فاطمة والسر المستودع
بمناسبة ذكرى ميلاد الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام ، نتحدث حول ألفاظ التوسل المعروف على الألسنة
إلهي بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ..
والكلام فيه في عدة نقاط :
هل هو مسند عن المعصومين ؟
ونشير هنا إلى أن الأدعية هي على قسمين : ما يكون مسندا بطريق معتبر إلى واحد ـ أو أكثر ـ من المعصومين عليهم السلام .. كما هو الحال في الصحيفة السجادية ، أو بعض الأدعية كدعاء كميل .. وغيره .
والثاني : ما لا نعرف له سندا معتبرا إلى أحد المعصومين .. ويظهر أن هذا الدعاء ( أو التوسل ) هو من هذا القسم .
فإنه وإن ذكر أستاذنا آية الله العظمى الوحيد الخراساني ، في بعض محاضراته عنه ، أنه ( حديث شريف ) إلا أننا لم نعثر على ما يثبت هذا الأمر .. بل قد ذكر صاحب كتاب الأسرار الفاطمية - الشيخ محمد فاضل المسعودي في كتابه المذكور - ص 25 عنه أنه :
رواه مؤلف الكتاب ( كتاب الزهراء بهجة قلب المصطفى ) الشيخ الهمداني بقوله : سمعت شيخي ومعتمدي آية الله المرحوم ملا علي المعصومي يقول في التوسل بالزهراء عليها السلام " إلهي بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها . . . " . وأيضا وجدنا هذا الدعاء ضمن الوصايا المهمة التي أوصى بها آية الله السيد المرعشي النجفي أبناءه بالمداومة على قراءته وبالخصوص ابنه الكبير حيث يقول : ( وأوصيه - أي ابنه الأكبر - بمداومة قراءة هذا الدعاء الشريف في قنوتات فرائضه . . . اللهم إني أسألك بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله . . . ".
ـ هل يجب أن يكون الدعاء مرويا برواية صحيحة عن أهل البيت ؟
الجواب : يكفي أن يكون مضمونه مضمونا صحيحا وأن لا يؤتى به بقصد الورود . نعم لو كان مرويا عنهم بطريق معتبر ، فإنه يختلف عن هذا في أنه يمكن الاستدلال به فقها ، والاعتماد على ألفاظه في إثبات شيء ونفي آخر ..
أما من حيث قراءته ، والطلب من الله سبحانه من خلاله ، فلا مانع من ذلك ، ولا يشترط في الدعاء لقراءته أن يكون واردا ـ بطريق معتبر ـ عن المعصوم ، فأنت تستطيع أن تؤلف دعاء وتقرأه . لكن لا بقصد أنه وارد عنهم .
مضمون التوسل موجود في غيره :
ـ من الواضح أن أصل التوسل بمن ذكر في الدعاء قد قامت عليه الأدلة النقلية المتواترة ، وأنه لا حاجة بعد ذلك للخوض في رجحانه وعدم الرجحان فضلا عن جوازه وعدم الجواز .
بل حتى في خصوص ألفاظه التي ربما اثارت تساؤلا من حيث تقدم اسم الصديقة فاطمة على أبيها وزوجها ، لكنه لا مانع منه بعدما ورد في ألفاظ أخر صدرت عن المعصومين بنفس الطريقة ، كما هو في حديث الكساء المروي من الفريقين : هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها .
في ما هو السر المستودع و هل يصح أن ندعو بشيء لا نعلم ما هو ؟
الجواب : أن الدعاء والتوسل بشيء غير معلوم تفصيلا للداعي ، كثير جدا ، ولو انسد هذا الباب لكان على المؤمن أن يترك كثيرا من الأدعية الواردة ، ففي دعاء السمات نحن نقرأ : ( اللهم إني أسألك بحق هذه الأسماء التي لا يعلم تفسيرها ولا تأويلها ولا ظاهرها ولا باطنها غيرك ) .
ونقرأ :اللهم إني أسالك بما برأت في سماواتك وأرضك .. ونقسم على الله سبحانه بذاته ، وباسمه الأعظم مع أن هذه الأشياء كلها هي غيب وسر ، ولا طريقة لنا إلى معرفتها .
ما هو هذا السر ؟
بداية نقول إن ما سيقال هنا لا يعدو كونه احتمالات يذكرها العلماء ، ولا يمكن الجزم بأنها هي ذلك السر .. نعم الذي نعلم هو أن امرأة لم يكن لها من العمر سوى 18 عاما ومع ذلك وصلت إلى مقام : سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وأنها ( روح رسول الله ) التي بين جنبيه ، وبضعة منه أي جزء من النبي مع ملاحظة أن أحكام الجزء هي أحكام الكل بحسب القاعدة .
هذا شيء استثنائي تماما .. وغير طبيعي ولا بد أن يكون هناك (سر مستودع ) فيها . فهل هو
ـ موقع فاطمة باعتبارها الحلقة الوسيطة بين النبوة والامامة . وهو موقع لم يتيسر لأحد من البشر ، حتى أمهات الأنبياء كمريم ابنة عمران .
ـ أو لكون ذرية النبي منحصرة من خلالها ، واستمرار وجوده من خلالها . حيث أنها الوحيدة التي بقيت بعد النبي من اولاده الذكور والاناث .
ـ أو لفضل نية اخلاص عرفه الله منها . كما ورد عن الحسين بن روح النوبختي في جوابه من سأله : لماذا كانت فاطمة بنت رسول الله فضلى بناته مع أنها لم تكن أكبرهن سنا ؟ قال : لفضل نية إخلاص عرفه الله منها .