المطالبة بالحقوق الفردية والاجتماعية

محرر الموقع
( لنا حق فإن أعطيناه وإلا ركبنا أعجاز الابل وإن طال السرى ) ( فإن أقل يقولوا حرص على الملك وإن أسكت يقولوا جزع من الموت . .) . تنظير الأمر بحياة أهل البيت عليهم السلام ، وكيف أن الامام عليا طالب بحقه في الامامة وقيادة الناس وقامت بذلك أيضا فاطمة الزهراء عليها السلام من خلال خطبتها في المسجد وحديثها مع نساء الأنصار . واستمر الحال في المطالبة بحيث نجده واضحا أيام الامام الكاظم حيث أنه حدد فدكا المغتصبة بكامل الدولة الاسلامية آنئذ . الامام العسكري : لنا حق في كتاب الله وقرابة من رسول الله وتطهير من الله لا يدعيه أحد غيرنا إلا كذاب . فكرة أن المهدي يطلب بثارات الحسين ( مع مرور آلاف السنوات على حدوثها ) فإن الحقوق لا تسقط بالتقادم . ـ ليست المشكلة في وجود مظالم وتجاوزات ، وإنما هي في سكوت الانسان عن حقه وإغضائه عن ظلامته ( في العمل ، في المدرسة ، في المجتمع والسياسة ) . الحالة الموجودة لدى قسم من الناس هي بين تطرفين : ـ اليأس من المطالبة وترك حقوقهم بناء على ذلك . ـ أو الغضب والعنف مما يضيع على الانسان حقه بباطل غيره . لماذا يحصل ذلك ؟ 1/ عدم وجود ثقافة بالحقوق : أما المسؤول الكبير فيهمه أن لا يعرف الآخرون حقوقهم حتى لا يطالبوه بها ، وأما صاحب الحق فإنه لعدم قناعته بالتطبيق قد لا يهمه حتى التفكير في ما هو حقه ؟ هل يعرف الطالب الذي يذهب المدرسة حقه على المدرس والمدير ؟ ( مع أن لهما عليه حقا ايضا ) ، وهل يقرأ العامل في مؤسسة أو شركة عن حقوقه ؟ ( الغريب ان الناس يتصورون عندما تتحدث عن الحقوق أن المسألة لا تعدو الراتب والاجازات !) . وهل يعلم المواطن ما هي حقوقه على الحاكم والوالي ؟ لقد بين أمير المؤمنين علي  في أول أيام ولايته على الناس وحكومته ما هي حقوقهم عليه وما حقوقه عليهم فبينها بأنها ( توفير فيئكم ، وتعليمكم كيما تعلموا وتأديبكم كيلا تجهلوا ) أي توفير الوضع الاقتصادي الذي يغني الناس والتعليم المجاني وسبل المعرفة في المجتمع ، والتوجيه الاخلاقي وإرساء القيم والفضائل .. ثم ذكر حقوقه عليهم أيضا . 2/ قناعة البعض بالسلامة من البطش . أو ثقافة الاكتفاء بالعيش ( مجرد المعيشة بأي مستوى .. وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني اسرائيل ) .توقع الأسوأ . على أثر إحباطات سابقة . بينما المفروض أن لا شيء يمنع الانسان من حقه ، حتى لو ثبتت عليه تهم كبيرة فإنه لا تبطل حقوقه الأخرى عندما يطالب بها : ( مانقله ابن الأثير في الكامل عن عبيد الله بن الحر الجعفي الذي خرج على الامام علي وصار مع معاوية في صفين ، لكن الامام أنصفه عندما جاء مطالبا بزوجته ) 3/ توقع أن يتحرك غيره ليطالب بحقه ، فهو يطالب الله أولا ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) بمفهومها التواكلي ، ثم ينتظر الامام الحجة وأنه لا حل لمشاكلنا إلا عندما يظهر صاحب العصر بمعنى أنه لا تنتظر مني شيئا ، ثم العلماء والوجهاء .والصحفيين ويلومهم لو لم يفعلوا أما هو فجالس ينتظر ويوزع المسؤولية على هذا وذاك . كيف تتم متابعة الانسان لحقه ؟ أولا : لا بد من تربية الانسان أولاده على المطالبة بحقوقهم منذ الصغر .. ففي المدرسة إذا ظلمه الاستاذ في درجاته لا يصح أن يقول له المهم أنك نجحت ! أو أنها ( ُتهان ) من غير حق فتبلع الاهانة ! وثانيا : معرفة الانسان بحقوقه سواء في العمل ، أو المجتمع أو السياسة ، بل حتى في العائلة .. الاشارة إلى أن كثيرا من الناس لا يعرفون حقوقهم : ( في الغرب عندما يعتقل الشخص في قضية جنائية فضلا عن السياسية تتلى عليه قائمة حقوقه ، وفي بعض دولنا لا يعلم الشخص ما هو حقه وهو يعمل ويكدح فضلا عن حقوقه كمعتقل ! ). ثالثا : التفكير في توثيق حق الانسان ، فالتجاوزات التي تحدث في حقه لا بد من توثيقها زمانا ومكانا وحالة .. والنظر في الوسائل المعقولة للوصول إليه ، ومنها التوسل بالمؤسسات الرسمية الموجودة ، ومنها التوسل بالرأي العام ، ونشر المظلومية على مستوى العالم .( قصة : من كان يؤذي جاره فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جاره كان يؤذيه ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم : اطرح متاعك على الطريق وكل من مر عليك وقال ما هذا ؟ فقل له جاري يؤذيني . * حتى طلب الماء هو من حق المعسكر الحسيني ، وكان على الطرف الآخر أن يلبيه لو كان يعرف الانصاف لكنه لم يعرف غير السيف .. بل للحسين في الماء آنئذ عدة حقوق كما يقول العلامة التستري رحمه الله : ـ ماله من الاشتراك مع الناس لأنهم شركاء في ثلاثة .. ـ ماله من الاشتراك مع ذوات الأرواح لأن لكل كبد حرى أجرا ـ ماله من الاختصاص حيث سقى أهل الكوفة : مرة حين استسقي به ، وأخرى في صفين ، وثالثة حين لاقاه معسكر الحر . ـ ماله من الاختصاص حيث أن ماء الفرات مهر فاطمة طبقا لروايات . ________________ ) تحف العقول - ابن شعبة الحراني - ص 488 ) الكامل في التاريخ - ابن الأثير - ج 4 - ص 287 لما قتل عثمان ووقعت الحرب بين علي ومعاوية قصد معاوية فكان معه لمحبته عثمان وشهد معه صفين هو ومالك بن مسمع وأقام عبيد الله عند معاوية وكان له زوجة بالكوفة فلما فلما طالت غيبته زوجها أخوها رجلا يقال له عكرمة وبلغ ذلك عبيد الله فأقبل من الشام فخاصم عكرمة إلى علي فقال له ظاهرت علينا عدونا فغلت فقال له أيمنعني ذلك من عدلك قال لا فقص عليه قصته فرد عليه امرأته وكانت حبلى فوضعها عند من يثق إليه حتى وضعت فألحق الولد بعكرمة ودفع المرأة إلى عبيد الله وعاد إلى الشام . ) فقه السنة - الشيخ سيد سابق - ج 2 - ص 646 - 647 ذكر البلاذري في فتوح البلدان : " أن أهل سمرقند ، قالوا لعاملهم " سليمان بن أبي السرى " إن قتيبة بن مسلم الباهلي غدر بنا وظلمنا ، وأخذ بلادنا ، وقد أظهر الله العدل والانصاف ، فأذن لنا ، فليفد منا وفد إلى أمير المؤمنين يشكو ظلامتنا ، فإن كان لنا حق أعطيناه ، فإن بنا إلى ذلك حاجة ، فأذن لهم ، فوجهوا منهم قوما إلى " عمر بن عبد العزيز " رضي الله عنه ، فلما علم عمر ظلامتهم كتب إلى سليمان يقول له : إن أهل سمرقند ، قد شكوا إلى ظلما أصابهم ، وتحاملا من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من أرضهم ، فإذا أتاك كتابي فأجلس لهم القاضي ، فلينظر في أمرهم ، فإن قضي لهم ، فأخرجهم إلى معسكرهم كما كانوا وكنتم ، قبل أن يظهر عليهم قتيبة . فأجلس لهم سليمان " جميع بن حاضر " القاضي ، فقضى أن يخرج عرب سمرقند إلى معسكرهم وينابذوهم على سواء ، فيكون صلحا جديدا أو ظفرا عنوة . فقال أهل السند ، بل نرضى بما كان ، ولا نجدد حربا ، لان ذوي رأيهم قالوا : قد خالطنا هؤلاء القوم ، وأقمنا معهم ، وأمنونا وأمناهم ، فإن عدنا إلى الحرب ، لا ندري لمن يكون الظفر ، وإن لم يكن لنا ، كنا قد اجتلبنا عداوة في المنازعة ، فتركوا الامر على ما كان ، ورضوا ولم ينازعوا بعد أن عجبوا من عدالة الاسلام والمسلمين وأكبروها ) العهود المحمدية - الشعراني - ص 541