السرقة في أشكالها الخفية
المؤلف: الشيخ فوزي السيف
التاريخ: 13/9/1433 هـ
تعريف:

السرقة في أشكالها الخفية

تفريغ نصي الفاضلة غفران محمد علي

تصحيح الأخ الفاضل عبد العزيز العباد

 

( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[1] صدق الله العلي العظيم

 

   ما هو المقصود بالغل وهل هناك نبي قد غلّ كي تحذر منه الآية؟

   الآية المباركة تتحدث عن أن مالا يمكن أن يحدث لنبي هو أن يغل أي أن يأخذ من الغنيمة خيانة ومن غير حق.

   ومن يغلل أي من يسلب من الغنيمة بغير حق سوف يأتي به يوم القيامة ويشهد عليه ذلك المأخوذ المسروق المغلول ( ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )[2]

   فمن الطبيعي أن من يكون في مقام النبوة ولاسيما النبوة الخاتمة والعليا لسيد البشر المصطفى محمد صلى الله عليه وآله لا يمكن أن يكون خائناً بأن يحتجب الغنائم لنفسه أو أن يسرق من المغانم شيئاً ليس من حقه، ولذلك قال بعض المفسرين هنا وهو الصحيح أن هذا الخطاب يتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ظاهراً ويتحدث عن جيش وأتباع رسول الله صلى الله عليه وآله واقعاً، فالآية كأنها تريد أن تقول يحرم على جيش النبي صلى الله عليه وآله واتباعه والمقاتلين في صفه أن يأخذوا من الغنائم من غير وجه حق، لأن من يفعل ذلك سوف يأتي بما غل يوم القيامة، وبالتالي لابد من تقدير شيء محذوف ( ما كان لنبي ) يعني ما كان لاتباع نبي لجيش نبي لجند نبي أي يحرم عليهم، ومن هذا القبيل كثير من آيات القرآن الكريم التي ظاهر حديثها أو خطابها عن النبي صلى الله عليه وآله، لكن توجهها والمراد منها هو عامة المسلمين كقول الله عز وجل ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [3]

      فظاهر الخطاب في هذه الآية لرسول الله صلى الله عليه وآله، لكن من القبيح جداً أن يكون المقصود به رسول الله صلى الله عليه وآله لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وآله هو مركز التوحيد في ذلك الوقت وأعلى وأفضل موحد خلقه الله عز وجل، فلا يصح أن يخاطب بأنه لا تشرك لأنه في حالة شركك تذهب أعمالك هباء منثورا فهذا قبيح، وهذا يشبه بأن تخاطب مثلاً أحد أكبر علماء الدين عندك وتقول له: لا تشرب الخمر لأن الخمر ضار، هذا قبيح لماذا ؟ لأن الافتراض أن هذا الإنسان قد بلغ من التهذيب ما يمتنع معه عن المكروهات وليس فقط المحرمات فهذا خلاف الحكمة والبلاغة، فقبيح من الحكيم أن يقول هذا الكلام، كذلك النبي المصطفى صلى الله عليه وآله بعد ختمه لنبوات وبعد مجيئه بالقرآن الكريم وبعد كونه أفضل خلق الله عز وجل أن يأتيه النداء ويقصده بالقول لا تشرك بالله لأن الشرك سيئ وقبيح، لذلك خيرة المفسرين وصفوتهم حملوا هذه الآية المباركة على أن المخاطب ظاهراً هو النبي صلى الله عليه وآله والمخاطب واقعاً هو عامة الناس.

 

  وقد ورد عن الأئمة عليهم السلام أن هذا من باب إياك أعني وأسمعي يا جارة، هنا أيضاً ينبغي الالتفات إلى أن الخطاب ظاهراً موجه للنبي صلى الله عليه وآله ليحرم عليه الغلول وأخذ الغنائم من غير وجه حق، إلا أن الخطاب واقعاً موجه لأمة النبي وجيشه، لأن احتمال ابتلاء هذا الجيش وهذا الجند بهذا الأمر هو من هذا القبيل.

   وفي الآية الكريمة نزلت في قضية الغنيمة والحرب والغلول اي الأخذ منها و(الغلول) من مصدر واحد غلل مرة تأتي بمعنى غل يعني حقد ( وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ )[4] .

   ومرة تأتي مضمومة (غُل): جمعها الأغلال ( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[5]

يعني القيود التي تغلهم إلى رقابهم.

وتأتي أيضا بمعنى ( الغلة ): يعني الفائدة.

وتأتي أيضا بمعنى السرقة والخيانة وأخذ الأموال ولا سيما من الغنيمة.

   خصوص المورد لا يخصص الوارد

   بالرغم أن المورد هنا هو من موارد الغنائم والحرب إلا أنه كما تقرر عندهم أن خصوص المورد لا يخصص الوارد إذا جاءت الآية في مورد معين في قصة خاصة، فإن ذلك لا يحصرها في ذلك المورد ولا يحددها في ذلك المكان، وإنما هي عامةٌ، هنا نفس الشيء خصوصا مع التعليل الذي فيها ومن يغلل من يخون ومن يسلب ومن يأخذ ما ليس له بحق يؤتى بما غل يوم القيامة يؤتى بالشيء المسروق الشي المغلول، فيكون ذلك  شاهداً عليه حتى أنه ورد في بعض الروايات انه لو غل نعجةً تأتي يوم القيامة وعلى رقبته لها ثغاة يعني تصدر صوت يعني لو أن شخصاً سرق جمل كيف يكون على رقبته في ذلك الوقت؟ ومعنى ويأتي به هو أن هذا الشيء يأتي شاهداً على سرقته على غلوله على خيانته، وهذا الأمر يسوقنا إلى بعض المصاديق التي نتيجتها نتيجة السرقة ولكن لا يطلق عليها في الاصطلاح الشرعي بالنحو الذي ذكرنا في البحث السابق الذي هو عبارة عن اخذ شيء خفية من حرز وأن يكون بنصاب معين وفيه قطع الأصابع الاربعة من اليد اليمنى، لكن نتيجة الأمور التي سنتحدث عنها هي نتيجة السرقة وان كانت لا تسمى في الاصطلاح سرقة لكن نتيجتها كذلك ويحاسب الإنسان عليها ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة ، الذي يسلب ويعتدي على مال غيره في يوم القيامة يأتي هذا الشيء المسروق والمعتدى عليه شاهداً عليه في صحراء المحشر لكي يبين خيانة الإنسان. 

 

   أنواع السرقة:

النوع الأول السرقة المسلحة:

   هو أن يأتي شخص تحت تهديد السلاح فيسلب المال من شخص سواء من صندوقه أو من دكانه أومن منزله أو حتى من خلال ايقافه في الشارع ، لكن في الاصطلاح الشرعي يسمى حرابه أو إفساد في الأرض، وبالتالي فإن العقوبة المترتبة عليها مضاعفة كثيراً لأنها أعظم من السرقة العادية التي تنتهي عند قطع أصابع اليد اليُمنى في المرة الأولى.

   السرقة المسلحة بحسب المصطلح المتداول الآن أو الحرابة بحسب الاصطلاح الشرعي فيها عقوبة أكثر من هذه لأن مجرد إشهار السلاح بقصد الارعاب وبقصد السرقة وبقصد التهديد سواء تمت السرقة أو لم تتم فيه عقوبة، لنفترض أن شخصاً ما هجم على بيت وأشهر السلاح على أصحاب المنزل الذين لا يملكون شيئاً بمعنى أنهم فقراء جداً ولم يحصل على شيئ من المال أو الذهب، مجرد شهر السلاح  بأصحاب المنزل بقصد السرقة وارعاب أهله يعتبر من مصاديق المُفسد والمُحارب المُخل بالنظام الاجتماعي وعقوبته إذا انطبق عليه عنوان الحرابه، أن تقطع يمينه ورجله اليسرى من خلاف ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )[6] .

 

   فإذا زاد على ذلك مثلاً بحيث  جرح أحداً في هجومه فهنا تصبح إحدى العقوبات بيد الإمام الحاكم الشرعي أما أن يقتله وأما إن يقطعه من خلاف - يعني أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى- وأما لو ضم لذلك السرقة وأطلق النار على بعض أصحاب المنزل وأردى أحدهم قتيلاً، هنا يحتمل حدين:

 
أ- تقطع يده للسرقة.

ب-يطبق عليه حد الحرابه، وهو  القتل لأنه قتل شخصاً، فلا يطبق عليه حد الحرابه من خلاف ولا أن ينفى من الأرض مادام قد قتل، بعد إجراء حد السرقة عليه يعاقب بالقتل كما قتل.

   هذه نسميها سرقة مُسلحة في الاصطلاح المحلي، أما الحقيقة فهي حرابه ومُحاربة لله تعالى ولرسول صلى الله عليه وآله وإعلان العنف على النظام الاجتماعي واستعمال السلاح في مقابل أمن الناس.


يوجد عندنا أشياء نتيجتها نتيجة السرقة ولكن قد لا ينطبق عليها بالدقة تعريف السرقة الذي ذكرناه فيما سبق وقد يستبشع الإنسان أحياناً أن يذهب لبيت شخص ويتسور عليه السور خفية ويفتح قفل الصندوق ويسرق منه أموال، لكن قد يمارس بعض الأشياء منها نتيجتها نتيجة السرقة ولا يستبشعها كالغلول بحيث يسلب مال بخيانة أو أن يأخذ مال الغير بغير وجه حق، فهذا عند قسم من الناس ليس بشعاً او مُستنكراً كما هو في السرقة المُعتادة، أنا أذكر أمثلة فقط للتذكير ولكن الحقيقة الأخوة الحمد لله هم سامعون وعارفون لهذه المسائل ويطبقون الجانب الشرعي منها ولكن نحنُ نذكر بها ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ )[7]  
من الموارد التي نتيجتها نتيجة السرقة وينطبق عليها قول الله تعالى ( وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ).

النوع الثاني الاحتيال لتحصيل المال:

 أ-الاحتيال على شركات التأمين


   الاحتيال كأن يأتي شخص ما عنده عقد مع إحدى شركات التأمين على سيارته أو شيء من ممتلكاته إن حدث لها شيء كحادث أو اعتداء من قبل أجنبي، فشركة التأمين تضمن الخسارة الواردة عليها أو على أي شيء من ممتلكاته فيضمن تعويض الشركة أو ما شابه ذلك، أو لا عنده مصنع فأصبحت الأشياء قديمة فيه فلكي يضمن تعويض الشركة المالي قام بإتلاف هذه الأشياء لكي يعمل مصنع جديد بأدوات جديدة، أو أن تكون عنده سيارة كثيرة الأعطال فيقوم بإتلافها من خلال احراقها أو رميها من مكان مرتفع ثم يقول أنها بفعل فاعل لكي يحصل على تعويض مادي من شركة التأمين، هذه الأمور وأمثالها من الأمور الغير جائزة شرعاً، وإذا أعطي إنسان المال فأنه لا يستحل منه هللة واحدة ويجب عليه إرجاعه لتلك الشركة، وفي هذا المعنى أفتى بعض العُلماء أنه لا فرق بين أن تكون شركة التأمين شخصيةً أو حكومية ولا بين أن تكون محلية أو أجنبية ولا فرق بين أن تكون مسلمةً أو مسيحية.

  مثلاً أحد من المُبتعثين في أمريكا أو كندا في سائر الأماكن فعل في سيارته مثل هذا الشي ليعطوه قيمة التأمين، من عُلمائنا من لا يجيز هذا العمل ولا يحلل المال الذي أخذه من شركة التأمين، هذا العمل نتيجته نتيجة السرقة صحيح هو لم يذهب ويكسر القفل لصندوقهم ولكن أخذ المال بطريقة احتيال وهذا يعتبر خيانة وغلول ( ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة).

مثال آخر أحدهم حدث له اصطدام بسيارة وليس له تفويض باستخدام السيارة أو لا يملك رخصة سير فيقوم بالاتصال بأخيه الأكبر باعتبار هم من قام بالحادث وهو من يملك السيارة المؤمنة لتتحمل الشركة الاصلاح بالكامل ، هذا أيضاً غير جائز ولا يحُل للإنسان أن يأخذ ذلك المال الذي أعطي له من غير وجه حق.

  ب-الاحتيال على العقود المبرمة مع الأفراد والشركات

من خلال تقديم معلومات غير صحيحة، كأن يذهب شخص للعمل شركة والشركة تقول له إذا أنت متزوج نعطيك ضعف الراتب وإذا أعزب نعطيك نصف الراتب فيقوم بالكذب عليهم ويحضر صورة من عقد اخيه المتزوج من خلال امسح اسم أخيه ووضع اسمه مكانه ويقدمه على انه متزوج ويحصل على ضعف الراتب بدل ما هو 3000 يحصل على 6000 ريال، فهذا أيضاً غير جائز وهذا لا يحل له أخذه من جهة العمل لا سيما إذا كانت جهة مسلمة.

   فلو تضع أنت نفسك في محل صاحب الشركة فهل سترضى أن يُصنع لك مثل هذا الصنيع؟ قطعا لا، و لو كنت أنت مالك شركة التأمين هل كنت سترضى أن أحد المتعاملين معك أن يقوم بحرق بيته وهو متعمد حتى تقوم أنت بدفع له قيمة بيت كامل يريد هو أن يبنيه ويريدك انت أن تتحمل كامل السيولة، لاريب أن الإنسان إذا أراد الإنصاف بينه وبين نفسه يقول لا لو كنت انا مالك الشركة، فهذه قد لا ينطبق عليها عنوان السرقة التي تأتي إلى حرز قفل وتكسره وبشكل خفي وما شابه ذلك ولكن نتيجتها إنك تأخذ مالا من صاحبه من غير وجه حق ومن غير رضاه فلا يوجد جهة تسوغ لك أن تأخذ هذا المال والشرع أيضاً يقول لك غير جائز هذا من الاحتيال لتحصيل المال، ومثل ذلك في المعاملات ما نجده من الإخلال بالشروط المتفق عليها بين المتعاقدين.

مثلاً تتفق مع صاحب محل لعمل الأبواب وقلت له اعمل لي أبواب للبيت وأريد هذه الأبواب أن تكون خشب صلب كامل وقيمة الباب الواحد فرضاً 1000 ريال، فقال صاحب المحل في نفسه حسناً هذا لا يعرف ما سأعمل له بالضبط سأعمل له الوجه خشب قشر صلب وفي الوسط خشب مضغوط فالمشتري لن يفتش في محتوى الباب وفعلاً عمل صاحب المحل هذا وأخذ منك المال على أن ما صنع لك هو خشب صلب قيمته 1000 ريال ، هذا لا يجوز له أخذ المال، فإن كان قيمة الباب الواحد الذي صنعه بـ 600 ريال فبأي حق استحق الـ 400 ريال الزائدة .

فإذا اتفقت معه على 100 باب يعني فيها بـ 30 الف ريال فبأي حق أخذت الزيادة فلا تحل لك أبداً فهذا خلاف العقد المتفق عليه، ولذلك الشرع في مثل هذه المواقف وفي مسألة لا بأس بها أيضاً في مثل هذه المواقع عند تخلف الشرط في المعاملة هناك خيار اسمه خيار الشرط يعني للمشتري الحق أن يتمم عقد المعاملة أو فسخها فمن الناحية الشرعية الشرع يجوز للإنسان فسخ المعاملة التي اختلف أحد الطرفين فيها على الشرط الذي تعاقدا عليه هذا نسميه خيار الشرط. أو لنفترض انا قلت لك اريد سيارة بهذه المواصفات صناعة أمريكا ماركتها مثلا GMC على سبيل المثال موديلها 2012 قلت لي حسناً لا يوجد مشكلة فدفعت لك مقدم عربون فذهبنا لمعاينة السيارة فرأيتها مختلفة حيث وجدتها سيارة صينية الصنع موديلها قبل عامين، فلا يوجد أي صفة تتطابق معها.

   عندنا خيار اسمه خيار الرؤية: فإذا كانت الرؤية لهذه السلعة ليست حسب الاتفاق الذي أُتفق عليه ، فالمعاملة غير صحيحة ، فلو أصر البائع على إتمام المعاملة ويريد باقي الثمن رافضاً إرجاع العربون ، فلا يحل له ذلك والمال الذي أخذه يكون حراماً وهو نوع من انواع السرقة والخيانة والغلول يرتكبه ذلك البائع وأمثال ذلك الكثير.

   من الممكن أن الإنسان يستبشع صورة كسر القفل ولكن هذه الاشياء سهلة تحدث في السوق لا يراها الإنسان جداً صعبة في قضايا العمل والعمال والتعاقد بين العامل ورب العمل.

  فمثلاً عامل يأتي يتفق مع رب العمل على أن فترة عمله هي 8 ساعات يومياً، فبعد الاتفاق يذهب العامل في اليوم التالي للعمل الساعة الـ 8 صباحاً فيوقع توقيعاً محترماً ويخرج خارج الدائرة قبل نهاية الدوام بـ 10 دقائق أو أحياناً لا يحضر للعمل ويقول لزميله وقع عني في الدخول والخروج، فهذا الإنسان لا يحل له الراتب الذي يستلمه ويجب عليه إرجاعه إلى جهة العمل سواء كانت جهة حكومية أو جهة شخصية لا يجوز له أن يستحله ( ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة )

 في احد الشباب يقول لي أنا عملي في الجبيل فيومياً لا بد لي من أقطع حوالي 75كيلو متر من المنزل إلى هناك فعندما أصل مع الموعد لا أرى من زملائي أحد أحياناً البعض منهم يأتي ظهراً فيوقع توقيع حضور الصباح ويوقع للخروج مرة واحدة ، فهذا أيضاً من الأمور التي هي في الواقع من مصادر الغلول المحرم وهي خيانة للأمانة وهي من السرقة الخفية غير الظاهرة ولو رب العمل يعلم أن هذا الشخص وهذه الجماعة لا يعملون ما كان ليوظفهم أصلاً.

   كما سأل أحدهم يكون احياناً رب العمل هو من يطلب منا الاسم فقط ليضعه في الكشوف والقوائم، فهذا ليس حرام لكن نتيجته الاقتصادية سيئة على البلاد لكن اسمه ومعلوماته لها قيمة فيستطيع أن يعطيها بهذا المقدار فهو لا يريده أن يحضر للدوام فقط سيعطيه مقابل ذلك مالاً، فهذا يختلف عن شخص توظف بعقد عمل يلتزم فيه بالحضور خلال ساعات معينة كـ 8 ساعات مثلاً، فيحضر منها ساعتين أو ثلاث فقط فإن أخذ المال مقابل ذلك لا يجوز.

   أحياناً أنا اخصم على العمال فأقوم بأخذ من العمال أكثر من ما يحل لي أكثر من الاتفاق والتعاقد مثلاً أنا أحضرت عاملة منزلية وكان الاتفاق معها على أنها عاملة منزلية خاصه في بيتي مقابل 1000 ريال، لكن أريد أن أعمل مشروع استثماري خصوصاً في شهري شعبان ورمضان فأقوم بتأجيرها في اليوم الواحد بـ 100 ريال فأستفيد من ذلك واستخرج قيمة رواتبها لمدة سنه كامله فهذا غير جائز من الناحية الشرعية، لا يجوز للإنسان أن يخالف العقد المبرم بينه وبين العامل بأن يستثمرهُ بهذه الصورة إلا إذا كان من الأصل احضره على هذا الأساس، قالوا إنه توجد شركات استقدام تتفق مع العامل أو العاملة على هذا الأمر بحيث تخبر العمال فتقول تقول لهم انتم تذهبوا للعمل في مكان ما ونحن نؤجركم بالأسبوع أو بالشهر ممكن اليوم في منزل واليوم التالي في منزل آخر في هذا البلد أو في بلد آخر وهكذا انت تحت أيدينا، فإن قبل بالحضور على هذا الأساس لا مانع سواء هو اتفق بهذا المبلغ أو بمبلغ أكثر فهذا يجوز.

   أو حالة أخرى جاءت العاملة أو العامل على أنه عامل خاص وبعدها رأينا انه افضل لنا وله أن يصبح مشروع استثمار نأتي نقول له نقول للعامل نحن لا يحق لنا أن نأجرك هنا وهناك الا برضاك وبمقدار من المال تقبلي أو لا فإذا قبل أو قبلت بذلك فلا مشكلة، لكن ليس لي الحق أن أأتي وأقول لها من الصباح ستذهبين للمكان الفلاني وهي مستضعفه مسكينه لا تدري مالها وما عليها فمجبرة على الذهاب، فينبغي أن أعرفها ان هذا من حقها شرعا وباستطاعتها أن ترفض أيضاً، أما إذا كان بمجرد أنه هي تحت ايدي وأعمل بها ما أريد استثمرها أهلكها فهذا غير جائز.

  هذه بعض النماذج تبين كيف أن الإنسان يأخذ حق غيره العامل، أحيانا يأخذ من حق رب العمل ويسرقه سرقة خفية وأحيانا رب العمل يأخذ من العامل ويسرقه سرقة خفية وكِلا الأمرين لا يصح، والأمثلة كثيرة في هذا الباب.

   شخص ما يأتي يقول نحن في فصل الصيف المكيفات تعمل على مدار الساعة وتستهلك منا الفاتورة مبلغاً كبيراً فما المانع أن نقوم بتوصيل سلكين من خارج العداد أو بأي طريقة لا يحسب من خلال العداد فهذا لا يجوز.

كل ذلك لا يجوز للإنسان أن يعمل عملاً بحيث الجهة المزودة للماء أو الكهرباء لا يحسب عليه ويقوم بتحميل غيره قيمة ما يستهلك فهذا غير جائز وهو ضامن لهذه الفترة أنتم أخبر وإنما انا مذكر أن الدين حقيقة تنتهي إلى تقوى القلوب وإلى نظافة الأيدي.

 هل التقوى مقتصرة على الصيام والصلاة وحدود المسجد فقط؟

في شهر رمضان نلاحظ أن هناك اهتماماً دقيقاً بمسألة الإمساك والإفطار فيكون هناك احتياط لدى الصائمين، فيحتاط الناس في الإفطار بعد التأكد من دخول الوقت وبعد الأذان وكذلك الحال بالنسبة للامساك فيمسكون عن الطعام قبل 10 دقائق من أذان الفجر فهناك احتياط وتقوى حتى في الافطار والامساك، إذن أين تقوى القلوب في المعاملات الأخرى؟! فإذا أنا أخذت من العاملة أجرتها واخصم عليها من غير وجه حق وأأخذ من العامل لدي كذا وأأخذ من شركة التأمين كذا وأأخذ من شركة الكهرباء كذا وأأخذ من فلان كذا، فأين إذن تقوى القلوب أين نظافة الأيدي أين الطهارة التي يُبحث عنها؟!

   نعم الحمد لله وهذا من الأمور الطيبة التي ينبغي أن تذكر لأن الرؤية العامة لأتباع أهل البيت عليهم السلام في كثير من المناطق وهذا يُشهد لهم من قِبل غيرهم قبل صديقهم إن عندهم التزام نسبي بين الحلال والحرام وحقوق الأخرين بدرجة جيدة، لا أقول الكُل ولكن الطابع العام بحمد الله هو طابعٌ يستحقُ الثناء والمدح والذكر، عندهم أمانة بحمد الله عندهم تورع بمقدار جيد أكثر الناس في هذا الاتجاه، ونحن لما نذكر هذا من باب التذكير، وإلا هي حالة بحمد الله موجودة بهذا المقدار الذي نتحدث عنه، فهذا أيضاً لا ريب أنه من آثار أهل البيت عليهم السلام من بركات محمد وآل محمد صلوات الله عليهم، لأن الإنسان الذي يوالي ناس ضحوا بالغالي والنفيس بأبدانهم المقدسة بأرواحهم الطاهرة من أجل حكم حلال وحرام.

الحُسين عليه السلام من أجل ماذا ضحى؟!

 في الواجهة الدينية من أجل الشريعة

 الشريعة هي ماذا؟ 

   هي حلال وحرام وواجب وهذا الأمور، فاذا الأنسان المؤمن الذي يعرف الحُسين ويحزن على الحُسين ويتعلق بالحُسين، يفهم أن تضحية الحُسين من أجل هذه الأمور، من أجل أن يجتنب الحرام من أجل أن يقبل على الحلال من أجل أن يتمتع بالطهارة، طهارة المأكل والمشرب وطهارة القلب والداخل والظاهر، هذا يؤثر في كثير من الناس في هذه الناحية هذه كلها من بركات الإمام أبي عبد الله الحُسين عليه السلام.

 

[1] ) سورة آل عمران آية 161

[2] ) سورة البقرة آية 281

[3] )سورة الزمر آية 65

[4] )سورة الحشر آية 10

[5] ) سورة الأعراف آية 157

[6] ) سورة المائدة آية 33

[7] ) سورة الذاريات آية 55

مرات العرض: 6602
المدة: 00:59:06
تنزيل الملف: عدد مرات التنزيل: (4463) حجم الملف: 20.2 MB
تشغيل:

السرقة تهدم اقتصاد المجتمع
الكذب خلل العقيدة والأخلاق والعلاقات