الرحمة النبوية وقسوة البشر
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 27/2/1434 هـ
تعريف: * من بين الأسماء الالهية التي لا عد لها اختصت الرحمة بأنها الصفة اللصيقة بالذات المقدسة فكانت التسمية ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، حيث أن اسم الرحمة يحتوي على معان كثيرة لا يحتويها اسم آخر .. * وضمن هذا المنظور كان التعبير عن النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وآله ، من قبل خالقه بأنه ( رحمة ) ، ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ، وفي تعريفه بنفسه قال ( إنما أنا رحمة مهداة ) ويلاحظ هنا أن التعبيرين في الآية المباركة والحديث الشريف قد استعملا اسلوب النفي والاستثناء لإفادة القصر ، وكذلك التعبير ب( إنما ) . * إن هذا ليبرز أهمية ( الرحمة ) باعتبارها حاجة البشرية الأولى ، في وقت أصبح العالم يئن فيه من وطأة القسوة والكراهية والعنف والحقد .. على مختلف المستويات ، الدينية والمذهبية بل في داخل المذهب الواحد ، فأنت ترى أن من المسلمين من يتمنى زوال أتباع سائر الديانات ، ومن اليهود من يتمنى ذلك ، ومن المسيحيين من ( يدعو ) لتحقيقه !! وفي المسلمين ، من أتباع المذاهب من يتمنى بل يهدد بأن يزيل أتباع المذهب الآخر ، وأن ( يأكلهم أكلا ) كما زعم ! ولا نبرئ فئة دون أخرى فإن الكراهية المولدة للعنف ، والحقد المنشئ للقتل ، يوجد في كل الأطراف ، بنسبة أو بأخرى ! بل أحيانا نجد حالة الكره ، والتحاقد بين أتباع المذهب الواحد حين يختلفون في قضية بسيطة ، يخرج ما في النفوس من شحنات عنف ، لو وجدت لها فرصة للضرب والجرح بل القتل أحيانا لما توقفت !! أين هذا مما يتحدث عنه القرآن الكريم واصفا نبي المسلمين بأنه رحمة للعالمين ، لا لأصحابه ولا للمسلمين فقط ، ولا لأهل زمانه وإنما ، لكل العالمين في كل الأزمنة ! ولو نظرنا إلى حياة رسول الله ووجوده المقدس ، لرأينا أنه كان بمثابة تضمين لأهل الأرض ، وبني الانسان أن لا يصيبهم عذاب الاستئصال ، من زلزال أو طوفان ، أو تلقي عليهم السماء كسفا ..مما أصاب الأمم السابقة .. فأمن البشر بوجود سيد البشر من هذا العذاب وأصبحوا يعيشون آمنين من هذه الجهة ! بل لقد كانت رحمته على الكافرين المزامنين له عظيمة إلى الحد الذي كان يُخشى عليه من أن تذهب نفسه عليهم ، ولأجلهم حسرات ، وكان يحتمل أن يهلك نفسه لهذا الغرض ( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) .. وأوحي إليه تلطفا وتشكرا ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) .. وجاء برسالة هي الرحمة بمعانيها في تشريعاتها وأحكامها ، وتنظيمها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي .. نعم بالنسبة لمن جحد وكابر ، ومنع الحق من الوصول إلى من يريده ، كان حازما مثلما أن الله وهو أرحم الراحمين لكنه بالنسبة لهذه الفئة شديد العقاب ..! فما أحرى المسلمين بأن يقتفوا أثر الرحمة النبوية لتغيير صورة المجتمع الاسلامي بل والبشري من الكراهية والحقد إلى اللطف والرحمة النبوية !
مرات العرض: 3409
المدة: 00:43:59
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2583) حجم الملف: 15 MB
تشغيل:

خطبة الزهراء بحث سندي ومضموني
ألقاب الامام الحسن مدخل لفهم دوره