لماذا يحدث الاحتيال ؟
لماذا يحدث الاحتيال ؟
متابعة للموضوع الاجتماعي الهام الذي بدأ به سماحة الشيخ منذ عدة أسابيع والذي يدور حول أهمية بناء علاقة سليمة بين الفرد والمجتمع ، تبتعد عن الاستغفال والمغبونية من جهة وعن الاحتيال من جهة أخرى ، تحدث سماحة الشيخ في خطبة الجمعة / 5 / 1428 عن الأسباب التي تدعو إلى الاحتيال ، وقد بدأ بكلمة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، والتي أشار فيها إلى أنه من الممكن أن يرى الانسان وجه الحيلة ، ولكنه يدع ذلك بعد القدرة عليها ، لأن دونها مانع من أمر الله ونهيه ، بينما ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين .. قال إن من الأسباب :
1/ ما هو سبب نظري ، ويرجع إلى خطأ في الرؤية ، حين يتصور البعض أن الاحتيال والوصول إلى النتائج من غير طريق مشروع ، هو نوع كياسة وفطنة وشطارة .. كما أشار الامام إلى ذلك في قوله ( ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر أهله الغدر كيسا ) بينما المفروض أنه بحسب الموازين ينبغي أن ينظر إليه على حقيقته وأنه غدر ، وجريمة ، وسرقة .. وإن تغيرت أساليبه لكن نتائجه واحدة !
إن البعض يظن وهو يمارس هذا الأمر أنه متميز عن غيره بأنه قد وصل إلى ما لم يصل إليه غيره من خلال ( الشطارة ، والذكاء ) فيسلب هذا المال ، ويسيطر على ذلك الموقع وهكذا بينما يقول الامام (عليه السلام) ، والواقع ، أن غيره أيضا يستطيع أن يهتدي إلى هذه الأشياء لكن التزامه الاخلاقي والديني يمنعه عنها
2/ ومن الأسباب ضعف الحالة الدينية والأخلاقية ، فإن هذا من الأمور التي يقاس بها التزام الانسان الديني والأخلاقي ، قد لا تجد شخصا متدينا يستجيب لك في أمره بشرب الخمر أو الزنا أو السرقة المسلحة أو الواضحة ، ولكنه يرتكب بعض المحرمات من هذا النوع متغاضيا عن صفة الحرام والحلال فيها ، فإذا اصطدم ابنه بسيارة ولم يكن لديه تأمين ، ونسب ذلك الاصطدام إلى نفسه ـ حيث أن لديه تأمينا ـ فهذا نوع من أنواع السرقة من شركة التأمين التي يملكها مسلمون .وهكذا .. فهنا يمتحن قوة الانسان الأخلاقية والايمانية
3/ قد يكون من الأسباب المشجعة على سلوك طريق الاحتيال ، وجود السوق الرائجة لهذا النوع من الأعمال في المجتمع ، فقد يدعي بأن زيدا من الناس يملأ جيبه بأراضي الناس فماذا يضر لو أنه أخذ شيئا بسيطا من هنا وهناك مما يعد من الفتات ؟
والجواب إن سرقة الآخرين للجمل لا تبرر سرقتي للبيضة !
كما أن وجود مجالات يمكن التلاعب فيها والاحتيال على الوضع القانوني إذ لا يمكن التدقيق في كل قضية ، والتحقيق في كل ورقة ، يسهل على البعض سلوك هذا الطريق !
ونقول: إن وجود قوانين خاطئة بل وجود النظام السيء لا يبرر للفرد أن يكون جزءا من المشكلة ، فإن استطاع أن يكون جزءا من الحل وإلا فلا ينبغي ان يكون جزءا من المشكلة
4/ من الأسباب : ما يعتقده البعض من أن ( التحايل ) هو نوع من الاختصار للوصول إلى النتائج ..
والجواب: أن السير في هذا المشوار ينتهي إلى نتائج أشبه بالكارثة ، فإذا قام الطالب باختصار المسافة للوصول إلى نتيجة التفوق في الامتحان من خلال ( الغش ) فإن ذلك يدعوه إلى غير هذا الأمر ، فلماذا ينتظر طويلا ويصرف كثيرا لقضاء حاجته الجنسية دعه يعتدي أو يزني أو يختطف , ولماذا ينتظر طويلا لبناء الثروة من خلال العمل اليومي المرهق ، إن هناك طريقا أسهل للوصول إلى هذه النتيجة وهو السرقة !! وهكذا .. وأنت ترى أن هذا يفتح بابا واسعا من الشر والفساد الاجتماعي