حين ذهب الأئمة لزيارة الحسين ( الأربعين )
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 20/2/1439 هـ
تعريف:


حين ذهب الائمة "عليهم السلام" لزيارة الامام الحسين "عليه السلام"

كتابة الأخ الفاضل ايثار نصير / العراق

جاء في الخبر الصحيح "عن معاوية بن وهب قال : استأذنت على أبي عبد الله عليه السلام فقيل لي : أدخل فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول : " يا من خصنا بالكرامة وخصنا بالوصية ووعدنا الشفاعة وأعطانا علم ما مضى وما بقي وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا اغفر لي ولإخواني ولزوار قبر أبي [ عبد الله ] الحسين ( عليه السلام ) الذي أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم رغبة في برنا ورجاء لما عندك في صلتنا وسرورا أدخلوه على نبيك صلواتك عليه وآله ...... اللهم إن أعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا وخلافا منهم على من خالفنا فارحم تلك الوجوه التي قد غيرتها الشمس وارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبد الله (عليه السلام) وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم الصرخة التي كانت لنا ، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى نوافيهم على الحوض يوم العطش".([1])

        الحديث يتناول موضوع زيارة الامام الحسين "عليه السلام" وكيف كانت هذه مما قام به ائمة الهدى " عليهم السلام " وهي بمناسبة ذكرى اربعين الامام الحسين "عليه السلام" ، ذكرى عودة السبايا وركب الامام الحسين "عليه السلام" من الشام في العشرين من صفر سنة (61?) بعد رحلة مجهدة ومتعبة استغرقت اربعين يوماً .

مواقف الظالمين من زيارة سيد الشهداء "عليه السلام"

        في البداية لابد ان نشير الى دأب الظالمين واعداء اهل البيت "عليهم السلام" كان قائماً على اساس اضعاف هذه الزيارات ، بل نفي موضوعها قدر الامكان فهم ان استطاعوا التشكيك في اصل المرقد كما صنع بعضهم ، بقولهم : من قال ان الامام الحسين "عليه السلام" مدفون هنا ؟ وما الدليل على ذلك ؟ ، وان لم يستطيعوا التشكيك في اصل الموضوع جاءوا     فقالوا ان هذا الامر – زيارة الامام الحسين "عليه السلام" - غير سائغ من الناحية الشرعية ولايمكن ان يُشد الرحال او السفر الى هذه الاماكن ، فأن لم يستطيعوا من هذا ايضا وكانت لهم القدرة على المنع منعوا من ذلك ، بل حاولوا ازالة المرقد والقبر بالكامل ، وكما تعلمون ان قبر الامام الحسين "عليه السلام" تعرض خلال هذه المدة وهي اقل بقليل من (1400) من السنين الى محاولات التخريب خمسة عشر مرة منذ ان بُني المرقد الشريف اول مرة على يد محمد بن ابراهيم الاشتر ايام المختار الثقفي وظهوره على الكوفة ، عيَّن ابنه (ابن ابراهيم) حفيد مالك الاشتر عينه لكي يبني بناء من الجص والآجر وهو يُعد اول بناء ذا قبة وسقف منذ ذلك الوقت الى ايامنا كانت هناك (15) محاولة لازالة المرقد وهدمه وتجريفه ، واشتد ذلك في زمان العباسيين لاسيما ايام المتوكل العباسي حيث كانت هناك كما يذكر المؤرخون اربع مرات تم فيها تجريف وتخريب القبر المقدس والبناء الذي عليه وهذا غاية ما يصل اليه هؤلاء.

مواقف آل البيت "عليهم السلام" من زيارة سيد الشهداء "عليه السلام"

في المقابل نجد ان ائمة اهل البيت "عليهم السلام" واجهوا هذا الامر بعدة امور :
1.بيان الثواب الكثير والحسنات المترتبة على زيارة قبر الامام الحسين "عليه السلام" حتى تكاد تتعجب مما ترى من وعود الثواب والاجر والاخبار عن الله عز وجل وعن النبي "صلى الله عليه واله وسلم " في هذا الجانب .فهذا الكتاب يعني بذكر فضائل وميزات ومناقب وحسنات زيارة الامام الحسين "عليه السلام" وهكذا في كتاب (المزار) لمحمد بن جعفر المشهدي المتوفى بعد تقريبا 200 سنة من وفاة صاحب كامل الزيارات وايضا ذُكر فيه زيارات الامام الحسين عليه السلام والمعصومين ووعود الاجر والثواب في هذا المجال فحفزوا شيعتهم واتباعهم على هذا الامرى ببعض الالفاظ التي تبين شدة الاستحباب كما جاء في حديث للامام الصادق "عليه السلام انه قال لام سعيد الاحمسية قالت له نزوره قال بلى ان زيارته واجبة على الرجال والنساء ، بلفظ (واجبة) طبعا هنا العلماء لايُفتون بانها واجبة كالصلاة ، وانما بقرينة سائر الروايات يقولون انها في غاية الاستحباب او شدة الاستحباب او في بعض الظروف بل ان بعض الظروف ينقطع فيها زيارة الامام الحسين "عليه السلام" فمن تمكن آنئذٍ فلابد ان يذهب لزيارته.احيانا يُسأل هذا السؤال الناس التي تذهب لزيارة الامام الحسين "عليه السلام" تُرى هل الائمة قاموا بهذا العمل يعني هل ذهبوا الى الزيارة ؟ والجواب نعم . نورد بعض النماذج مما ذكره المؤورخون وارباب الاخبار والاحادث في هذا الجانب :
2.        على انه لو فرضنا وان كان هذا الفرض غير صحيح ان الامام لم يقم بالزيارة فهذا لايضر ابداً في بالمقدار الكبير من الاستحباب في الزيارة ، لان العلماء يقولون ان فعل الامام "عليه السلام" اقل في دلالته من اللفظ ، يعني الامام اذا ذهب الى مكان معين يُحتمل ان يكون واجب او مستحب او مباح ، واما اذا قال مثلا زيارة الامام واجبة فلا يوجد محل للكلام عن الاستحباب اما يكون واجب او مستحب ، فكلماتهم واحاديثهم ابلغ في الدلالة من افعالهم وهذا مقرر عندالعلماء لان اللفظ والكلام بين واضح جلي ، بخلاف الفعل الذي يحتمل عدة درجات بالاضافة الى ما ذكره الائمة عليهم السلام مما سبق ان قلناه من الاحاديث الكثيرة جدا والتي نقلها صاحب كتاب (كامل الزيارات) وصاحب كتاب (المزار) والعلامة المجلسي فيما بعد في (البحار) اضافة الى ذلك قام ائمة الهدى "عليهم السلام" بزيارة الامامين الامام امير المؤمنين عليه السلام و الامام الحسين "عليه السلام" وغالبا اذا زار احد الائمة الامام امير المؤمنين يزور ايضا الامام الحسين وبالعكس.
3.2- هم بانفسهم قاموا بزيارة الامام الحسين "عليه السلام" وزيارة ابيه امير المؤمنين "عليه السلام" باعتبار قرب المسافة بين النجف وكربلاء ، هذا مع ان مرقد امير المؤمنين "عليه السلام" على وجه الخصوص كان مخفياً الى حدود سنة 130-135? مع ذلك كان ائمة الهدى يذهبون لزيارته وزيارة الامام الحسين "عليه السلام" ويأمرون اصحابهم المقربين والمخلصين والثقاة بذلك .
4.وقد أُلفت في هذا الباب كتب كثيرة ، منها كتاب (الكامل في الزيارات ) لمحمد بن علي بن قولويه القمي من قدامى الاصحاب ومن تلامذة الشيخ الكليني (رضوان الله عليهما) ت367 هجرية ، (كتاب كامل الزيارات ) من الكتب المهمة وبعض العلماء يرى ان كل من يرد اسمه في هذا الكتاب يرى انه شخص موثق ، فلو فرضنا ان هناك شخصاً وشككنا انه ثقة ام لا فنذهب الى كتاب الكامل في الزيارات فاذا وجدنا اسمه في سند رواية فاننا نعتبره انسان ثقة ومقبول الحديث وهو مسلك عند عدد من علمائنا الكبار .
1.مافعله الامام السجاد عليه السلام بالاضافة الى زيارة الاربعين وهي التي حدثت بعد (40) يوما من استشهاد الامام الحسين "عليه السلام" وهو الرأي المحقق ، خلافا لما ذكره بعضهم انها وقعت بعد سنة كاملة ، تلك الاراء ليس عليها دليل واضح ، هناك دليل رشيق اشار اليه كثير من العلماء في هذا الجانب ولقد قام صاحب الموسوعة دائرة المعارف الحسينية وهي بالفعل دائرة معارف حسينية اذا احد اراد ان يتقرب الى الامام الحسين قربة استثنائية بدعمها ونشرها ومطالعتها والحث على قراءتها ، وهي (900) مجلد الى الان صدر منها (120) مجلد وهي خير ما يطالعه الادباء والخطباء والعلماء ، وحبذا لو ان كل حسينية تقتني نسخة لكي تُعمم الثقافة الحسينية .

المحقق الكرباسي تتبع بالمنازل منازلهم منزلا منزلا وبحساب الكيلومترات وتتبع ذهابهم من كربلاء الى الكوفة ومن الكوفة الى الشام ومن الشام الى كربلاء بخرائط دقيقة وبحساب الكيلومترات واضح وبتتبع قليل النظير، وما يُقال في سنة اخرى او انهم لم يأتوا يوم الاربعين الى كربلاء هذا لاينتهي الى تحقيق واضح فهذه اول زيارة زارها الامام زين العابدين عليه السلام وهي التي عليها العمل الان وقد ذكرها الشيخ الطوسي من القدماء والشيخ المفيد وغيرهم

غير هذا بعدما رجع الامام السجاد عليه السلام الى المدينة عندنا رواية نقلها سيد عبد الكريم بن طاووس رضوان الله عليه وهو استاذ العلامة الحلي ، العلامة الحلي الذي موقعه في المذهب احد المجددين العظام حتى بعض المسالك الفقهية تؤرخ بما قبل العلامة وما بعد العلامة وبعض المسالك الحديثية ما قبل العلامة وما بعد العلامة هكذا هو تأثيره في مدرسة اهل البيت الفقهية والرجالية والحديثية .

استاذه السيد عبد الكريم بن طاووس وكان له اثر مهم في ان العلامه يذكر ان ما ذكرته في كتابي هذا هو رشحة من رشحات استاذي السيد ابن طاووس ، وابن طاووس عنده كتاب اسمه (فرحة الغري في تعيين قبر امير المؤمنين علي "عليه السلام" ) في ذلك الكتاب يذكر رواية عن الامام الباقر "عليه السلام" يقول ان الامام زين العابدين "عليه السلام" لما رجع الى المدينة اعتزل الناس واتخذ بيت شعر اطراف المدينة اقرب الى البادية فكان يذهب لزيارة قبر ابيه الامام الحسين "عليه السلام" وجده امير المؤمنين "عليه السلام" من حيث لايشعر الناس ، فزاره مراراً وفي بعضها كان الامام الباقر "عليه السلام" معه الامام السجاد "عليه السلام" بعدما رجع من كربلاء بدأ يبلغ مدة من الزمان في المدينة ، وبعد ذلك كان يقيم في هذا البيت الذي اتخذه في حاشية المدينة وكان الغرض منه لكي يذهب لزيارة جده امير المؤمنين "عليه السلام" وكان لايزال قبر امير المؤمنين مخفياً خوفاً من الخوارج بل وبني امية ، بنو امية الذين نبشوا قبر زيد بن علي بن الحسين اخرجوا من قبره وقطعوا رأسه وصلبوه على جذع نخلة !! ، ليس لديهم مشكلة ان يفعلوا بقبر امير المؤمنين هذا الفعل ، والسلطة بيدهم ولا احد يقف بوجههم ، فضل قبر امير المؤمنين "عليه السلام" مخفياً الى زمان العباسيين.

قبر الامام الحسين كان اقل من هذه الجهة اي ليس بهذا المقدار من الخفاء الامام زين العابدين "عليه السلام" كان يخرج لزيارة القبرين قبر الامام الحسين وقبر امير المؤمنين عليها السلام ، فاذا كان بيته في وسط المدينة عندما يخرج مدة خمسة ايام او اسبوع او اكثر سوف يُلحظ خروجه ويراقب وسيُتابع من قبل اعداء اهل البيت ولم يكن يُريد ان يحدث هذا الامر فيحتاج الى مثل هكذا مكان عندما يخرج لايكون مراقبا ولا ملحوظا اتخذ بيتاً شعر حاشية المدينة اي وقت يخطر بباله يذهب للزيارة واي مدة للذهاب ولاياب كان يذهب لذلك وهذا اول توفيق للامام السجاد "عليه السلام" بعد زيارة الاربعين الى زيارة قبر جده امير المؤمنين وابيه الامام الحسين "عليهما السلام" وكان يخرج معه في هذه الاثناء ايضا ولده الامام الباقر "عليه السلام" فامامان من ائمة اهل البيت عليهم السلام يذهبان الى هذا المشوار وقد تكرر ذلك يقول صاحب فرحة الغري يقول : استمر على هذا بضع سنين ثلاث سنوات او اربع سنوات ثم بعد ذلك تغير الامر .
1.الامام الصادق "عليه السلام" كان في المدينة واستُدعي اكثر من مرة الى الكوفة ايام العباسيين ايام ابي العباس السفاح اول ايام استُدعي الامام الصادق "عليه السلام" ، ايام المنصور ايضاً استُدعي ، وفي احدى المرات بقي مدة سنتين متتاليتن مستمرة ، وقد نزل في منزل بني عبد القيس في الكوفة ، وان اسلاف اهالي القطيف والاحساء   هم بنو عبد القيس وقسم منهم جاء الى الكوفة واستقر فيها شرفهم الامام الصادق "عليه السلام" بان نزل عندهم في حيهم في الكوفة وبقي هذه الفترة مدة سنتين ، وفي السنتين درَّس العلم في الكوفة ، ولذلك عندما يأتي احد الرواة فيقول حدثني او سمعت من الشيوخ كلٌ يقول حدثني جعفر بن محمد هي في هذه الفترة فترة السنتين والا ان اهل الكوفة ليس كلهم ذهبوا الى الامام الصادق "عليه السلام" الى المدينة حتى يدرسوا عنده ، في هذه الفترة الامام الصادق "عليه السلام" ذهب مراراً كثيرة الى قبر الحسين وقبر امير المؤمنين عليهما السلام يكفيك ان صفوان الجمال وهو احد اصحاب الامام الصادق "عليه السلام" و الامام الكاظم "عليه السلام" وكان شغله جمال يُكري الجمال ، فمع صفوان الجمال ذهب كما يذكرون الى الزيارة تسع مرات دع عنك غير هذا لزيارة الامام الحسين وامير المؤمنين عليهما السلام ، وفي غير هذه الحالات ايضا ذهب يذكر احدهم ويسمى الحسين الطائي وهومن اتباع اهل البيت يقول : سمعت ان الامام الصادق "عليه السلام" قد خرج من الكوفة لزيارة الامام الحسين وامير المؤمنين وسمعت انه في اليوم الفلاني يعود فأخذت مقداراً من التمر الصريفاني ومعي قلة ماء بارد وقلت لغلامي خذها الى المكان الفلاني وانتظرني –المكان الذي يأتي اليه القادم بوابة الكوفة – فلما انتصف النهار وجدت رجلا قد اقبل ومعه غلام فعرفته انه الامام جعفر الصادق "عليه السلام" ، فقلت له : ياسيدي انا رجل من مواليك واحببت ان تكرمني بالاكل من زادي والشرب من هذا الماء البارد الذي احضرته اليك فنزل الامام عليه السلام كما يقول هذا الرجل وفرشت له البساط او غير ذلك فجلس واكل وشرب الماء وحمد الله عز وجل فسألته قلت له ياسيدي هذا القبر الذي جئت منه هو قبر الحسين عليه السلام ؟ قال: نعم ، ولو كان عندنا لاكثرنا من الذهاب اليه - المفروض انتم اهل الكوفة ان تكثروا الذهاب اليه - لو كان عندنا في المدينة لاكثرنا من زيارته اشرت الى الجهة الاخرى جهة قبر امير المؤمنين ، قلت فهذا القبر قبر اميرالمؤمنين قال : بلى ولو كان عندنا لاكثرنا المجيء اليه ففيه تحريض وتحفيز على مثل هذا الامر.   في حديث اخر صفوان يرى ان الامام الصادق "عليه السلام" يُكثر من زيارة قبر الامام الحسين "عليه السلام"   فيسأله الامام يا صفوان هل لك في زيارة قبر الامام الحسين "عليه السلام"   تذهب معي لزيارة الامام الحسين "عليه السلام"   فقال : صفوان وتزوره فقال الامام وكيف لا ازوره والملائكة تزوره والانبياء والاوصياء ومحمد افضل الانبياء يزوره .
2.ليس فقط هذا بل حتى المكان الذي ليس فيه جسد الامام الحسين "عليه السلام" ولا فيه رأس الامام الحسين "عليه السلام" كان الامام يقصده ، احدهم يقول: الامام "عليه السلام" خرج الى جهة النجف الذكوات البيض حسب الروايات ، فقام في موضع فصلى ركعتين ثم جاء الى موضع اخر فصلى ركعتين ثم ثالث فصلى ركعتين ، فسألته ما هذه المواضع الثلاثة التي صليت فيها؟ ، فقال "ع" : اما الاول فقبر جدي امير المؤمنين "ع" ، واما الثاني فموضع منبر القائم عجل الله فرجه الشريف ، واما الثالث فموضع رأس الحسين "عليه السلام"   ، الامام الحسين "عليه السلام" عندما أُخذ رأسه في الطريق صار في مكان من الاماكن وضع هناك لانه وضع في هذا المكان صار فيه مزيه وخاصية وهي زيارة هذا الموضع .
3.الامام الكاظم عليه السلام يذكر المؤرخون انه عندما أُفرج عنه في بغداد وكر راجعا الى المدينه مرَّ على امير المؤمنين ع وزاره وعلى الامام الحسين "عليه السلام"   وتعلمون ان الامام الكاظم عليه السلام لم يكن سجنه مرة واحدة بل كان على فترات يُسجن ويُفرج عنه ويؤمر بالبقاء في بغداد وفي بعضها الاخريسمح له بالرجوع الى المدينة في احدى هذه المرات التي سمحت له السلطة العباسية الرجوع الى المدينة مرَّ على كربلاء ومرَّ على النجف ويوجد الان مقام في كربلاء يُعرف بمقام الامام الكاظم "عليه السلام" الذي كان يجلس فيه للدعاء والزيارة في كربلاء   .
4.الامام الهادي "عليه السلام" ايضا نفس الكلام يُنقل عندما أُشخص من المدينة الى سامراء جعل طريقه على قبر امير المؤمنين وعلى الحسين "عليهما السلام" ومضى  

     بل ان بعض الباحثين يقول: من خلال قرائن معينة نستنتج ان كل امام من الائمة قد زار الامام الحسين "عليه السلام" ، اما علانية ونُقل خبره كما في هذه الروايات واما سراً لظروفه او ظروف القبر التي كانت ظروفا خانقة وشديدة .

     فاذا ائمتنا "عليهم السلام" كانوا يقومون بهذا الامر وعندما يذهب الزوار الى زيارة قبر الامام الحسين "عليه السلام" ، فانما هم يصلون رسول الله "صلى الله عليه واله وسلم " في ذلك ويلتزمون بأحاديث أئمتهم ويقتدون بسيرتهم ايضا ، لاحظوا الحديث الذي قدمنا في البداية ان الامام كان ساجد في مصلاه في ذلك المكان يدعو الله سبحانه وتعالى لزوار قبر الحسين "عليه السلام" نسأل الله ان يشركنا في زيارتهم وان يجعلنا من زوار الحسين

عندنا حتى بهذا المقدار اذا لم تستطع ان تذهب فاصعد على مرتفع ووجه وجهك ناحية كربلاءوقل السلام عليك ياابا عبد الله الحسين السلام عليك بابن رسول الله السلام عليك يابن فاطمة الزهراء وابن امير المؤمنين جعلنا الله معكم ورزقنا شفاعتكم  

        فنحن في وقت زيارة الاربعين هذه الزيارة المليونية التي لايوجد مثلها نظير فلاتجد تجمعا بشريا بهذه الصورة كماً وكيفاً وهذا يعطينا معنى انه لو توجهت الروح الحسينية والشعائر الحسينية الى مجال الخدمة الاجتماعية كيف تصنع المعجزات.

         هؤلاء البشر لو ذهبت لهم بعد شهر واحد مثلاً تجد هذا الانسان يحاسبك على الدينار والدرهم ، في وقت الزيارة تجده مستعد ان يفدي نفسه لاجلك ليس فقط يعطيك الاموال ، تلك الصور العجيبة التي ينقلها الزوارمن التواضع ذلك الدكتور صاحب الخبرات العظيمة واذا به يتحول الى خادم يدلك قدمي فقير او مزارع قد تعبت من اثر السير ذلك الطبيب نفسه بعد انتهاء الموسم يتحول الى حالة اخرى يلبس بزته ولايقدم الخدمة بهذا النحو لامن حيث المال ولامن حيث الجهد ولامن حيث العطاء ولامن حيث الاخلاص اي روح قذفها الامام الحسين "عليه السلام" في هؤلاء البشر اي اثر اثر فيهم كيف خلقهم في ارواحهم واخلاقهم من جديد وهذا يبين لنا كم ان هذه الشعائر وكم ان هذه الزيارات وكم ان هذه المراسم مؤثرة غاية التأثير في الناس لذلك نتعجب عندما نسمع البعض مثلا يأتي ويركز على هذه النقطة السلبية اوعلى تلك النقطة السلبية هل ان ملايين البشر بعطائها بانفاقها بفعلها الطيب والجيد بتضحيتها ، الحركة التي يتحركها البعض بعضهم خمسمئة كيلومتر ماذا يحركه هذا ؟ هل يحركه مال او شهرة او طعام او يحركه وجدان ديني وحماس حسيني لماذا لايُنظر الى مثل هذه الجهات لو تم الاستثمار في هذه الزيارات ، وهو يتم بحمد الله باشكال مختلفة ، ولكن الزيارة شيء اعظم بكثير ، مجال الاستثمار اعظم بكثير من هذا ، هذا المقدار الذي يتم الاستثمار فيها يغير النفوس ، اذا صارت حركة الكرم والانفاق والعطاء ، الانسان في سائر الايام تراه يحاسبك على درهم ودانق ولكنه هنا ما جمعه بعضهم طول السنة يأتي لكي يُجبرك على ان تأخذه واذا لم تأخذ منه يتأذى ويزعل منك ، وبعد انتهاء هذا الموسم الامر يرجع الى الحالة الطبيعية وهذا امر طبيعي كذلك في موسم الحج كذلك الانسان تزكو نفسه تتغير ذاته يخلص الى ربه ، واذاخلص موسم الحج تعود الحاله السابقة هذه الزيارات بهذه العظمه ينبغي تعظيمها اكرامها الحرص عليها ، ولايصح للانسان ان يلتفت الى صغائر الصغائر التي قد لاتصل الى واحد في المئة الف من الايجابيات والامور العظيمة ، هذا يبين لنا ايضا انه كيف المجتمعات المدنية عندما تتحرك في شيء تقتنع فيه كيف تستطيع ان تصنع الان لو أُريد هذا العمل الذي يقوم به عامة الناس لو اريد لحكومة ان تقوم به فلو صرف مئات المليارات لم يخرج الامر بهذا التوفيق الذي يحصل من وهذه طبيعة الاعمال التطوعية والمدنية لاسيما اذا كان دافعها الاخلاص والرغبة فيما عند الله عز وجل .

         فالسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين "عليه السلام" والحمد لله رب العالمين

([1]) الكافي ، الشيخ الكليني ، الوفاة : 329 ، تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري ، الطبعة : الثالثة ، سنة الطبع : 1367 ش ، المطبعة : حيدري ، الناشر : دار الكتب الإسلامية – طهران : 4/583.

 

مرات العرض: 3467
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2569) حجم الملف: 32525.04 KB
تشغيل:

أولاد الأئمة : رؤية جامعة
منافع الموسم الحسيني في الأمة