشخص الأخر تختلف طريقة تعامله مع الحياة..
لذلك نجد في القرآن الكريم و التوجيهات الدينية تأكيد كبير على الفلسفة العامة لحياة الإنسان..
أيها الإنسان أنت خُلقت للربح لا للخسارة وقد زُودت بأدوات الربح تملك رأس المال مفصلاً جُعل بين يديك كي تربح..
هناك حديث يُنقل غالباً في مصادر السنة معناه موجود وهو ثابت.. في الحديث القدسي..(ما خلقتكم لأربح عليكم وإنما خلقتكم لتربحوا علي )
حديث قدسي يختلف عن الآيات القرآنية ويختلف أيضاً عن الأحاديث النبوية..
هذا المعنى موجود سواء ثبت هذا الحديث أم لا.. لكن المعنى والفكرة موجودة وثابتة وصحيحة..
فأنت أيها الإنسان جئت في هذه الدنيا ضمن عمل يجب أن ينتهي إلى الربح والربح لابد أن يكون في الدنيا والآخرة.. أما إذا كنت في الدنيا خاسراً وكذلك في الآخرة لم يتحقق هدف الخلقة.
 القرآن الكريم يقول: هو الذي أنشأكم من الأرض وأستعمركم فيها..  جعلكم خلائف في الأرض. على أحد التفسيرين. استعمركم فيها جعل أعماركم فيها . وهذا التفسير ليس قوياً, أوأستعمركم أي طلب منكم إعمار الأرض وهذا التفسير الأوجه والأصح.
مطلوبٌ منك أيها الإنسان أن تحمل دور خليفة الله في أرضه, ضمن درجات, الخلافة الأولى للأنبياء والمعصومين وفيما بعد للبشر كي تقوم بإعمار الأرض وإشاعة الخير فيها.
القرآن الكريم يتحدث مخاطباً المؤمنين يقول لهم أنت أيها الإنسان جزء من مجتمع صفتهم... صفة ذلك المجتمع أنهم الأعلون, المتفوقون, المتميزون(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) فمجيء الإنسان في هذه الحياة ليس عبثاً وليس صدفة ولا إمرار لوقت من الزمان وإنما تحمل رسالةً لابد أن تؤديها وأن تكون من المفلحين فيها , فالقرآن الكريم يستخدم هذه الكلمة للنشأتين..
فهذه الثقافة, وهذه الفكرة, ينبغي أن تكون داخل نفسك حتى تتحرك على ضؤها.هذه رؤيا وطريقة قسم من الناس فتنتهي إلى نتيجة . القضية جادة.
مطلوبٌ من الإنسان العمل في هذه الرحلة والمفترض أن يكون رابحاً فيها ويستثمر عمره فيما بقي,  يُعمر البلاد,  ويصنع ويدعوا إلى الخير ليكون من خيرة الأمم..
وفي الطرف الآخر قد تكون هناك ثقافة أخرى لقسم من الناس ( هي أيام وتنقضي )   و تمشي وتمر علينا او يقول إن الدنيا لا تسوى شيئاُ  ولا قيمة لها فلماذا يركض الإنسان وراءها؟ ولابد أن يكون زاهداً فيها . لاريب أن أحاديث الزهد ثابتة في ذم الدنيا.ولكن بالنسبه لمن ؟
بالنسبه للذي يقدم الدنيا على كل شيء الذي يبيع كل شيء من اجل الدنيا هذا الأنسان يقال له هناك اخره فلا تظلم الناس من أجل الدنيا,, لا تسرف من أجل الدنيا هناك مصير وعقاب...فيحتاج إلى أحاديث الزهد والقناعة
أما بالنسبه للإنسان المتوازن الذي هو بالاساس لديه نقص في طلب الدنيا لا يطلب  منه ان يزهد في الدنيا فهوبالكاد يدبر معاشه فلا نقول له أن يترك الدنيا فهذا توجيه غير سليم.. فالروايات ثابتة لكن توجيهها لمن
ما هي فلسفة الحياة في أذهاننا؟
إذا كانت رؤيتنا للحياة رؤية منقلبة فتنتهي إلى نتائج الفشل.اما اذا كانت الرؤية تطلب من الإنسان أن يعمل كل ما في وسعه لخير نفسه, ومن يعول عليه, ولمجتمعه يقدم الدين والإسلام باعتباره منصة إنقاذ للبشرية,, فهذا تختلف طريقتة ومسيرته وحركته في هذه الحياة
هذا أول عامل من العوامل التي تؤثر في نجاح الإنسان في حياته,و من المهم أن نصحح نظرتنا ونظرة المجتمع باتجاه الهدف والدور المطلوب منا في هذه الحياة, نحن لم نُخلق للآخرة فقط نعم هي أقصى غايتنا ولكننا نعمر هذه الدنيا لننتج فيها ونعمرها.
بعض المفسرين يقول: كلمة خليفة.. ( إني جاعل في الأرض خليفة ) بناء على عدم تخصيصها بخصوص أدم كنبي وإنما تعميمها لأدم باعتباره بشر ومن وراءه...
من هو الخليفة وماهو عمل الخليفه ؟
 جاء في الآية الكريمه  (جعلكم خلائف في الأرض)  فلا كلام هنا للأنبياء.بل لعموم البشرومهمته  أن يعمل كما يعمل الأصيل كما لو خلف أحدهم شخصاً لا بد أن يعمل كما يعمل الأصيل..
ماذا يعمل الله سبحانه في الكون؟ ينظم الكون وينشر الخير فيه.. زراعة هذا الكون بيد الله الأمور المختلفة تدبيرها عند الله سبحانه وتعالى وإن كان بالوسائط..
فالمفترض أن الخليفة ضمن طاقاته وقدراته يقوم بهذا العمل بعض المفسرين يشير إلى هذا..
نحن إذا أصبحت لدينا هذه الرؤيا وهذه النظرة إلى وجودنا في هذه الحياة وإلى بقائنا فيها و أنه بقاء ربح وإعمار وصناعة خير في هذه الدنيا بمختلف مظاهر الخير ستكون حركتنا مختلفة فلا يكون هذا مُكباً على وجهه بل سوياً على صراط مستقيم.. فهذا من الأمور التي تؤثر على الإنسان في رؤيته للكون وفلسفته في الوجود والخلقة الإنسانية..
الجهة أو الأمر الثاني.. الصفات التي يربي الإنسان نفسه عليها فهو فقط من يصنع فشله أو نجاحه من خلال انتخاب الصفات.. فأي صفة تنتخب لنفسك؟ صفة العمل , النشاط , الحيوية , الحركة , بناء الخير للناس , المساهمة في رفض الخنوع والقنوط والكسل .. أو تختار ذلك الطرف الفشل في الخارج , في الشارع , في الوظيفة , في السوق..
الفشل في الواقع يبدأ في صفات الإنسان النفسية أولاً...  فماذا ستختار لنفسك؟ هل ستختار طريقة حياة قائمة على الأماني والأوهام فتكون النتيجة معروفه...
هناك قسم من الناس حياتهم منظمة على أساس الأماني والأمل الكاذب والوهم المخادع, يتمنى لو أن أوضاعه تتغير تتبدل , لو يأتي سلطان جديد , أو نستلم رواتب أعلى , أو يتغير الوضع السياسي .. هذه أماني وأوهام فلا نتعلق بأذيالها ... كما قيل في حق الشاعر
   أتمنى في الثريا مجلسي              والتمني رأس مال المفلسي
>> أنا أتمنى أن أكون في أعلى الدرجات دون رأس مال بل بالأماني وهي لا تحقق شيئاً . أحياناً قد يصل الإنسان بسياسات مبنية على الآمال والأماني الكاذبة التي نظم حياته عليها
هناك طريق في الحياة ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )و يقول الإمام الباقر عليه السلام ( إن الله يحب الأغتراب في طلب الرزق, أصحر يصحر الرزق لك ) لابد من الحركة حتى يأتي الرزق قسم هكذا وقسم لا.
 وبعضها سياسات دول أحد الباحثين الاقتصاديين يقول: هناك حكومات تحول المجتمع كله إلى مجتمع مقامر.. كيف يكون ذلك ؟
لا يعتمد على القواعد والسنن بل من يشارك في برنامج مسابقات من خلال اتصال مئة أو مائتين مره على أمل أن تصيب في إحدى المرات فيكسب مبلغاً وقدره  وقد يكون خاسراً من أمواله ما لم يكن بالحسبان فكل ذلك كان وهماً .. أو السيارة التي توضع على باب المحل الفلاني كوسيلة إغراء للدخول في المسابقة .
 أحد الرجال عند موته قال لأبنائه أنه دفن كنزاً في هذه الأرض ومن سيحفر ويجتهد منكم قبل الأخر سيحصل عليه وعندما أغمض عينيه بدأ الأبناء بضرب الفؤوس والجميع متلهف لهذا الكنز الذي سيُحولهم من الفقر إلى الغنى ، حرثوا الأرض متر متر حجرة حجرة فلم يجدوا شيئاً..! أحدهم فهم المعادلة فقال لهم إن أبينا رأى منا الكسل والفشل فأراد أن نحرث الأرض حتى نزرعها فهذا هو الكنز.. فلو قال لنا نحرثها لنزرعها ما فعلنا ذلك...
هناك بعض المجتمعات أحياناً تتحول ببعض السياسات إلى  حالة قمارية وقسم من الناس كل حياته..على أساس التعلق بأمل كاذب .. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ...
صدفة في مئة ألف مليون واحد يحتمل أن تكون انت الفائز هذا لا تقوم عليها الحياة هذه هي الحالة القمارية التي تتحكم في الإنسان..
فيحتاج الإنسان أن يخرج من حالة الأماني ليخرج  بعد ذلك من حالات الكسل والبطالة وقلة العمل وحب النوم..
حوار بين شخصين أحدهما يبحث عن الوظيفة الحكومية ويسعى لها بشتى الطرق ويدفع مبالغ طائلة من أجلها وإن لم يحصل عليها فقال له الأخر: لما كل هذا؟ لما تجهد نفسك للحصول عليها ؟ فرد عليه هذه الوظيفة من الصباح للظهر أقل وقتاً وليس هناك حسيب أو رقيب  وبعدها ترتاح وتنام إلى المغرب .. فهل خُلق الإنسان للنوم؟ هل نسينا نوم القبر؟ الذي لا نعلم مدته وكأن الحياة قُسمت قسمين أحد القسمين فيه تعب والقسم الأخر فيه راحة...
إذا أنت أيها الشاب أو أنتِ أيتها الشابة عملت وكدحت وأصبحت نشيطاً في عز شبابك .. النصف الثاني من حياتك ستبقى في راحة فقد كونت نفسك ووضعك الاقتصادي مرتب وحصلت على ضمانات في هذا الاتجاه.. وفي النصف الأخر مع ضعف القوى وتقدم العمر أنت في راحة وإذا كان بالعكس كصاحبنا ينشغل بالنوم في نصفه الأول وعندما يكون عمره خمسين أو ستين سنة فهل يستطيع أن يعمل كما في ذلك الوقت ففي هذا الوقت يبدأ التعب الحقيقي فالبدن لا يستجيب للإنسان,, يحتاج الإنسان أن يُعود نفسه كي ينجح في حياته وهذا فضلاً عن الحياة الأخروية عليه المزيد من النشاط والحيوية وطرد الكسل..
أئمتنا صلوات الله عليهم أقاموا حرباً شعواء على الكسل حتى في أمور  الدنيا 
الإمام الباقر عليه السلام يقول: إن الله يبغض المرء كسلاناً فإن من كسل عن أمر دنياه فهو عن أمر آخرته أكسل.. إذا كان كسول في كسب العيش وفي الإنجاز وفي الأداء وفي العمل وفي هذه الدنيا مع أنه مطالب بالنفقة على أهله وعياله والمجتمع ومع ذلك هو كسلان.
الأمور الآخرة إذا لم يسعى لتحصيلها سيكون أكسل فيها... يقول أمير المؤمنين عليه السلام: إياك والضجر والكسل فإنهما مفتاح كل شر
الضجر..هو حالة عدم الاستمرار
قد يبدأ في عمل بعد شهر من الزمان يتركه لماذا؟ لأنه من الصباح الباكر لما كل هذا التضجر والتبرم السريع...
حالة الكسل تنتهي بالإنسان إلى التأخر والتخلف يقول أمير المؤمنين عليه السلام: فإنهما مفتاح كل شر وفي بعض الروايات .. إياك والكسل والضجر فإنهما يلدا الفقر كأنما هناك تزاوج بينهم وقد نظمها أحدهم وقال...
إن التواني أنكح العجز بنته       وساقها إليها حين زوجها مصر ا
فراشاً وطيئاً ثم قال لها إنكِ       مقدارهما لابد أن يلدا الفقرا
 التواني تزوج على العجز,, والنتيجة أولدا الفقر مايولدا إلا هذا  هل يولدون النشاط والحيوية لو تقدم أبداً
 أئمتنا أسهبوا في هذا المجال و أعطوا آيات عظيمة من النشاط والحيوية والعمل وتقديس العمل من الإشارة إلى ثواب العاملين
فلابد أن نتوجه إلى مثل هذا الأمر ونحارب الكسل والعجز والتواني وكثرة التعطيل كما فعل أئمتنا... مثلاً المدرس بمناسبة أو غير مناسبة عندما تقترب الإجازة يعطي الطلبه إجازه قبل الأجازه يقول للطلاب غداُ إجازة أبلغوا أمهاتكم بذلك والبعض يهدد أنه إذا جاء أحدهم سيخصم من درجاته وهذا شرعاً مشكل لأنك تأخذ مالاً دون مقابل فهناك اتفاق بينك وبين جهة العمل على أن تعمل المدة الكذائية... فكيف تقبض مالاً دون عمل ؟
ومثلاً من يأتي للعمل صباحاً يوقع ويذهب , فكيف نقول نحن أناس متدينون و المفترض أن يكون الإنسان المتدين كما ان عبادته خاضعة للدين كذلك معاملته تكون خاضعة للدين وكسبه كذلك .
فعندما يبقى أسبوع على إجازة نصف السنة تقول للطلاب أن لا يأتوا للمدرسة لماذا تصرفهم ولصالح ماذا ؟ لابد أن تعلمهم على الالتزام والإنضباط  والنشاط وتقديس العلم بهذه الطريقة.. أين التربية التي تحملها ؟ نحن نحتاج إلى مثل هذه الصفات أنا وأنت ..
النجاح لا يبدأ بالنسبة لنا من الخارج وإنما يبدأ من داخل أنفسنا من خلال اختيار حزمة من الصفات التي ينجح بها الإنسان في حياته أو اختيار حزمة من الصفات التي تنتهي بالإنسان إلى الفشل .
والأمر الثالث: البيئة التي نوفرها لأنفسنا ولأبنائنا  قد تكون بيئة صانعة للنجاح وقد تكون بيئة صانعة للفشل البعض من الناس كل كلامهم مع أبنائهم يا فاشل, أين أنت والفلاح, قد يستغرب الأمر في البداية ولكن مرة مرتين وبعد مدة من الزمان يعتاد ويصدق في نفسه أنه لم يرى الخير في وجهه..  فهذا الأسلوب مضاد تماماً لأساليب التربية الصحيحة لماذا كل هذا التكسير ؟
لابد أن نضعه في بيئة تنشطه وتشجعه وتقدرعمله حتى إذا قصر في جانب أمدحه في الجانب الذي لم يقصر فيه . وحرك الحماس فيه بأن يتحرك في الجانب المقصر فيه وهكذا .
الآن في مجتمعنا حتى بعض الهيئات والمؤسسات أصبحت تشجع وتضع جوائز للإنجاز وما شابه ذلك.. هذا شيء طيب أن حقيقة هذه المشاريع التي تنتهي إلى تشجيع الناس على النجاح واستثارات وعوامل الصعود والتقدم فيها فتكون عادات طيبة في المجتمع تشجيع المتفوقين وتكريمهم والاحتفال بهم  قد يكون هذا الفعل ليس ذا أهمية عند البعض ولكن الولد الصغير تبني له مستقبلاً من خلال تشجيعه و وتحفيزه  والإشادة بإنجازه..
لابد أن يكون النجاح بالنسبة لمجتمعنا أمراً من الأمور المطلوبة حتى يسعى لها الناس جميعاً...
فلا يقبل من الإنسان في هذا المجتمع الذي ينتمي إلى أهل البيت عليهم السلام أن نسمح بالفشل.
 من هم  قادتك ؟ انهم سادة الخلق علماً وعملاً ونحن نقتدي بهم فلابد أن تكون بيننا مسانخة, مشاكلة, مشابهه لهم.. وأن لا نقول أنه إمام معصوم ومسدد من قبل الله فهو ليس كالبشر كما يقول البعض من الناس..
ومن هم علماءك ؟ أقرأ كتاب تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام للسيد حسن الصدر رحمه الله
لترى ان الشيعة وعلماء الشيعة كانوا مؤسسين في العلوم في تاريخ المسلمين, وعلوم الإنسانية, والعلوم الدينية, العلوم الطبيعية, الفيزياء, والكيمياء, الفقه, الأصول, اللغة, الأدب, هؤلاء هم المؤسسون البارزون فيها كانوا من شيعة أهل البيت عليهم السلام وأنت تنتمي إلى هذا المجتمع..
نحتاج أن نُمثل خطاهم كانوا في الدرجات العاليات هؤلاء عندما يكونون في موقع الواحد منهم يعد بأضعاف أضعاف أمثاله
نأخذ كربلاء مثالاً.. في كربلاء الإمام الحسين عليه السلام قال كما ورد في بعض الروايات ( إني لا أعلم أصحاباً خيراً من أصحابي ولا أهل بيت أبر من أهل بيتي ) هذه كلمة جداّ كبيرة وضخمة...أين أصحاب الإمام علي عليه السلام, أين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله,,
مقارنة بسيطة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المخلصون أقصى ما وصلوا إليه أن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين يعني الواحد في مقابل عشرة فإذا واجه عشرة ما بعد نكص على عقبيه لكن إذا واجه إحدى عشر فلا مشكلة لو أدبر ولا يعتبر فار من الزحف ومرتكب كبيرة من الكبائر.. أما في كربلاء أقصى ما قيل في جيش الحسين عليه السلام أنه تجاوز المائة بقليل وما قيل في جيش عمر بن سعد كما في الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام حتى أكتمل عددهم ثلاثين ألفاً.. رواية الإمام الباقر ورواية الإمام الحسن عليهم السلام ثلاثون ألف في مقابل مائة شخص,, النسبة تكون واحد في مقابل ثلاثة مائة أما هناك واحد مقابل عشرة وهناك القرآن الكريم يقول ( وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك أبتُلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديدا) ورغم كل ذلك يُمازح أحدهم الآخر ويقول له ما هي إلا ساعة نميل عليهم أو يميلون علينا فندخل الجنة فأين هؤلاء من هؤلاء؟ زاغت أبصارهم ويظنون بالله الظنونا مشاكل حتى في الأمور العقائدية وهؤلاء قضية ساعة واحدة ونحن ذاهبون إلى جنة الله وكلاهم أصحاب !
ونحن سائرون على خط هؤلاء فهل ترضى لنفسك الفشل, الكسل, التراجع, العجز, وأنت خلف هؤلاء.( صغيرهم آية وكبيرهم معجزة )
مسلم بن عوسجة الأسدي تجاوز الثمانين من العمر قيل أنه كان يشد حاجبه بعصابة حتى لا يسقط على عينه ولا يرى الطريق.
هذا لو كان في مجتمعات أخرى لابد أن يكون في مستشفى الرعاية الخاصة وهو يحمل سيفه ويأتي للقتال.. وكذلك الصغير في الثانية عشر من عمره يحمل سيفه ويقول حسين أميري ونعم الأمير... وعياً وتألقاً وقِدماً.. وحبيب بن مظاهر في الخامسة والسبعين من عمره كان له دوراً مهماً في الكوفة أيام ما كان فيها مسلم بن عقيل إلى أن تغيرت الموازين في الكوفة وأرسل إليه الإمام الحسين كما جاء في بعض الروايات رسالة ملقباً إياه بالفقيه وهذا التعبير بحسب اصطلاحي  نادراً جداً أنه خاطب أمام شخص من الأشخاص بأنه فقيه... ارسل الإمام الحسين عليه السلام إلى الفقيه حبيب بن مظاهر رسول وما إن وصل الرسول إلى الكوفة يطرق باب حبيب بن مظاهر ليخرج مع اضطراب الأوضاع وإعلان الأحكام العرفية يُسلم الرسالة بهدوء وسرية لحبيب وما إن رأى خط الإمام الحسين بدأ يلثمه ويقبله ويضعه على عينه .... وما كان من شيخ الأنصار إلا أن يُلبي النداء ويذهب لنصرة الغريب...سلام الله عليك يا حبيب بن مظاهر الأسدي ورحمة الله وبركاته...
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .

مرات العرض: 3423
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2578) حجم الملف: 19663.95 KB
تشغيل:

هل هناك تياران متوازيان في التشيع؟
بناء الأمل في بيئة الإحباط