2 يوميات الحسين في كربلاء
التاريخ: 2/1/1439 هـ
تعريف: عندما نزل الامام الحسين ع في كربلاء ، قال :
ألا ترون الى الحق لا يُعمل به ، والى الباطل لا يُتناهى عنه ، فاليرغب المؤمن في لقاء الله مُحِقـّاً ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا بَرَماً .

سيكون الحديث عن يوميات الامام الحسين ع وعن اصحابه وعن الطرف المقابل في كربلاء بـِدءً من اليوم الحادي(الاول) من محرم سنة 61 هـ ، الى ما قبل الواقعة بيوم، وذلك على سبيل الايجاز والتركيز على اهم ما جرى خلال هذه الايام.


هذا الاستعراض بهذه الطريقة يُعِين الانسان على فهم بعض ما حصل في يوم واقعة كربلاء.


مِنَ الملاحظ على القادة الاساسيين في الجيش الاموي في واقعة كربلاء : كانوا في بدايات أعمارهم وهذا -غالباً- فيه اشارة لعدم الحكمة والخبرة في مثل هذه الاعمار.
فيزيد(قائدهم الاكبر وخليفتهم ) كان عمره 35 سنة ، وبالاضافة لهذا العمر المبكر لم يكن يحتوي على جانب علمي ولا جانب تهذيبي.
وعمر بن سعد بن ابي وقاص (قائد الجيش) كان عمره 38 سنة .
و عُبيدالله بن زياد كان عمره 28 سنة . وهو الذي ارسل رسالة الى عمر بن سعد وقال له فيها (
فإذا قتلت الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره ،
وقد علمت ان ذلك لايؤثـّر فيه ، ولكن لأمر في نفسي).
قوله هذا يدلّ على انه بعيد عن الحكمة وانه اخذته عرامة الشباب وحالة الحقد التي تسيطر عليه.


تم تجهيز جيش من 4000 رجل بقيادة عمر بن سعد ، لقمع حركة الديالمة في منطقة دشتبا ( او : دستبا ) بالقرب من الرّيّ في ايران ، على ان يتم تعيين عمر بن سعد والياً على الريّ إذا استردّها.


وعندما بدأت الحركة الحسينية ، وذهب مسلم بن عقيل ع الى الكوفة ، وايضاً صادف في اليوم الاول من المحرم وصول الاخبار بأن الامام الحسين ع خرج من منطقة زَرود متجهاً الى نينوى.
عندها ارسل يزيد الى سرجون الرومي (نصرانياً وبقي على دينه) وكان مستشاراً لمعاوية ايام حكمه ، فـ استشاره يزيد في الامر.
واشار سرجون على يزيد بأن يخلع النعمان بن بشير من ولاية الكوفة و يُولّي مكانه عبيدالله بن زياد (في الوقت الذي كان والياً على البصرة ) ، حيث كان عبيدالله بن زياد شرساً و فاتكاً. بينما النعمان بن بشير رجل كبير في السن ، ومن الانصار ، والانصار لم تكن لهم مواقف حادة من بني هاشم ، وابنته احدى زوجات المختار الثقفي ، وبعض توجهاته كانت متلائمة مع بني هاشم ، وفعلاً هذا ما حصل.
ولما عبيدالله بن زياد استولى على الكوفة استدعى عمر بن سعد ، وكلفه بقتال الامام الحسين ع. لكن عمر بن سعد حاول ان يتهرب من هذه المهمة ، وذلك لأن بينه وبين الامام الحسين نسباً ، وانه كان يعرف منزلة الامام الحسين من رسول الله ص ، فاعتذر من عبيدالله بن زياد وقال له بأنه مضطر ان يغادر الكوفة خلال ايام لقمع حركة الديالمة في الريّ ، وان هناك في الكوفة قادة كثيرون يستطيعون قتال الحسين ع.
ولكن عبيدالله بن زياد اصرّ عليه وقال له إن قاتلت الحسين فإن منطقة الري لك ، وإن لم تقاتله فليس لك شيء.
فطلب عمر بن سعد من ابن زياد ان يمهله 10 ايام ليراجع نفسه في الامر . ولكن ابن زياد قال له لك يوم واحد فقط .
تلك الليلة كانت مؤرّقة لعمر بن سعد ، واخذ يتقلب ويخير نفسه بين طمع الدنيا ونعيم الاخرة . وفي صبيحة اليوم التالي ذهب الى ابن زياد واخبره بأنه سيقاتل الحسين.
فأرسله ابن زياد الى كربلاء ومعه 4000 مقاتل لكي يضم جيش الحرّ الرياحي ومعه 1000 مقاتل الى جيشه ، وبذلك يكون الحر الرياحي تحت سيطرته.


في اليوم الثاني من محرم وصل الامام الحسين ع الى كربلاء ، ولما وصلها توقف فرس الامام الحسين ع ولم يتحرك ، فاستبدله وايضاً هذا الاخر لم يتحرك ، واستعلم الحسين ع عن اسم المنطقة ، وعددوا له اسماءها الى ان قالوا له ان اسمها كربلاء ، فقال هاهنا محط رحالنا ...الخ.

وتوقـُف الفرس مع تغييره في ذلك اشارة الى ان كربلاء اختيار إلهي ، فأورد فضيلة الشيخ عدة شواهد لتوقّف الحيوانات في احداث تاريخية . فمثلاً : توقف فيل ابرهة في عام الفيل ، وتوقف ناقة النبي ص في صلح الحديبية ، وتوقف ناقة النبي ص عند دخوله المدينة المنورة .


هنا عدة نقاط اشار اليها فضيلة الشيخ حول كربلاء :
1- ان مدينة كربلاء مدينة قديمة نظراً لورود ذكرها في قصص الانبياء ، فيظهر انها كانت عامرة بالناس في فترة من الفترات. وما يدل على ذلك هو ان النواويس احد اسماء كربلاء ، وكان النصارى يدفنون متواهم في النواويس.
2- تعدد اسماء كربلاء كـ (نينوى او النواويس .. الخ) انما هو في الاصل منطقة تسمى كربلاء ، ونينوى والنواويس وغيرها هي مناطق تبعد عنها بمسافة لاتكاد تُذكر فكل تلك المناطق يُطلق عليها اسم كربلاء.
3- معنى اسم كربلاء فيه اختلاف ، فمنهم من قال بأن معناها الارض النقية الرخوة ، ومنهم من قال ربما ان هذا الاسم لامعنى له في اللغة العربية ، فمادامت هي منطقة قديمة ربما سُمّيت هذا الاسم باللغة العبرية ( كرب إيل : أي حرم الإله) .


بعد ان حط الامام الحسين ع رحاله في كربلاء خطب فيهم ، ووزّع الرايات ، وأبقى راية لحبيب بن مظاهر رضوان الله عليه.


في اليوم الثالث من المحرم وصل عمر بن سعد الى كربلاء . ومع وصوله لكربلاء تلقى الامام الحسين ع رسالة من ابن زياد ، يدعوه فيها الى البيعة ليزيد بن معاوية .
الامام الحسين ع بعد ان قرأها ، ألقاها ، وقال لرسول ابن زياد ( ما له عندي من جواب ، لأنه ممن حقّت عليه كلمة العذاب ) .
ولما بلغ ابن زياد ما قاله الامام الحسين ع ، غضب غضباً شديداً .


وصل حبيب بن مظاهر الى كربلاء ، وقيل انه وصلها في اليوم الثالث.
وفي هذا اليوم بدأت المفاوضات بين الامام الحسين ع وبين عمر بن سعد (الى اليوم السابع) ، وغاية عمر ابن سعد من هذه المفاوضات هي ان يتهرب من قتل الحسين ع وان يحضى بولاية الري . فكان يرسل رسله الى الحسين ع ، ومن أولئك شخص اسمه كـُثيّر ، وكان شرساً ، ولما وصل لمعسكر الحسين ع تلقاه ابوثمامة الصائدي على باب المعسكر (فكان بمثابة حارس للامام ع ) ، وسأله عن سبب مجيئه ، فقال انه يريد مقابلة الحسين ع ، فأمره بأن يضع سيفه خارج المعسكر ، فرفض كُثير ذلك ، فردّه ابوثمامة ، ورجع كُثيّر الى عمر بن سعد .
ثم ارسل عمر بن سعد رجلاً من بني خزيمة ، وكان ألينُ جانباً من كُثيّر ، ولما وصل لمعسكر الحسين ع أمره ابوثمامة ان يطرح سيفه ، فطرحه ودخل على الامام ع وسلّم عليه ، وقال له بأن عمر بن سعد يريد ان يعرف سبب مجيئك الى هنا .
فقال له الامام ع بأن اهل الكوفة ارسلوا له يدعونه ، وأراه رسائلهم وكتبهم.
وتحاور قليلاً مع الامام ع ، فاستحسن كلام الامام الحسين واعلن انه مع الحسين ، وفعلاً ظلّ مع الحسين الى ان كتب الله له الشهادة.
ولما استبطأ عمر بن سعد رسوله ، ارسل رجلا آخر اسمه قـُرّة ابن قيس الحنظلي ، ولما وصل لمعسكر الحسين ع طرح سلاحه ودخل على الامام ع ، والامام ع وضّح له سبب قدومه ، ولما اراد ان ينصرف قال له حبيب ( وكان يعرفه ) أتذهب وتترك ابن بنت رسول الله ؟ وترجع الى بني امية ؟
فأجابه قُرة : سأذهب وسأفكر في الامر. فذهب ولم يرجع ، وفاتته نصرة الامام الحسين ع.
ثم تكررت له الفرصة لنصرة الحسين ع في اليوم العاشر وفرّط فيها ، حيث كان كان الحر يفكر في امره ، وسأله هل تريد ان تهجم ، فقال له الحر بل اني أخيّر نفسي بين الجنة والنار ، ثم ذهب الحر لمعسكر الحسين ، وبقي قرّة في معسكر الامويين. ولما أستشهد الحر قال قرّة لو ان الحر اخبره بأنه ذاهب لينصر الحسين لذهب معه !!!


في ليلة الخامس طلب عمر بن سعد ان يلتقي بالامام ع ، وخرج له الامام الحسين ع .
وقيل ان عدد لقاءات الامام ع مع عمر بن سعد كان عددها 3 لقاءات.
في هذه اللقاءات ومن خلالها اراد الحسين ع ان يُرجع عمر ابن سعد الى رشده ، وكان ابن سعد يتعلل بخوفه من ان يهدموا بيته ، او ان يأخذوا منه ضيعته ...الخ. فغلبت عليه شهوة الدنيا.


في هذه الاثناء ابن زياد لازال يُحشّد في الكوفة، وخطب الجمعة في الناس ، وحذّرهم وهددهم بأن من لم يخرج لقتال الحسين سيتعرض للعقوبة . فحشدهم وارسلهم لعمر بن سعد الى ان بلغ عدد الجيش 30 الفاً.

ومن الذين استدعاهم عبيدالله ابن زياد للقتال هو شبث بن ربعي ( وكان مؤذن سجاح التي ادّعت النبوة في عهد الخليفة الاول ) وكان عمره تقريباً 70 سنة في كربلاء ، ومع كِبر سنّه إلا ان ابن زياد اجبره للانضمام لجيش ابن سعد.

ولمعرفة المزيد عن شبث بن ربعي وشخصيته المتعثرة والمتناقضة ( الدقيقة 47:45) من هذه المحاضرة.


زوّر عمر بن سعد أمراً على الامام الحسين ع ، فبعد آخر لقاء له بالامام ع ، كتب الى ابن زياد بأن الحسين سيأتي للكوفة لمبايعة يزيد على ان يتولى ولاية اي منطقة يشاءها يزيد.
ولما وصلت الرسالة لابن زياد ، كان الشمر لايزال في الكوفة (على رواية ) ، وكان طامعاً في قيادة الجيش الاموي . أصرّ على ابن زياد ان يقتل الحسين ، وأن لا يأبهَ لكلام ابن سعد ، واقترح عليه ان يأمر ابن سعد بأن يقطع مفاوضاته مع الحسين ، وأن يشدد عليه .
فأرسل ابن زياد رسالة مع الشمر الى ابن سعد وأمره فيها ان يشدد على الحسين وان يمنعه من الماء ، وهدده بأنه اذا لم يستجب له فإنه سيعزله من قيادة الجيش ويُؤمّر عليهم شمر بن ذي الجوشن. وكان ذلك في اليوم السابع.
وعندما قرأ ابن سعد الرسالة ، نظر الى الشمر . فسأله الشمر عن موقفه . فقال ابن سعد بأنه لن يتخلى عن قيادة الجيش وانه عازم على قتال الحسين .

فقطع مفاوضاته بالامام ع ، ووضع 500 شخص على النهر، يقودهم عمر بن الحجاج ، وبدأ بالتصعيد.
وفي اليوم التاسع ، بدأ ابن زياد بتحريك الجيش ...
مرات العرض: 3390
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2557) حجم الملف: 61977.52 KB
تشغيل:

1 مع الامام الحسين من مكة إلى كربلاء
3 تقليد الامامية لمراجع الدين .. من اين ؟