أسماء الله في دعاء الجوشن
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 5/9/1431 هـ
تعريف:

أسماء الله في دعاء الجوشن


كتابة الأخت الفاضلة صفاء  السعد

 بسم الله الرحمن الرحيم:
( قلِ ادعوا اللهَ أو ادعوا الرحمنَ أياًّ ما تدعوا فله الأسماءُ الحُسنى ولا تجهرْ بصلاتِكَ ولاتُخافتْ بها وابتغِ بين ذلك سبيلاً) ..

حديثنا يتناول جانبا من دعاء الجوشن الكبير , باعتبار أنه أحد منابع المعرفة فيما يتصل بأسماء الله تعالى وصفاته الحسنى . على سبيل المقدمة لابد أن نشير إلى أن هناك نظرتين للدعاء؛ الدعاء المروي والموجود بين أيدينا في الكتب ,قسم من الناس يرى أن الدعاء يُـنتج الثواب بمجرد قراءته والتلفظ به.
لذلك قد تراه مثلا مشغولا بأي شيء لكن لسانه يكرر مثلا دعاء كميل أوغير ذلك. وهذا يُثاب لاريب على التلفظ بهذه الأسماء وبهذه الأذكار , أو أن البعض يرى أن الدعاء هو مجرد حالة روحية رابطة بين الداعي وبين الله عز وجل. إذا أراد الداعي أن يبكي فليقرأ الدعاء . إذا أراد أن يعقد صلةً روحية فليقرأ الدعاء .ولاريب أن الأدعية تحقق هذا الأمر , غير أن هناك نظرة أشمل تَـعتبر أن الدعاء بالإضافة إلى كل ماسبق هو منبع من منابع المعرفة الدينية. وذلك أن معارفنا الدينية تارةً نستقيها من القرآن الكريم وآياته, وأخرى نستقيها من أحاديث وخطب المعصومين عليهم السلام أي المعبر عنها بالسنة على رأي الإمامية والمنبع الثالث والمصدر الثالث في معرفتنا الدينية هو الدعاء المروي عن المعصومين عليهم السلام. هذا النص المروي كدعاء إذا كان طريقه معتبراً فإنه من حيث شرعيته وحجيته وإلزامه يكون مثل الحديث الوارد , فيستدل به الفقيه ويستفيد منه المفسر وينتفع به المتكلم. بناء على هذا تبدو الأدعية الشريفة المروية عن المعصومين واحدة من المنابع المهمة للثقافة الدينية , سواء كانت عقائد أو كانت أخلاق أو كانت حتى في بحوث الإمامة بل أحيانا حتى في الفقه. مثلا وإن كان هذا البحث ليس مباشرة في صلب موضوعنا لكن إشارة إليه , مثلا من الفقهاء الذين استدلوا في بحث صلاة الجمعة على عدم جواز صلاة الجمعة في زمن الغيبة ,استدلوا بدعاءٍ عن المعصوم عليه السلام فيه أنه( اللهم إن هذا المقام , مقامُ خلفائك وأوليائك وقد ابتزهُ منهم أعداؤك)..في إشارة إلى هذه الصلاة الجامعة, فالدعاء مصدر ومنبع للمعرفة الدينية في مثل العقائد كما يلاحظ ذلك المتأمل في مثل دعاء الجوشن, ومر الاستشهاد به في دعاء الصباح : ( يامن دل على ذاته بذاته , وتنزه عن مجانسة مخلوقاته ) والبحث في طرق المعرفة لله عز وجل يعتمد فيها كثير من العلماء على ماجاء في دعاء عرفة للإمام  الحسين عليه السلام , وكذلك الحال في علم الأخلاق ومثله في علم الفقه أيضا, فإذن الدعاء مع التأمل فيه إذا كان مرويا عن المعصوم يمكن أن يكون مصدرا أساسيا في المعرفة الدينية. ولهذا عندما نقرأ الدعاء لايصح أن نكتفي بتلفظه , هذه درجة من الدرجات , مثل البحر تذهب إليه مرة تمسح يدك, النهر العذب مرة تذهب إليه تمسح يدك أو تشرب منه مقدارا ومرة ثالثة تغتسل منه أيضا, فرق بين أن تمسح يدك أو تشرب منه درجات , وبين أن تشرب منه أو تغتسل منه درجات, الدعاء أيضا فيه هذا المقدار من الدرجات. أن تتلفظ بألفاظه هناك درجة وفيها ثواب, أو تتأمل في عباراته هذه درجة أرقى وأرفع, أو أن تستحضر المعاني وتحاول أن تتأثر فيها هذا أيضا درجة أرقى من الدرجتين , بناء على ذلك ينبغي أن نتأمل غفي هذه الأدعية الشريفة عندما نتحدث وعندما نبحث عن أسماء الله عز وجل وصفاته. وقد ذكرنا أن هناك عددا من الأدعية الطريف أن أكثرها مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله بما فيها دعاء الجوشن. الأدعية التي فيها أسماء الله عز وجل وصفاته كثير منها مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله , مثلا دعاء المجير :( اللهم إني أسألك باسمك ياالله تباركت يارحمن أجرنا من النار يامجير , اللهم إني أسألك باسمك يارحيم تعاليت ياكريم أجرنا من النار يامجير ) وهكذا تأتي الأسماء متواترة واحدا بعد الآخر مائة وثلاثة وثمانون اسماً من أسماء الله عز وجل وهذا مروي عن النبي صلى الله عليه وآله . دعاء يستشير - من الأدعية الموجودة في مفاتيح الجنان ولعل أكثركم قد قرأ هذه الأدعية -أيضا مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله : ( الحمد لله الذي لاإله إلا هو الملك الحق المبين المدبر بلا وزير ولا خلق من عباده يستشير ) ومن هذه الكلمة جاء اسم الدعاء وفيه مائة وثلاثون اسم وصفة من أسماء وصفات الله عز وجل ودعاء المشلول كذلك ودعاء الصباح ودعاء الافتتاح ودعاء الإمام الحسين في عرفة وأدعية الصحيفة السجادية وهكذا , غير أن أغناها وأشملها وأجمعها الدعاء المعروف ب" دعاء الجوشن الكبير ". والجوشن معناه في الأصل الصدر ويُـطلق على الدرع الذي يلبسه المقاتل في الحرب ,فيقال :لبس الجوشن أي الدرع الذي يحميه عن الأسلحة. ويقال الكبير تمييزا له عن الجوشن الصغير وكلاهما موجودان في كتاب مفاتيح الجنان. ودعاء الجوشن الصغير مروي عن الإمام الكاظم ( ع) فيه تعداد لنعم الله على الإنسان , حتى لايقول أحدهم (شوف الناس تركض ورا الناس والأرنب يجري ورا الأرنب واحنا ماعندنا غير الحسرة), أنت تملك خيرا كثيراغير موجود لدى الغير لكنك غير منتبه إليه. وكان الإمام موسى بن جعفر يقرؤه عندما علم أن العباسيين يدبرون للقيادة, فكان يقرأ هذا الدعاء : ( إلهي كم من عدو انتضى علي سيف عداوته , وشحذ لي ظبة مديته – أي حد سيفه- , وداف لي قواتل سمومه – السموم القاتلة جهزها وأعدها - , وصوب نحوي صوائب سهامه , فنظرت ياربي إلى ضعفي وعجزي عن احتمال الفوادح والنوازل , فرحمتني ودفعت شره عني, فلك اللهم الحمد من قوي لايعجز , وذي أناة لايعجل ) ويستمر في هذا الدعاء..كم من أناس على شفا حفرة من الموت انتهت حياتهم أعطوا جواب نهائي وأنا لاأزال أتمتع بخير منك وعافية وصحة وسلامة فلك الحمد..إلهي كم من أناس مطاردين من الظالمين أو ممن هم في السجون ممن هم في كذا وكذا وأنا خالٍ من كل ذلك فلك الحمد , ويستمر على هذا.. إذا رأى شخص أن شكره قل , وقال :يارب أنا لاأملك شيء أو ماأعطيتني شيء والأبواب كلها مغلقة فليقرأ دعاء الجوشن الصغير..فله آثار كثيرة جدا..عندنا إلى جانبه دعاء الجوشن الكبير..ودعاء الجوشن الكبير هو تحفة إلهية كبيرة لرسول الله و أهداه الرسول لأمته بعدما علمه علي بن أبي طالب (ع). الرواية هكذا ينقلها الشيخ الكفعمي وهو واحد من العلماء الأقدمين من جبل عامل عنده كتب متعددة منها جَـنة الأمان أو جُـنة الأمان في الأدعية, ينقل الرواية عن الإمام السجاد عليه السلام عن أبيه الحسين عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : كان رسول الله (ص) في يوم أحد- غزوة أحد- . وكان في يوم غائظ شديد الحر وقد لبس رسول الله (ص) درعا ثقيلا عليه ألَّـمه , من جهة الحر الشديد , ومن جهة أخرى حرب , ومن جهة أخرى درعا ثقيلة" أي الجوشن"..فبينما هو كذلك وإذا بالأمين جبرائيل ينزل من السماء ويسلم على رسول الله ويقول: "يامحمد , العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ويخصك بالتحية والإكرام ويقول لك انزع عنك هذا الجوشن واقرأ هذا الدعاء فإنه أمان لك ولأمتك". هذا الدعاء له قيمة كبيرة. فعلم رسول الله الدعاء عليا, الإمام علي علمه الحسين عليه السلام وقال الحسين(ع): أمرني أبي أن أحفظه وأعلمه أهلي وأن أكتبه على كفنه.وفي الرواية في فضله وشأنه والرواية طويلة لكن فيها أنه من كتب على كفنه استحيى الله أن يعذبه بالنار ومن قرأه ثلاث مرات , لا بل مرة واحدة أدخله الله الجنة بفضله. ساعة واحدة يقرأ يدخل الجنة أو يكتب على كفنه يقيه الله النار كيف هذا؟ هناك  مثال عرفي: لو جاءك شخص وبدأ يثني عليك بعشرين صفة من صفاتك, "أنت إنسان كذا ابن كذا ومن العائلة كذا الكريمة و أنت إنسان مؤمن يؤمل منه الخير وأنت إنسان معروف بالبر  والمعروف وو..الخ  عشرون صفة وصفك بها..ثم قدم لك عشرين مرة طلب"أنه اعطني خمس ريالات"فقط ومرة ثانية يرسل لك رسالة يطلب منك نفس الطلب..بعد هذه العشرين صفة من الثناء وعشرين مرة من الطلب هل تعطيه أو لا؟ لاريب أنك تعطيه لأنك ترى أن المبلغ زهيد وقد توسل إليك عشرين مرة ..
فأنت في دعاء الجوشن الكبير أولا: تفعل مع الله أكثر من ذلك..حيث أنك تمدح الله عز وجل وتثني عليه بألف صفة , تمجده وتمدحه وتثني عليه وتكرمه بهذه الصفات التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها أولياؤه ألف مرة.
ثانيا: أن تقدم طلبا واحدا فقط مائة مرة وتستغيث به مائتي مرة والقضية عند الله تعالى أقل من خمس ريالات عندك , لأن إعطاء الجنة و الخلاص من النار بالنسبة إلى الله عز وجل لاشيء حيث أنه ماذا يفعل الله بعذابكم؟..وماذا يخسر أن يعطيك الجنة؟ ( يامن لاتزيده كثرة العطاء إلا جودا وكرما)فالله سبحانه وتعالى لاتنقص خزائنه..فأنت بعد ألف كلمة ثناء حمد ووصف تقدم له مائة طلب (خلصنا من النار يارب).
وتقدم له مائة طلب استغاثة , والاستغاثة تختلف عن النداء..فمثلا لو سقط أحدهم في البحر وهو لايستطيع السباحة ولا يوجد أحد بجانبه لإنقاذه فنجده يصرخ : الغوث! أو شخص أحاطت به النار من كل جهة ولايستطيع القفز للخلاص فيصرخ طالبا الغوث....فأنت  كذلك في دعاء الجوشن الكبير تستغيث الله تعالى مائتي مرة( الغوث الغوث خلصنا من النار يارب).تدفع عنه كل نقص على الأقل مائة مرة (سبحانك يالاإله إلا أنت) تدعو بأحسن مايُـدعى به..فكلمة (لاإله إلا أنت ) من أجمل وأفضل النداءات لله عز وجل.. فبعد ألف مدح وثناء وبعد مائتي استغاثة وبعد مائة خلصنا من النار , والله بالنسبة إليه (خلصنا من النار)أسهل من أن تعطي ريالا واحدا إلى محتاج , أترى أن الله تعالى يضن عليك ويبخل بمثل هذا الطلب؟حاشاه سبحانه فهو اللطيف الودود الرؤوف الحميد. أو أنك أشقى من إبليس الرجيم  وهذا غير معهود من إنسان مؤمن انتصب للدعاء وترك راحته ولهوه ولعبه وجاء لكي ينتصب لله عز وجل رافعا يديه إلى السماء.
وهذا مفاد قوله:" من كُـتب على كفنه استحيى الله يعذبه بالنار" , أو " من قرأه مرات أو من قرأه مرة أدخله الله الجنة بشرطها وشروطها ".. لاغرابة فيه أبدا , بل هو على مقتضى القاعدة..
فدعاء الجوشن الكبير فيه هذه المنزلة..يقول العلماء حول مسألة شرعية في استحباب الكتابة على الكفن: أنه يستحب أن يُـكتب على الكفن أسماء الله عز وجل أو الشهادتان أو مايُـذكر من هذه الأسماء المقدسة ولاسيما دعاء الجوشن الكبير. وعندنا في رواية أن الإمام الكاظم عليه السلام كُـفن بحضرة قد كُـتب عليها القرآن الكريم..قد يعترض البعض باعتباره ليس دليلا قاطعا كون أن من كفن الإمام الكاظم (ع) من العباسيين ولعل الإمام الرضا(ع)لم يكن قادرا على الممانعة والمدافعة في هذا الأمر .. وفي هذا نقول أن الإمام الصادق (ع) كتب على كفن ابنه اسماعيل: اسماعيل يشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
وعليه فقد نص علماؤنا في أبواب الميت والكفن يستحب أن يُـكتب مثل دعاء الجوشن الكبير نعم يلزم أن يكون مكتوبا في مكان لايحصل فيه هتك أو تنجيس فيكتب من طرف الرأس..وهنا احتاط العلماء في مثل هذا الأمر.
على أي حال , فهنا دعاء الجوشن الكبير يعد منبعا من منابع المعرفة في أسماء الله وصفاته..وله ميزات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر..وذكرنا أنه في الأدعية المروية مافيه كفاية لمن أراد أن يتأمل في صفات الله عز وجل.
إن من شرف هذا الدعاء أنه على مدى ألف اسم من الأسماء لم يُـذكر هناك أي طلب دنيوي أبدا..
بل كل المطالب جرت أخروية  محضة وهذا يرفع من شرف هذا الدعاء وقداسته..فنجد أن بعض الأدعية الشريفة عالية المضامين ولكنها تتضمن مطالب دنيوية كدعاء الإمام الحسين (ع)يوم عرفة , وهو دعاء شريف عالي المضمون لكنه يتضمن بعض المطالب الدنيوية" اللهم اجعل النور في بصري والبصيرة في ديني والإخلاص في عملي و اليقين في قلبي والصحة في بدني والسلامة في نفسي والسعة في رزقي.." فالدعاء بأن يُـحفظ في سمعه وبصره وأن يُـجعل الوارثَـين منه وأن يُـنصر على أعدائه وأن لايُـستبدل به غيره وهكذا غيره من المطالب الدنيوية..أيضا دعاء مكارم الأخلاق يُـعد من الأدعية الشريفة العالية وإن كان في المعنويات لكنها تُعد من المطالب الدنيوية:" بلغ بإيماني أكمل الإيمان واجعل يقيني أفضل اليقين وانتهِ بنيتي إلى أحسن النيات , اللهم لاتدع خصلة تُعاب مني إلا أصلحتها ولاأكرومة فيَّ ناقصة إلا أتممتها..,," إلى آخر الدعاء..
ولعل دعاء الجوشن الكبير هو الدعاء الوحيد بعظم حجمه  ومجمل تفصيله إلا أنه يخلو من المطالب الدنيوية..بل هو مطلب أخروي محض وبحت تمثلت في :" خلصنا من النار يارب"..في دعاء آخر :" اللهم إني أسألك حاجتي التي إن أعطيتنيها لن يضرني مامنعتني سواها , وإن منعتنيها لن ينفعني ماأعطيتني سواها , أسألك فكاك رقبتي من النار ".فكل هذا الدعاء يتركز لهذا الغرض..وهو من شرف الدعاء.
إن فيه نواحي أدبية وفيه نواحي معنوية نشير إلى بعضها من مبتدأ الدعاء :" اللهم إني أسألك باسمك ياالله يارحمن يارحيم ياكريم يامقيم ياعظيم ياقديم ياعليم ياحليم ياحكيم,سبحانك يالا إله إلا أنت الغوث الغوث خلصنا من النار يارب" وهنا لو تلاحظ الأسماء كلها مفردة.. فلو استمر الدعاء على هذا المعدل إلى آخر الدعاء قد يسأم الإنسان ويعتريه الملل وربما يغفل , لأن حالة التكرار على نفس النمط تجلب السأم والكسل والفتور..لذلك يغير في الحالة الثانية من الدعاء أتت على كلمتين – مضاف ومضاف إليه – " ياسيد السادات يامجيب الدعوات يارافع الدرجات ياولي الحسنات يامجيب الدعوات ياغافر الخطيئات...." ويستمر إلى أن يصل لقوله سبحانك يالا إله إلا أنت ..في الحالة الثالثة جاءت أسماء الله عز وجل وصفاته جملة أو شبه جملة:" يامن له العزة والجمال يامن له القدرة والكمال يامن له الملك والجلال يامن هو الكبير المتعال يامنشئ السحاب الثقال .." إلى آخر هذا المقطع,,تحولت هنا من الناحية اللغوية من مجرد اسم واحد أو مضاف ومضاف إليه من كلمتين إلى جملة وشبه جملة والغرض منها بالإضافة إلى البلاغة والتنويع , رفع السأم والملل من الداعي لو استمر على نمط واحد. ولما نأتي إلى المعاني نجد أيضا تنويع  في بعض الجمل وهي عبارة عن صفات للذات الإلهية, وبعضها صفات للفعل الإلهية:" اللهم إني أسألك باسمك ياكريم  ياقديم ياعظيم  ياحليم ياحكيم..." كلها صفات في الذات الإلهية لاتنفك عنه سبحانه وتعالى..
لكن في مكان آخر نذكر صفات الأفعال " ياخير الغافرين ياخير الذاكرين ياخير الناصرين ياخير الرازقين.." كلها صفات لفعل الله عز وجل.. فتارة يرزق وتارة يمنع رزقا وتارة يفتح وتارة أخرى يحجب فتحه .. وينصر حينا ويؤخر النصر حينا أخرى وهكذا,,وقسم منها صفات إيجابية ومرة أخرى صفات سلبية تنزيهية: " ياعزيزا لايُـضام " عندما تُـسبق بالنفي كما سبق ذكره وكما في " لايُـرام , لايفوت ,لايموت هذه كلها صفات جلالية تبدأ بالسلب والنفي وتنزيه الله عن أن يٌضام من أحد , أو عن أن يموت أو عن أن يفوت أو عن أن يغفل : " ياعزيزا لا يُضام  يالطيفا لا يُرام يا قيوما لا ينام يا دائما لا يفوت يا حيا لايموت ياملكا لايزول" ..هذه في صفات الله عز وجل..أحيا يتغير نمط الحديث إلى نمط وجداني, تخاطب الوجدان..فقد نجد شخصا أفرده الناس وأوحدوه و يحتاج من ينصره ..{ الدقيق36:34 غير واضحة}
يقول الملا هادي السبزوال وهو أحد شراح الدعاء في كتابه شرح الأسماء الحسنى فيما ذكره عن دعاء الجوشن الكبير: وجدت نفسي ترجع لهذا الدعاء بمناسبة أو غيرها, وأجزئه حتى أقرأه في القنوت أثناء الصلاة" ياحبيب من لاحبيب له , وياطبيب من لاطبيب له  "وكما يقال :وكل الصيد  في جوف الفرا..
فإذن تُعد مسؤوليتنا تجاه هذا الدعاء : أن ندأب على قراءته , نتأمل معانيه , نكرر النظر فيه , نحفظ مقاطعه والأهم من هذا وذاك: أن نعرف عالم المسلمين على هذا الكنز التوحيدي الرائع الذي لا يمتلكونه.
إنها لحقيقة كونه يُعتبر كنزا مجهولا من قبل المسلمين..وقد نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله فعلينا تحمل مسؤولية إيصاله إلى العلماء والوعاظ وإلى الدعاة..أحيانا نستمع لبعض الأدعية التي تُقرأ في الصلوات من غير مدرسة الإمامية سواء على بعض الفضائيات أو الإذاعة وقد صيغت بأسلوب ضعيف خال من المعاني ..
فلو رُجع لهذا المنهل التوحيدي الكامل .. و مافيه من انقطاع كامل مع الله عز وجل..لكان خيرا ..
أيضا هناك جانب آخر من مسؤوليتنا تكمن في نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي من غير التابعين للمدرسة الإمامية باعتباره موجودا في كتبهم المعتبرة..ولفظ الإشكاليات المذهبية والطائفية فهو يخلو من ذلك كله ..وتوجهه توجها توحيديا محض وهو مروي عن الرسول صلى الله عليه وآله ونقله عنه الإمام علي وأولاده الطاهرون عليهم سلام الله من بعده..فهناك من ينفتح له قلبه إذا أراد الله به خيرا.. حيث أن هذا الدعاء مؤثر جدا لأن معانيه نازلة من عند الله عز وجل على المصطفى محمد صلى الله عليه وآله..
نسأل الله تعالى أن يكرمنا بقراءته وفهمه واستحضار معانيه وأن يلقينا نتيجة من يقرؤه ومن يفهمه كما أُعيد في الدعاء..
ختام البحث نقول: هناك بعض الروايات عن أهل البيت عليهم السلام تقول: نحن الأسماء الحسنى.. فالذي قرأناه أن لله عز وجل تسع وتسعون اسما " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها "
فمامعنى ( نحن الأسماء الحسنى)؟..لهذا المسألة أكثر من جواب وقد ارتأينا جوابا جميلا للمرجع الديني السيد الخوئي أعلى الله مقامه في كتابه (البيان في تفسير القرآن) وهو كتاب قيم فيه علوم القرآن ,حيث أن سماحة المرجع قدس سره قد شرع في كتابة تفسير للقرآن الكريم ثم توقف بعد المقدمة وشيء من تفسير سورة الفاتحة. فيه إشارة لهذا المعنى حيث يقول: ما ورد في قولهم (نحن الأسماء الحسنى ):
ماهو الاسم؟ هو عبارة عن إشارة إلى الذات أو الشيء أو الشخص ومذكر بها ومستحضر بها..مثلا عندما تقول عبد الله فأنت تشير إلى هذا الشخص الذي تشير إليه..
والأسماء عندنا على قسمين: تدوينية أي من التدوين والكتابة .. وأسماء تكوينية أي من التكوين.. فالأسماء التدوينية مثل : الرحمن الرحيم السلام المؤمن فإذا قرأت الرحمن فإن أذاهننا تنتقل مباشرة إلى الله عز وجل5. إن مخلوقات الله عز وجل هي من آثاره ومن الإشارات إليه, فإذا رأيت مخلوقا تنتقل إلى الخالق وتتذكر الله عز وفي الحديث( ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله  وبعده ومعه) فهذا الموجود له موجد , فالشجرة لابد لها من غارس والكون أيضا لابد له من صانع ومحدِث فهذه الموجودة تذكرك أيضا بالموجد وتكوين الأشياء تذكرك بالمكون, وهي تتفاوت فيما بينها كلما كانت أقرب إلى الله وأعلى وخلقها أسمى دلت على الله أكثر من غيرها.. وسيد الكائنات وأعظمها هو محمد و آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.. فبالرغم من أن بقية الكائنات أيضا آيات وآثار لكنها ليست حسنى وليست الأعلى والأسمى وإنما هذا الخلق الأعلى الأفضل التي تشير إليه الأحاديث: " ياجابر أول ما خلق الله نور نبيك محمد "وبهذا يمكن أن توجه الروايات الواردة في قولهم "نحن الأسماء الحسنى" فهم مذكرون بالله عز وجل ومشيرون إليه, عندما تذكر النبي فإنك تذكر الله سبحانه وتعالى وتلتفت إليه , والأئمة كذلك سلام الله عليهم يذكرون بالنبي الأكرم,علي يذكر بالنبي صلى الله عليه وآله والحسين يذكر برسول الله لأنهم كتلة واحدة وصفوة واحدة وعترة واحدة فالإمام الحسين عليهم السلام يقول لهم: " فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم". فهو ابن النبي وبضعته وفلذة كبده بل أكثر من ذلك.. يأتي أحدهم إلى الإمام المعصوم يقول له:أوترك عندكم رسول الله شيئا من آثاره؟(عصاه مثلا أو ثوبه أو حذاؤه) بقصد التبرك بها ,فحسر الإمام عليه السلام عن يده وقال: ألم تك تدري أن روح محمد  كجثمانه في سبطه متجسد. كما أشار إليه الشاعر.. في واقعة كربلاء: لو التفت الفرسان أن الذي يُـداس تحت خيولهم ليس بجسد الحسين سلام الله عليه إنماهو جسد رسول الله صلى الله عليه وآله ..
ولو علمت تلك الخيول كأهلها  بأن الذي تحت السنابك أحمد
لثارت على فرسانها وتمردت عليهم كما ثأروا بها وتمردوا
ألم تك تدري أن روح محمد وجثمانه في سبطه متجسد
كل هذا الوجود الحسيني هو وجود رسول الله بل أكثرمن هذا..فالحسين كان خلاصة أهل الكساء في يوم عاشوراء,, فحياة أصحاب الكساء حياته وبيوم مصرعه جميعا صُـرِّعوا  وقد نقل هذا المعنى أرباب الخبر
يقول ما رأت العقيلة زينب عليها السلام رأس أخيها الحسين على الرمح مرفوعا ورأت جسده الشريف على الرمضاء مطروحا رفعت صوتها وصاحت: اليوم مات جدي رسول الله.


 

 

مرات العرض: 3741
المدة: 00:54:52
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2586) حجم الملف: 18.8 MB
تشغيل:

أسماء الله الحسنى
اسم الله الأعظم