3 من تاريخ التشيع في تركيا
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 3/1/1441 هـ
تعريف:

تاريخ التشيع في تركيا

تفريغ نصي / سكينة نسيم آل عباس

قال الله العظيم في كتابه الكريم " بسم الله الرحمن الرحيم ،لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب "
حديثنا يتناول تاريخ التشيع في بلاد تركيا وقد سبق في سنوات أن تعرضنا إلى تاريخ التشيع والشيعة في مناطق متعددة من العلم الإسلامي كالقطيف والأحساء والبحرين والمدينة ولبنان والعراق وإيران والمغرب العربي ومصر والهند وأذربيجان وبينا شيئا من تاريخ نشوء التشيع في هذه المناطق ، غرض هذه الأحاديث متعدد الإتجاهات ، الغرض الأول هو ابراز الإهتمام بأمر المسلمين عموما وشيعة أهل البيت عليهم السلام على وجه الخصوص ، من المعلوم أن الإهتمام بشؤون المسلمين وقضاياهم أمر مرغوب فيه ومحبذ ومأمور به  ولذلك وردت أحاديث في هذا المعنى من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم ، طبعا هنا ليس المقصود نفي الإسلام بالكلية عن الإنسان غير المهتم وإنما نفي كمال الإسلام يعني من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم تام الإسلام ، كامل الإسلام في الدرجة العالية وإلا ليس المقصود نفي الإسلام بالكامل ، ليس بمسلم لا تنفي الحقيقة وإنما تنفي الكمال ، كمال الإسلام لا يحصل عند هذا ، فمثل هذا الحديث وأمثاله يفترض من الإنسان شيئا من الإهتمام و الإطلاع والتتبع لأحوال المسلمين وقضاياهم ، من هذا الباب نحن نهتم بحاضر المسلمين بل وبتاريخهم ولا سيما إذا كانوا معنا شركاء في المذهب والثقافة والاعتقاد ، واحد من الأمور التي تدعونا إلى طرح هذا الموضوع وهذه المواضيع أضف إلى ذلك فيها عظة وعبرة حاصلها أن الإيمان الذي وصل إليك لم يأتي وإنما كان قد مر بمراحل زمنية وتضحيات كثيرة كان هناك رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ومنفقون ومنفقات ومضحون ومضحيات حتى وصل هذا الإيمان إلى ما هو عليه الآن وفي ذلك عظة وتوجيه ألا نكون نحن مصداقا لقول الله عز وجل " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا " لا يكون أولئك ضحوا ونحن نتراجع وأولئك أنفقوا ونحن نبخل وأولئك علموا وعلموا ونحن نجهل ونجهّل ،إنما أذا ما فعلنا أفضل منهم على الأقل نعمل كما عملوا ، نحافظ على إيماننا ، نحافظ على قيمنا ونوصلها إلى من بعدنا ، " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب "
الإنسان عندما يرى أناس احتفظوا بدينهم وإيمانهم بالرغم من كل الظروف التي مرت عليهم كأن هذا يكون حجة وله عبرة ، وفيه رسالة إلى كل إنسان مسلم على اختلاف مذاهبهم أن التعايش الإسلامي وحسن الجوار بين المذاهب هو الطريق الصحيح للجنة ولهذه الدنيا ، ورأينا أن الاحترابات التي كانت والاشتباكات التي كانت بين المذاهب كانت نتائجها سيئة على الجميع أخترت الإسلام والعاقل لا يجرب المجرب ، العاقل ينظر إلى مصير غيره فيبتعد عما فيه الشر والضرر ، إذا رأينا النزاع المذهبي والطائفي أباد قرا وسفك دماء وأفقد الأمة أموالا في فترات من التاريخ لا يصح لنا أن نكرر ذلك في زمننا الحاضر ، من هذا الباب نحن ندرس القضايا التاريخية ونشير إليها ونتعرف عليها.
التشيع في تاريخه وحدوثه في العالم الإسلامي مختلف البدايات ، بعض الأماكن مثل منطقة القطيف والأحساء والبحرين مثلا بدأ التشيع فيها من سنة 6 هـ ، بعض المناطق الإسلامية تأخر الأمر كان في سنة 70هـ  وما بعدها ، وبعض المناطق كانت في سنة 145 هـ وفي بعضها متأخر ، بالنسبة إلى تركيا الحاضرة المعاصرة كانت في فترة من الفترات مركز للخلافة العثمانية ، والخلافة العثمانية استمرت قرون سيطرت في فترة من الفترات على رقعة عظيمة من العالم الإسلامي امتدادها كان كبير جدا ، كيف وصل التشيع ومحبة أهل البيت عليهم السلام إلى تلك الأماكن ؟ لا توجد عند الباحثين صورة واضحة وجلية عن تاريخ محدد لأن نفس وصول الإسلام إلى البلاد التركية كان على مراحل متعددة وفي أواقات مختلفة قد نجد بعض الإشارات إلى أن قسما من الجيوش التي ذهبت لفتح البلاد التركية كما هو مقتضى القاعدة كان فيها أناس ممن يولون أهل البيت عليهم السلام ، هذه الجيوش كانت مشكلة من بلاد العراق والمدينة والشام ، هذه الجيوش كان فيها من أولياء أهل البيت ، لعل الشاهد الأكبر على هذا هو قبر أبو أيوب الأنصاري رضون الله تعالى عليه الموجود في تركيا "اسطنبول" هناك قبر وضريح لواحد من صحابة النبي الخلص ومن أولياء أهل البيت لا سيما أمير المؤمنين عليه السلام وهو أبو أيوب الأنصاري ، مضيّف النبي عندما جاء النبي إلى المدينة مهاجرا من مكة استضافه أبو أيوب الأنصاري في بيته مدة أشهر إلى أن بني للنبي بيت وله أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه و آله وكانت له مواقف مشرفة إلى جانب أمير المؤمنين سلام الله عليه ، كان في هذا الجيش الذي ذهب للقسطنطينية في ذلك الوقت الذي كان أسمها ، في ضمن ذاك الجيش أدركته المنية ودفن هناك على أسوار اسطنبول القديمة ، فهذا مثلا واحد من الأشخاص والصحابة الذين كانوا يحملون محبة أهل البيت ومحسوب على جملة الصحابة المنسجمين مع أمير المؤمنين عليه السلام ، هذا شاهد على أحد أنحاء دخول محبة أهل البيت والتشيع إلى تلك الأماكن ، في هذه الجيوش كان يوجد نماذج كأبو أيوب الأنصاري ، لكن  تحول اجتماعي وانساني بحيث تصير جماعة معينين هذا لا يذكر الباحثون والمؤرخون شيئا من هذا القبيل ، قبل الدخول في المراحل التاريخية نشير إلى الوضع الموجود الآن ضمن الخريطة الفعلية المذهبية في تركيا ، الدولة العثمانية اتخذت المذهب الحنفي مذهبا رسميا للخلفاء ولكل الخلافة العثمانية بعض الباحثين يرجع هذا إلى أن المذهب الحنفي لا يشترط أن يكون الخليفة قرشيا ، لما أتوا السلاطين العثمانيون طرحوا فكرة الخلافة لأنها الطريق إلى أن يكونوا سلاطين على كل المسلمين ، فالطريقة الجامعة لهؤلاء  عنوان الخلافة ، من جملة الشروط المذكورة عند المسلمين أن الخليفة من قريش كما ورد في خبر مروي أن الخلفاء اثنى عشر كلهم من قريش ، فاعتبروا أن الخليفة لا بد أن يكون قرشيا ، سلاطين الأتراك ليسوا عرب حتى يكونوا قرشيون أو غير قرشيون ، فإذا من الناحية المذهبة لا يمكن أن يكون الخليفة تركيا إلا المذهب الحنفي ، المذهب الحنفي قال لا يشترط أن يكون الخليفة عربيا و لا حتى قرشيا ، يكفي أن يكون مسلم وأن يكون كذا..، طبعا هذا المنهج يساعد السلاطين الأتراك ، فصارت الخريطة العامة للدولة العثمانية هي الأحناف ونشروا المذهب الحنفي في كل المناطق التي سيطروا عليها ، حتى في مناطق الناس كانوا شوافع أو ممالك أو حنابلة لكن رسميا المعاملات لابد أن تجرى على الطريقة الحنفية مثل مصر ، مصر الأكثرية الشعبية شوافع ولكن القانون الرسمي الإسلامي هو حنفي ، فالطرف الأخر بعض المذاهب الأخرى أيضا وفيها شيعة إمامية بحسب ما تذكر بعض التخمينات الآن يقولون أن الإمامية في كل تركيا أقل من 3 ملايين أنسان ، عندهم فقط في اسطنبول 30 مسجدا للإمامية الاثني العشرية وفي كل تركيا قريب من 250 مسجد ومناطقهم متعددة، في اسطنبول عدد كبير ، في اغدر عدد كبير وفي مناطق أخرى متعددة هنا وهناك ، هذا قسم إماميون اثنى عشريون صار اعتراف رسمي بمؤسساتهم وجمعياتهم وعزائهم وقضاياهم قبل حوالي 30 سنة كل أمورهم صارت رسمية وعندهم من المهرجانات العظيمة جدا التي يقل نظيرها ، مهرجان يوم عاشوراء في المنطقة على حاشية اسطنبول ، منطقة تسمى الزينبية أو خلق علي ، يتحدثون أكثر من 50 ألف 60 ألف يجتمعون في يوم عاشوراء وعندهم قراءة المقتل وتماثيل و و و ... ،وكلها ضمن إطار رسمي وجمعيات رسمية أيضا من قبل 30 سنة تقريبا ، هذا بالنسبة للإمامية .
هناك قسم آخر البعض قد يحسبه ضمن إطار الشيعة بشكل عام والبعض ينفيه وهم العلويون ، العلويون يقدر بعض الباحثين عددهم بما يزيد عن 15 مليون إنسان وبعضهم يرفع العدد إلى 20 مليون ولهم قوة اقتصادية كبيرة ، هؤلاء أمرهم ملتبس على الباحثين بين مؤيد وبين ناقم ، المخالفون لهم يقولون هؤلاء ليس عندهم الشعائر الدينية التي هي للمسلمين فلا يوجد عندهم مساجد معروفة وإنما عندهم أماكن اجتماعات وتسمى بيت الجمع وهذا في ضمن النقاط التي يحسبونها مخالفة للتوجه الإسلامي العام يقولون لا نرى لهم حجا إلى مكة المكرمة المراسم التي يشترك فيها المسلمون لا نشاهد لهم حضورا ، هم ومن يؤيدهم ينفون هذا الأمر ويعدون أنفسهم إحدى الفرق الإسلامية التي قد تختلف مع هذا الفريق وتتفق مع غيره وأنهم يقولون نحن نعظم علي بن أبي طالب تعظيما كبيرا جدا ، الآن لسنا لافي صدد تحديد الموضوع الكلامي والمذهبي ، هل هؤلاء إحدى الفرق الإسلامية أولا ، هل يلتزمون بالعبادات أو لا ، هذا يكون بحثه ليس في البحث التاريخي وإنما يكون في البحث العقائدي ، هؤلاء أصولهم هذا شيء يكاد الباحثون يتفقون عليه ، أصولهم صوفية محبون لآل محمد ، فرقة من الفرق الصوفية لها هذه الأصول وعندهم  الحب الشديد لأهل البيت عليهم السلام ، هذا يكاد يكون متفق عليه ماعدا ذلك يكون محل اختلاف ، البدايات التي يتحدثوا عنها في انتشار محبة أهل البيت وشيء من التشيع حتى الإمامي ، باحثون يتحدثون عن أن ذلك نشأ ما بعد القرن السابع الهجري بعد سنة 600 هـ صارت حملات المغول ( المغول من أطراف الصين والإيقور ) المغول بدأوا بحملات متتابعة على المناطق التي تحاذيهم، أقرب منطقة لهم إيران وآسيا الوسطى ، فشنوا عليهم حملة قوية جدا ، هؤلاء المغول كانوا أهل قتال وعسكر ونتاج حروب يدمرون ما أمامهم فنزحت قبائل كثيرة تركمانية وإيرانية وغيرها باتجاه أقرب المناطق ، أقرب منطقة ما تسمى الآن تركيا ، وصلوا إلى هناك ، هؤلاء كانت أصولهم أصول صوفية ، الفرق الصوفية بشكل عام كما يذكر الباحثون كلها باستثناء الطريقة النقشبندية ، كلها تدين بالولاء والمحبة لأهل البيت وتعتبر أن رئيسها هو علي بن أبي طالب ،طرق الصوفية عموما في العالم الإسلامي يقولوا صاحب الخرقة ، الأصلية المنشأ والجدر هو علي بن أبي طالب ، هو سلمها لفلان وفلان سلمها لفلان إلى أن يوصلوها إلى مشايخهم الفعليين ، باسثناء طريقة واحدة هي الطريقة النقشبندية هذه لا تعترف بالإمام علي ولا تعترف بأهل البيت ، وبالنسبة لأولئك الإمام علي هو المؤسس وذكر أهل البيت عيهم السلام ذكر دائم وتوسل بالأئمة وبأسمائهم دائم في أناشيدهم في أورادهم في أذكارهم يذكرون أسماء الأئمة إلى الإمام المهدي قائم آل محمد ، الفئات هذا اتجهت باتجاه تركيا أصوله كما ذكرنا في الغالب أصول صوفية عندهم هذا التوجه ، وهناك قسم كانوا إمامية ، لما وصلوا إلى هذه المناطق التركية بدأوا بنشر أفكارهم و آرائهم وأصبح عندهم مشايخ ، الرجل الأكبر الذي أثر في هذا وسميت الطريقة باسمه والآن يعظمونه تعظيما كبيرا ، يعدونه واحد من أبطال تركيا اسمه حاجي باكتاش ولي ولذلك سميت الطريقة باسمه الباكتاشية ، لعل بعض من ذهب لتركيا بعض منهم يقول لك أنا باكتاشي ، هذا الرجل أصله من سبزوار من خراسان ولعل هذا يكشف جانبا من توجهاته المذهبية أيضا ، فهذا أثر تأثيرا كبيرا في تلك الفئات ، تجد في بعض الأماكن أول شيء لفظ الجلالة " الله " ثم على اليمين اسم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى اليسار اسم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، بعض الباحثين يقولوا هذا التثليث أخذ من المسيحية ، هذا غافل على أن الشيعة هذه طريقته في كل مكان ، هذا من القديم أيضا يتبركون بهذه الأسماء ، اسم الله فوق كل شيء وعلى اليمين رسول وعلى اليسار ولي الله وهذا جزء من الأذان أيضا ، صارت أسماء الأئمة الاثني عشر متداولة بينهم بشكل كبير ، وعندهم حضور اجتماعي واسع وكبير والباحثون يلتفتون أنه كان عندهم تنظيم اجتماعي والتزام أخلاقي قوي إلى الدرجة التي بعض السلاطين العثمانيين في ذلك الوقت استفادوا من هذه حتى في الجيش ، وتشكل عندهم فرقة عسكرية تسمى الإنكشارية ، الإنكشارية فرقة عسكرية عند العثمانيين عندها توجيه ديني من قبل هؤلاء وعندهم قوة وقدرة والتزام وانضباط عسكري شديد، وهذا يجعل الإنسان لا يطمئن إلى كلام بعض الباحثين بأن هؤلاء كانوا متهتكين ويشربون الخمر وليس لديهم التزام ، هذا الجيش وهذا التنظيم لا ينسجم إلى ذاك ، فيما بعد بعض السلاطين العثمانيين خافوا من هؤلاء لجهتين ، أولا هذه قوة عسكرية تأتمر بأوامر الولي بأوامر شيخ الطريقة وأمره فوق كل أمر ، الثاني كان يتخوف من توجهاتهم المذهبية ، صار تغير جديد أيضا وهو من التغيرات التي أثرت أثرا سلبيا شديدا على حضور التشيع ومحبة أهل البيت في البلاد التركية وذلك عندما بدأ الاصطدام بين الدولة العثمانية و بين الدولة الصفوية ،في حدود بدايات القرن العاشر يعني من سنة 900 هـ الدولة الصفوية تأسست  في إيران ، الدولة الصفوية أساسها كانوا أتراك ، صفي الدين الأردبيلي أصوله تركية ، أردبيل من العنصر التركي وكانوا على غير مذهب أهل البيت ، كانوا صوفية وعلى غير مذهب أهل البيت ، صار عندهم توجه بالتدريج الوالد صفي الدين كان محب لأهل البيت والأبناء توجهوا إلى المذهب بشكل كامل وأعلنوا انتمائهم غليه وسيطروا في ذلك الوقت على إيران ، واتخذوا المذهب الإمامي مذهبا رسميا في كل مملكة أيران ، بعض هؤلاء الخلفاء مارسوا أساليب غير حسنة عندما يمر عليها الباحثون الشيعة لا يقبلون أيضا في قضية الفرض المذهبي والمضايقة لكن هناك منهم سلاطين لم يلجئوا إلى هذا ، وهذا يرجع في كثير من الأحيان إلى السلائق الشخصية لهؤلاء لما بدأ الاصطدام بين هاتين الدولتين ، راح من الأنفس كثيرة وأموال هائلة ، الحروب بين الصفويين والعثمانيين استمرت أكثر من قرنين ونصف ، لأن السلطان الفلاني أراد أن يوسع نفوذه ، حاكم أراد أن تصير كلمته هي الكلمة العليا ، ذاك الوقت من الجهة العثمانية كان هناك سلطان أهوج ومن الجهة الصفوية أيضا هناك مثله ،كان السلطان سليم الأول رجل معروف بالقسوة ، قسوة الزاج وقسوة القلب ،أول شيء فعله انقلب على والده اسمه بايزيد هذا الرجل عنده حكمة ويدبر الأمور ، عادة الرجل كبير السن أبعد عن المغامرات من الشاب ، والده عنده عدد من الأولاد ستة أو سبعة ، سليم الأول تتبع إخوانه وقتلهم واحدا تلو الآخر حتى لا ينافسوه على موقعه ، وأي أحد كان يعارضه يقتله ،واستنكر على الشاه الصفوي بأن كيف لا تقبل ولايتنا عليكم ، والسلطان إسماعيل كان مثله اتبع نفس الطريقة، فصار القرار المواجهة بينهما ،يذكر المؤرخون الموافقون والمخالفون  بأن السلطان سليم قام بإحصار ما بين 50 ألف إلى 70 ألف من محبي وشيعة أهل البيت عليهم السلام وأعدمهم جميعا ، المقل يقول 50 ألف والمكثر يقول 70 ألف ، لأنهم هؤلاء كانوا في تركيا وخاف أن يتفقوا مع الشاه الصفوي ، هل هذا عقل إنسان ؟ لأن شخص يتفق مع سلطان في مكان آخر في مذهبه يقتل !!وهنا محل الشاهد كيف ينبغي للمسلين أن يفهموا أن التعايش والتجاور والتسالم هو طريق الآخرة وطريق الدنيا .
 حصل إلى هذا الإنسان واحد مثله من الفقهاء اسمه شيخ نوح الحنفي ، كتب في كتابه الفتاوى الحامدية حول استباحة دماء هؤلاء الشيعة وأنه لا تقبل توبتهم ،  وعلى أثر هذه الفتوى الظالمة الجائرة هذا السلطان قام بقتل الشيعة ، حدث مثل هذا في جبل عامل وفي حلب أيضا ، لا أعلم مثل هذا وأمثاله كيف يواجهون الله عز وجل في يوم القيامة بهذه المحيطات من الدماء ، عالم يعرف أنه هدم الكعبة أهون عند الله من إراقة دم مسلم بريء ، هذا الأمر وقّف مسيرة محبة أهل البيت والتشيع لهم في البلاد التركية بشكل كامل ، الآن أصبح الناس في تركيا لا يستطيعون أن يخبروا عن أنفسهم بأنهم شيعة لآهل البيت ، انكتموا ومارسوا التقية وأخفوا مذهبهم ، الجيل الأول الذي ذهب وهذا للأسف نتيجة أخرى أسوأ ، الجيل الأول كان عنده معلومات عن الدين عن الصلاة عن العبادات وما شابه ذلك ، الجيل الثاني خفيت عنه هذه القضايا ، لأن الشيخ وعالم الدين ما كان حاضرا ليعلم ، الواعظ ما كان حاضرا  المسجد ليتكلم عن فقه أهل البيت فعم الجهل وعم الظلام ، هؤلاء أخفوا وفقط بقيت عندهم قضية أسماء الأئمة واسم الإمام علي ومن هناك كبر اتجاه الغلو والحالة الغير الملتزمة بالأحكام ، لو أن الناس كان يحصل لهم من يقول لهم أن ولاية أهل البيت لا تنال إلا بالورع و الإجتهاد وأن الشفاعة لا تنال المستخف بالصلاة وأن الحج من أركان الدين وأن الصوم لابد منه في كل سنة من شهر رمضان ما كان الجهل يسود ، فكلما صار جهل أكثر قسم من هؤلاء الناس تمسكوا ببعض العقائد وبعض الأسماء ، فضاعت الشريعة وبقيت عند بعضهم كما يقولون الطريقة ، هذه الحالات والأفكار والاعتقادات أما الشرائع والأحكام والعبادات تراجعت وتبخرت ، قرار يتخذه شخص بفتوى من عالم خاطئ تضيع مستقبل كامل ، عشرات أو مئات الآلاف من الناس يضيع دينهم ، بعد تلك الفترات كلما تشنجت العلاقة بيت الصفويين والعثمانيين زاد كبس محبي أهل البيت في تركيا مع أنه لا رب لهم، هناك قسم من السلاطين لا يعتني بقضية المذهب ، يتخذ المذهب وسيلة وسلاح ، لا يلتزم فيه إلا بمقدار ما يؤمن مصالحه وإلا مثلا مذهب التشيع  لا يجبر الناس على أن يكونوا مؤمنين ولا المذهب الحنفي ولا المذهب الشافعي يقبل هذا ، لكن هذا السلطان يأتي لأنه يريد أن يمشي في مخططاته يستفيد من هذا العالم ومن ذاك العالم ، لو العالم قال له لا تفعل هذا لآذى العالم ،فللأسف هذا حال أمتنا هذا معناه أن المسلمين لابد من أن يلتفتوا إلى أن الاحتراب وإثارة الضغائن وإثارة المشاكل والاضطرابات ليست في مصلحة أحد أبدا ، لا في مصلحة دينه ولا مصلحة دنياه ، لذلك عندما يقولوا علمائنا الأبرار لا تتعرضوا إلى رموز الآخرين بالإساءة ،يعلمون لماذا يقولون لأن مصلحة الإسلام فوق هذه الأمور ، العاقل هو الذي يأتي ويأخذ الدرس من التاريخ ثم يلتزم به ، المهم استمر الحال هكذا وتراجع الموضوع الديني وهؤلاء صاروا يخفون أنفسهم ، واللذين ابتعدوا عن مراكز العلم ابتلوا بالغلو ، صاروا غلاة ، الذين كانوا أقرب إلى مراكز العلم حافظوا على ذلك بقوا على تشيعهم مع إخفاء ذلك ومع التزام التقية ، وهذا الأمر استمر حتى جاءت التركيا الكمالية يعني في بداية هذا القرن بعد سنة 1900 لما زالت الخلافة العثمانية وجاءت تركيا العلمانية الجديدة صار تنفس قليل ، لكن هؤلاء العلمانيون كانوا ضد الحالة الدينية في كل نحو من الأنحاء ،صار الوضع إجمالا في العالم يميل إلى الدعوة إلى حرية الأديان والمذاهب وصار هناك من يتعقل الاختلاف وانتهى الأمر كما قلنا إلى أنه الآن وضع الإمامية كما هو المعلوم في تلك المنطقة أصبح رسميا في مواقعهم وأماكنهم وقضاياهم ، وما الذي يضر هؤلاء ؟ لو أن إنسانا سأل مذا يضرك أيها السلطان عندما يصلي شخص مسبل اليدين أو قابض اليدين ، ماذا يؤثر على سلطانك ؟ عندما يقلد هذا المرجع الديني أو يقلد أحد المذاهب الأربعة ، ماذا ينقص من عندك ؟ ،لماذا يكون هناك تفكير في أنه ما دام أنت مخالف لي في المذهب فأنا ضدك وأنت ضدي ، أنا أؤذيك وأنت تؤذيني ، ينبغي للمسلمين أن يتحركوا في اتجاه منع الاحتراب منع الاضطراب منع الاقتتال ، وأول الاحتراب هو الكلام ، يقول الشاعر فإن النار بالعودين تذكى وأن الحرب أولها الكلام ، يتحول الكلام إلى خصام والخصام إلى لكام .
أئمتنا صلوات الله عليهم شعارهم الأساس ، إني أكره أن أبدئهم بقتال ، هذه طريقة النبي صلى الله عليه و آله وطريقة أمير المؤمنين عليه السلام وطريقة أهل البيت ، إذا ذاك بدل الاعتداء يحاول أن ينسحب ، ذكرنا في ليال مضت كيف أن الحسين لما أراد الخروج من مكة اعترضه جنود عمر بن سعيد الأشدق وبعض أصحاب الحسين قالوا باستطاعتنا التغلب عليهم بالقتال فقال الحسين لا يكفي أن تبعدوهم ، الحسين عندما علم أن عمر بن سعيد دس له 20 رجلا فاتكا شرسا ومعهم السلاح حتى يقتلوا الحسين حتى لو كان في الطواف ، رأى الأمر أنه يجر إلى فتنة ، يجر إلى معركة يجر إلى إسالة دماء ، قسم من المسلمين سيدافعون عن الحسين وقسم من المسلمين سيكونون مع الخلافة ف جر نفسه متجها إلى خارج مكة وكلمته المعروفة لابن عباس : لأن أقتل وأنا خارج مكة بشبر أحب إلي من أن أقتل في مكة بشبر 

مرات العرض: 3403
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2548) حجم الملف: 71333.21 KB
تشغيل:

2 أدعية الامام الحسين مدرسة العبودية لله
4 خطر الاباحية على الاخلاق والحياة الأسرية