عقوبة مفاكهة النساء الأجنبيات
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 10/3/1441 هـ
تعريف:

عقوبة مفاكهة النساء الاجنبيات

(من سلسلة ثواب الاعمال وعقابها )

تفريغ نصي الفاضلة تراتيل

 في كتاب عقاب الاعمال للشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابوية نقل رواية عن النبي صلى الله عليه وآله في اخر خطبة خطبها في المدينة و ذكرنا فقرة منها تتعلق بعقاب الكسب الحرام وهذه الفقرة الثانية تتعلق بما يرتبط بالعلاقة الخاطئة بين الرجل والمرأة وهو ما يطلق عليه بمفاكهة النساء

قبل ان نمضي في الحديث فلا بد ان نشير الى ان العلماء لا يدققون كثيرا في أمور السند اذا كان الامر يرتبط بالترغيب او الترهيب أي ان الاحاديث التي تعِد بالثواب الكثير على عمل من الاعمال او تخوف من عذابا اليم وعقاب شديد على ممارسة من الممارسات فالغالب ان العلماء لا يتوقفون كثيرا عند السند مثلما يفعلون عند الاحكام الفقهية فهنا يدققون في السند ويروون رجاله و احواله حتى يفتوا على طبق تلك الرواية او لا

اما ذا كان من أمور المواعظ والزواجر والاخلاقيات فلا وجه, ذلك ان الغاية من هذه الروايات اما تحريض الناس على فعل الخير وكذلك اذا كان شيء فيه زجر وردع عن عمل من الاعمال الخاطئة فهم لا يدققون هل السند معتبر ام لا هل الرجل ثقة ام لا .

لعل قسم من هذه الروايات اسانيدها ليست لها قوة اعتبار الا ان العلماء عادة يستشهدون بها ويشيرون اليها لهذه الجهة التي ذكرناها , مثلا هذه الرواية التي  نقلت خطبة النبي في المدينة قال رسول الله صلى الله عليه واله : "من صافح امرأة حرام جاء يوم القيامة مغلولا ثم يؤمر به الى النار "

في غير ضرورة في غير عذر شرعي فان مصافحة المرأة من المحرمات فمن فعل ذلك مع علمه بالحكم فانه يتعدى على حدود الله عز وجل وبالتالي فان الجزء في يوم القيامة يكون متناسب مع هذا العمل فهو عندما يصافح يكون في المصافحة مدّ لليد واستطاله وهكذا فان في يوم القيامة يكون العكس بان تكون يده مغلوله الى عنقه فلا يستطيع ان يمدها ويحركها ويؤمر به الى النار .

" ومن فاكهه امرأة لا يملكها حبس عن كل كلمة الف عام في النار , والمرأة اذا طاوعت الرجل فالتزمها او قبلها او باشرها حراما او فاكهها او أصاب منها فاحشة فعليها من الوزر ما على الرجل "

هذه الفقرة الابتلاء بها اكثر لذلك ينبغي التحذير منها اكثر . المفاكهة جاءت من الفاكهة المعهودة , و ثمار الفاكهة جاء لها هذا الاسم من الاستئناس بهذا الشيء فهذا العنقود من العنب وغيره  من الفاكهة فهو  بالإضافة الى الاشباع فهو يأنس به الانسان وليس فقط لملئ البطن , فكل استئناس مفاكهة ومنه المزاح , فلو جلس انسان مع اخر وكان الحديث من نكتة الى نكته ومن طرفة الى طُرْفه فهذا في اللغة العربية يقال انه مازحه ولاطفه أي أورد له  لطائف و طرائف وصنع له استئناسا وسرورا , وقد استخدمت في القران كثيرا ( في شغل فاكهون  ) رزقنا الله واياكم هذه المقامات والمقاعد في الجنة , ما نحن فيه هي من الموارد التي يبتلى فيه بعض الناس لا سيما في أماكن العمل المختلط فتارة الانسان يعمل في مكان كله من نفس جنسه وتارة يكون مكان مختلط

في هذا المكان المختلط أحيانا يكون كل فرد يقف عند حدوده التي امر الله بها فكلامهم يكون ضمن اطار العمل او ضمن اطار الأمور الجادة و أحيانا يكون بعض الافراد لا يقفون عند حدودهم فهذا الرجل الذي يكون كرسيه بجانب امرأة يبقى يتحلى لها و يلقى النكات والطُرف  ,ويحضّر ليلا عدة نكات ليلقيها امامها في الصباح ليستخف تلك المرأة ذات الرزانة و المتانة و صاحبة الوقار لتبعد عن هذه الصفات وتخرج عن طور وقارها  و هذه  تعتبر مفاكهة مع امرأة اجنبية .

هذا الشخص مع زوجته قد لا تخرج منه كلمة جميلة من لسانه والان هو ينقط عسلا , من اين هذه الالفاظ ؟؟ الغرض ليس غرضا بريئا لذلك هذه المفاكهة وهذا المزاح قد ينتهي الى قضية جنسية لذا هذه النكتة وهذا الكلام الان هو محرم وغير جائز . ومثل ذلك في وسائل التواصل تجد هذا الرجل صامت بطبيعته امام الرجال ثم بمجرد ان تكتب فتاة كلمة حتى تجده يضع ابتسامة و ايقونة اعجاب وتأييد و لا يترك شيء الا وضعه , لماذا تفعل هذا ما هو  غرضك ماهي غايتك؟!!

هل هو لحلاوة المقال ؟؟ احد الرجال وضع نفس المقال و لم ترد عليه وكأنك لم تراه أصلا ولم تعتني فيه بل قد يكون قد وضع مقال افضل من هذا المقال ولم ترد عليه فلماذا هذا التصرف الان عندما وضعته فتاه ؟

ونفس هذا قد يحدث من امرأة فاذا وضعت امرأة مثلها شيء لا تعلق ولا تلتفت ولكن اذا وضع شاب شيء تقوم بوضع علامات الاعجاب و ما شابه فلهذا ينبغي الالتفات الى مثل هذا الامر .

يقرر العلماء ان المزاح الذي قد يؤدي الى علاقة غير مشروعه فلا يجوز البدء بها لأنها تؤدي الى هذا الامر المحرم , والعقوبات على ذلك كثير , فانت اذا كان عندك لطافة وظرافة و ملاطفة و لسان حلو فهذا امر جيد فلتضع هذه الملاطفة مع زوجتك او مع ابنتك او مع اختك فهؤلاء انت لست محرما عليهم بنحو من الانحاء فانت تستطيع ان تلاطف زوجتك بنحو لا تستطيع ان تصنعه مع ابنتك واختك اما بالنسبة لهذه الأجنبية فانت لا تملكها ولست محرما لها وهكذا فان في الخبر هذا الرجل يحبس عن كل كلمة تكلّمها او كتبها الف عام , لربما هو مبالغة ولكن هو للردع

ان قسما من العقوبات الموجودة في قضايا العقاب والثواب ليست هي بالضبط وانما الغرض منها هو الردع الزائد او الترغيب الزائد , مثلها مثل العدد سبعين فهو عدد عند العرب من اعداد التكثير (ان تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر الله لهم ) فهل هذا يعني انه لو استغفرت لهم خمسة وسبعين مرة سيغفر الله لهم ؟ لا وانما الغرض التوضيح بانه مهما كثر العدد فانه لن يغفر الله لهم أي ان العدد ليس له مدخليه

او ان يقال لك ان في الجنة ستعطى الف حسنة فليس المقصود الف بالتحديد وليس الف وواحد او اقل من الف بقليل , فالله سبحانه وتعالى واسع عليم و الله يضاعف لمن يشاء ولكن هذه حيث انها تفيد الكثرة قيلت في مرحلة من المراحل الزمنية .فاذا قيل بان الانسان يحبس بكل كلمة فاكهه فيها اجنبية الف عام فان هذا يدل على ان العقاب شيء كبير وعظيم و لا يستحق الموضوع ان يفاكهه الانسان شخص من الجنس الاخر ممن لا ترتبط به وربما هذا يكون مدخل الى الحرام والفساد كفساد حياته الزوجية

احداهن كانت تشكو زوجها تقول ان عندها مشكلة مع زوجها حيث انها تقول انها اكتشفت انه خلال عدة سنوات كان يتراسل مع زميلة عمله, تكمل حديثها و تقول  فلما تحدثت معه متعجبة كيف يسمح شخص متزوج لنفسه ان يتحدث مع امرأة متزوجه ؟؟ فهل تسمح لشخص اجنبي ان يتكلم معي انا زوجتك بنفس الكلام الذي تتكلمه مع هذه المرأة ؟ هل ترضى ان نتبادل الاعجاب وفي الكلام ايحاءات جنسية ؟ انت رجل متدين واهل صلاة و اهل مسجد . فقال: انا كنت معجب بها , فهل الاعجاب بشخص يدعو ان تراسلها و تمدحها بكلام لا يقال الا في حدود العلاقة الزوجية فهذا كلام من غير المألوف ان يقال لامرأة اجنبية بحيث يعتبر نوع من أنواع التحرش .

الان قضية التحرش على مستوى العالم و هذه الكلمات وراءها عقوبة وتستطيع المتحرش بها ان ترفع دعوه على المتحرش هذا على مستوى الدول الغير مسلمة فكيف بمجتمعاتنا المسلمة التي يفترض ان لها قانون الهي وعرف اجتماعي أيضا يمنع هذا الامر .

 

والمرأة اذا طاوعت الرجل فتضحك بنكاته السخيفة و كأنما هي النكتة النهائية هذه الاستجابة يجعل عليها وزرا كما عليه هو لان هذه العلاقة المشبوه الغير مشروعة لا تحصل من طرف واحد وانما تكون من طرفان حتى يتحقق الحرام لو كان فقط من طرف الرجل كان تكلم لوحده لا يكون حرام ولو كان من طرف المرأة فقط لا يكون حرام ولكن لابدان يجتمعا ويكون بينهما رسول  وهو هذا الكلام المفاكهة

ليس كل كلام  طيب يقال للمرأة هو من هذا الجانب , انت انظر الى غاية هذا الكلام الى اين ينتهي , فلو امرأة تسترشد ارشدها , امرأة تحتاج الى هداية اهدها , امرأة تتكلم معك بالمعروف فلا مشكلة في ذلك لكن لا يحدث ما يذكره القران ( فيطمع الذي في قلبه مرض ) فاذا كانوا زملاء عمل وتكلموا في حدود اطار العمل فهذا الكلام لا ينطبق عليه (فيطمع الذي في قلبه مرض ) اذن طبيعة الكلام وطبيعة الاستجابة وكيفيته أيضا ( لا تخضعنا في القول ) الكلام المتميع المتكسر المتغنج

وكما قلنا فان نفس ما علي الرجل من الوزر فان للمرأة عذاب مثله اذا طاوعته مختصر الحديث ان اصل التواصل بين الرجل والمرأة لا محذور فيه اذا كان ضمن اطار صحيح وكان بوسائل مشروعة ,وجدنا في الاخبار  عن أيام المعصومين  ان هناك نساء يسألن المعصومين بل يسألن اصحابهم وفي المجتمع الحالية أيضا هذا موجود فمجتمعات المسلمين ليست منغلقة بحيث لا يتحدث الرجل مع امرأة ولا تتحدث المرأة مع رجل بل اذا كان الحديث مضمونه واسلوبه وغايته معروفه ولا تنتهي الى الحرام اما اذا كان الكلام مفاكهة وممالحه وممازحة او نوع من أنواع استخفاف احدهما للأخر ليخرج من حالة الاتزان  والالتزام ويتخلى عن الوقار الى حالة العبث  تمهيدا لعلاقة محرمة  فهنا نفس الكلام والممالحة والمفاكهة ليست جائزة

هنا شاهد ينقل عن امير المؤمنين يدلنا على مدى احتياطه سلام الله عليه فقد نقل عنه انه كان يكره ان يلقي السلام على المرأة الشابة  ولا يقصد هنا بالسلام المصافحة التي هي محرمة سواء مع المرأة الشابة او غير الشابة , و  يعلل الامام السبب فيقول عليه السلام  : "اتخوف ان يعجبني صوتها فيدخل عليّ من الاثم اكثر مما اطلب من الاجر " الصوت مؤثر والامام هنا لا يقصد نفسه فهو في مقام التعليم لغيره والا فان الدنيا كلها اقبلت عليه فقال لها : "غرّي غيري " فليس امير المؤمنين ممن يغريه صوت امرأة ولكن ليعلمنا نحن الانسان العادين لان الصوت يستثيرنا واللمس يستثيرنا واللمس يستثيرنا

نسأل الله واياكم ان يجعلنا ممن يلتزمون بأحكامه و نسأله ان يعيننا على انفسنا و يجعل اخلاقنا عالية

وايماننا تام انه على كل شيء قدير وصلى الله على محمد واله الطاهرين

 

 

 

 

مرات العرض: 3511
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2576) حجم الملف: 35012.76 KB
تشغيل:

عقاب الكسب الحرام
عقوبة أكل مال اليتيم