الزنا... وساء سبيلًا
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 24/9/1433 هـ
تعريف:

 

 الزنا ... وساء سبيلا

 

تفريغ نصي  الفاضلة فاطمة الخويلدي

تصحيح الأخ الفاضل أبي محمد

 

( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا )[1]

 

 حديثنا يتناول أحد كبائر الذنوب وهو جريمة الزنا الذي يعد في الروايات قريناً لقتل الأنبياء وقريناً في الشناعة لهدم الكعبة  ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا )[2] وفي موضع آخر في الآيات المباركة يقول ( وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا)[3]

الزاني كقاتل نبي أو هادم للكعبة:

 

هذا الذنب جاءت الروايات بعد القرآن الكريم بالتهديد لفاعله والتشديد على منع الفعل، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ( لن يعمل إبن آدم عملاً أو ذنباً أعظم من أن يقتل نبياً أو أن يهدم الكعبة أو أن يفرغ مائه في فرج امرأة حراماً ).

 فأنت تلاحظ هنا أن الحديث الشريف جعل هذه الذنوب العظيمة في صف بعضها البعض، قتل النبي وهدم الكعبة وإفراغ الماء في الفرج الحرام، وهو كناية عن ممارسة عملية الزنا. والزنا كمفهوم عام واضح وهو عبارة عن ادخال فرج رجل في فرج امرأة من غير شبهة ولا نكاح شرعي.

   ولا فرق في تحقق الزنا بين الإتيان من القبل أو الإتيان من الدبر، هذا قد يكون عند بعض الخاطئين أو الخاطئات لا يعد زنا مع انه من مصاديق الزنا، فلو مثلاً أن بعض الخاطئين يقومان بمثل هذه الأعمال فتقول له مثلاً انت من الامام لا تدع غشاء البكارة ينفض ولا توجد مشكلة أن تأتي من موضع أخر هذا في نظر العرف يعد زناً سواء كان الإتيان من الأمام أو كان من الخلف في الدبر أو في القبل فهذه تعتبر زانية.

  وعلى المشهور عند العلماء تعتبر ايضاً ثيباً يعني حتى لو ليلة زفافها بكارتها لم تمس بشيء هذه لا تعد باكرة ما دام قد أُتيت من الدبر حتى لو كان قبلها سالماً وغشاء بكارتها تاماً .

   فلو كان غشاء البكارة على حاله لكن مُسّت من ذلك الجانب، فإنها تعتبر غير باكر ولا تستحق مهر البكر، فلو أعطيت مهر البكر فيجب عليها ارجاع ما زاد على مهر الثيب إلى زوجها، لا تستطيع ان تأخذه كله لأنه غير حلال على رأي المشهور.

فإذن لا فرق في هذه الجهة في تحقق الزنا بين ان تكون المجامعة قٌبلاً أو أن تكون المجامعة دبراً إذا لم تكن بينهما علاقة نكاح، فكلاهما يعتبران زانيين.

الزنا هو تعبير من التعبيرات عن اشباع العلاقة الجنسية بطريق غير صحيح، الله سبحانه وتعالى الذي خلق الانسان وعرف حاجاته هو يعلم أن هذا الإنسان يشتاق إلى جنسه الأخر، المرأة تشتاق إلى الرجل والرجل يشتاق إلى المرأة وهما معاً يشتاقان إلى التناسل والتوالد والاستمرار فهذه حالة طبيعية، فإذا رأيت عكسها هذا يعني أن هناك شي غير طبيعي امرأة لا تشتاق إلى الرجال أو رجل لا يشتاق إلى النساء يوجد هناك شيء غير طبيعي.

 

هل للتعزب والتبتل فضل كما كان ليحيى والمسيح عليهما السلام؟

 

عندما خلق الله سبحانه وتعالى هذا الإنسان بهذه الطريقة قدم له أيضاً الحلول الصحيحة لإشباع هذه الغريزة فشرع شريعة النكاح وحث عليه كل الديانات التي جاءت حيث أكدت على أمر الزواج والنكاح بشكلٍ عام، نعم عندنا بعض الاستثناءات في حال بعض الأنبياء مثل يحيى والمسيح عيسى بن مريم، فهذه لظروف خاصة ومحدودة بهما.

التعزب وعدم النكاح ليس فيهما أي فضلٍ فكما ذكر الامام عليه السلام (عندما جاءت إليه امرأة وقالت: يا أبا عبد الله اني متبتلة فقال لها ما التبتل عندك؟ قالت: ألا أتزوج، أنا امرأة أريد ان اتفرغ إلى الله. فقال لها:  دعي عنك هذا فلو كان فيه فضلٌ لفعلته فاطمة الزهراء عليها السلام فإنه لا يسبقها في الفضل أحد) لو كان التعنس وترك الزواج بزعم التعلق بالله عز وجل لو كان هذا فيه فضيلة اضافية لكانت فعلته فاطمة الزهراء عليها السلام

وأيضاً نفس القصة لرابعة العدوية التي أرادت أن تصبح لله ولا تريد الزواج ولا تريد أن تنشغل بزوج، فقط تريد تبتلاً وانقطاعاً لله تعالى.

 

كيف أشبع الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة؟

أشبع الإسلام هذه العلاقة من خلال النكاح الشرعي والزواج الطبيعي، في دين الاسلام أكثر من هذا أيضاً اتاح فرصة للزواج الدائم وللزواج المنقطع والنكاح بملك اليمين ايضاً، ملك اليمين كان في زمن معين كان في زمان نزول الوحي وما بعده كتخطيط من المشرّع لإنهاء قضية الرق في تلك الفترة، حيث أن العالم كله في ذلك الوقت كان قائماً في نظامه الاجتماعي على وجود العبيد والجواري المملوكين والمملوكات، ولم تكن هناك حكومة عالمية أو جهات عالمية كأمم متحدة مثلاً مسيطرة تستطيع ان تمنع وجود هذا، فجاء الدين ووضع مجموعة من التشريعات للقضاء على هذه الحالة، فتجد أن الكفّارات أول خصالها هو عتق الرقبة، كقضاء شهر رمضان والإفطار فيه متعمداً وغيره من الاحكام التي يترتب عليها عتق الرقبة، ومع انتشار الدين الاسلامي من جهة ومع امتداده في الزمان من جهة أخرى سنة بعد أخرى وقرن بعد آخر قرن من الطبيعي ان يتم تحرير هؤلاء المجموعة من العبيد والأرقاء وتنتهي هذه المسألة، أما بالنسبة لملك اليمين، فلو أن شخصاً تزوج امرأةً بملك اليمين اشتراها في ذلك الزمان فإنها تنعتق بنصيبها في الـــميراث إذا انجبت له ولدا، وهذا الذي يطـــلق عليه بـ (أم الولد )، فتلاحظون أن الأئمة عليهم السلام بل أكثر الأئمة المتأخرين أمهاتهم كانت أمهات أولاد بمعنى أن الإمام نكحها بملك اليمين اشتراها ومارس معها هذه العلاقة فأنجبت له ولداً أو بنتاً ثم توفي عنها، هذه المرأة تنعتق وتصبح حرة من نصيب ابنها في الميراث، هذه طريقة من الطرق التي جُعلت لإشباع هذا الجانب من هذه الغريزة.

   قضية النكاح بملك اليمين في عصرنا الحاضر غير موجودة وإن كان أحدهم خرج في مصر قبل مدة قريبة من الزمان يتحدث عن نفسه باعتباره أحد طلاب الأزهر حيث قام بالزواج من امرأة بملك اليمين، حيث جاء بامرأة أمامه وقال لها قولي ملكتك نفسي، فصار مالك لها وأصبحت ملك يمينه، هذا إما مشتبه وإما عبث في الأحكام وعبث في الأعراض.

الإنسان الحر لا يستطيع أن يحول نفسه إلى عبد فالإمام علي عليه السلام يقول ( لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً ) ، العبد قد يصبح حر، لكن إنسان مولود وهو حر لا يمكن ارجاعه إلى العبودية، أما أن تأتي امرأة حرة وتقول أنا ملكتك نفسي جعلت نفسي جارية لك عبدة لك تزوجني بملك اليمين هذا غير صحيح.

فجعل الاسلام خيارات متعددة في هذا الجانب من اجل اشباع هذه الغريزة وهذه العلاقة وحتى يستمر نظام التناسل البشري وتحفظ فيه الأنساب وتتقوى فيه الأواصر وتكبر فيه العوائل.

 كيف حارب الإسلام الزنا؟

 

جاء الإسلام ليحارب قضية الزنا باعتبار أن له أثار مدمرة و ( إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [4] فنلاحظ الآية لم تقل ولا تزنوا وإنما قالت ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ) بمعنى أنه يوجد مناطق قبلالوصول إلى الزنا يُمنع من الاقتراب منها حتى لا يقع الانسان في جريمة الزنا، فالإسلام تحرك الاسلام لمنع مثل هذه العلاقات التي تنتهي إلى هذه الجريمة من خلال إيجاد البديل المناسب للإنسان، فعندنا الامامية يوجد النكاح المؤقت وعندنا وعند غيرنا النكاح الدائم إلى أربع نساء لا أكثر، وعندنا ايضا ً في الزمن القديم ملك اليمين، البعض عندما رفض فكرة النكاح المؤقت طرح عناوين أخرى كالزواج بنية الطلاق وزواج المسيار وزواج المصياف وزواج المبتعاث وزواج المدراس إلى أخره، .

البديل الأخر وهذا البديل ايضاً احاطه الاسلام بالشيء الكثير من التوقير والتعظيم جعل النكاح عبادة من العبادات فجعل الركعتين اللتين يصليهما متزوج خير من سبعين ركعة يصليها أعزب واحاطه بتعظيم كبير فما بني بيتٌ في الاسلام او ما بني  بناء في الاسلام أعظم من التزويج وجعل النكاح سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وأنه من رغب عنها فقد رغب عن سنة النبي صلى الله عليه وآله ورفضها وأهملها.

   بالإضافة إلى ذلك جاء في الخطوة الثانية من خلال منع قضية الزنا، أنه  لا يحدث مرة واحدة وإنما يحتاج له أجواء كالاتصالات والمكالمات الغزلية والصداقة ثم الخلوة، فمنع الإسلام هذه الأمور لأنها تؤدي إلى الحرام، فأتى الإسلام وقال عن موضوع الخلوة انه لا يجوز للشاب أن يختلي بالمرأة الأجنبية وإلا سيصبح الشيطان ثالثهما، وليس المقصود  بالأجنبية بحسب الجنسية، وإنما هي التي لا تربطك بها رابطة محرم ولا رابطة نكاح.

  رأيان فقهيان في موضوع الخلوة بالاجنبية :

 

الرأي الأول :

 بعض الفقهاء قالوا: ان الخلوة متى ما تحققت حرمت يعني مجرد أن يكون هناك رجل وامرأة في مكان ما ويختليان مع بعضهما فيقفلان الباب عليهما لأي شيء كأن السبب كممرضة مع الطبيب مثلاً داخل العيادة والباب مقفل عليهما فهذا حرام، أو أنت مثلاً مع عاملة المنزل والباب مقفل والزوجة والأولاد كلهم خارج المنزل أنتما الآن في حالة خلوة، فبناء على هذا الرأي أيضاً لا يجوز.

 الرأي الثاني:

 الذي يذهب إليه أكثر مقلدي المنطقة يقول الخلوة إذا خشي منها الوقوع في الحرام تحرم، وأما إذا لم يخشى الوقوع في الحرام الأفضل ان يتجنب هذه الخلوة ولكن لا تحرم، ومعنى ذلك مثلاً الطبيب مع الممرضة في العيادة حتى وان كان الباب مقفلاً لكن أجواء المستشفى  أو تدين الطبيب أو تدين الممرضة لا يتوقع منهما ان يحصل بينهما حرام إذا كان هناك امنٌ من هذه الجهة عدم تخوف لا مانع من الخلوة بناء على هذا الرأي إذا لم يخشى الوقوع في الحرام، فأنت مع العاملة لنفترض في داخل البيت ولا يوجد أحد غيركما لكن مثلك لا يرغب في مثلها أو أنت انسان متدين سمعتك الاجتماعية طيبة أو وضعك الديني مثلاً لا يدعك تفكر في ممارسة الحرام، فهنا لا يخشى من وقوعك أو وقوعها في الحرام فهنا لا تحرم الخلوة.

فإذن هناك رأيان رأي يقول بأصل الاختلاء بغض النظر يؤدي للحرام ام لا يؤدي لا يجوز.

أما على الرأي الثاني فيقول إذا لم يكن هناك خوفٌ من الوقوع في الحرام كامرأة جاءت وتسأل المرجع مسألة شرعية قفلت الباب خلفها وهي معه الآن ولا يُخشى وقوع هذا المرجع في الحرام مع هذه المرأة فإذن لا يحرم.

فمنع ما يؤدي للحرام على الأقل من خلوة أو من علاقات عاطفية تواصل بالهاتف تواصل بالشات بالدردشة كلمات معاشقة كلمات غزل وما شابه ذلك إذا كانت ستؤدي إلى خطوة أخرى محرمة، فهذا الأمر يحرم من البداية، وبالفعل هذا احياناً يحصل نحن لابد أن نكون واقعين أيها الأحبة أيتها الاخوات في نفس الوقت الذي نعتقد أن الايمان أحد الحصون الذي يلجأ له الإنسان، لكن كثيرا ً ما يضعف هذا الانسان إلى حد ان نبي الله يوسف عليه السلام وهو القمة في العفة يقول : (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي)[5]

الحذر من الوقوع في فخاخ الشيطان:

 

لا تقل أنا مختلف، أحياناً شاب يقول أنا مختلف هؤلاء يلعبون أما أنا شيء أخر،  أو الفتاة تقول أنا لست مثل فلانة التي سلمت نفسها، كثير من الناس وقعوا في هذه الأمور كانوا يعتقدون انهم شيء مختلف ولم يحسبوا الحساب الدقيق استجابوا لكلمات وأحاديث ولمغازلة ومعاشقة وأنتهى بهن الأمر إلى الندم.

اتصلت بي واحدة فيما يتعلق بهذا الموضوع، فقالت كان أحد الاشخاص يتواصل معي مدة من الزمان على الفيسبوك والرسائل ثم تطور الأمر إلى مكالمات هاتفية ثم طرح لمواعيد بالزواج وانه أنا أحبك وأنا لا أنام الليل ومن هذا الكلام الذي لو سمعه طير من أعلى الشجرة يقع  من عذوبته إلى ان أخر الأمر، قال لها أنا عندي شقة وهذه الشقة للمستقبل أي شقة العمر وأريدك تشاهدينها وأختي موجودة معي هناك إن احببت ذلك تأتي اليوم العصر لكي تشاهدينها، وبالفعل ذهبت تلك الفتاة  بكل سذاجة، وما إن وصلت حتى أغلق الباب حيث لم تكن اخته هناك وفعل ما فعل وخسرت ما كان ينبغي ان تحافظ عليه.

إذن فاللازم على المرأة والشاب أن يكونا محتاطين جداً في أمر العلاقات، فنحن في نفس الوقت الذي نعتقد فيه مثل الأشياء التي تحدث في العمل وغيره مع متانة ورزانة وحجاب وغير ذلك، هذا ليس فيه بأس ولكن إذا جر الأمر إلى علاقة عاطفية ونزوة عابرة ومشاعر حب غير حقيقية من الممكن أن هذا الانسان يقع في شيء لم يكن قد خطط له.

 

أهمية وضع العواطف والمشاعر ضمن الاطار الشرعي:

 

   حرص الدين على أن تكون هذه المشاعر والعواطف والمغازلات ضمن اطار شرعي، أنت تحب هذه المرأة حسناً أهلها معروفين وبيتهم معروف اذهب وتقدم لخطبتها وتزوجها بعدها ترنم بأشعار الحب والغزل من الليل حتى الصباح في الاطار الشرعي.

وقتها انت ضمن علاقة صحيحة عادية فمطلوب منك أن تبدي مشاعرك لزوجتك أو لمن عقدت عليها، أما قبل ذلك فلا يجوز. لأن الإسلام وقف أمام هذا الأمر وأعظم العقوبة على جريمة الزنا، الزنا من العقوبات المشددة جداً التي رأيناها في الشرع والتي قلنا ايضاً أن من علامات كون الذنب كبيرة من الكبائر هو أن يكون له حدٌ من الحدود الدنيوية.

 

عقوبات الزنا:

 

الزنا فيه حدود متعددة الحد الأقل مئة جلدة لغير المحصن غير المغتصب هي مطاوعة وهو مطاوع وهما غير محصنين أي غير متزوجين هذه مئة جلدة ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ )[6]

فإذا كان محصناً فيرتقي عقوبته وعذابه الدنيوي حيث تصل العقوبة إلى الرجم، أن يرجم بالأحجار على ما هو معروف من فتاوى الفقهاء، فإذا كان مع الاغتصاب كشاب مثلاً اغتصب فتاة بالقوة فأجبرها عن نفسها فهذا يقتل بالسيف من دون تمييز بين أن يكون محصناً أو غير محصن وأسوء من هما من كان يعتدي على محارمه والعياذ بالله وهذه من الآفات التي نقلت الينا على أثر عولمة.

فمجتمعنا ليس مجتمع بريئاً فهذا المجتمع فيها التقي الصالح إلى أعلى الدرجات  وفيه أسفل السافلين فإذا حصل زنا بذات محرم مثلاً شخص يزني ببنته أو بأخته فهذا ايضاً يقتل بالسيف من غير تمييز بين كونه محصن أو غير محصن، بعض العقوبات فيها ردع اضافي كالذي يزني بذات بعل وهي المرأة المتزوجة فلو زنا بها فهذا اولاً يقام عليه الحد بمئة جلدة ان كان غير محصن، فون كان محصن فالرجم وفوق هذا ايضاً تحرم عليه هذه المرأة حرمة مؤبدة، ونحن نرى أن قسم من القصص التي تأتينا أن رجلاَ ينشئ علاقة مع امرأة متزوجة فيقول المرأة المتزوجة أستر فلو حملت لن ننفضح نحن الاثنان، بل هذه فضيحة أعظم لأنه سيكون جنين في بطنها من شخص أخر مما يؤدي إلى حدوث مشاكل في الميراث فيرث شيء ليس من حقه، وسوف تكون مشاكل في المحرمية هذا يظن أنه محرم على فلانة وفلانة وهو غير محرم بالنسبة لهما في النسب هذا ليس منسوباً إلى أبيه ، فأنت تجعله منسوب إلى أبيه، فهذا جريمته أكثر من الحالة العادية في الزنا، وفوق هذا أيضاً الشرع قال هذا الذي يزني بامرأة متزوجة لا يستطيع ان يتزوجها مؤبداً، فلو فرضنا مثل هؤلاء الذين يعملون مثل هذه الأعمال عندما يأتي ويتكلم مع امرأة وينشئ معها علاقة محرمة ويوعدها بالزواج بأنه إذا طلقها زوجها ، فإن حدث ذلك وطلقها زوجها، فهذه لا تستطيع ان تتزوج ذلك الذي زنا بها عندما كانت متزوجة إلى أخر العمر بل حتى لو كانت في العدة الرجعية أو عدة الوفاة على رأي بعض الفقهاء، مثلاً امرأة متزوجة زوجها طلقها، وعندها عشيق أو صديق مثلاً فأراد ان يتعجل لماذا ننتظر ثلاث أشهر مدة العدة فزنا بها في هذه الأثناء، على رأي الفقهاء هذه ايضاً تحرم عليه حرمة أبدية لأن  المطلقة الرجعية هي لا تزال في حكم الزوجة .

مجموعة هذه الاحكام نلاحظ فيها ردع لجهة العقوبة مثل الجلد والرجم والقتل بالسيف في حال الاغتصاب والزنا بالقوة أو زنا المحارم وحرمة الزواج بالمرأة المزني بها وهي ذات بعل فإذا لم تكن ذات بعل كشخص أخطأ مع فتاة وهي غير متزوجة وزنا بها هنا يستطيعان الزواج فيما بعد لا تحرم عليه الكلام، فالكلام عن من كانت متزوجة وأتى شخص وزنا بها فلو مات زوجها لا يستطيع ان يتزوجها إلى أخر عمرها.

  إذن الدين صنع مجموعة من الروادع والموانع المخوفة بالإضافة إلى  العذاب الأخروي، فلن يرتكب أحد ذنباً أعظم من قتل نبي او هدم الكعبة او ان يفرغ مائه في فرج امرأة حراماً هذا في يوم القيامة بحسب الآية المباركة ( يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا)[7]،هو مخلد في العذاب مع الاهانة، إضافة إلى ذلك هذه الروادع عبر الحدود والعقوبات ينبغي أن يلتفت ويلاحظها الانسان، فإذا لاحظها أمكنه أن يرتدع.

بعض المسلسلات الأجنبية المدبلجة تروج للزنا:

مما يؤسف له أن هذه الجريمة على أثر نفوذ الأعلام إلى بيوتنا أصبحت مخففة جداً ولا سيما مع وجود بعض المسلسلات المدبلجة كالمكسيكية والتركية او غيرها، التي تصور قضية الزنا باعتبارها أمر طبيعي جداً بأن تكون الواحدة لها علاقات متعددة حتى وإن كانت متزوجة، أو أن الفتاة تمارس هذا باعتباره حرية شخصية، فهي تريد أن تزني وهي حرة كما تزعم فهي لم تضرب أو تقتل احداً فهي تتصرف في بدنها كما تشاء فهذه هي ثقافتها، فانت ليس لك شأن بها، هي تنتمي إلى ثقافة مغايرة تماماً عن الثقافة الإسلامية والثقافة الاجتماعية التي أنت تنتمي لها.

تلك حدود الله فلا تعتدوها لا تقربوها هذه حدود الهية ونحن محكومون ضمن هذا الاطار فهذا ينبغي ان يلتفت اليه الآباء والأمهات والمربون والمربيات فمثل هذه المسلسلات والأفلام إنما تصنع لتسهل عملية المعصية فتجعل المعصية طبيعية وأمر عادي، بل في كثير من الأحيان تصورها بأنها هي الحياة الحقيقية فأنظر هذه البطلة في الفيلم الفلاني تذهب من هنا ومن هنا وتعمل علاقة مع هذا وذاك وهي منسجمة مع زوجها وهي في سرور وراحة وسعيدة في حياتها إلى أخره.

هذا قلب وتشويه للمفاهيم وتطبيع لعلاقة الانسان مع المعصية وإزالة عامل النفرة، بينما هو في الأساس زنا وسفاح وأصبح يقال لك دعنا نمارس الحب فمن لا يريد أن يمارس الحب؟ الحب عبارة جميلة لطيفة مرتبة.

بل هذا زنا وسفاح وجريمة وتحدي لقوانين الله عز وجل مهما كانت المقدمات المخادعة التي أوصلت إليه، ولذا ينبغي أن يحافظ الانسان على البيئة التي يعيش فيها بالذات بيئة المنزل.

 

أهمية مراعاة الحالة الجنسية داخل المنزل:

 

أيها الآباء الأكارم أيتها الأمهات الكريمات، الخطاب لي قبل أن يكون لكم ولكن انا بلسانكم أنطق أهم مؤثر في التربية تنظيف بيئة المنزل جنسياً تأملوا الدين ماذا يقول:

يقول لك لا ينبغي أن يكون في داخل غرفتك الخاصة وأنت تمارس العلاقة مع زوجتك طفلٌ  عمره ثلاث سنوات يرى أو يسمع الصوت ، فلا تقل هذا طفل لا يدرك أو يفهم، لا أنت مخطئ في ذلك، هذا أشبه بالآلة التي تسجل تسجيلاً دقيقاً جداً صوتاً وصورة، فيجعل في ذهنه الأن تسجيل لا يستطيع الترجمة بعد مدة من الزمان يبدأ يترجم الكلمات التي قيلت من خلال الأصوات التي سمعها والحركات التي رآها، ولذلك عندنا في بعض الروايات أن الطفل إذا رأى هكذا مناظر وهو بعمر ثلاث سنوات او دون ذلك لا يؤمن عليه من الزنا فيما بعد.

لذلك يحتاج الانسان بالذات في هذه الجهات مع زوجته أن يكون ملاحظاً ودقيقاً ، فلماذا شرع الاستئذان عندنا في الاسلام؟ لا تدع الطفل يدخل بلا استئذان إذا كان أمامه باب مقفل أو أي باب فلا بد له أن يتعلم انه هذا مكان خاص لا يستطيع  أي شخص يأتي ويدخل في أي وقت أو أن تقفل الباب عندما تكون في خلوة مع أهلك.

وبالمناسبة أيضاً في البيت لا بد من مراعاة جانب التبذل، فالتبذل إلى درجة كبيرة كأن تلبس الأم مثلاً ملابس لا ينبغي أن تلبسها إلا في داخل غرفة النوم، فلا يصح ان تلبسها في الصالة أمام أبنائها، هؤلاء الأبناء بعضهم كبار كمن بلغ الخامسة الرابعة عشر سنة من عمره، فهذا السن فيه توجه إلى شيء اسمه الشهوة، فأنت هنا في هذه الحالة تكسرين حياء هذا الولد وتمارسين شيء غير صحيح، فتحطمي في داخل نفسه شيء ينبغي أن يكون  مقدساً، فهو ينظر إلى أمه ليس في صورة الفخذ أو الصدر العاري، بل ينظر اليها هيكل أخر، فلما تأتي امرأة في داخل البيت وتجلس أولادها بثياب لا ينبغي أن لا تلبسها إلا في غرفة النوم مع زوجها، فهذا تشويه لشخصيات الأولاد أو الاب ايضاً ربما يلبس بعض الملابس التي لا ينبغي له لبسها أمام بنته البالغة بحيث يتكشف لها مواقع لا ينبغي أن تكشف فيها، فهذا شيء خطير وغير صحيح،

كذلك البنت أيضاً لا تسمح لنفسها أن تلبس لبس فوق الركبة بحجة أنه لا يوجد أحد في البيت غير أبوها وأخوها فهذا بالنسبة إلى إخوانها الشباب شيء خطير وغير مقبول، لا أريد القول أن الحالة بهذا السوء ولكن لابد لنا أن تكون بيئة بيوتنا نظيفة وليس معنى ذلك أن يجلس الإنسان بلباس رسمي، فالبيت محل استراحته لكن اللبس له حدود متوسطة ومعقولة وفي محله فهكذا تبقى بيئة البيت بيئة سامية وعالية، بيئة تفكر فيها البنت بأبيها باعتباره هيكل معنوي والولد يفكر بأمه باعتبارها مكان مقدس.

والحمد لله هذا الشيء ملحوظ في بيوتنا وهذا الذي يجعل الشباب المتدين والشابات المؤمنات بهذا المقدار والتوازن والاعتدال والتحفظ، ونحن نشجع على هذا الامر ونثني عليه، ولكن احياناً ينبغي أن يحذر الانسان لان البعض قد يشاهد في هذه المسلسلات المرأة تلبس لبس عاري وهي تريد أن تكرر نفس المسألة في بيتها او الأب هناك في تلك الافلام يلبس لباساً معيناً ربما يفكر أن هذا امر طبيعي.

   في بيئتنا وثقافتنا هذا أمر ليس طبيعياً، نحن مطلوب منا أن نتسامى ببيئة هذا المنزل إلى بيئة عالية حتى نحفظ ابنائنا وبناتنا من هذه الآثار الوافدة.

التربية أيها الاخوة وأيتها الأخوات ليست شيء مفاجئ يصبح بين يوم وليلة وإنما هي عملية طويلة وتراكمية، وهي أيضاً تربية هي بالرؤية والسلوك فعندما يراك الولد والبنت كيف تتعامل؟ وكيف تتحرك؟ فهما يأخذان هذا الدرس إلى أخره، ولذلك نحن نكبر في النساء اللاتي ربّين أبنائهن وبناتهن تربية فائقة حتى أظهروا البطولات في المواقف المفصلية،

إن التراكم من التربية الصالحة على مدى سنوات طويلة يصنع بطلاً من أبطال كربلاء كما صنعت ذلك ام البنين عليها السلام مع أولادها وبناتها فهذا التراكم اليومي صنع أبو الفضل العباس وصنع إخوانه وصنع تلك الثلة الطيبة، أم البنين زوجة أمير المؤمنين عليه السلام  التي هي في ذهن الناس من أكثر زوجات أمير المؤمنين بعد فاطمة الزهراء عليها السلام حضوراً واشرافاً على القضايا.

فتفاعل الناس معها ربما ينبغي أن يستفاد منه في الأمر التربوي، ينبغي ان نفكر كيف أعدت أبنائها هذا الإعداد والذي أدى إلى أن يكونوا في كربلاء بهذا المستوى الفائق من الفداء والتضحية مع الحسين  عليه السلام، فمواقفها أيضاً سواء بعد كربلاء أو عند تربيتها لأبنائها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] ) سورة الإسراء آية 32

[2] ) المصدر السابق

[3] ) سورة الفرقان آية 68-69

[4] ) سبق ذكر المصدر

[5] ) سورة يوسف آية 53

[6] ) سورة النور آية 2

[7] ) سورة الفرقان آية 69

مرات العرض: 3383
المدة: 00:59:14
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2584) حجم الملف: 20.3 MB
تشغيل:

عقوق الوالدين النسبي والروحي
اللواط شذوذ أو مثلية