حديثنا هذه الليلة يتناول ثاني الشريفين الشريف المرتضى و الشريف الرضي، محمد ابن الحسين الموسوي رضوان الله تعالى عليه المتوفى سنه 406 للهجرة عن عمر ناهز 47 سنه وهو الاصغر بالنسبة الى اخيه المرتضى فقد ولد بعده بنحو اربع سنوات و لم يعمر طويلاً بينما عُمِّر اخوه المرتضى 80 سنه عمر ولكن هو 47 سنه فقط ومع ذلك قيل فيه اي في السيد الرضي لو لم يكن الشريف المرتضى لكان الشريف الرضي أعلم الناس ولو لم يكن الشريف الرضي لكان المرتضى اشعر الناس ومعنى ذلك ان كليهما يتمتعان بجانبي العلم والفصاحة والشعر القوي لكن غلب على احدهما انه يُعرف بالعلم كالشريف المرتضي مع ان شعره يعتبر في القمه وغلب على السيد الرضي مع انه فقيه ومتكلم وعارف ب العلوم الدينية في اعلى التخصصات الا انه عُرف عنه وغلب عليه الاهتمام الادبي حتى ان كتبه الدينية حسب التعبير كان لها هذا الطابع كما سناتي بعد قليل في الحديث عنه، قلنا ان وفاته رضوان الله تعالى عليه كانت في سنه 406 للهجرة ورثاه اخوه المرتضى بقصيدة عصماء بيّن فيها تأثره الشديد وتمنى انه لو اتت المنية عليه قبل ان تذهب الى اخيه الرضي . في مساله دفنه ومدفنه بل ومدفن المرتضى بل ومدفن والدهما يوجد اختلاف حيث يوجد توجهين ، توجّه يقول دفن هؤلاء في بغداد بجانب الكاظمين عليهما السلام بالذات بالنسبة الى المرتضى في مقابر قريش ،فالإمامان الكاظمان دفنا في منطقه تسمى مقابر قريش وفيما بعد شُيّد هذا المشهد الشريف الشامخ ، المرتضى قيل ايضا انه دفن في الطرف الاخر في مقابر قريش ويوجد الان مرقد ينسب الى الشريف المرتضى في طرف حرم الكاظمين عليهما السلام وفي بعض المصادر ان الشريف الرضي دفن في منطقه ديالا في العراق محافظه من المحافظات وله قبر مشيد هذه هي الفكرة الأولى. الفكرة الثانية ان هؤلاء الثلاثة الاب الحسين الذي كان نقيب الطالبين في زمانه وابنه الاكبر الشريف المرتضى ثم الأصغر الشريف الرضي الذي سبق اخاه في الوفاه دفنوا مؤقتا في بغداد ثم نقلوا في فترات مختلفة فدفنوا الى جوار الحسين عليه السلام والى هذا اشار شارح نهج البلاغة الشيخ ابن ميثم البحراني احد كبار العلماء وله ثلاثة شروح على نهج البلاغة شرح مفصل وشرح وسط وشرح مختصر ذكر هذا في احوالهم وقال نُقِل الشريف المرتضى الى كربلاء فدفن الى جنب اخيه وابيه عند الحسين عليه السلام
ربما ايضا يمكن التوفيق بين الفكرتين اذا تمت روايات نقلهم الى كربلاء بان مثلا المقام والمشهد الموجود في بغداد في طرفي حرم الامام الكاظم شُيّد على أثر انه دفن الشريف المرتضى فيه برهه من الز زمان فشيد عليه ثم ايضا عندما نُقِل بقي هذا البناء ،هذا اذا كان روايات النقل الى كربلاء تامه والمسالة محل نقاش تاريخي الآن لا يتسع الوقت للخوض فيها وبيان اي الوجهين عليه القرائن التاريخية انما نتحدث عن شخصيه هذا العالم العيلم والبحر الخِضَم وفي حياته مناطق مختلفة للتأسي والاقتداء اولاً ما يرتبط بوالده هو الحسين الموسوي ينتمي الى الامام الحسين عليه السلام من خلال الامام موسى الكاظم سلام الله عليه فهو موسوي واما ام الشريف المرتضى والرضي فهي فاطمه بنت الحسين ابن الحسن الاطروش الحسيني من نسل الامام زين العابدين عليه السلام فالأب موسوي والام حسينية تنتمي الى زين العابدين من عمر الاشرف احد ابناء الامام زين العابدين اسمه عمر الاشرف هذه الام حقيق الناظر الى بعض ما ذُكر في شانها يغبط ويترحم عليها ويقدمها كنموذج متقدم للأمهات كيف تربي الام ابنها فتفوز بذلك وتحضي بثناء الدنيا وبدرجات الأخرة للأسف ان هذا المعنى في مجتمعاتنا المعاصرة تراجع اصبح دور الأمومة وتربيه الام لأبنائها شيئا قليلا سوى بعض الاسر مثل اسر السامعين واشباههم الام تعتبر ان دورها الاساس في الحياه تربيه ابناء يصنعون للدين افتخاراً وانتصاراً وعائلتهما لوالديهما ، الان قسم من الامهات تقول : انا يعني اقعد في البيت فقط اطبخ وانظف لهذا و لذاك ! . نعم ، ما المشكلة في ذلك بما ذكرت ام موسى في القران الا لذلك، الغريب ان في القران الكريم ابراز لدور الامهات بشكل منقطع النظير هاجر تُذكر مريم تُذكر ام موسى تُذكر
نادرا ما يُذكر الاباء وذلك لا لقصور او تقصير في الاباء ولكن لأن دور الام عاده مخفي فيحتاج الى ابراز واظهار وتقدير . هذه الفكرة التي تراها بعض النساء فتقول : انا تعلمت وتثقفت ودرست من اجل ان أجلس في البيت واعتني بالأطفال واغسل الى ذاك و ارضع هذا ! وتعتبر هذا الامر عاراً في حين ان العار في خلافه ، العار ان تترك الام ابنها على العاملة ولا يحظى بحنانها ولا تربيتها الا لُمَامَا وهذا خلاف القاعدة ، خذوا هذا المثال فاطمه بنت الحسين والده الشريفين رضوان الله تعالى عليها وعليهما منذ كانا صغيرين قبل العاشرة بمدة جاءت بهما للتعلم وظلت تتابع معهم الى الاخير حتى نقل ان الشيخ المفيد رضوان الله عليه وهو استاذه الاكبر رأى في عالم الرؤيا ذات ليله كأن فاطمه الزهراء عليها السلام قد أقبلت ومعها بعض النساء وامامها الحسن والحسين صغيران اربع سنوات وخمس سنوات فجاءت الى الشيخ المفيد هذا في عالم الرؤية وقالت له يا شيخ هذان ابنا رسول الله علمهم الفقه والقران فجلس من النوم ما هذه الاحلام ،اضغاث احلام انا أعِّلم الحسن والحسين ، انا تراب حذاء الحسن والحسين لا اكونه فكيف انا اعلمهم فكل ما عندنا من علم ومن خير بواسطتهم شلون اعلمهم اكيد هذه اضغاث احلام فما ان جلس في مجلس درسه صباحاً حتى أقبلت فاطمه بنت الحسين والده الشريفين على نفس الهيئة التي راها في المنام بحجابها الكامل ومعها بعض النساء وقد اخذت بيدي ولديها الصغيرين محمد ابن الحسين الموسوي وعلي ابن الحسين الموسوي الشريف الرضي والشريف المرتضى وبينهم حوالي اربع سن سنوات او نحو ذلك من العمر فقالت له يا شيخ هذان ابنا رسول الله علمهم الفقه والقران فقال الشريف الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه هذا تأويل رؤياي البارحة . اعتنى بهما عنايه كبيره وهي ايضا ظلت تتابع معهم وكانت ذات فضل ومعرفه دينية حتى ان الشيخ المفيد رضوان الله عليه ألَّف لها كتاب اسمه احكام النساء وهو مجموعه الاحكام اللي ترتبط بالنساء ،الف هذا الكتاب لهذه السيدة الجليلة ويقال ان ذلك كان بطلب منها . انظروا الى الهمه بين واحدة تبحث عن طرق طبخ الحلويات وغيرهم من الأطعمة وبين هذه الفاضلة التي تبحث وتطلب من الشيخ المفيد جامع لأحكام النساء في الدماء و الطهارة و الصلاة و الصوم ، كانت تتابع ابنائها يوم بيوم الى ان اصبحوا هكذا ، ليس غريب من ام كهذه ومن متابعتها وعنايتها ان يصبح الشريف الرضي ناظم الشعر الرائق وعمره عشر سنوات فقد قال شعراً قوياَ تعجبوا فيه ولهذا عندما توفيت رثاها بقصيده مشجية تحتوي لعلها على 50 بيت من الشعر القوي جاء فيه
لو كان مثلك كل ام بَرّة غني البنون بها عن الإباءِ
لو الامهات مثلك ما يحتاجون الى اباء لرعايتها وعنايتها ومتابعتها قامت بهذا الدور الكبير هذا مع وجود والده ايضا فوالده توفي حوالي سنه 400 هجريه قبل وفاته بحوالي ست سنوات أي انه ظل معه فتره طويله . نعم والده سُجِن فتره ايام عضد الدولة البويهي وسُفِّر الى فارس وهذا فيه ردّ من قبل بعض المؤرخين على ما يقوله قسم من غير الباحثين من زعموا انه مذهب البويهيين هو المذهب الاثني عشري وانه هم صنعوه حسب التعبير. احدهم كان يقول هذا الكلام طبعا من ليس لديه تحقيق ولا متابعه يطلق الكلمات جزافاً ، والد الشريفين سجن فتره طويله لماذا يسجنوه وهو امام الشيعة في زمانه وكبيرهم ومع ذلك حسب تعبير ذاك الرجل البويهيون هم الذين خلقوا مذهب التشيع. نعم كان عندهم ميول واختلفوا في الامر بين القول بانه زيديه او اماميه وهذا يحتاج له بحث خاص في تاريخ البويهيين ، الشاهد انه مع كون والده موجوداً في ذلك الزمان إلا ان الشريف الرضي نسب فضل تفوقه وفضل نبوغه وعلمه الى والدته التي بكّرت في ان ذهبت به الى شيخ المفيد وتابعت تعليمه .طبعا يوجد الحمد لله امهات من هذا النوع التي تحرص وتحث ابناءها على نظام الحياه السليم على معرفه الدين ومعرفه الاخلاق ، هناك كثير من الامهات من هذا النوع ، اما الصورة التي نقلناها عن الام التي تترك ابناءها بدون تعليمهم أمور دينهم هي صوره محدودة تلك الام تتركهم يكبرون بدون ان يعرفوا غسل الجنابة أوتترك فتاتها البالغة فلا تُعرّفها بغسل الحيض وتتورط في قضايا الصوم والصلاة والى اخره .
نعم قد يكون الامهات انسب لإخبار الفتيات بأحكامهن والاب انسب ان يخبر الابناء بأحكام ما يرتبط بهم .فهذه كانت المرأة الجليلة فاطمه بنت الحسين ابن الاطروش المعروف بالناصر من احفاد زين العابدين عليه السلام هذه والده الشريف الرضي نقدمها نموذجا ومثلاً أعلى للأمهات حتى لا تُعَيّر الأمهات اذا كانوا يجلسون في منازلهم لتربيه الأبناء وخدمتهم فهذا شرف ما فوقه شرف.
كان السيد الشريف الرضي رضوان الله تعالى عليه مع اخيه الشريف المرتضى في ميدان العلم وكلاهما كان كفرسي رهان لكن كما قلنا انطبع وعُرف الشريف الرضي بالأدب بالشعر بالبلاغة بالفصاحة لدرجه ان احد اساتذته وهو عثمان ابن جنّي الموصلي الذي كان في وقته من علماء اللغة العربية المتفوقين والى الان طلاب الحوزات العلمية عندما يدرسون تمر عليهم اقواله ومناقشاته واراءه في اللغة العربية صرفاً ونحواً وبلاغةً هذا الرجل كان استاذا للشريفين وللشريف الرضي على وجه الخصوص ، وبالطبع الاستاذ لابد ان يكون بينه وبين تلميذه على الاقل عشرين سنه خصوصا بالنظر الى تاريخ الولادات بينهما لكن الشريف الرضي عندما اخذ عن ان جنّي العلم وقال الشعر فان هذا استاذه وشرح قصيده الشريف الرضي وبين ما فيها من الجهات البلاغية والمجازات والاستعارات وفنون الكلام هو لأنه يرى ان القارئ العادي والانسان العادي ما راح ينتبه الى كل هذه المعاني وهذه اللفتات هو الاستاذ شرح كتاب و شرح قصيده التلميذ العادة بالعكس ان التلميذ يشرح ما كان من الاستاذ هذه الحالة فيها انعكست وهذا يبين من جهة تواضع الاستاذ ومن جهة تفوق التلميذ الشريف.
الرضي رضوان الله تعالى عليه كان عنده عدد كبير من الأساتذة تتلمذ على أيديهم ، ينقل ان احد اساتذته وهو الطبري المالكي- مالكي بعضهم يقول ان المالكي هي نسبه الى القبيلة والبعض الاخر يقول لا هي نسبه الى المذهب - وما كان في ذلك الوقت شيء غير طبيعي ان احد علماء الشيعة يدرس على سائر المذاهب . لكن لماذا ؟؟ لانه يريد ان يأخذ المذهب من اصحابه ثم يناقشهم ، هو لا يعتمد على ما نقل الاخرين ، بل هو يأتي ويسمع من علماء المذهب علمهم وفقههم ثم يناقشهم هكذا تتالت العلماء على هذا النهج بعد الشريف الرضي كالعلامة الحلي و الشهيد الثاني وغيرهم، هؤلاء كانوا يأخذون علم الفقه من افواه اصحاب المذهب نفسه فيقول بعض العلماء ان هذا الطبري المالكي فعلا هو مالكي المذهب وقد اخذ عنه شريف الرضي كما هي طريقه علماء الشيعة من انهم يأخذون علم المذاهب الاخرى من افواه علمائها واربابها لكي يكون فاهماً للمذهب عندما يناقش
ومن اساتذته رضوان الله تعالى عليه كما قلنا سابقا عثمان ابن جني الموصلي وكان قمة العربية في فنونها المختلفة من الصرف والنحو والبلاغة وايضا المرزباني وكان ايضا كذلك في تفوقه في اللغة ولكن اعظمهم في اثرا هو الشيخ المفيد محمد بن النعمان البغدادي رضوان الله تعالى عليه الذي ذكرنا شيئا من سيرته وحياته والذي توفي بعد وفاه الشريف الرضي ، الشريف الرضي توفى وعمره 47 سنه فالمفيد توفى سنة 413 والشيف توفى سنة 406 وبينهما فرق كبير في العمر ، اما عن سبب وفاته فهناك اراء مختلفة الان نحن لسنا في صدد تحقيقها ، فهذا اذا الامر الذي جعل الشريف الرضي بهذا المستوى من العلم والمعرفة انه اتخذ علماء فطاحل درس عليهم في مختلف الميادين والفنون يذكرون الى اكثر من عشره من العلماء الكبار الذين درس عليهم حتى انه درس على يد القاضي عبد الجبار المعتزلي لنفس الغرض الذي ذكرناه في طبري المالكي ذاك فقه يدرس عليه هذا يدرس عليه اراء المعتزلة عقائد فاذا أراد ان يناقشها فانه يناقش بكل اتقان، اضافه الى علماء الأمامية الذين اخذ منهم العلم وكما قلنا من ابرزهم كان الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه اثر هذا في الشريف الرضي في انه كما قلنا عُرف بالجانب الادبي والجانب اللغوي ولذلك تجد قسماً من كتبه -وهي ليست كثيره حوالي 20 كتاب في مقابل اخيه الشريف المرتضى 180 كتاب ففارق العمر لا يخفى بين هذا 80 سنه وهذا 47 سنه فعاده الانسان ينتج فيما بعد الاربعين الغالب بعدما تتكامل شخصيته - فكتبه التي خلفها غلب عليها هذا الجانب مثلا كتابه المجازات النبوية جاء الى احاديث النبي محمد الله صل على محمد وال محمد وانتخب منها ما فيه جهات بلاغيه وهي الاكثر لان النبي صلى الله عليه واله نقل عنه قوله انه انا افصح من نطق بالضاد ، وحتى لو لم ينقل هذا الحديث نحن نرى بلاغه امير المؤمنين عليه السلام ونعرف ان كل ما لدى امير المؤمنين عليه السلام هو من علم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله ، ومن خلال امير المؤمنين وعلمه وبلاغته نعرف مقدار علم رسول الله وبلاغته وفصاحته فكان ينتخب عدد من الروايات والاحاديث عن النبي والتي بها جانب مجازي جانب تشبيه جانب توصيف وامثال ذلك من الفنون البلاغية ، هناك بعض الاحاديث مباشرة مثل "خير الناس انفع للناس" لكن بعض الاحاديث فيها جهات بلاغيه فيها جهات لغويه فيها تشبيه مشبه به مشبه جهة التشبيه الى اي مدى مثل" مَثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الاعضاء بالسهر والحمى" لماذا من الأساس المتكلم يشبه؟ يشبّه حتى يُقَرّب الفكرة الى المستمع بشيء خارجي واضح ، فهنا انسان يعلم ان بدنه اذا أصيب بسخونه مثلا تراه يحل عليه شيء من الضعف قد يكون سنّ يؤلمه ولكن مع ذلك يسلبه الاستقرار يسلبه الحركة يصيبه وجع الراس ومن هذه الحرارة المرتفعة قد لا يستطيع ان يذهب من هنا وهناك ،تداع له هذه الصورة التي يراها كل احد في نفسه ينقلها النبي صلى الله عليه واله الى المجتمع المسلم والمجتمع المؤمن وانهم بمثابه الجسد الواحد فلا يقول احد اذا اصيب احد بانه لا يهمني ، فانت تتأثر بشكل من الاشكال بهذا المعنى او ينبغي ان تتأثر كمبدأ اخلاقي فعند كتاب المجازات النبوية وموضوع المجاز اساسا لو فهمه المسلمون في القران وفي الحديث لا تقوا شر التجسيم والتشبيه فهذا الموضوع يؤثر حتى في العقائد ، فكيف بهذا الذي عالجه الشريف المرتضى في كتاب اخر اسمه حقائق التأويل عن آيات التنزيل تأويل للآيات اللي تحتاج الى تأويل و توضيح مثلا اذا كنا نقول ان القران لا مجاز فيه اذن لا يحتاج الى تاويل ذاك الوقت ينتهي الامر الى ما ذهب اليه المجسمة والمشبه فيصير يد الله فوق ايدييهم ، و يوم يكشف عن ساق يقولوا انه ساق كهذه الساق الموجودة عند الانسان ، ويبقى وجه ربك يبقى هذا الوجه حتى لو بقية الاشياء ذهبت ، هذا الوجه ما هو !! يبقى هذا كله فرع عن عدم الايمان بالمجاز في النصوص الدينية وعدم الايمان بلزوم التأويل في النصوص القرآنية . الشريف الرضي رضوان الله تعالى عليه جاء وقال : يوجد احاديث نبويه بها مجازات واساساً طريقه العرب في الكلام جمالها بلاغتها فصاحتها هي في المجاز هي في التشبيه هي في التوصيف هي في التحلية
اما اذا لم يكن فيه مجاز فسيقول الشاعرمثلا:
الارض ارض والسماء سماء والماء ماء والهواء هواء
فما هذا الشعر ، لا يوجد فيه روح ولا صفه ولا صوره . اما عندما يزين الشعر بالصور المجازية والاوصاف ذاك الوقت انت تتمايل اعطافك معه لحسنه وجوده، الا ترى انك عندما تسمع بعض الشعر فانه يريك الشيء بأحسن من حقيقته مائة مرة، جميعكم رأيتم النياق والأباعر وغيرها فانك عندما تشاهدها لا تجد الجمال الذي ذكره شعراء العرب حين وصفوها بالمجازات حتى انك تتخيل انه يصورهم بصور بديعة كامرأة حسناء وجميله ويصور شيء اخر كأنما يطير في الهواء وهو في حقيقته ليس هكذا من الصفات الحقيقية ، و الاحاديث والروايات انما جاءت على طبق هذا النظام الموجود عند العرب جاءت آيات القران على طِبق ما هو متداول من اللغة لو خلِيَ الكلام العربي من هذه البلاغة والفصاحة ذاك الوقت فانه يصبح كالرياضيات يصبح معادلات . حسناً فالشريف الرضي قال كلمات رسول الله فصاحتها بلاغتها تألقها علوها انما لأجل هذه المجازات والصور ولابد ان نفهم ضمن ذلك المنطق القران الكريم ايضا فهو بنفس الأسلوب والشيء و الفرق حتى في العقائد يتبين عندما يجسم الاخرين ما جاء من صفات الله كقوله تعالى(يد الله فوق أيديهم ) وغير ذلك فالمقصود هيمنته وسيطرته وسلطته على ذلك فعندما نفهم هذا المعنى ففي ذلك الوقت يكون يد الله فوق ايديهم يعني معونه الله معهم وعطاءه لهم لا انه سبحانه عنده يد ويجعلها فوق ايادي هؤلاء، وكذلك وجه الله لم يراد به هذا الوجه الذي به انف وفم وعين والى اخره ، اما قوله تعالى (يوم يكشف عن ساق) فهذا استخدام موجود في اللغة العربية كنايه عن شده امر الحرب اذ يعني ان الجيوش التحمت التحام شديد يقولون كشفت الحرب عن ساقها الحرب ما لها ساق مثل ما قلنا وانما المقصود انه صارت فيها شدة عظيمة.
وعلى كل حال نعود للشريف الرضي فقد الَّف كتابين هما المجازات النبوية وحقائق التأويل عن آيات التنزيل وهما
في هذا الباب ومن ذلك ايضا في نفس الاتجاه جَمْعَه لنهج البلاغة لأمير المؤمنين عليه السلام هذا الكتاب هو ولد من كتاب اخر، الشريف الرضي رضوان الله تعالى عليه اراد ان يكتب في خصائص الائمه خصائص ائمه اهل البيت لكي يعرف الناس بها ،عرف الناس بهؤلاء الائمه وهذه من مسؤولياتنا في هذا الزمان فكل واحد منا مسؤول عن هذا واسهل شيء في هذه الدنيا الان هذا الذكاء الاصطناعي الذي يعطي معلومات من كل المخزون الموجود على الانترنت وينظمه في مثل لمح البصر فاذا كان هذا المخزون مثلا معاديا الى اهل البيت فانه سيعطيك معلومات مضادة لأهل البيت وينظمها ، اما اذا كان هذا المخزن مملوء بفضائل ومناقب اهل البيت عليهم السلام فانه سيجلب لك ما هو موالي لأهل البيت اما اذا كان نص بنص ستكون النتائج متعادلة ، نحن الشيعة الى الان لم نملئ الانترنت كمخزن بما ينبغي من سيره اهل البيت عليهم السلام هذا نقدر نسويه واحد يقدر ينفق يعطي لواحد ويجعله يضع الكتب الشيعية على الانترنت ويصرف له راتب حتى لو كان من الحق الشرعي بعد الاستئذان واي انسان عنده مبلغ من المال يستطيع عمل ذلك كذلك من لديه قدره تقنيه وعلى هذا المعدل وان شاء الله نتحدث عن هذا بشكل اكثر تفصيلا
فاراد الشريف الرضي ان يكتب خصائص الائمه فبدأ بأمير المؤمنين عليه السلام وكتابه خصائص امير المؤمنين من اروع الكتب في بيان فضيله علي بن ابي طالب عليه السلام أقرأوه ، و منه تعرض الى خطب الامام وكلماته وما فيها فتح له هذا باب ان كلام امير المؤمنين كبير جدا وكثير جدا ولكن هو محفوظ في الصدور او في بعض الكتب القديمة الخطيب ابن نباته اخطب خطباء العرب حتى انه قيل كيف انت عندك هذا التدفق اي باب تطرقه كأنما شلال ماء صافي فتلقي على الناس في اي موضوع ؟ من اين لك هذا؟ قال لقد حفظت 70 فصلا من خطب علي بن ابي طالب ففاضت في صدري ثم فاضت . هذا ليس من عندي انا وانما هي تعبئه من خطب امير المؤمنين 70 فصل ولكن في صدر ابن نباته عند ابي مخنف الازدي- مخنف يعني من كان في انفه ميل- كتب كتابه وهو مؤرخ ثبت معتمد عند الأمامية وعند كثير من غير الأمامية وضعفه بعض لأنه نقل ما لا يرضي هؤلاء البعض عنده كتاب الجمل وعنده كتاب صفين وعنده عن النهروان والخوارج ونقل في هذه الكتب خطب امير المؤمنين عليه السلام وغير هؤلاء لكن هذه الخطب هي اما في الكتب او في الصدور , فقام الشريف الرضي بجمع هذه الكتب كلها الرسائل و الاوامر والحكم كلها جمعها ورتبها بترتيب خاص .الخطب و ما شابهها جعلها في فصل ، الاوامر والكتب في فصل خاص وقصار الحكم في فصل خاص فجاء نهج البلاغة بهذه الطريقة التي هي بين ايدينا ولان مواضيعه مهمه جدا فقد تم تناقله بين الناس بشكل كبير .هذا بالنسبة الى اتباع بعض المذاهب واجد في حرج الخطبة الشقشقية تعرضنا لها في احدى ليالي مناسبات شهر رمضان في السنوات الماضية الخطبه الشقشقية والتي هي تشخيص بديع ورائع لما جرى بعد رسول الله لذلك قالوا انه هذا الكتاب نهج البلاغة صنعه و وضعه الشريف الرضي وليس لعلي بن ابي طالب ، عندما عرض هذا الكلام على بعض الائمه من غير شيعه اهل البيت قال لهم هذه الخطب وهذا الكلام اما قطعوا الشريف الرضي أربعين قطعة ما استطاع ان يأتي بواحده من هذا الكلام فهذا الكلام فوق مستوى الشريف الرضي وعشرات من امثاله مع انه كان سيد العربية لكن هذا كلام امير المؤمنين أي انه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، حاشى رسول الله محمد اللهم صل على محمد وال محمد
واشتهرت قصائده المختلفة فبعضها شرحها استاذه وبعضها سارت وسَرَت في غير الرثاء وفي غير قضايا الإمامة ونشرت من قبل مدرسه الخلفاء وعلمائهم كثيرا ، تجد ديوان الشريف الرضي مطبوع في اكثر من مكان استثنوا منه بعض ما في الحسين وبعض ما في الإمامة وما شابه ذلك وينشروه ، وفي بعض الأماكن اعتبروه منهج ادبي في الثانويات وكليات الادب واللغة ، كان للشريف الرضي شعر رائق وعظيم وقد ذكرنا شيئا من قصيدته اللاميه في بداية هذا المجلس ، انتم ترون توصيفه جثمان الحسين عندما خرت عليه السيوف يقول
كأن بيض المواضي وهي تنهبه نار تحكم في جسم من النور
أي ان جسم الحسين نوراني تحكمت فيه المواضي اي اسياف القوم وكأنها هي النار التي تتحكم في ذلك الجسم النوراني وامثال هذا البيت عنده كثيره جدا اللي تشير الى هذا المعنى
تهابه الوحش ان تدنو لمصرعه وقد اقام ثلاثا غير مقبور
ويسترسل في هذه الرائية التي هي من اروع ما رثي به الحسين واما مقصورته وهمزته فقد لا يخلو موسم من الحديث فيها وعنها وانشادها ونُقل انه كان يهرول في يوم عاشوراء الى قبر الحسين عليه السلام وهو يبكي على جده الحسين وينشد هذه القصيدة
كربلا لازلت كربا وبلاء ما ما لقي عندك آل المصطفى
كم على تربك لما صرعوا من دم سال ومن دمع جراى
وا صريعا عالج الموت بلا شد لحييه ولا مد ردا
قتلوه بعد علم منهم انه خامس اصحاب بالكسا
غسلوه بدم الطعن وما كفنوه غير بوغا الثرى
ميت تبكي له فاطمه وابوها وعلي ذو العلى
لو رسول الله يحيى بعده قعد اليوم عليه للعزى
جزر الاضاحي نسله وحسينا ثم ساقوا اهله سوق الاما