14 زيارة الحسين فوائدها الدينية والدنيوية والأخروية
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 14/1/1445 هـ
تعريف: زيارة الامام الحسين وفوائدها الدينية والدنيوية والآخروية | كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين | روي عن سيدنا ومولانا ابي جعفر الباقر عليه السلام انه قال (مروا شيعتنا بزيارة الحسين فأن اتيانه يزيد في الرزق ويمد في العمر ويدفع مدافع السوء وأتيانه مفترض على كل مؤمن يقر له بالإمامة من الله عزوجل) صدق سيدنا ومولانا الامام الباقر عليه السلام. حديثنا بعنوان زيارة الامام الحسين وفوائدها الدينية والدنيوية والآخروية وهو عبارة عن بحث تمهيدي للحديث عن زيارة الناحية المقدسة والتأمل في تلك الزيارة ، فتكون لنا في الليالي الأولى بعض المباحث والمواضيع التي تكون لنا مدخل مثل ثواب وفوائد زيارة الامام الحسين عليه السلام واقسامها وانواعها وبحث في زيارة الناحية لمن تنسب وبعد ذلك نفد الى شرح تلك الزيارة المهمة . وهذه الليلة ينصب على ما يرتبط بفوائد زيارة الامام الحسين عليه السلام . في البداية لابد ان نشير الى ان هناك روايات يستفيد من ظاهرها بوجوب الزيارة وكيف ان الصوم والصلاة والحج واجبة كذلك هناك بعض الروايات ظاهرها هذا المعنى كما يتبين في هذه الرواية فالإمام يقول فيها واتيانه مفترض على كل مؤمن يقر بالإمامة للحسين من الله عز وجل . في موضع اخر راوي اخر ينقل هذه الرواية وهي امرأة اسمها ام سعيد الاحمسية حينما ذهبت الى الامام الصادق عليه السلام فقال لها ( يا أم سعيد زوريه فان زيارته واجبة على الرجال والنساء ) وهذا كلام صريح بالوجوب وهناك روايات آخرا أيضا ظاهرها يستفيد منه ان زيارة الامام الحسين واجبة على المؤمن , علمائنا حينما نظروا الى هذه الروايات رأوا انها من حيث الاستنباط ليست عالية السند لكن هناك بعض الروايات معتبره من حيث السند والاعتبار ,ولهذا اصبح لدينا ثلاث اتجاهات لدى العلماء اتجاه أخذ بظاهرها فقال اذا الامام يقول الزيارة واجبة على الرجال والنساء ويقول مفترضه فاذا نحن نأخذ بوجوبها ولو مرة واحدة في العمر ،وهذا عند قسم من القدامى من العلماء خصوصا في المدرسة الإخبارية فمثلا يستفاد من عنوان ذكره المحدث الحر العاملي باب وجوب زيارة الحسين ،ونقل هذا أيضا عن العلامة المجلسي ووالده المسمى بالمجلسي الأول ، هذا اتجاه فاذا وجدت روايات صريحة تقول اذا امكن الزيارة بلا خوف ولا ضرر يجب القيام بها والذهاب لزيارة الامام كما هو الحال في الحج . الاتجاه الثاني قالوا هي ليست واجبة عينا على المؤمنين والشيعة وانما هي واجب كفائي فاذا قام به البعض من الناس سقط عن الاخرين فمثلا في عصرنا هذا تعطيل زيارة الامام الحسين غير جائز فيبقى حرمه فارغا فاذا لم يذهب احد لزيارته يأثم الجميع ولكن لو ذهب بعض الناس وان كانوا اهل كربلاء القريبين من حرمه هذا يسقط الوجوب عن باقي الناس وهذا قانون الوجوب الكفائي . فهناك واجب عيني كالصلاة مفروض على كل مكلف ان يقوم بها وهناك واجب كفائي ان قام به البعض سقط عن الاخرين مثل ان وجدت جنازة مسلم من المفروض ان يغسل ويكفن ويدفن ان تخلى جميع الناس عن ذلك الميت ولم يقم احد بتغسيله وتكفينه ودفنه اثم كل الموجودين حوله ، ولكن لو قام احد ممن حوله بمراسم دفنه سقط الواجب عن الجميع ولم يأثم احد . بعض العلماء قالوا ان زيارة الامام الحسين واجبة وجوب كفائي المهم وجود من يزور الامام ولا يخلوا حرمه من زواره . القول الثالث هو القول المشهور المأخوذ به في وقتنا الحالي ان زيارة الامام الحسين ليست واجبه وجوب عيني بمعنى انه لو تركها الانسان لا يكون عاصي وليست واجبة وجوب كفائي ، وانما هي مستحبة ومن قام بها له ثواب عظيم جدا ،وعادة الروايات التي تذكر ثواب للأعمال تكون تلك الاعمال مستحبة وتؤكد الروايات على الثواب العظيم للترغيب بالقيام بها والتشجيع عليها ، فاذا الثالث يقول ان زيارة الامام الحسين سوء اكان سائر أيام السنة او في المناسبات الخاصة فهي مستحبة ولها اثر واجر عظيم عند الله وهذا هو الرأي الذي يقول به جميع علمائنا في عصرنا هذا ،يذهبون الى استحباب الزيارة ويؤكدون على ذلك فيقولون ان الائمة حينما يقولون بانها مفترضة وانها واجبة وان من لم يقم بها كأنه رد حق الحسين وحق رسول الله عليه جميع الروايات التي تطرح زيارة الامام الحسين بهذه التعابير انما يقصد بها الاستحباب المؤكد وليس الوجوب . هذه الزيارة أحيانا نتحدث بالذهاب الى حرم الامام الحسين سوء بالسفر والقدوم من بعيد او التوجه الى زيارة الامام من قرب ،فأصل الزيارة هو الانتقال من مكانه وذهابه الى مكان المزور فحينما نزور النبي لابد الذهاب الى المدينة وهكذا زيارة بقية المعصومين يكون بالتوجه جسديا لمرقد المعصوم المراد زيارته . وهناك مقصد أخر نزل بمنزلة الزيارة عن قرب وهي الزيارة عن بعد فمن يرغب في زيارة النبي او الامام يستطيع ذلك وهو في مكانه بدون ان ينتقل او يسافر يسلم على المعصوم ويقوم بزيارته بدون بذل أي جهد او مال ، هذه الزيارة لها ثوابها واثرها ولكن بالتأكيد ليس كتلك الزيارة التي تستلزم الجهد والمال وربما المخاطرة بالنفس فهذه ثوابها اعظم واكثر من الزيارة عن بعد ، ولكن الزيارة عن بعد التي يقوم بها المؤمن وهو جالس في بيته ووطنه نزلت بمنزلة الزيارة ولها اثر كبير وعظيم خاصة لمن لا يتمكن من الذهاب ، في رواية موجودة في كامل الزيارات ان الامام الصادق عليه السلام يسأله سدير الصيرفي عن زيارة الحسين عليه السلام فيقول له تزوره في الجمعة عدة مرات (وقد يكون المقصود يوم الجمعة او خلال الأسبوع ) فقال له سدير في حديث طويل ان بيننا وبينه فراسخ أي انه بعيد عنه لاسيما انه كان يسكن في الكوفة من الصعب عليه التوجه أسبوعيا لزيارة الامام الحسين في كربلاء فيقول له الامام اصعد اذا على سطح دارك وقل السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته ،هذه نزلت بمنزلة من زاره خاصة لمن لا يتمكن من الذهاب والزيارة عن قرب . اذا الزيارة سواء اكانت عن قرب او بعد فيها فوائد كثيرة لدينا ثلاث عناوين بهذا الخصوص : أولا / الفوائد الدينية منها زيادة معرفة الزائر بالمعصوم وبوضعه فمن يذهب الى كربلاء سيزداد معرفة بجغرافية معركة كربلاء ويزداد معرفة بالحسين وما جرى له حينما يقرئ الزيارة وفيها تفاصيل ما جرى للحسين وانصاره ،وأول حق يعرفه الزائر حق الامامة وحق الطاعة للمعصوم الذي يقوم بزيارته ، كما ان الزائر حينما يزور المعصوم وهو عارف بمكانته يكون اجره اكبر وهذا ما ورد في الرواية (من زار الامام عارف بحقه وجبت له الجنة ) وعارف بحقه تعني معرفة حق الإمامة فهو امامي وانا مأموم وهو المتقدم علي ويجب علي طاعته واتباعه فحقه على الخلق والبشر معرفته أولا ومن ثم اتباعه. ثانيا / زيادة العلاقة والانتماء للمعصوم المراد زيارته فيتحول الحب الى المودة فمن طرق اثبات الحب لأي شخص هو الزيارة والتقرب له فالحب في القلب ولكن النطق به او التوجه لزيارته وبذل الجهد والمال يثبت ذلك الحب ويقويه وهذا ما أراده الله من عباده ان يزدادوا قربا فتقوى علاقتهم بالرسول واله وهذا ما ورد في الآية الكريمة ( قل لا أسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى ) فلا يكتفى بمجرد المحبة ،ما يثبت المحبة هو زيارته وأيضا من مظاهر الحب هو ذكر المحبوب بألفاظ تعظمه وترفع من مقامه وذكر مكانته عند الله فحينما يقول الزائر السلام عليك يا ثار الله وابن ثأره وغيرها من الالفاظ الواردة في الزيارات ترفع من مقام المزار . وهناك فائدة ثالثة يحصل عليها الزئر من زيارته للمعصوم هي الاقتداء بذلك المزار ، فحينما يتوجه الانسان لرؤية شخص يتأثر بتوجه وشخصية ذلك الانسان فمن يتوجه لرؤية ممثل او مغني ويحضر حفلاته بالتأكيد سيكون هناك اثر على نفسه وشخصيته بالاقتداء بذلك الشخص فهو لم يذهب له الا اذا كان يحبه ويرغب في التقرب منه وتقليده فيما يفعله فهو يراه نموذج اعلى ويرى بان نمط حياته هي الحياة المثالية ، كذلك من يذهب لزيارة العلماء والاتقياء سوف يتأثر بشخصياتهم ،كذلك الحال بمن يذهب لزيارة الامام المعصوم سوف يتأثر بشخصيته وتاريخه وانجازاته ويحب ان يسير على نهجه وطريقته فهو يقول في الزيارة ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما فهو يعتبر الفوز بالسير على نهج النبي او الامام المعصوم الذي يقوم بزيارته عن قرب او بعد ، فالذي يقوم بزيارة المعصوم يتأثر بما كان عليه الامام وأسلوب حياته . ثانيا / الفوائد الدنيوية التي يحصل عليها المؤمن حينما يزور المعصوم يتبين ذلك حينما يقول الامام محمد الباقر عليه السلام حينما قال ( فأن اتيانه يزيد في الرزق ويمد في العمر ويدفع مدافع السوء ) هذه جميعها منافع دنيوية فيزيد في الرزق احد التوجيهات الغيبية والالهية بان الانسان حينما يصرف مالا فيما يحبه الله ويحث عليه الله اخذ على نفسه وعدا بان يعوضه ،فكل ما انفق في سبيل الله يعود للإنسان بالفائدة فما انفقه على مصروفات الزيارة سيعيده اليه بفائدة دنيوية ، فكل نفقه ينفقها الانسان في رضى الله من صدقات وعطايا وتبرعات الله اكرم من الانسان فما دفعه العبد في سبيل الله من حج وزيارة وصدقة وغيرها الله سيعيدها اضعاف مضاعفة ،والحد الأدنى ان يعيد له ما انفقه ، وقد تكون المسألة مسألة غيبيه وهذا ثابت في كثير من الموارد وليس فقط الزيارة ، فالله جدير بان يعوضه فيزيد في رزقه ،وقد يكون توجيه طبيعي بان هناك بعض من يذهب الى الزيارة يأخذ معه ما يتاجر به فيزيد رزقه زيادة واضحه . الفائدة الثانية الدنيوية يمد في العمر وهناك أمور كثيرة تطيل العمر كصلة الرحم ، فالله جعل من أسباب طول العمر صلة الارحام ، من يصلي صلاة الليل الله جعل وجهه مشرقا فهناك أفعال يقوم بها الانسان يكون لها ارتباط بأمور أخرى منها طول العمر وصلة الرحم وزيارة اهل بيت رسول الله ،كما ان من فوائدها الدنيوية ان يدفع بها مدافع السوء ،وهي الأشياء التي يدفع بها السوء والمصائب ، وهذا جميعه محكوم بمشيئة الله وتقديره فقد يذهب شخص للزيارة وتحدث له مصائب فيقول ان ما حصل له من مشاكل ومصاعب سببه الزيارة بينما لعله العكس ان الزيارة دفعت عنه سوء اكبر مما حصل له ،كما ان ما يحدث للإنسان محكوم بحكمة الله فربما البعض يقول بما اني زرت الامام المعصوم فسوف يدفع عني الله كل سوء فلا يهتم بصحته وبنفسه اعتمادا على فضل زيارة اهل البيت ومردوداتها الإيجابية ،هذه نظرية خاطئة فالله قادر ان يقوم بكل شيء ولكن ضمن حكمته فإهمال التغذية بطبيعة الحال تسبب المرض ، فاذا هذه من الفوائد الدنيوية كما ان من الفوائد الدنيوية التعرف على شيعة اهل البيت كما يحدث في الحج المسلمون يلتقون ويتعارفون وهذا له فوائد كثيرة . ثالثا / الفوائد الاخروية فالأجر المترتب من زيارة المعصومين كثيرة جدا المرحوم ابن قولويه في كتابه كامل الزيارات او جامع الزيارات أورد احاديث كثيرة جدا عن المعصومين يذكرون فيها ثواب زيارة الامام الحسين عليه السلام منها ما ورد عن الامام الصادق عليه السلام ( من سره ان يكون على موائد النور يوم القيامة فليكن من زوار الحسين عليه السلام ) والمقصود موائد النور هي المكانة القريبة من النبي واهل بيته عليهم السلام ، وفي رواية أخرى للإمام الصادق ( من أراد ان يكون في جوار نبي الله وعلي وفاطمة فلا يدع زيارة الحسين عليه السلام ) فمن أراد ان يكون قرب رسول الله وعلي وفاطمة فلا يترك الزيارة عن قرب او بعد ، وفي رواية ثالثة ( من أتى الحسين عارفا بحقه كتبه الله في اعلى عليين ) ورواية أخرى فيها فائدة دنيوية لتنفيس الكروب يقول الامام الصادق لاحد الكوفيين ( ان الى جانبكم قبرا ما أتاه مكروب الا نفس الله كربته وقضى حاجته ) . نسأل الله ان يكتب لنا زيارة الامام الحسين وجده وابيه وامه واخيه والتسعة المعصومين من بنيه سلام الله عليهم جميعا في القريب العاجل .
مرات العرض: 3454
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 54829.54 KB
تشغيل:

13 نحن وتفاصيل مقتل الإمام الحسين
15 البُنية العامة لزيارات الإمام الحسين