الإجْهَاضْ: وأد جَاهلي جديد
تفريغ نصّي للأختْ الفاضلة فاطمة الخويلديْ
تصحيح الاخت الفاضلة سلمى آل حمود
قال اللهُ تعالى فيْ مُحكمْ كتابه المُبينْ: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" صَدَق الله العَليّ العَظيمْ.
يتناولْ حَديثنا فيْ هَذه المُحاضرة موضوعًا هاماً ألا وهُو الإجْهاض إذ أنّه يُعتبر وأداً جَديداً للروحْ الإنسانيّة وهو أيضاً يُعتبر من مصاديق القتلْ المُتعمَدْ الذي هو من كبائرْ الذنوبْ.
مفهومْ الإجهاضْ.
إجهاضْ الجَنين يعنيْ إنهاءْ الحَمل بواسطَة إنزاله قبل الفترة المُعينة بحَيث يُصبح هذا الجَنين غيرْ قادراً على الحَياة بعد ذلك وهُو في الوَاقع إنهاءٌ لحَياته. فيْ الوَاقع، فإنّ مَوُضوعْ الإجهاضْ لم يقتصرْ تعلقه بالقضية الدينية من تحليل وتحريم فحسبْ وإنما يُعدْ من القضايا الاجتماعية التي تُناقش اليوم على مستوى العالمْ بأجمعه، خصوصاً أنّ الأرقامْ التي يُتحدث فيها عنْ موضوع الإجهاض كإحصاءات في العالمْ، تُعدْ أرقامْ مُرعبة! حيثُ أنّ الإحصاءات تبيّنْ أنّه في الستة أشهر الأخيرة من هذه السنة ٢٠١٢ بلغ عدد المتوفينْ بالإجهاض أربعة وعشرون مليونْ إنسانْ أيّ أربعة وعشرين ملیونْ جنينْ على مُستوى العالمْ أيّ بما يُعادلْ شعب كامل بلْ دولة كاملة يمكنْ أن يُشكلها هذا العدد إذ أنّه أصبحَ محلاً للنقاش على مُستوى الدول فيْ أمريكا.
الثقافاتْ المُختلفة تجَاه الإجهاض.
فعلى سبيلْ المثالْ، يتباَدلْ حزبانْ عَلى الرئاسَة الأمريكيّة مُنذ فترة طَويلة منْ الزمنْ وهُما الحزبْ الجمهُوري والحزبْ الديمقراطي ولكلْ جزء منْ هذه البَرامج الانتخابية له أنصَاراً ومؤيدونْ، فتناول موضوع الإجهاض الحزب الديمقراطي والذي هو الآن بالفعل حاكمْ في أمْريكا فيقول: الإجهاض هوَ حقْ من حقوقْ المَرأة، أيّ أنّ الأم من حَقها أن تحمل ومن حقها أن تسقطْ الجَنين وفي أي وقت أرادتْ سَواء كان ذلكْ في الأشهرْ الأولى من الحمل أو كان في الفترة الأخيرة، بل وأن هذا الأمرْ يُساعد على الحفاظْ على صحّة الأم إذْ أنّنا نميلْ كما يقولون إلى جانب حقوق الأم والمرأة وهذا حقْ من حقوقها وهو أنها تستطيعْ أنْ تسقط جَنينها متى شاءت، وإذا اتجهنا إلى جانبْ الحُكم، فسوف نجعلْ عَملية الإجهاضْ عَملية قانونيّة طَبيعية فإذا لجأتْ إليها إحدى النساء فهي لا تعد جريمة ولا تُعاقبْ من جهة القانونْ، كما تستطيع أن تعملها النساء حتى في المُستشفيات الحُكومية. في المقابل، نجدْ على خلاف هذا الاتجاه الحزبْ الجُمهوري وهو الذيْ يستقطبْ أفرادْ آخرينْ أيضاً، فربما كان هذا الاختلافْ إما لما يدعوُنه من تمسّكهم بالقيّم المسيحيّة إذ أنّ الدينْ المَسيحي كسائرْ الأديان السماويّة أيّ أنّه يُحرم الإجهاض ويمنع الإسقاط، فيقول هؤلاء: أنّه علينا أنْ نُفكر فيْ أنّ الإجهاضْ يعمل على إنهاءْ حَياة إنسانية وقتلاً لشخص كان من المُمكن أنْ يعيشْ وأن يُمارس دورُه في الحَياة فهذا يُعد جريمة و نجرم عمليات الإجهاضْ بأجمعها ونقنن القوانين التي تمنعْ هذه الممارسة.
نجدْ مثلاً في بلادْ الصينْ وهيَ التي تُعد من البُلدانْ الكبيرة الصينْ إلا إنّهم يتبعونْ سياسَة الطفل الوَاحد في المدينة والطفلين في القريَة والريفْ، وهذا النظامْ المُتبع لديّهم منذُ القدم وذلك نظراً للانفجار السّكاني الذي كان لديهم، فقننوا قانون يسُن انجاب طفل واحد لا أكثرْ لكل زوجينْ إذا كانا يعيشانْ في المَدينة وطفلين إذا كانا يعيشان في القرية والريف، فكانتْ الفرصة واحدة للأزواجْ الذين يعيشونْ في المَدينة وغالباً ما يُفضل هؤلاء أن يكون المولود ذكراً! وباعتبار أنّ العلمْ اصبحَ بإمكانه أن يُحدد جنس الجنين في الأشهر الأولى فإنهم بمُجرّد معرفتهمْ بأن الجنين المُستقبلي عندهم أنثى الأم فتقوم بالإسقاط أو الأب يقوم بالإسقاط أو يتفقان على ذلك حتى تتم إعادة التجربَة معَ جَنين ذكرْ وعَلى هذا المُعدل ولذلك يقولونْ بأنّ النسْبة والمُعادلة السُّكانية الطبيعية في ذلك المكانْ مُختلة فهي لصَالح الذكور أيّ أنّ عدد الذكور أكثرْ بكثير منْ عَدد الإناث ويرجعْ ذلك إلى حالات الإجهاض التي تستهدف الإناث.
نجدْ أنّ هَذا المَوضوع فيْ الهند تحْديداً إذ أنّه لا يَرتبطْ بالسيَاسة بقدرْ ارْتباطه بالعُرفْ الاجْتماعي وبَعضْ تقاليده البَاطلة. فالوضع الاجتماعي في الهندْ يقول: بأنّ الفتاة هي التي يَنبغي أنْ تجهز نفسَها أيّ هي التي تقوم بتدبير المَهر لهَذا الرّجل وتقدمه له وهو لا يدفع شيئاً وكأنها تقول له بأنّ المَقصودْ هو أنت فقط لتتزوجني. في مثل هذه الحالات، فإنّ بعض العوائل الهنديّة تجدْ في ذلك ثقلاً اجتماعي وعبئاً اقتصادي بالنّسبة لهمْ، ففي حَالْ تبين لهم أنّ الجَنين أنثى! فإنّهم يرفضونْ الَصبرْ لنهاية المُشوار فيختارونْ إغلاقْ المَلف منْ البداية ويتم إجهاضْ هذه الأنثى كجنين وينتهي الأمرْ. وهَكذا نجدْ تعدُد مُبررَاَت الإجهاض في سَائر الأماكنْ ما بين سياسات رسميّة حكومية وقوانين حامية لقضايا الإجهاض وبين أعراف وتقاليد اجتماعية وبين قضايا طبية. فعلى سبيلْ المثالْ يقول الطبيب: أن هذه الأمْ تُعانيْ منْ متاعب صحيّة والأفضل لهَا أن تجهضْ جنينها، ونجدها أحياناً تكون أمور اقتراحية أيّ بحسَبْ الحالة المزاجيّة وهو أنّ بعض الزوجات لا يرغبنْ بالإنجابْ فيقومان بإجهاضه، وفي بعضْ الأحيانْ تكونْ العَلاقة خارج إطار الزواجْ بمعنى أنّها علاقة غير مشروعة وحصلْ من ورائها جنين فيكونْ مصير الجنين الإجهاض مع الأسفْ.
الإجهاضْ في مُجتمعنا.
يصل أمرْ الإجهاضْ حَتى إلى مُجْتمعاتنا أيضَاً، إذْ اتصَلت بي امرَأة شابة ذاتَ مرّة وقالتْ: أنا امرأة مُتزوجَة مُوظفة ولديّ ولدانْ والآن حصَل مَعي حملْ لمْ أخططْ له ومُدته شهرين أو شهرين ونصف وأرغبْ أن أجهضه! فأنا طلبتْ منها إعادة الذي قالته فأعادت ما قالته مرة أخرى! فقلت لها أهذا قط حتى تُسقطيه؟ بلْ هذه رُوح إنسانية وهذا بشر فلنفترضْ لو قال لك أحداً بأنّه يريدْ أن يقتلك فهل تقبلي منه هذا الكلام؟ إذاً هذا هو ذاته نفس العَمل الذيْ تمارسينه الآنْ أنت فبهذا العَمل تقتلين رُوحاً إنسانية وهذا عملٌ غيرُ جَائز شرعاً كما سيأتينا بعد قليلْ في الحَديث، فلماذا تريدي أنْ تُسقطيه؟ قالت أنا موظفة وسيُعيقني الحملْ وخاصّةً عند ذهابيْ إلى الدوَام وأنا أمْ لوَلدين إذْ أنّي لم انتهي من تربيتهما بعد.
ومن المُمكن نجدْ أنّ رَاتبها في السّنة يَصلْ إلى خمْسين وستين ريَال لتجدْ نفْسَها تنهي حَياة جنينْ وإنسانْ وبشر وتحْرمه الحَياة في مُقابل قليلاً من المَال أو الرّاحة، فنجدْ أنّ هذه الثقافة تتسربْ لنا وإلى مُجتمعنا وتؤطَر بأطر تبسيطية للمَوضوعْ ولكنّه يُعتبرْ جَريمة قتل ولا سيما بَعد ولوج الرّوح كمَا سيأتي بعدَ قليلْ وقد اتفقتْ كلمة الأديان السّماوية على تحريمْ الإجهاضْ في الجملة.
تحريمْ الإجهَاضْ في كلْ الأديان.
القدرْ المتيقنْ هو أنّه كل الديَانات تُحرّم الإجهاضْ ولكنْ اليهوديّة فقط من جوّزتْ وسَمحتْ بالإجهاضْ بعدْ التسعينْ يومْ الأولى، وأما المسيحية والإسلام فالحُكم أنّه لا يَجوز الإجهاض والإسقاطْ حتى في الشهرْ الأول والشهرْ الثاني وما شابه ذلك إلا لظروفْ خاصّة واستثناءات سوف نتحدث عنها لاحقاً. فلماذا التحريم؟ ببساطة لأنّه يُعدْ إنهاء لبدايات حَياة إنسانية، والمَذاهب الأربَعة كالشافعية و الأحناف و الحنابلة يسمحونْ بالإجهاضْ إلى أربعين يوم الأولى، فيجوزونْ للمَرأة أن تُجهضْ جَنينها كمَا نقل عن كثيرٌ منهم. لكننا نجدْ أنّ المَالكية يوافقون الشيعة في أنّه بمُجرد التلقيح وتخصيبْ البُويضة الأنثوية من الحويمل الذكري فإنّ الإجهاضْ يُحرّم اسقاط واجهاض هذا الشيء المُتكون في داخل بطنْ المَرأة سَواء كانْ عَلقة أو كانْ مُضغة أو كانْ عظام أو كان مُكتسي لحْما فضلاً عما كانَ بَعده منْ ما إذا نُفخت فيه الرّوح فهذا غيرُ جَائز.
حُكمْ الإجهاضْ عنْد الإماميّة.
نجدْ عند الإماميّة تفصيلاً في هذا الجَانبْ، فقالوا بأنّه يُحرمْ على الأبْ ويُحرّم على الأمْ ويُحرم على غيرهما إسقاط هذا الشيء المُتكون في بطنْ المَرأة خلال مائة وعشرين يومْ أي أربعْ أشهرْ فلا يَجوز إسْقاط وإجهاض هذا الجنينْ إلا في بعضْ الاستثناءاتْ، ويذكرون منها بعضْ الحالاتْ كتعرض الحامل إلى خطرٌ أو ضررٌ جديٌ على أثر الاستمرار في الحَمل وذلك منْ قبلْ أطباء حاذقون وثُقاه. فالإماميّة حدّدوا بلوغْ الحملْ إلى الشهر الثالث أو الرابع فضلاً عمّا بَعده من كون الحَاملْ مُعرضَة للخطرْ و تتضرر في حالْ مُعاناتها من مرضْ الضغط مثلاً فينتجْ عن استمرارْ الحملْ ارتفاعْ الضغط عندها إلى أعلى المستويات وبذلك يُهدد صحَتها تهديد جديّ، وكذلك من تُعانيْ من مرضْ السكر إذ أنّ استمرار الحملْ من الممكن أن يتطورْ ويعطبْ بَعضْ أعْضاؤها على سَبيل المثال، عَلى أثرْ الاسْتمرارْ فيْ الحَملْ خلال المَائة والعشرينْ يومْ الأوُلى أيّ قبل أنّ تُنفخ فيه الرّوح فيْ هذا الجَنين وفي مثل حَالة احتمال الضررْ العُقلائي والخطرْ على المَرأة، نجدْ أنّ العُلماء يقولونْ بأنّه لا يُحرم على المَرأة أن تسقط جَنينها لأنّه إلى الآن لا يُعتبرْ نفساً بشرية إذ لمْ تتكون فيه الرّوح ولا يزال كتلة لحمْ مثلاً لا يزال مُضغة أو لا يزال عَلقة وهذا الحملْ يُمثلْ خطراً أكيداً على حَياة الأم الحامل فلا يُحرم عليّها الإجهاض. وإذا كان يُصاحبْ الحَمْل حَرجاً اجتماعياً لا يتحملْ مثل الشابة التي تعرضتْ للاعتداء على سبيلْ المثال وتم واغتصابها وحملت على أثر ذلك فشيئاً فشيء يكبر بطنها معناها وتعرضْ أهلها إلى أزمة وحرجاً اجتماعياً غير متحمل، فبالتالي يسوغ لها هذا الأمر في خلال الفترة السابقة على ولوجْ الرّوح فكما قالوا لا يُحرم عليها في مثل هذا الفرضْ أنْ تسقطْ جَنينها إذا كانت مُغتصبة.
قال بعض العلماء أنّه في حَالْ إذا كانتْ المَرأة في وَضعْ رضَا وقنَاعَة فيُصنّف هذا الجَانبْ أنّه زنا أيّ أنّها قامت بالزنا وهذا معلوم ولا يَجوز لها لأنّ ذلك كانْ بسببها وهي يَجب أنْ تتحمل مسؤولية الأمرْ. فهذا هو أحدْ الاستثناءات وهو في حَالة مثلْ الاغتصابات التي تحدث وينشأ عنها حملٌ ويترتبْ على الحَمل حرجْ اجتماعيْ شديدٌ لا يتحمل، فهنا قالوا بأنّه لا يُحرم الإجهاضْ.
لدينا استثناء آخرْ ثالث وهُو أنّهم قالوا في بَعضْ الحَالات الحَرجة بحَسب التقاريرْ الطبية الموّثقة مثلْ إذا كان الجَنين مُشوهاً تشويهاً كبيراً، ولنفترض أنّ الجنين لديه ضُمور في رجله فهذا لا يُعد تشوهاً كبيراً أو قد يكون على سبيلْ الفرضيّة أنّ وضعه غير طبيعي مثلْ أنْ يكونْ مشوهاً تشويهاً كبيراً جداً وشكله يكون مُخيف إلى درجة كبيرة ففي مثل هذه الحالة وفيما إذا كانت الجنينْ مُبتلى بمَرض يحتاجْ إلى رعاية على مدار الساعة و تقولْ الأم بأنّني لا أتحمل الرعَاية به و هذا يُوقعني في الحَرج هذا ولا يمكنني ذلك أبداً، فهنا يجدْ العلماء أنّه انه لا يحرم الإجهاض أيّ لا يُحرم الإسقاط في المُدة التي لم يكمل فيها الجنينْ المائة والعشرينْ يوماً و إذْ تبث الرّوح فيه، ففي هذه الموارد الأربعة استثناءات لإسقاط الجنينْ ذكرها العُلماء وأما بعَد إتمامه أربَعة أشهر بعد مئة وعشرينْ يوم فلا يَجوز الإسقاط حَتى في مثل هذه الحالات المستثناة التي ذُكرتْ حتى إذا كان يترتب على الأم بأنّ مرضها سيزداد مثلاً عندها كمَرض السكر فلا يَجوز لهَا اسقاط ابنها الذي ولجته الرّوح لأنّه اكتمل ولا يجوز اسقاطه.
قال تعالى "فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ"
وفي حَال ولوجْ الروحْ في الجَنينْ فإنّه يُصبح إنسانْ كامل إذ أنّ الإنسان ينقسمْ إلى قسمينْ قسمُ البَدن وقسمْ الرّوح، فَكان بدنه يتكامل خلال هذه الفترة أيّ فترة الحَمل إلى أن صَار عظاماً إلى أن كُسيت العظامْ تماماً. وأما الدماغ، فحسَب التقارير الطبيّة فإنّه يكونْ في آخر مرْحلة ليتشكل بشكل نهائي أيّ أنّ الرّوح تول في الجنين بعدَ تشكلْ الدماغ. فهذا الآن أصبحَ نفساً بشريّة كاملة سواءً أكان الأمرْ في داخل البَطنْ أو خارجه، فلن يؤثر في كونه نفسْ إذا كان النفس يشمله ما جاء فيْ القرآن الكريم: " منْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"
وهُنا لا ينطبقْ على الجَنينْ قوله تعالى: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا" لأنّه إلى هذه المَرحلة لا يُعتبرْ مؤمناً لأنّ المؤمن يجبْ أنْ يخرج إلى الحياة ويجبْ أنْ يعتقد بوجُود الله عزّ وجل ولازم ويجبْ أنْ يَعتقد بالنبوّة ويعْتقد باليومْ الآخرْ وإلى غير ذلك حتى يُصبحْ مؤمناً ففي هذه الآية الكريمة نجدْ أنّ الجنين لم يصبحْ مؤمناً بعد فلا تشمله مثل هذه الآية لكن تشمله آية "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ" فهذه نفس والنفسْ ما هي؟ هي بدنْ ورُوح وهذا مَوجودٌ لدينا وبناءً على ذلك فإنّه لا يجوز بعد هذه المرحَلة الإجهاض والإسقاطْ مُطلقاً ولك عند عُلمائنا في الرأي المشهورْ والمَعروفْ بينهمْ حَتى في مثل تلك الاستثناءات السَابقة للأم وحتى إنْ قالتْ (أنا ضغطي يزداد) فليزدادْ ضغطك و لكنكْ إذا أردت إجهاضه فإنك تقضينْ على حَياة إنسان كاملْ، كذلك إنْ قالتْ الأمْ (لديّ سكر وسيرتفع عندي) ليرتفع السكرْ ولكنك في المُقابل ستقضين على حَياة إنسانْ حَياة كاملة بلا استثناء وهكذا في ما لو أيضاً حَصل اغتصابْ أو حَصل زنا أو غير ذلك، فبعد المائة والعشرين يومْ لا يَجوز أن يُسقَط الجَنين لأنْ في ذلك قضاءٌ على نفسٍ إنسانية من غير مبررْ وبالتالي فيه يُكتسَبْ فيه الإثم وفيه الديّة وفيه الكفارَة أيضاً فيُصبحْ حراماً ويُضاف إليّه ديّة كَاَملة كما هو الحالْ في مَا إذا حَملتْ مُسدساً وضربتْ شَخصاً عُمره عشرين سنة وقتلته بكم طلقة فيجبْ عليها دفعْ الديّة إلا إذا حَصَل تراض وأمّا في القتل العَمدْ فالحُكم الأول هو القصاصْ إلا إذا حصل تراض كما هو الحَال في القتل الخَطأ وشبه العَمدْ كيف تدفع ديّة كاملة، و كذلك تدفع لهذا الجنين الذي عُمرُه ستة أشهرْ. والمباشر للإسقاطْ هو من يدفع فلا يُوجد استثناءاتْ بعدَ المائة والعشرين يوم ولا يجوز الاجهاض والإسقاط حتى وإن ترتب عليه تعرضْ الأم للأذى والضررْ وحَتى لوْ ترتبْ عليّه تعرضْ الأم والأب للحَرج الاجتماعي، وحتى لو ترتبْ عليه أن المَولود سَوف يكونْ مَريضاً كمرض السكلسل مثلاً وهذا المَرض مصيبة لمن هو مبتلى ولكنْ لا يجوز إجهاضه، وكذلك منْ عنده مشاكل كالسكر والضغط أو لديّه قصور في عضلة القلبْ مثلاً فلا يجوز أبداً بعد المائة والعشرين يوم أن يُجهض وأن يُسقط لأنه قتلٌ للنفس البشرية.
متى يجوزْ إجهاضْ الجَنينْ؟
نعم هناك حَالة واحدة فقطْ يُمكنْ النقاش فيها وهي في حال تأكيدْ الأطباء الحَاذقون بأنّ الاستمرار في الحَمل قدْ يقتل الأمْ فلا يقتصرْ الخطر بالضرر عليها فقط بل ويقتلها حتى خلال شهرينْ وثلاث أشهر بحسب توقعات الأطباء وهم أطباء حاذقون وثقاه فيقولون مثلاً أن الأمّ قد تموتْ بعد الوضعْ في حَالة الاستمرار في الحَمل.
وينقسمْ هنا علماؤنا إلى فريقين: فريق يَقول بجوازْ إجهاضْ هذا الجَنين الذي سَوف يتسببْ في مَوتها إذْ يجب على الإنسان أن يُدافع عنْ نفسه ويَحفظ حَياته كما هو الحالْ في قدومْ أحداً من الخارج لهذه الأمْ وأراد أن يقتلها، فالواجب عليها أن تدافع عنْ نفسهَا، كذلك بالنسبة للجنين الذي سيتسببْ في موتها فيُعتبر وكأنّه مُهاجمٌ من الداخل أيّ كأنه مقاتلٌ من الداخل فالأم هنا يَجوز لها أن تدفع هذا المُهاجم بإسقاطه وتحفظ حَياتها لأنّ حفظ الحياة واجب. وهذا قسم من علمائنا ذهب إلى ذلك وقالوا إذا ترتب على بقاء الحَمل في بطنها موْت الأم ونهايتها فيجوز لها أن تسقطه قبل ذلك بعد الأربعَة أشهر دفاعاً منها عن نفسَها وحفظاً لحَياتها.
القسم الآخر من العُلماء هم من الذين يقولون بالجوازْ كالسيّد صَاحب العُروة السيّد اليزدي وقبلهُ صَاحبْ الجواهر. فيقولون أنّه لدينا نفسٌ إنسانيّة وهي الأم ولدينا نفس إنسانية وهي الجنين من حَيث القيمة فهذا وهذه قيمتهم واحدة ولا يوجدْ منْ يُقدم حياة الأمْ على الولد ولا يوجدْ أي دليل شرعي لإعطائها الحق بقتله هذا ولا يوجدْ لديّنا مجوز شرعيْ واضح في هذه الجهة لتقتل الجنينْ! لعلك تقول كما قال بعض علماء مدرسة الخلفاء قالوا لأن الأم هي الأصل والأكثر أهمية وما شابه ذلك فإذن نقدم الأصلْ على الفرعْ والأهمْ على المُهم لكن ذاك الفقيه من فقهائنا يقول بأنّ هذه وجوه استحسانيه و لا تجعلنا نفتي للأم بقتل الولد لأنّه يستطيع أحدْ الأطراف المقابلة قوْل شيئاً آخرْ. فعلى سَبيل المثال: يأتي أحداً إلى الأم ويقول بأنّ لها خمسة وأربعين سنة في هذه الدنيا فعاشت وتمتعت وأكلتْ وشربتْ وتزوجتْ وخلفتْ، أي بمعنى أنّها أخذتْ فرْصتها منْ الحْياة وهذا المسكين قد أعطاه الله فرصة للحياة وأنتم تريدون قتله! فدعوه وأعطوه فرْصة ليعيش عشرين سنة أو ثلاثين سنة إذاً هذا وجه ورأيّ وذاك رأيّ آخر أيضاً.
ويوجدْ توجيه آخرْ أيضاً وهو في حَال عدمْ وجودْ دليل شرْعي لدَى الفقيه حَتى يَوم القيامَة وخاصة عندما يُسأل عنْ فتواه وكم عددْ الأجنّة التي قُتلت على أثرْ ذلك فمنْ أينْ أتيتْ بهذا الحُكم؟ وُعلى أي مستند استندتْ؟ لأن عمل الفقيه ليس سَهلاً فلذلك نجد فقط اختلافاً بين عُلماؤنا في هذا الأمرْ بين من يقُول بأنّ هذا منْ عَناوين دفاع الإنسانْ عنْ نفسه ولزوم دفعْ المُهاجم فالأم هنا تدافعْ عنْ وجُودها وحيَاتها فتدفع منْ يُهاجمها سواءً كان الهجومْ من الخارجْ أو من الداخلْ فهذه فرقة وأما الفرقة الأخرى فتقول لا.. لا يوجد لدينا دليل يقولْ بقتلْ الطفل ويلزمْ الأمْ أنّ تترك الأمُور كمَا هي إما أنْ يختارْ الله سُبحانه وتعَالى أنْ يُعطي الحَياة لهُما معاً فالحمد لله، وإمّا أنْ يختارْ سُبحانه وتعالى أنْ يقبض روح الأم فذلك هو مَا أراده الله، وإما أنْ يَختار سبحانه أنْ يقبضْ الطفل قبل ولادته وتعيشْ الأمْ و لا توجد مُشكلة، فيقولون: نحن ننتظر ماذا يقضي الله عز وجل لأننا لا نملك دليلاً شرعياً قاطعاً يَقول بأنه يَجوز للأمْ أنْ تُجهض ابنهَا في هذا المَورد وعلى الاختلاف فيه أيضاُ سائر الموارد لا يجوزْ إسقاط الجَنين سَواءً كانَ مَصاباً بمرضْ السكلسل أو مُصاباً بالسُكر أو مصاباً بأيّ مَرض.
سألني أحدْ الأطباء الحَاذقين ذاتَ مَرة وهُو من المُتخصصينْ عندنا وقدْ جمعنا لقاءْ وقال: الآنْ عندنا مُشكلة مع الأمراضْ الوراثية وعلى المَدى البَعيد في المُستقبل تنتج عنها مَشاكل فهلْ يَجوز لو فرضنا أنّ امرأة حملت بجنين مُصاب بالسكلسل أو مُصاب بالأنيمية المنجلية أو مُصاب مثلاً بسائرْ الأمراضْ الوراثية فهل يَجوز لها أن تسقط هذا الجَنين؟ فقلت له: لا أعلم أحداً من العُلماء يُجيز هذا الأمر خُصوصَاً بعدْ الأربَعة أشهرْ وهذه حياة إنسانية لا يَجوز، ولذلك لو فرَضنا أنّ إنسانٌ باشرَ هذا الأمر وقالت المرأة أنا أريد أنْ أتخلصْ منه وهي غير مبُالية بالشرعْ وألقتْ بنفسهَا منْ مُرتفع مَثلاً كمَا تصْنع بعضهنْ أو شربت حبوباً كما تصنعْ بعضهن أو غيرُ ذلك أيّ بمعني أنّها هي منْ باشرتْ الإسقاطْ بنفسها، فإننا هنا لا نستطيع أن نقولْ بأنّ هذه أمُه وليس عليها شيء! فبالعكس من ذلك لأنّه أولاً ارتكبتْ حراماً على حدْ حُرمة الزنا بل أكثر من ذلك، على حدْ حُرمة اللواط بل أكثر من ذلك، على حد حُرمة القتل لأنه قتلٌ فيه إثم فيه حرمة فيه ذنب فيه عَذاب أكثر من واحد أيضاً إذ يلزمْ فيه الدية فيجب عليها ذلكْ إذا كانتْ هيَ منْ باشرتْ، أمّا إذا أتى الأبْ وقالْ مَا هذه الوَرطة التيْ نحنُ فيها وقام بركلْ الأم ركلة وأسقطَ الجَنين فيصبحْ الذنب عليه وهو الذي ينبغي أنّ يدفع الدية.
مراحلْ الديّة.
تكونْ الديّة بعدَ ولوُجْ الروحْ بعد المَائة والعشرينْ يومْ، وتصلْ إلى ألفْ دينار ذهبْ الدينار ويكونْ الذهبْ ثلاثة ونصف غراماً حسبْ أسعار هذه الأيام. والدينارْ الذهبْ الذي يعادل ثلاثة غرام ونصفْ يُعادل أربع مائة وسبعة وتسعون ريالاً فتُصبحْ مضرُوبَة في ألفْ، إذن فهيَ تُساوي تقريباً نصفْ مَليون ريالْ ويلزمْ من باشر بالإسقاط بأنْ يدفع هذه الديّة. أما فيْ حال إذا كانتْ الأم هيَ التي أسقطتْ الجنينْ فهي التي يجبْ أنْ تدفعها إلى وارث الطفل وهُو الأبْ وهي لا ترث شيء. وإذا كان الأبْ هو الذي أسقط الجنينْ، فيجبْ عليّه أنْن يدفعْ نصفْ مليونْ ريالاً إلى أمّه. و إذا اشترك الاثنانْ في الإسقاط سواءً كانْ بالضربْ أو بجهَاز الشفطْ مثلاً، فكلاهما يأثما وكلاهُما يدفعانْ الديّة للطبقة الثانية منْ الوراثْ في حَال كانْ لديّه إخوانْ فلابدْ أنْ تُعطَى الديّة لهمْ وهكذا نصف مليونْ ريالْ بحسَب سعْر هَذه الأيامْ تكونْ هَذه ديّته إذا ولجَت فيه الرّوح، أما فيْ مَرْحلة ما قبلْ ولوُجْ الرّوح مُباشرة فلا تكونْ الديّة كاملة وإنما تكونْ عشرة في المائة من هَذا المَبلغ أيّ مَا يُعادل خَمسينْ ألف رياْل وهكذا بحَسَبْ كلْ مَرحلة كما تبينها الآيات المُباركات " لقد خَلقنا الإنسانْ منْ سُلالة من طينْ ثمّ جَعلناه نُطفة في قرارٍ مكينْ ثمّ خلقنا النطفة عَلقة فَخلقنا العَلقة مُضغة فَخلقنا المُضغة عظاماً فكسونَا العظام لحماً"
وتتعدد الديّة بحَسب المَراتبْ وترتقيْ بحَسَب كُل مرْحلة، وهذه خمْس مَراحلْ إلى أنْ تصل إلى وُلوجْ الرّوح تصْبح فيه الديّة كاملة كديّة شخصْ له من العُمرْ ثلاثين سنة وذلك ديّة صَاحبْ الستة أشهرْ ومَا فوقْ أيضاً تجبْ فيه الكفارَة والكفارَة هُنا هي كفارة الجَمع على المَشهور عندْ العُلماء وليستْ كفارَة التخيير، فمثلاً الإفطارْ متعمداً في شهرُ رَمضانْ مثلاً تكون فيها كفارَة تخيير فالبدءْ بإطعامْ ستينْ مسْكين أو صيام شهرينْ مُتتابعين. لكنْ فيْ كفارَة إجهاضْ الجَنين وقتل النفسْ البشريّة فيلزم المُباشرْ بالإجهاض الجمع وهو أنْ يصوم ستين يوماً وأيضاً يُطعم ستينْ مسكيناً إذن هي ثلاثة أمور وهيَ الإثمْ والحُرمة والديّة للوارث والكفارة على هذا الإنسانْ وهي كفارة الجمعْ. وهنا بالطبعْ لا يوجدْ عتقْ رقبة لأن الإنْسانْ غير موجود حتى الآنْ والغرَضْ منْ هذا كله هوَ أنْ تحفظ وأنْ تُصان حَياة الإنسانْ حَتى لا تُصبح حَياة الإنسانْ أسْهل منْ حَياة الحَيوانْ.
وأنا أتعَجَبْ منْ بَعضْ الأحزاب كأمريكا مثلاً، فنجدْ عندَهم عُقوبات عَلى منْ يَقتل بَعضْ الحَيوانات أيّ أنّه م يقتل حَيوان يقعْ في مُشكلة! هذه فعلاً مُصيبة إذ أنّهم يُقررون عقوبات مادية أو سجن أو احتجاز أو غير ذلك على منْ يقتل حيوانْ ولكنهُم يقرُرونْ قانونْ بجواز المُباشرة بالإجهَاضْ للأم ويَجوز للأب ذلك أيضاً ليفقدوا الجنينْ الحَياة وينهونها.
الله سُبحانه وتعَالى لمْ يُسلط أحداً على أحد فيْ هذه الحَياة الله فهو الذي وَهب الوُجود ولا يَجوز لأحد أنْ يسلبْ منْ أحد نعمَة الوُجود. كما نعرف بأنّ الطفلْ الصّغير حَاجته إلى الحمَاية والرعاية والعناية أكثر من الكبيرْ لأنّ الكبير هو منْ يُدافع عنْ نفسه فيجرْ النّفع إلى نفسه ويدفعْ الضررْ عَنها فلا يَحتاج إلى حمَاية وعناية ومع ذلك فإنّ الإسلام أتى ووضَعَ حمَاية تتمثل في القصاصْ لمنْ يقتل والديّة لمن يُخطأ في القتلْ وما شابه ذلك بالنسبة إلى هذا الطفل الذي لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا يَدفع عنها. فجانبْ الحماية هو الأولى، فلننظر كيف وضعَ الله سبحانه وتعالى، فقدْ وضعه في أكثر الأماكنْ تحصيناً وحمَاية ولو بحثنا عن أيْ جزء منْ بدنْ الإنسان أو بدن المرأة فلنْ نجد مكاناً أكثر حمَاية من المَكان الذي يُحمل فيه الجَنين فجعله سُبحانه في حرز حَريز وفي مكان أحاطه بالحماَية كنظام التعليقْ المَوجود في وجُود السَوائل في المنطقة، و غيرُ ذلك نجدْ نفس التركيبْ البدني للمرأة إذ يكون الجنينْ في مكانْ مُعين وليس أمامْ البطنْ وإنمَا في دَاخل الرّحم وهذا يُوفر له حمَاية أكثرْ بل حَتى في هذه الأثناء يُوفر له الطعَام ويوفرْ له الشرَاب ويجعَله في حَالة من الأمان والاطمئنان وإذا خرج ايضاً كلّف الوالدين أمرْ الرّضَاعة إلى سنتينْ، فسُبحانه من كريم ما أعظمه.
قال تعالى: "لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ"
أمر الله جلّ وعلا بالحَضانة إلى أكثرْ منْ موُضعْ، فعلى بَعضْ الآراء الفقهية نجدْ بعضْ الفقهاء يُوصل فترة الحَضانة إلى سَبعْ سنوات للذكر والأنثى وبعضهم للأنثى فقط ْوإنْ كان الرّأي العامْ المَوجود الآن هو السنتان، ولكنْ كل هذه إشاراتْ إلى أنّ المُشرع جَعل قوانينْ لحفظْ هذا الجَنين ولحمَايته ولرعَايته منذ بدء تكوُّنه ولذلك حُرم الإجهاضْ وحُرم القتلْ لهَذا الجنين ولو كان الأمرُ مباحاً لكانَ مُستقبل البشريّة في خطرْ بالإضافة إلى الأمورْ غير الأخلاقية ، حيثُ أصبحَت قضايا إباحةَ الإجهاض المَوُجودة في الغرْب طريقاً إلى فالساد الأخلاقي الي لا نظير له حيثُ أصبح أمراً عادياً.
حمَايّة الدّينْ للنّفسْ البَشريّة.
إذ تمُارسْ الفتاة العَلاقة الجنسيّة خارجْ إطارْ الزّواج فتستعْمل مَوانع الحَملْ وعندَما لا يمْتنعْ الحَمل تلجأ إلى إنزاله وكأن هذا الجَنين قط لترمي به في الشارع. الدين أتى لحمَاية هذه الحيَاة وخاصّة بالنسبة للأطفالْ.
لمْ يقتصر وجودْ الدينْ للحمَاية المَادية فقط بلْ جَعل في الأبوين رَحمة فجَعل في الأمْ مَحبة وحنَان إذ أنّ الأم الطبيعية ترى نفسها تُحافظ على أطفالها ليلا ً ونهاراً وبعلى الرغمْ من كلْ مشاكلها فتتحملْ ألمَها بلْ وتستلذْ به في سبيل حفظه.
فرحمَ الله أمهَاتنا وجعلَ لهم الجنّة جزاءً ولكل النسَاء الطيبات الطاهرَات العَفيفات اللاتي أنجبنَ الإناث المُؤمنات، فجزاهُن الله خيْر الجَزاء فكم قاسينَ وكم عانينَ وكنّ يتلذذنَ بهذا العناءْ وبهَذه المَشاكل فجزاهن الله خير الجَزاء، أمك، أختك وزوجَتك فكل هَؤلاء يصْنعون للبشرية شيئاً عظيماً جداً من خلال ألمَهنْ. فأحاط الله جلّ وعلا أيضاً ا هذا لإنسان بحنان ليس فقط منْ الأم والأبْ بلْ حَتى الغريبْ، إذ نلاحظ انجذاب الغريب حين يرى طفلاً صغيراً يبلغْ منْ العُمرْ عدة أشهر فيحنْ له ويُحبه كأنمَا هو في حالة من الجَاَذبية إذ يراه نفسه بعدَ عشرينَ سنة ولا يطيقْ النظر في وجهه لكن الطفل نتلذذ أصلاً بمُداعبته وهُو طفل إذ ينشرح إليه قلبنا على الرّغمْ من أنّه ليس ابننا ولا قريبنا! فهذه البرَاءة وهذا الصّفاء المَوجود في وجه الطفل ينجذبْ إليّه حتى الأعداء أحياناً لكي يلين قلوبَهم لكن بني أمية لعنة الله عليهم لمْ تلنْ قلوبهم في ذلك المَوقف وهمْ يرون طفلاً رَضيعاً. |