هكذا نكون لله حامدين
التاريخ: 11/10/2024 م
تعريف:

هكذا نكون لله حامدين

كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين

من الأذكار المستحبة والتي تتضاعف بعدد ما يقال فيها هذا الذكر (الحمد لله عدد ما خلق في السماء الحمد لله عدد ما خلق في الارض الحمد لله عدد ما خلق الله ما بين ذلك الحمد لله عدد ما هو خالق الى يوم القيامة ) وهكذا يستحب التسبيح بهذا النحو والتكبير والتهليل بهذا النحو ،وقد ذكرنا سابقا ان الذيل الذي يتبعه الانسان من الوصف او العدد عند الله سبحانه وتعالى يتضاعف أجر ومثوبة ، فهناك فرق بين أن يقول الانسان الحمد لله فيسكت او يقول الحمد لله عدد ما خلق الله في السماء ، الذكر الثاني يفترض عدد الثواب المترتب عليه هو بمقدار خلق الله ، واحصاء عدد الثواب يصعب على الانسان ولكنه لا يصعب على خالقه . كيف ينبغي أن نكون حامدين لله عز وجل؟ هناك بعض الطرق الخاطئة التي ينبغي أن يجتنبها الانسان المؤمن عندما يكون في مقام الحمد من ذلك عندما يعبر بلسانه عن الحمد لله ولكن حاله يعبر عن خلاف ذلك، بلسان الحال والوضع الذي يكون فيه الانسان وحركات وجهه والتفاتاته كل ذلك قد يعبر عن مقام التشكي والتبرم والتضجر ولكن مقام المقال واللسان يقول الحمد لله، مثلا حينما يسأل شخص عن صحته وأحواله فيجيب بقول الحمد لله ومن ثم يعدد الامراض التي المت به بطريقة تنم عن التشكي والتضجر، فلو التفت الانسان كأنه يتناقض . وأحيانا حينما يسأل التاجر عن وضعه المادي يرد بأن الاحوال جيدة وتجارته ممتازة فيمدح وضع السوق ويفتخر بنفسه بأنه تاجر شاطر ولا يلتفت لفضل الله على ما وفقه وأعطاه ، وقد يسأل وهو في وضع سيء لما اصابه من خسارة في تجارته فيقول الحمد لله مستورة فتكون اجابته تدل على التبرم وعدم الرضا لما اصابه من خسارة او ركود في وضعه المادي . والتشكي لو اراد الانسان أن يتشكى فليشتكي لله وليس أن يشتكي على الله ولا ينبغي أن يتضجر ويتبرم بما اصابه بل عليه أن يسأل الله تحسين حاله ويتذكر نعم الله عليه التي قد سلبت من غيره كالأمان وتوفر ما يحتاجه من مطعم ومشرب ، فليذكر الانسان ما هو فيه من نعمه فمجرد القدرة على التشكي هذه نعمه فهناك من لا يستطيع أن يتكلم بسبب المرض الشديد . حتى وقت الشدة من المفروض أن يشتكي الانسان شدته لله ويطلب ازالتها ويحمد الله على بقية نعم الله عليه فقد يكون في ازمة ماليه ولكنه بصحة جيدة ووضع أمن على نفسه وأهله فعلى الانسان ان يحمد الله على النعم التي لديه وفقدت عند غيره فهذه من الوسائل الجيدة في الحمد، فمن الخطأ بان يكون لسان الانسان ومقاله حامدا ومقامه وحركات بدنه تدل على التضجر وعدم الرضا . ومن الامور الشائعة ايضا مقالة الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، مع انها لا أصل لها في اي رواية لا عند الشيعة ولا عند السنة تشير أنها ترجع الى الرسول أو أحد المعصومين ، بل قيل ان اعرابيا قالها فأصبح الناس يقلدونه في مقالته، ذكرها ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح النهج حينما قال وفي القول المأثور الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ولم يذكر قول من وهل له أصل ومعنى صحيح او لا ،فهل فعلا إذا الله ساق لنا الله شيء من فقر أو مرض أو فاقة أن هذا يصنف في المكروهات ،او أن الله حكيم خبير وكلما ساق للإنسان شيء فهو خير له في تلك الفترة من حياته ونتيجته قد تكون خيرا فيما بعد فالله لا يسوق لعبده شر ومكروه ،بل الانسان المؤمن لا يكره قضاء الله تعالى عليه بل يسأله البركة فيه والخيرة فيه ،كما يرد في دعاء الامام الحسين عليه السلام في يوم عرفة يقول ( وخر لي في قضاءك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت ) أي تخير لي في قضاءك وأجعل استقبالي للأمور التي تصيبني بنحو لا اتمنى تقديمها او تأخيرها أو حدوث غيرها، فعلى المؤمن ان يقول يا رب أنا قابل بكل ما تجريه علي ويسأل الله ان يجعل نفسه قابله بما حدث وجرى عليه من تقديرات الله . مما ينقل من الروايات المهمة التي تفيد أن الامام الباقر عندما كان يتردد على جابر ابن عبد الله الانصاري كان يتردد عليه معلم ومصحح لما عنده وليس متعلم ولا راوي فهو أمام معصوم عليه السلام ، ولكن لمقام جابر فهو صحابي تجاوز 70 عاما تقريبا قضاها في خط رسول الله وأهل البيت عليهم السلام فكان يذهب اليه احترام له وكذلك لان غير مدرسة أهل البيت الذين لا يعترفون بحجية كلام الائمة بل يعتبروهم رواة فحينما يرون ان الامام ذهب الى جابر فيقولون ان سند الباقر للرسول متصل عبر جابر فالباقر يعلم جابر وهذا ما أخبره رسول الله بقوله يبقر العلم بقرا ففي الرواية أن الامام الباقر عليه السلام سأل جابر بن عبد الله الانصاري فقال له كيف أصبحت يا جابر ،فأجاب اصبحت والمرض أحب الي من الصحة ، والموت أحب الي من الحياة ، فهو قد وصل من العمر الى درجة لو كتب عليه الموت أفضل من بقاءه على قيد الحياة ، فقال له الامام حسب الرواية لكنا يا جابر لسنا كذلك ، أن قسم الله لنا الصحة قبلنا وأن وجه لنا المرض رضينا به ، وأن قسم لنا الموت قبلناه وأن قسم لنا الحياة قبلناها ، رضا بقضائك رضى الله رضانا اهل البيت فالشيء الذي يرتضيه لنا هو الشيء الذي نرتضيه) فلا ينبغي اقتراح على الله بتغيير ما كتبه الله او منعه . فقول الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه قول لا أصل له من الناحية الدينية، فمن المفروض حمد الله في السراء والضراء والرخاء والشدة . وهو معنى من المعاني الغير صحيحة فهو لا يعبر على فكرة الحمد لله على بلاءه ، ولا يعبر عن الحمد لله على الضراء والشدة ،فهذا من التعابير غير الحسنة للإنسان في حمده لله سبحانه وتعالى . ومن التعابير الحسنة لحمد الله وشكره فكما ينقل عن رسول الله أنه إذا بشر بشيء قال الحمد لله رب العالمين وإذا كان غير ذلك قال الحمد لله على كل حال . ومن الأمور التي تذكر كيف يكون الانسان في موقف الحمد لله عز وجل ، ان يتكلم الانسان مع الله تعالى مباشرة ، تارة الانسان يقرء الحمد في دعاء فيقول الحمد لله الاول قبل الانشاء والاخر بعد فناء الاشياء ، الحمد لله على جميع محامده كلها على جميع نعمه كلها ، الحمد لله الذي بعثني من مرقدي ولو شاء جعله سرمدا ، الحمد لله الذي احياني بعدما أماتني ، وغيرها من مقاطع الدعاء التي يرد فيها عبارات الحمد لله . يوجد مرحلة ألا يقرأ الدعاء كنص جامد المهم فيه التقيد بالكلمات والعبارات وقواعد اللغة العربية، بل أن يقرأ الدعاء بطريقة لا يوجد فيها تكلف او تحفظ فيفضي بما في نفسه من كرب وشدة او يمتن لله بما ستر عليه وبما أعطاه وانعم به عليه فيتكلم مع الله بأسلوب بسيط وغير متكلف، فحينما يتعود الانسان بهذا الاسلوب حين انفراده مع الله فيتعلم ان يعدد لله نعمه وعطاياه فيخاطب الله حامد شاكر لكل ما وهبه الله شخصيا مما لا يمكن احصاءه، هذه أحد الاساليب الجميلة لحمد الله تعالى فيعدد الانسان بينه وبين خالقه بلا تكلف ، ومناجيات الائمة مع الله سبحانه وتعالى اغلبها بهذه الطريقة . أمر أخر يترتب عليه اسلوب فيه حمد الله وشكره وهو السجود شكر لله ومن الامور المستحبة بعد الانتهاء من الصلاة وقبل الانصراف اداء سجدة الشكر والدعاء وطلب الحاجة فيها فحينها الله يقضي حاجته فهو طلب حاجته في اثناء اداء أفضل حالة عبادية . كما أن السجدة للشكر حينما تتجدد النعم على العبد من قبل الله سبحانه وتعالى مطلوبة من الانسان وينبغي على الانسان ان يعود نفسه على ذلك فكلما تجددت نعم الله عليه سجد شاركا على هذه النعمة الدائمة والمتجددة من قبل الله كوقت نزول الراتب الشهري للشخص فهذه نعمة كبيرة من قبل الله ، كان الامام زين العابدين عليه السلام كلما تذكر نعمة من نعم الله عليه خر ساجد . و الانسان يحتاج أن يحمد الله بهذه الطريقة على كل نعمة جديدة وهبها الله اليه كالمولود الجديد ورزق الله اياه ان رزقه ابن سالم معافى . وأمر أخر اجتناب المحارم هو شكر للنعم (وقل أعملوا آل داوود شكرا) كيف يعمل الانسان شكر وحمد، فمن يصرف ما رزقه الله من مال على ما حرم الله فهو ضد الشكر لله فالله رزقه خيرا ليصرفه في رضاه وليس في معصيته، بل المطلوب اجراء عبارة الشكر والحمد لله على اللسان بقراءة ادعية الحمد والثناء على الله والسجود شكرا لله والعمل بهذه النعمة عمل الشاكرين لله عز وجل فالمال يصرف في ما أحله الله وفيما يحبه الله ويرضاه ويجتنب صرفه فيما حرمه ونهى عنه . ومن الادعية المعروفة دعاء الجوشن والجوشن بمعنى الدرع وهو اثنان الكبير والصغير ودعاء الجوشن الكبير يرد فيه اسماء الله الحسنى وهي ألف كما ترد في الدعاء وهو من الادعية المستحب قراءتها في ليالي القدر في رمضان ، اما الدعاء الاخر فهو دعاء الجوشن الصغير الذي ينبغي قراءته في أي وقت وفيه تذكير بالنعم وشكر الله عليها وهذا الدعاء يتضمن 19 مقطع وفي كل مقطع يبدئ بإلهي كم من ففي المقطع الاول يقول ( إلهي كم من عدو امتطى علي سيف عداوته وأرهف لي شبي مديته ، فلك الحمد من مقتدرا لا يغلب وذي أناة لا يعجل صلي على محمد وآل محمد وأجعلني لنعمائك من الذاكرين ولآلائك من الشاكرين ) فيشرح أن هناك عدو للإنسان دفع الله شره عنه ويشكر الله على ذلك ،19 مقطع يذكر خلالها شرور دفعت عن الانسان بفضل الله . حينما يقرأ الانسان مثل هذا الدعاء بتفكر وتأمل يرى أن هناك حالات بين الناس تعيش في مأسي ومصاعب وهو معافى منها وغير مبتلى بها ليس بقدرته وقوته بل بفضل الله فهناك من دفع عنه ذلك البلاء، ويترتب على ذلك شكر الله وحمده على ذلك، وينبغي على من يقع في ضيق ومشكلة او تحل به مصيبة مادية او معنوية أن يقرأ هذا الدعاء سيجد في نفسه راحة كبيرة وعظيمة
مرات العرض: 4097
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 86666.29 KB
تشغيل:

لا حول ولا قوة الا بالله في معناها الواسع
البرنامج الالهي لحياة فاطمة الزهراء عليها السلام