يتميز الارتباط بين شيعة أهل البيت وأعني على وجه الخصوص الإمامية الاثني عشرية بالإمام الصادق عليه السلام بأنه عنوانٌ لهم مع تأخر إمامته عن سائر الأئمة ، فالشيعة الإمامية الاثنا عشرية يعرفون ليس من الآن بل من زمانه بأنهم الجعفرية ، فيقال فلانٌ جعفريٌ يعني ذلك أنه إمامي اثنا عشري باعتبار أن عنوان الشيعة يتحقق بأن يعترف الشخص بولاية أمير المؤمنين وأنه وصي رسول الله بعده مباشرةً وهذا ينطبق عليه في عرف أصحاب الفرق والمقلات والمذاهب بأنه شيعيٌ لذلك يحسبون الزيدية من الشيعة وكذلك الإسماعيلية لأنهم يعترفون بأن إمامة أمير المؤمنين وخلافته عليه السلام هي بعد رسول الله مباشرةً في مقابل مذاهب مدرسة الخلفاء الذين لا يعترفون بهذا الأمر . فعنوان شيعي يصدق على كل إنسان يعترف بإمامة أمير المؤمنين بهذا المعنى ثم تأتي بعد ذلك الفواصل ، فهذا شيعي زيدي وذاك إسماعيلي وهذا جعفري بحسب الفرق الباقية من الشيعية .
فالجعفرية هم الذين يعترفون بإمامة الأئمة من أمير المؤمنين إلى الإمام الحجة المنتظر ( عجل الله فرجه الشريف ) ويظهر أن هذا الأمر كان موجودًا من زمان الإمام الصادق عليه السلام ‘ فهناك روايات يأمر فيه الإمام الصادق أصحابه وأتباعه بأن يكونوا على مستويات أخلاقية عالية ( فإن الرجل منكم إذا صدق في الحديث وأدى الأمانة رآه الناس فقالوا هذا من شيعة جعفر فيسرني ذلك )
أيضًا كان في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله شيعة عليٍ ( يا علي أنت وشيعتك الفائزون ) ولكن في عرف أهل المقالات والفرق والمتحدثين في المذاهب يقولون الجعفرية فينسبون الإمامبة الاثني عشرية إلى الإمام الصادق عليه السلام ، لماذا ؟ لأسباب قد يكون الحديث عنها في وقتٍ آخر ، المهم أن العلاقة بين شيعة أهل البيت الإمامية وهم أكثرية الشيعة في هذا الزمان علاقتهم مع الإمام الصادق هي علاقة عنوان . فعنوانك في الدين والمذهب هو الإمام الصادق عليه السلام فتعرف عقائدك وعباداتك وسلوكياتك ونمط حياتك وثقافتك كلها من خلال عنوان هو الإمام الصادق عليه السلام .
وهذا يكشف عن العلاقة الخاصة التي تربط الإمام الصادق بنا نحن شيعته أنه عنواننا وأنه وجهنا وأنه المعرف بنا ، فلو قلت هذا باقري أو هذا كاظميٌ لا يعرف وهذا لا يعني نقص في الأئمة الآخرين عليهم السلام ، فلو قلت هذا رضويٌ أو مهدوي أو نقوي فسيتصور الناس أنك تتحدث عن نسب وليس عن نحلة وفكرة ومذهب . وهذا يعظم مسؤوليتنا تجاه الإمام عليه السلام ، فهو عنوانك يهتدى إليك به ، يعرفك بين الناس .
نتكلم عن جهتين من حقوق الإمام عليه السلام تبعًا لهذه العلاقة :
الحق الأول حق المعرفة :
المعرفة بدرجة يستحقها العنوان الذي يعطيك إياه عليه السلام . فتارةً تكون المعرفة بدرجة من الدرجات مثل أن يعرف أن الإمام الصادق اسمه جعفر وهو ابن محمد الباقر وأنه إمامٌ مفترض الطاعة . وهذا المقدار من المعرفة قد يكون مطلوبًا من أطفالنا الذي أعمارهم خمس أو ست سنوات ، أما من عمره في الخمسين أو الستين أو السبعين فمطلوب منه أن يعرف الإمام عليه السلام معرفةً تتناسب مع عنوانيته لنا ومع مستوانا العقلي والذهني .
نحن نلاحظ أن أدنى شيء في الإمام وهو إمام الجماعة وكل علاقتك به وقت الصلاة وهذا يجب عليك أن تعرف فيما يرتبط بالجماعة على الأقل جهتين ، الجهة الأولى عدالة هذا الإمام والأمر الثاني صحة القراءة . وإلا لا يجوز للإنسان أن يصلي وراء إمام جماعة يعلم أنه لا يتقن القراءة . وأيضًا لا بد أن تعلم أنه عادل لا سيما على قول مدرسة أهل البيت عليهم السلام وهو القول الصحيح ( إنما أئمتكم وفدكم إلى الله فانظروا من توفدون ) فإذا كان هذا الإمام والعياذ بالله ليس عادلًا أو ليس صادقًا أو ليس تقيًا ويأتي بالمنكرات من الممكن أن يذهب بك إلى المهالك . نعم في بعض المذاهب الأخر قالوا : صلوا وراء كل برٍ وفاجر . وهذا نوع من الحل العملي الذي صنعته هذه المدارس وإلا تتعطل الأمور . فكثيرٌ من الخلفاء عندهم عرف عنهم أنهم كانوا فسقة ، فإذا ذهب هذا الخليفة إلى الحج وتقدم لإمامة الجماعة ، وإذا صلى صلاة العيد ، وإذا أم الجماعة في بلدته في دمشق أو بغداد ، ماذا يفعل الناس في هذه الحالة ؟ فجاءت فكرة صلوا وراء كل برٍ وفاجر . لكن الروايات الصحيحة عندنا ( صلي وراء من تثق بدينه ) وهذا دليل ، فأنت حينما تسافر في البر تحتاج من يوصلك من مكان إلى مكان وتسأل هذه شركة موثوقة أم غير موثوقة ؟ من الممكن في وسط الطريق يسطو على أموالي أو لا ؟ وهو مشوار بسيط فكيف بمشوار الحياة كلها ؟ وهذا أدنى حقوق إمام الجماعة عليك فكيف إذا كان الإمام بالإمامة العظمى ؟ ألا ينبغي أن يتعرف الإنسان عليه ؟ لذلك نحن مسؤولين أن نتعرف على أئمتنا بأدنى المعرفة وهو أقل الواجب ومع ذلك هناك درجات ومراتب ومراقي من المهم جدًا أن يسعى الإنسان إلى التعرف على حياة إمامه ، فماذا لو كل واحدٍ مثلا جعل مناسبة الإمام فرصةً للتعرف على حياته كقراءة كتاب عن الإمام أسمع مجموعة من الأحاديث والمحاضرات وغيرها مما يجب علينا عمله لمعرفة الإمام ، فهي من واجبات المؤمن ومن حقوق الإمام على مأموميه . والآن أصبحت الأمور ميسرة فبإمكانك أن تسمع كتابًا مسموعًا وهذا لا يكلفك مالًا ولا غيره وأنت ذاهب إلى العمل تشغل هذا الكتاب المسموع ، ولو أن الإنسان حسب هذا الحساب فكثير من الناس يمضي ساعة في الذهاب إلى عمله وساعة في العودة فإذا حسبها في السنة كاملة تصبح أكثر من 700 ساعة وهذا يعني 100 كتاب من الكتب الضخمة وهذا فقط تستمعه في سيارتك . فكيف إذا كان هذا على مدى خمس سنوات فسيتكون مخزون علمي عظيم من المعرفة إذا وجهته لأئمة أهل البيت عليهم السلام .
الحق الثاني : التعريف بالإمام للعالم وللبشر ولسائر المسلمين وهذه من مسؤولياتنا جميعًا . فالعالم حقيقةً في صحراء وعندك الماء البارد العذب ولكن إما لكسلٍ عندي مثلًا أو لانشغالٍ عندك لا نوصل هذا الكأس من الماء البارد إلى العالم العاطش للهداية وللمعرفة . فكم من الناس لا يعرفون أئمة أهل البيت عليهم السلام ونحن عندنا كل الوسائل التي توصل إليهم هذا المعنى وهذه المعرفة ولكن لعدم الشعور بالمسؤولية أو لأسباب أخرى لا نتحمل هذا الأمر . فلو افترضنا أن 100 شاب وشابة من شيعة أهل البيت عليهم السلام لو كل واحد وضع في باله أنه يوميًا على هامش أعمالي نضع كتاب على الأنترنت مثلًا فعندك يوميًا 100 كتاب اضربها في سنة كاملة ، فكم من الكتب المرتبطة بأهل البيت عليهم السلام فقهًا وعقائد وسيرة وأخلاق وغير ذلك فلو رفعت أحد هذه الكتب على الإنترنت من آلاف الكتب المطبوعة وهذا لن يؤثر في هذا المحيط فقط وإنما وكما أشرنا أن اليوم يتحدثون عن الذكاء الاصطناعي والذي يمكن لشيعة أهل البيت أن ينتفعوا به انتفاعًا لا حدود له لأن الذكاء الاصطناعي لا ينتج من عنده وإنما هذا المخزون الموجود في بحر الانترنت يجمعه بلمح البصر ويقدمه إلى كل باحث ، فإذا كانت الكتب والمواد المرتبطة بأهل البيت نادرة أو قليلة أو ضعيفة في هذا الجو فسيعطي النتائج بحسب الموجود عنده فيزيد إضلال الناس . ونفس الموجود في تلك القرون من الحجب على فكر أهل البيت وثقافته سيعاد إنتاجه من جديد في مثل لمح البصر ، لكن لو افترضنا أننا خلال خمس سنوات وضعنا خمسين ألف كتاب في الانترنت بواسطة شباب وشابات أهل البيت فالذي يمتلك المال يدفع في هذا الجانب ، ومن يمتلك خبرة تقنية ومعلوماتية يشتغل عليها ، ومن عنده رأي وفكرة يطرحها ومن عنده كتاب يقدمه ، فذاك الوقت أي واحد في الدنيا بأي لغةٍ من اللغات أراد أن يتعرف على تاريخ الإسلام سيجد أمامه من مصادر آل محمد .
وعلينا أن نشجع على هذا العمل الخير حتى نعرف الناس بأهل البيت عليهم السلام وننقذ بذلك البشرية من تيهها وضلالها بهدايتها إلى محمد وآل محمد .
إمامنا الصادق عليه السلام الذي عرف بين جميع المسلمين بأنه الأول بينهم بالرغم من أنه في العادة زعماء المذاهب قليلًا ما يعترفون بفضل منافسيهم وهذا طبيعي ، لكن بالنسبة للإمام الصادق عليه السلام وجدنا اعترافات أرباب المذاهب الأخرى به واضحةً وصريحةً فهذا مالك بن أنس إمام المذهب المالكي يعترف أنه ما رأت عينٌ ولا سمعت أذنٌ ولا خطر على قلب بشر مثل جعفر بن محمد . وهكذا الحال بالنسبة لأبي حنيفة النعمان غير فكرة والكلام الذي نقل من الآلوسي : لولا السنتان لهلك النعمان . الرواية الصحيحة التي ينقلها أبو حنيفة أنه دعاني المنصور وطلب مني أن أجهز من المسائل الصعاب الشداد وقال لي إن الناس قد فتنوا بجعفر ، فاجتمعنا ويظهر أن الاجتماع كان في المدينة أيام مجيء المنصور العباسي إليها . فدعي الإمام الصادق عليه السلام وهذه مذكورة حتى في مصادرهم فيقول أبو حنيفة فسألته مسائل فكان يقول أنتم أتباع مدرسة الرأي والقياس تقولون كذا وأهل المدينة ( وهم من أتباع النص والحديث ) يقولون كذا وكذا ونحن أهل البيت نقول كذا وكذا ، يقول أبو حنيفة : فربما وافقنا في ذلك وربما خالفنا ، حتى إذا نفذت مسائلي التفت إليً المنصور وقال : كيف وجدت ؟ قلت : روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس . ولم يكن ذلك إلا إن علمهم من سنخ علم رسول الله صلى الله عليه وآله.
تعد إمامة الصادق عليه السلام من أطول فترات الإمامة منذ ولادته وحتى عمره الشريف كان أطول من سائر الأئمة فقد ولد سنة 83 وحتى استشهاده سنة 148 كان عمره قريب من 65 سنة وهي تعتبر فترة طويلة . عاش فيها الإمام من سنة 83 إلى سنة 95 هـ مع جده الإمام السجاد صلوات الله وسلامه عليه وأدرك فيها وهو في حداثة سنه ما كان يرى من جده الإمام السجاد وتلك الحالة من الانقطاع إلى الله والتوجهات الروحية من جهة وإحياء قضية كربلاء بما يذكر في أحوال وشؤون السجاد عليه السلام ولا ريب أنه حمل من تلك الروح في الجهتين الشيء الكثير . إلى أن استشهد الإمام السجاد بدأت إمامة الإمام الباقر إلى سنة 114هـ حوالي 19 سنة كان فيها تحت رعاية أبيه الباقر الذي كما تعلمون تفجر العلم بين يديه وبقر العلم بقرًا فكل ما كان من علوم الرسالات السماوية السابقة قد غطاه التراب ونسيه الناس أخرجه من جديد كما يقلب الفلاح الأرض ويبقرها من الأسفل إلى الأعلى ، هكذا بقر الإمام وحفر ما تحتها حتى تخرج إلى العلانية وهذا اللقب ( الباقر ) ليس لقبًا شيعيًا فقط وإنما عرف هذا اللقب في سائر المذاهب عنه سلام الله عليه . وأخذ الإمام الصادق العلوم من أبيه الباقر بالإضافة إلى جده الإمام السجاد إلى أن استشهد الإمام الباقر سنة 114 آلت الإمامة إلى الإمام الصادق واستمر فيها إلى 148 هـ حوالي 34 سنة . وكانت من أصعب الفترات فهناك فكرة ليست دقيقة جدًا وهي أن الإمام الصادق عليه السلام عاش في أيام انتهاء الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية فكانت الأمور رخيةً وهادئةً واستطاع من خلال هذه الأوضاع السهلة واليسيرة أن ينشر علمه . وهناك مجال واسع لنقاش هذه الفكرة فإن الإمام عليه السلام عاش في فترات سيئة وأسوؤها أيام الأمويين فعاصر ثمانية من الحكام الشرسين السيئين وأسوأ من هؤلاء كان المنصور العباسي الذي تولى الحكم من سنة 136 إلى سنة 148 سنة استشهاد الإمام يعني 12 سنة كانت من أصعب الأزمنة التي مرت على كل الأئمة عليهم السلام فكان خليفة شرس على كل المستويات . المنصور العباسي صنع تيار النصب والعداوة في تاريخ الأمة لأمير المؤمنين عليه السلام وهو الذي حذف مذهب أهل البيت عليهم السلام من القائمة وهو في هذا المعنى أشد من معاوية بن أبي سفيان وأشد من عبد الملك بن مروان وأبنائه ، الذي نفى حديث أهل البيت بقرارٍ رسميٍ واضح ونفى فقه أهل البيت بقرار وممارسة واضحة . فقد أمر مالك بن أنس أن يكتب حديث رسول الله وأن يرتب الحديث والفقه على أساس استبعاد روايات علي بن أبي طالب عليه السلام ، إلى الدرجة التي ضحى فيها بفقه جدهم عبدالله بن عباس والذي كان تلميذ أمير المؤمنين عليه السلام وأراد إلزام المسلمين جميعًا بهذا الفقه والذي لا يوجد فيه أي أثر للإمام علي إلا أدنى اليسير من الروايات في الفقه والعقائد وغير ذلك فكان هناك قرار صريح وواضح . وزاد الطين بلةً لما نهض بنو الحسن أحفاد أمير المؤمنين وأحفاد الإمام الحسن المجتبى في وجه المنصور العباسي كمحمد النفس الزكية وأخوه إبراهيم وفيما بعد إدريس بن عبد الله . وأول من نشر أفكار مضادة لأمير المؤمنين منها أن أمير المؤمنين هو من ظلم فاطمة الزهراء عليها السلام وهذه بجاحة ووقاحة لم يقلها لاحتى بنو أمية ، أو أن الحسن باع الخلافة بخرق وأقبل يتزوج يومًا ويطلق هذه فكرة المنصور العباسي . ومجموعة من العداوات والتهم والنفي والإلغاء لمذهب أهل البيت عليم السلام نفذها المنصور وهذا على مستوى المنهج ، أما على المستوى الشخصي فكان شرسًا إلى درجة غريبة ، فتصور أنه عاصر الإمام 12 سنة في هذه السنوات يذكر السيد ابن طاووس رضوان الله تعالى عليه أنه جلب واستقدم واستدعى الإمام الصادق عليه السلام سبع مرات وهذا يعني أنه تقريبًا في كل أقل من سنتين كان يستدعى مرةً إلى الكوفة ومرةً إلى الأنبار ومرة إلى بغداد وبعضها في المدينة وبعضها في مكة وكثيرٌ منها في العراق . وعندما يأتي يلقي عليه كلامًا صعبًا ومزعجًا ، فالرواية تقول وهي عن الإمام الصادق أنه لما قتل إبراهيم بن عبدالله بن الحسن ببا خمرا سنة 145 قبل شهادة الإمام الصادق بثلاث سنوات ، يقول حسرنا عن المدينة حتى لم يبقى بها محتلمٌ ( تهجير جماعي لبني هاشم ) إلى المنصور العباسي في الأنبار لأن المنصور اتخذا الأنبار أولًا عاصمةً له ثم بعد ذلك الحيرة ثم انتقل إلى بغداد ، حتى إذا وصلنا إليه حجبنا شهرين ، حتى قال أدخلوا بعضكم ، فيقول أنا دخلت ومعي زيد بن الحسن فلما دخلنا قال أتعلمون لمَ دعوتكم ؟ قلنا : لا يعلم الغيب إلا الله . فقال : دعوتكم لأقول لكم إني سأخرب رباعكم وأحرق نخيلكم وأنكل بكم . فتكلم معه الإمام الصادق بكلامٍ مناسب : إن أيوب ابتلي فصبر وإن سليمان أعطي فشكر ولك بأولئك أسوةٌ حسنة . فالإمام يعلم أن بعض الطواغيت هذا المقدار من الكلام قد يؤثر فيهم فقال له : انصرفوا . وهذا الأمر من الاستدعاءات حصل بالنسبة للإمام الصادق عليه السلام سبع مرات خلال اثنتي عشرة سنة . فكان المنصور شرسًا وفاتكًا ومعروفًا بالغدر فغدر بأنصاره كعمه عبدالله بن علي وناصره أبي مسلم الخراساني وغيرهم وكان آخر الأمر أن غدر بإمامنا الصادق صلوات الله عليه . وبعض الكلمات التي يقولها للإمام يصعب على الإنسان أن يقولها على المنبر وفيها من التهجم والتحدي ومن البجاحة والشراسة ما لا يصدقه الإنسان وآخر الأمر قال : لقد قتلت كذا وكذا من آل أبي طالب لكن بقي كبيرهم وسيدهم جعفر بن محمد ولا راحة لي حتى أقتله هذا الشجى المعترض في حلقي فما زال يكيد لإمامنا عليه السلام ويدبر له وكانت طريقتهم في ذلك طريقة السم . وبحث السم عند الخلفاء الأمويين والعباسيين من البحوث المهمة جدًا . فيوجد كتاب لابن حبيب البغدادي حول اغتيال الشخصيات والأشراف في الجاهلية والإسلام فترى فيه كم كان أصحبا السلطة من الأمويين والعباسيين يغتالون من كانوا يتصورون أنهم من مخالفيهم يقدمون على قتلهم بالسم ولأجل هذا وظفوا من الأطباء النصارى والهنود وأعطوهم من الأموال الطائلة خصوصًا من يمتلكون المعرفة بخواص المواد والسموم وهؤلاء موظفون يأخذون راتبًا دون أن يعلم كيف يستفاد من هذا السم وما منزلة من سيدس إليه ، فيركبون هذه التركيبات ليدسوها في أطعمة من يعادوهم ليقضوا عليهم وهكذا حصل وتم له ما أراد من تدبيره عندما أرسل إلى واليه على المدينة سمًا قتالًا نقيعًا وأمره بدسه إلى الإمام في طعامه أو شرابه ، واستدعي الإمام عليه السلام على ديوان الوالي ووضع ذلك السم فيما كان قد قدم له