قال الله في كتابه الكريم (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريكا في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا).
حديثنا ضمن سلسلة معاني الاذكار يتناول الذكر الجليل الله أكبر، او التكبير، هذا الذكر أمر به في القرآن الكريم مرارا منها ما جاء من امر لرسول الله حيث قال الله تعالى (وربك فكبر) وقوله تعالى وكبره تكبيرا وغيرها من الآيات بالإضافة الى كثير من الأحاديث الواردة عن رسول الله والائمة المعصومين واستحبابه اجمالا ووجوبه في بعض الموارد.
الوجوب جاء في تكبيرة الاحرام بدونها لا تصح الصلاة فمن صلى بدون تكبيرة الاحرام ان كان جاهلا او عالما عامدا او ناسيا في جميع الحالات الصلاة تكون باطلة.
هناك مسألة فقهية من أقام الصلاة بدون ذكر تكبيرة الاحرام تكون صلاته باطلة ويجب قضاء تلك الصلاة وأن كانت لسنوات عدة ، فهي ركن وترك الركن عمدا او سهوا يبطل الصلاة ، ففي الصلاة ركن وواجب ومستحب من ترك الركن مثل تكبيرة الاحرام عامدا او سهوا فصلاته باطلة فهي بوابة الصلاة لا يستطيع المصلي أن يبدأ صلاته الا بتكبيرة الاحرام ويكون ملزم بكل فعل في الصلاة ويجب على المصلي أن يتجنب ما يبطلها ،فتكبيرة الاحرام كالشهادتين لثبوت الاسلام فتلفظ الانسان بالشهادتين تدل على اسلامه وكمثل عقد الاحرام للعمرة او الحج بمجرد عقد نية الاحرام والتلبية تبدأ العمرة أو الحج ويجب الالتزام بأحكامها وشروطها، بينما الواجب ان تركه المصلي ناسيا لم تبطل صلاته كقراءة السورة، وهناك المستحب حينما يتركه المصلي ناسيا او عامدا فصلاته صحيحة كالأذكار المستحبة والدعاء في القنوت في الصلاة .
لهذا يجب التركيز في مسألة تعليم الابناء الاحكام الشرعية من وضوء وغسل وصلاة والتدقيق عليها ، فكما يهتم الاباء بصحتهم وتعليمهم وحياتهم المادية ، فيجب عليهم الاهتمام بالمسائل التي تتوقف عليها علاقة ابنائهم بالله ينبغي الانتباه لها والتركيز عليها وتعليمهم اياها .
فالتكبير بقول الله أكبر له مواضع عدة منها الواجب بكونه ركن كتكبيرة الاحرام ومنها المستحب سوء في الصلاة أو غيرها كقول الله أكبر في كل حركة من افعال الصلاة فحين الركوع والسجود والقيام منهما يبتدأ بالتكبير، كما هناك التكبير المستحب في تسبيحة الزهراء والصيغة المعروفة في جميع التكبيرات بلفظها الصحيح هي الله أكبر بدون واو والتي يضيفها البعض بالخطأ فيقول والله أكبر فتكون كالقسم او يبدل الضمة بواو ويبدل الفتحة بمد فيقول اللهو أكبارو، فمن قام بأداء تكبيرة الاحرام بهذه الصيغة يجب عليه اعادتها بصيغة صحيحة .
لماذا التكبير له هذه الاهمية العظيمة بحيث يأمر بها رسول الله وسائر الخلق وترد في الآية الكريمة (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولد ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا).
ما هو معنى التكبير؟ لدينا معنيين أحدهما أدنى وأخر أعلى، المعنى الادنى والذي يرد على لسان العامة من الناس ونجده كثيرا في كلمات مدرسة الخلصاء وتعني أن الله أكبر من سائر المخلوقات وهذا ما يفهمه جميع العقلاء ويتبادر الى الذهن حين قول الله أكبر يتبادر هذا المعنى بان الله أكبر من كل شيء.
وهناك طريقة للقارنة بين الاشياء كقولنا هذا البيت أكبر من ذاك البيت فنضعهما او نقيسهما لكي نثبت أن احدهما أكبر من الاخر فحينما نريد أن نثبت أن شيء أكبر من غيره لابد من وضعهما بجانب بعض لكي نثبت الفرق بينما هذا لا يصح مع الله فحينما نقول الله اكبر من السماء لا يمكن أن نضع السماء بجانب الله لكي نثبت ذلك فالله لا يقارن مع مخلوقاته ، كم أن تفضيل شيء على شيء وتزيده بشيء لابد ان يكون الاثنين مشتركين في جهة واحدة كالطول والمساحة فحينما نريد أن نثبت ان احدهما أكبر من الاخر لابد ان نعرف قياسهما وطولهما ومن ثم نثبت أن أحدهما اكبر في الطول من الاخر ،وهذا ما يبينه الامام الصادق للمعنى الاعلى لذكر الله أكبر حينما يسأل الامام أحدهم فيقول له (اي شيء الله أكبر؟ فقلت الله أكبر من كل شيء، فقال عليه السلام فكان ثم شيء فيكون أكبر منه، فقلت فما هو؟ فقال الله أكبر من أن يوصف) لا يستطيع أنسان أن يوصف الله بما عليه حقيقته سبحانه وتعالى فمهما وصف الانسان الله لا يستطيع ان يوفيه حقه فهو عصي على الوصف، وهو أعظم من التخيل فلا يمكن تحديد الله بمقارنته مع الاشياء ولا يمكن جعل نقط اشتراك بين الله والاشياء وفي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام يقول فيها (الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحويه المشاهد ولا تراه النواظر ولا تحجبه السواتر، الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث خلقه على وجوده، وارتفع عن ظلم عباده وقام بالقسط في خلقه ...)
هل نستطيع ان نعرف هل نحن نكبر الله بالشكل الصحيح أي نعطيه ما يستحق من الاحترام والتقدير ولا نعتبره شيء بسيط؟
هناك من يكبر الله بلسانه ولكنه يصغره بافعاله فحينما الانسان يرى الله بانه أهون الناظرين لأفعاله يكون لم يكبر الله بالشكل الصحيح والمطلوب، فحينما لا يعصي الانسان الله سبحانه وتعالى امام ابناءه او سائر الناس لكيلا يستنكرون فعله ولكنه يرتكب المعصية أن لم يراه أحد من البشر فحينها هذا العاصي جعل الله أهون الناظرين فهو خجل وخاف من فعل المعصية أمام أحد ابناءه وان كان طفل صغير وامام الناس بينما ارتكبها امام الله حينما يكون وحده، حينها يكون كبر سائر الخلق تكبيرا وصغر الله تصغيره.
كذلك من معاني التكبير الثقة التامة بان الامور تسير بمشيئة وقدرة وقوة وتدبير الله وليس بمشيئة البشر والتوكل على الله في فعل الامور وليس على قوة البشر.
وفي حديث الامام الصادق عليه السلام قال لإسحاق أبن عمار (خف الله كأنك تراه فأن كنت لا تراه فانه يراك فان كنت ترى انه لا يراك فقد كفرت وان كنت تعلم انه يراك ثم استترت عن المخلوقين بالمعاصي وبرزت له بها فقد جعلته في حد أهون الناظرين اليك).