قصص الأنبياء هل تخالف العصمة ؟
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 15/3/1435 هـ
تعريف:

                         قصص الأنبياء ..هل تخالف العصمة ؟    

      تلخيص الأخ الفاضل الشيخ حسين آل حبيب      

قال تعالى ( ولقد همَت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) . "1"

يعتقد الإمامية أن الأنبياء والأئمة معصومون على مستوى الدين وتبليغه وكذلك معصومون عن ارتكاب الذنوب الكبيرة والصغيرة عمداً وسهواً وكذلك معصومون في الأمور التشخيصية .أما مدرسة الخلفاء فإنهم مختلفون في رأيهم :

1- قسم الحشوية : يقولون لا مانع أن يرتكب النبي (ص) معصية حتى الكبائر وهذا لا ينافي نبوته !!.

2-قسم من الأشاعرة (وهم أكثر أهل السنه ) :عندهم يمكن للنبي (ص) ارتكاب المعصية الصغيرة (الصغائر ) سهواً ونسياناً بل عمداً .

         والصحيح ما قاله الشيعة فإن المعصوم لا يرتكب معصية إطلاقا .  

تساؤلات :

هنالك آيات قرآنيه ظاهرها صدور ذنب من قبل الأنبياء:

كقوله تعالى ( وعصى آدم ربه فغوى ) "2" ، وقوله تعالى ( فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان ) "3" ، وقوله تعالى ( بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم ) "4"، وقوله تعالى ( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ) "1" ، وقوله تعالى ( عبس وتولى ) "5" . بل هنالك روايات أيضا ظاهرها صدور ذنب من قبل الأنبياء فهنالك إجابة عامة لكل نص وهنالك إجابات تفصيلية لكل نص

** القاعدة العامة : وهي قاعدة عقلائية عندنا { أن الدليل القطعي لا ينقضه دليل ظني } فالظن لا يهدم العلم و الظن لا يغني من الحق شيئا هذه مقدمه أولى .

** المقدمة الثانية : الأدلة العقلية قامت على أن المعصوم لا يرتكب معصية لأنه لو ارتكب معصية يلزم نقض الغرض ، لأني أنا الإنسان لما أراه يرتكب معصيه وهو نهاني عنها فأنا لن أتبعه بل يلزم أن أنا أكون أهديه ، والناس لن تصدقه .

فالنبي الذي يقول لا تشربوا الخمر ثم هو يشرب فإن الناس لن تصدق دعوته فحينما تأتينا آية أنا ربما أفهم ظاهرها بشيء وربما تكون معناها غير ذلك فهذا الاحتمال يسمى ظناً ، وهذا الظن لا يهدم ذلك الدليل .

قصة النبي يوسف (ع ) مع زوجة العزيز " زليخا" مثال واضح : فزليخا أحبت يوسف حباً جماً لأنه كان جميل فصارت تترقب الفرصة وهي امرأة شابة وبعض النقولات تقول أن زوجها كان يعاني العنة أي عجز جنسي ، فصار بين يديها جمال يوسف وهي متزوجة وغير متزوجة فلما توفرت الظروف ، ( غلَقت الأبواب وقالت هيت لك )َ "6" فهمَت به لكي يقضي شهوتها ،

- فبناءً على قول أن النبي بلإمكان أن يعصي قالوا أنه همَ النبي يوسف بالمعصية ويعللون بأنه بمقتضى بشريته !! هذا الكلام غير دقيق لأن المعنى قد يكون خلاف الذي وصلوا إليه .

- وبناءً على رأي أهل البيت (ع) بل ويعاضده اللغة : بأن الهمَ الذي كان ليوسف لم يحصل أبدا منه .

فأصحاب اللغة يقولون اذا جئت بكلمة مطلقة فإنه المعنى يكون متعلق بذلك الشيء فالآية أُطلقت في ( ولقد همَت به ) أما بالنسبة ليوسف ( وهمَ بها لولا أن رأى برهان ربه ) فعلق ذلك بأنه لولا أن رأى برهان ربه فإنه سوف يهمَ بها ولكنه رأى برهان ربه .

مثال عرفي : يسألك أحدهم لماذا لم تأتي المجلس أو حفلة الزواج أو المسجد ؟

فهو يجيب ، أنا جاي المجلس لولا أن سيارتي قد تعطلت في الطريق . يعني لم يزر المجلس .

اذاً يوسف رأى برهان ربه فلهذا لم يهمَ بها ، فالمعصية صدرت من المرأة ولكن لم تصدر من يوسف . ولو أردت توضيح الآية فإنك تقول : ولولا أن رأى برهان ربه لهمَ بها ففي الآية تقديم وتأخير . وهذا الرأي ينفي أنه صدر من يوسف حتى النية .

- هنالك احتمال آخر للآية وهو وارد في بعض التفاسير وهو اختلاف متعلق الهم مثال : زيد يقول أنا هممت بشيء ، وعمرو يقول أنا هممت بشيء ، و ثالث يقول أنا هممت بشيء فكل واحد له متعلق مختلف لهمه فشخص في الرياضة وآخر في الصلاة وآخر في الانفاق فالقرآن يقول هنالك اختلاف بين همة زليخا وهمة يوسف فهمة زليخا في الشهوة لأنها من زمان تحبه وهمة يوسف لشيء آخر ، بعض التفاسير قالوا همَ بضربها ودفعها .

وهي اعترفت بعد ذلك وقالت ( ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ) "7" وهو كان يقول ( ربي أحسن مثواي )"6" سواءً كان المقصود هو الله فتكون رقابة دينية أو المقصود من ربي هو عزيز مصر فليس أن تصدر منه خيانة . ودل على ذلك أن تتمة الآية (....كذلك لنصرف عنهم السوء والفحشاء )"8" فالصرف في اللغة معناه دفع السيء قبل أن يأتي ، وهذا أمر متعارف فإنك تقول أنا أعمل مصرف للماء لكي لا يدخل داخل المنزل ، والهم َ هو سوء وهو مصروف عن يوسف قبل أن يحدث الحدث ودليل آخر ( إنه من عبادنا المخلَصين ) "8" المخلَص تختلف عن المخلِص فهي منزلة أعلى اذاً في الآية رأيين : إما أن تقول أن الهم لم يحدث من يوسف من الأصل أو تقول أنه الهم مختلف في الآية وهذا من باب التنازل قليلاً .

أما المثال الآخر : مرتبط بالنبي محمد (ص) في قوله تعالى ( عبس وتولى ) "5" فزعموا أن النبي كان يجالس أحد الأغنياء من الكفار وكان يطمع في إسلامه فجاء إليه ابن مكتوم وكان كفيف البصر فكره الرسول من الفعل ثم عبس .

الإجابة على هذا التساؤل إما بالإجابة العامة التي ذكرتها وهي أن النبي لا يمكن صدور المعصية منه ، أو الإجابة الثانية أنه لو تأملنا في الفاعل أنه مبهم فلم تقل الآية عبست وتوليت يا محمد . هنالك روايات قد نقلوها أن الفعل صادر من النبي وبعضها ينسبوه إلى عائشه ، فهنا بعض علمائنا يقولون كيف ذلك والنبي لم يتزوج عائشه في ذلك الوقت لأن الحادثة في مكة ولم يتزوج النبي بها .

ثانيا : هنالك آيات تقول ( وإنك لعلى خلق عظيم )"9" فالشخص الذي يعبس في الوجه هذا الشخص ليس عنده أخلاق ولو فعلها شخص من عوام الناس فلا يمكن القبول بأنه صاحب خلق عظيم ، كيف يأتي للرجل الكافر ويتصدى له والشخص المسلم يتلهى عنه ويعرض بل ويعبس . وإن كان الموضوع موضوع ديني كان أدهى لأنه يكون ناقص في التبليغ فكيف صار سيد الأنبياء والمرسلين ؟!

ثالثا : هنالك كلمات لا تنسجم مع شخصية النبي ( وما عليك ألا يزكى .... ) "10" يعني النبي لم يكن يفكر في إيمان ذلك الشخص . هل النبي هكذا ! أم كما يصوره القرآن ( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) "11" ومعناه يارسول الله أنت تذبح نفسك لأجلهم يعني أنت مبالغ في تحمل هؤلاء فآية تقول أنه غير مبالي بإسلام هؤلاء وآية تقول مبالغ في هدايتهم ، فلعل الآية أن تكون من باب إياكي أعني واسمعي يا جاره وهذا أسلوب قالوه أهل البيت (ع) ومثال ذلك : قوله تعالى ( ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك )"12" فلا يتصور أن النبي (ص) يشرك بالله ، والمقصود هم الناس .أو قوله تعالى ( فإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) "13" وهذا من هذا الباب .

فظاهر الأية أنه خطاب للنبي ولكن باطنه لغيره فلعل ( عبس وتولى ) من هذا الباب أو أنه كما تقول الروايات أنه رجل من بني أمية

( وعصى آدم ربه )"2"

فآدم لم يرتكب معصية وإنما هنالك أوامر إلهيه واجبه وهنالك أوامر إرشادية ، وهذا موجود حتى في الروايات فمثلاً : كل التفاح على الريق فلو أن شخصاً لم يأكل هذا فهل إختل إيمانه أو يسأل يوم القيامة ! أو اشرب الماء في ثلاث مصات ، فلو شخص شرب الماء في نفس واحد . هذا كله من الأوامر الإرشادية التي تفيد الإنسان وإذا لم تعمله فإن فيه آثار سلبية على جسدك أو بدنك .

فإذاً الأوامر الإرشادية للمصلحة ، وفي قضية آدم وحين أمره الله بأن لا يأكل من الشجرة ليس لأنه أكل الشجرة حرام بل من آثاره أكلها أنك سوف تنزل من الجنة . النتيجة : الأنبياء معصومون ، هنالك كتاب جميل في هذا المجال للشريف المرتضى وهو كتاب في تنزيه الأنبياء . بعض البشر وإن لم يكونوا معصومين إلا أنه يستطيع أخد شيء من العصمة لشدة الإيمان والتقوى .

"1" سورة يوسف 42

           سورة طه 121"2"

"3" سورة القصص 15

"4" سورة الأنبياء 63

"5" سورة عبس 1

"6" سورة يوسف 23

"7" سورة يوسف 32

"8" سورة يوسف 24

"9" سورة ن 4

"10" سورة عبس 7

"11" سورة الكهف 6

"12" سورة الزمر 65

"13" سورة الأنعام 68

مرات العرض: 3422
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (2561) حجم الملف: 51118.92 KB
تشغيل:

موقف ابن الحنفية من نهضة الحسين والامامة
أربعين الإمام الحسين (ع) 1424هـ