مسائل في الميراث
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 23/8/1436 هـ
تعريف:

مسائل في الميراث 


تحرير الأخت الفاضلة تراتيل

 

قال تعالى  في كتابة العزيز ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ۗ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)﴾‏ سورة النساء :11  

حديثنا يتناول موضوع الميراث في الشريعة الإسلامية وفي غيرها على سبيل الاختصار , الميراث بمعنى ما ترك المورث الذي يحل عليه الموت لمن بعده من الأقارب .  هي قضية من القضايا التي اختلفت فيها التشريعات الدينية عن الأخرى البشرية . 

بنظرة عامة نجد ان المسيحيين اليوم -ولعل هذا ناتج عن التحريف التي حدثت في الانجيل - لا يمتلكون نظاما للتوريث وانما يقولون : ان المسيح جاء لوضع القوانين الروحية وليس لوضع  القوانين المالية .

اذن ماذا نصنع , قاموا بالمحبة اذا قُسم الميراث بالنحو الذي يرضي الجميع , بطبيعة الحال  هذا لا يمكن ان يكون حلا للمشاكل نحن نجد ان هذا الامر في المجتمعات يخلق اصعب المشاكل والتي هي المشاكل التي يكون فيها امر مالي ويكون اتشاح  عليه . المحبة هنا تختفي 

على أي حال المسيحيون في الوقت الحاضر يقولون : انه حاليا لا يوجد نظام للتوريث فهو اما ان يقسم اذا توفرت المحبة بين الأبناء فانه يقسم الميراث بالنحو الذي يرضي هؤلاء الورثة والا فانهم يرجعون الى النظام السائد في بلادهم

 فمثلا في بلاد المشرق سوريا ولبنان والأردن فان المسيحين المتواجدين هناك يرجعون الى المحاكم المسلمة الرسمية في تقسيم الميراث  ويقبلون بالقسمة باعتبار انه  هو سائد، باعتبار ان ديانتهم لا يوجد فيها نظام توريث لذا يخضعون للنظام السائد

في اليهودية امر الميراث مختلف ونحن نعتقد انه دخل عليه بعض التحريف نظرا لكونهم يورثون الذكور فقط لا يورثون الاناث و لا الزوجة و يعطون الولد الأكبر ضعف ما يعطي الباقي من الاخوة 

ونحن نعتقد ان أصول الديانات قائمة على العدل  والقسط فلا يمكن ان يكون هذا تشريع الهي  حيث يحرم الاناث و الزوجة والولد الأكبر يأخذ حصة اكبر مقارنة بأخوته فهذا احتمال ان يكون مما دخل عليه التحريف في التوراة 

الواقع الفعلي في الخارج بالذات في البلاد الأوربية بالذات في أمريكا هم لا يخضعون الميراث للقانون الديني وانما يوجد عندهم قانون يسمى قانون نابليون وكأنما وضع في عهده , وهو يقضي بالأمور التالية وهو انه بإمكان الانسان ان يوصي بماله جميعه لاي شيء يريد قد يكون هذا الشيء انسان معين او  جامعه معينة وقد يكون حيوان من الحيوانات وقد نقلت الجرائد في وقت من الأوقات ان امرأة ثرية عندما قربت منها الوفاة اوصت بأموالها كلها الى كلبها لأنها بحسب قولها انها اكثر براً بها من أولادها ففي الوصية لا حدود لهم فيها , اما اذا لم يكن هناك وصية فيقتسمون المال هكذا الزوجة لها نصف المال لأنها قاسمت   وشاركت الزوج  في حياته ووفرت له الأجواء وغير ذلك مما يعني ان لها نصف المال  الذي توفر للزوج هي شريكة فيه , وباقي النصف الاخر يقتسمه الأولاد -الورثة-  بالسوية 

في القانون الإسلامي الامر مختلف عن كل ما ذكر فانه نظام يقوم على أساس شدة القرابة للإنسان وهذا موافق لطبيعة الانسان حيث الانسان يتمنى الخير لنفسة اولا ثم لأقرب الناس اليه و هم الاعمدة والفروع وهم الابوان والأولاد والزوجة , ولهذا لاحظ الإسلام ذلك  الامر الموافق للفطرة فوضع نظام يقضي بذلك قال تعالى  (وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)  (الانفال75فكلما كانت القرابة الصق و اقرب بين المتوفى وبين شخص فان ذلك كان مبرر لان يكون متقدم على غيره ولهذا تم تقسيم الطبقات الميراث بحسب القرابة والرحمية 

الطبقة الأولى فيها الأولاد والابوان لأنه لا يوجد أي واسطة بين هذا المتوفي وبين ابويه وأولاده بينما الجد والاخت والاخ يحتاجون الى واسطة وهوان يشتركون في اب واحد والخال والعم يحتاج الى اكثر من وساطة ,فنظمت طبقات الميراث على هذا الأساس .

فان الزوجة وان لم تكن من اولي الارحام - حيث اولى الارحام من يشتركون في اب واحد- الزوجة بطبيعتها هي تكون بالمصاهرة تبعا للزوجية حتى وان كانت لها قرابة مع الزوج كأن تكون من بنات عمه او بنات خاله فهذا لا علاقة له بالميراث فكثير لدية من بنات العم وبنات الخالة والخال ولكن الزوجة تكون بالمصاهرة

امر اخر قال تعالى )آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ۚ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ا(النساء 11) الجاهليون كانوا  لا يورثون الزوجة و المرأة وكذلك الذكر اذا كان صغيرا لأنه لا ينفع خيرا و لا يدفع شرا فهو لا يستطيع ان يرفع السيف ولا يقمع العدو وكذلك الحال مع المرأة فيرد عليهم القران ان أولى الارحام بعضهم أولى ببعض وانكم لا تدرون ايهم اقرب اليكم نفعا 

ومن الأمور المهمة  التي يجب الالتفات اليها ويسأل الانسان عنها , احدهم يقول ان والدنا ترك ميراث من 33 سنة ولم يقسم هذا الورث  ولم يتحرك وفيه أيضا ثلث الميت , هذا شرعا غير جائز من عدة جهات  لأنه لم تنفذ الوصية بالتصرف في الثلث  فالوصي مخالف لأنه لم يتعجل في تنفيذ الوصية فلم يصنع الوصي المبرات التي طلبها المتوفي  واخّر الامور التي وصى به المتوفي في الوقت الذي اشتدت حاجة المتوفي له 

وهنا ارتكاب اثم اخر وهو اثم الحيلولة بين الورثة أصحاب المال  و بين اموالهم , افترض ان لديك رصيد بنكي وقام احدهم أوقف هذا الرصيد هذا يده يد عدوان فالذي يحول بين الوارث وبين أمواله التي ورثها يده يد عدوانية عادية . فكيف تؤخره عليه وهو ربما يحتاج هذه الأموال لمطعمة او مسكنه او حتى ترفيهه  

فيجب المبادرة الى مثل هذا الامر بحيث اصبح هذا ملك لأخرين  وهنا نشير الى قضية  و مسئلة شرعية و هي المتوفي اذا توفى وترك بيت فكيف يسكنون فيه بعض الورثة من غير ان يستأذنوا من باقي الورثة  هذا لا يجوز لانه مشاع  , مثلا انا لي ربع واختي لها ثمن لذلك لا تستطيع اختي ان تبقى فيه لأنه مشاع فانا لي نصيب في تلك الغرفة وذلك الممر والصالة , فتصرفي انا في نصيبهم من غير اذنهم غير جائز وتصرفهم في نصيبي من غير اذن غير جائز أيضا لذلك عليهم ان يستأذنوا بعضهم البعض ويحللوا بعضهم البعض في مثل هذه التصرفات 

فمن أراد ان يسكن عليه ان يجد حل و الحل ان يؤجر البيت له بان يدفع اما هكذا يغمض عينه ويتغافل وكانه لم يسمع فهذا غير جائز الا ان يتحاسبوا ويتسامحوا الورثة فيما بينهم ويجب عليهم ان يدفعوا حتى لو أدى ذلك الى بيع المنزل ,فهذه المسالة هي محل ابتلاء .

و الغالب في الارث لا تصل النوبة الى الرتبة الثانية الذين هم الأجداد  فضلا عن الرتبة الثالثة الذين هم الاعمام والاخوال 

وما دام ان هناك واحد من الرتبة الأولى فلا تصل النوبة  الى احد من الرتبة الثانية , فلو فرضنا ان شخصا توفي وخلف زوجة واولاد وابوين هذا ميراثه يقيم ارضا واموالا وبناء ثم يعطى لزوجته ثمن النقد وثمن ما على الأرض من الأشياء فقط وليس من ثمن الأرض ,

اذن نبدأ بالزوجة ونعطيها ثمن لان عنده أولاد , من النقد ثمن ومن الأراضي التي عليها بناء او زراعة فانه يقيم البناء والزراعة فتعطى ثمن ,ومن الأراضي  البائرة لا ترث منها شيء 

ثم نأتي الى الام فتعطى السدس طالما ان لدى ابنها المتوفى أولاد و نأتي الى الاب وأيضا نعطيه السدس  أي للأبوين كلاهما الثلث , والباقي يقسم للأولاد للذكر مثل حظ الانثيين . فهذه اسهل صورة 

لو كانت الزوجة هي التي توفيت وتركت زوج ووالدين واولاد فيكون الامر نفسه مع فارق بسيط هكذا 

الزوج نعطيه الربع من كل شيء تركته  الزوجة ولأبويها لكل منهما السدس لكون عندها أولاد, وللأولاد يقسم للذكور قسمان وللإناث قسم واحد 

نسال الله يوفقنا لفهم احكامه  والعمل بها انه على كل شيء قدير وصلى الله على محمد واله الطاهرين

 

 

مرات العرض: 3395
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2583) حجم الملف: 2922.29 KB
تشغيل:

أسبوع الولاية ( الحج ) والتوجه الاجتماعي
12الحقوق الزوجية بين خطاب القرآن والقانون والوعظ