11- هل هناك يد للغيب في المرجعية
كتاب الفاضل د.الخميس
قال الله العظيم في كتابه الكريم بسم الله الرحمن: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) صدق الله العلي العظيم.
حديثنا بإذن الله تعالى يتناول الإجابة على هذا السؤال:
- هل هناك يد للغيب في المرجعية الدينية الشيعية أو لا ؟
هل ان الامر في المرجعية الدينية الشيعية هو حالة كسائر الحالات القيادية في دنيا جماعة يتنافسون في ما بينهم فيصل احدهم باي طريق من الطرق ليكون رئيسا او قائدا او سلطانا او غير ذلك.هل هذه القضية هي هكذا او لا.
هناك ثلاث نظريات او ثلاثة أفكار يمكن ان تتولى الإجابة على هذا السؤال .
-الفكرة الأولى ولنصطلح عليها بالفكرة المادية ومقتضى هذه الفكرة ان المرجعية الدينية والوصول لهذا المنصب هو كسائر انحاء الوصول الى الزعامات هذا امر دنيوي يتنافس فيه اشخاص فيعيق هذا ذاك ويتقدم هذا ذاك ويعرقل هذا ذاك ويستخدم كل شخص في هذه الاثناء قوته قدرته أمواله أنصاره اعلامه حتى يصل الى مرتبة القيادة مثل ما هو الحال في الانتخابات السياسية مثل ما هو الحال في الجمعيات كيف يتقدم هذا المرشح على ذاك المرشح كيف يعقد تحالفات كيف يعيق ذاك الطرف وهنا أيضا (المرجعية الشيعية ) كما هو الحال في الأمثلة التي ضربناها. بل اكثر من هذا ربما يقول أصحاب هذه الفكرة احيانا تدخل ما يعبرون عنه و بهذا التصريح والصراحة المخابرات الدولية؟.
المخابرات الدولية في رأي أصحاب هذه الفكرة تتدخل لكي تقوي احد المتنافسين في المرجعية فتدعم هذا وتعيق ذاك وبتالي فإن الوصول الى منصب المرجعية الدينية في رأي هؤلاء هو كأي وصول سياسي او انتخابٍ ولا وجود فيه للمحرمات المهم ان يصل الانسان الى ذلك المكان.
هذه الفكر لا ريب انها غريبة جدا فإما هي لا تعرف الوضع المرجعي الشيعي او لا تعرف المجتمع الشيعي هي مسكونة غالبا بفكر أخرى وهي ان الكون هذا كله انما تديره المخابرات (أبو ناجي على حسب تعبيرهم ) هي التي تدير العمليات وهي التي تقدم هذا وهي التي تؤخر ذاك وتدعم من تريد. وهذا بالذات في المنطقة ذات النفوذ البريطاني يعني المحيط العراقي والإيراني ومنطقة الخليج عند قسم من هؤلاء هذه الفكرة فكرة بارز وواضحة. وأنبه هنا ان هذه الفكرة هي ترتبط بنحو من الارتباط وهي ان البريطانيين والإنجليز باستخدامهم الذكي للإعلام خلال عدة قرون كانوا فيها في هذه المنطقة اقنعوا الناس ان بريطانية كانت عظمى وباقية عظمى وسوف تبقى أيضا الى يوم القيامة عظمى وانها مسيطرة على كل شيء لو ان ثورين اشتبكا في صحراء السماواة فهذا انما بسبب المخابرات البريطانية ولو ان فحلين في صحراء لورستان في ايران اعتركا على ناقة فإنما هو من تحريك الانجليز وللأسف حول البريطانيون انفسهم عند قسم من الناس الى اله تتصرف في كل شيء. عند قسم من الناس الى الان الدنيا هي لعبة بيد هؤلاء هم يحركون وهم يسكنون هم يسقطون وهم يقيمون كل شيء بيدهم ؟ طبعا هذا الامر في بعض درجاته اذا يلتفت الانسان له هو من اظهر انحاء الشرك بالله عز وجل لكن قسم من الناس لا يلتفتون الى هذا. نعم هذه الدول لها قوة وقدرة ولكن قدرتها الحقيقة وقوتها انما هي في تصديقنا نحن، نحن صدقنا ان بيدهم كل شيء. المجتمعات المسلمة صدق بعضها ان هؤلاء إذا أرادوا شيئا لابد ان يحصل واذا رفضوا شيئا لابد ان يحصل قوتهم الحقيقية في هذا والا فقد دخلت الامة في كثير من الأحيان في معارك عسكرية هزموا البريطانيين وفي معارك سياسية هزموهم ايضا. بل في بعضهم كما في الهند أناس مجردون حفاة وهم هزموها اين هي نقطة القوة والقدرة عند هؤلاء؟ بل هي في تصديقنا انهم على كل شيء قديرون. لماذا اذا تجد في القرآن الكريم دائما يأكد( أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) عند قسم من الناس لا هذا المستعمر على كل شيء قدير وهذا اذا التفت الانسان اليه يخالف خلوص توحيده لله عز وجل.
الان تقدر تجي لمثل هؤلاء الأشخاص الذين يقولون ان الزعامات الدينية بريطانية هي التي أتت بها اعطتهم أموال! لكن هل هي أيضا اعطتهم العلوم علم الفقه والأصول والبحث الخارج الى اخره على الأقل هذا لابد ان يقدم بحث متقن محيط مستوعب حتى يصدقه منافسوه او على الأقل طلابه واصلا إذا ما عنده هذي الامكانية هذا خارج الترشيح نهائيا. مالم يكن له علم بالغ المرتبة القصوى من الاجتهاد هذا أصلا لا ينظر اليه. طيب هذا أيضا البريطانيون يعطونه إياه فهم الدين وعلم الرجال وعلم الأصول، علم الفقه، الكلام، النقاش، الجدال، والحوار، رد الإشكالات، بحث خارج يوميا على مدى خمسين او أربعين سنة هل البريطانيون يعطونه إياه؟ هل هم قادرون على هذا الامر.
فهذه الفكرة من البؤس ما لا تستحق معه الرد لكن نجدها عند البعض الذين يريدون تشويه المرجعية الدينية الشيعية وأحيانا من داخل الطائفة للأسف الشديد. تجد مثل هذا التعبير المخابرات الأجنبية والاستعمار البريطاني الذي مثل كذا هذا لا ريب انه شيء باطل بلا كلام هذي الفكرة الأولى.
-الفكرة الثانية لا تقبل الفكرة الأولى انما تقبل شيئا اخر وهي ما يمكن ان نسميه بالفكرة الاجتماعية.
الفكرة الاجتماعية يعني ان المرجعية الدينية كسائر المناصب القيادية تحتاج الى مؤهلات شخصية من العلم والكفاءة العملية والورع وأيضا تحتاج لها الى حسن إدارة المعركة يعني مثلا احد منهم في اعلى درجات العلم والورع لكن ما عنده قدرة على عمل اعلام لنفسه ما عنده قدرة على عقد تحالفات ما عنده قراءة اجتماعية للمجتمع الشيعي لا ينجح هذا في ان يصبح مرجعا من المراجع الكبار فبالإضافة للمؤهلات الشخصية يحتاج الى قدرات في إدارة موضوعه المرجعي. يحتاج الى إدارة الاعلام بشكل جيد ان يدير التحالفات بشكل جيد ان يعقد صداقات مع الحوزات والوكلاء الى اخره. هذه الفكرة لا تقبل فكرة ان هناك جهات خارجية اجنبية او صراعات خالية من القيم والمبادئ او الاعتماد على المخابرات او غير ذلك وانما تقول بالإضافة الى امر الكفاءة الشخصية التي عنده يحتاج الى طريقة إدارة لصعوده الى سدة المرجعية يحتاج ان يكون فاهم (كما يقولون من اين تؤكل الكتف). لكن هذه الفكرة لا تحتاج الى موضوع غيبي لا ربط لها بالأمر الغيب ليست مربوطة بتوفيق الله عز وجل بتدخله ليست مربوطة بأمر الامام المهدي وانما هي ضمن الحالات الاجتماعية.
هذه الفكرة فيها جانب صحيح وفيها جانب نقص. الجانب الصحيح هو ان المرجعية الدينية تحتاج الى مؤهلات شخصية عالية المستوى ان يعرف المرشح للمرجعية بالعلم وبالنظرات الاجتهادية وبالقدرة على الاستنباط بدرجته العالية وان يكون في الحوزات العلمية الى اخره. لكن فيها جهة نقص وهي جهة الغيب هل هناك يد للغيب في هذا الموقع والمنصب او لا توجد. وهذا الجانب ما تتكفل به النظرية الثالثة او الفكرة الثالثة وهي التي تؤمن في بمدخليه الغيب في أمر المرجعية الدينية.
-الفكرة الثالثة نعم تقول ان المرجعية الدينية تحتاج الى كل تلك المؤهلات لكن هناك لبنة أخيرة أساسية لا يصل البناء الى كماله ولا المرجعية الدينية الى موقعها الا بعد ان تكون يد التوفيق الغيبي ويد المدد الإلهي من قائم آل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) مالم تكن هذه لبنة الأخيرة لا يمكن ان تتشكل المرجعية الدينية لاسيما العليا والعامة في الطائفة لشخص. فالمرجعية الدينية لا يصنعها الاغراب لا تصنعها القوى الكبرى لا تؤثر فيها الأموال وما شابه ذلك وإنما هي معتمد على مؤهلات شخصية عالية زائد توفيق ومدد الهي هذه هي الفكرة الثالثة.
هنا نسأل أصحاب النظرية الثالثة من اين لكم هذا الكلام؟
الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة منها الآية التي ذكرناها أول المجلس: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ). الله سبحانه وتعالى من جملة نعمه على البشر أن جعل لهم طرق الوصول اليه سالكة وأعانهم عليها. ليس فقط وضحها لهم وأرشدهم ليس فقط شق لهم شارعين لا بل قال (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) وفوق هذا ارسل أنبيائه وواتر رسله وكان خاتمهم سيد الأنبياء محمد (اللهم صلي على محمد وال محمد) خلاه دليل يتحمل كل المشاكل حتى يأخذ كل واحد بيده ويجره الى طريق الهداية. وبذل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) الجهد الأكبر في هذا الى درجة أن الله تعالى قال له خفف على نفسك ما يحتاج الى هذا المقدار لا تقتل نفسك عليهم :( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا),( طه* مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى* إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى) لكن النبي صلى الله عليه واله كان كذلك وكان كما وصفه القرآن الكريم ( عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) يتأذى كثير لتعبكم و معاناتكم وحريص غاية الحرص على هدايتكم يتحمل أقصى أنواع التحمل من أجل أن تكونوا على هذا الصراط .
فالله أولا يصلي عليكم وملائكته ثانية والغرض ما هو؟ ليخرجكم من الظلمات الى النور هذي في المرتبة العالية ثم يرسل الرسل من مقاس خاص كرسول الله وبهذي الطريقة والحرص عليكم وأيضا ما يترك الطريق فارغ لكم فيقول رسول الله: إني تارك فيكم ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي ابدا. اثنتا عشر شخص قتلوا وسجنوا وأوذوا في الله لا بأس ذلك من أجل هداية الناس وإنقاذهم وإيصالهم الى طريق الله عز وجل. طيب هذا الذي يفعل كل هذا آخر الامر قيادة المسلمين كلهم التي يمكن ان يأتمروا بأمره رجل واحد يتركهم بهذا الشكل من دون هداية. فلا تنسجم كل تلك المقدمات مع هذه النتيجة. لا يمكن لله سبحانه وتعالى الذي صنع ذاك في البداية بعد ما تصير الامة مئات الاضعاف عما كانت يعني الان لو تحسب الامة الإسلامية بقياسها ايام الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف عشرات الاضعاف وربما مئات الاضعاف من حيث العدد. في ذلك الوقت يرسل لهم الأنبياء ويعين لهم الاوصياء ويتحملون ما يتحملون اما إذا صارت عشرة اضعاف او مئة ضعف اعدادهم يهملهم ويتركهم؟ هذا الشيء غير معقول ابدا. هذه أيضا قد يعرفها بعض العلماء في بعض اشكالها بقاعدة اللطف في علم الكلام. ان الله سبحانه وتعالى باللطف بعباده فقد قرب إليهم ما يوجههم الى الحق وابعدهم عما يوصلهم الى الباطل. طيب هذا فقط في زمان الرسول فقط او فقط في ازمنة الائمة، من بعدهم في زمان المرجعيات الى يومنا هذا ولعل الله يطيل الزمان الى الاف السنوات هل هؤلاء الله مهملهم! كلا.
فهذا أول نقطة يذكرها اتباع هذه الفكرة
الامر الثاني نحن نلاحظ ان امامنا الحجة المهدي عجل الله فرجه الشريف كما ورد في أكثر من توقيع وكما هي سيرته صلوات الله عليه من ذلك ما خرج فيما نقلوه من الشيخ المفيد قدس سره عن الأمام الحجة : إنّا غَيْرُ مُهْمِلِينَ لِمُراعاتِكُمْ، وَلا ناسِينَ لِذِكْرِكُمْ) نحن لسنا بتاركين لكم وغير غافلين عنكم وغير مهملين لشأنكم والا ( ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَنَزَلَ بِكُمُ اللَّأْواءُ، وَاصْطَلَمَكُمُ الْأعْداءُ) أنت يا من تتبع آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم لو تعلم حج المؤامرات والمكائد التي تحاك ضدك وضد منهجك مجرد تصورها تتحير طيب من الذي يدفع (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) من الذي يراقب ذلك و يدفع بطرقه الخاصة نحن نعتقد أن الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف له الدور الأكبر في الدفع عن المؤمنين وفي حماية هذه الطائفة وهو المسؤول عنها وهو قائدها الحقيقي نعم هو غائب لكن الله سبحانه وتعالى غائب هل غياب الله وعدم رؤيتنا لله هل كونه غيبا يمنع من تصرفه سبحانه وتعالى في خلقه. الغيبة والغياب والغيب لا يمنع من تصرف ذلك سوآءا كان خالقا او حتى مخلوقا. مثال بسيط على ذلك الان كثير من الدول من التي تديرها؟ يقولون المخابرات وماهي المخابرات حالة من الغيب والسرية والخفاء انت لا تعرف هؤلاء الذين يديرونها وهم يعملون ويشتغلون ويسمونهم بالدولة العميقة او الدولة الخفية في بعض الأماكن أين هي هذي الدولة الخفية أعطوني صورتها انما هي في حالة غيب هذي في الامر البشري فما ظنك في الامر غير البشري.
فيقول أصحاب هذه الفكرة أن الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف وهو القائد الحقيقي للأمة وخصوصا لأتباع منهج أبائه (عليهم السلام) لا يمكن أن يتركها هكذا. طيب إذا الامام لا يترك شيعته في أمورهم البسيطة الدنيوية هل يتركهم في أهم أمر وهي القيادة العامة لها وهي في أمر ديني في أن يعبدوا الله بشكل صحيح أو شكل خطأ. لنفترض أن المرجعية الدينية ستصير الى شخص منحرف مثلا على قول الفكرة الأولى الى شخص عينته جهات خارجية فهل الامام يقف متفرجا ولا يحرك ساكنا وهذه أمته وأمة جده صلى الله عليه واله وتراث ابائه وشجرة تضحيات أجداده هل يتركها بهذا الشكل وينته الامر. فأصحاب هذه الفكرة يقولون بعد لطف الله عز وجل وما صنع من ارساله الرسل وتعيينه وتنصيبه لأئمة الهدى صلوات الله عليهم كل ذلك بهدف حياشتهم الى الحق وابعادهم عن الباطل لا يمكن أن يصنع الله ذلك بهم فقط الى سنة 260 هجرية وينته الامر! وأما من جاء او يجئ بعد ذلك بمئات السنين لا حظ لهم ولا نصيب لهم ولا نعمة من الله لهم هذا غير ممكن. كذلك من فروع الاعتقاد بالإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف والاعتقاد بتصرفه وحركته وانه ليس مغلول اليد بل قوة الله معه سبحانه وتعالى. هذا الامام لا يمكن ان يترك المرجعية الدينية تسير في مسار باطل ولا سيما على مستوى المرجعية العليا والعامة فينحرف كل شيعة أهل البيت على أثر هذا الانحراف في القمة هذا امر الثاني يذكرونه.
الامر الثالث التجربة العملية من زمان غيبة الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف نحن تعرضنا في أوائل الأيام الى عرض سريع لبعض المرجعيات الدينية الكبرى تقريبا ثلاثة عشر مرجعية دينية كبرى. وغيرهم تجربة هؤلاء في طائفة كيف كانت؟ كانت باستمرار الشخص الأنسب ليس المناسب والشخص الاعلم وليس العالم والشخص الاكفأ والأقدر عادة والنتائج التي حققت ذكرنا أيضا في ليلتين متتاليتين حول ما حققته المرجعية الدينية طيب هذا خلال ألف ومئتين سنة تقريبا صدفة! . صدفة مثلا أن ابن ابي العقيل العماني يصير المرجعية العامة صدفة ان الشيخ الصدوق يصير هو المرجعية العامة هل هي صدفة فعلا ان يصير العلامة الحلي مرجعية العامة أو المقدس الأردبيلي؟ صدفة صاحب جامع المقاصد؟ صدفة هكذا! إذا كان كل هذه صدف فيا مرحبا خل يستمر العالم كله صدفة.
أو لا هناك رعاية وعناية تصدق هذه الفكرة وتعضد هذه النظرية والمرجعيات العامة المعروف من سيرتها انها لم تخطط بهذا المعنى الذي يذكره أصحاب الفريق الأول او الفريق الثاني بل إن قسما كبيرا منهم لم يكونوا يتوقعون أن تصل إليهم المرجعية أذكر على ذلك بعض الأمثلة القديمة الى قبل 150-200 سنة. ما نقل وذكرناه ذات مرة في شأن الشيخين الجواهري والانصاري رضوان الله عليهم. تلامذة الشيخ صاحب الجواهر ما كان احد يتوقع ان يعين او ان يشير الشيخ الجواهري الى الشيخ مرتضى الانصاري لأنه ليس من تلامذته وحسب تعبيرنا ليس من جماعته وما كان يعمل أصلا على هذا الأساس. وفي المجلس كلهم كانوا حاضرين والشيخ الانصاري ما كان موجود أصلا كان في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) يدعو لصاحب الجواهر وصاحب الجواهر أيضا لم يعرف هل هو موجود او لا او كان يدعوا له او لا ليس من أصحابه اصلا لكن مع ذلك ومع انه صاحب الجواهر كان عنده تلامذة اكفاء وأيضا أبناء أساتذة في الحوزة العلمية لكنه يشير الى هذا الشيخ شيخ مرتضى الذي لم يسعى للمرجعية أصلا ولم يكن له جماعة ولم يكن يعمل شيء لنفسه من هذا الباب أصلا. بعده الميرزا حسن الشيرازي الكبير صاحب نهضة التنباك ذكرنا أيضا من سيرته وهو أيضا صار مرجعية عامة في العراق وفي إيران وسائر أماكن الشيعة حين اجتمع عليه تلامذة استاذه الشيخ الانصاري بكى وقال يعلم الله عز وجل انني لم أفكر في هذه اللحظة ابدا انه يوم من الأيام انا اصير مرجع الطائفة ومرجعا للشيعة ومكان الشيخ مرتضى الانصاري (يعلم الله ذلك مني انني لم أفكر فيها ولم أذهب ورائها). طيب كيف وصلت اليه وهو ليست عنده جماعة ولا أجهزة إعلام وليس عنده تحالفات ولا عقد معاهدات او غير ذلك. ومثله أيضا من كان في صفه السيد محمد الفشاركي الأصفهاني. كان قريب المستوى من الميرزا الشيرازي الكبير. بعدما صارت المرجعية للميرزا جماعة أتوا اليه لاسيما من بلده من أصفهان حتى يطلبوا منه رسالته العملية ويقلدوه فرد عليهم انه لا يرضى ان يقلدني أحد وانا لست مستعدا لذلك فردوا عليه بانه اعلم وانه أفضل فقال لهم انه مال درس صحيح لكن بعد الميرزا الشيرازي هناك شيخ محمد تقي الشيرازي في النجف الاشرف الذي فيما بعد صار قائد ثورة العشرين وهو من حيث المرتبة إما بجنبه او دونه فكان يرشد اليه ويقول انا لا أفكر فيها أصلا. نقلنا أيضا فيما يرتبط بسيد البروجردي مع السيد أبو الحسن الاصفهاني رضوان الله عليهم وهما أبناء حلقة دراسية واحدة كلاهما تلامذة الاخوندا الخراساني رضوان الله تعالى عليه فلما جاء الى السيد البروجردي من ايران جماعة للرجوع اليه وتقليده قال لهم لا راية الإسلام السيد أبو الحسن الاصفهاني والكل لازم يروح ورائه هذا المنطق وامثاله وهو كثير جدا. حتى المرجعيات المعاصرة يعني في أطرافها او من بصفها اما بنفس المستوى او دون ذلك بقليل لكن ما يخطوها ويشير الى غيره.
هذه العملية من ان منطق ان هناك تأمر من قبل هذا او ذاك او تحالف من قبل ذلك انا أوعزه ان قسما من الناس لمى عاشوا الحياة السياسية المعاصرة ورأوا كيف تصير الانتخابات و تحالفات فلما قسم من الناس عاشوا هذه الحالات السياسية ولم يكونوا قادرين على فهم ماذا يعني ان واحد ثلاثين سنة (نقلنا عن الاخوند في ليلة مضت يقول انه ثلاثين سنة يقول انا الايدام مالي حرارة الخبز) هذا أي منطق يصبر ثلاثين سنة على هذا. السيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه كما نقل عنه بعض أبنائه يقول نحن أيام شباب والدي السيد الحكيم اكلنا المعتاد هكذا الظهر باجلا وبالليل مرقة الباجلاء وهذا ليس يوم او يومين بل الشيء التقليدي المعتاد يعني هذا يعيش كل حياته بهذه الطريقة ثلاثين او أربعين او خمسين سنة لأجل ان يدخل في تحالف؟ كيف يصبر على هذا الامر. أمثال هؤلاء انما يصبرون على مثل هذه الحياة الصعبة ايمانهم بان هذا المنهج الذي جاهد من أجله الأنبياء والائمة المعصومون يستحق هذا العناء ويستحق هذا الصبر. ومع ان بعضهم لا يصل للمرجعية لكن هو أيضا مرتاح من هذا المنهج. المرحوم المولى صالح المازندراني رضوان الله تعالى عليه شارح كتاب أصول الكافي من أفضل الشروح لكتاب الكافي للكليني. يقول انا حجة على كل طلاب العلم في الدنيا لمى كان عندي ما يمكن يصير أحد مثلي ابدا. يقول انا أولا بدأت في طلب العلم متأخرا جدا عمري ثلاثين سنة للتو أقراء الابجدية ونادرا ما ترا طالب علم عمره ثلاثين سنة لا يعرف الابجدية. ثانيا كنت فقيرا الى درجة التي انا كنت ساكن في المدرسة في الليل ما عندي قيمة سراج في الليل فكنت ادرس في سراج بيت الخلاء واقفا اقراء بساعات وفي النهار أيضا بالنسبة لنا طعامنا الأساسي الخبز وإذا نحصل اشوي زيت هذا بعد جيد. وهل هذا الذي يصبر ثلاثين سنة أربعين سنة يصبر على مثل هذا الامر المخابرات البريطانية مثلا تجهزه للمرجعية او على أساس يدخل في تحالف سياسي مع زيد وعمر. مثل هؤلاء الذين يتكلمون بهذا الشكل هم غرباء عن عالم الحوزات العلمية وعن عالم العلماء وجهودهم وعن عالم التشيع. انت كأحد المؤمنين لو تحتمل لو واحد في المئة ان هذا المرجع له ارتباط بدولة من الدول ما تروح له ولا تقلد له لو بذلوا لك الدنيا بجماتها والمرجعية الدينية عندنا في التشيع اختيارية ليست فرض كما بعض الأماكن عينته الدولة مفتي الديار ولازم الكل يتبعه عندنا لا لو كل البشر اجتمعوا على واحد وانا ليست عندي قناعة فيه أستطيع ان لا اقلده لا اجبار في ذلك. فهؤلاء الذين يتحدثون في هذا الاتجاه لاسيما أصحاب النظرية الأولى حقيقة لا يفهمون عالم العلماء لأنهم لم يجربوه ولم يدخلوه فيه حتى يشوفون المعاناة التي تكلمان عن بعضها في ليلة مضت وتستمر هذه وكم من العلماء الكثر الذين هم مئة في المئة مرشحون للمرجعية الدينية ككفاءة علمية وعملية لكن لا يتقدمون يكتفي بدرسه الى أخر عمره ولا يتقدم أصلا يرفض هذا. عندنا علماء في هذه الفترات من خمسين سنة مؤهل للمرجعية رشحه تلامذته أصروا عليه لكفاءته قال لهم لا انا ناذر نفسي الى تبليغ هذا المذهب ونشر هذه العلوم انا ليس جنبه هذا الامر اصلا وذلك الذي قال (انا والله لم يخطر على بالي انني في هذه) وبعضهم يبكي انه كيف صارت المرجعية له الى انه يقاله له انه واجب متعين عليك هؤلاء يعرفون ان مسؤولية الدين والإسلام تستحق هذا الامر.
أصحاب النظرية الثالثة في تقديرنا هم اقرب الى الصواب من النظريتين السابقتين ليس معنى هذا ان الله يتدخل غيبيا هكذا بلا مبررات لا لابد ان يكون هذا الشخص مؤهلا تأهيلا مناسبا بصفات لكن متتم وصوله الى هذا المنصب ليس بعيدا عن توفيق الله عز وجل وعن مباركة صاحب الزمان باعتباره انه هو امام هذه الطائفة بل هو إمام المسلمين المعني بشؤونها والمراقب لها والذي يقول لولا ان نحن نلاحظكم أموركم (وَلَوْلا ذَلِكَ لَنَزَلَ بِكُمُ اللَّأْواءُ، وَاصْطَلَمَكُمُ الْأعْداءُ) وصارت اموركم على غير ذلك.
هؤلاء يرون ان هذا الدين وهذه العقائد هذه الاحكام تستحق كل شيء لأنه قد ضحى من أجلها أعظم الأشخاص. رسول الله صلى الله عليه وال وسلم نقل عنه في الأثر (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت) ولو لم يكن لرسول لله اذا الا ما صنع ببنته الزهراء عليها السلام لكفى بذلك أذية حتى لو هو لم يصبه شيء مع علمه بما سيحصل على ابنته وعلى اسباطه وعلى احفاده وعلى ذريته وعترته. أي إيذاء اكثر من هذا (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) وإذ بالمسألة تنعكس تماما. تتبعوهم وحدا واحدا حتى قال قائلهم عندما اتى الحسين بولديه الرضيع