علاقة المريض بربه
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 23/8/1436 هـ
تعريف:

علاقة المريض بربه 


تحرير الفاضل السيد أمجد الشاخوري

في الحديث عن أبي عبدالله جعفر بن محمد صلوات الله وسلامه عليه أنه قال :( من عاد مريضا في الله لم يسأل المريض للعائد شيئا إلا استجاب الله له ). وفي حديث عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال :( أيما مؤمن عاد مؤمنا خاض الرحمة خوضا فإذا جلس غمرته الرحمة). 

يتعرض الإنسان في هذه الحياة إلى أحوال مختلفة من الغنى والفقر والصحة والمرض، و هذا أمر يشاهد بالوجدان فلا حاجة فيه إلى برهان، وأنت تستطيع أن تختبر نفسك، تمر عليك بعض السنوات وأنت قليل المال ثم تمر أخرى فيكثر مالك أو تنعكس المسألة، وهكذا الحال بالنسبة للصحة والمرض. في هذه الأحوال المختلفة جاءت الشريعة الإسلامية بمجموعة من الآثار، منها ما يرتبط بالإنسان نفسه وأنه كيف يتعامل مع هذه الحالات المختلفة، في حال الفقر ماذا يصنع، في حال الغنى ماذا يصنع، في حال الصحة ماذا يصنع، وفي حال المرض أيضا. 

وأيضا جاء في ضمن تعليمات الشريعة الدينية جاءت أمور ترتبط في المجتمع، المجتمع حين يفتقر الإنسان ماذا يصنع معه، وحين يمرض هذا الإنسان ماذا يصنع معه وهكذا.

فجاء عندنا عنوان اداب عيادة المريض واستحباب هذا الأمر بالنسبة إلى الإنسان الذي يتعرض لحال صحي غير حسن، هو مطلوب من الإنسان في حال المرض أن يصبر، أن يدعو الله سبحانه وتعالى، أن يسأل لنفسه العافية، أن لا يجزع. بل أكثر من ذلك هناك تصميمات بالنسبة له أن مثل هذه الأمراض هي حطة للذنوب وتخفيف عن الأوزار وكأنما أخذ منه من صحة في هذه الدنيا يعوّض عليه باسقاط بعض أوزاره في الآخرة. هذا ما يرتبط بين المريض وبين ربه.

قسم آخر ما يرتبط من العلاقة بين المجتمع وبين الإنسان المريض وهذا ينطبق عليه عنوان آداب عيادة المريض -كما ذكرنا- فقد نبذ في الشريعة واستحبت أن يبادر الإنسان الصحيح إلى عيادة المريض لما للعيادة من أثر في تخفيف ألم المريض من جهة وفي زيادة اللحمة الاجتماعية بين الناس من جهة أخرى، ووعدت على ذلك بكثير من الثواب والأجر ومن أمثالها ما ذكرناه قبل قليل من حديث للإمام الباقر عليه السلام في قوله ( أيما مؤمن عاد مؤمنا خاض- أي العائد- الرحمة خوضا فإذا جلس -يعني عنده- غمرته الرحمة ).

أيضا من الوارد في هذا الجانب على نحو الاستحباب أن لا يكثر الإنسان المكث عند المريض فقد ورد ( إنما العيادة قدر حلب بقرة أو فواق ناقة) يعني شيء مختصر مال أبو دقائق و قد ذكر هذا أكثر علمائنا إلا إذا رغب المريض وطلب من العائد أن يجلس عنده، بعض الأحيان مريض يأنس بشخص معين فيستبقيه عنده، هذا بعد استحباب التقليل في المكث غير وارد، الأفضل أن الإنسان لا يمكث عند المريض، يذهب إليه يسلم عليه يطلب له من الله الشفاء هناك استحباب أن يضع يده على يده ويتلو أيضا له وينصرف بعد ذلك، لا يخلي السهرة مثلا ذيك الليلة ما عنده مكان خلنا نزور فلان مريض ومن الساعة مثلا ثمان إلى الساعة عشرة أو عشرة ونص هو قاعد باعتبار ما عنده ذيك الليلة مكان لسهرته وإنما هو قدر فواق ناقة، فواق الناقة هي مال أبو خمس دقائق، سبع دقائق هكذا يقدرونها.

لذلك عندنا حديث عن الإمام الصادق عليه السلام يقول ( تمام عيادة المريض أن تضع يدك على ذراعيه) في إنسان عادة عندما يضع اليد على اليد أو على البدن شعور بالقرب يكون أكثر ( وتعجل القيام من عنده) هذا من تمام العيادة التعجيل (فإن عيادة النوكة أشد على المريض من وجعه ) النوكة جمع النوك، النوك تعني احمق. 

اذا جا شخص من هؤلاء النوكة لعيادة مريض فإن عيادة هذا أشد على المريض من وجعه الأصلي، ينقلون والله العالم أن شخصا قد مرض وكان قريبا لعائلة شخص آخر فالوالد قال لابنه وكان من هؤلاء النوكة، من هؤلاء الحمقى بس لازم تقوم بالواجب، قال له أنا ما اقدر أروح أزور فلان لأن أنا تعبان لكن انت مقام النفس الولد الأكبر تروح وتزوره، وشوية عرف ابنه ما يدبر الأمور عنده شيء من بضاعة النوكة، قال له بس أوصيك وصايا طبقها تماما، قال له تفضل قال لما تروح طبيعي المريض راح يكون على سرير أو كذا ف مو تقعد في الأرض، وإنما دور لك مكان مرتفع واقعد عليه حتى تصير تقدر تتكلم معاه، بعدين بعد شوية قول له أنه مما تشكو شنو مرضك؟ حتى يقول لك أي مرض تقول له بسيط إن شاء الله الأمر سهل، بعد شوية تسأله أنه منو طبيبك فبيجيب لك أي اسم دكتور فلان فقول الطبيب له نعم الطبيب هذا، قال له ما يخالف وطبق هذا بالتمام والكمال، بس هو من هؤلاء النوكة الذين جلوسهم عند المريض يحد عليه من الوجع، فذهب ودخل المريض جالس على سرير دور على مكان مرتفع ما في، في روزنة فوق المريض تقريبا ، أبوه أوصاه بأن يجلس على مرتفع جلس على تلك الروزنة اللي من خشب يظهر فوقع هو والروزنة على المريض هذي الخطوة الأولى خلصت، سأله شنو مرضك قال طبعا بعد هذا المشكلة اللي صارت لي قال مرضي الموت أبغى أموت، فقال له الشيء بسيط هذا ولا يهمك مو الشيء صعب، قال له منو طبيبك قال إن شاء الله ملك الموت قال خوش طبيب ما تحيل أحسن منه.

فعيادة مثل هذا لهذا المريض أشد عليه بلا ريب من وجعه، يحتاج الإنسان في أثناء العيادة أن يلتزم بما إما يمليه الذوق والعقل، أو بما توجه إليه الروايات وتوجيهات المعصومين. 

عندنا في الروايات مثلا مستحب أن يستصحب الإنسان هدية له - للمريض- مهما كانت صغير وقليلة. قول اذا هالشكل ماحد بيروح لأحد. 

في الرواية عن موسى بن القاسم قال حدثني أو أخبرني مولى لجعفر بن محمد عليهما السلام قال مرض بعض مواليه، بعض أصحاب الامام فخرجنا إليه نعوذه ونحن عدة من موالي جعفر- من شيعة الإمام-  فاستقبلنا جعفر عليه السلام- الإمام الصادق- في بعض الطريق وقال لنا أين تريدون ؟ قلنا نريد فلانا نعوذه قال قفوا فوقفنا ، قال هل مع أحدكم تفاحة او سفرجلة أو أترجة أو لعقة   من طيب، أو قطعة من عند بخور، قلنا احنا ما عندنا شيء إحنا رايحين حتى ناخذ المكسرات من عنده. طيب فقال ( أما تعلمون أن المريض يستريح إلى كل ما أدخل به عليه ) يعني يعدها نوع من الاهتمام. فهذا من التوجيهات.

في مقابل هذا فعلا بعض العيادات تكون من عيادات النوكة، من العادات السيئة تحول كل عائد إلى طبيب متخصص. جرب أن تمرض لا سمح الله وشوف كم طبيب يصير عندك،انت ما تتعالج عند طبيب واحد ، بعدد اللي يجوك من العائدين والزائرين تسألهم أو ما تسألهم، تطلب مشورتهم أو ما تطلب هو طبيب برسم الخدمة يتبرع لك بعدد غير قليل من النصائح الطبية غير المنسجمة والتي لا تعتمد على علم خلاص في الواقع في مثل هالحالات الإنسان ما عنده طبيب واحد، عنده بحسب مئة طبيب خمسين طبيب وكلهم هذولا متخصصون يعني اذا كان طبيبه الاصلي في المستشفى يحتاج إلى دراسة عشرين سنة أو خبرة ثلاثين سنة هذا ما يحتاج شي، لا يحتاج إلى شيء يكفي أن يجي وحتى لو ما تقول له ويش أسوي يقول سوي كذا ولا تسوي كذا واصنع كذا واضرب إبرة هالشكل وخذ هالحباية وسوي فلان عمل ولا تسوي فلان عمل.

هذه عادة سيئة، فالطبيب يحتاج إلى خبرة يحتاج له إلى دراسة يحتاج له إلى تخصص، والله فلان شرب ماي محو وداكو ما شاء الله عليه شلون طاب انت بعد اشرب ماي محو، زين فلان واحد مادري كذا عمل وداكو ما شاء الله. هذا نوع من الجهل، لا تضع ولا يضعن الإنسان نفسه فيه حتى لو طلب منه. هذا مثلا واحد يجي يستفتيك في الدين وانت مو من أهل العلم والمعرفة الدينية لازم تقول له أنا ما عندي معرفة روح إلى المتخصص، فكيف اذا لم يستفتك في هذا ! نفس الكلام في الطب، فالطب أيضا نفس الشيء، بالتالي المريض هذا شقد تحليلات أخذ وشقد فحوص وذاك الطبيب هالك نفسه عليه ومع ذلك يتردد يقول له هالحجاية لو ذيك الحجاية. شقد من التحليلات أخذ ومن استشاري  عنده مع ذلك تردد نخلي له هالدوا لو ما نخلي له، أنا أجي لا أحد طالب مني ولا عندي توجه طبي ولا معرفة ولا أدري بهذي الحالة الخاصة وأعطيه روشتة بكامل ما يصنع وما لا يصنع. هذا جهل لا ينبغي للإنسان أن يتورط فيه. هذا واحد. 

 العادة السيئة الثانية لا تتحول إلى مؤدب للمريض في مرضه بالذات.

ليش انت سمين هالشكل، ليش ما تسوي هالشكل، ليش ما تعمل هالشكل، ليش ما تلعب رياضة، ليش ما تصعد كذا، ليش ما تاكل كذا، لويش تاكل هذا، لويش ما تاكل هذا. يبا أحد هل أحد جا قال لك تعال تولاه بالتأديب الآن روح أدبه تولاه، لا تسوي ولا تفعل ولا تصنع ولا كذا وأوامر أحيانا في ضد هذا الإنسان، هذا من العادات السيئة للإنسان اذا عاد مريضا.

الأصل أن المريض يقول لك عيادته قدر فواق ناقة خمس دقائق خلي ايدك على ايده ادعو الله له بالشفاء عافاك الله شافاك الله إن شاء الله ما تشوف شر مع السلامة، أما جاي مرة تصير طبيب ومرة تصير مؤدب ومرة تصير ما ادري كذا آمر وناهي عليه، هذي من العادات السيئة.

أسوأ من هذا هذا صار الإنسان العائد محل افتخار جاي يبيع عليه فخر، جا للإنسان اي انا الحمد لله رب العالمين سويت كذا وكذا وكذا، أنا عندي برنامج حمية ممتاز جدا أنا إنسان منضبط، مع كل هالاشياء هذي أنا إنسان أسوي كذا وكذا، أروح إلى الجم وأمارس الرياضة وأنا شخص منضبط وممتاز مادري ليش الناس ما يسوون هالشكل، ليش ما تسوي انت هالشكل مثلي أنا !. انت جاي قاطع هالمسافة حتى تبيع فخر عليه وكشخة. أنا أسوي كذا وما أسوي كذا وأفعل كذا وما أفعل كذا. طيب فهذه أيضا من العادات السيئة التي قد تلازم عيادة الإنسان لمريض ما، انت أقصى ما تستطيع تمام العيادة كما يقول تمام العيادة مو تطول عنده، مو تاخذ السالفة مني وتصيغها مناك، مو تتحول إلى طبيب في لمحة عين، مو تتحول إلى مؤدب له ماذا يصنع. تمام العيادة أن تضع كما يقول الإمام الصادق عليه السلام أن تضع يدك على يده أو ذراعه وتعجل القيام من عنده وتدعو له هذا هو. وإلا تحولت تلك العيادة إلى عيادة النوكة وعيادة النوكة أشد على المريض من وجعه.

لا سمح لا يصير واحد منا بطريقة ذاك اللي شاف أرفع مكان وقعد فوقه ونكد عليه بقية حياته أو بدرجة أقل

مرات العرض: 3406
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2582) حجم الملف: 2619.57 KB
تشغيل:

هؤلاء هم الخاشعون
الهبة في فلسفتها وأحكامها