قراءة جديدة في نصوص شائعة عن المرأة

محرر الموقع
* قضية المرأة لا تزال بين طرفين متطرفين يعقدانها ، من نطلق عليهم المتغربين ، والآخرين المتعصبين ، بين نموذج أتاتورك ، ونموذج طالبان ! نموذج يعتدي على القيم ، وآخر يعتدي على الدور و الكرامة الانسانية * لسنا في معرض الدفاع عن الاسلام ، فما أغنى الاسلام عن دفاعنا ! وإنما هو محاولة للفهم ، فكثيرا ما كانت المشكلة في القراءة المبتسرة الخاطئة للاسلام . ونصوصه . * أهمية الفهم الصحيح هو أن الفهم الخاطئ يتحول إلى سلوك خاطئ ، فيؤثر في تربية الفتاة ، ويؤثر في العلاقات الزوجية ، والعلاقة بين الأخ وأخته وهكذا .. ـ من النصوص الشائعة : أن المرأة كالضلع الأعوج ، وأصل ذلك ما أخرج البخاري في صحيحه[1] ، عن أبي هريرة عن النبي 2 أنه قال: «استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء». ومن طريق أهل البيت ، ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره بسنده[2]  عن أبي عبد الله ، قال: «إن إبراهيم كان نازلا في بادية الشام، فلما ولد له من هاجر إسماعيل، اغتمت سارة من ذلك غما شديدا، لأنه لم يكن له منها ولد، وكانت تؤذي إبراهيم في هاجر فتغمه، فشكى إبراهيم  ذلك إلى الله U ، فأوحى الله إليه: إنما مثل المرأة مثل الضلع العوجاء، إن تركتها استمتعت بها، وإن أقمتها كسرتها» الخبر. ويظهر أن المراد من هذا النمط من الأحاديث أن طبيعة المرأة، فيها من العاطفة الشيء الكثير، ومن الطبيعي أن تكون هذه العاطفة فيها الجموح، والتقلب، والعنف، فلا تكون على مستوى واحد طيلة الوقت.. هذا بحسب الطبيعة الخلقية. ويضاف إليه ما تتعرض له المرأة في أدوارها المختلفة من ظروف صحية استثنائية، فهذا عامل آخر يجعل من الطبيعي أن لا تكون في كل الأحوال على سجية واحدة.. وليس معنى ذلك أن ما سبق هو حالة سيئة بالضرورة فقد تكون حالة حسنة. إن جمال الغابة هو في إبائها على التنظيم، حتى إذا دخلت إليها يد الإنسان بالتقطيع والاسمنت تحولت إلى منظر ميت!! والضلع المنحني يجسد من الرقة والعطف ما لا تقوم به الكلمات، ويحمي ما بداخله من أعضاء ما لا تستطيعه عظام الساق القوية، ويبرز الجمال الإنساني بأفضل ما يمكن!! تصور لو كان القوام البشري معتمدا على عظام مستقيمة نافرة في مقدمة الجسد وفي وسط البطن.. هل كان قوام الإنسان جميلا كما نراه الآن بالضلع المنحني (الأعوج)؟ إن الخطأ هو أن يحاول البعض تقويم الضلع المنحني وجعله مستقيما!! المرأة هي تلك الضلع المنحني حماية، وجمالا، فلا ينبغي تقويم هذا الضلع لأنه غير ممكن من جهة لأنه لا يعود ضلعا، وغير صالح لوظيفته من جهة أخرى وغير جميل المنظر من جهة ثالثة. فنحن لا نعتقد أن الحديث هذا وأمثاله وارد في سياق الذم للنساء وإنما هو تعريف للرجل بطبيعة المرأة، وتوعية له بما يصلحها، وكيفية التعامل معها.خصوصا مع النظر إلى القيم العامة التي جاء بها الاسلام والتي لا تفرق بين الرجل والمرأة لا في أصل الخلقة حيث ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا )(الزمر: من الآية6) أو في أصل التكليف حيث يشتركان فيه ، أو في الجزاء حيث يتساويان في نتيجة العمل ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ )(آل عمران: من الآية195) أو في الوضع الاجتماعي حيث ( الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)(التوبة: من الآية71) * ناقصات العقول : يتهامس بعض الرجال في هذه الجهة باعتبار أن المرأة ليست عاقلة تماما !! وقد قال لي بعضهم إنه لا ينبغي أن تخبر المرأة بحقوقها لأنك تعلم أنها ليست عاقلة تماما حتى تتصرف التصرف المناسب في هذه الحقوق !! فهل فهل يوجد نقص حقيقي في عقل المرأة بنظر الدين ؟ وهل أن إيمانها غير كامل ؟ وأن حظها سيء ؟ - أخرج الإمام أحمد بن حنبل في كتابه المسند[3]  عن رسول الله أنه قال: يا معشر النساء تصدقن وأكثرن فاني رأيتكن أكثر أهل النار لكثرة اللعن وكفر العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن!! قالت: يا رسول الله وما نقصان العقل والدين؟ قال أما نقصان العقل والدين فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين. - وروي عن أمير المؤمنين أنه خطب في جيشه فقال: «...ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ناقصات القوى والأنفس والعقول، وقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من بعده»..[4]  وكذلك نقل الشريف الرضي في نهج البلاغة[5]  عن أمير المؤمنين فقال: - ومن خطبة له  بعد حرب الجمل في ذم النساء: معاشر الناس إن النساء نواقص الإيمان نواقص الحظوظ نواقص العقول. والاحتمالات في تفسير هذه الكلمات متعددة : 1/ أن تكون ناظرة إلى قضية خارجية ، وموضوع محدد بزمان ومكان .. كما يستفاد ذلك من حديث رسول الله 1 فإن النبي يحدد في ذلك الحديث أنهن أكثر أهل النار لكثرة اللعين ، وكفر العشير ( الزوج ) بينما لا نجد هذا حالة سائدة في كل النساء المؤمنات ! فلعل النبي نظر إلى هذه المجموعة الخاصة المحدودة وأشار إليها بتلك الصفات .. وهكذا الحال بالنسبة للامام علي حيث دخل المسلمون في حرب طاحنة على أثر انقيادهم إلى زوجة النبي عائشة وحفصة .. وكان ذلك خروجا واضحا على أمير المؤمنين ! وقد ذهب بعض فقهائنا إلى أن المقصود من كلام الإمام هو تلك الواقعة ونسائها ! 2/ يحتمل أن يكون ذلك من باب تحميل الرجل مسؤولية إضافية بمعنى أن هذا الضعف الموجود في النساء على أثر غلبة العاطفة ، وما ينتج عنه من حدة أحيانا وغير ذلك ، يحتاج إلى مداراة أكبر ، وهذا نص الحديث الثاني ( وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم ) أو في حديث آخر ( فداروهن على كل حال ، وأحسنوا لهن المقال لعلهن يحسن الفعال ) 3/ ويحتمل أن يكون من باب تعريف المرأة بطبيعة نفسها حتى تعرف ما هو المناسب لها ، فإن النقص القياسي هنا للعقل ( بالقياس للعاطفة ) يجعلها مؤهلة لأدوار معينة ، وغير مؤهلة لأدوار أخرى .. تماما مثلما هو الرجل ..في إحدى الروايات ( خلقتن ناقصات العقول ، فاحترزن من الغلط في الشهادات ..) أو في القرآن ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) . 4/ وقد يكون من باب ما هو مرتكز في أذهان السامعين والاحتجاج عليهم بذلك بمعنى أنه إذا كانت النساء ناقصات كما تؤمنون به ، فكيف ضربتم بين أيديهن بالسيوف ؟ وقلدتموهن دينكم ؟ وأخيرا فإن النقص هنا نقص قياسي ، لا نقص كمي ! فبالقياس للعاطفة ينقص عقل النساء بينما تنقص عاطفة الرجل بالقياس للعقل ! ________________________________________ [1] 4 / 103. [2] مستدرك الوسائل - الميرزا النوري ج 41 ص 254: علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن النضر، عن هشام. [3] ج 2 ص 66. [4] وسائل الشيعة الحر العاملي ج15 ص 95 [5] نهج البلاغة ج 1 ص 129.