شهادة الامام العسكري ، الوفد الشيعي
تحدث سماحة الشيخ في خطبة يوم الجمعة الموافق 9 ربيع الأول 1430 ، مشيرا إلى موضوعين :
الأول : يرتبط بمناسبة شهادة الامام الحسن العسكري عليه السلام .
والثاني : يرتبط بالوفد الاجتماعي الذي ذهب للرياض لمتابعة قضية أحداث البقيع .
في الأول : أشار سماحة الشيخ إلى المقولة المعروفة أن الإمام لا يجهزه إلا إمام ، والمعصوم كذلك .. والسؤال الذي يسأل في مثل هذه الأيام : أنه إذا كان الذي جهز الامام العسكري هو ابنه المهدي عجل الله تعالى فرجه ، فمن يجهز الامام المهدي ؟
وأجاب على ذلك : بأن هذه القضية إنما هي إشارة وقرينة من جملة قرائن وإشارات معينة للإمام التالي ( الحي الذي يجهز الميت ) .. وذلك أنه قد يحصل كون المعصوم في ظرف استثنائي خاص لا يكون من المناسب أن يشير بوضوح إلى الامام التالي وفي وقت مبكر ، فيبين عددا من القرائن ، مثل ( من يطالب بالهميان ، أو من يعطيك الأجوبة ، أو من يجهز الامام السابق .. وهكذا ) . فهذه القرينة إنما تهدف لبيان وتعريف الامام التالي ، وليست ناظرة بوجه إلى الامام السابق .. فإذا تم هذا فنحن لا نحتاج إلى أي تعريف أو قرينة على من يكون بعد الامام الحجة المهدي ! لعلمنا بعدم وجود إمام بعده !
وفي الموضوع الثاني : أشار سماحة الشيخ إلى الوفد الشيعي الذي تشكل على خلفية أحداث البقيع ، وقال إننا لا نريد الحديث في تفاصيل هذه الرحلة أو الوفد ، ولكن نريد الاشارة إلى عدد من الدروس والعبر المستفادة :
* الصورة الايجابية للوفد واجتماعهم من مختلف التوجهات والتيارات .. وشعورهم كأنهم على قلب واحد ، فإنهم كانوا من توجهات فكرية ، وسياسية متعددة .. ومن مناطق مختلفة : القطيف والأحساء والمدينة .. وكان الجامع الذي يجمع بينهم هو محاولة تحقيق مصلحة الطائفة .
والجامع في الهم الوطني ولأجل تحقيق المصلحة العامة هو الجامع الصحيح ، وأما الاتفاق في الأفكار والآراء سواء في النظر إلى القضايا الفكرية أو التاريخية ، أو السياسية ، فليس جامعا ولا يمكن أن يكون كذلك ..
لقد رأينا بعض الدول على ما بينها من التفاوت والتباين بل التعادي ، تجمعها مصلحة معينة فتتناسي خلافاتها المتعددة وتتعاون في ذلك الظرف الخاص مع احتفاظ كل منها بمواقفها الأخرى ، ولكن لا محل للخلط ، مثال : إيران وأمريكا في أفغانستان ، حيث أشارت الخارجية الأمريكية اليوم إلى أنها بصدد التعاون مع إيران في تحقيق الأمن والاستقرار في أفغانستان ، وبريطانيا اليوم حين تريد التخاطب مع الجناح السياسي لحزب الله في لبنان ، والدول الأوربية الأخرى وسعيها للتعاطي مع حماس في قضية إعمار غزة .
إن ما بين إيران وأمريكا من المسافة السياسية ، والفكرية في مختلف المواضيع كبير جدا ، ولكن حصلت لهم مصلحة مشتركة في العراق قادتهم إلى التنسيق والتعاون ، ونفس تلك المصلحة تسوقهم إلى التنسيق في موضوع أفغانستان .. وهكذا الحال بالنسبة للأمثلة الباقية .
* من المهم أن يتم التعقل في الأفعال وردود الأفعال ، فإن المظلوم قد يحسب بسبب سوء أدائه ظالما ، والمعتدى عليه قد يحسب بسبب المبالغة في الرد معتديا ..
من هنا فمن المهم أن يوثق الانسان مظلوميته وأن يعرضها على العالم بشكل صحيح وسليم ..إن تسجيل المؤمنين للأحداث وكيف جرت عن طريق كاميرات الجوال ، وعرضها على شبكات الانترنت أظهرت أن ما بثته الفئة المتطرفة من محاولة الشيعة اقتحام البقيع في غير الأوقات المعينة ، أو أنهم أرادوا نبش القبور لم يكن غير كذبة مفضوحة .
* من اللازم التفكير في التوصيل والتواصل الدائم مع الجهات الرسمية ، لقضاء حاجات الناس ، فإن من السهل على أي شخص أن ينتقد أو أن يدعو إلى المقاطعة ، وغير ذلك .. مادام لا يحتاج هو شخصيا وهذا من حق أي شخص أن يبدي رأيه ، ولا سيما إذا كان في مأمن ( مثلما شتم الديك الثعلب وهو على سطح الدار ، فقال له الثعلب لست أنت من يشتمني وإنما مكانك هو الشاتم ! ) ولكن ماذا عن حاجات الناس ؟ وماذا عن الواقع الذي يحتاج إلى مبادرات ؟ وقد يختار شخص الطريق الأول ، وآخر الطريق الثاني ولكن ليس من حق أي من الطرفين التهجم على الآخر .. واتهامه ! غاية ما يستطيعه أن يخطّئ طريقة عمله وأن يقدم البديل الجيد باعتقاده !