الجانب العبادي في نهج البلاغة

محرر الموقع
( للهم إنك آنس الآنسين لأوليائك . وأحضرهم بالكفاية للمتوكلين عليك . تشاهدهم في سرائرهم ، وتطلع عليهم في ضمائرهم وتعلم مبلغ بصائرهم . فأسرارهم لك مكشوفة ، وقلوبهم إليك ملهوفة . إن أوحشتهم الغربة آنسهم ذكرك ، وإن صبت عليهم المصائب لجأوا إلى الاستجارة بك ، علما بأن أزمة الأمور بيدك ، ومصادرها عن قضائك اللهم إن فههت عن مسألتي أو عميت عن طلبتي فدلني على مصالحي ، وخذ بقلبي إلى مراشدي ، فليس ذلك بنكر من هداياتك ولا ببدع من كفاياتك اللهم احملني على عفوك ولا تحملني على عدلك ) من دعاء الامام  . تتناول هذه السطور ما نسميه بـ ( الجانب الروحي في نهج البلاغة ) . وسوف نقول من البداية إن هذا التعبير ليس إلا من باب ضيق الخناق ، وإلا فإن التفصيل بين الجانب الروحي والمادي الحياتي في حياة الإنسان ، في نظر الاسلام ليس صحيحا ، إلا من أجل التصنيف فقط ، لا أن يكون هناك انفصال حقيقي بين الجانبين . وبالتالي فما هو موجود عند البعض من أن يكون فترة روحية وعبادية ، وأخرى مادية غير مرتبطة بها ، ليس صحيحا وإن كان الوضع الاجتماعي الموجود في بلاد المسلمين يكرسها ، فترى مثلا الاذاعات وأجهزة الإعلام المرئي تفتتح يومها ببث آيات من القرآن الكريم ، وبعض ما يرتبط به من تفسير أو حديث لرسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم ينتهي ذلك لتبدأ فترات أخرى لا ترتبط بأي نحو بالفترة المنقضية ، بل تعاكسها تماما.. فبينما كانت آيات القرآن تحث على الالتزام والعفة فإذا بالأغاني والأفلام تحث على الشهوة والمعصية ، وبينما أحاديث النبي تأمر بالجد في الحياة والإنتاج تأتي البرامج الأخرى كمصداق واضح لقول الزور واللهو ! وهكذا . ويظهر هذا الخطأ أيضا في حياة بعض الناس العملية ، فبينما تراه في المسجد حاملا للمسبحة ولسانه يتحرك بذكر الله ولا يترك النافلة .. هذا كله في المسجد إلى أن يصبح في السوق فتتغير المعادلة ويقول لك بصراحة : الدين دين والـ ( بزنس بزنس ) !المعاملات المالية شيء والالتزامات الأخلاقية والدينية والدعاء شيء آخر ! يعبرون عن هذا أحيانا بالقول أن الحياة ساعتان : ساعة لربك وساعة لقلبك ! غير أن هذه النظرية القائلة بانفصال الحياتين والجانبين خاطئة, والصحيح أن أصول العقائد ومنها الارتباط بالله وتحقيق العبودية له ، واستحضار وجوده تنسجم انسجاما تاما مع الحياة الشخصية و الحركة الاجتماعية للإنسان ومع التزاماته الفقهية.. ولا يوجد في ديننا الاسلامي شيء يرتبط بالحياة وهو منفصل عن الدين بمعنى أن الدين لا يعتني به أو يخالفه ويعارضه .. كلا . ولنضرب مثالا يبين الارتباط الموجود بين أصول العقائد وبين المسائل الفقهية والتوجيهات الأخلاقية . فنحن شيعة أهل البيت نعتقد بأن أصول الدين خمسة أحدها الاعتقاد بالعدل الالهي ، وربما يقول أحدهم أن غير الشيعة أيضا يعتقدون بعدالته سبحانه ، وأنه لا أحد من المسلمين يقول أن الله ظالم ، إذ القرآن ينص على أنه ( وما ربك بظلام للعبيد). غير أن الجواب أن هذا الأصل الإعتقادي سوف يتجلى في منطقة أخرى وهي قضية الجبر والاختيار وهي منطقة حساسة في حياة الانسان ، سوف يرتبط بها أيضا أمر الثواب والعقاب بالنسبة له .فهل هو مجبور على أفعاله وبالتالي لا ينبغي أن يعاقب ، وأيضا لا ينبغي أن يثاب لو عمل الصالحات إذ أنه لا يتحرك اتجاهها بإرادته الحرة . أو أنه مختار وبالتالي فإنه يثاب على عمل الصالحات ()فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) . الإيمان بعدل الله يستلزم الإيمان بأن الإنسان غير مسير وغير مجبور في عمله . كذلك فإن من أبعاد هذه العقيدة على صعيد النفس أن تنصف الناس من نفسك وتعدل فلا تعتبر لنفسك ميزة على غيرك و إنما تمارس العدل بينك وبين الناس.ولو كانت هذه العقيدة موجودة لما عانى العالم من مشاكل العنصرية والتفرقة القومية اعتقادك بعدل الله سبحانه وتعالى يجعلك تمارس العدل فيما بينك وبين غيرك وأن تنصبه ميزانا بينك وبين الناس فلا تفضل القريب منك على البعيد في الأحكام فـ (إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) وليس المقصود هنا خصوص القاضي في المحكمة بل حتى في تقييمك للأشخاص فـ (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) لا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )، وفي حياتك العائلية ينبغي أن تكون قائمة على أساس العدل بحيث يكون تشكيل أسرة جديدة مربوطا بهذا الأصل ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً ) . هذا الارتباط بين المفاهيم والأصول الدينية من جهة وبين الأحكام الفقهية والتشريعات الأخلاقية من جهة أخرى ينبغي أن يؤكد في حياة الناس ، لوجود الخطأ في هذه الناحية ، فنحن نحن عندما نقول أن فلانا متق.. ماذا يعني ؟ إن التصور الموجود هو أنه يصلي الصلاة في وقتها وهو متعبد متهجد . غير أن النبي صلى الله عليه وآله حسبما في الرواية ، أشار إلى صدره وقال : التقوى هاهنا .. يعني ليست التقوى في االشكل الخارجي ، أو المظاهر العبادية ، فقد تكون هذه حاكية صادقة عن التقوى وقد تكون كاذبة ، لا تصور الحقيقة ..لكن الإسلام يأتي ويقول هذه الحالة الموجودة في داخل قلبك .فهل هناك حالة رادعة في الداخل؟ رادعة عن المعصية وعن الظلم ، بل عن الغضب فـ ( ان تعفو أقرب للتقوى)، هناك ارتباط بين العفو والتقوى ، هناك ارتباط بين الصبر والتقوى كما يقول القرآن (إنه من يتق ويصبر فإن الله مع المحسنين ) .التقوى ترتبط بترك الربا في المعاملات التجارية (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا ) التقوى ترتبط بالتعامل في البيت ومع الزوجة ()ِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ) . ها نحن نرى أن مفهوم التقوى والمتقي لا ينحصر في سبحته وعبادته ومسجده وإنما يتمدد على كافة أصعدة الحياة . وليس لديه ساعة لله لا نصيب فيها للقلب ، وأخرى للقلب لا نصيب فيها لله ..كلا .كل الساعات هي لله وهي للانسان ، فإذا سررت أهلك في ساعة فتلك الساعة لله ، وإذا صليت فصنعت الطمأنينة في نفسك فهذه الساعة لك ، وهما معا لله وفي كلتيهما يكون الثواب والأجر . لاحظ أوضح عملية ( دنيوية )وهي المباشرة بين الزوجين وهي بحسب الظاهر ليس فيها أي جهة أخروية ، فالرجل يثير شهوته الجنسية ويقضيها من خلال هذه العملية والمرأة كذلك ولكن مع ذلك يعتبرها الإسلام عملا صالحا ويثاب عليها كل من الرجل والمرأة . فعن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال : في بُضع أحدكم صدقة ! قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها اجر؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر . وفي حديث آخر قال : إذا هو جامع تحات عنه الذنوب كما يتحات ورق الشجر فإذا هو اغتسل انسلخ من الذنوب . كان ما تقدم من السطور محاولة لبيان خطأ الفكرة القائلة بانفصال الجانبين الروحي والمادي .. وحين ننظر إلى كلمات المعصومين في وصف المؤمنين والمتقين نجد تعانق الصفات وتواصلها فهلم معي لكي نسمع أمير المؤمنين كيف يصف المتقين ؟ سوف لا تجد وصفا للمظاهر والخارج ، لن يتحدث عن الثياب ، ولا عن إطالة اللحى ، ولا الهيئة الشخصية وإنما ( المتقون فيها هم أهل الفضائل . منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع . غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم ، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم . نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء . ولولا الأجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب ، وخوفا من العقاب . عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم ، فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون ، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون . قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة . وأجسادهم نحيفة ، وحاجاتهم خفيفة ، وأنفسهم عفيفة . صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة . تجارة مربحة يسرها لهم ربهم . أرادتهم الدنيا فلم يريدوها . وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها . أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا . يحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم. فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ، وتطلعت نفوسهم إليها شوقا ، وظنوا أنها نصب أعينهم . وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم فهم حانون على أوساطهم ، مفترشون لجبابهم ، وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم . وأما النهار فحلماء علماء ، أبرار أتقياء . قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ويقول قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم . لا يرضون من أعمالهم القليل . ولا يستكثرون الكثير . فهم لأنفسهم متهمون . ومن أعمالهم مشفقون إذا زكي أحدهم خاف مما يقال له فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربي أعلم بي من نفسي . اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، واجعلني أفضل مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين ، وحزما في لين ، وإيمانا في يقين . وحرصا في علم ، وعلما في حلم . وقصدا في غنى وخشوعا في عبادة . وتجملا في فاقة . وصبرا في شدة . وطلبا في حلال ونشاطا في هدى . وتحرجا عن طمع . يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل . يمسي وهمه الشكر ، ويصبح وهمه الذكر . يبيت حذرا ويصبح فرحا . حذرا لما حذر من الغفلة . وفرجا بما أصاب من الفضل والرحمة . إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب . قرة عينه فيما لا يزول . وزهادته فيما لا يبقى . يمزج الحلم بالعلم . والقول بالعمل . تراه قريبا أمله . قليلا زلله . خاشعا قلبه . قانعة نفسه . منزورا أكله . سهلا أمره . حريزا دينه ميتة شهوته . مكظوما غيظه . الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون . إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين . وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين . يعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل من قطعه . بعيدا فحشه. لينا قوله . غائبا منكره . حاضرا معروفه . مقبلا خيره مدبرا شره . في الزلازل وقور ، وفي المكاره صبور . وفي الرخاء شكور . لا يحيف على من يبغض . ولا يأثم فيمن يحب. يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه . لا يضيع ما استحفظ . ولا ينسى ما ذكر . ولا ينابز بالألقاب . ولا يضار بالجار ولا يشمت بالمصائب . ولا يدخل في الباطل . ولا يخرج من الحق . إن صمت لم يغمه صمته ، وإن ضحك لم يعل صوته . وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له . نفسه منه في عناء . والناس منه في راحة . أتعب نفسه لآخرته ، وأراح الناس من نفسه . بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة . ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة . ليس تباعده بكبر وعظمة ، ولا دنوه بمكر وخديعة ) . سواء قلنا إن المنطق هو اسلوب الحياة وطريقة التفكير أو قلنا إن منطقهم بمعنى نطقهم ، فهذا يعني أن أفكارهم سليمة ، لأن صاحب الفكر الخاطئ لا ينطق بالصواب. و ملبسهم الاقتصاد يعني أن هؤلاء يمتلكون تدبيرا صحيحا وإدارة سليمة لحياتهم ملبسهم لا يعني هذه الثياب الظاهرية بالضرورة وإنما ما يلابسهم و يلبسونه في حياتهم من طريقة هو الاقتصاد . وهذا الجذر ( قصد ) يحتمل معنيين : معنى الهدفية مثلما تقول قصد الرجل شيئا يعني هدف إلى شيء، وفيه يأتي إنه لا بد من قصد في العبادة مثلا .والمعنى الثاني المحتمل : تأتي بمعنى التدبير المالي ولعله هو المقصود هنا . ومشيهم التواضع : يعني أنهم غير متكبرين على غيرهم وأنهم يسيرون في حياتهم من دون استعلاء على الآخرين . هذا في طريقة حياتهم ، وأما عبادتهم فلديهم جوهر العبادة ، حيث تؤثر في قلوبهم ، وتتفاعل معها نفوسهم، وهم لذلك يعيشون الجنة في حياتهم ، والنار هي نصب أعينهم وبالتالي تحدوهم الأولى نحو الفضائل والانطلاق في الخيرات ، بينما توقفهم الأخرى بزفيرها وشهيقها عن التمادي في الخطايا والتساهل بالمعاصي . وقراءتهم للقرآن ليست مجرد تلاوة حروف وإنما هي قراءة متدبرة ، ومتأملة ، فإذا مروا بآية فيها تشويق تطلعت نفوسهم إليها شوقا. كيف نتعرف على هؤلاء المتقين ، وما هي صفاتهم وعلاماتهم ؟ هل نطلبها في مظاهرهم ؟ في هيئتهم الشخصية ؟ في ترددهم على المساجد ؟ كلا .. إنما هناك علامات أخرى : فمن علامة أحدهم : أنك ترى له قوة في دين ، وحزما في لين ، وإيمانا في يقين . وحرصا في علم ، وعلما في حلم . وقصدا في غنى وخشوعا في عبادة . وتجملا في فاقة . وصبرا في شدة . وطلبا في حلال ونشاطا في هدى . وتحرجا عن طمع . يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل . يمسي وهمه الشكر ، ويصبح وهمه الذكر . يبيت حذرا ويصبح فرحا . حذرا لما حذر من الغفلة . وإذا كانوا في الليل يعيشون عالم الآخرة ، بهذا المعنى السابق ، فإنهم في النهار يحملون أقصى درجات الوعي ، ويملكون الحلم فلا يستثارون في غير ذي شأن ! وهم أبرار أتقياء . فهم بالرغم من تلك الحالات العبادية الرائعة التي يحملونها سواء في ليلهم أو في قراءتهم للقرآن إلا أن ذلك لا يجعلهم رهبانا منعزلين عن الحياة ، فلا رهبانية في الاسلام ، وإذا كان أحد قد تعلق بالرهبانية فإن رهبانية أمتي الجهاد كما في الحديث يعني أن جوهر الرهبانية عند أصحابها هو ترك الدنيا وعدم التعلق بها ، وهذا يتحقق في الاسلام من خلال الجهاد ، الذي يحتاج إلى ترك الدنيا . الصور الخاطئة للتوجهات الروحية : بالرغم من تحذير الدين من الصور الخاطئة التي ربما تتسرب إلى المسلمين ، وهي بعيدة عن توجهات الاسلام ، إلا أننا وجدنا أن قسما من الناس يتعلقون بهذه الأساليب .وربما يكون السبب في ذلك هو ما يحصل عليه هؤلاء من تقدير الناس ، أو أموالهم ولذا انتشرت بعض الطرق التي لا أصل لها في الشريعة ا لاسلامية ..بينما أعلن الأئمة موقفهم الصريح في مخالفة هذه الطرق لروح الاسلام حيث أن أصحابها بهذا الاسلوب يظهرون بأن الدين الاسلامي ليس سوى عقيدة بائسة تصنع البؤس والفقر والتخلف !وأحيانا كثيرة تقترن بالتصنع والتظاهر وهو مخالف على نحو حدي مع أغراض العبادة التي يقصد بها وجه الله وحده لا شريك له . يقال أن رجلا جاء إلى الامام الصادق وأخبره معجبا بأنه يرى بعض المتعبدين يصعقون عندما يقرأ عليهم القرآن ! ويغمى عليهم ! فلا يشعرون بالدنيا ولا بمن حولهم ! وكان ينقل ذلك باعجاب ومدح !! وكان الامام  يعرف هذه النوعيات من المتظاهرين بالتخشع ، ويعرف ضررهم على عامة الناس ، فقال له : أقيموا بعضهم على حائط واقرؤوا القرآن عليه في ذلك الوقت وانظره يصعق أم لا ؟ إن بعض هؤلاء يستخدمون الدين آلة للدنيا ، والعبادة ضد العبادة ، والخشوع ضد الله !! وبالتالي فهم في الواقع تجار غاية الأمر أن سلعتهم التي يبيعونها تختلف عن باقي السلع ، إنهم يبيعون الدين وآيات القرآن بالثمن القليل ، والربح العاجل الحقير وكم خُدع من أجيال الأمة على يد هؤلاء. الصحيح هو أن تنظر إلى العلامات التي بينها أمير المؤمنين  للمتقين ، والتي يقول فيها إن هذا الاسلام كلٌّ متكامل فالأخلاق فيه مرهونة بالعقائد ، وحياة الليل تنطلق منها حياة النهار ، وساعة القلب منسجمة تماما مع ساعة الرب ، ونابعة منها ويوم السيف متآخ مع لحظة الصلاة ، ليلة الهرير في صفين .حتى لقد تعجب بعض من حضر معه حيث القتال على أشده وقد تواصل إلى الليل بينما علي كان قد بسط سجادة صلاته في تلك الليلة بين الصفين .. لأن قتال علي للبغاة عبادة وعبادته مكملة للقتال ، أجاب من تعجب من عمله : ( إذن علام قاتلناهم ) ؟