نص الشريط
الصلاة عروج الارض للسماء
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 3/1/1432 هـ
تعريف:

الصلاة عروج الأرض إلى السماء

 

قال الله العظيم في كتابه الكريم (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) 41 الحج

معراج الأرض وأهلها إلى السماء الصلاة

حديثنا سيكون في أطراف الصلاة ولزوم إقامتها في المجتمع حيث هي معراجهم من الأرض للسماء.

فالآية المباركة من سورة الحج تتحدث عن شرط متى تحقق لزمت إقامة الصلاة ، ومن هنا يتبين أنه ليس المقصود بأنها الصلاة الفردية التي يقوم بها كل إنسان ، لأن الصلاة الفردية التي تجب على كل إنسان غير مشروطة بشرط.

الصلاة تجب على الإنسان المؤمن من غير شروط ، مكناهم أولم نمكنهم تجب عليهم الصلاة ، سواء كانوا حاكمين أومحكومين، كانوا غالبين أومغلوبين ،كانوا قادرين أومستضعفين يجب على الجميع أن يصلوا في كل الأحوال .

كذلك يتبين أن الآية المباركة لاتتحدث عن الصلاة الفردية التي يصليها الإنسان وإنما تتحدث عن إقامة الصلاة إما بالأمر بالمعروف أواستخدام السلطة التي لدى الإنسان والقدرة ونفوذ الأمر.

عندما نعرج على كربلاء وقضية الحسين  رغم كثرة حوادثها إلا أنها سجلت لنا ثلاث صلوات وكل منها تحمل معنىً مختلفا عن الأخرى.

سجلت لنا صلاة مشتركة بين جيش بني أمية بقيادة الحرالرياحي ومعسكر الإمام الحسين بقيادته  تلاقى الجيشان و حان وقت الصلاة نادى مؤذن الحسين، ( فقال الحسين  للحرّ : أتصلّي معنا ، أو تصلّي بأصحابك وأصلّي بأصحابي؟ قال الحرّ :بل نصلّي جميعا بصلاتك ، فتقدم الحسين ، فصلى بهم جميعا) الأخبار الطوال - الدينوري - الصفحة ٢٤٩

كان الجميع مختلفين لكن حصلت صلاة موحدة وبإمامة الحسين ، فصلى بالفريقين ،في ذلك المكان، وهذه الصلاة سجلها ودونها التأريخ في ذلك المكان ، لما لها من أبعاد مختلفة سياسية ودينية دنيوية و أخروية .

والصلاة الأخرى هي صلاة الحسين  بأصحابه فقط منفردين في يوم العاشر من محرم ظهراً.

نجد قبلها أنه في ليلة العاشر من محرم أمر الإمام الحسين  أخاه العباس أن يطلب من الجيش الأموي تأخير المعركة من ليلة عاشوراء إلى يومها وذلك للتفرغ للعبادة والصلاة والدعاء والإستغفار.

فقد ذكر العلامة المجلسي أن الإمام الحسين ، قال لأخيه العباس  يوم التاسع من المحرم: (ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخرهم إلى غد، وتدفعهم عنا العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني كنت قد أحب الصلاة له، وتلاوة كتابه، وكثرة الدعاء والاستغفار) بحار الأنوار ج44، ص392.

ونجده في ظهر العاشر من محرم يطلب من أنصاره أن يطلبوا من أعدائهم التوقف لأداء الصلاة بعد أن ذكر أبو ثمامة الصائدي وقتها فأجابه الحسين ودعا له.لقد أحب أن يلقى ربه وهو قد صلى صلاته الأخيرة خلف سيّد شباب أهل الجنّة ، ففدّى الإمام بنفسه وجعل من بدنه درعاً ليقي الإمام من سهام العدو إلى أن أتمّ  صلاته ، فقد طلب منه أن يتقدم للصلاة، فقال له عليه السلام: ( ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا أول وقتها). تأريخ الطبري ٣: ٣٢٦، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي ٢: ١٧، وليس فيه الذاكرين، بحار الأنوار ٤٥: ٢١، العوالم ١٧: ٢٦٧، أعيان الشيعة ١: ٦٠٦، وقعة الطف 229

لقد أمرهم  أن يسألوا الأعداء بأن يكفّوا حتّى يصلّي هو وأصحابه ولكن الأعداء لم يفعلوا فصلى الحسين بهم بحماية أصحابة وما إن انتهى سلام الله عليه من صلاته حتى استشهدعبدالله الحنفي ، حيث وجدعلى جسده الطاهر ثلاثة عشر سهماً غير ضربات السيوف وطعنات الرماح؛ فكان أول من لقب بـ(شهيد الصلاة ).

لقد صلى بهم صلاة الظهر قصراً وليست صلاة الخوف ،في وقت كانت السهام تأتي إلى جهة الحسين وأصحابه نعم لقد كانت في ظل السهام والسيوف، ولكنه  كان حريصاً على أدائها حتى في أصعب الأوقات وأحلك الظروف، والأعداء تهجم عليه من كل حدب وصوب، والسهام تنهال على جسده الطاهر، إلا أنه كان لا يبالي بكل ذلك وهو واقف بين يدي الله عز وجل.

وفي ليلة الحادي عشر من محرم كربلاء تلملم احزانها لنرى تجليات جديدة فهذه صلاة ثالثة سجلها التأريخ وهي صلاة الليل التي أدتها السيدة زينب عليها السلام وهي إلى جسد الحسين  في ليلة الحادي عشر من محرم ، إلا أنها لم تستطع أن تصليها من قيام بسبب ماجرى عليها من الآلام والمصائب التي مرت بها، فصلتها من جلوس. فقد روي عن الإمام زين العابدين  قوله: (ما رأيت عمتي تصلي الليل عن جلوس إلا ليلة الحادي عشر).

نظراً لوجود قيمة استثنائية لكل واحدة منها نرى التاريخ قد سجلها وإلا فالصلاة هي ديدن الحسين وأصحابه.

وهنا أورد لكم لفته بسيطة وهي في مقولة الشيخ محمد جواد مغنية : ( وأي شيء أدل على هذه الحقيقة من قيامها بين يدي الله للصلاة ليلة الحادي عشر من المحرم ، ورجالها بلا رؤوس على وجه الأرض تسفي عليهم الرياح ، ومن حولها النساء والأطفال في صياح وبكاء ودهشة وذهول ، وجيش العدو يحيط بها من كل جانب . . إن صلاتها في مثل هذه الساعة تماماً كصلاة جدها رسول الله في المسجد الحرام ، والمشركون من حوله يرشفونه بالحجارة ، ويطرحون عليه رحم شاة ، وهو ساجد لله ( عز وعلا ) ، وكصلاة أبيها أمير المؤمنين في قلب المعركة بصفين ، وصلاة أخيها سيد الشهداء يوم العاشر والسهام تنهال عليه كالسيل.) ( مع بطلة كربلاء ) مغنية ص 42

وبذلك أعطى الإمام الحسين  للأمة درساً في وجوب المحافظة على الصلاة، والإتيان بها في الشدة والرخاء، في السروالعلن ،في السلم والحرب، في القوة والضعف، فالصلاة هي عمود الدين التي لا تترك بأي حال من الأحوال.

من هو الممكَّن ؟ وماهو دوره؟

نحن في حديثنا الآن ننطلق من هذا المعنى ، وأن هناك مسؤلية على الإنسان الذي ينفذ أمره ويسمع قوله في مكان ما أن يسعى لإقامة الصلاة وليس أن يصلي فقط.

ولنأخد مثالاً لتوضيح المعنى ، وليكن في في مجتمعنا البسيط . نجد الأب يقول أنا أصلي في البيت و أولادي يروني وأنا أصلي وأهل بيتي أيضاً يروني أصلي ، ماذا يتوجب عليَّ أن أفعل أكثرمن ذلك ؟ نقول له أيها الأب العزيز وأنت في هذا المقام من الممكن لك ولكلمتك أن يكون لها نفوذ بدرجة من الدرجات، فهنا تنطبق عليك الآية المباركة (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ ) 41 الحج.

أي جعلوا الآخرين يقومون و يأدونها ، ليست القضية أن تتمكن من إقامتها أو لا ولكن توجيه الآخرين لإقامتها وأمرهم بالمعروف ، وتوجيههم لإقامتها يحتاج لتوجيه وتمكين ، وهذا ماصرح به القرآن الكريم فيقول لك هنا دورك أيها الأب فقوامتك في منزلتك ينطبق عليك فيها التمكين.

وأنت أيها المدير سواء كنت في مدرسة فأنت في موضع سلطة فلو منحت عشر دقائق لإقامة الصلاة وأدائها لمن هم تحت كلمتك عند حلول وقتها هنا ينطبق عليك قول الله عزوجل :(الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ ) 41 الحج.

لاتقل أنا لست معنيا بالأمر أو تفكر بأنك إذا أعطيت عشردقائق للصلاة فإنك ستصل لمنزلك متأخراً ، لا فأنت عليك التوجيه والتشجيع والمبادرة بالحث على أدائها فلك رأيك وقولك وسلطتك ، وكذلك لوكنت في شركة لاتقل كما بالحساب الإقتصادي عندي خمسون عاملاً إذا توقفوا عشرين دقيقة سأخسر كذا وكذا فهو وقت مهدر، هذا غير صحيح فأنت المتمكن ومن تعطي الأمر ويسمع لك وينفذ فهنا أنت ممن تنطبق عليه هذه الأية المباركة.

وهنا اسمحوا لي بلفته بسيطة لما ورد أيضاً في تفسير الميزان بحق هذه الآية المباركة فنجد وصفاً للذين آمنوا المذكورين في أول الآية، من غير النظر إلى الأشخاص والمراد من تمكينهم في الأرض إقتدارهم على اختيار ما يريدونه من نحو الحياة من غير مانع يمنعهم أو مزاحم يزاحمهم.
يقول تعالى: إن من صفتهم أنهم إن تمكنوا في الأرض وأعطوا الحرية في اختيار ما يستحبونه من نحو الحياة عقدوا مجتمعاً صالحاً تقام فيه الصلاة وتؤتى فيه الزكاة ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، وتخصيص الصلاة من بين الجهات العبادية والزكاة من بين الجهات المالية بالذكر لكون كل منهما عمدة في بابها. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٨٦

الصلاة ميراث الانبياء

إنها الإنطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير. كلنا ملتفتون ونعمل على تلك القيمة لكنني هنا من باب وذكر (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) 55 الذاريات

الصلاة هي القاسم المشترك بين الديانات السماوية بدأ من نبي الله إبراهيم  (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ) 40 ابراهيم ، فهاهو يدعو ربه أن يجعله ممن يقيم للصلاة وأن يجعل ذريته ايضاً مقيمةً للصلاة وأن يتقبل الله دعائه.

ونبي الله موسى  يخاطبه عزوجل (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) 87 يونس

لنتأمل في جمال وروعة المعنى قليلاً واسمحوا لي بذكر بعض ماقيل في تفسيرها :

فهذه الآية فيها جامعة من العلوم ارتبطت بالصلاة بجمال ومعنى عميق منها الهندسة والمعمار ففي ناحية البناء والمعمار ( تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا). أي اجعل من بيوتكم قبلة بها حالة من الإلتأم والإلتفات حتى الشكل الهندسي جعل منه مكملاً لهذا المظهر الإجتماعي .

فأمروا أن يكونوا حياً مستقلاً بهم استعداداً للخروج من أرض مصر، و أن يجعلوا بيوتهم قبلة أي متقابلة ليعرفوا من يدخل عليهم ومن يخرج منهم، وليصلوا فيها آمنين مطمئنين كالمساجد حيث منعوا من المساجد إما بتخريبها وإما بمنعهم منها ظلماً وعدواناً من فرعون.

واجعل من بيوتكم قِبلة أي متقابلة ، يقابل بعضها بعضاً بحيث يسهل وصولكم وتأمنوا في دوركم و دور العبادة ، فأُمروا أن يتَّخذوا مساجد في بيوتهم ويصلُّوا فيها ليأمنوا من فرعون ، و أن يَجْعَلُوا فِي بُيُوتِهِمْ مَسَاجِدَ مُسْتَقْبِلَةً الكعبة أي اجعلوا وجوه بُيُوتَكُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ ففي الرواية أنه كَانَتِ الْكَعْبَةُ قِبْلَةَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ.

( وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) الحكمة في جعل البيوت إلى القِبلة أن الشمس تدخلها من أبوابها في غالب أوقات النهار في جميع الفصول وفي ذلك منافع كثيرة ومنها معرفة وقت الصلاة المفروضة عليهم.

واجعلوا بيوتكم التي بالشام أيضاً قبلة لكم في الصلاة فهي قبلة اليهود إلى اليوم، ففي الآية ما يدل على معنى التوجه إلى الجهة التي يصلون إليها، وهي قبلة إبراهيم، فيكون أمر بني إسرائيل يومئذ جاريا على الملة الحنيفية قبل أن ينسخ بالاستقبال إلى صخرة القدس

وأمرهم بإقامة الصلاة، التي فرضها الله عليهم على لسان موسى، والتي كانوا يصلونها من قبل مجيء موسى اتباعا لإبراهيم وأبنائه. وأن الداعي إلى أمرهم بإقامة الصلاة إن اتخاذ البيوت كان في حالة رحيل فكانت حالتهم مظنة الشغل عن إقامة الصلوات فلذلك أمروا بالمحافظة على إقامة الصلاة في مدة رحلتهم وانها لاتسقط بحال. (التحرير والتنوير:11/163 بتصرف يسير) ، وعن الحسن : ( كانت الكعبة قبلة كل الأنبياء.).

تبوَّأ المكانَ : توطَّنه ، نزله وأقام به . والقبلة: اسم في العربية لجهة الكعبة. معجم المعاني الجامع

التبوي: أخذ المسكن والمنزل، ومصر بلد فرعون، والقبلة في الأصل : بناء نوع من المصدر كجلسة ، أي الحالة التي يحصل بها التقابل بين الشيء وغيره فهو مصدر بمعنى الفاعل.

أي اجعلوا بيوتكم متقابلة يقابل بعضها بعضا وفي جهة واحدة وكان الغرض أن يتمكنا منهم بالتبليغ ويتمكنوا من إقامة الصلاة جماعة كما يدل عليه أو يشعر به قوله بعده:( وأقيموا الصلاة ) لوقوعه بعده. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ١١٤

والمعنى: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن اتخذا لقومكما مساكن من البيوت في مصر - وكأنهم لم يكونوا إلى ذاك الحين إلا كهيئة البدويين يعيشون في الفساطيط أو عيشة تشبهها - واجعلا أنتما وقومكما بيوتكم متقابلة وفي جهة واحدة يتصل بذلك بعضكم ببعض ليتماشى أمر التبليغ والمشاورة والإجتماع في الصلوات، وأقيموا الصلاة.

أيضاً نبي الله عيسى  يقول: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) 31 مريم .إشارة إلى تشريع الصلاة والزكاة في شريعته،والصلاة هي التوجه العبادي الخاص إلى الله سبحانه وهذا هو الذي استقر عليه عرف القرآن كلما ذكر الصلاة . تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٤٧

قال مولانا الصادق  : (ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ألا ترى إلى العبد الصالح عيسى ابن مريم  قال : وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) الكافي: ٣ / ٢٦٤ / ١، الفقيه: ١ / ١٢٠ / ٦٣٤، التهذيب: ٢ / ٢٣٦ / ٩٣٢ إلى قوله: " أفضل من هذه الصلاة "، أمالي الطوسي: ٦٩٤ / ١٤٧٨ عن زرعة نحوه. والآية ٣١ من سورة مريم.

وعنه - في وصايا لقمان لابنه -: ( لا تصم صوما يمنعك من الصلاة، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام) . تفسير القمي: ٢ / ١٦٤ عن حماد.

أما نبينا محمد صلى الله علية وآله فإنا الله عزوجل يخاطبه كثيراً بذكر الصلاة (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) 78 الإسراء

ونجد أيضاً أن نبي الله داوود  كان يصلي قال الله عنه (واذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ(18)  ) 17-18 ص

أي أن داوود  كان يصلي بانتظام في الصباح الباكر وهو وقت الإشراق ويصلي بالعشي، نفس الأوقات التي حثنا الله عليها، فالصلاة واجبة لم تتغير.

وكذلك نبي الله زكريا  فالله أمره بالصلاة بالعشي والإبكار كما أمر داوود وكما أمرنا نحن بالصلاة في هذه الأوقات،. فالصلاة من الشرائع التي وصى الله بها جميع الأنبياء وظل القرآن يذكر بالصلاة و بين الأوقات التي تقام فيها تارةً وأعطي تفصيلاً آخر لهذه الصلاة وجاءت آية أخرى تبين كل الحدود للصلاة. اختلفت طريقة الصلاة إلا أنها في كل الأديان واجبة ومفروضة .

الصلاة عمود الدين
نلاحظ أيضاً أن الخطابات الموجه للنبي والمسلمين كثيرة في الصلاة ،فهي خط مشترك بين الديانات والأنبياء ، فعن الإمام الصادق : ( أحب الأعمال إلى الله عزوجل الصلاة، وهي آخر وصايا الأنبياء) الكافي: ٣ / ٢٦٤ / ٢ عن زيد الشحام، الفقيه: ١ / ٢١٠، دعائم الإسلام: ١ / ١٣٦.

وعلى مستوى الأنبياء والأوصياء لدينا أعلى مثل وهو شهيد المحراب أمير المؤمنين علي  استشهد في محراب صلاته كأنه يرد تأكيد هذا المعنى فولادته كانت في جوف الكعبة و شهادته كانت في بيت الله عزوجل .

وعندما تسلط جانباً من الضؤ في سيرة صادق أهل البيت عليهم السلام نجده قد عمل شيئاً مستنكراً عند الناس يدعوك للتفكر فيه مراراً وتكراراً لتكون على حذر، فعن أبي بصير قال : دخلت على أم حميدة اعزيها بأبي عبد الله (عليه السلام) فبكت وبكيت لبكائها ثم قالت : يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال : ( أجمعوا كل من بيني وبينه قرابة ). قالت : فما تركنا أحدا إلا جمعناه فنظر إليهم ثم قال: ( إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة).  وسائل ‏الشيعة ج: 4 ص: 27

لاحظوا أحبتي ليس تاركاً للصلاة ، فما بين العبد والكفر ترك الصلاة ، لكن المستخف بالصلاة !! لماذا ؟

لأنه يجعلها هينة، كأنما يقول في نفسه من الآن إلى المغرب هناك متسع من الوقت ، فيقدم كل شيء على الصلاة ويقدم كل شيء عليها ، فكل الأعمال في وقت الصلاة تصبح جميلة ومهمة وعليه انجازها ،فإذا أصبح هذا حاله فهنا حق عليه القول : ( شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة).

لاحظوا أيضاً في هذه القصة وهي عن الإمام الرضا  وهو في إحدى الأيام وكانت لديه مناظرات مهمة في مجلس المأمون مع الصابئة فماذا جرى فيها؟!

وليتبين لكم أهميتها عليك أن تعلم أن مناظرة الإمام الرضا  مع الصابئة، هي من المناظرات المهمة التي جرت في مجلس المأمون، وفي هذا المناظرة أظهر الإمام حقائق إيمانية توحيدية، وبيّن الاعتقاد الصحيح في الله تعالى وعلمه بالأشياء وخلقه لها ووحدانيته وكلامه.

فأحضر المأمون جمعاً من الناس ومنهم الصابئة وعمران الصابئي الذي يعد من أقوى علماء زمانه ، حتى جاء الدورعليه فطال البحث بينهما طويلاً إلى قريب الظهر وإذا بصوت المؤذن يرتفع فقال فالتفت الإمام الرضا إلى المأمون فقال: الصلاة قد حضرت ، فقال عمران: يا سيدي، لا تقطع علي مسألتي فقد رق قلبي ، فقال الرضا: نُصلي ونعود، فنهض  ونهض المأمون، فصلّى الرضا داخلاً... فعاد الرضا  إلى مجلسه ودعا بعمران، فقال: سل يا عمران وأكملا حتى أسلم عمران وخرّ ساجداً نحو القبلة .  الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج 2، باب 12، ص 150 ـ 157، ح 1.

يالعظمة الموقف لمن يفهم تلك الأبعاد ،هذا نداء الله وهذا رئيس دولة و معه إمامنا الرضا وعلماء على قدر ومكانة وفرقة كبيرة تغوي الناس لتصدهم عن دينهم ( ورسول الله يقول لعلي : فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيراً لك من حُمرِ النعم.) ،هنا الإمام ترك كل ذلك وقام وذهب للصلاة ورجع وعمران وكان موجوداً فاكملا الحوار وماكانت إلاساعةً وهما في حوارهما إلا وعمران يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

لاريب أن لموقف الرضا  في اهتمامه بالصلاة له أثرة، لربما جال في نفس عمران أن هذا الإمام العالم أخد أمر دينه بجدية فقد ترك كل شيء واختار الصلاة ثم عاد ليكمل مابدأ ، وهكذا بالنسبة لسائرأهل البيت هذا ديدنهم واهتمامهم بالصلاة .

نحن لوتفكرنا قليلاً في الصلاة والإهتمام بها لا أقصد الصلاة البسيطة التي نؤديها وإنما باعماقها التي لم نستوعبها ونستشعرها للآن نجد أن لها قيمةٌ عظيمة، فهي الواجب الوحيد الذي لايسقط بحال على عكس باقي الواجبات الدينة التي تسقط بالعجز كما في الجهاد رغم أنه ذروة سنام الإسلام إلا أنه يسقط في حالة عدم القدرة. الزكاة والخمس حقوق مالية مهمة ولكن في حال عدم توفر المال تسقط عن صاحبها.

الحج الذي هو خامس اركان الإسلام وله دوراستثنائي في حياة الإنسان لكن في حال عدم الإستطاعة فإنه يسقط على المكلف بفقد احد الوسائل البدنية أو المال او عدم الأمان في الطريق، لكن الصلاة لاتسقط بأي حال أبداً وهذا ماجاء في نص الرواية عن الصادق  فإن الصلاة لاتسقط بحال.

لك القدرة على الوقوف صلي ، لاتستطع إجلس، ليست لك قدرة صلي وأنت نائم ، أيضاً لاتقدرعليها صلي بنية قلبك ، قد تكون في خطر محدق فأنت تغرق في البحر وحان وقتها أيضاً صلي صلاة الغريق.

الصلاة هي تلك الواجب ،هي تلك الورقة التي إن قبلت قبل ما سِواها وإن ردت رد ما سِواها .

ولي وقفة مع أحد الكتب التي أنصحكم أحبتي بقراءتها لاسيما الشباب للشيخ قرائتي ،أغلب كتبه بالفارسية لكن بعضاً منها مترجم للعربية وهو محاضر وخطيب متميز تخصصه في القرآن الكريم.

هذا الرجل يشبه (الصلاة عمود الدين،إن قبلت قبل ما سواها،وإن ردت رد ما سواها) يقول أشبهها لكم بمثال عرفي الآن أنت تقود سيارتك يستوقفك رجل المرور يطلب أوراقك تعطيه بطاقة اعتماد بها مليون دولار مثلاً ، يقول لك أعتذر أنا لا أستفيد منها، عندي كل الأوراق والبطاقات لكنها لاتفيد ، التي تفيد فقط هي رخصة القيادة ، الصلاة كذلك إذا صليت صلاةً تامة كاملة تفيدك بأنه ترفع أعمالك وتقبل ماسواها ،أما إذا لم تقدمها لاينظر في باقي الأمور، وعندنا شيء آخر وهو الولاية لآل محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام .

الصلاة كما هي بوابة للجنة فهي أول شئ يعطيك الصلاحية للدخول إليها وهي أول شيء أيضاً يوصلك لسقرقال رب العزة ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ(43)) 42 و43 المدثر

لاحظوا معي سقر مختلفة عن لظى ، مختلفة عن جهنم ، فكل قسم من أعمالنا وذنوبنا توصلنا لمكان معين نستجير بالله منهم جميعاً.

كما أن الجنة درجات متعاليات أيضاً النار درجات متسافلات.

وأن أول سبب يمنعك من دخول الجنة هو ( لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) ولهذا ينبغي للإنسان إذا كانت له القدرة والقابلية والتمكين أن يسعى في إقامة الصلاة (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ) 41 الحج

في البيت أنت المُمَكن ، في المدرسة أنت المدير وأنت المعلم و من الممكن أن تكون أنت الموجه فأنت مُمَكن، في الوظيفة أنت مدير لشؤن الموظفين عندك إمكانية (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) ، وليس كل الأرض ولكن مناطق معينة ، وقد تكون مُمَكن في دولة وآخر في دائرة وهكذا، وهؤلاء المُمَكنين في الأرض لم يصلوا فهي ليست مشروطة بالتمكين فهي واجب وتقام على كل حال وإنما أقاموا الصلاة أي جعلوا الآخرين يقيمونها وحرضوا و حثوا الآخرين على إقامتها.

وكمثال مهم الآن لدينا شباب المدارس فتيات وأولاد يجب أن يسعى المدراء والمعلمين وأن يحثوهم على اقامة الصلاة والمحافظة عليها، فهي جزء من مسؤليتنا الاجتماعية تجاه هذا المجتمع أن نسعى في إقامة الصلاة ضمن دائرة تمكينك فكثير من الطلاب يخرجون من المدرسة ولا يجدون طريقهم للصلاة فانت هنا انتهز الفرصة (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) 41 الحج ، فأنت تحث عليها وهي شيء عظيم يحتاج التأمل.

تأملات وأمثلة لفهم معاني مانؤدي في الصلاة

رسول الله يقول : (أرحنا بالصلاة يابلال) أي أن فيها راحة نفسه وانسجامها مع الداخل ومعناها أنه عليه أن يتوجه للمكان المناسب ليريح نفسه من الداخل إنها الروح والبلسم للقلب المتعب عند توجهه للإمكانيات الموجودة في الصلاة .

إن أول ما نلاحظه في الصلاة النية ويعبر عنها القرآن (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) 162 الأنعام

وهي القصد إلى الفعل بعنوان الإمتثال والقربة ، إذن هذه نيتي بل اجعل نيتك حتى في أكلك وشربك وعملك ومعاشك ومعاذك لله ، وسائر العبادات و الأعمال والأفعال (صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) 138 البقرة ، لون حياتك بصبغة الله بالنية الإلهية ولها أثر عظيم ، كيف ذلك؟!

نجد أن النية الصالحة لها أثرها فلو كان العمل فاسداً نجد أن هذه النية الصالحة قد تقلبه لصحيح، ببساطة نحن مطلوب مِنا أن نأتي بالعمل على صورته الصحيحة ، ولكن في بعض الأحيان النية الصالحة ترمم النقص الظاهري هذا ما نفهمه من قول رسول الله صلى الله علية وآله في بلال الحبشي فكان يقول له رسول الله أذن، فكان قسم من الناس يسخرون منه لأن لسانه غير فصيح ، فكان يقول: (إن سين بلال عند الله شين) عدة الداعي ونجاح الساعي: ٢١. إذن النية الباطنة قلبت الظاهر.

الحرائق التي تحدث في الغابات مثلاً ربما تكون من عود ثقاب صغير ولكنها أحرقت غابات ومساحات كبيرة، والفايروس الذي لايرى بالعين المجردة ولكنه يفسد البدن ويطيح به على فراش المرض، هما كما النية الفاسدة مهما فسدت وصغرت فهذا دورها، لذا نحن بحاجة لنيات صالحة نيات إلهية.

وليتضح المعنى ويقرب أكثر ويلطف الحديث أروي لكم هذه القصة ، يقال أن بهلولاً كان فقيهاً في زمان الإمام الكاظم وتظاهر بالجنون حتى لا يبتلى في إيمانه ولا يبتلى بالقضاء عند هارون ومن خلال تظاهره بالجنون استطاع أن يقوم بدور كبير أفضل مما كان لو تصرف بشكل عاقل وطبيعي فكان واعظاً لهارون الرشيد .

قيل أنه في إحدى الأيام بنى هارون مسجداً ووضع عليه إشارة هذا مابناه الخليفة الصالح أمير المؤمنين هارون الرشيد العباسي ، فقام البهلول وكسره وكتب بالفحم هذا مابناه العبد الصالح بهلول.

الناس هنا رأوا ماحدث ، فرفع أمره للخليفة فسأله لماذا فعلت مافعلت يابهلول؟ فقال البهلول له:أنت بنيته لله أو للناس ؟! قال : لله ، فقال له: الله يعلم بالنيات ولكن أنت بنيته للناس و لذلك سألت.

منها نرى أن مايحدث لنا اليوم أيضاً فيه من قصة البهلول وهارون فنجد أن أحدهم يبني أو ينشأ مشروعاً أومسجداً او حسينية أويعمل عملاً خيرياً ويضع اسمه عليه للناس وليس تجارة مع الله ، ولكن أيضاً لا نقول الكل ولكن القلة ، بل في هذا الزمن نجد أنه مطلوب في بعض الأحيان الصدقة العلنية (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) 274 البقرة

فلربما يكون إعلان الصدقة مطلوباً ومندوباً بل حتى التظاهر بفعل الخير لتشجيع الآخرين خصوصاً لو كانت نيته لله ،وأحب أن يكون للناس مثالاً ليقتدوا به ويسلكوا مسلكه.

إذن النية أيضا في الصلاة ولا داعي لقول إني نويت أن أصلي صلاة كذا قربةً لله ، إنما تعقدها في قلبك وحرك قلبك بها خالصة لله عزوجل.

بعد النية يأتي التكبير، ومن جملة ما أحصاه الشيخ قرائتي أن في الصلوات وأطرافها ثلاث مائة وستون تكبيرة خلال الخمس صلوات في اليوم والليلة وبتسبيحة الزهراء يومياً التي أنت ملتزم بها ،ومن غريب المصادفة أن عدد الأصنام حول الكعبة ثلاث مائة وستون أيضاً،وفي مقابل كل صنم الله أكبر مقابل كل سيئة الله أكبر مقابل كل وهم وضعف أنت تقول الله أكبرتكبره وتنزهه عن كل نقص وعيب وانه الأكبر من كل كبير.

إنها المعين الذي لا ينضب ، والزاد الذي لا ينفد.

فالفاتحة التي نقرأها حين نتأملها نجد قسم لله عزوجل وقسم للعبد قسم فيها أسماء الله الحسنى وتشريع حياة وقسم للعبد فيه استعانة وعبادة وطلب هِداية من الله عزوجل ففي بدايتها مربوطة بالله عزوجل (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ( (4)  1-4الفاتحة

وعندما تبدأ الفقرة الثانية (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ((7) 5-7 الفاتحة

الخطاب لك أيها العبد وتركيزك على الهداية للصراط المستقيم وهوطريق الإعتدال، ففي العقائد لاغلو ولا تقصير ،الطريق المستقيم هو طريق الإعتدال أي كن في طريق أهل البيت ولاتكن مغالي التزم الإعتدال والتوسط في الحياة الشخصية الأكل والشرب وما شابه ذلك (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا) 31 الأعراف

هو أسلوب حياة فالصراط المستقيم صراط الإعتدال والتوسط في الإنفاق والعطاء (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ) 29 الإسراء

أيضا الصراط المستقيم هو طريق الإعتدال فعندما أقراء الفاتحة ينبغي أن أتأملها وأكرسها في حياتي. هذه بعض من معاني أفعالنا في الصلاة ، وإلا فالشرح في كل المعاني يطول.

ما المعنى من صلاة الجماعة وما أهميتها

بقية اشارة إلى صلاة الجماعة ، الحمد لله مع وجود المساجد والمشايخ والعلماء تقام صلوات الجماعة ونسأل الله أن يقوم المؤمنون جميعاًعلى التحرك في هذا الإتجاه حتى تصبح صلاة الفرادى نادرة أو استثناء فيقال فلان دائم الجماعة حتى إذا غاب لأنه استناء استفقد ، وذلك لما للجماعة من أهمية.

فهي حضور يومي لجمع من المؤمنين من دون بطاقة دعوة ومن تشريفات من دون مقامات من دون شلل ، فأنت الآن إذا أردت ان تدعو لمناسبة ما فأنت تحتاج لدعوات وبطاقات ومصاريف وغير ذلك لكن صلاة الجماعة لاتحتاج كل ذلك فهي اجتماع يومي يحقق التلاحم بين المؤمنين.

وهي تعود الناس على القيادة العادلة ،على مستوى الجماعة وعلى مستوى الحكم ، فعندنا في مذهب أهل البيت أن صلاة الجماعة لايؤمها إلا من عرف بين الناس واشتهر بالعدالة ، فإذا لم يكن عادلاً لايصلى خلفه، وهذا معناه أن قيم العدالة من متطلبات الجماعة ، وهي وفدكم إلى الله فانظروا من توفدون إلى الله .

إذاً ترتفع من صلاة الجماعة إلى مستوى أكبر، فتكريس الجماعة من أدنى مرتبة إلى أعلى قمة سياسية هذا ماتحققه فكرة صلاة الجماعة فهي توجة الناس للتصحيح والمراقبة من قضية الرعية والمأمون إلى حفظ الرعية مع حاكم عادل.

فمثلا عندنا في قضية الصلاة فرادى لوصلى وشك بين الثلاث والأربع بني على الأربع ولكن في قضية الجماعة تختلف المسألة فليس من حق الإمام أو المأموم أن يفعل هذا بل يصحح المأموم للإمام والعكس ، وهذا فيه معنى وهو أن الرعية تصحح للقائد لو اخطأ أو تجاوز والعكس وبهذا يحافظ القائد على سلامة خط الرعية، وفيها من الترتيب والتنظيم وترتيب الصفوف مايدخل مع أمور الحياة ولكن لايتسع المجال لذكرها.

من هنا أيضاً رأينا أن الحسين اهتم بإبراز هذا العنصر في كربلاء رغم أن الموقف عسكري وحربي إلا إن الإمام  أكد عليه وقف بين يدي العظيم يناجي ويدعو والسماء تمطره بوابل السهام.

الصلاة تنتظر المتلهفين والمشتاقين لمناجاة الخالق تحتاج لعارفين ومتأملين في معناها ، تنتظرك أن تقبل عليها بكل جوارحك ،ففيها طهارة الروح والبدن، ونقاء القلب باختصار هي رحلة حياة من المهد لجنة الخلد.

هكذا كانت صلاة أهل البيت وكانت صلاة الحسين وقبله أبيه شهيد الصلاة الأول وصلاة جده رسول الله صلى الله عليهم أجمعين (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) 40ابراهيم

جعلنا الله واياكم من المصلين الذاكرين.

 

 

مرات العرض: 3419
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (3307) حجم الملف: unknown file size
تشغيل:
لصلاة عنصر مشترك للأنبياء ( ابراهيم مقيم الصلاة / عيسى وأوصاني بالصلاة / موسى قبلة وأقيموا الصلاة / محمد أقم الصلاة لدلوك ) والاوصياء الامام علي شهيد الصلاة والصادق يوصي بعدم الاستخفاف. والرضا يقوم عن مباحثة الصابي للصلاة الواجب الذي لا يسقط بالعجز كما يسقط الجهاد والزكاة والخمس حاله كالولاية والعمل الذي تقبل سائر الاعمال بعده ( مثل رخصة القيادة حين السياقة لا يقبل غيرها ) واول سبب لدخول النار ( لم نك من المصلين صلاة الجماعة : حضور يومي للمؤمنين من دون تشريفات وصرف أموال ولا دعوات / فيها ترتيب وتنظيم للصفوف / وتعليم للقيادة والانقياد وائمتكم وفدكم الى الله / تكريس قيمة العدالة في الامام القائد / ورقابه المأمون على الامام وبالعكس وحفظه عليه تفصيل الصلاة النية : اثر النية السيئة كالجرثومة تهد البدن / وكبريت نار يحرق غابات الرياء كيف يتسرب ( بهلول يكتب اسمه مكان باني المسجد ) في المقابل النية الصالحة ( أبيار علي ) وسين بلال شين عند الله ان صلاتي ونسكي .. لله التكبير ٣٦٠ في مقابل عددها من الأصنام عند الكعبة : أذان وإقامة وست قبل الصلاة وقبل كل. كوع وسجود وبعد الصلاة وتسبيح الزهراء الفاتحة خلاصة القران وتقسيم ما بين العبد والخالق والصراط المستقيم الاعتدال في العقيدة والإنفاق والاكل وهو طريق الانبياء والاوصياء الركوع انحناء ؛ ثقيف لا يركعون السجود اقتراب والتسبيح تنزيه في النصر اذا جاء نصر الله والشدة سبحانك أني بدء الصلاة بالله وختمها بالسلام على الخلق

الحب الالهي والعنف البشري
تاريخ التشيع في المدينة المنورة