الحياة الأسرية للامام علي عليه السلام
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 20/9/1435 هـ
تعريف:

الحياة الأسرية للإمام علي عليه السلام

كتابة الأخت الفاضلة إيمان ـ البحرين


يتناول الحديث موضوع الحياة الأسرية لأمير المؤمنين (ع)..

الحياة الأسرية لكل إنسان في العادة مشوبةٌ بحالةٍ من الخصوصية، والغالب أن الإنسان لايحب أن  تخرج مفرداته  لهذه  الحياة، وطبيعة السياسات الحاكمة بينه وبين أهله إلى الناس؛ لأجل أنها تدور ضمن دائرة الحياة الشخصية.

ويتكتم الناس غالباً على هذه الحياة في تفاصيل المشاعر وطبيعة العلاقات، إلا أن الحياة الأسرية لمعصومٍ كأميرالمؤمنين (ع) تكتسب أبعاداً أخرى تجعل من المناسب أحياناً، بل من اللازم في أحيانٍ  أُخَر أن يتم الاطلاع عليها من قِبل أتباعه، مع كون الإمام معصوماً وحجة ونورَ هداية، تصبح أفعاله وعلاقاته، وطريقة حياته وإدارته لأسرته جزء من السُنّة، الذين يوسعون دائرة السنة بما هي.
يصبح هذا الجانب جزء من السنة والتشريع من جوانب الإمام ويمكن للفقيه استنباط الأحكام الشرعية في دائرة المستحب، وربما في دائرة الواجب وأمثال ذلك، ويمكن لغير الفقيه أن يتطلع لها على أنها أحد الأفعال التي ينبغي أنيقتفي فيها أثر المعصوم=> هذا البعد يجعل الحياة الأسرية للمعصوم موضوعا فيه جانب من العمومية..

وفي حياة الإمام علي الأسرية، نقاط تفتح علاقات على قضايا عقائدية، فمدرسة الخلفاء حاولت  الاستفادة منها على سبيل العقائد، فمثلاً:

١.عندما تأتي إلى إحدى زوجاته وهي خولة (والدة محمد بن الحنفية)، أتباع مدرسة الخلفاء يسعون  إلى الاستفادة من هذا الزواج؛ لتثبيت موضوع عقائدي وهو تصحيح خلافة من سبق أمير المؤمنين، ففي رأيهم تزوج هذه المرأة وهي سبية من معركة في حياة الخليفة الأول، وإذا تزوج منها فقد     
أمضى فعل الخليفة الأول=> فالخلافة شرعية!! إذ كيف يتزوجسبية في معركة غير مشروعة؟!
2. ابن الإمام اسمه عمر الأطرف من زوجته التغلبية، ولديه ابن اسمه عثمان، وآخر اسمه أبوبكر=> توظّف مثلهذه التسميات في أمر عقائدي ليقال بأن العلاقة بين الإمام والخلفاء كانت عادية بل جيدة إلى حد أنه يسمّي بأسمائهم..
3. في قضية فاطمة بنت حزام (أم البنين) الرواية المعروفة أن الإمام طلب من أخيه عقيل أن يخطب له امرأة قدولدتها الفحول من العرب. فكيف والامام يفترض أنه أعلم الناس ؟

لا بد من التعرف على مثل هذه القضايا:

أولاً: أن فعل الإمام تشريع.
ثانياً: بالرغم من أن هذه القضايا أمور تتصل بالحياة الشخصية إلا أن لها ارتباط بالأمور العقائدية..

أبناء الإمام علي(ع):
يتردد عدد أبنائه بين ٢٨-٣٢ (ذكراً وأنثى)
وهذا التعدد بسبب التداخل في الأسماء والكنى، إذ يأتي شخص فيعد اسم فلان وكنيته من أبناء الإمام على أنه اثنين..

وهو يعتبر كبير_أكثر بكثير من أبناء الحسن مثلا_وهنا تكذيب لما زعمه البعض في أن للحسن  زيجات كثيرة، فقال البعض 70 زوجة، وآخر قال 80 بل قال بعض المعتوهين أنهم 300!! ولكن أبناءه قيل 15 وقيل 17 (ذكر وأنثى).. أمير المؤمنين أكثر زوجات وأكبر عدد أبناء من الحسن (ع)..

زوجاته:
قيل تزوج من ثمان نساء بالعقد الدائم ولكن ليس كلهن مع بعض بل بالتعاقب، إذ لا يستطيع الجمع بين أكثر من 4 زوجات، ولمتحصل خصوصية الجمع في الزواج بأكثر من أربع نساء إلا للنبي الأكرم (ص)..
1. بعد استشهاد الزهراء، تزوج الإمام أمامة بنت العاص بن أبي الربيع وهي ابنة أخت الزهراءبوصية من الزهراء(ع)، وهذا مايؤكد على وجود بنات أخريات غير الزهراء لمولاتنا خديجة، ومنهن زينب أم إمامة التي قالت عنها الزهراء:  {فإنها تكون لِولْدِي مثلي} فقد كانوا أبناء الزهراء صغاراً بين 6 أو 7 سنوات وهم بحاجة لعناية، وأمامة هي أول من تزوجها بعد الزهراء، وبقيت معه إلى حين شهادته..
2. خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية (والدة محمد بن الحنفية) وذكر محمد باسم أمه لتمييزه؛    بسبب كثرة اسم (محمد)من أخوته، وهي من قوم مالك بن نويرة اليربوعي الذي حمل عليه  الخليفة الأول بقيادة خالد بن الوليد فقتله وقتل وزوجته، وبقر بطنها وهي حامل، ومالك من المتمسكين بالنبي الأكرم (ص)، فخولة كانت من
قوم مالك بن نويرة وسبيت وأتوا بها للمدينة المنورة،
وهنا اختلاف بين مدرستيّ الإمامة والخلفاء:
 فتقول مدرسة الخلفاء أنها كانت مسبية وجاؤوا بها للمدينة، فصارت من نصيب الإمام (ع)،تزوج امرأة مسبية بواسطة غزوة تحت قيادة الخليفة الأول، فالفعل صحيح لأن الإمام استحلّها..
 أما الإمامية: فيذكر الإمام الصادق(ع) أن هذه المرأة جاءت للمدينة، فألقى عليها أحدهم ثوبه  لتصبح زوجته، فإذا كان نصيبه يساويها أخذها، وإن كان نصيبه أقل، دفع لبيت المال وتزوجها بملك اليمين، فرفضت ذلك وقالت إنا نشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله، كيف تسبون مسلمات؟ هذا غير جائز باتفاق جميع المذاهب!! قالت بالإضافة لذلك، إنني لا أتزوج أحد إلا الذي يخبرني بما قالته أمي حين ولادتي، فاستنكر
 الحضور، فجاء أميرالمؤمنين(ع) وأخبروه بما قالت، فقال: هي محقّة ولها حق الاختيار، وأنا أخبرها وأخبركم بما قالت لها أمها حين ولادتها، قالت من هذا؟ قالوا هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله (ص)، فأخبرهم بما قالت أمها وهذا الخبر علمه إياه رسول الله_ولكي تُثبت منزلة الإمام الخاصة من الله، فلا بد من معرفة الماضي
والمستقبل_فقالت لا أتزوج إلا هذا، فقال الإمام: لا أتزوجها إلا إذا جاء أهلها، فجاؤوا بأهلها وخطبها منهم على أن  يمهرها المهرالمناسب لها، ورفضوا المهر قالوا بدون مهر، ولكن الإمام أبى، وهذا ما ذهب له  الإمام الصادق، وما يقوله أتباع مدرسة الخلفاء أن زواجها كان بملك يمين وبدون مهر ليس صحيح، فكانت هي الثانية تزوجها   في حدود سنة13هـ، أنجبت للإمام بنتان وولدان..
3. أسماء بنت عميس من النساء الفُضليات، وراوية من الراويات، وتذكر المدرستان حديثاً عن  النبي في حقها، علىأنه قال هي وبعض أخواتها من أهل الجنة، وقد كانت زوجة جعفر بن أبي طالب أخ الإمام علي(ع) شهيد مؤتة، أنجبت منه عبدالله، وهاجرت معه للحبشة وكانت من السابقات للإسلام، ولما عادا استشهد   جعفر في غزوة مؤتة.. وبعدها بمدة خطبها أبو بكر وتزوجها بعد جعفر، وأنجب منها محمد بن أبي بكر(من حواريي أمير المؤمنين وخلّص أتباعه)، توفي الخليفة الأول بعد ثلاث سنوات، وتزوجها بعده أمير المؤمنين(ع)
وكانت صاحبة علاقة خاصة مع الزهراء (ع)، فهي التي وصفت لها موضوع النعش الخاص  للنساء الذي رأته في الحبشة ولا يفصّل جسم المرأة؛ إذ كانت السيدة الزهراء من شدة عفتها تكره أن يظهر منها شيء، فعملت لها أسماء مثل السعف مقوس ويضعون عليه رداء، ففرحت فاطمة (ع) وتبسمت، وقيل أنها ماتبسمت بعد
 ووفاة أبيها وماجرى عليها إلافي ذلك اليوم الذي صُنع فيه النعش الخاص..
• تزوج الإمام من أسماء بعد وفاة زوجها الثاني ( أبي بكر ) وأنجب منها ولدين(يحي وعون) وأحدهما شهيد كربلاء==> فكانواثلاثة أخوة من أم واحدة وآباء مختلفة (محمد بن أبي بكر، عبدالله بن جعفر زوج السيدة زينب، وعون بن علي بنأبي طالب)، وهذا يشير لمعنى أنه لا ينبغي أن تُعطى قضية الزواج أكبر من حجمها، فالتي يتوفى عنها زوجها أوتنفصل لا بأس بالزواج ثانية، فقد
 كانت أسماء على ذمة ثلاثة أزواج خلال ست سنوات..
4. فاطمة بنت حزام (أم البنين) تزوجها الإمام بعد سنة 26 هـ على الرواية المعروفة، وقد سألنا آنفاً هل أن الإمام الذي هو خازن العلم.. هل لا يستطيع البحث بنفسه عن امرأة بهذه الصفات؟
 هناك عدة أسباب:
أ‌) ربما يريد الإمام إعطاء الناس قاعدة بالرجوع إلى كل خبير في فنّه، فالمريض ليس هو من  يقوم بالدواء، بل يرجع لذوي الخبرة، حيث يريد الإمام أن الشرع يجيز الرجوع لأهل الخبرة في كل فن، فمن  يريد اللغة يذهب للغوي، وللزواج يذهب للنسّابين، وكان عقيل من أصحاب هذا الفن..
ب‌) الشورى: يستشير الإنسان من حوله في الأمور ولا يستبد برأيه، فمع اكتفاء الإمام بعلمه ورأيه، يستشير عقيل الذي يكبره بعشرين سنة تقريباً( على ما ذكروا وإن كان للتأمل فيه مجال ) ، مثله كمثل النبي (ص) الذي يستشير سلمان وغيره من أصحاب العقول في الدفاع عن المدينة؛ حتى يتعلم الناس من المعصوم قيمة الشورى..
ج) هذه طريقة من الطرق للإخبار عن قضية كربلاء، فلو تزوجها الإمام بسكوت، ما كان يتم الحديث في سنة 25 أو 26هـ عن ما يكون في كربلاء وبيان دور هذه المرأة العظيم، ودور العباس(ع)،  فكان هذا من الإخبارات التي أخبرها الإمام عن كربلاء..

 من جملة الأمور التي تبرر استشارة الإمام..

5. ليلى النهْشلية من البصرة، بعد دخول الإمام للبصرة، رغب أهل البصرة فيه، والإمام صاهرهم كنوع من تكوين العلاقات وتهدئة النفوس بعد حرب الجمل، فتزوجها سنة ٣٥ هـ وبقيت هناك، وابنها عمر  الأطرف الذي نشأ في بيئة أخواله فتأثر بهم، وقد قُتل في صف مصعب بن الزبير في مقابل المختار الثقفي، وهذا يفتح باب أن شيعة أهل البيت لا تقدس الأشخاص لأنهم فقط من نسل الإمام علي، بل لا بد من تقديس الملتزمين بخط
 أهل البيت(ع) كأبي الفضل العباس وعبدِالله _الذي من أبناء الإمام ولكن ليس ابن أم البنين لديه أخ اسمه عبيدالله، فعبدالله من شهداء كربلاء، وعبيدالله سيء الخاتمة_ لا كعمر الأطرف..=> فمدار الاحترام للذي يلتزم خط الآل الكرام لا النسب فقط..
6. وهناك من الزوجات مُحَيّاة بنت امرؤ القيس، والصهباء التغلبية (في رواية)..

بيت أمير المؤمنين(ع) في الكوفة:
تجتمع زوجات وأبناء الإمام حوله، بالإضافة لنسائه الذين ملكهم بملك اليمين_التي إن أنجبت من مالكها سُميت بأم ولد،وإن مات عنها زوجها تتحرر بنصيب ابنها_ وكان للإمام أمهات أولاد  (أي بالشراء)، فكان للإمام ثمان زوجات بالعقد الدائم، وزوجات أُخر بملك اليمين، وكل هذه الزيجات لم تشغله عن العلم والدين وأدواره الإرشادية والعملية، قد يعمل بيديه إلى أن جاءته الخلافة، وهذا يفتح مجال لمن يتزوج ويترك الذهاب للمسجد وانقطاعه عن صلة الأرحام وغيره بحجة زواجه وعدم وجود الوقت الكافي للذهاب، وإن مثل هؤلاء إنما يعانون من الازدحام الذهني..

 

مرات العرض: 3459
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2575) حجم الملف: 55982.28 KB
تشغيل:

هكذا تحدث النبي المصطفى عن الوصي المرتضى
ميلاد الامام الحسن والسنن النبوية