ادمان التشكيك وأثره المدمر 3
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 3/1/1443 هـ
تعريف:

إدمان التشكيك وأثره المدمر

تحرير: السيد عبد الحميد الحسني

 قال الله العظيم في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم:  "بل هم في شك يلعبون" آمنا بالله، صدق الله العلي العظيم

معنى الإدمان

الإدمان معروف يعني التعود على شيء بحيث لا يستطيع ذلك المتعود ترك ذلك الشيء المدمن عليه، الإنسان عند عادات كثيرة و لطن أكثر هذه العادات يستطيع تركها لما يقرر ، لكن لما يصير هذا الإنسان أسير لشيء معين بحيث لا ينفك عنه ، يقال هو مدمن على كذا ، قد يكون مدمن على المخدرات –نعوذ بالله- و بلاء من (البلاءات)الابتلاءات العظيمة في هذه الأمة ، و تبدأ بشيء بسيط حبة تسهرك حتى تراجع جيدا أيام الامتحانات تواصل ليل بنهار، منها يبدأ مسار الإدمان، أو إدمان الأفلام الإباحية و المناظر الخليعة ، هذا أيضا بلاء عظيم ، يعني هذا مفسد لإيمان الإنسان و مفسد لحياته الزوجية ، بعدين ما يستمتع بحياة زوجية، حالات كثيرة عند قسم من الناس ، عنده امرأة جميلة عفيفة مؤاتية  لا يستطعم هذا ، لماذا لإدمانه الأفلام الإباحية ، لذلك ليحذر الإنسان رجل كان أو إمرأة، شاب أو شابة ، في هذا الإدمان على الصور الخليعة و الذي يبدأ بشيء بسيط، بحيث يقول أو تقول: أتفرج على هذا ، استطلاع ، خمس دقائق فقط !!!

 لكن هذا مثل ماء البحر ، كل ما تشرب منه تزداد عطشا، حبث ما تروى أو ما تشبع كل خلوة من الخلوات ترجع إليه، علما أننا تحدثنا في سنة من السنوات عن مشاكل الإدمان على  الإباحيات ، لا نعيد فقط إشارة ..

و من الإدمان أيضا إدمان التشكيك ، أن بعض الناس تصبح لديه حالة  من إدمان الشك فيبدأ بسؤال و سؤال آخر و ثالث ، من يقول أن الدين الذي نحن عليه هو الدين الحق ، من يقول أن الإمامية هم على الطريق السوي لماذا لا يكون غيرهم كذلك، من يقول أن الحجاب هو واجب من يقول أن الصلاة هي واجبة ، من يقول الصوم واجب ، بعضهم جاء و قال أن الله قال براحتك تريد الصوم تصوم ما تريد ادفع عنك دولار و خلص ينتهي الموضوع؟؟؟؟؟ !!! فيبدأ الإنسان بالشك فيتحول إلى تشكيك ثم يصبح حالة إدمان ، حيث يخرج من حالة اليقين إلى حالة الشك، دائما هو في حالة شك ، و هو شك كما يصفه القرآن الكريم شك مريب ، يصنع الريبة في قلبه و يخرجه من حالة اليقين ،عندنا في مجتمعنا المسلم و في مجتمعنا الشيعي الموالي لأهل البيت عليهم السلام، هناك عدة حالات من أفراد من عامة الناس و أحيانا ممن يصنفون على سلك المثقفين بل على طلاب العلوم الدينية، يتحول الإنسان من  طارح للسؤال إلى شكاك إلى مدمن على الشك، قد يعترض الواحد: أليس طبيعي أن يشك الإنسان؟ لا ، بالعكس جدا طبيعي، الحالة الطبيعية للإنسان أن يشك في بعض الأمور، يتساءل عن بعض الأمور ، ينبعث الشك من داخل نفسه ثم يسعى هو للحصول على الجواب سعيا لليقين، هذه حالة جدا طبيعية و هي التي يتحدث عنها القرآن الكريم:" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" ، الإنسان لا سيما المشغول بالأمور الحياتية الإعتيادية لا يستطيع أن يتخصص بنفسه في كل مسألة من المسائل ، فتطرأ على ذهنه أسئلة و إشكالات من عنده ، حيث يروح وراءها يسأل ،إن كان يستطيع أن يجد جوابا من نفسه وجد و إن لا ، يذهب وراء المتخصص في ذلك الفن، فن الدين له متخصص، فن الهندسة له متخصص، فن الطب له متخصص، علم النفس له متخصص و هكذا ، سؤاله و سعيه نحو الإجابة على هذا السؤال هو سعي نحو اليقين ، هذه حالة طبيعية جدا..

الحالة غير الطبيعية التي نتحدث عنها أن إثارة السؤال إثارة الشك غير نابعة من الإنسان نفسه و إنما من طرف آخر، طرف آخر يطرح عليك سؤال تشكيكي ، الغرض من طرحه هذا السؤال عليك  و الإشكال و الشبهة ليس لكي تصل إلى اليقين و إنما ما كنت عليه يهتز و يختل، يقول لك إذهب و ابحث عن الجواب، سواءا وصلت أو لم تصل ، يزيدك سؤالا آخر و شبهة أخرى ، هذا ليست غايته أنك تسأل حتى تصل لليقين و إنما ما أن تورطت أو لا في السؤال ، يسعى لتوريطك في السؤال الثاني و الثالث و الرابع و هكذا، غرضه أنه لايريدك أن تصل الى حالة اليقين و الإجابة على السؤال و إنما أن تكون مشغولا بهذه الشكوك و النتيجة غالبا أن الإنسان في مثل هذه الحالات إذا تابعها و مشى وراءها يقل التزامه الديني درجة أو درجات كما سيأتي بعد قليل ، إذن صار عندنا حالتين الحالة الطبيعية   و الحالة غير الطبيعية، و صار عندنا أصل الشك و عندنا أيضا إدمان الشك، أساسا كلمة الشك من أين مصدرها؟ متعارف عليه  القول/ نشك شيء بشيء ، أي يدخل شيئا في شيء مثلا إبرة تدخلها في قماش، أي تشكها، فإدخال شيء غير مستقر على شيء مستقر ، سيء من الخارج على الداخل  هذا هو الشك ، أصله اللغوي ، نفس الشيء لما أن يكون لديك يقين بشيء واحد يأتي و يدخل إبرة شك فيشك يقينك، يجعل شيئين هذا ينازع هذا، هذا أصل الشك اللغوي..

ماهي بواعث الشك في المجتمع المسلم؟

البواعث التي تبعث على الشك في المجتمع المسلم هي عبارات كثيرة و أمور كثيرة ، تقريبا لم يبق شيء لم يثر حوله شك، الله سبحانه و تعالى ، من قبل هذا كان تشكيك الكافرين فيه و غير المؤمنين، حتى استنكر عليهم القرآن الكريم يقول: "أفي الله شك فاطر السموات و الأرض" هل الحقيقة الحاضرة الواضحة  "عميت عين لا تراك عليها رقيبا، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك، و متى بعدت حتى تكون الآثار هي المظهر لك" هل هناك شيء أوضح من الله سبحانه و تعالى في الكون و مع ذلك يشكك فيه المشككون ، و يبعثون حكايات ، مرة يقولون: كيف الشرور موجودة؟ الله يرضى عن الشرور أو ما يرضى عنها ؟؟ إذا يرضى عنها إذن ماهي عدالته؟ و إذا ما يرضى عنها لماذا لا يمنعها؟ طبعا هذه الاشكالات ليست جديدة، إنها قديمة و أجوبتها أيضا قديمة  و ناهضة و إنتهت، و إنما يقومون بتجديدها ، تأتي إلى سيد الأنبياء و المرسلين محمد صلى الله عليه و آله وسلم (اللهم صل على محمد و آل محمد ) نفس الكلام النبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم حروبه كيف ؟  هل كانت دفاعية هجومية ؟ هل تتوافق مع حقوق الإنسان او ما تتوافق؟ و مع حرية الإنسان في الاعتقاد؟ و ما هنالك؟، و لاسيما في هذه الفترات ، خلال فترة العشر سنوات الاخيرة على أثر ذهاب طلابنا المبتعثين الى الخارج للتعلم، بيئتهم هناك – و إن كانت ظاهرا بيئة علمية و لكن ليست الحقيقة هكذا- المدرس يطرح أفكاره في تلافيف كلامه ، و لذلك الذين ذهبوا من المبلغين هناك و أحيانا حتى تأتي أسئلة كثيرة من الخارج من المبتعثين و نعم ما يصنعون عندما يسألون..

المدرس في علوم الكمبيوتر،  ما علاقة  شغله بالنبي محمد صلى الله عليه و آله و سلم حتى يثير سؤال ، لكن القضية – كما سيأتي بعد قليل- هي ضمن إطار الصراع الغربي الإسلامي، هذا مبعث لهذه الأسئلة بين الإيمان و المادية، بين الحالة الغربية و الحالة الإسلامية، فذاك مهما يكن فهو لا يرتضي هذه الثقافة و لا طريقة الحياة التي يعيشها المسلمون ، فيرى في زعمه أنه عندما يطرح سؤالا  و يغير عقيدة هذا، أنه استطاع أن يخرجه من الجهل إلى العلم، تأتي إلى قضية الإمامة، هل هناك نصوص على الأئمة أو لا ؟؟ كيف اختلفت أدوار الأئمة؟ هذا الإمام كيف صنع كذا ؟؟ و ذاك الإمام؟ فما بقي شيء لا في أصول العقائد و لا في المسائل الفقهية و لا في آيات القرآن، إلا و طرح التشكيك فيه و السؤال... و قلت و أكرر ليس هذا شيئا جديدا ، هي أسئلة الأكثر منها قديم و أغلبها طويت صفحته من الناحية العلمية، جزى الله علماءنا الأبرار من القرن الثالث الهجري بدأوا في تنقيح علوم العقائد و علم الكلام و أجابوا على هذه  الإشكالات و الأسئلة و أنهوا في الغالب البحث فيها، لكن تجدد هي بإستمرار لاسيما إذا طرحت على شاب أو شابة لم يتيسر لهما مطالعة هذه الكتب أو لم يتصل بجهات علمية تشرح له..

إذن القضية لا تتوقف عند موضوع أو موضوع آخر، و إنما شملت كل الأمور و هذا يشير إلى الهدف منها ، مرة يقول لك المشكك تعال نثبت مسائل و قضايا الله و الإيمان به و  النبي و الأئمة ، ثم يذهب نحو المسائل الفقهية، يريد يأتي على كل البناء لإزاحته، فإذا نجح في إثارة الشك في هذه المسألة  ينتقل إلى أخرى، إذا مسألة فقهية و إلا مسألة عقائدية و على هذا المنوال ،  من بواعث التشكيك قسم منها كما ذكرنا الصراع الغربي-الإسلامي، و أحيانا يتلبس بلباس مسيحي، هناك صراع بين رؤيتين للحياة، المسيحيون المبشرون في العالم يجدون أن الإسلام يواجههم بأفكاره السليمة بعقائده الصحيحة و يخطئ ما ذهبوا إليه من ألوهية عيسى بن مريم و أشباه ذلك، فماذا يصنعون هؤولاء ، بطبيعة الحال سلاحهم أن يثيروا إشكالات و أسئلة و كلمات و أحيانا يستفيدون من بعض مصادر المسلمين لا سيما في مدرسة الخلفاء مما ورد من أمور لا يصح نسبتها لرسول الله صلى الله عليه و  آله و سلم، و تثار هذه الشبهات، يصور النبي صلى الله عليه و آله وسلم كما وردت في بعض مصادر المسلمين لا تشرف أحدا فيثير هذه الإشكالات، قسم آخر لا يرتبط بالموضوع المسيحي، الحضارة الغربية المادية هي على حد المواجهة مع الحضارة الدينية الإسلامية، فمثلما الإسلام و المسلمين يعيبون على فكر الحضارة الغربية أنه أين أوصل الإنسان في زمن الثقافة الغربية إلى أن انعدمت إنسانيته و خرج عن عبوديته لله تبارك و تعالى و إيمانه به، و أحدث هذه المصائب  السياسية و الاجتماعية و الأخلاقية و الاقتصادية و هو كلام صحيح يوجهه المسلمون و المفكرون المسلمون للحضارة الغربية، أولئك أيضا يوجهون سهام التشكيك لعقائد الإسلام  برامج الإسلام و أحكامه، قسم آخر من داخل الحالة الإسلامية مفكر بحسب التصنيف ، طالب علم ، خطيب ، مثقف ، ديدن هذا القسم  أنا أريد أن أميز نفسي عن الآخرين أقول أنا اكتشفت إشكال لم يكتشفه أحد قبلي في هذا الكتاب الفلاني و أطلع الاشكال من الكتاب الذي لم يكتشفه أحد قبلي أنا أول الأولين و أسبق السابقين و أنفخ فيه، هذا أنت لو ذهبت و راجعت في تاريخ الفكر الإسلامي سوف تجد هذا الإشكال أثير قبلك و مؤرخ متى أثير و تمت الإجابة عليه لكن أنت ليس لديك تتبع ، لو كنت متتبعا حقا لرأيت هناك من سبقك إليه و من سبقك إلى الإجابة على هذا الإشكال ، إذا اكتشفت الإشكال و ما جاوبت عليه فهناك من اكتشف الإشكال و أجاب عليه، فأحيانا يصير عند البعض من مفكرين  و مثقفين  و طلاب علم  إثارة، بإعتبار أنه يحتاج إلى أن يتميز عن غيره فلابد أن يتميز بهذا، بعض السيارات إذا تمشي بالشارع الأصلي ما عندها سرعة  أن تسبق غيرها تروح إلى الطريق الجانبي و تسبق غيرها ، البحث عن قضايا التشكيك في الفكر الإسلامي و التاريخ الإسلامي و العقائد قسم من مدمني الشك و ممن يبثون التشكيكات لديهم دوافع نفسية بغرض التميز عن الغير و بغرض أن يظهروا هم الذين لم يسبقهم أحد و لا يلحقهم أحد، لا أريد أن أقول هنا أن الكتب كلها صافية أو زلال و سليمة  و الروايات كلها مضبوطة، لا أحد يدعي هذا، لا يدعيه عالم من العلماء و لا مثلي و من أمثالي الطلبة الناقلين عن العلماء، لكن ان يأتي بعض الأشخاص و يتصورون أنه مثلا  هم أول من اكتشف و أهم من عرف و أول من قارن، لا يا أخي هذه الأفكار 99% منها مذكورة  و مطروحة و شبق الحديث عنها، لكن لما يأتي واحد و يريد يميز نفسه على الغير يركز على هذه النقاط حتى يزهر بها مثلا مثقفا كبيرا أو مفكرا مهما أو عالما نحريرا، هذا أيضا من الأغراض و الأسباب التي تحصل و إغراء فكرة التجديد ، عندنا في  عالمنا الإسلامي مجددون حقا و هناك من هم مغرمون بفكرة التجديد، أولا نقول أنه ليس كل تجديد هو شيء صحيح  وليس كل قديم هو شيء خاطئ، بعض الأمور كلما كانت أقدم كانت أقرب إلى الحقيقة مثلما يذكرون في موضوع الأحاديث و الروايات، أنها كلها كانت أقدم و أقرب إلى زمان المعصوم و سندها أقل وأصغر و أقصر كانت أقرب إلى الدقة من الروايات التي تحتاج إلى سند طويل أي أن هذا شيء قديم و هو أفضل ..  

هناك قسم آخر، لا..الأفكار الجديدة ، الإستنباطات الجديدة ، المعارف الجديدة التي تتأمل في النصوص الشرعية إذا كان هناك دليل عليها أهلا و مرحبا بهذا التجديد  و هي دعوة العلماء ، و أساسا معنى الاجتهاد في بعض أقسامه هو هذا..إذا كان العالم الذي جاء بعد 500 خمسمائة سنة  زمان شيخ الطائفة الشيخ الطوسي، كرر نفس كلام شيخ الطائفة لم يصنع شيئا و إنما هو يجتهد يأتي بفكرة جديدة، يأتي بإستنباط جديد، يأتي  بعلم جديد لكنه يحتاج إلى برهان على هذا الأمر،  هذا التجديد المقبول ، حيث هناك قسم من الناس عنده إغراء أن أي شيء جديد لازم يكون شيء حسن ، هذا غير صحيح، ديدنه أن يكون معروف بأن أفكاره أفكار جديدة .. لكن المهم أن تكون الأفكار أفكار صحيحة عليها الدليل ، مستدلة لا يهم بعد ذلك أن تكون جديدة أو لا ، جديد و لكن من غير دليل لا ينفع، جديد من غير وزن لا ينفع، فإغراء فكرة التجديد أحيانا ، يصبح عند قسم من الناس من بواعث التشكيك، ماذا نصنع في مثل هذه الحالات، الآن لا ريب أن فضاءنا الثقافي الإسلامي و الشيعي مليء بالتشكيكات بل هناك بعض القنوات الفضائية متخصصة في إثارة الشكوك و بعض الجهات شغلها هو هذا..

 ماذا نصنع في مثل هذه الحالات؟

عدة أمور أشير إليها بشكل مختصر – بعد الصلاة على محمد و آل محمد، اللهم صل على محمد و آل محمد ، اللهم صل على محمد و آل محمد، اللهم صل على محمد و آل محمد-

1. لابد أن نعتقد أن الشك ليس مرتبة صحيحة و ليس شيئا حسنا ، اليقين ممدوح في الشرع، الشك مذموم ، تتبعوا كلمة شك في القرآن الكريم، تجد : " بل هم في شك مريب " بل هم في شك يلعبون" الله يريد من يؤمن بالآخرة ممن هو في شك منها " بل هم في مرية من لقائه" عنده مرية أي شكوك، لا نجد في القرآن الكريم تعبيرا مؤيدا لقضية الشك، قد يقول واحد نحن ندرس في المدرسة و لاسيما في الثانوية و ما فوق ، أن النهضة الصناعية المعاصرة الآن مبنية على منهج الشك التجريبي و أن العلوم تقدمت بسببه و أنه أنا أشك إذا أنا موجود، هذه مقولة مشهورة لديكارت الفيلسوف الفرنسي ، و أن الإنسان الشكاك الذي يشك يعني عقله يتحرك، كيف تجمع بين هذا و هذا؟؟

جواب: القرآن الكريم يذم الشك بمراتبه المختلفة و يمدح اليقين ، حتى واحد عنده شك إذا بقي في شكه يذمه إذا انتقل من السؤال إلى اليقين و الإيمان  يمدحه، ماذا نصنع مع ذلك الكلام، نقول إما التفريق بين مجالات الشك و هذا أحد الأوجه، يعني أنت بالنسبة إلى العلوم الطبيعية طريقك إلى الاكتشاف فيها هو الشك، هل هناك علاقة بين القمر و بين المد و الجزر أو لا؟ نشك في ذلك نقوم بعمل تجربة و نلاحظ الأشهر و ما أشبه ذلك، بدل ما نبقى في هذه التجربة شهر نبقى عشر سنوات ليس هناك مشكلة إلى أن نتوصل إلى نتيجة هناك علاقة أو لا توجد..

هل هناك علاقة بين الضغط الجوي مثلا و بين برودة الهواء ، لابد أن نبحث الموضوع و نذهب وراءه  و نعمل تجارب و نراقب المناطق و نراقب الفصول، حتى لو استمر هذا العمل البحثي التجريبي و استمر عشرين سنة أو ثلاثين سنة ليس هناك مشكلة ، هنا الشك لا محذور فيه، أما فيما يرتبط بقضايا الإيمان و الدين بقاء الإنسان في حالة الشك ساعة واحدة بحد ذاته مشكلة، كأن يقول شخص الآن أنا أعتقد بالله أو لا أعتقد، أشك في ذلك، هل مسموح لي أن أبقى ساعة واحدة شاك في وجود الله، ليس مسموحا، هل مسموح لي أن أبقى ساعة واحدة شاك في أن محمدا صلى الله عليه و آله وسلم –لذكره صلوا عليه، اللهم صل على محمد و آل محمد- نبي مرسل من الله أو لا ، غير مسموح لأنه في هذه الفترة لا يكون المرء مؤمنا إذا شاك في ذلك، هل مسموح لي أن أعتقد أن  و لو لمقدار من الوقت أن عليا بن أبي طالب عليه السلام هو وصي رسول الله و خليفته من بعده ، يوم من الأيام أشك في هذا ما أدري ، شهر ، أسبوع أبحث، ليس مسموح لي في هذا، أروح أسأل و قلبي معقود على ذلك..نعم، أما أن تكون متأرجح هذا نبي أو لا ، هذا وصي أو لا ، في هذه الحالة لا يكون المرء مؤمنا ، هذا إمام أو ليس بإمام لست شيعيا في هذه الصورة ، الفرق أن قضايا الدين هي أساسها الإعتقاد ، فإذا فقد الشخص الإعتقاد  واقع لا يكون لديه دين، بخلاف القضايا الطبيعية ، كأن يتبادر سؤال البراسيتامول مؤثر في انفلوانزا أو غير مؤثر، سواءا اعتقدت أو ما اعتقدت ما يرتبط هذا بشيء و ما يخل بإيمان الشخص و لا يؤثر على حرارته ترتفع أو تنزل، ما لها ربط بقضية الإعتقاد، هي أمور واقعية خارجية، اما قضايا الدين فهي إيمان ، الإيمان في مقابل الشك، هي يقين اليقين في مقابل الشك، و لذلك لا يشتبه الإنسان ، يأتي واحد يقول له لازم الإنسان يكون عنده فكر حر و جوال ما في مشكلة أن تشك في وجود الله و تبحث ، هناك مشكلة ، و هذه من حيل بعضهم يقول لك ما في مشكلة  اعتبر نفسك ما مؤمن و ابحث ، عندما تعتبر نفسك غير مؤمن و تخرج الايمان بالله من قلبك ، أنت قد تكون قد خرجت من الإيمان بالله ، يقول لك أنت اعتقد نفسك لست مسلما و لا تعتقد برسول الله و ابحث الموضوع ، لا يصح أن يعتبر الإنسان المؤمن المسلم  نفسه لأن قوام دينه هو بالإعتقاد و باليقين و بالإيمان، نحن نبحث و نسأل  و نفتش عن الدليل و لكن في نفس الوقت يكون عندنا إيمان بأصل المسألة و الفكرة ، فهذا أول شيء الإلتفات إلى أن الشك ليس شيئا محببا في الشرع و لا ممدوحا في القرآن و ما يزينه بعضهم من أن الشك هو طريق العلم ، هذا ينتمي إلى ثقافة أخرى و موضوعه هو موضوع العلوم الطبيعية يختلف الأمر بين العلوم الطبيعية و بين الأمور الدينية التي ترتكز على الإيمان ..

2. عندما يقول لنا بعض هؤولاء ممن يدمنون الشك، و ممن يلقون الشك، يقول لك خذ هذه الحكاية كفتوى و لاحقا أحضر لك الدليل و الدراسة، قل له لا مسامح، المنهج العلمي بالعكس، أول واحد يقدم الدليل أو يقدم الدراسة ثم يقول بناءا على كذا و كذا و كذا فإن الرأي هو كذا، أنت جئت جعلت كما يقولون العربة أمام الحصان ، المفروض تكون بالعكس ، المفروض الإنسان بالأول يقوم بالدراسة و بالأدلة و بعدها يقول هذه أدلتي و بناءا على هذه الأدلة فإنني أرى أن الأمر الفلاني كذا و كذا ، هذا مقبول و يناقش، هذه طريقة المجاميع العلمية و الحوزات و المدارس و المعاهد، أمام طريقة يأتي واحد و يقول الآن الحجاب لم يرد نص صريح في القرآن بوجوبه على النساء، خذ مني هذه كفتوى و لا حقا أحضر لك الأدلة، أذا قيل لك هذا قل هذا لا معنى له أصلا، أولا أحضر الأدلة ثم تحدث ان الحجاب لم يرد عليه نص، لا تعكس الأمر ، أرباح المكاسب في الخمس ليست واجبة خذوا هذا مني كفتوى مثلا يقول شخص من هؤولاء ثم لاحقا أحضر لكم الأدلة ، جوابه لا ليس هناك لاحقا و بعدين ، لن يأت أبدا، و الشاهد على ذلك أن أصحاب هذه الطرائق لا يأتون بالبعدين و لاحقا  أبدا، لأنه اليوم يقول لك حكاية و غدا حكاية أخرى و كلها يريدك تأخذها منه فتوى و أدلته على ذلك مؤجلة ضمن إطار بعدين و لاحقا، و هذه الطريقة هي منهجية خاطئة غير صحيحة لا ينبغي أن تقبل ، أنا مثقف أحضر و أقول لك حسب ما أعتقد أنه مثلا غزوات النبي – صلى الله عليه و آله وسلم- كانت كذا و كذا و بعدين سأبين لكم الأسباب و الدلائل، جوابنا له: لا، بعدين غير صحيح ، أولا أحضر الدليل ثم قل بناءا على هذه المقدمات و هذه الأدلة ، أنا توصلت إلى هذه النتيجة ، و لن يأت بهذه الطريقة ، لماذا؟ لأن هذا النوع من الأشخاص عندهم إدمان تشكيك، لأنه لا يريد أن ينقلك إلى اليقين و إنما العكس من اليقين إلى الشك، هذا أمر آخر ..

3. هذه النقطة لا يحتاج إليها تخصص و لا تحتاج إلى بحوث و لاشيء ، أنظر إلى الآثار العملية الناتجة عن عمليات التشكيك ، ما الذي ينتج، مثلا واحد جاء و قال أن صلاة الجماعة مستحبة جدا و أورد أدلة على ذلك و انه في المسجد كذا و كذا ماهي النتيجة العملية ؟ هي أن كثير من الناس سوف يأتون إلى صلاة الجماعة فتعمر المساجد و هم يحصلون ثواب و إلى غير ذلك، إنسان آخر عكس هكذا، ترى زيارة الحسين عليه السلام ليس هناك أدلة عليها، أدلة صريحة و واقعية وقوية ، بعض الروايات غير مسندة ، ماهي النتيجة العملية على هذا؟ أن قسم من الناس ، ليس كل الناس يسمعون ، لنفترض 10% أو 20% الذين كانوا عازمين على الزيارة ، تركوها !!! هل هذه نتيجة عملية يريدها إنسان متدين، الحجاب لم يرد عليه دليل صريح كما يزعمون و قد وردت أدلة كما يزعمون، لكن لم يرد دليل صريح بشأنه، ماهي النتيجة العملية ؟ أنه بعض البنات التي شيئا ما تريد المبرر فسخت حجابها ، فلان مفكر قال أو فلان شيخ قال، فلان عالم قال ، و بهذا يكون هذا الشخص قد تسبب في أن يكون الحجاب أقل مما كان عليه، هل هذه النتائج إذا مثل الغربيين قاموا بها هذا شغلهم و ثقافتهم، انا إذا مفكر إسلامي بحسب التعبير و إذا طالب علم ديني و إذا مثقف من أبناء المجتمع ، جاء و طرح هذه الأفكار قل الحجاب و صار الذي يخمس لا يخمس و صارت الذي تصلي جماعة لا تصلي ،  و صار كذا و كذا، يوم القيامة عندما يأتي هذا الإنسان عند ربه يقول أنا قمت بعمل خير عندما منعت الناس من زيارة الحسين عليه السلام بأفكاره، حتى الأثر الإجتماعي عندما يشكك في إمام جماعة المسجد هذا و إن كانت هذه ليست من المسائل الدينية الأصلية ، يأتي يشكك فيه ، النتيجة لو عشرة أشخاص يعتقدون بكلامه ثم يمتنعون عن الصلاة ، يوم القيامة هل يقدر الإجابة في هذا الأمر، أنه أنت حرمت عشرة من الناس من الصلاة طيلة حياتهم في هذا المسجد ووراء إمام الجماعة ..

النتائج المترتبة على عمليات التشكيك في غالبها تنتهي إلى مزيد من الإنفلات ، سبحان الله راقبوا، ليس عندنا و لا شبهة و لا إثارة صارت من قبل من يدمنون التشكيك تنتهي مثلا إلى زيادة الإلتزام ، لنفترض مثلا أنه صلاة الجماعة على سبيل المثال عندنا الإمامية مستحبة استحباب مؤكد ، ما في واحد أتي و يشكك و يقول :لا، صلاة الجماعة واجبة وجوب عيني و لا زم الكل يحضرها ، ليس هناك هذا الشيء ، الخمس على سبيل المثال مرة في السنة لنفترض ما في واحد يأتي ويشكك لنفترض و يقول الخمس ليس مرة واحدة بالسنة مرتين، ليس 20% بل 25% ، نحن نلاحظ أن أعمال التشكيك و أفكار التشكيك كلها تنتهي و تتجه بإتجاه المزيد من الإنفلات ، لا تتحجب ، لا تزور ، لا تؤمن بالإمام ، لا تعتقد بالمهدي ، لا تتعلق بكذا، و أمثال هذا ، فهي كلها في إتجاه نازل و متسافل و ليس في اتجاه متصاعد، و في هذا دليل أو إشارة إلى أن هذه النتائج غير مرغوبة و غير محبوبة من الله عزوجل، حتى القضية الحسينية تعرضت إلى تشكيك و تعرضت الى كلام في نهضة الإمام عليه السلام و لاسيما من أتباع المدرسة الأخرى ، الحمد لله في الحالة الإمامية ليس هناك تشكيك في أصل هذه النهضة و لا في أهدافها ، نعم في بعض الممارسات هناك و لكن الطرف الآخر يشكك بعض الأطراف و بعض الإتجاهات في أصل القيام، هذا صاحب منهاج السنة يقول: الحسين- عليه السلام- عندما خرج لم يحدث صلاح في خروجه.. بمعنى لم يحدث صلاح و صارت مشاكل و قتل هو و أهل بيته بشيعته، هذا الاتجاه الأموي الذي يروج لهذا التحليل و الحكاية ، و نحن تحدثنا عنه السنة الماضية بشكل مفصل ، حتى قضية الحسين عليه السلام تعرضت إلى هذا التشكيك لذلك نرى ذكاء الحسين سلام الله عليه و حكمته عندما كان في كل مشهد من المشاهد يبين أغراضه و أهدافه ، هاهو قد وصل إلى مكة المكرمة في الثالث من شهر شعبان كما هو المعروف و بقي في مكة المكرمة بعدما أحرم بعمرتها المفردة ، بقي شهر شعبان و شهر رمضان و شوال و ذا القعدة و اجتمع إليه الناس من كل حدب و صوب و كان يتحدث معهم ، كانوا يترقبون أن يحجوا بحج الحسين عليه السلام، لأنه أمير الحج، هذا اصطلاح على أهم شخصية تحج في ذلك الموسم ، فكان الإمام الحسين عليه السلام و هو الخليفة الشرعي المنصب بتنصيب رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم في قوله: "إمامان إن قاما أو قعدا" و هو حتى بحسب الاتفاق الموقع بين معاوية و الحسن عليه السلام و هو : "إن قضى الحسن فالأمر يكون من بعده للحسين -عليه السلام-"، هذا موجود في وثيقة الصلح ، فالناس الآن كثير منهم جاءوا لكي يحجوا بحج الإمام الحسين عليه السلام، رأوا أن الحسين عليه السلام بعدما عرف أن يزيد بن معاوية قد أمر ذلك الفاتك الأموي والي مكة و المدينة بأن يغتال الإمام الحسين عليه السلام حتى و إن كان متعلقا بأستار الكعبة، هؤولاء لا يعرفون للكعبة حرمة و لايعرفون لابن رسول الله كرامة ، فالإمام الحسين عليه السلام عزم على الخروج ، ذهب كما ينقل في ليلة الثامن و في بعض الروايات التاريخية أنه في اليوم السابع و الناس يستعدون للذهاب إلى عرفات ،لأنهم كانوا يسبقون في الذهاب فهناك الإمام الحسين عليه السلام وقف بين الناس خطيبا: أيها الناس خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، و ما أولهني إلى أسلافي إشتياق يعقوب إلى يوسف ، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات.الإمام الحسين عليه السلام يقرأ مصيبة نفسه قبل وقوعها و ينعى نفسه قبل مقتله- بين النواويس و كربلاء، فيملأن مني أكراشا جوفا و أجربة سغبا ، لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه فيوفينا أجور الصابرين ، لن تشذ عن رسول الله لحمته، بل هي محفوظة له في حظيرة القدس تقر بها عينه و تطمئن بها نفسه ، ألا و من أرد أن يرحل معنا- اللهم اجعلنا في ركاب الحسين – ألا و من كان باذلا لله مهجته و موطنا على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا  فإني راحل غدا مصبحا إن شاء الله – لو كنا أبا عبد الله في ذلك اليوم رجونا أن نقول لبيـــــــــــــــــــــــــــــــــك  يـــــــــا أبا عبد الله، لبيـــــــــــــــــــــــــــــــــك  يـــــــــا ابن رسول الله، إن كان لم يجبك سمعي عند استغاثتك و لسان عند استنصارك فقد أجابك قلبي و فؤادي، الحسين له تلبية لكنها ليست كتلبية الحجيج و إنما هي تلبية أخرى ................-


مرات العرض: 3414
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (0) حجم الملف: 50186.37 KB
تشغيل:

أخت الحسين ومكانة الأخوات في الأسرة 2
المسؤولية عن منابع المعرفة الدينية 4