آداب المجلس الحسيني
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 3/1/1447 هـ
تعريف:

آداب المجلس الحسيني

كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين

قال الله العظيم في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) صدق الله العلي العظيم، من هذه الآية المباركة التي يحث فيها القرآن الكريم على تعظيم شعائر الله عز وجل وتجعل تعظيم هذه الشعائر علامة على تقوى القلوب. الشعائر و الشعيرة هي ترمز الى شيء معين ينقل للشعور الى قضية أخرى ما تلامس شعور الإنسان فتنقله من هذا الشيء الظاهر إلى معناه وقد تكون تلك الشعيرة بحسب مظهرها ليست ذات قيمة استثنائية وإنما القيمة الاستثنائية هي لما بعدها ولما تشير إليه ولما ينبغي أن يشعر الإنسان به من خلالها فقد تجد مثلا في الحج إن الصفا والمروة من شعائر الله فما أهمية الصفا والمروة إذا من الناحية الظاهرية هذه تلة رابية توجد في مكة وأطرافها الكثير من أمثالها والصفا جبل صغير يوجد ما هو أكبر منه وأصلب كجبل أبي قبيس مثلا فمن الناحية الظاهرية لا يوجد لهذا الشيء معنا ذاتي ولكن بما يشير إليه الله سبحانه وتعالى وما حصل في قصة نبي الله ابراهيم وأبنه اسماعيل اصبح لهذين الموقعين أهمية واستثناء فاصبح من واجبات الحج وأعماله أن يسعى الإنسان بين هاتين النقطتين وأن لا يقصر ولا متر واحد فاكتسب من ذلك شعارا وشعيرة وأهمية وأصبح بما يشير إليه من التزام الإنساني لأمر الله بهذا الأمر. ومثلا أخر البدن وهي الابل التي يضحي بها الحاج في حج القران عندما يسوقها القارن في الحج تصبح هذه الابل شعيرة من شعائر الله فيحتاج الحاج أن يميزها عن سائر الابل إما يقطع سنامه أو يعلق في رقبته شيئا لكي لا تختلط مع باقي الابل فهذا البعير الذي قطع سنامه أصبح شعيرة وشعارا ولا يجوز لمالكه أن يبيعه ولا يجوز ذبحه قبل أن يبلغ الهدي محله ، بالرغم انه في ظاهره مجرد بعير فمن حيث ذاته ليس له أهمية كبرى وإنما لأنه اقترن بعمل عبادي منذور لله مسوق للحج مقرون بحج هذا الإنسان اصبحت له سمه تميزه عن سائر الابل . فالشعائر بذاتها ما تكون من حيث هي ذات أهمية استثنائية وإنما لأجل أنها تذكر بالمبادئ والقيم والارتباط بالله لذلك قال الله عز وجل (ذلك ومن يعظم شعائر الله) فأي شيء يشير لله أصبح مرتبط بالله ويدل على الله تكتسب قيمة وأهمية. ومن الارتباط بالله الارتباط بأوليائه زيارة النبي محمد لم تنظر إليها من حيث قطع المسافة كمسافة المسافة ما لها أهمية قصوى، ولكن لأن هذه المسافة تؤدي بك إلى أداء فروض الاحترام والتعظيم لرسول الله يصير كل خطوة من خطواتك هي طريق إلى الجنة وهكذا زيارة أمير المؤمنين وزيارة الحسين عليه السلام وما يرتبط من الأمور بالله عز وجل أو بأوليائه فيسوق إلى الله هذا سيكون من مصاديق شعائر الله التي ينبغي تعظيمها وإن تعظيم هذه الشعائر هو من تقوى القلوب. ومن هذه الشعائر التي عظمها الله المجلس الحسيني وما يرتبط بالحسين يرى علماؤنا أنه لأجل هذا الارتباط والإشارة والدلالة والهداية سيكون من شعائر الدين، فهو من المذكرات بالله عز وجل ومن المشيرات إلى الله عز وجل وآنئذ يكتسب أهمية كبيرة، لذلك من جلس مجلسا يحيا فيه أمرنا كما في الحديث لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب نص ساعة يقضيها الشخص في مجلس يرتبط بأهل البيت عليهم السلام هذا يعطي للقلب حياتا في ذاك اليوم الذي فيه القلوب تموت من الخوف والرعب واليأس، ولكن هذه الجلسة تهب القلب حياتا. المجلس الحسيني من النعم الإلهية على محبي أهل البيت عليهم السلام الذين يجددون فيه كل سنة العهد والولاء مع رسول الله واله الاطهار فهذه الظاهرة العامة الكبيرة تجدد حياة الروح الإيمانية ويحيا بها أمرهم، بل تحيا بها أنفسهم أيضا. هذه المجالس محل اجتماع ضمن هذه الطريقة والهيئة المعهودة تحتاج إلى آداب، وتحتاج إلى قوانين، وتحتاج إلى أشياء تجعلها أكثر ثمرة لقاصديه ولمقيمه وللعامل فيه وهي كثيرة جدا وقد كتب العلماء في هذا الباب أشياء كثيرة نحن نشير إلى بعضها ونذكر بها. أول ما يلزم من الآداب بالنسبة إلى مقيم المجلس رب المجلس هذا واحد من الأركان الأساسية سواء كان يقيم في بيته أو في حسينيته أو في حسينية غيره أو في مسجد أو غير ذلك رب المجلس مقيم المجلس. كذلك الكوادر وهم العاملون في خدمة هذه المجالس فهم يحتاجون إلى بعض القوانين والآداب حتى تكون أعمالهم أكثر ثمرة. والمستمعون أيضا ينبغي أن يكون لهم أدب وقوانين لابد أن يلتزموا بها ليحوزوا على فائدة هذه المجالس. بل حتى الخطيب له آداب ينبغي أن يتبعها أيضا ينبغي أن يكون خاضعا لقانون وملتزما بآداب معينة تتناسب مع هذا المجلس، نحن نقتصر على الثلاثة الأولى باعتبارها محل الابتلاء. أول من يرتبط بالمجلس هو القيم والمؤسس للمجلس والمأتم الحسيني سواء كان في منزله او خارجه كالحسينيات والمجالس الحسينية والمساجد، ومهم جدا أن الإنسان يقيم مجالس في بيته فهي تطرح البركة في المنزل سواء كان إيجار أو ملك، فمن يقرأ في منزله ذكر أبي عبد الله الحسين عليه السلام سيجد من الآثار والبركات ما لا يحصيه إلا الله عز وجل. فينبغي على المسؤول للمجلس المقيم له أن يستحضر نية القربة لله عز وجل والتقرب إلى الحسين عليه السلام فمن طباع من يقيمون المجالس الحسينية ان تكون نيتهم خالصة لله لا ينتظرون جزاء ولا شكورة فهم يبذلون ما يستطيعون فلا ينتظرون امداد من أحد بالمال، إنما يريدون الجزاء من الله سبحانه كما انهم لا يقيمون المجالس ابتغاء السمعة والشهرة والظهور أمام الناس بأنهم محبين ومواليين لأهل البيت والدليل على ذلك أقامتهم للمجالس الحسينية بل تكون غايتهم وهدفهم رضاء الله والقربة منه ومن أهل البيت ونشر رسالتهم واحياء ذكرى مصيبة الامام الحسين سلام الله عليه، بالرغم من ان الذي يقيم هذه المجالس يحصل على فوائد دنيوية وفوائد أخروية من الفوائد الدنيوية أن سمعته تصير بين الناس حسنة هذا فلا يوجد اي أشكال مالم يكون هدفه من أقامة المجالس ابتغاء رضاء الناس ويكون هدفه من ذلك لكي يصير له ولجماعته سمعة حسنة ويشتهر بالصلاح وحب أهل البيت سلام الله عليهم، وكما ينقل أن بهلول بن عمر _ وهو أحد كبار علماء أهل البيت عليهم السلام كان في زمان الإمام الكاظم صلوات الله وسلامه عليه وهو من الصحابة المخلصين والعلماء ورشح هارون العباس ليكون قاضي القضاة حتى يذبح المؤمنين بسيفه لكنه تظاهر بالجنون حتى يهرب من هذا الأمر فلا يعينه خليفة المسلمين قاضي القضاة فتظاهر بذلك بينما هو عالم جليل وصحابي مهم عند أهل البيت _ فقد تنسب له بعض الحكايات بعضها يثبت وبعضها لا يثبت نأخذ مورد الشاهد والاستفادة سواء كان صحيح النسبة إلى بهلول أو غير صحيح النسبة ويتبين أن الإنسان عمله خالص لله أو خالص للذات في سبيل الله أو في سبيل النفس وما صنعه بهلول يبين هدف احد الذين قام ببناء مسجدا وكتب عليه شيده المؤمن الصالح الحاج فلان الفلاني، قيل إن بهلول أو غيره جاء يوم ثاني الصبح ومسح ما كتب وكتب اسمه هو شيده المؤمن مثلا فلان، فجاء الباني الأصلي وأخذ يبحث عنه إلى أن وجده وأنزل عليه العقوبة لأنه مسح اسم الباني الاصلي وكتب أسمه فقال له بهلول أنت حينما بنيت هذا المسجد لمن بنيته فقال لله قال إذا لله، الله يعلم بذلك سواء أكتبت عليه اسمك أم أسم غيرك فالمهم أنك تريد الثواب من الله وفي سبيل الله، بالطبع لا مانع أن الإنسان يكتب على أعماله الخيرية وأعماله الصالحة اسمه فإنها في موارد معينة قد تكون من الصدقة العلنية (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) الصدقة السرية لها دور والصدقة العلنية أيضا لها دور وتأثير فالمسجد الذي لا يعلم اسم من بناه له دور والمسجد الذي كتب عليه أنه تبرع ببنائه فلان وفلان هذا أيضا له دور وتأثير لأنه ومن اهم ما يحصل عامل الخير أنه يدعا له فهذا لا اشكال فيه الاشكال حينما يرى الإنسان نفسه أنه قام بهذا العمل لأجل أن يرتفع اسمه بين الناس، فمن يقيم المجالس الحسينية لكي يرتفع شأنه بين الناس هذا قد يخدش ذلك في أمر القربة والإنسان كما يقول القرآن الكريم على نفسه بصيرة فهو يعلم ما الهدف من القيام بلك العمل اهو من اجل القربة لله ام السمعة والشهرة بين الناس، ومن تكون نيته رضاء الله وفي نفس الوقت حاز على رضاء الناس لا اشكال في ذلك فهذا أمر طبيعي عند كل الناس فالنفس ترتاح حينما تكون سمعتها وسيرتها طيبة بين الناس . فاذا أول أمر هو ان تكون نية المقيم للمأتم والمجلس الحسينية هي نية القربة لله سبحانه وأن يجعل نيته خالصة في خدمة أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه. الامر الثاني بالنسبة إلى هذا المقيم المأتم أن يكون تعامله مع المستمعين والحاضرين على أنهم هم أصحاب الفضل عليه وليس هو صاحب الفضل عليهم الذي يأتي من مكان بعيد رجل كبير أو ولد صغير أو امرأة أو شاب أو غير ذلك ترك عمله ترك راحته ترك غير ذلك قصد هذا المكان الذي يذكر فيه فضائل ومناقب أهل البيت عليهم السلام فهو صاحب فضل على مقيم المأتم والمجلس و ليس مقيم المأتم هو صاحب الفضل عليهم فلولا حضور المستمعين لهذا المجلس ما استطاع من اقامة مجلسه ومأتمه فالمستمعون ما جاءوا إلى هذا المجلس الا بسبب ارتياحهم فيه لما يلاقونه من حسن خلق وحفاوة من اصحاب المجلس والمقيمين عليه فالمجالس كثيرة وباستطاعتهم تفضيل غيره عليه بسبب حسن تعامل القائمين عليهم مع المستمعين فإذا ينبغي لصاحب المأتم والمجلس أن يتعامل مع المستمعين والحاضرين إليه على أنهم هم أصحاب الفضل عليه لا أنه هو صاحب فضل عليهم نعم عند الله سبحانه وتعالى ثوابه وأجره لكنهم المتفضلون عليه دون العكس. الامر الثالث فيما يرتبط بمقيم المأتم أن ينفق فيه من أزكى ماله وأفضله فيختار من الأموال أطيبها فينفقها في أقامة المأتم لأنه ينفق في أمر الطيبين والطيبون لا يقبلون إلا الطيب فمن اراد أقامة المأتم لا بد أن يراعي انه قد أدى ما عليه من حقوق شرعية كالخمس فما يصرفه على المجلس الحسيني لابد أن يكون مال حلال وغير متعلق بأي حقوق لله او الناس، الله لن يسأل عباده يوم القيامة لماذا لم تأتوا بالمستحبات، ولكن سيحاسبهم على عدم اداء الواجبات ومنها دفع الخمس لمستحقيه. كثير من الناس يهتمون بزيارة الامام الحسين فهي قد ورد فيها من الثواب العظيم عند الله ولكنها بالتالي مستحبة بينما الخمس واجب شرعي يسأل عنه الإنسان، في بعض الحالات الفقهاء يفتون ببطلان صلاة إنسان لم يخمس شيئا لبسه وصلى فيه مع تعين الخمس في ذلك اللباس بالتالي ما تعلق به الخمس ولم يخمس يكون من غير مال الشخص فعشرين في المئة منه هو يتصرف به من غير مسوغ شرعي فمن يحرص على اقامة المستحبات ينبغي أن يكون اكثر حرصا على أداء الواجبات فمن عليه صوم واجب لا يصح منه الصوم المستحب فلا يجيز علماؤنا أن يأتي الإنسان بصوم مستحب مع كونه مطلوب بصوم واجب، في باقي العبادات هناك كلام آخر لكن هذه قاعدة غير صحيحة أن الإنسان يحرص على اداء المستحبات والحال أنه مطلوب بواجبات أنا أنفق هنا وهناك والحال أني أنا مطلوب بحق شرعي لله او الناس، من يرغب بأقامة المأتم الحسيني ليتوجه إلى الصرف فيه من أطيب ماله ومن أزكى ماله. القسم الثاني هم الخدمة جزاهم الله خير الجزاء وهم الكوادر الذين يقومون بالخدمة في المأتم الحسيني سواء كانوا رجال أو كانوا نساء هؤلاء منزلتهم منزلة كبيرة هم أشبه بالعضلات بالنسبة إلى الجسم هل رأيت جسما يمكن أن يقوم بلا عضلات يمارس شيء بلا عضلات فهؤلاء هم المحرك للمأتم، فإدارة المأتم والمجلس والقيم على المأتم والمجلس يعطي اوامره وتوجيهاته والكوادر ينفذون، وهؤلاء لا بد ان يكون شعارهم دائما شعار عام وهو أن تكون الخدمة نيتها القربة لله ولا أهل البيت سلام الله عليهم وسمتهم الأخلاق العالية لأن هؤلاء سوف يصادفون أشكال مختلفة من الناس وأنواع متعددة الطباع فعليهم ان يحسنوا التعامل مع الجميع فلهذا ينبغي أن تكون خدمتهم خالصة لله عز وجل وبأخلاق متناهية فمن لا يعرف التعامل مع الناس بأخلاقهم وطباعهم المختلفة عليه ان يختار خدمة في مجلس الامام الحسين لا يتعامل فيها مع الناس كالتنظيف وتنظيم امور المجلس والطبخ وأعداد البركة بعيد عن الحضور والمستمعين لأنه بالتالي هؤلاء الذين يحضرون إلى مجلس أبي عبد الله عليه السلام يريدون وجه إقبال يريدون أخلاق يريدون تعاملا حسنا بعضهم هو يسيء التعامل فهو يحتاج لواحد يحتويه يحتاج لواحد يتعامل معه بشكل حسن حتى يملي عليه الأخلاق والآداب بشكل مناسب وهذه مسؤولية الكوادر ومن يقومون بالخدمة في مجالس الامام الحسين، صحيح انهم قد يعانون كثير فالمجلس لا يصبح منظم ومرتب الا بجهود كوادره، جهود جلسات حركات سهر الليل وعمل في النهار وشغل واتصالات إلى أن يطلع المجلس مرتب ومنظم ، البعض من هؤلاء الكوادر يشعر بالحسرة والغبنة فبينما الناس يحضرون المجلس ويشاركون في العزاء هم ينظمون حركة سير السيارات او يقومون بالطبخ والتنظيف والتنظيم فيشعر البعض من هؤلاء بالحسرة ليلة المقتل الناس كلها تسمع المقتل وتبكي وهم في المطبخ يحضرون ضيافة الحسين وما سيوزع بعد الانتهاء من حضور المجلس على الحضور ليلة المصرع مصرع ابا الفضل العباس او ليلة العاشر الحضور متفاعل مع قارئ المقتل بالبكاء والندب وهم ينظمون الشوارع او يخدمون الحضور قمن الخطأ أن يعتقد هؤلاء انهم اقل ثواب ممن حضر وبكى وندب الامام وأصحابه فكما ورد في الرواية عن سيد الأنبياء محمد قال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله خرجنا مع رسول الله وكان بعضنا صائما وصلنا إلى مكان في هذا المكان كان المحظوظ الذي يحصل على ظل شجرة يستظل به من شدة الشمس والحرارة فالبعض صائم والبعض غير صائم - طبعا نفترض هنا أن الخروج والسفر إما كان بعد الظهر حتى يسوغ للإنسان أن يصوم أو أن يكون من غير قطع مسافة شرعية في الذهاب والرجوع فالنبي لا يصوم في السفر لأنه ليس من البر ولا يأمر أصحابه بذلك - الراوي يقول إلى أن وصلنا بهذا الشكل صار وقت المساء والصائمون على أثرها الحر والشمس وكذا كل واحد أتخذ له مكان ليستريح فيه بينما قام الباقون من المفطرين بخدمة الصائمين من جمع الحطب أو الطبخ والاشراف على تجهيز فطور للصائمين فلما جلسنا قال رسول الله صلى الله عليه واله (ذهب المفطرون بأجر الصائمين) لا يقصد ان الصائمين ليس لهم أجر وثواب من الله بل ان المفطر الذي جهز وخدم الصائم له أجر كبير من الله و حصل على مئة درجة ذاك بإفطاره وعمله نفس المئة درجة التي حصلها الصائم هو حاز عليها بخدمته للصائمين فالخدمة والعاملين في المواكب في المجالس الحسينية وفي المأتم الذين يشعرون بالاسف ويتألموا أنه مر الموسم وهم لم يشاركوا في العزاء والاستماع والبكاء بل اشتغلوا بالخدمة هؤلاء سوف يشاركون الاجر مع من حضر وتسمع وبكى وندب الامام واصحابه فاذا كان في المجلس ألف إنسان فلهم أجر الف انسان لما يقومون به من خدمتهم فهنيئا لهم نعم يبقى في الإنسان شوق ومحبة إلى المشاركة العاطفية لكن الثواب والأجر محروز وربما كان في بعض الحالات أكثر وأهم وأفضل من المشاركة في الاستماع في بعض الحالات هكذا الأمر إذ لولاهم لما أصبح من الممكن أن يقام هذا المجلس وهذا العزاء يبقى خطاب إلى الحضور والجمهور الحسيني إذا مقيم المأتم مثلا الرأس والمخطط والخدمة والكوادر عضلات فباقي البدن كله هو الحضور والمستمعون وهؤلاء هم المخاطبون بكثير من الروايات مثل (من بكى أو تباكى فله الجنة) و (من جلس مجلسا يحيا فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب )هذه الروايات، تجلسون تتحدثون، أحيوا أمرنا كلها موجهة إلى هؤلاء المؤمنين المستمعين في مجالس الحسين صلوات الله وسلامه عليه فمن يحضر المجالس الحسينية يعتبر نفسه ضيف في بيت الحسين عليه السلام، فمن يذهب الى المجلس الحسيني يشعر بانه دخل بيت الامام الحسين سلام الله عليه وهو بيت شريف بيت عظيم يجب احترامه باعتبار أنه منسوب إلى الحسين عليه السلام فلا يقوم باي عمل فيه شيئا إلا ما يرضي سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين عليه السلام فالمأتم والمجلس بيت الله عز وجل من جهة الباري سبحانه وتعالى بالخصوص حينما يكون مسجد او حسينية فهما يعتبران بيوت الله وحين أقامه المأتم الحسيني في عشرة محرم تضاف اليهم كرامة انه بيت الحسين عليه السلام فأي كرامة يحمل ذلك المكان من الكرامات فلا بد التعامل يكون على هذا الاساس ، فاذا القراءة تقام في مسجد يستحب أن يحضر الإنسان وهو على وضوء ويؤدي فيه ركعتين تحية المسجد قبل بدء الاستماع للمأتم الحسيني ، وان لم يكن مسجدا فإن من المناسب للإنسان أن يقصد مأتم الحسين وهو على وضوء ويشعر أنه يقوم بعمل عبادي فيتوجه إلى استماع الموعظة والمصيبة بحضور قلب و يعظم هذه الشعيرة وهذا المكان ويقدر اللحظة التي يعيش فيها في هذه الفترة فهو في بيت الحسين عليه السلام وفي ضيافة الحسين عليه السلام فلو تصور الحاضر في المجلس بحضور اهل البيت سلام الله عليهم حضورا إشرافيا في هذا المكان كما هي الروايات الكثيرة الواردة عنهم (وهؤلاء لما كانوا أرواحا مقدسة فلا يحدها مكان ) فهناك حضور إشرافي لهم تحت رعايتهم تحت هدايتهم تحت دعائهم فالموالي المحب لهم حين يحضر مجالسهم يشعر كأنه معهم وكأنهم معه فلينظر ماذا يصنع لو كان معهم في الحقيقة والواقع سوف يكون في قمة الادب والاحترام والهدوء وحسن الاستماع والمشاركة في العزاء وسوف يراقب نفسه في تعامله مع الاخرين ويراعي تصرفاته مع من يحضر المجلس او يخدمه كما انه لا بد أن يحافظ على نظافة وترتيب المكان الذي يجلس فيه فهو في بيت الحسين وضيافته وتحت نظره. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من مقيم المجالس والمآتم الحسينية وأن يبارك لنا فيما هو موجود فيها وأن يعيننا على أداء حقها وحق صاحبها وأن ينفعنا بما يجري من الإرشاد والموعظة فيها.
مرات العرض: 6594
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 140256.3 KB
تشغيل:

 بالحسبن ينتشر منهج الحق
مسؤولية الوالدين في عصر الذكاء الصناعي