عاقبة الظلم

محرر الموقع
للظلم آثار متعددة : ـ منها ما هو في النفس حيث يعقب ارتكاب الظلم في حق الآخرين ، ظلمة في نفس الظالم وكدورة في قلبه ، حيث يكون من اسوأ حالات المعصية التي ورد في الأحاديث أنها تخلف في قلب مرتكبها نكتة سوداء لا تلبث أن تتزايد وتكبر ، حتى تسيطر على عامة القلب .. والقلب هنا لا يعني العضو المعروف في البدن ، ولا أن النكتة السوداء هي حبر أسود ، وإنما المقصود هو أن مركز التوجيه في نفس الانسان ، وعقله وفطرته تتلوث .. إلى حد أنه تحيط به الخطيئة فلا يعود يهتدي الطريق (بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (سورة البقرة: 81) ومن ذلك اختلال تعادل الظالم النفسي ، بحيث لا يستشعر الطعم الهانيء في الحياة ، وإنما يعيش الهواجس والقلق والاضطراب .. فلا يغرنك ما ترى من مظاهر للظالمين يظهرون أنفسهم فيها سعداء مرفهين ، بل ابحث عن ليالي الأرق والقلق .. ( قصة الحجاج الثقفي الذي كان يرى سعيد بن جبير بعد مقتله كل ليلة في منامه منكدا عليه نومه ) . ـ ومنها ما هو في أرض الواقع حيث يعاقب الظالم والآثم على خلاف رغبته .. من الناحية التشريعية والأخرى التكوينية ! فقد وجدنا الشرع يعاقب الظالم على خلاف مبتغاه ، فمتعجل الإرث القاتل لمورثه يمنع من الميراث ولا يحصل على شيء .!! ومن يغصب بيت غيره لكي يتفسح ويتوسع ويتباهى أمام الآخرين بما يملك .. يمنع من التصرف فيما اغتصبه ، ويمنع غيره من الدخول في الشيء المغصوب وتحريك شيء منه ! فلا يحصل على ما أراد من الغصب ! ومن يتعجل اللذة المحرمة فيزني بذات البعل ، تحرم عليه مؤبدا ، ثم لا يستطيع الزواج منها حتى لو مات عنها زوجها الأصلي أو طلقها واعتدت ( على المشهور بين فقهاء الإمامية ) . وفي الجهة التكوينية الأمر كذلك .. فقد رأينا كيف أن حاكم العراق السابق ، قتل وسجن وهجّر لكي يبقى له الملك والحكم .. فإذا به لا يلبث أن يذوق من نفس الكاس التي سقى منها غيره ! وواقعة كربلاء خير شاهد على ما سبق فإن القتلة قاموا بقتل الحسين عليه السلام لكي يستمر لهم الحكم والرفاه والمال ، لكن أطولهم عمرا لم يبق أكثر من ست سنوات !! ـ فهذا يزيد بن معاوية لم يلبث غير ثلاث سنوات ، وهلك من غير أن يعرف مصيره أو قبره ! ـ وذاك عبيد الله بن زياد ، هلك مقتولا في معركة الخازر على يد أنصار المختار الثقفي سنة 67 ـ ومثله عمر بن سعد الذي قتله أنصار المختار في الكوفة بعد قيام نهضة المختار بقليل . ولحق به حرملة بن كاهل الأسدي ، وشمر بن ذي الجوشن الضبابي ، وحكيم بن طفيل .