هكذا تحدث النبي صلى الله عليه وآله عن الحسين
* مقدمة : فرق حديث العالم عن الجاهل ، في أن العالم يستطيع أن يتحدث في الشيء ظاهره وباطنه ، وأطرافه المختلفة وزواياه ، وربما حقيقته .. بينما غير العالم يستطيع أن يلاحظ كما يلاحظ غيره .. ( مثال الشجرة يمكن للعالم أن يتكلم عن كيفية نموها واستفادتها من الشمس والهواء ، وأن يتكلم عن فصيلتها وأنها تنتمي إلى أي المجموعات النباتية ، ويمكن أن يتكلم عن ما يناسبها من الأجواء وما لا يناسبها وهكذا ، بينما غير العالم يكتفي باستحسان منظرها ..) . وهكذا هي الحقائق الأخرى .
* وكلما زاد العالم علما كانت قدرته على الاحاطة بالأشياء واستظهار ما هو مخبوء فيها أكبر . ومن أولى من النبي صلى الله عليه وآله ، بكشف حقيقة الحسين سلام الله عليه أمامنا ؟
* وإذا كان المتكلم خارجا عن حالتي الهوى والغضب في الكلام ، وغير متأثر بأحواله النفسية التي قد تغير الحقائق أو تزيد وتنقص فيها ، فإن النص المنقول عنه يكون ذا قيمة أكبر .
كلام النبي ينقسم إلى أقسام في حق الحسين عليه السلام : منه ما يرتبط بالتذكير بمأساته والبكاء عليه .
ومنه ما يرتبط ببيان منزلته وفضله : ( زين السماوات والأرض ، سيد شباب أهل الجنة ، خير الناس أبا وأما ) ،
ومنه ما يرتبط بدوره كإمام زمانه ( قاما أو قعدا ، أنت إمام سفينة نجاة)
ومنه ما يرتبط ببيان مرجعية الأئمة من ولده ( ابو ائمة ) ، أهمية التركيز على الحسين في أن الأئمة هم من ولده .
1/ما يرتبط بقضية الامامة والنص على الأئمة : أخرج الصدوق في الاكمال بالإسناد إلى سلمان ، قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وآله ، فإذا الحسين بن علي على فخذه ، وهو يلثم فاه ، ويقول : أنت سيد ابن سيد ، وأنت إمام ابن إمام ، أخو إمام أبو الأئمة ، وأنت حجة الله ، وابن حجته ، وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم ( وذكره القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ) .
أهمية هذه القضية في أنها تشكل الفيصل بين الفرق والطوائف ، فغير الشيعة يقولون أنه لا يوجد إمام أو حجة ، وإنما هي خلافة ثم حكومة ! وبقية فرق الشيعة كالزيدية والاسماعيلية وغيرهم لا تنتهي إلى تسع حجج بعد الحسين ! وهكذا بعض من ينكر الإمام الحجة ، فتأتي هذه الرواية لتحدد كل هذه الأمور !
2/ دور الامام الحسين : مصباح الهدى ، وسفينة النجاة ، وإنه إلى ذلك إمام خير ويمن وعز وفخر وعلم وذخر : تحليل هذه الكلمات . حسين مني وأنا من حسين .
( حسنة ) محمد بن علي بن موسى عن أبيه علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي أبي طالب عليهم السلام قال : دخلت على رسول الله ( ص ) وعنده أبي بن كعب فقال لي رسول الله ( ص ) : مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والأرضين قال له أبي : وكيف يكون يا رسول الله ( ص ) زين السماوات والأرضين أحد غيرك ؟ قال : يا أبي والذي بعثني بالحق نبيا ان الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض وانه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل : مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام خير ويمن وعز وفخر وعلم وذخر.
3/ ألا أخبركم بخير الناس جدا وجدة ؟ أما وأبا ؟ عما وعمة ؟ خالا وخالة ؟ .
عن ابن عباس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فلما كان في الرابعة أقبل الحسن والحسين حتى ركبا على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سلم وضعهما بين يديه وأقبل الحسين فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن على عاتقه الأيمن والحسين على عاتقه الأيسر ثم قال أيها الناس ألا أخبركم بخير الناس جدا وجدة ألا أخبركم بخير الناس عما وعمة الا أخبركم بخير الناس خالا وخالة ألا أخبركم بخير الناس أبا وأما هما الحسن والحسين جدهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدتهما خديجة بنت خويلد وأمهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعمهما جعفر بن أبي طالب وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب وخالهما القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالاتهما زينب ورقية وأم كلثوم بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم جدهما في الجنة وأبوهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وخالاتهما في الجنة وهما في الجنة ومن أحبهما في الجنة .
4/وأما حديث النبي في ذكر المأساة فكثير :
لما كان مولد الحسين بن علي صلوات الله عليهما وكانت قابلته صفية بنت عبد المطلب فدخل عليها النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا عمة ناوليني ولدي . قالت : فداك الآباء والأمهات كيف أناولكه ولم أطهره بعد ! قال : والذي نفس محمد بيده لقد طهره [ الله ] من علا عرشه فمد بيده وكفيه فناولته إياه فطأطأ عليه برأسه يقبل مقلتيه وخديه ويمج لسانه كأنما يمج عسلا أو لبنا. ثم بكى طويلا صلى الله عليه وآله فلما أفاق قال : قتل الله قوما يقتلوك ! ! ! [ قالت صفية : ] فقلت : حبيبي محمد من يقتل عترة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : يا عمة تقتله الفئة الباغية من بني أمية .
* فوائد الارتباط بالموسم الحسيني : التعرض إلى أنه لا يوجد في العالم من يملك هذا البرنامج الذي يتداخل مع فكر الانسان ( محاضرات ) وعاطفته ( بكاء ولوعة ) ومشاعره ( أدب ) ولباسه ومظهره ( السواد ) بل حتى طعامه ( تغير الأطعمة ) .
الرد على : ما يزعمه بعضهم من أن ممارسات عاشوراء تساهم في الشحن الطائفي .
الحديث عن تعامل النبي مع مأساة الحسين عليه السلام ، وعقد مقارنات بين ما فعله النبي وما فعله القوم : ـ في بيت عائشة ، وهو يقبله : ما أشج اعجابك وشغفك بهذا الصبي ؟ وكيف لا أحبه وهو ثمرة فؤادي ، وقرة عيني ، ومهجة قلبي .. إلى أن قال: من أراد الله به الخير قذف في قلبه محبة الحسين وزيارته ..
ـ جاء إلى بيت فاطمة فقربت طعاما ، وقام النبي فصلى ودعا بدعوات ، ثم سجد وبكى بكاءا كثيرا ثم استدنى إليه الحسين وأخذ يقبله في أكثر من موضع من بدنه ، وهم متهيبون من سؤاله ، فلما فرغ سأله الحسين عن ذلك ، وربما كان في الرابعة من العمر ، عما حدث بين مجيئه فرحا وكونه بهذه الحالة من الحزن ، فقال له : نظرت إلى اجتماعكم الآن ثم ذكرت أنك تقتل ظلما وأخوك يقتل ظلما وأبوك يقتل ظلما وتشرد ذراريك في الأرض ! فهل يزورنا أحد ؟ نعم طوائف من أمتي يريدون بري وصلتي فيلتمسون بذلك البركة .
ـ وكان الرسول يقبل تارة نحر الحسين ، وأخرى جبينه ، وثالثة يكشف عن صدره ويقبله ، ورابعة يقبل أسنانه ، وأخرى شفتيه وتارة يعم جميع بدنه .
ـ وكان يضعه على صدره ، يومان لم ترني الايام مثلهما ذا سر قلبي و ذا قد زادني أرقا
يوم الحسين رقى صدر النبي به و يوم شمر على صدر الحسين رقى
ـ من خلال مقارنة بين بكاء النبي على حمزة حيث جاءت صفية بنت عبد المطلب أخته ، فمنعها الأنصار فقال : دعوها ، فجلست فكلما بكت بكى النبي ، وكلما نشجت نشج النبي ،.. وقالوا إنه لما نظر إلى ما فعل المشركون بحمزة بلغ به الوجد والتأثر حدا كبيرا .
__________________________
) عيون أخبار الرضا - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 62
( المعجم الكبير - الطبراني - ج 3 - ص 66 - 67
) مناقب الإمام أمير المؤمنين - محمد بن سليمان الكوفي - ج 2 - ص 234