حقوق الناس عندما تنتهك من السلطات
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 4/1/1435 هـ
تعريف:

   بسم الله الرحمن الرحيم
 
حقوق الناس عندما تنتهك من السلطات 
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام (أيها الناس إن لي عليكم حقاً ولكم عليّ حق فأما حقكم عليّ فالنصيحة لكم وتوفير فيئكم وتعليمكم كي لاتجهلوا وتأديبكم كيما تعلموا وإما حقي عليكم بالوفاء بالبيعة والنصيحة في المشهد والمغيب والطاعة حين آمركم وأنهاكم)
حديثنا يتناول حقوق الناس وكيف تنتهكها السلطات والحاكمون بعد حديث سبق لنا عن إنتهاك الناس لحقوق الناس .نقدم لهذا الحديث بمقدمة أساسية وهي أن بعض الباحثين يرى ان تقدم وجود الناس على أرضهم وسبقهم للنظام الحاكم والسياسي يوجب ان تكون حقوقهم الإنسانية ثابتة وأن الحاكم والسلطان الذي يأتي فيما بعد لا يستطيع تغييرها ولا تبديلها ومعنى ذلك ان الحاكمين والأنظمة السياسية لا تأتي هي بالناس ولا تصنع هي الأرض. وإنما هناك أرض يعيش عليها فئة من الناس يحتاج هؤلاء إلى إدارة تنظيم شؤنهم فيرضون بشخص رئيس للقبيلة أو قائد للمجموعة أوحاكم لهذا المجتمع أوفي الحالة الأخرى يتسلط بالقوة على هذه الجماعة لكن وجود الجماعة والأرض سابقة على ذلك السلطان وذلك النظام السياسي لا يوجد في التاريخ أولا يأتي الحاكم ثم يأتي بالناس اولا يأتي الحاكم ثم يشكل الأرض وإنما وجوده متأخر. عنهم فائدة هذا الكلام أنه لا يستطيع الحاكم ان يغير حقوقهم الثابتة الأصلية أن يمنع ما هو حق لهم لأن وجودهم في هذا المكان حريتهم في إنتخاب الدين او الفكر الذي يريدونه حريتهم في التنقل وما شابه ذلك هي ثابتة على وجوده وهي ثابتة قبل وجوده فعندما ياتي هذا الحاكم سواء كان بالتراضي والتعاقد اوكان بالغلبة فإن دوره الأساسي إنما هو في إدارة الحقوق وتنظيمها فيما بين الناس.  انت عندك حرية ولكن إلى أي مقدار ان تتعدى على جارك لا أنت لك صلاحية أو حق في أمر ما لكن هل تعتدي على حق الغير كلا هذا يحتاج إلى ناظم وهذا مايعبر عنه بالسلطة ،أو الحاكم، اوالنظام السياسي ولهذا البشر بعد تجارب متعددة وبعد مسيرة تاريخية طويلة انتبه إلى أن دور الحاكم ان يكون وكيل عن الناس في إدارة شؤونهم هناك ثروة عامة أموال عامة كنوز تحت الأرض كنوز فوق الأرض هذه أموال تعود لكل الناس من الذي يدبرها بعدالة وإنصاف  هوالحاكم والسلطان وهو و كيلهم في أدارة اموالهم الإقتصادية وشؤونهم العامة. هو وكيلهم في فض المنازعات لعل كلام أمير المؤمنين عليه السلام الذي ذكرناه في بداية الحديث ناظر الى هذه الجهة قال الإمام (إنَ ليْ عليكم حقاً ولكم عليّ حق)ثم بدأ أولاً في التفصيل في حق الناس وليس في حقه مع ملاحظة إننا نتفق أن أمير المؤمنين منصب من قبل الله ولكن أراد أن يؤكد هذا المعنى في حالة الحاكم والسلطان فإما حقكم عليّ بدأ بحقوق الناس فالنصيحة لكم النصيحة أصل معناها :الإخلاص والذي ينتج عن الإخلاص هو أن يقول الإنسان نصيحته للأخرين لأنه مخلص لهم فلذلك ينصحهم فيقول الإمام من حقوقكم ان أكون مخلصاً لكم ولا أنظر في تدبير نفسي( وتوفير فيئكم)، والتوفير إما يأتي بمعنى الوفرة أي التنمية الأقتصادية يعني مسؤليتين أن أرفع من المستوى الإقتصادي بدل مايكون في مستوى متوسط أرفعه إلى مستوى أعلى أصنع فيه وفرة وكثرة ،إما  أن يكون بهذا المعنى وإما بالمعنى المصطلح وهو أن لا أبذره أسرف فيه يعني يستطيع أدارة المال بشكل سليم وصحيح . الدول المتقدمة اهتدت إلى هذا المعنى بإن دور الحاكم الحفاظ على الحقوق وتأمين هذه الحقوق وإنعاش المجتمع عليه أن يكون مخلصاً لأبناء مجتمعه عليه إن يصنع تنمية إقتصادية عليه أن يصنع تنمية علمية(وتعليمكم كي لاتجهلوا) حتى لايكون المجتمع مجموعة من الجهلة  بل يعمل على صنع خطة تعليمية تنهض بمستوى هذا المجتمع والقضاء على الجهل فيه وأيضاً تنمية أخلاقية(وتأديبكم كيما تعلموا) حتى تعلموا طرق الاخلاق والأدب والنجاح في الحياة وإستعمال مكارم الأخلاق التي تعادل النجاح في الحياة فهذا دور الحاكم ان يحافظ على حق الناس في إدارة المال إن يحفظ حقوقهم المالية  ولذلك في المجتمعات المتقدمة عندما يقصر الحاكم في جانب من الجوانب تحتج عليه في البداية وتعزله فيما بعد لاترشحه في إنتخابات جديدة بل أكثر من هذا فإن السلطات في هذه المجتمعات ربطت نفسها مع مجتمعاتها بعلاقة تعاقدية قائمة على مجموعة من الحقوق وهذا ماقاله أمير المؤمنين مع إن الإمام لايحتاج الى هذا الكلام كان بإستطاعته أن يقول أيها الناس قال رسول الله من كنت مولاه فهذا علي مولاه  أنا نصبت من قبل رسول الله في يوم الغدير . الإمام لم يسلك هذا الطريق إنما سلك طريق آخر، وهو أن بيني وبينكم علاقة تعاقدية لكم حق ولي حق وكأنه يريد أن يقول ان الحاكم يطاع إذا وفىّ بحق المحكوم مثل ما أعطى المشتري البائع المال مقابل البضاعة. فأذا لم يسلم البائع البضاعة عليه أن يرد المال . الحاكم له حق والمحكوم له  حق فإذا وفيت بحقوقكم  فأنتم مطلوبون بحقي  وأما أذا لم أفّي بحقكم بإمكانكم ان لا توفوا حقي من الطاعة  والإجابة والإستجابة .
ربطت المجتمعات المتقدمة نفسها بحالة من التعاقد بينها وبين السلطات التي تحكمها بإعتبار أن السلطان ،الرئيس الحاكم عندهم هم عبارةعن وكيل وعبارةعن مدير  ومديرلهذه الثروة  المالية ولهذه الحقوق التي ترتبط بالناس أكثر من هذا ربطوا أنفسهم بمجموعة من القوانين والمبادئ التي رأوا أنفسهم مقيدين بها ولذلك أخرجوا على مستوى العالم ماعرف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان  سنة 1948م أكثر من ستين سنة الآن وصارت الامم المتحدة. وأعلن هذا الميثاق على أساس إن دول العالم المشتركة في الأمم االمتحدة ينبغي أن تكون مؤمنة بهذا الميثاق وهذه المواد ثلاثون مادة أذكر بعضها نصياً.
أول مادة يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق . ولادة الناس أحراراً في حقوقهم وكرامتهم وهذا ماينطبق على المبادئ الإسلامية أنطباقاً كبيراً أوهذا ماقاله أمير المؤمنين عليه السلام (لاتكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً)أنت من أساس خلقك حر فلايمكن أن تفرط في ذلك لذلك أذا جاء الحاكم وقال أنا أعطيتكم حريتكم الدينينة وحرية السفروحرية التعليم وكأنها مكرمات سلطانية هذا غيرصحيح بل هي حقوق ثابتة للناس الإمام يقول الله خلقك حراًو لست عبداً إلا لله سبحانه وتعالى.
المادة الأخرى هي المادة الخامسة في الميثاق لايعرض أي أنسان للتعذيب ولاللعوقوبات والمعاملات القاسية أوالوحشية  أوالحاطة بالكرامة. تعذيب جسدي ممنوع إيذاء نفسي و إهانة للكرامة أيضاً ممنوعة .
المادة الاخرى وهي التاسعة لايجوز القبض على أي انسان أوحجزه أونفيه تعسفياً يعني سلطة تقبض على شخص ظلماً من غيرمحاكمة عادلة علنية شفافة لايجوز ذلك لا يقبض عليه إلا بعد محاكمة عادلة وتمكينه من الدفاع عن نفسه لايوجد في الإسلام ولافي هذه المواثيق الدولية  أعتقال أداري كما هو موجود في بعض الدول الإسلامية أعتقلوا فلان ارموه في السجن ونرى ماذا نفعل به لاحقاً هذا لايجوز ومخالف للقانون. المتهم يحاكم محاكمة عادلة شفافة علنية يستطيع الدفاع عن نفسه فإذا ثبت عليه الجرم يعاقب بموجب القانون المنصوص مسبقاً لذلك لوكان هذا لاتجد أختلاف في العقوبات الحبس والنفي التعسفي ، فرض الإقامة الجبرية تعسفاً من غير مبررقانوني واضح هذا لاتستوعبه الأحكام الدينية ولا المواثيق الدولية .
المادة الثلاثة عشر:لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود دولته.
لايستطيع أي حاكم منع إنسان من التنقل داخل بلده .
مادة أخرى يحق لكل فرد أن يغادر بلاده كمايحق له أن يرجع اليه .المنع من السفرلامبررله لادينياً ولابحسب المواثيق الدولية.
شخص أرتكب جرم توفر له محاكمة عادلة هناك قانون يقول:هذا يسجن كذا تنفذ فيه العقوبة إما أسلوب الأذلال والأهانة ،والأذية وفرض عدم السفر .هذا مخالف للقانون وتحكم في حريات الناس الثابتة لهم .
المادة الخامسة عشر لايجوز حرمان شخص من جنسيته  تعسفاً يرى إنسان في  يوم  من الأيام  أسقطت جنسيته مثل ماحصل في بعض البلدان قبائل بالكامل تسقط جنسيتها مايصنع هذا مايفعل تعقد حياته  هذا وطنه فتنتتزع منه  الجنسية أي انه ليس من هذا البلد هذا ماتفقت عليه المجتمعات الغربية وهذا واحد من أسرار نهضتها  العمرانية والمدنية وسلوكها سبيل  الحضارة .البعض من الناس يقول لماذا تمدحون الغرب ؟ الغرب فيه فساد ،الغرب فيه أستعمار  ذلك في محله ينتقد الفساد ، ينتقد الأستعمار ولكن لا أحد سليم البصر أن ينكر أن في الغرب حضارة  وتقدم نحن نعيش على فتات هذا التقدم من إختراعات وإبتكارات .ليس معنى هذا إنه لايوجد لديهم مشاكل ولكن الجانب الذي تقدموا فيه ماجاء من فراغ بل جاء من مجتمع قوي ومتين ومحكوم بالقانون  هذا الأمر صار عندهم من مئتين سنة . قرنين من الزمان توصلوا الى نتائج أن السلطة  الرئيس عبارة عن وكيل عن الناس مديرللناس  مسؤل عن حقوقهم مسؤليته أن ينمي الإقتصاد أن يدبر الوضع الإجتماعي ويمنع التعديات .
مع الأسف في بلاد المسلمين  لم يحصل ذلك بعد عصور الإستعمار جاءت سلطات وأصبح السلطان يعتبر نفسه مالكاً بيده الأمر والنهي ولايُسأل عما يفعل وهم يُسألون هل بإستطاعة شخص في إحدى الدول الإسلامية أن يقول نصف المليار دولار الفلاني الذي دفعته الحكومة إلى صدام في حرب خاسرة من أذن لها في ذلك هذه اموال كل الناس بل كل الأجيال .لوسُئِل شخص انت الذي لاتمتلك سكن هل تقبل ان تعطي هذه الأموال في هذا الطريق وفي ذاك الطريق من الأمور التي أسقطت الرئيس الأمريكي جورج بوش الأبن هي الأموال الطائلة التي صرفت وتأثرجزء كبير من الخزينة و الدخل القومي من اجل حروب لا طائل منها  من سمح لك في هذا .في بلاد المسلمين لايحصل هذا فالحاكم والسلطان لايقيد نفسه بقيد لذلك الكثير من البلاد تدار بالمراسيم مرسوم يعني ليس سند قانوني ولايشترك الناس فيه لامن قريب ولامن بعيد بل إننا في أكثر بلداننا لم نصل الى كتابة قانون الذي يعتبر أول خطوات التنمية السياسية بحيث يعلم الحاكم ماله وماعليه  والمحكوم كذلك ويعلم الكبير والصغير أين تصرف الثروات وماهي قوانين العقوبات لماذا لم  يكتب قانون بزعم أننا دول أسلامية والقرآن دستورنا
المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم في أيام إدارته للمدينة وهو الذي لاينطق عن الهوى وهو الذي من المفترض ان لايُسئل عما يفعله لأنه معصوم ومع ذلك وضع صحيفة المعروفة بصحيفة المدينة التي تعتبر من أول الوثائق التي فيها حق الإنسان ،حق المواطن ،وحق القائد على الناس وكذلك أمير المؤمنين .
فالكثير من الإنتهاكات التي تمارسها السلطة من أعتقال تعسفي وسجن أداري هذا تقيد لحرية انسان وأعتداء على كرامته في الإسلام. العبد لوحجز ليوم واحد فإن على من حجزه تعزير وغرامة أيضاً فكيف إذا كان حراً.
بل كيف نعوضه عن إهانته والوصمة التي لحقت به في بعض الدول من يدخل السجن ولو ليوم واحد يسجل عليه سابقة فيعاني طول حياته بينما من واجبها أن تكون وكيله لمصالحهم وحافظة لحقوقهم
وهنا يجب على المجتمعات الإسلامية إن تفعل مافعلته المجتمعات الغربية وهورفع مستوى الوعي بالنسبة لحقوقهم بعض الناس لايعرف حقوقه هناك أمية فيما يرتبط بثقافة الحقوق بل لابد أن تشجع الإخرين في المطالبة بحقوقهم .البعض يقول مالفائدة من المطالبة بالحقوق مالفائدة من كتابة مقال هذه أنظمة باطشة ويقرأ لك سورة اليأس هذه سورة شيطانية وليست بقرآنية وهذا خلاف ماذكره القرآن الذي قال (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره )
يره ليست في الآخرة فقط بل في الدنيا وكذلك وهذا مايقوله العلماء .
حذف المتعلق والإطلاق يقتضي أن يكون التأثير عام لذلك يجب أن تُشجع الثقافة الحقوقية وتشجع الجهات التي تعمل على المطالبة بحقوق الناس لأن في هذا صيانة المجتمعات.
المجتمع الذي يبنى على الظلمات والتجاوزات لايكون مجتمع قوي مجتمع غير راضي ساخط في داخله ولذلك لايستطيع الحاكم أن ينهض بهذا المجتمع الساخط في أوقات التحديات
إذا لم يعرف الناس حقوقهم ولم يتحركوا بإتجاهها أصبح المجتمع ضعيفاً وإذا أصبح المجتمع ضعيف يستطيع أصغر أحد السيطرة عليه . أما المجتمع العارف بحقه الواعي بماله وماعليه ومقدارقوته وقوة غيره هذاالمجتمع لايمكن لأشخاص صغار السيطرةعليه .
فالمجتمع الضعيف المهزوز يستطيع شخص مثل عبيد الله بن زياد السيطرة عليه في خلال ليلة أوليلتين .عبيد الله بن زياد كان والي على البصرة لما نهض مسلم في الكوفة يزيد أستدعى سيرجون الرومي  الذي كان مسشاراً لمعاوية بن أبي سفيان ليستشيره  في الأمر فأشار عليه أن يجمع البصرة والكوفة لعيبدالله بن زياد لأنه شخص فاتك وشرس ومغامر وبهذا يكون قد أخذ كل العراق فأرسل يزيد لعبيد الله بن زياد أنه قد جمعت لك البصرة مع الكوفةفهفانهد الى الكوفة وبالفعل خلف شخص على البصرة وذهب الى الكوفة ويقال مع أربعة أشخاص فقط وصل الكوفة الى بيت النعمان بن بشير عزله عن الإمارة وأستلم الأمور وفرض سيطرته أستدعى كبار رؤساء القبائل شغل نظام العرافة أي نظام المخابرات وهددهم من نجد مسلم بن عقيل في عرافته وقبيلته فلا يلومن إلا نفسه ومع الخوف صاروا هم يبحثون عن مسلم حتى لا يكون في قبيلته .أغلقت البوابات الرئيسية وأعلنت الأحكام العرفية الليلة الثانية تناقص الناس عن مسلم بن عقيل وتراجعوا عن الإلتفاف حوله . 

 

مرات العرض: 3422
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2589) حجم الملف: 21124.17 KB
تشغيل:

الحسين سيرة ما قبل كربلاء
هل هناك تياران متوازيان في التشيع؟