نص الشريط
التقريب بين المذاهب خيار استراتيجي للأمة
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 26/3/1428 هـ
مرات العرض: 3391
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (3338) حجم الملف: unknown file size
تشغيل:
قال الله العظيم في كتابه الكريم ( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) ‏‏(الانبياء:92) .‏ التقريب بين المذاهب الاسلامية الموجودة في الأمة ، خيار استراتيجي وليس عملية تكتيكية ، ‏وهو أمر تفرضه الأصول الدينية والاسلامية ، كما تقره أحكام العقل ، وتنتهي إلى ضرورته ‏التجارب البشرية السليمة ، حيث لا طريق آخر سواه يمكن سلوكه .‏ في البداية لا بد من تحديد هذا المصطلح ، فإن غياب المعنى الواضح لقضية التقريب يجعل قسما ‏من المسلمين يتشككون في فوائدها ، أو إمكانها .‏ لقد ذكر أحد رواد التقريب بيانا لطيفا للتقريب ، فقال : التقريب ليس فيه تذويب ، ولا ‏تغليب ولا تركيب ولا تسريب.. وإنما هو تقريب بين المذاهب .‏ وفي بيان تلك الفكرة نقول : التصور بأن التقريب بين المذاهب يعني أن يذوب هذا المذهب في ‏ذاك أو بالعكس ليس صحيحا .. فلا يعني التقريب أن يكون السني شيعيا أو الشيعي سنيا إذ ‏لا يمكن ذلك بعدما انتهى أصحاب كل مذهب بالدليل إلى صحة ما يعتقدونه فكيف يطلب ‏منهم الانتقال مما اعتقدوا صحته ؟ ولهذا ينبغي أن لا يكون هناك تخوف من أن التقارب الناتج عن فكرة التقريب سوف يؤدي ‏إلى ذوبان هذا المذهب أو انتهاء ذاك .. ‏ ولو أردنا أن نأخذ مثالا عرفيا ، فلننظر إلى أخوين متباعدين في مسكنهما ، ونحاول أن نقرب ‏مكانهما من خلال البحث في ما يزعج كل منهما في الآخر حتى رغب عن القرب منه ، ‏ونحاول علاج تلك المزعجات بعدما كانت مشتركات النسب والأخوة والرحم بينهما كبيرة.‏ وأيضا فإن التقريب لا يقصد منه تغليب مذهب على آخر ، فإذا كنا مثلا في بلد سني نقوم ‏بتغليب المذهب السني على الشيعي وبالعكس لو كنا في بلد شيعي .. كلا .‏ وأيضا فإن التقريب لا يعني التركيب بأن يتنازل أصحاب هذا المذهب عن بعض عقائدهم ‏الأساسية أو أحكامهم الفقهية ، ويتنازل أصحاب المذهب الآخر عن بعضها في عملية مقايضة ‏بحيث يتركب مذهب جديد من المذهبين .. فهذا غير صحيح وغير ممكن .. ‏ وهكذا لا ينبغي أن يكون الغرض من التقريب تسريب الأفكار من هذا المذهب إلى ذاك أو ‏بالعكس .‏ وإنما التقريب يهدف إلى نزع فتيل المشكلة المتسببة في التباعد ، من أثر الأوضاع التاريخية غير ‏الصحيحة التي شابت العلاقة بين هذه المذاهب .‏ أما لماذا التقريب ؟ ـ فإن الأصول الدينية تقضي بالسعي إلى التقريب ، ذلك أن الله يخاطب الأمة ـ مع علمه ‏بتعدد مذهبها في المستقبل ـ بأنها أمة واحدة ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ‏‏) . ويتكلم النبي صلى الله عليه وآله عن ( المسلمين ) مع أنهم سيختلفون على مذاهب . وأنهم ‏يد واحدة على من سواهم .‏ ـ كما أن الحكم العقلي يقضي بأن الالتئام والانسجام والتقارب بين الأفراد والجماعات ‏والمذاهب هو خير من التفرق والتباعد والتباغض .‏ ـ وأخيرا فإن التجربة الإنسانية المتراكمة انتهت بأصحابها إلى أن التقارب بين الديانات ‏والمجتمعات والدول هو طريق الحياة السليمة ، ولذلك فإنهم انتهوا إلى الاتحاد كما في مثال ( ‏الاتحاد الأوربي ) وغيره .‏

عن الصفويين والتبشير الشيعي
العلاقة السوية التي ينبغي أن تحكم بين الانسان ومحيطه الاجتماعي