تعريف: |
الحسين كاشف الغطاء قامة قيادة وفقاهة
تصحيح الأخ الفاضل أبي محمد العباد
(وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ) هذه الآية المباركة تأتي في سياق الحديث عن النعم التي أنعم بها ربنا سبحانه وتعالى على نبيه داوود عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، فهو يقول إنا قد شددنا ملك داوود وأيضاً أتيناه الحكمة, وأيضاً أتيناه فصل الخطاب, وكأن فصل الخطاب نعمة من النعم التي تعادل إلى جانب تثبيت الملك, وإلى جانب الحكمة التي من أُوتيها فقد أوتي خيراً كثيرا . في هذا السياق أيضاً يأتي فصل الخطاب. فصل الخطاب سواء كان بمعنى حُسن البيان أو الخطاب الجازم الذي يُحيط بالمسألة من كل أطرافها ويُنهيها أو ما يسمى في هذه الأزمنة بالقدرة على إقناع الطرف المقابل أو غير ذلك من المعاني التي تنتهي إلى مثل هذا الأمر. الواضح أن القدرة على الإقناع وحُسن الخطاب وسلامة البيان والخطابة التي تؤثر في سامعيها لمضمونها القوي ولأسلوبها المناسب تعتبر اليوم من أهم وسائل التواصل بل قد تكون سلاحاً من الأسلحة إذا استطاع الإنسان بقدرة بيانه وفصل خطابه على إقناع من يُحدثهم, على التأثير في المجتمع الذي يُخاطبه. وهذا يُعد اليوم من الكفاءات والإمكانات والقدرات المهمة. الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء: يتناول حديثنا هذه الليلة أحد الشخصيات الكبرى في تاريخ شيعة أهل البيت عليهم السلام -التاريخ الحديث-والذي كان بالإضافة إلى ما يتميز به من ميزات كثيرة كان لديه هذه القدرة , وكان لديه فصل الخطاب وقدرة البيان وأدوات هذه الأمور بالإضافة إلى جهات مختلفة نتعرض لها -إن شاء الله- تلك الشخصية هي شخصية آية الله العظمى الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء -رحمة الله عليه -المتوفى سنة 1373هـ، والذي كان له نصيب من المرجعية في زمانه بعد أن أخذ العلم على يد أعاظم الطائفة في الفقه كالسيد كاظم اليزدي -رحمة الله عليه -الذي كان يرعاه رعاية خاصة ويعتمد عليه فيما بعد مع أخيه الشيخ أحمد كاشف الغطاء. هذا ما يشير إليه بعض الأساتذة أن صاحب العروة السيد اليزدي -رحمة الله عليه -عندما كان يكتب العروة الوثقى - كتاب العروة معروف ومشهور جداً في الوسط الديني وأكثر العلماء في بحوث الخارج يجعلونه متناً ويستدلون عليه موافقين أو مخالفين في رسائلهم العملية وفي آرائهم الفقهية يعلقون على هذا الكتاب- ميزات كتاب العروة الوثقى: تميز هذا الكتاب بميزات كثيرة منها: أن المضامين والمباني الموجودة فيه قوية وعميقة وتمثل مرحلة متأخرة من المسالك الفقهية بالإضافة إلى ذلك هو مهم حيث لغته لغةً عربيةً سلسةً لا تشكوا من العُجمة والتعقيد كما هو الحال في عدد من الكتب الأخرى. يقول بعض الأساتذة وقد أشار أيضاً الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في مقدمة كتابه الفردوس الأعلى يُعزى كون كتاب العروة في أسلوبه أسلوباً عربياً متدفقاً سلساً إلا أنه كان صياغة أو تصحيح الشيخين كاشف الغطاء, الشيخ أحمد وهو الأكبر والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وكلاهما كان على درجة عالية من الأدب والبلاغة ولاسيما الشيخ محمد حسين الذي كان أديباً مترسلاً وناثراً جيداً وشاعراً مجيداً. فلذلك جاء هذا الكتاب أيضاً كتاباً فيه سلاسة, فيه تدفق من غير تعقيد مع أن معانيه فيها الكثير من العمق. أبرز أساتذة الشيخ فدرس الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء على يد أعاظم الطائفة مثل السيد اليزدي في الأصول ومثل الأخاوند الخراساني في الفقه وغيرهما ولم يكتفي بهذا الجانب ولكن سعى إلى أن يأخذ من الفلسفة والحكمة حدها الأعلى، فهو يُعتبر أيضاً من الفلاسفة في هذا الجانب ويلحظ هذا الأمر المراجع لإجاباته وتحقيقاته وقد بدأ مبكراً في الإنتاج العلمي حتى نُقل أنه بدأ بجمع كتابه الطبقات العنبرية ولما يصل إلى عمر ثمانية عشر سنة. مؤلفاته: بلغت مؤلفات الشيخ حد ثمانين عنوان بعضها تخصصي عالٍ وبعضها متوسط وبعضها للمثقفين والكل في هذه محاط بأسلوب أدبي رائق وجميل جداً ونحن لا نستطيع الآن أن نتحدث عن كل مؤلفاته وإلى ماذا كانت ترمي, ولكن إشارة فقط عنده من الكتب المعروفة والمشهورة بالإضافة إلى الفقه والاستدلال على العروة عنده كتاب ( تحرير المجلة ) وهناك كتاب ( مجلة الأحكام العدلية ) هذه كانت بمثابة كتاب يُدرس في المعاهد القضائية أيام سيطرة الأتراك على بلاد المسلمين, حيث أن الدولة العثمانية كانت إلى وقت متأخر هي المسيطرة على أكثر البلاد الإسلامية وكانت باعتبارها خلافة دينية تتعامل مع هذا الأمر. فالقضاء لابد أن يكون على طبق المنهج الإسلامي. الأتراك كانوا أحنافاً يذهبون إلى مذهب أبي حنيفة النعمان فصنعوا أو كتبوا مجلة ضمنوها 1850 مادة حقوقية وفقهية ترتبط بالعمل القضائي والقضاة، وكان العمل في مؤسسات القضاء في البلاد الإسلامية بشكل رسمي قائم على هذه المجلة. وكان القاضي لابد أن يدرسها في معهد القضاء، الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله أخذ هذه المجلة وحاكاها بأن كتب فقهاً على طبق مذهب أهل البيت عليهم السلام في نفس مواد هذه المجلة فيها استدلال وفيها إشارات إلى الأدلة والروايات، وبالتالي هناك عندنا 1850 مادة حقوقية وقضائية وفقهيه مُستدل عليها على طبق منهج أهل البيت سلام الله عليهم، قام بهذا العالم الجليل في ستة أجزاء أو ستة مجلدات، لديه أيضاً كتب أخرى كـ ( الفردوس الأعلى ) وهو من الكتب الجيدة وعالية المضمون، لديه أيضاً كما ذكرنا في الفقه بحوث استدلالية, لديه كتب أخرى مثل ( الدين والإسلام ) أو (الوحدة الإسلامية). لديه أيضاً كتاب (أصل الشيعة وأصولها ) وهو من الكتب التي على صغر حجمها وهو ما يقرب من مئة صفحة في أصله بالقطع الصغير إلا أنه لمضمونه العالي ولأسلوبه الأدبي المهم اُعتبر من الكتب الأساسية، وإذا أراد أحداً أن يُعطي شخصاً شيء يُمثل رأي شيعة أهل البيت عليهم السلام في مختلف القضايا العقائدية وحتى الفقهية في قسم منها تستطيع أن تُقدم له كتاب ( أصل الشيعة وأصولها) للإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء..وأنا أنصح أخواني خصوصاً من يعمل على الإنترنت أن يعمل على تعميم هذا الكتاب ونشره في مختلف المواقع حتى إذا أراد أحداً أن يتعرف على هذا المذهب قدم له هذا الكتاب النافع، وهناك له العديد من البحوث في المسائل الخلافية لسنا في صدد الحديث عنها. اهتمامه السياسي: جانب آخر.. وهو جانب مهم, اهتمامه السياسي بقضايا على مستوى كل الأمة, قسم من الفقهاء والعلماء تخصصوا في الفقه والأصول ورفدوا الحوزة العلمية بنظريات مهمة وجيدة وهذا عمل مشكور وجُهد مبرور، لكن الاهتمام بقضايا على مستوى كل الأمة الإسلامية والتحرك ضمن هذا الإطار بأدوات مناسبة لتلك القضايا وجدناه شيئاً قليلاً ليس بالكثير، بعض الشخصيات استطاعت أن تخرج من المحيط المحلي المذهبي وتخرج للمحيط الإسلامي العام, والمحيط الإسلامي الديني من أولئك كان الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء نأتي ببعض الأمثلة على ذلك: دعوته لحضور مؤتمر القدس العالمي: في ما يرتبط بقضية فلسطين كانت هناك إرهاصات ومقدمات قام بها البريطانيون للسيطرة على فلسطين وتسليمها لليهود. فكانت هناك نداءات لعقد مؤتمر إسلامي عالمي في القدس باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين ودُعي لهذا المؤتمر 150 شخصية من مختلف أقطار العالم الإسلامي بين علماء ومفكرين وسياسيين لكي يأتوا إلى فلسطين إلى القدس ويعقدوا مؤتمرهم هناك لعل الوحيد من بين هذا العدد الذي دُعي من الإمامية كشخص له منزلة علمية عالية وله حضور إسلامي وله شخصية سياسية كان الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، نظراً لأنه يمتلك انفتاح وتواصل واهتمام وكان عنده زيارات إلى لبنان وكان هناك عدة حوارات ونقاشات مع المسيحيين أصحاب الإرساليات التبشيرية التي كانت قادمة إلى لبنان وكانت تحاول العمل على التبشير الدين المسيحي في الوسط المسلم، فبقي مدة طويلة في لبنان وهكذا الحال زياراته إلى مصر. كان عنده الانفتاح الإسلامي العام، فدُعي وهو الوحيد الذي دُعي فيما نقل إلى هذا المؤتمر في القدس من الإمامية، بهذه المنزلة ذهب إلى القدس وهناك أفتتح المؤتمر بخطبة ارتجالية،عادةً الارتجال مظنة للتوقف والخطأ، أصل الخطابة مظنة للحرج لاسيما بالنسبة إذا كان المستمعون من زعماء وعلماء يجعل الموقف حرج إذا كان ارتجالاً -يعني لا يقرأ من ورقة - الأمر يزداد صعوبةً لكن هذا العالم كان قد أُوتي الحكمة والمعرفة السياسية من جهة وأُوتي فصل الخطاب أيضاً فألقى خطبة تاريخية عصماء فيما يرتبط بوضع المسلمين وحاجتهم إلى الوحدة ومطالبهم وما الذي ينبغي أن يعملوه لكي يُخلصوا بلدانهم من الاستعمار ويحصلوا على الاستقلال, لمدة ساعة يقولون تحدث الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء -رحمة الله عليه -والآذان كلها صاغية له وقد أخذ بمجامع القلوب حتى انتهى من خطابه. لم يتقدم أحد، أي أُحرج الباقون أن يتقدموا للخطابة بعده، فبعد هذا الخطاب الرائع والراقي مضاميناً وأسلوباً كان يشكل مشكلة لمن سيأتي بعده, اعتُمد هذا الخطاب كوثيقة أساسية بل وثيقة المؤتمر الأساسية أنه ماذا يطلب المسلمون؟ و ماهي حاجاتهم؟ و ماهي مشاكلهم؟ وما الذي ينبغي عليهم أن يعملوه؟ اُعتمد خطاب كاشف الغطاء بعد أن كُتب لأنه ألقاه ارتجالاً, كُتب واعتُمد باعتباره وثيقة المؤتمر الأساسية وتُرجم إلى لغات متعددة. إمامته للصلاة بالمسلمين في المسجد الأقصى: مُليء الحاضرون بشخصية الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وأصر عليه الحاج السيد أمين الحسيني وهو مُفتي القدس في وقته وكبير علمائها وإمام جمعتها أن يتقدم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء للإمامة ويكون خلفه وباقي المؤتمرين كذلك ومن ورائهم أبناء فلسطين، قال بعض من ذكر هذه القضايا أن هناك أكثر من 20 ألف إنسان في تلك الصلاة أمهم الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في مشهد وحدوي يندُر أن يتكرر في تاريخ المسلمين. فإلى القدس ذهب, خطب, أتفق, تكلم. رفضه حضور مؤتمر بحمدون في لبنان: عندما دُعي إلى مؤتمر آخر في لبنان في منطقة بحمدون رفض ذلك، لما كان لديه من حكمة ومعرفة سياسية وبُعد نظر, فالعالم يحتاج إلى أن يكون عارفاً بزمانه لاسيما إذا كان يتصدى للقضايا العامة. لا تتصور أن الأمر مربوط إن الإنسان إذا حفظ مسائل شرعية أو كان عنده مستوى متقدم في الأصول معنى ذلك أنه في القيادة الاجتماعية أو في القيادة السياسية أن يكون متقدماً، الأمر هكذا يحتاج إلى فن وذاك يحتاج إلى فن أخر. يحتاج إلى دقة نظر, يحتاج إلى رؤية مستقبلية, دُعي الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء للمؤتمر في لبنان رأى كاشف الغطاء أن هذا المؤتمر هو عبارة عن محاولة أمريكية بريطانية لاستقطاب المسلمين إلى صف الغربيين في مقابل الشيوعية, الشيوعيون قدموا لكي يتحركوا في العالم. صار هناك اصطفاف كيف يجتذبون المسلمين, قالوا نرسل جماعة باسم الحوار الإسلامي المسيحي وباسم البحث عن المشتركات بين الديانات الإلهيه وباسم التأكيد على المُثل العليا والقيم السامية الموجودة في الديانتين.( المسيحية والإسلامية) يا أيها المسلمون تعالوا نتفاهم،كان ضمن أهداف المؤتمر الظاهرية أن نبحث في المشتركات في القيم بين الديانتين وأن نتفاهم حول خطة لوقف الإلحاد في العالم، الغرض هنا أن تكونوا معنا ضد الشيوعيون وإلا الغرب الأمريكيون والبريطانيون تحديداً يريدون هؤلاء المسلمين أن يصبحوا إلى جانبهم حتى يحاربوا عدوهم، فتحت أي عنوان يحاربوا عدوهم؟ فيروجوا بأن هؤلاء شيوعيون ملحدون ينشرون الإلحاد ونحن أناس موحدون، فدُعي عدد من علماء المسلمين وقبلوا الدعوة وذهبوا إلى لبنان منطقة بحمدون - من المصايف -دُعي من قبل نائب رئيس اللجنة المنظمة أوصل الدعوة للإمام كاشف الغطاء، باعتباره وجه إسلامي مهم وشخصية شيعية كبرى, فقال له: أنت تسمع موقفي ورأيي في كتاب سوف أكتبه وأرسل لكم منه نسخة وانشره، فكتب كتاباً باسم (المُثل العليا في الإسلام لا في بحمدون) أنتم تبحثون عن المُثل العليا أو أنكم ذاهبون لمؤتمر أنشأه وموله وعمل عليه الأمريكيون والبريطانيون, تريدون مُثل ومناقب موجودة في الإسلام، أما مثل هذا المؤتمر فهو لخدمة مآرب هذه القوة الاستعمارية، وهو كان منتبه إلى أن هذه القوة لاسيما البريطانيون كانوا يعملون بمختلف الوسائل للسيطرة على بلاد المسلمين ولكن بمظاهر مناسبة لا يأتون مباشرة يحاولون أن يرفعوا لافتات مغرية، الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء كشف الغطاء عنهم وبين أنه أذكى من مؤامراتهم بالعكس كان يصدح بقوله في شعره المعروف كم نكبة تحطم الإسلام والعرب والإنجليز أصلها فتش عن السبب وكل ما في الأرض من ويلات حرب ٍوحرب نيرانها من عندهم وصيروا الباقي حطب أي مكان تراه مشتعل من المناطق والبلاد الأساس من هؤلاء المستعمرون هم الذين يسعرون النيران ويتركوا الباقين حطب لهذه النيران. وبدأ يخاطبهم أنتم تُريدون مُثل عليا؟؟ أين هذه المُثل العليا عندما هجرتم تسعة مئة ألف إنسان عربي ومسلم من فلسطين من أراضيهم سلبتموهم أملاكهم ثم ألقيتموهم في العراء في الخيام التي لا تكُن من حر ولا برد أخذتم أراضيهم, أموالهم, مزارعهم, بيوتهم ثم تركتموهم خارج الحدود وجعلتموهم لاجئين!! أين كانت عنكم المُثل العليا؟! تبحثوا عنها؟! أين كانت المُثل العليا عندما كانت بريطانيا تقصف الشعب العراقي في ثورة العشرين الذي كان يُطالب باستقلاله وحريته؟! تأتي الطائرات البريطانية وتقصف الناس من الفضاء، أين المُثل العليا التي كانت عندكم؟! أين المُثل العليا عندما البريطانيون من أجل مصالحهم يُجندون الهنود المسلمين حتى إذا انتصروا، يحصد البريطانيون الغنائم وإن قُتلوا لم يخسر البريطانيون أحداً، لا يستدعي الجيش البريطاني جنوده ليقاتلوا بل يقاتل بالهنود المسلمين باعتبار الهند كانت مستعمره بريطانيا, هذه المُثل العليا التي عندكم وتبحثوا عنها. فأبطل هذه المحاولة التي كانت الدوائر الغربية تُريد تجنيد المسلمين إلى جانبها في مقابل الشيوعيين، الشيوعيون سيئون مُلحدون ولكن هؤلاء أسوأ منهم أيضاً فهم يسرقون ثروات البلد ثم يأتون بثقافة فاسدة تُفسد الناس، فماذا يبقى لهذه المجتمعات؟ في نفس الوقت الذي استجاب وذهب إلى فلسطين وخطب ذلك الخطاب وعقد الاتصالات مع علماء ومفكري الإسلام تجده هنا رفض الذهاب وأعلن الكتاب, طبعه وأرسل لهم نسخة وأيضاً طبعه لعامة المسلمين ليطلعوا عليه في مقابل الإثارات الطائفية والفتن المذهبية التي كانت على مستوى الأمة ككل. الضرب على الوتر الطائفي عندما رفض الشيخ حضور المؤتمر: -ومع الأسف ما أشبه الليلة بالبارحة، نعيش الآن زمناً يُذكرنا بذلك الزمان، ونحن لم نشاهد ذلك الزمان وما كان يجري فيه، نلاحظ اليوم في مثل هذه إلى الآن -المستعمرون وأعداء الأمة في العراق حركوا الموضوع الطائفي لما بدأ العراقيون يطالبون بحقوقهم ويطلبون من المستعمر البريطاني الرحيل وعدم السيطرة يطلبون أن يستقل البلد بأموره. البريطانيون بدأوا يحركون الموضوع الطائفي، ظهر بعض الكتب ضد الشيعة أحدهم كتب كتاباً اسمه ( العروبة في الميزان ) ألفه شخص يقال له عبد الرزاق الحصان، وفي هذا الكتاب نزل نزله كما نجد في كل أزمة من الأزمات أن الشيعة ليسوا عرباً وإنما هم بقايا من الإيرانيين والأفغان وليس لهم أصول عربية، بل حتى الفئة القليلة من العرب الموجودين من الرافضة هؤلاء ولائهم للخارج وليس لأوطانهم، نفس الكلام الذي كان جارياً في ذلك الوقت طبعاً هذا أثار كثيراً من الضجة في تلك الفترات أيضاً قام بعض الشيعة أو أحدهم يقال له السيد الكفائي كتب كتاباً فيه تهجم على المدرسة الأخرى وشتم بعض رموز السنة وهذا هو ما يريده الأعداء، استــــــثارة ثم رد ثم تصعيد الموقف من الطرفين ثم ينتقل الكلام إلى الضرب ومن الضرب إلى القتل وذاك المستعمر يضحك على الجميع، فكتب أحدهم كتاباً وهذا ليس منهجا صحيحا. نحن نعتقد أن المنهج الصحيح هو أدفع بالتي أحسن وليس نحن من يبدأ بالهجوم على الآخرين وإذا هوجمنا لا نستدرج للمعركة وإنما ندفع بالتي هي أحسن وندفع السيئة بالحسنة هذا منهج القرآن ومنهج أهل البيت عليهم السلام، أحد الكُتاب كتب هذا الكتاب ذهب كي يطبعه في المطبعة أُخبرت الجهات الرسمية في العراق أن هذا الكتاب فيه تعرض وفيه كلام وفيه ....الخ فسُجن هذا المؤلف السيد الكفائي, والطائفيون حاولوا أن يعملوا على استصدار حكم بإعدامه مع أن كتابه لم يطبع، أما ذاك الحصان لم يترك شيئاً عن الشيعة وطبع كتابه وانتشر. مواجهة الشيخ للفتنة: الجماعة ذهبوا إلى الشخصية التي ينبغي التوجه لها شخصية لها ثقل سياسي واجتماعي وكلمته مؤثره صحيح لم تكن المرجعية العليا بيده ولكن الشخصية الكبرى المؤثرة كانت الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والذي كان يتمثل بالقول (وإذا تكون مهمةً أُدعى لها وإذا يحاس الحيس يُدعى جندب) يعني إذا هناك مشاكل أذهب إليها. رفعت القضية إليه رحمة الله عليه وقالوا له : إن هذه المشكلة موجودة وخشي إذا بالفعل صدر حكم الإعدام بهذا الشكل لا يمكن امتلاك زمام الأمور تنزلق البلد إلى احتراب داخلي فكتب رسالة إلى رئيس الوزراء مختصرة جداً إلى فخامة رئيس الوزراء ( السلام عليكم الكتاب الذي ألفه هذا الشخص يُحرق يُتلف، لأنه أساساً ليس من منهجنا والكفائي يُطلق وإننا لا نؤمن به أيضاً والا يحدث شيئاً ليس بالصالح ) رئيس الوزراء كان عاقلاً ويعرف منزلة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وبالفعل وهكذا عمل أمر بإتلاف الكتاب وأمر بإطلاق هذا المؤلف وخمدت الفتنة وانتهت المشكلة، هذا معنى الحكمة وأتيناه الحكمة وأيضاً أتيناه فصل الخطاب. القائد الذي يتصدى إلى المهمات الأساسية ينبغي أن يكون حكيماً وأن يكون عنده فصل الخطاب في المواقف في الأحاديث في التوجيهات وهكذا، كان المرحوم الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء. هناك توجه إلى إقامة مؤتمر عالمي ينعقد في مكانين في النجف الأشرف وفي قم المقدسة لبحث أحوال وأثار وحياة المرحوم الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وعلى أساس تُطبع موسوعته التي تبلغ مجموعة الكتب 40 مجلداً في مختلف الأبعاد والفنون،اللهم أجزِ القائمين على مثل هذه المشاريع في تخليد العلماء والفقهاء وقادة المذهب يجزيهم خير الجزاء ويُثيبهم على ذلك، بالإضافة إلى هذا كان رجلاً شاعراً من الطراز الأول, شاعر عنده قصائد رائعة سواء في الأمور العادية في الاخوانيات وفي غير ذلك أو في القضايا الدينية ولاسيما في رثاء الحسين عليه السلام وقد جمع جانباً منها سيد جواد شبر والذي يُعد أيضاً من تلامذة منهج الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وأيضاً كتب عنها الشيخ الخاقاني في شعراء الغري نقل من شعره سواء في القضايا العامة المختلفة أو في قضايا كربلاء والإمام الحسين.
|