سيرة الامام محمد بن علي الجواد عليه السلام
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 6/12/1436 هـ
تعريف:

سيرة الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام


كتابة الأخت تراتيل السماء
بسم الله الرحمن الرحيم

ورد عن الامام الرضا (ع) انه قال في حق ولده الامام الجواد :" هذا المولود المبارك الذي لم يولد اعظم بركة على شيعتنا منه " المصدر الكافي للكليني
الحديث يتناول جانب من سيرة الامام ابي جعفر الامام محمد الجواد الذي قال فيه ابوه الرضا تعبيرين قد لا نجد مثيل لهما بالنسبة الى أئمة اهل البيت سلام الله عليهم ويحق للإنسان ان يتوقف عندهما
بحسب الحديث السابق انه لا يوجد احد  اعظم بركه على الشيعة كبركة الامام الجواد وهذا الحديث خص شيعة امير المؤمنين وهناك حديث اخر هو ( لم يولد اعظم بركه على الإسلام منه ) وهذا  الحديث اعم من الأول فهو يشمل الإسلام ككل . ما هو الارتباط بين مولده وبين البركة ورد في ادعية وزيارات رجب ( اللهم إني أسألك بالمولودين في رجب، محمد بن علي الثاني وابنه علي بن محمد المنتجب، وأتقرب بهما إليك خير القرب، يا من إليه المعروف طلب .... ) .
مولد الامام الجواد عليه السلام  كان سنه 195 هجري  و ولادته الميمونة كانت مثبته ومركزه لإمامة ابيه الرضا عليهما السلام حيث كان يعتقد البعض ان الامام الرضا عقيم  . فعند عقائدنا اهل البيت ان الامام لابد ان يكون كاملا سواء عقليا او معرفة او إدراكا او تعقلا او بدنيا . وهكذا يستدل على بطلان امامة البعض اذا تواجد فيهم أي نقص فمثلا ابن الامام الصادق الافطح استدل على بطلان امامته بتشوه بدنه  .

ولد الامام الجواد بالمدينة وكان ابوه الامام الرضا يعظمه من الصغر وهذا فيه جانب عقائدي و تربوي وهذا يدل على عظيم منزلته وكان يكنيه بكنيته أبو جعفر كرامة له  للاستحباب وقد ورد في احاديث اهل البيت : ( نحن لنكني أبنائنا لكي لا يلحقهم النبز)
وعندما اشخص الامام الرضا ع الى طوس في قضية بيعته بولاية العهد سنه 201 وكان عمر الجواد ع حوالي ست سنوات فكان يرسل له جملة ( فداك ابوك يا بني ) وكان ينص عليه بالإمامة
الامام الجواد لم يعمر طويلا فقد استشهد مسموما وعمره 25 سنه ومع ذلك طرحت البركة فيه وفي عمره القصير
1- الامام علي الرضا عليه السلام لم ينجب مبكرا لذلك اعتبروه الواقفية بانه امام غير شرعي أي انه يدعي الإمامة والعياذ بالله  لكونه حسب زعمهم و اعتقادهم عقيم ناقص واعان الواقفية على هذا الامر بعض حسدته من اقاربه أبناء الامام الكاظم (ع)
وكان يرد عليهم بالشعر المعروف
لعلك يوما ان تراني كأني      بني حوالي كما الأسود  اللوابد
فان تميم قبل يولد الحصى           اقام زمانا وهو في الناس واحد
فولادة الامام الكاظم ردت عليهم و كانت تأكيد لشرعية امامة الامام الرضا عليه السلام وهكذا هي ولادة مباركة . وهذا هي الحالة الأولى التي تكون ولاده الابن تثبت امامة الاب
2- الامام الجواد بتوليه الامامة ثبّت امامة ثلاثة أئمة من ولده من بعده وأجاب على السؤال الذي كان يدور في اذهان الناس  فانطفأ ذلك السؤال
الامام الهادي والعسكري والمهدي هم أبناء الأمام الجواد و كان الله سيقدر لهم تولي الامامة في سن مبكر (بعضهم عمره عشر سنوات ) وهذا مستنكر في الذهنية العربية التي تعطي للسن أهمية كبيره جدا فلو كان عالم كبير فانهم لا يقدمونه بل يقدمون الأكبر سنا  ومن امثلة ذلك إرادة العرب تأخير امامة علي بن ابي طالب الشجاع و باب علم مدينة رسول الله وقدموا عليه الاعرابي ذو الواحد والستين سنه , و النبي صلى الله عليه وآله أراد ان يكسر هذا المقياس بتنصيب أسامة بن زيد الصغير السن على جيش يحوي من هم اكبر منه سنا  .
اول حادثة مرت على المسلمين و شيعة اهل البيت من هذا النوع  هي قضية الأمام الجواد حيث ان الامام الرضا اجلس ابنه الامام الجواد  مجلسه وإقامه مقامه وكان يطلب من الناس ان يسألوه اسئلتهم واشكالاتهم وكان عمره حينذاك حوالي تسع سنوات وهذه غير مألوفة
فمع ولادة الامام الجواد طويت هذه القضية على مرحلتين

أ‌- مرحلة نظرية :
تمت في أيام الامام الرضا عليه السلام و أيضا تواجدت في كلمات الجواد عليهم السلام  فانهما سلام الله عليهما ابلغوا وافهموا الناس بان موضوع الخلافة الإلهية لا يرتبط بالسن فان عيسى بن مريم وهو صاحب شريعة مبتدأه مبتكره  قد اتاه الله الحكم صبيا في المهد في حين ان الامام الجواد جاء مكملا لشريعة جدةِ رسول الله فكيف لا يكون اماما وهو صغير مع وجود حالات سابقة مشابهه ومقبولة عند الجميع و بدلالة القران الكريم و كذلك يحيى بن زكريا كان صبيا عند بعث نبيا , فبعد افهام الناس ذلك مع التمثيل اصبح الطريق سالك
وهكذا فان الامام الجواد بتوليه الامامة ثبّت امامة ثلاثة أئمة من بعده هم  الامام  علي الهادي و الحسن العسكري و الخلف القائم المهدي عجل الله فرجه الشريف وجعلنا لتراب مقدمة فداء
ب‌- مرحلة عملية :

الامام الجواد تسلم و مارس الإمامة في افضل صور التحدي القائم فمثلا العباسيين اعترضوا على الامام الرضا على ان يكون الجواد سنه 203 هجري وهو ابن ثمان سنوات وعدة أاشهر ان يكون مكان ابيه .. فسئل الامام الجواد عليه السلام ذات مرة من قبل بن اكثم  عن مسائل في الحج - لكونها مسائل ذات تفاصيل كثيره و تعقيدات وبعضها لا يعتمد على قواعد بل على روايات - من باب تعجيزه و تحديه ,فشق له الامام الجواد المسالة الى ثمانية عشر فرعا وقيل عشرين فرعا فلما سكت الامام الجواد قال له المأمون : يا أبا جعفر وضح لنا ما قلت
هنا بدأ الامام يجيب واحده بعد واحده . فقال يحيى بن اكثم هل تأذن لي في مسألة ؟ فقال جواد الائمة عليه افضل السلام : سل  فسال مسألة أخرى عن امرأه تحل لزوجها تارة وتحرم عليه تارة
فأجاب على هذه المسالة الامام الجواد عليه السلام بطريقة مفصلة وهذا مما يسمى بالفقه الفرضي الذي يبين مدى علمية العالم وهذا النوع من الفقه كان نشطا و كان سائد من أيام سيطرة الاحناف على الحالة الدينية الإسلاميه حيث قرّب  الهارون العباسي أصحاب المذهب الحنفي وجعلهم رؤساء وقد كان الاحناف قادرين على هذا النوع من الفقه

وهكذا كان الامام يجيب ويفحم كل من سأله حتى انطفا سؤال البعض في كيف يكون الامام الجواد اماما وهو صغير في السن لان الامام الجواد أجاب عن هذه الأمور بشكل عملي وقطع شكهم باليقين وهكذاانتهى هذا التساؤل ولم يحصل تساؤل مثله في زمن الائمة الثلاثة من بعده الهادي والعسكري والحجة  عليهم وعلى  ابائهم الاف التحية والسلام وذلك بفضل ممارسة الامام الجواد و تعود الناس على ذلك
فالسن لا ينظر اليه في الخلافة الإلهية  فعيسى ويحيى و علي بن طالب كانوا انبياء واوصياء و لم ينظر لأعمارهم  في السن  وهكذا فان الامام الجواد بتوليه الامامة ثبّت امامة ثلاثة أئمة من بعده الامام الهادي والعسكري والمهدي ببركة الامام الجواد

تلامذة الإمام الجواد

هناك احد الكتاب ترجم اكثر من مائتين شخص من أصحاب الامام (من الفقهاء والعلماء والمتكلمين) و ممن اخذوا من علوم الامام الجواد ع في حين ان الامام كانت خلافته 16 سنه مع انه انتقل قسرا في هذه المدة من المدينة المنورة  الى بغداد ليكون تحت الرقابة ومع ذلك لم ينقطع عنه محمد بن مهزيار
أيضا من أصحاب الامام  الجواد الحسين الاهوازي و محمد بن مهزيار و غيرهم حيث لهم الكثير من الروايات التي يعتمد عليها الناس مثل الروايات التي رواها علي بن مهزيار الاهوازي الخاصة بالخمس .

استقدام الامام الجواد بطلب من المأمون العباسي
وبعد وفاة الامام الرضا قام المأمون باستقدام الامام الجواد عليه السلام 
وهناك نظريتان لاستقدام المأمون للإمام الجواد عليه السلام
النظرية الأولى : ان المأمون أراد وضع الامام الجواد تحت  الرقابة لكي لا يتصل بشيعته ومحبيه و ان يكون تحت يديه يعمل به ما يشاء  من الغيله و المكيدة والغدر ما عمل بابيه الامام الرضا وهذا الراي مشهور عند الشيعة 
النظرية الثانية : ان المأمون كان يستقدم اهل البيت  اليه ليستفيد من علومهم لكونه معجبا بعلمهم  وبذلك ينفي هذا الراي ان يكون المأمون قتل الامام الرضا . وهذه النظرية غير مشهوره  وهناك قرائن تدل على خلافها.

قام  المأمون العباسي بعد استقدامه للإمام الجواد عليه السلام بتزويجه بأبنته ام الفضل فبناء على النظرية الاولى يصبح الامام تحت الرقابة اكثر لان ابناءه وابنته بجانب الامام دائما فيأتون بالأخبار دائما لأبيها وبناء على النظرية الثانية لان المأمون لكونه معجب بالأمام الجواد فانه زوجها ابنته ام الفضل .

ام الفضل لم تكن امرأه لم تكن في مستوى المناسب لأن تكون زوجة للإمام الجواد عليه السلام فلإمام يجري بعض الأمور لحكمه معينه  .

المعتصم يخلف أخاه ويسيء للامام
وفي سنة 218 هجري مات المأمون و جاء المعتصم وهو شخصية مقابلة للمأمون فالمأمون كان يحب العلم والنقاش والمناظرات في حين ان المعتصم ليس له اربة في العلم والمعرفة وكان عسكري خشن المزاج كما انه طُبِع على شيء من الحقد و البغض لآل البيت عليهم السلام لذلك لم يكن استقباله للإمام الجواد كما ينبغي
وقد كان يدس لبنت المأمون لتأتيه بأخبار الامام الجواد عليه السلام . وكان الامام الجواد يُقَرّب زوجته ام الهادي عليه السلام  على ام الفضل فام الهادي عليه السلام هي من عرفت حقه في حين ان ام الفضل المتربية في القصور لم تعرف حقه وهذا الوضع النفسي يزيد الوضع سوء
استشهاده
كانت شهادته في عام 220 هجري حيث كان  عمر الامام الجواد خمسا وعشرين سنه وهنا روايتان تذكران فيقال ان المعتصم هو من جهز شراب الاترج المسموم وختمه بخاتمه ليدل على الضمانة و ارسله لام الفضل لتقدمه للإمام الجواد في اليوم الذي كان عندها وكان صائما ويقال ان ام الفضل قدمت له عنب رازقي مسموم و يحتمل انه يكون الامران معا وهكذا تجرع حرارة السم و الشمس حتى استشهد سلام الله عليه في حادثة مفجعه فسلام عليه وعلى المعصومين من ابائه واجداده وابناءه ورحمة الله وبركاته

مرات العرض: 3441
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2577) حجم الملف: 23682.75 KB
تشغيل:

الامام الرضا ورسالة التفوق العلمي
الامام الهادي والزيارة الجامعة الكبيرة