ولاء الشيعة .. لمن ؟

محرر الموقع
يثار بين فترة وأخرى كلام عن أن ولاء الشيعة وانتماءهم ليس لأوطانهم وإنما هو لطائفتهم أو مراجعهم الدينية ، وربما قالوا لدول أخرى لها نفس المذهب .. فما هي قيمة هذا الكلام ؟ وما هي أغراضه ودوافعه ؟ في البداية لا بد من التفريق بين أنحاء من الانتماءات للإنسان : ـ الانتماء للعرق : ـ الانتماء للقوم ( اللغة ) : ـ الانتماء للأسرة : ـ الانتماء للطائفة أو الدين : ـ الانتماء للوطن والأرض ـ الانتماء للنظام السياسي الذي يحكم : وبعض هذه الانتماءات لا مجال للفكاك منها لأنها لم تأت باختيار الانسان ولا يستطيع هو أن يغيرها .. وهي الثلاثة الأول ( للعرق : اسود أو أشقر أو أسمر أو أصفر ) و( للقوم : عربي أو كردي أو انكليزي ..) و( لأسرة : آل فلان أو فلان ) .. وأما بالنسبة بالنسبة للثلاثة الثانية فهي اختيارية ، وتقع ضمن دائرة التغيير ( بغض النظر عن جواز ذلك وشروطه ) . كما أن بعضها يتقدم على البعض الآخر فالثلاثة الأول تقع في المرتبة الأولى قبل ما عداها .. والثلاثة الثانية يتقدم فيها الانتماء للدين او الطائفة على غيره . "الانتماء الطائفي هو أحد أقدم الانتماءات في تاريخ الإنسان وهو أيضا انتماء إلزامي بمعنى أنه يتحدد بمجرد الولادة وانتماء الدم ولا يخضع لاختيار الفرد وإرادته الحرة وهذا ما يعطي هذا الانتماء لدى الغالبية صفة الأبدية والضرورة ".. *** نأتي إلى موضوع آخر وهو أن : الولاء هل هو للوطن ؟ أو لحاكم الوطن ؟ العلاقة التي تحكم بين الانسان ووطنه هي مثل حب الوطن من الايمان ، والدفاع عن دار الاسلام ، لكن العلاقة التي تحكم بين الانسان وبين حاكمه هي إحدى العلاقات : إما الدينية كالامام الشرعي ، أو التعاقدية كالانتخابات أو التراضي أو ما شابه .. أما يتحدث عن العلاقة بينهما وكأنها شيء واحد فهذا تزوير وتلبيس .. المخالفة السياسية لا تعني عدم الولاء ! ( أمثلة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا على مخالفة الناس لخطة الحرب ضد العراق ومظاهرات في هذا الصدد لم يقل أحد أنهم لا ولاء لهم لأوطانهم ) . ـ هل كان على الشيعة أن يوالوا صداما وهو يقتل علماءهم ؟ وينفي زعماءهم ؟ ويذيقهم صنوف العذاب ؟ العلاقة تلك أيضا ترتبط بمقدار وفاء الطرفين ، فإذا كانت دينية ، فلها محدداتها ، وحقوق الرعية على الراعي الديني التي يجب أن يلتزم بها ، وإذا كانت تعاقدية ، فهناك أيضا جملة حقوق على الحاكم تجاه رعيته . • بل ربما كانت المخالفة والنصيحة هي من الولاء للوطن ، لو كان حاكم البلد فاسدا .. • ـ ولهذا فالتزام النظام العام والقبول به .. لا يرتبط بقبول الحاكم . لماذا تثار هذه المسألة بالنسبة للشيعة ؟ بعدما كانت كل تلك الانتماءات حاصلة بالنسبة لكل الناس .. فلماذا تثار بالنسبة للشيعة ؟ وما هي أغراض هذه الإثارة ؟ 1/ قول البعض : أن الشيعة كانت لديهم بعض الحركات السياسية التي جعلت الأنظمة تشكك فيهم ، فيحتاجون الآن إلى القيام بأعمال تعيد ثقة هذه الأنظمة بهم ! ومن الواضح أن القائل بهذا يفترض وجود مبرر معقول للتشكيك في ولاء الشيعة لأوطانهم ! وأن عليهم أن يزيلوا اسباب هذا التشكيك ، بمزيد من الخطوات والأعمال الايجابية ، والالتصاق بأنظمتهم السياسية ، وأن يعلنوا باستمرار تأييدهم حتى تزول تلك النظرة ! ويجادل المخالفون لهذه الفكرة :بأن هذا نوع من التنميط والتعميم غير الصحيح .. ففي الدين لا يتحمل أحد تبعات عمل أحد آخر .. إذا قام شخص بعمل فإنه يتحمل مسؤوليته وحده ! ( في أمريكا قام طبيب عسكري في معسكره بقتل 12 أمريكي معه ، فخرج المسؤولون ليقولوا إن المسلمين لا يتحملون مسؤولية ذلك ) ! وهل تم التعامل مع بقية الطوائف على أساس أن فيها جهات معارضة ، فيجب إقصاء كل من ينتمي إليها ؟ الآخرون كانوا أصحاب التفجير والإرهاب .. فهل تمت معاملة طائفتهم كذلك ؟ وهلل طلب منهم أيضا ذلك ؟ أو أنه تم حصر القضية في إطار من عارضوا ؟ وأيضا يسأل هؤلا ء : ماذا كان وضع الشيعة قبل هذه الفترة .. قبل الحركات ؟ هل كانوا مواطنين تامي المواطنة ؟ 2/ حديث البعض عن أن ارتباطهم بمرجعيات خارجية يعني أن ولاءهم لغير أوطانهم ! وجواب هذا واضح حين نتحدث عن المرجعية الدينية للشيعة وأنها صمام أمان للمذهب والأمة وأنها ميزة من الميزات المهمة .. نحن لا نعتقد أن دور المرجعية والارتباط بها دور سلبي في تحقيق الانسجام على المستوى الاسلامي والوطني بل بالعكس تماما .. بل ندعو إلى اختصار الفاصلة بين الدول المسلمة وبين المرجعيات الشيعية ، فلماذا لا تنشأ علاقات بين هذه الدول وبين تلك المرجعيات ؟ يرجع المسيحيون في العالم إلى بابا الفاتيكان ، وهو يسافر إليهم ايضا بين فترة وأخرى فتراه في أوربا حينا وأفريقيا حينا آخر وآسيا ثالثة .. ولم يقل أحد أن ولاء المسيحيين في تلك الدول ليس لأوطانهم لأنهم يرجعون لمرجعية دينية خارج بلادهم .. * ماذا عن المرجعيات الموجودة في داخل البلدان المسلمة ، هل نفعت ؟ بعض الطوائف مرجعياتها محلية ! * المرجعية الشيعية في العراق عام 1920 ، وفي الوقت الحاضر حيث حمت جميع الطوائف ، وتسعى لتحقيق الانسجام هناك وفي خارج ذلك البلد .. 2/ البعض يرى أن هذه عملية اشغال وتعويق ، مثل أنك لا تريد من أحد أن يلحقك فتشغله بقضية ما .. فليذهبوا وراء إثبات مواطنتهم ، ولن ينتهوا منها ! 3/ يعتقد آخرون أن المرحلة القادمة في العالم الاسلامي هي مرحلة استحقاقات جديدة ، بعد أن حصلت ظروف جديدة في العالم والمحيط الاقليمي إذ لا يمكن أن تبقى الأوضاع على ما هي عليه ، فتثار هذه الفزاعة أمامهم حتى لا يطالبوا بشيء مما يستحقون وكما قال بعض الباحثين : "القيام بضربة استباقية تمنع التيار الشيعي من طرح قضية التمييز الطائفي على الطاولة، كما أنه يزيح عن كاهل بعض الأنظمة عبء التفاهم السياسي مع الشيعة ويشرعن سياسة العزل والتهميش للمتهمين بالولاء لإيران، ويجعل أي تحرك شيعي مطلبي مستقبلاً عرضة للتخوين وللأيادي الإيرانية في المنطقة، وبذلك تنتفي حجية إدماج الشيعة في أوطانهم أو سعيهم للمشاركة في السلطة لأنهم ببساطة خونة، فالدمج يعني الحرية الدينية لا إغلاق المساجد، والإنصاف في الفرص والمساواة أمام القانون والمشاركة السياسية العادلة" .